تحت عنوان : الزواج في مصر يقترب من سن المعاش ، في مجلة البيان الشهرية ، العدد ( 277 ) الصادر في أغسطس ( 02006م ) ( ص91 ) عللت دراسة تأخير سن الزواج إلى فقدان الرجل لدوره داخل الأسرة ، في ظل الدعاوي المستمرة للمساواة بين المرأة وقال الدكتور أحمد المجذوب الأستاذ بالمركز القومي للبحوث الاجمتاعية في مصر : (( إن أحد أسباب انتشار العنوسة في مصر يرجع إلى تردي مناهج تعليم المرأة حيث جعلتها هذه المناهج ذات شخصية تناطح الرجل في كل شيء )) ( أ . هـ ) .
وهذا الكلام خطير حيث يرجع الباحث سبب العزوف عن الزواج ، إلى المناهج التي جعلت المرأة تشعر أنها مساوية للرجل ، وتخلصت من قيد العبودية الاجتماعية الجاهلية ، والسخرة للزوج وتحولت إلى دور المرأة الكريمة الشريكة للرجل في الحياة الزوجية ، التي تناقش وتحاور ، وتشعر بقيمتها في الحياة ، وكرامتها في الأسرة وصلت إلى هذا المستوى من التغيير العلمي والثقافي والرجل ما زال يعيش بعقلية ( سي السيد ) الذي يعامل المرأة معاملة الخادمة المهانة ، وعندما لم يجد هذا الرجل المرأة التي تقبل أن يعاملها معاملة السجينة والأسيرة ، التي تغذيها التقاليد والعادات الجاهلية ، أحجم عن الزواج ، أو تزوج وطلق زوجته التي تناقشه ، وتراجعه ، ولها كرامة ، كما كان يحدث في بيت النبوة ، هذا الرجل يريدها عبدة ، وقد فسر بعضهم الآيات القرآنية والأحاديث النبوية تفسيراً جاهلياً خاطئاً وأعقل هؤلاء الآيات القرآنية المحكمة التي تؤسس لعلاقة زوجية متميزة بين الرجل والمرأة ، فالمرأة في القرآن الكريم متساوية مع مزوجها كما قال تعالى : { وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ } [البقرة : 228] ، وقوله تعالى { وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ } [الروم : 21] ، وقال صلى الله عليه وعلى آله وسلم ( إنما النساء شقائق الرجال ) رواه أبو داود .
فالعلاقة بين الزوج والزوجة في القرآن الكريم هي علاقة مودة ورحمة ومساواة ولكن هذا لم يعجب الشباب الذي رأى أمّه عبدة لأبيه مهانة لا تأكل حتى يأكل ولا تجلس وهو جالس ولا تتكلم ولا تتناقش ولا تعترض ولا تبدي رأيها ، وهي الخادمة في المطابخ ، والغسالة للملابس والمفارش ، وهي الأمّة التي تخدم والرجل ، والرجل هو السيد الحر ، إن شاء جلس في البيت وإن شاء ذهب إلى المقهى ، والنادي والمجالس ، وترك زوجته حبيسة في البت تربي الأولاد وتغذيهم وتذاكر لهم ، ولذلك كان الرجل راضياً وحياته مستقرة ، والأسرة مستقرة بقوة الحديد والنار ، والعرف الاجتماعي الظالم والعبودية للبيت والزوجة والأخت ، ولذلك سحقت المرأة المجتمعات العربية الحالية وتعلمت العبودية ، وكانت النتيجة هو الأجيال من الخانعين الخائفين المرتجفين من الأولاد .
وعندما تعلمت المرأة وبدأت تتحرر من قبضة العبودية الأسرية بعلمها وفهمها وراتبها لم يعجب هذا التحرر الحلال والشرعي فأرجع الدكتور أحمد المجذوب الباحث بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية سبب العنوسة إلى سبب عجيب حيث قال : ( إن أحد أسباب انتشار العنوسة في مصر يرجع إلى تردي مناهج تعليم المرأة ، حيث جعلتها تناطح الرجل في كل شيء ) .
وهذا استنتاج خطير ، حيث يرى الدكتور أن المناهج التي تعلم المرأة حقوقها في الحياة متردية ، وجعل مشاركتها للرجل في الحياة أمام مناطحة ، وهو تعبير جاهلي خطير وكأننا أمام متصارعين من التيوس ، والثيران والأوعال ، وانتشار هذه الثقافة الجاهلية وتجذرها في عقل الأولاد البنين ، مع تعلم المرأة ، وتفوقها على الولد وتصميمها على ممارسة حريتها وكرامتها وعمليتها لم يعجب الشباب الذي غابت عنه تربية المساواة والكرامة والمشورة والمودة والرحمة للمرأة وتلك المكانة العالية التي وضعها الإسلام فيها ، وطمرتها الجاهلية إبان ضعف التربية الشرعية . هذا الكلام يضعنا أمام تحد اجتماعي ، أسري علمي وتربوي كبير حيث أوجب علينا تصحيح صورة المرأة عند الأبناء الذكور ، وعند الشباب والرجال في أسرنا ، ومناهجنا الدراسية ، ووسائل أعلامنا ، وفي مجال الدعوة الإسلامية ، والخطاب الديني ، والمقالات الصحفية .
هناك فارق بين تربية التفريط وتربية الإفراط ، وتربية الوسيطة الشرعية الصحيحة .
فلا تفريط ولا إفراط في النظرة إلى المرأة . على الجمعيات السياسية ، والاجتماعية والثقافية والتربوية والدينية ، أن تخطط لدورات وندوات ، ودراسات لتصحيح صورة العلاقة بين الزوج والزوجة ، والأخ وأخته وتغيير النظرة للمرأة من أسيرة مهانة إلى شريكة مصانة .
وعلى المناهج الدراسية وخاصة مناهج العلوم الشرعية ، والتربية الأسرية ، والمواد الاجتماعية ، واللغة العربية يقع العبء الأكبر في تصحيح العلاقة بين الرجل والمرأة .
وعلى المفسرين مراجعة التفاسير التي فسرت الآيات على غير مرادها الشرعي وعلى غير ما طبق المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وسلم مثل آيات ، ضرب المرأة ، وآيات مشاورة المرأة ، وآيات مصالحة المرأة وآيات ميراث المرأة ، وقوامة الرجل للمرأة ، ومشاورة المرأة وقد نوقشت هذه القضايا في كتب متميزة مثل كتاب حقائق الإسلام في مواجهة شبهات المشككين الصادر عن المجلس الأعلى للشئون الإسلامية بمصر . علينا أن نتعرف إلى هذه الموضوعات حتى لا ينتشر العزوف عن الزواج والطلاق بسبب الفهم الخاطئ لدين الله والحياة السوية البعيدة عن العقد المرضية وغير الشرعية .
د . نظمي خليل أبو العطا
18/8/2008, 01:02 PM
نريدها خادمة مهانة لا شريكة مصانة
رد: نريدها خادمة مهانة لا شريكة مصانة
العرض العادي
