دعوة عَلمانية فاسدة ومنتهية الصلاحية

[انور حافظ احمد]

كتبت إحدى الكاتبات في جريدة أخبار الخليج المقال التالي بعنوان ( تجديد الفكر) وقد رددت عليها بمقال بعنوان ( دعوة منتهية الصلاحية) , وفي ما يلي نعرض عليكم المقالين .



تجديد الفكر

مشروع المفكر جمال البنا بإحياء السنة وضبطها وتخليصها من الأحاديث الضعيفة والعودة إلى القرآن الكريم – مشروع الإحياء الإسلامي – كم نحن بحاجة إليه بل وفي أمس الحاجة إليه . ضبط السنة النبوية بمعايير قرآنية والتخلص من الأحاديث التي تعد سببًا رئيسًا في تخلف الأمة الإسلامية ، التي هي ليست من صلب الإسلام ولا القرآن الكريم ، فالسنة النبوية يجب أن تضبط بضوابط القرآن الكريم وليس بفتاوى واجتهادات وتأويلات قرآنية .

يرفض جمال البنا – وهو الأخ الأصغر للمفكر المعروف حسن البنا مؤسس حركة الإخوان المسلمين – تشكيل الكيانات المؤسسية المنظمة على أساس ديني كالتنظيمات والأحزاب والجمعيات الدينية ، ويؤكد أنه لابد أن تنشأ عنها ومنها مصالح ذاتية ، ونعتقد أن مشروع المفكر جمال البنا هو امتداد للمشروع الكبير المتمثل في تجديد الفكر العربي الإسلامي ويصب في بوتقة ، ونعتقد أيضًا أنه من المهم أن يصل إلى كل الناس ويقتنعوا بأهميته ، فبدون ذلك لن نتخلص من المؤسسات القابضة على الإسلام والمروجة للتخلف باسمه . ومن أهم المسائل المطروحة مسألة غاية الإنسان في الوجود على الأرض ، فالإنسان هو المستخلف في الأرض ، وقد جعله الله في الأرض خليفة ليعمرها وينهض بها ، ومن أهم شروط الخلافة مسألة العدل في الإسلام حيث التساؤل الجوهري القائم على أيهما أفضل : حاكم مسلم ظالم وغير كفء أم حاكم غير مسلم لكنه عادل وكفء ، ونحن بالطبع نؤكد العدل وأهميته كشرط أساسي " وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل " . كما يؤكد الإسلام المساواة في الحقوق والواجبات بين الناس جميعًا بلا استثناء ، واعتبار أن حرية الفكر والاعتقاد مطلقة ، وأن الإسلام أكد علاقة التعايش والمحبة بين جميع الأديان ، وأكد تحرير الفكر الإسلامي من النظرة الدونية إلى المرأة التي ذكرتها بعض الأحاديث الضعيفة والدخيلة التي يثبتها من يريد بتكرارها نشرها بين الجهلة . كما يؤكد أن الزكاة فريضة مقدسة ولو طبقها الجميع لما وُجد فقير واحد .

كذلك مسألة الاختلاط ، فالبنا يقول : أن تحريم الاختلاط بين الجنسين يؤدي إلى الشذود وارتكاب المعاصي واقتراف الجرائم سرًا ، لأن الإيمان والعفة والكرامة هي التي تعصم المرأة والرجل وليست الخلوة غير الشرعية .

ومن الأمور التي يناقشها عقد الزواج وشروطه ، تأكيد أنه يجب ألا ينعقد بكلام الولي ( المشروط أن يكون من طرف الأب مثل العم أو أخيها وليس خالها ) بل بموافقة حضور المرأة نفسها ، ومن شرط الزواج رضا المرأة والرجل معًا ، والتقوى هي الشرط الأساسي ، أما الطلاق فإنه لا يكون شرعيًا إلا بموافقة كلا الطرفين أيضًا .

إن ضرورة تجديد الفكر الإسلامي وتخليصه من الشوائب باتت في غاية الأهمية ولا مجال للتأجيل ، هذا إذا أردنا فعلاً أن نكون أمة تجاري نهضة الأمم الأخرى ، فكل الدول والأجناس تحاول التمسك بثقافتها الأصيلة كاليابان والصين والهند وغيرها ، لكن في الوقت نفسه تعمل على تطوير هذه الثقافة وتنقيحها من المعتقدات المغلوطة والمتخلفة من أجل أن تكون أمة حية ذات أثر وتأثير في العالم أجمع .

بقلم : د. أنيسة أحمد فخرو

العدد (10759) الجمعة 25 شعبان 1428هـ - 7 سبتمبر 2007م

أخبار الخليج – الأخيرة

( تم رد الدكتور نظمي خليل أبو العطا على هذا المقال بمقاله عنوانه : دعوة منتهية الصلاحية )



دعوة منتهية الصلاحية



كتبت إحداهن مقالاً بعنوان : ( تجديد الفكر ) تشيد فيه بالمشروع العلماني (بفتح العين) لجمال البنا ، وتؤيده في نبذ الأحاديث التي لا يقبلها عقل جمال البنا ومن على شاكلته من العلمانيين (بفتح العين) والليبراليين العرب ، وسموه بمشروع جمال البنا ، الذي عرّفته الكاتبة بأنه أخ الأستاذ حسن البنا وذلك لرفع مكانته الدينية عند القارئ والتلبيس على الناس ، وكما قلنا سابقًا في مقالات عدة لو أن الإمام حسن البنا – رحمه الله – قال آراء جمال البنا – وحاشاه أن يفعل ذلك – لرفضت هذه الآراء للكاتبة وجمال البنا ومن على شاكلتهما .

الرافضون للسنة النبوية يدعون إلى رفض الأحاديث غير المتطابقة مع القرآن الكريم والعقل العلماني ( بفتح العين ) ، بحجة أنها ضعيفة ومكذوبة وغير منطقية ، وتناسى هؤلاء أن علماء السنة النبوية المطهرة الأفذاذ بذلوا جهودًا علمية فريدة في تمحيص الأحاديث النبوية رواية ودراية ، وفصلوا الأحاديث الصحيحة عن الأحاديث الضعيفة والمكذوبة ، ووضعوا مجلدات حوت الثقات من الرواة والضعفاء والكذابين ، ووضعوا أسفارًا في الأحاديث الصحيحة والأحاديث الضعيفة و المكذوبة ، ووضعوا قواعد علوم الحديث في منهاج علمي إبداعي بحثي غير مسبوق في تاريخ البشرية ، وقد قبلت الأمة الإسلامية بعلمائها وباحثيها وفقهائها الكتب الصحاح وعلى رأسها صحيح الإمام البخاري ، وصحيح الإمام مسلم ، ولكن العلمانيين (بفتح العين) يريدون هدم صحيح البخاري حجر الزاوية في الأحاديث الصحيحة عندنا ، وأخذوا بجهلهم يطعنون في حجية السنة ، وهذا هو المشروع العلماني (بفتح العين) لجمال البنا الذي أفتى بحل التدخين في نهار رمضان ، وأفتى بأن الزَّنية الأولى والزنية الثانية من اللمم ، وأفتى مؤخراً بجواز الأحضان والقبلات بين الشباب من الجنسين وقال أنه من اللمم , 2ولفتح الباب على مصراعيه أمام الزناة ، وأفتى جمال البنا بنبذ العلوم الشرعية في المذاهب الأربعة ، وقال عن جهود الأئمة الأربعة إنها (هراء) ، وجمال البنا يرفض الأخذ بالسنة ، ويدعو إلى الاعتماد على القرآن فقط من دون السنة ( وقد فندنا هذا الرأي الفاسد في مقالات سابقة ، وبينا أن القرآن الكريم لا يحتوي تفصيلاً عن الصلاة وكيفيتها وعدد ركعاتها وأوقاتها ، كما لا يتضمن مناسك الحج والعمرة كاملة ، ولا أنصبة الزكاة وشروط عقد النكاح الصحيح , وقد قوبلت آراء جمال البنا الفاسدة بالرفض من علماء الأمة ، ومن الأزهر الشريف ، ولكن الكاتبة تمجد في المشروع الفاسد لجمال البنا وتدعونا للأخذ به ، ونحن لا نستغرب من هذا فالطيور على أشكالها تقع ، وكما قال تعالى : " قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدَى سَبِيلاً" ، [الإسراء: 84] .

ذكرت الكاتبة : (أن تحريم الاختلاط بين الجنسين يؤدي إلى الشذود وارتكاب المعاصي واقتراف الجرائم سرًا ، لأن الإيمان والعفة والكرامة هي التي تعصم المرأة والرجل وليست الخلوة غير الشرعية ) ، وهذا رأي فاسد بيّن الفساد ، وهو دعوة إلى فتح الأبواب على مصاريعها للخلوة غير الشرعية ، والتي معناها هدم كل الضوابط الشرعية لاختلاط غير المحارم من الرجال والنساء ، البنا يريدها حياة بلا ضوابط شرعية ، ونحن نسأل الكاتبة ونسأل جمال البنا : هل أدى الاختلاط غير الشرعي إلى الفضيلة وغياب المعاصي والتقليل منها ؟ وأيهما أفضل : المجاهرة بالمعاصي أم عدم المجاهرة بها ؟

هذه دعوة للمجاهرة بالمعصية غريبة وغربية ، وخلل في التفكير ، ومحاولة للانقضاض على الحياء وعلى كل ما هو شرعي وكل ما هو إسلامي ، وينادي جمال البنا ويقول : ( أما الطلاق فإنه لا يكون شرعيًا إلا بموافقة كلا الطرفين أيضًا ) أي الرجل والمرأة ، وهذا رأي فاسد ، فالطلاق حق للزوج في فض العلاقة الزوجية ، والخلع حق للمرأة في فض العلاقة الزوجية ، ولكن العلمانيين (بفتح العين) لا يعلمون شيئًا عن الشريعة الإسلامية ، ويريدون هدم ثوابتها ، وكل ما ينادون به يدلل على ذلك ، فالإسلام جعل للمرأة الحق في رفض الزواج ، وهذا ثابت بالسنة النبوية المطهرة ، وجعل الإسلام الزواج المخرج الشرعي للمتحابين ، كما قال المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم فيما رواه ابن عباس رضي الله عنهما أن رجلاً قال : يا رسول الله عندنا يتيمة قد خطبها رجلان : موسر ومعسر وهي تهوى المعسر ونحن نهوى الموسر فقال : ( لم يُر للمتحابين مثل التزويج ) حديث صحيح .

جمال البنا ومن على شاكلته يدعون إلى هدم الشريعة ، ونحن ندعوا إلى العودة إلى الشريعة وتخليص فهم الناس للشريعة من خلطها بالعادات والتقاليد الجاهلية ، والبعد عن البدع ، وأن يقوم بذلك علماء من أهل الاختصاص وليس كل من هب ودب من دعاة الفتنة ونشر الرذيلة ، الذي يجعلون الزنية الأولى والزنية الثانية من اللمم كما قال جمال البنا ، ويدعون إلى السفور ورفض لباس المرأة المسلمة الشرعي كما يطالب جمال البنا ، ويستهينون بالصيام والتدخين في رمضان ، وبالضوابط الشرعية ، ويحللون الخلوة غير الشرعية والأحضان والقبلات بين البنين والبنات.

والسؤال المهم : لماذا اهتمام الجامعة الأمريكية في مصر ، ومركز ابن خلدون وسعد الدين إبراهيم والعلمانيين (بفتح العين) بآراء جمال البنا ؟ هل هو حب للدين الإسلامي أم محاولة لتمهيد العقول المسلمة لقبول كتاب الضلال المسمى بالفرقان الحق ؟! .. وكل لبيب بالإشارة يفهم .

إذا كان جمال البنا هو شقيق الإمام حسن البنا كما تقول الكاتبة والعلمانيون وكما تذيع الفضائيات لتعريف الناس بجمال البنا فإن أبا لهب كان عم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لكنه مع ذلك في جهنم وزوجته حمالة الحطب في نار جهنم والعياذ بالله .

إن دعوة جمال البنا هي دعوة لتقنين الفكر الشيطاني ، وهي دعوة قديمة مكشوفة ومفروضة ، ومنتج استعماري فاسد ومنتهي الصلاحية . "أبو أحمد"

بقلم : د. نظمي خليل أبو العطا موسى