|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
السماحة والتراحم في البيع والشراء وأثرها على الفرد والمجتمع -
ينبغي للمسلم أن يكونَ ذا شفَقَة وعَطف وتسامح وإحسانٍ في البيع والشراء، فلا يغالي في الرِّبح، ولا يبالغ في التكسُّب، ولا يهتبل حاجةَ إخوانه ليرهقَهم بما يشقّ عليهم، بل يراعي حقوقَ الأخوَّة الإسلاميّة، وقد حثَّنَا الشارِعُ الحكيم على المسَامحَة في المعاملة، فعَن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- أنَّ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- قال: “رحِم الله رجلاً سمحًا إذا باع وإذا اشتَرى وإذا اقتَضَى”.( البخاريّ.)؛ فالفرد المسلم مسامح وهين ولين، في بيعه وشرائه واقتضائه لدينه. ففي الحديث الشريف :” الحض على السماحة في المعاملة ، واستعمال معالي الأخلاق ، وترك المشاحة ، والحض على ترك التضييق على الناس في المطالبة وأخذ العفو منهم.” ( فتح الباري) إنَّ إِرخَاصَ الأسعار على المسلِمين، وتركَ استغلالهم، لا يفعَلُه إلا ذوو القلوبِ الرحيمة، التي امتَلأت عَدلاً وصِدقًا وتقوًى وإحسانًا، وأولئك هُمُ الموعودون بالبركةِ في أرزاقهم، والسعةِ في أموالهم، والصِّحةِ في أبدانهِم، والسعادة في نفوسهم. فاتقوا الله عباد الله، واعلموا أن التاجر الذي يرأف بالناس يرأف الله به، ومن يرحمهم يرحمه الله، ومَن يُيسر عليهم ييسر الله عليه، ومن صدق في بيعه وشرائه نال الأجر العظيم، والثواب الجزيل، ويكفيه شرفاً وفخراً أن ينال الجنة بفضل الله -تعالى- ورحمته، قال -صلى الله عليه وسلم:”التاجر الصَّدُوقُ الأمين مع النبيين والصديقين والشهداء” ( الترمذي، وصححه الألباني.) ولقد ضرب لنا السلف الصالح أروع الأمثلة في التسامح والرحمة في البيع والشراء؛ فقد روي في ذلك أن أبا قتادة رضي الله عنه كان له دين على رجل ، وكان يأتيه يتقاضاه فيختبئ منه ، فجاء ذات يوم فخرج إليه فقال: ما يغيبك عني ؟ فقال: إني معسر وليس عندي شيء ، قال : آلله إنك معسر؟ قال : نعم ، فبكي أبو قتادة ، ثم قال : سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول:” من نفس عن غريمه أو محا عنه ، كان في ظل العرش يوم القيامة.”( أحمد والدارمي) وروى أن قيس بن سعد عبادة لما مرض استبطأ إخوانه في العيادة، فسأل عنهم فقيل له: إنهم يستحيون مما لك عليهم من الدين. فقال: أخزى الله مالا يمنع عني الإخوان من الزيارة، ثم أمر منادياً ينادي من كان لقيس عنده مال، فهو منه في حل. فكسرت عتبة بابه بالعشي لكثرة العواد. وكان يقول: اللهم ارزقني مالا وفعالا، فإنه لا يصلح الفعال إلا بالمال.”(المستطرف للأبشيهي) فضلاً عن أن الله يتجاوز عن الدائن يوم القيامة بسبب تجاوز الدائن عن مدينه. فعن حذيفة قال : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:” تلقت الملائكة روح رجل ممن كان قبلكم ، فقالوا : عملت من الخير شيئاً ؟ قال: لا ، قالوا: تذكر ، قال : كنت أداين الناس ، فآمر فتياني أن ينظروا المعسر ، ويتجوزوا عن المعسر ، قال الله: تجاوزا عنه.”( البخاري ومسلم) وأختم هذا العنصر بهذه الأخلاق العالية وهذه المواساة والرحمة والشفقة بالأمة والمجتمع لأحد العشرة المبشرين بالجنة وهو عثمان ذو النورين؛ فعن ابن عباس قال: قحط الناس في زمان أبي بكر، فقال أبو بكر: لا تمسون حتى يفرج الله عنكم. فلما كان من الغد جاء البشير إليه قال: قدمت لعثمان ألف راحلة براً وطعاماً، قال: فغدا التجار على عثمان فقرعوا عليه الباب فخرج إليهم وعليه ملاءة قد خالف بين طرفيهما على عاتقه فقال لهم: ما تريدون؟ قالوا: قد بلغنا أنه قد قدم لك ألف راحلة براً وطعاماً، بعنا حتى نوسع به على فقراء المدينة، فقال لهم عثمان: ادخلوا. فدخلوا فإذا ألف وقر قد صب في دار عثمان، فقال لهم: كم تربحوني على شرائي من الشام؟ قالوا العشرة اثني عشر، قال: قد زادوني، قالوا: العشرة أربعة عشر، قال: قد زادوني. قالوا: العشرة خمسة عشر، قال: قد زادوني، قالوا: من زادك ونحن تجار المدينة؟ قال: زادني بكل درهم عشرة، عندكم زيادة؟ قالوا: لا!! قال: فأشهدكم معشر التجار أنها صدقة على فقراء المدينة قال عبد الله بن عباس: فبت ليلتي فإذا أنا برسول الله صلى الله عليه وسلم في منامي وهو على برذون أشهب يستعجل؛ وعليه حلة من نور؛ وبيده قضيب من نور؛ وعليه نعلان شراكهما من نور، فقلت له: بأبي أنت وأمي يا رسول الله لقد طال شوقي إليك، فقال صلى الله عليه وسلم: إني مبادر لأن عثمان تصدق بألف راحلة، وإن الله تعالى قد قبلها منه وزوجه بها عروسا في الجنة، وأنا ذاهب إلى عرس عثمان.”( الرياض النضرة في مناقب العشرة للمحب الطبري) فهل يفتح الله تعالى آذان عُبَّاد المال ومحتكري قوت العباد شحًّا وجشعًا إلى صوت هذه العظمة العثمانية، حتى تدلف إلى قلوبهم فتهزها هزة الأريحية والعطف، وتوقظ فيها بواعث الرحمة والإحسان بالفقراء والمساكين والأرامل واليتامى وذوي الحاجات من أهل الفاقة والبؤس الذين طحنتهم أزمة الحياة، واعتصرت دماءهم شرابًا لذوي القلوب المتحجرة من الأثرياء؟ فما أحوج المسلمين في هذه المرحلة من حياتهم إلى نفحة عثمانية في إنفاق الأموال على الفقراء والمساكين والمحتاجين! تسري بينهم تعاطفًا ومؤاساة وبرًّا وإحسانًا. وحينئذ تسود المحبة والود واللئام والإخاء بين الأفراد ، وتتحقق الصلة والروابط الاجتماعية ، وتوجد الثقة بين المستثمرين ، ويعيش الجميع في جو من العدالة والسعادة والأمن والأمان ، وقوام كل ذلك هو القيم والأخلاق في الأسواق المالية. نسأل الله يرزقنا الرزق الحلال وأن يبارك لنا فيه؛ وأن يجنبنا الغش والاستغلال والاحتكار والخبث ؛ والفواحش ما ظهر منها وما بطن ؛؛؛
|
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
Google Adsense Privacy Policy | سياسة الخصوصية لـ جوجل ادسنس
^-^ جميع آلمشآركآت آلمكتوبهـ تعبّر عن وجهة نظر صآحبهآ ,, ولا تعبّر بأي شكلـ من آلأشكآل عن وجهة نظر إدآرة آلمنتدى ~