الموسوعة الكاملة لخلق ادم

[عمرالفولي]

من قصص الانبياء/ خلق آدم عليه السلام
قصص الأنبياء
كل المواضيع مأخوذة عن العلامة أبي الفداء عماد الدين إسماعيل بن عمربن كثير القرشي الدمشقي
باب ماورد في خلق آدم عليه السلام
********
1= آدم عليه السلام
باب ماورد في ادم عليه السلام:
وورد أول ذكر له في القرآن الكريم في سورة البقرة من الآية 30 إلي الاية 39
(( وإذ قال ربك إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء.
و نحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني اعلم ما لاتعلمون* وعلم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم علي الملائكة فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين* قالوا سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم*قال يا آدم أنبئهم بأسمائهم فلما أنبئهم بأسمائهم قال ألم أقل لكم إني أعلم غيب السموات والأرض وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون* )) إلخ................. الآية 39 من السورة الثانية من القرآن الكريم.
وقال تعالي (( إن مثل عيسي عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن،فيكون)) 59، من سورة آل عمران.
وقال تعالي (( يأيها الناس إتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساءًً وأتقوا الله الذي تساء لون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا)) 4 من سورة النساء.
كما قال: ( يأيها الناس إنَا خلقناكم من ذكر وأُنثي وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير)) 49 من سورة الحجرات..
ولهذه القصة مواضع متعددة في القرآن الكريم
ولنذكر هنا مضمون ما دلت عليه الآيات الكريمات وما يتعلق بالأحاديث الواردة في ذلك عن الرسول الكريم( صلي الله عليه وسلم).
فأخبر تعالي أنه خاطب الملائكة قائلا لهم ( إني جاعل في الأرض خليفة ) أعلم بما يريد أن يخلق من آدم وذريته الذين يخلف بعضهم بعضا كما قال ( وهو الذي جعلكم خلائف الأرض )) وقال(( ويجعلكم خلفاء الأرض)) فأخبرهم بذلك علي سبيل التنويه بخلق آدم وذريته، كم يخبرهم بالأمر العظيم قبل كونه، فقالت الملائكة سائلين علي وجع الاستكشاف والاستعلام عن وجه الحكمة لا علي وجه الاعتراض والتنقص لبني آدم والحسد لهم،كما يتوهمه بعض جهلة المفسرين ، قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ؟).
قيل أن علموا أن ذلك كائن بما رأوا ممن كان قبل آدم من الجنَ، قاله قتادة.
وقال عبد الله بن عمر : كانت الجن قبل آدم بألفي عام فسفكوا الدماء ، فبعث الله إليهم جندا من الملائكة فطردوهم إلي جزائر البحور.
وعن ابن عباس ونحوه وعن الحسن، ألهموا، ذلك.
وقيل لما اطلعوا عليه من اللوح المحفوظ، فقيل أطلعهم عليه هاروت وماروت عن ملك فوقهما يقال له السيجل. رواه ابن أبي حاتم عن أي جعفر الباقر.
وقيل لأنهم علموا أن الأرض لا يخلق منها إلا من يكون بهذه المثابة غالبا.
( ونح نسبح بحمدك ونقدس لك) أي نعبدك دائما ولا يعصيك منا أحد ، فإن إن المراد بخلق هؤلاء أن يعبدوك فها نحن لانفتر ليلا أو نهارا.
( وقال إني أعلم ما لا تعلمون ) أي أعلم من المصلحة الراجحة في خلق هؤلاء ما لا تعلمون ،أي سيوجد منهم الأنبياء والمرسلون والصد يقون والشهداء ( والصالحون)
ثم بين لهم شرف ادم عليه السلام في العلم فقال (وعلم آدم الأسماء كلها).قال ابن عباس هي هذه الأسماء التي يتعارف بها الناس: إنسان ، دابة ، وأرض ، وسهل ، وبحر وجبل، وجمل ، وحمار، وأشباه ذلك من الأمم وغيرها.
وساحاول طرحه ..

[عمرالفولي]

الجزء الثاني من قصة خلق آدم عليه السلام

وقال مجاهد: علَمه إسم كل دابَة وكلَ طير وكل شئ ، وكذا قال سعيد بن جبير وقتادة وغير واحد.
وقال الربيع : علَمه أسماء الملائكة . وقال عبد الرحمن بن زيد : علَمه أسماء ذريته.
والصحيح أنه علَمه أسماء الذوات وأفعالها مكبرها ومصغرها، كما أشار إليه ابن عباس رضي الله عنهما .
وذكر البخاري هنا ما رواه هو ومسلم من طريق سعيد وهشام عن قتادة ، عن أنس ابن مالك عن (( رسول الله صلي الله عليه وسلم )) قال: يجتمع( الله) المؤمنون يوم القيامة ( كذلك) فيقولون لو استشفعنا إلي ربنا ( حتى يريحنا من مكاننا هذا) فيأتون آدم فيقولون أنت أبو البشر ، خلقك الله بيده ، وأسجد لك ملائكته،وعلمَك أسماء كل شئ ، وذكر تمام الحديث.
( ثم عرضهم علي الملائكة ، فقال أنئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين)، قال الحسن البصري : لما أراد الله خلق آدم قالت الملائكة : لا يخلق ربنا خلقا إلا كنا أعلم منه فابتلوا بهذا وذلك قوله ( إن كنتم صادقين).
وقيل غير ذلك كما بسطناه في التفسير.
( قالوا سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم) أي سبحانك أن يحيط أحد بشيء من علمك من غير تعليمك ، كما قال ( ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء)).
( قال يا آ دم أنبئهم بأسمائهم ، فلما أنبأهم بأسمائهم قال ألم أقل لكم إني أعلم غيب السموات والأرض وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون؟).أي أعلم السر كما أعلم العلانية.
وقيل أن المراد بقوله: ( أعلم ما تبدون) ما قالوا : ( أتجعل فيها من يفسد فيها) وبقوله
( وما كنتم تكتمون) المراد بهذا الكلام إبليس حين أسرَ الكبر والتخَيرة علي آدم عليه السلام ، قاله سعيد بن جبير، ومجاهد ، والسُدِي، والضحاك ، والثوري وأختاره ابن جرير.
وقال أبو العالية والربيع والحسن وابن قتادة : ( وما كنتم تكتمون) قولهم: لن يخلق ربنا خلقا إلا كنا أعلم منه وأكرم عليه منه.
وقوله : ( وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبي واستكبر) هذا إكرام عظيم من الله تعالي لآدم حين خلقه بيده، ونفخ فيه من روحه،كما قال( فإذا سوِيته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين) فهذه أرفع تشريفات : خلقه بيده الكريمة،ونفخه من روحه،وأمره الملائكة بالسجود له، وتعليمه أسماء الأشياء....
***********.

[عمرالفولي]

الجزء الثالث من قصة خلق آدم عليه السلام

أنت آد م أبو البشر الذي خلقك الله بيده ، ونفخ فيك من روحه وأسجد لك ملائكته ، وعلمك أسماء كل شيء ، وهكذا يقول له أهل المحشر يوم القيامة كما تقدم ، وكما ولهذا قال له موسي الكليم حين أجتمع هو وإياه في الملأ الآعلي وتناظرا كما سيأتي سيأتي إن شاء الله تعالي.
وقال في الآية الأخرى ( ولقد خلقناكم ثم صورناكم ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآد م فسجدوا إلا إبليس لم يكن من الساجدين* قال ما منعك ألا تسجد إذ أمرتك قال أنا خير منه خلقني من نار وخلقته من طين).// الأعراف /11-12 ..
وقال الحسن البصري: قاس إبليس وهو أول من قاس ، وقال محمد بن سيرين أول من قاس إبليس وما عبِدت الشمس ولا القمر إلا بالمقاييس ، رواهما ابن جرير .
ومعني هذا انه نظر إلي نفسه بطريق المقايسة بينه وبين آدم ، فرأي نفسه أشرف من آدم فامتنع عن السجود له ، مع ووجود الأمر له ولسائر الملائكة بالسجود، والقياس إذا كان مقابلا بالنص كان فاسد الاعتبار ، ثم هو فاسد في نفسه ، فان الطين انفع وخير من النار ، لان الطين فيه الرزانة والحلم والأناة والنمو، والنار فيها الطيش والخفة والسرعة و الاحتراق..
ثم آدم شرَفه الله بخلقه له بيده ونفخه فيه من روحه، ولهذا أمر الملائكة بالسجود له كما قال : ( وإذ قال ربك للملائكة أني خالق بشرا من صلصال من حمإ مسنون * فإذا سوَيته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين* فسجد الملآئكة كلهم أجمعون * إلا إبليس أبي أن يكون من الساجدين * قال لم أكن لأسجد لبشر خلقته من صلصال من حمإ مسنون * قال فاخرج منها فإنك رجيم* وإن عليك لعنتي إلي يوم الدِين )) .
أستحق هذا من الله تعالي لأنه استلزم تنقُصه لآدم وازدراءه به وترفعه عليه مخالفة الأمر الإلهي ،ومعاندة الحق في النص علي آدم علي التعيين.
وشرع في الاعتذار بما لايجدي عنه شيئا ، وكان اعتذاره اشد من ذنبه.
كما قال تعالي
( وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس قال أأسجد لمن خلقت طينا* قال أرأيتك هذا الذي كرمت علي لئن أخرتن إلي يوم القيامة لآحتنكن ذريته إلا قليلا * قال اذهب فمن تبعك منهم فإن جهنَم جزاؤكم جزاء موفورا* واستفزز من استطعت منهم بصوتك واجلب عليهم بخيلك ورجلك وشاركهم في الأموال والأولاد وعدهم وما يعدهم إلا غرورا* إن عبادي ليس لك عليهم سلطان وكفي بربك وكيلا) /الإسراء 61-

[عمرالفولي]

الجزء الرابع من قصة خلق آدم عليه السلام
قال تعالي ( قال فبما أغويتني لأقعدن لهم كل صراطك المستقيم * ثم لآتينَهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين)//16-17/ الأعراف
أي بسبب إغوائك لأقعدن لهم كل مرصد، ولآتينهم من كل جهة منهم ، فالسعيد من خالفه والشقي من أتبعه
وقال الإمام أحمدك حدثنا هاشم بن القاسم، حدثنا أبو عقيل- هو عبد الله بن عقيل الثقفي ، - حدثنا موسي بن المسيب، عن سالم بن أبي الجعد، عن سيرة بن الفاكه،قال: سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم قال إن الشيطان قعد لابن آدم بأطرقه ) وذكر الحديث
*****
وقد اختلف المفسرون في الملائكة المأمورين بالسجود لآدم
أهم جميع الملائكة،كما دل عليه عموم الآيات؟ وهو قول الجمهور
أو المراد بهم ملائكة الأرض، كما رواه ابن جرير من طريق الضحاك، عن ابن عباس ؟ وفيه انقطاع وفي السياق نكارة، وإن كان بعض المتأخرين قد رجحه
ولكن الأظهر من السياقات الأول ، ويدل عليه الحديث، ( وأسجد له ملائكته) وهذا عموم أيضا، والله أعلم
وقوله تعالي لإبليس اهبط منها) و( اخرج منها) دليل علي أنه في السماء ، فأمر الهبوط منها ، والخروج من المنزلة والمكانة التي كان قد نالها بعبادته، وتشبهه با لملائكة في الطاعة والعبادة، ثم سلب ذلك بكبره، وحسده ومخالفته لربه، فأهبط إلي الأرض مذموما مدحورا
*****
وأمر الله آدم عليه السلام أن يسكن هو وزوجته الجنة فقال (وقلنا يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة وكلا منها حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين) // الأعراف// 17-19
وقال تعالي قال اخرج منها مذموما مدحورا لمن تبعك منهم لأملأن جهنم منكم أجمعين ،ويا آدم اسكن أنت وزوجك فكلا منها حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين) // الأعراف-116-119
وقال تعالي ( وإذ قلتا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبي * فقلنا يا آدم إن هذا عدو لك ولزوجك فلا يخرجنكما من الجنة فتشقي* إن لك ألا تجوع فيها ولا تعري * وأنك لا تظمأ فيها ولا تضحي)//طه 116-119
******
وسياق هذه الآيات يقتضي أن خلق حواء كان قبل دخول آدم الجنة لقوله( ويا آدم اسكن أنت وزجك الجنة) وهذا قد صرح به اسحق بن يسار وهو ظاهر هذه الآيات

[عمرالفولي]

الجزء الخامس من قصة خلق آدم عليه السلام
ولكن حكي ألسدي عن أبي صالح وأبي مالك
،عن ابن عباس عن مرة عن ابن مسعود، وعن ناس من الصحابة أنهم قالوا : اخرج آدم من الجنة واسكن آدم الجنة فكان يمشي وحشي فيها ليس له فيها زوج يسكن إليها ، فنام نومه واستيقظ وعند رأسه امرأة قاعدة خلقها الله من ضلعه فسألها ما أنت قالت امرأة قال: ولم خلقت قالت:لتسكن إلي فقالت له الملائكة ينظرون ما بلغ من علمه : ما اسمها؟ يا آدم ؟
قال : حواء قالوا:ولم كانت حواء؟ قال لأنها خلقت من شيء حي .
وذكر محمد بن اسحق عن ابن عباس : أنها خلقت من ضلعه الأقصر الأيسر وهو نائم ولأم مكانه لحما.
ومصداق هذا في قوله تعالي: ( يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة ، وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء....) الآية وفي قوله تعالي: ( هو الذي خلقكم من نفس واحدة، وجعل منها زوجها ليسكن إليها ، فلما تغشاها حملت حملا خفيفا فمرت به..) الآية وسنتكلم عنهما فيما بعد إن شاء الله تعالي.
وفي الصحيحين من حديث زائدة ، عن ميسرة الاشجعي ، عن ابن حازم، عن أبي هريرة عن النبي صلي الله عليه وسلم أنه قال: استوصوا بالنساء خيرا ، فإن المرأة خلقت من ضلع ،وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه ،فإن ذهبت تقيمه كسرته،وإن تركته لم يزل أعوج، فاستوصوا بالنساء خيرا) هذا لفظ البخاري .
وقد اختلف المفسرون في قوله تعالي : ( ولا تقربا هذه الشجرة ) فقيل هي الكرم،وروي عن ابن عباس وسعيد بن جبير والشعبي وجعده بن بن هبيرة، ومحمد بن قيس والسدي ، في رواية عن ابن عباس وابن مسعود وناس من الصحابة، قال: وتزعم يهود إنها الحنطة ، وهذا مروي عن ابن عباس والحسن البصري ووهب بن منة وعطية العوفي ، وأبي مالك ومحارب بن دثار ، وعبد الرحمن ابن أبي ليلي.
وقال الثوري عن أبي حصين ، عن أبي مالك، ولا تقربا هذه الشجرة : هي النخلة وقال ابن جريج عن مجاهد: هي التينة وبه قال قتادة وابن جريج،وقال أبو العالية كانت شجرة من أكل منها أحدث، ولا ينبغي في الجنة حدث.
وهذا الخلاف قريب من ، وقد أبهم الله ذكرها وتعيينها ، ولو كان في ذكرها مصلحة تعود إلينا لعينها لنا كما في غيرها من المحال التي تبهم في القرآن الكريم ..
وإنما الخلاف الذي ذكروه في أن هذه الجنة التي ادخلها آدم : هل هي في السماء أو في الأرض ، هو الخلاف الذي ينبغي فصله والخروج منه.

[عمرالفولي]

الجزء السادس من قصة خلق آدم عليه السلام

والجمهور علي أنها هي التي في السماء وهي جنة المأوي ، لظاهر الآيات والأحاديث كقوله: تعالي ( وقلنا يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة ) والألف واللام ليست للعموم ولا لمعهود لفظي ، وإنما تعود علي معهود ذهني ، وهو المستقر شرعا من جنة المأوى ، وكقول موسي غليه السلام لآدم عليه السلام: علام أخرجتنا ونفسك من الجنة؟) الحديث كما سيأتي الكلام عليه.......
وروي مسلم في صحيحه من حديث أبي مالك الاشجعي - واسمه سعد بن طارق - عن أبي جازم سلمه بن دينار ، عن أبي هريرة وأبو مالك عن ربعي ، عن حذيفة قالا: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: يجمع الله الناس فيقوم المؤمنون حين تزلف لهم الجنة فيأتون آدم فيقولون يا أبانا استفتح لنا الجنة فيقول: وهل أخرجكم من الجنة إلا خطيئة أبيكم ؟ وذكر الحديث بطوله.وهذا فيه قوة جيدة ظاهرة في الدلالة علي أنها جنة المأوي وليست تخلو عن نظر...
وقال آخرون : با الجنة التي اسكنها آدم لم تكن جنة الخلد لأنه كلف فيها ألا يأكل من تلك الشجرة ، ولأنه نام فيها واخرج منها ، ودخل عليه إبليس فيها ، وهذا مما ينافي أن تكون جنة المأوي .
وهذا القول محكي عن أبي بن كعب ، وعبد الله بن عباس ،ووهب بن منبِه، وسفيان بن عينيه،واختاره ابن قتيبه في المعارف ، والقاضي منذر بن سعيد البلوطي ، في تفسيره وافرد له مصنفا علي حدة، وحكاه عن بن حنيفة الإمام وأصحابه رحمهم الله ، ونقله أبو عبد الله محمد بن عمر الرازي ابن خطيب الري في تفسيره عن أبي القاسم البلخي وأبي مسلم الاصبهاني ونقله القرطبي في تفسيره عن المعتزلة والقدرية.//

[عمرالفولي]

الجزء السابع من قصة خلق آدم عليه السلام

وهذا القول هو نص التوراة التي بين أيدي أهل الكتاب وممن حكي نص الخلاف في هذه المسالة أبو محمد بن حزم في الملل والنحل ، وأبو محمد بن عطية في تفسيره ، وأبو عيسي الرماني في تفسيره، وحكي عن الجمهور الأول ، وأبو القاسم الراغب والقاضي الماوردي في تفسيره فقال : واختلف في الجنة التي اسكناها يعني آدم وحواء علي قولين : احدهما أنها جنة الخلد ، الثاني أنها جنة أعدها الله لهما وجعلها دار ابتلاء.، وليست جنة الخلد التي جعلها الله دار جزاء.
ومن قال بهذا اختلفوا علي قولين : احدهما أنها في السماء لأنه اهبطهما منها ، وهذا قول الحسن ، والثاني : أنها في الأرض لأنه امتحنهما فيها بالنهي عن الشجرة التي نهيا عنها دون غيرها من الثمار ، وهذا قول ابن يحيى ، وكان ذلك بعد أمر إبليس بالسجود لآدم ، والله اعلم بالصواب من ذلك.
هذا كلامه ، فقد تضمن كلامه حكاية أقوال ثلاثة ، واشعر كلامه انه متوقف في المسالة ولهذا، حكي أبو عبد الله الرازي في تفسيره في هذه المسالة أربعة أقوال ::هذه الثلاثة التي أوردها الماوردى ، ورابعها الوقف وحكي القول بأنها في السماء وليست جنة المأوى ، عن أبي علي الجبائي .
وقد أورد أصحاب القول الثاني سؤالا يحتاج إلي جواب ، فقالوا لاشك أن الله سبحانه وتعالي طرد إبليس حين امتنع من السجود عن الحضرة الإلهية ، وأمره بالخروج عنها والهبوط منها وهذا الأمر ليس من الأوامر الشرعية بحيث يمكن مخالفته ،وإنما هو أمر قدري لا يخالف ولا يمانع ، ولهذا قال: ( اخرج منها مذموما مدحورا) وقال ( اهبط منها فما يكون لك أن تتكبر فيها ) وقال : ( اخرج منها فإنك رجيم) والضمير عائد إلي الجنة أو السماء أو المنزلة، وأيا ما كان فمعلوم انه ليس له الكون قدرا في المكان الذي طرد عنه وابعد منه، لا علي سبيل الاستقرار ولا علي سبيل المرور والاجتياز.
قالوا: ومعلوم من ظاهر سياقات القرآن انه وسوس لآدم وخاطبه بقوله:
( هل أدلك علي شجرة الخلد وملك لايبلي )/ 120 من سورة طه..
وبقوله ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين* وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين* فدلاهما بغرور)//20-22/ الأعراف..
وهذا ظاهر في اجتماعه معهما في جنتهما .
وقد أجيبوا عن هذا بأنه لايمتنع أن يجتمع بهما في الجنة علي سبيل المرور فيها لا علي سبيل الاستقرار بها، وانه وسوس لهما وهو علي باب الجنة أو من تحت السماء.
وفي الثلاثة نظر والله أعلم.

[عمرالفولي]

الجزء الثامن من قصة خلق آدم عليه السلام

ونترك هنا جانبا من الأشياء التي تكرر ذكرها سابقا من الآيات القرآنية ونتاول جزءا لايقل أهمية عن غيرة وفي نفس السياق لان الموضوع طويل جدا ولا أستطيع نقل الكتاب بالكامل..
****************
قالوا وهذا قوله تعالي ( إنا بلوناهم كما بلونا أصحاب الجنة) // 17 - القلم
فالألف واللام ليس للعموم، ولم يتقدم معهود لفظي ، وإنما هي للمعهود الذهني الذي دل عليه السياق وهو البستان.
قالوا: وذكر الهبوط لايدل علي النزول من السماء.
قال تعالي ( قيل يا نوح اهبط بسلام منا وبركات عليك وعلي أمم ممن معك)/هود/ 48 .
كان في السفينة حين استقرت علي الجودي ، ونضب الماء عن وجه الأرض أمر أن يهبط إليها هو ومن معه مباركا عليه وعليهم.
وقال تعالي ( اهبطوا مصراً فإن لكم ما سألتم)/ البقرة-61
وقال تعالي (وإن منها لما يهبط من خشية الله) / البقرة-74
وفي الأحاديث واللغة من هذا كثير.
قالوا : ولا مانع بل هو الواقع ، إن الجنة التي اسكنها الله آدم كانت مرتفعة عن سائر بقاع الأرض ، ذات أشجار وإثمار وظلال ونعيم ونضرة وسرور ، كما قال تعالي ( إن لك أن لاتجوع فيها ولا تعري) أي لايذل باطنك بالجوع ولا ظاهرك بالعري( وأنك لا تظمأ فيه ولا تضحي)، أي لايمس باطنك حر الظمأ ولا ظاهرك حر الشمس،ولهذا قرن بين هذا وهذا، وبين هذا وهذا، لما بينهما من الملائمة.
أما عن قوله تعالي: ( فأزلهما الشيطان عنها ) وإخراجه لهما منها ، وأكلهم من تلك الشجرة ووسوسة الشيطان ليبي لهما مما ووريا عنهما من سوآتهما وقسم إبليس وهو الكذوب انه لهما لمن الناصحين والتغرير بهما وكان السبب في خروج آدم من الجنة
وعليه يحمل الحديث الذي رواه البخاري : حدثنا بشر بن محمد ، حدثنا عبدا لله ، أنبأنا معمر ، عن همام بن منبه، عن أبي هريرة، عن النبي صلي الله عليه وسلم نحوه: قال: ( لولا بنو إسرائيل لم يخنز اللحم ، ولولا حواء لم تخن أنثي زوجها..
تفرد به من هذا الوجه، أخرجاه في الصحيحين من حديث عبد الرازق ، عن معمر ، عن همام ، عن أبي هريرة به، ورواه أحمد ومسلم عن هارون بن معروف، عن أبي وهب ، عن عمرو بن الحارث، عن أبي يونس، عن أبي هريرة به.
ولننتقل إلي ما جاء في وصف شكل جسمه .
روي الحافظ ابن عساكر من طريق محمد بن إسحاق ، عن الحسن بن ذكوان، عن الحسن البصري، عن أبي بن كعب ، قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم،
( إن أباكم آدم كان كالنخلة السحوق، ستون ذراعا كثير الشعر مواري العورة،فلما أصاب الخطيئة في الجنة بدت له سوأته ، فخرج من الجنة ، فلقيته شجرة فأخذت بناصيته ، فناداه ربه: أفرارا مني يا آدم؟ قال بل حياء منك يارب مما جئت به)..

ثم رواه من طريق سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة ، عن الحسن، عن يحيي بن ضمرة ، عن أبي ابن كعب ، عن النبي صلي الله عليه وسلم بنحوه . وهذا أصح فإن الحسن لم يدرك أبيا.
وقوله تعالي ( اهبطوا بعضكم لبعض عدو ، ولكم في الأرض مستر ومتاع إلي حين) وهذا خطاب لآدم وإبليس ، قيل والحية معهم، أمروا أن يهبطوا من الجنة في حال كونهم متعادين متحاربين .
وقد يشهد لذكر الحية معهما بما ثبت في الحديث عن رسول الله صلي الله عليه وسلم أنه أمر بقتل الحيات ،وقال : ما سالمناهن منذ حاربناهن .
وقوله في سورة طه: قال( اهبطا منها جميعا بعضكم لبعض عدو ) هو أمر لآدم وإبليس واستتبع آدم حواء وإبليس الحية.
وقيل أن ادم بكي علي خروجه من الجنة سبعين عام وعلي خطيئته سبعين عام وعلي قتل ولده أربعون عام ( الاوزاعي عن حسان - هو ابن عطية)..
وقال السِدي انه حين اخرج من الجنة نزل بالهند ونزل معه الحجر الأسود وبقبضته من ورق الجنة فبثه في الهند فنبتت شجرة الطيب هناك.
وقال الحاكم في مستدركه: أنبانا أبو بكر بن بالويه، عن محمد ابن أحمد بن النظر عن معاوية بن عمرو،عن زائدة عن عمار ابن معاوية البجلي عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: ما أسكن آدم الجنة إلا ما بين صلاة العصر إلي غروب الشمس .
ثم قال : صحيح علي شرط الشيخان ولم يخرجاه.
وفي صحيح مسلم من حديث الزهري عن الأعرج، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم ( خير يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة : فيه خلق آدم وفيه أدخل الجنة ، وفيه أخرج منها) والحديث رواه مسلم في صحيحه.
وفي الصحيح من وجه آخر وفيه تقوم الساعة

وفى النهاية اترككم فى رعاية الله حيث ان الكتاب كبير جدا وهذا ما وفقنى الله من الكتاب وهو مرفوع بمعرفتى واذارارينا التشجيع سوف نتناول قصص الانبياء جميعا
والسلام عليكم ورحمة من الله وبركاته

[احمدزهران]

تسلم فعلا ابداع بلا حدود.............تسلم فعلا ابداع بلا حدود
والله كبير ايه الحلاوه دية اتحفنا بكل ما هو جديد

[ايهاب هاشم]

جزاكم الله خيرا

[عمرالفولي]

شكرا لمروركم الكريم