فالموت قدرنا الذي يطاردنا

[الديب sat]

في وسط ظلمات النفس والمعصية، وما بين رغبات تأتي، ورغبات تمضي، ونفس جائعة لا تشبع ولا تمل من متع الحياة.. وبين أيامنا التي تمضي سراعاً كأنها خيول جامحة تأبي أن تبقي بين أيدينا وتصمم علي الفرار بأعمارنا القصيرة التي تشبه أعمار الزهور.. جعل الله لنا في أيامنا نفحات نتخلص فيها من شهوات البدن وشرور النفس وأطماعها..

إن تلك الأيام هبات إلهية يمنحها الله لقلوبنا التي صدأت من ظلمات الشهوة وأدرانها، فجاءت تلك الأيام لتجلوها من صدئها، ولتزيح عنا تلك الأتربة التي تراكمت وتراكمت حتي أصبحت طبقات سميكة أفقدتنا آدميتنا وإنسانيتنا العظيمة، التي جعل الله الملائكة تسجد لها إكراماً وتعظيماً.. إننا نجري بسرعة حينما نسمع عن تخفيضات.. أو مولات شهيرة تقدم هدايا مجانية!..

فهل نغتنم تلك الفرصة العظيمة.. إنها جنة لا نَصَب فيها ولا تعب.. ولا آلام ولا أحقاد، تحيتنا فيها سلام.. وقلوبنا فيها خالية من الغل والحسد.. إنها - كما قال الحبيب المصطفي - نفحات في أيام دهرنا، وتلك النفحات تأتي وتمضي سريعاً، ولم يبق لنا إلا القليل منها.. من يدري ربما لن نلحق بنفحات أخري، وتكون تلك آخر أيامنا في الدنيا الفانية..

فالموت قدرنا الذي يطاردنا.. وإن لم يصبنا اليوم فموعدنا معه غداً أو بعد غد.. الله يدعونا إلي الجنة ومغفرة من عنده ونحن نتسمر أمام شاشات صماء تسرق عقولنا وأعمارنا.. الله يدعونا إلي جنة تحيتنا فيها سلام، ونحن مازالت تملأ قلوبنا الأحقاد والغل.. وعلي ماذا.. علي متع حقيرة وأوهام زائلة؟ إذا رأيت الرجل يبيع الجواهر ويشتري بدلاً منها صخوراً وحجارة، أليس رجلاً أحمق؟ وإذا رأيته يترك الماء العذب وينهل من ماء مالح لا يروي ولا يبل الريق، ألن تقول عنه «مجنون»؟..

أحبائي هي الدنيا قد ولّت وانتهت وأوشكت علي التنكر لنا وطردنا واستقبال غيرنا، ونحن اقتربنا من مقرنا الأخير، فهل سنسافر بلا زاد؟ هل سنظل نتغزل في تلك الغانية التي لا أمان لها، والتي تُبدل عشاقها كل حين؟ هيا قم، فمازالت الجنة تناديك.. قم، فمازالت أبواب الرحمة مفتوحة علي مصاريعها، فقط عليك أن تدخل، وستجد تلك السعادة التي طالما حلمت بها، وستجد الأمان الذي سعيت له طوال عمرك.. هيا قم

[zoorosat]

مشكووووووووووووووووووووووووور

[انور حافظ احمد]