|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الـشَّبابُ ثـروةُ الـوَطَـنِ
إِنَّ المُتَأمِّـلَ فِي كِتَابِ اللهِ المُبِينِ وَمَا جَاءَ فِي سِيَرِ المُرْسَلِينَ، يَجِدُ أَنَّ المَولَى سُبْحَانَهُ قَدْ خَصَّهُمْ بِالنُّبُوَّةِ وَهُمْ فِي مَرْحَلَةِ شَبَابِهِمْ، لِمَا فِي هَذِهِ المَرْحَلَةِ مِنْ قُوَّةٍ تُمَكِّنُهُمْ مِنْ تَبْلِيغِ رِسَالاَتِ رَبِّهِمْ، قَالَ تَعَالَى عَنْ نَبِيِّهِ مُوسَى -عَلَيْهِ السَّلاَمُ-: ((وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ)) ، كَمَا ذَكَرَ نَبِيَّهُ يُوسُفَ -عَلَيْهِ السَّلاَمُ- فَقَالَ: ((وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ)) ، وَمَنْ تَأَمَّـلَ سِيرَةَ الحَبِيبِ المُصْطَفَى وَالرَّسُولِ المُجْـتَبَى -صلى الله عليه وسلم- وَجَدَ أَمثِلَةً كَثِيرَةً عَلَى اهتِمَامِهِ -صلى الله عليه وسلم- بِفِئَةِ الشَّبَابِ، لِعِلْمِهِ أَنَّ الشَّابَّ فِي هَذِهِ المَرْحَلَةِ يَكُونُ أَسْرَعَ بِالآخَرِينَ تَأثُّرًا، وَأَكْثَرَ قُوَّةً وَنَشَاطًا وَتَطَلُّعًا، لِذَلِكَ كَانَ - عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ - يُعْطِي الشَّبَابَ مِنْ وَقْتِهِ مَا يَجْعَلُهُمْ يَستَأْنِسُونَ بِهِ وَيَشْعُرونَ بِاهتِمَامِهِ، فَلَمْ يَكُنْ يَوْمًا يَحْـقِرُ شَابًّا لِصِغَرِ سِنِّهِ، بَلْ كَانَ يُولِي الشَّبَابَ اهتِمَامًا بَالِغًا وَيُقَرِّبُهُمْ مِنْهُ، فَعَنْ مَالكِ بنِ الحُويْرِثِ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - قَالَ: ((أَتَيْنَا النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- وَنَحْنُ شَبَبَةٌ مُتَقَارِبُونَ، فَأَقَمْنَا عِنْدَهُ عِشْرِينَ لَيْلَةً، وَكَانَ -صلى الله عليه وسلم- رَحِيمًا رَقِيقًا))، وَمِنِ اهتِمَامِهِ -صلى الله عليه وسلم- بِالشَّبَابِ أَيْضًا أَنَّهُ كَانَ يَغْرِسُ فِيهمُ الثِّقَةَ بِالنَّفْسِ عَلَى تَحَمُّـلِ أَعْظَمِ المَسؤُولِيَّاتِ، وَالقُدْرَةِ عَلَى مُوَاجَهَةِ الشَّدَائِدِ وَالصُّعُوبَاتِ، فَكَانَ يَكِلُ إِلَى بَعْضِ الشَّبَابِ الأَعْمَالَ الكَبِيرَةَ وَالمَهَامَّ العَظِيمَةَ، فَقَدْ عَيَّنَ -صلى الله عليه وسلم- الصَّحَابيَّ الجَلِيلَ عَتّابَ بنَ أَسِيْدٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - وَالِيًا عَلَى مَكَّةَ يُدِيرُ شُؤُونَهَا، وَيَقُومُ بِمَصَالِحِهَا، وَهُوَ شَابٌّ لَمْ يِتَجَاوَزْ مِنْ عُمُرِهِ الوَاحِدَ وَالعِشْرِينَ عَامًا، وَهَكَذَا سَارَ الصَّحَابَةُ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ - بَعْدَ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- فِي اهتِمَامِهِمْ بِفِئَةِ الشَّبَابِ، فَعِنْدَمَا هَمَّ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - بِجَمْعِ القُرآنِ؛ كَلَّفَ زَيْدَ بنَ ثَابِتٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - بِهَذِهِ المُهِمَّةِ العَظِيمَةِ، وَهُوَ شَابٌّ لَمْ يَتَجَاوَزْ إِذْ ذَاكَ الثَّانِيَةَ وَالعِشْرِينَ، فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-: (إِنَّكَ رَجُلٌ شَابٌّ عَاقِلٌ وَلاَ نَتَّهِمُكَ، كُنْتَ تَكْتُبُ الوَحْيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- فَتَتَبَّعِ القُرآنَ فَاجْمَعْهُ)، قَالَ زَيْدٌ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -: (فَوَاللهِ لَوْ كَلَّّفَنِي نَقْلَ جَبَلٍ مِنَ الجِبَالِ مَا كَانَ أَثْقَلَ عَلَيَّ مِمَّا أَمَرَنِي بِهِ مِنْ جَمْعِ القُرْآنِ). إِنَّ الإِسْلاَمَ عِنْدَمَا أَمَرَ بِالاهتِمَامِ بِالشَّبَابِ، وَحَثَّ عَلَى إِعْدَادِهِمْ بَدَنِيًّا وَعَقْلِيًّا، وَرُوحِيًّا وَخُلُقِيًّا، إِنَّمَا أَرَادَ بِذَلِكَ لِيَكُونَ الشَّابُّ عُضْوًا نَافِعًا لِنَفْسِهِ وَمُجتَمَعِهِ وَوَطَنِهِ، وَذَلِكَ بِأَنْ يَنْشَأَ قَوِيَّ البُنْيَةِ، سَلِيمَ الجِسْمِ كَامِلَ الشَّخْصِيَّةِ، يَسْمُو بِنَفْسِهِ لِيَكُونَ مُسْلِمًا حَقًّا، مُتَمِيِّزًا بِشَخْصِيَّتِهِ المُسْلِمَةِ عَقِيدةً وخُلُقًا، يَأْسِرُ بِصِفَاتِهِ الأَلْبَابَ، وَيَهْـتَدِي إِلَى الخَيْرِ وَيُسَارِعُ إِلَيْهِ مِنْ كُلِّ بَابٍ، وَيَتَخلَّقُ بِالأَخْلاَقِ الحَمِيدَةِ وَالآدَابِ المَجِيدَةِ، التِي تَضْمَنُ لَهُ فِي حَيَاتِهِ النَّزَاهَةَ وَالعَفَافَ، وَالسَّلاَمَةَ مِنَ الضَّياعِ وَالانْحِرَافِ، فَتَرَاهُ يَحْرِصُ عَلَى مَا يَنفَعُهُ وَيَسُرُّهُ، وَيَبتَعِدُ عَمَّا يَسُوؤُهُ وَيَضُرُّهُ، مَتَّبِعًا هَدْيَ النَّبِيِّ -عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ- فِي قَوْلِهِ: ((احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ وَاستَعِنْ بِاللهِ وَلاَ تَعْجِزْ))، لِتَتَحَرَّكَ فِيهِ حَيَوِيَّةُ الشَّبَابِ؛ فَيَسْعَى لِيَنْفُضَ عَنْ نَفْسِهِ غُبَارَ الدَّعَةِ وَالكَسَلِ، وَيَمْلأَ فَرَاغَهُ بِالمُفِيدِ مِنَ العَمَلِ، وَمَا أَرْوَعَ الشَّابَّ الذِي يَحْرِصُ عَلَى مُمَارَسَةِ النَّافِعِ مِنَ المِهَنِ وَالأَعْمَالِ، وَيَهْتَمُّ بِأَدَاءِ المُفِيدِ مِنَ الهِوَايَاتِ، فَتَصْـقُلُ فِيهِ المَوَاهِبُ وَالقُدُرَاتُ، قَالَ تَعَالَى: ((وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ)) ( إِنَّ الشَّابَّ ذَا العَقْلِ السَّوِيِّ، وَالحَزْمِ القَوِيِّ، هُوَ مَنْ يَبْـتَعِدُ عَنْ كُلِّ مَا فِيهِ ضَرَرٌ لِصِحَّـتِهِ، حتَّى لاَ يَهْدِمَ طُمُوحَهَ وَمُستَقْبَلَ حَيَاتِهِ، فَاللهُ بِفَضْلِهِ وَرَحْمَتِهِ قَدْ أَحَلَّ الكَثِيرَ مِنَ الأَطْعِمَةِ الطَّيِّبَةِ، وَنَهَى بِحِكْمَتِهِ عَنِ الأَطْعِمَةِ الخَبِيثَةِ، قَالَ تَعَالَى: ((وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ))(5)، إِنَّ الإِسْلاَمَ حَرِيصٌ أَنْ يَسْـلُكَ المَرْءُ فِي جَمِيعِ مَرَاحِلِ حَيَاتِهِ مَسَالِكَ الخَيْرِ وَالسَّلاَمَةِ، وَيَبْـتَعِدَ عَنْ طُرُقِ الشَّرِّ وَمَا يَجُرُّهُ لِلْحَسْرَةِ وَالنَّدَامَةِ، لِذَلِكَ فَعَلَى الشَّابِّ ألاَّ يُصَاحِبَ إِلاَّ الجَلِيسَ الصَّالِحَ، وَالصَّدِيقَ المُفِيدَ النَّاصِحَ. فَاتَّقُوا اللهَ وَاعلَمُوا أنَّهُ يَجِبُ أَنْ تَتَضَافَرَ الجُهُودُ لِتَوْجِيهِ الشَّبَابِ إِلى مَا فِيهِ صَلاَحُهُمْ وَنَفْعُهُمْ؛ فَلْنَتَعاوَنْ عَلَى تَوْجِيهِهِمُ التَّوْجِيهَ الصَّالِحَ الرَّشِيدَ، وَلْنَكُنْ قُدْوَةً لَهُمْ فِي الخَيْرِ، فَبِذَلِكَ تَنْعَمُ مُجتَمَعَاتُنَا وَيَرتَقِي وَطَنُنَا. أقُولُ قَوْلي هَذَا وَأسْتغْفِرُ اللهَ العَظِيمَ لي وَلَكُمْ، فَاسْتغْفِرُوهُ يَغْفِرْ لَكُمْ إِنهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ، . *** *** *** |
6/2/2014, 01:43 PM | رقم المشاركة : ( 3 ) | ||||
ادارة منتديات المهندسين العرب
|
رد: الـشَّبابُ ثـروةُ الـوَطَـنِ
شكرا على المرور
|
||||
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
Google Adsense Privacy Policy | سياسة الخصوصية لـ جوجل ادسنس
^-^ جميع آلمشآركآت آلمكتوبهـ تعبّر عن وجهة نظر صآحبهآ ,, ولا تعبّر بأي شكلـ من آلأشكآل عن وجهة نظر إدآرة آلمنتدى ~