عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 25/3/2024, 08:30 PM
الصورة الرمزية محمود الاسكندرانى
 
محمود الاسكندرانى
كبير مشرفين المنتدى الاسلامى والبيت العائلى

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  محمود الاسكندرانى غير متصل  
الملف الشخصي
رقم العضوية : 105086
تاريخ التسجيل : Jun 2008
العمـر :
الـجنـس :
الدولـة :
المشاركـات : 2,444 [+]
آخــر تواجـد : ()
عدد الـنقـاط : 271
قوة التـرشيـح : محمود الاسكندرانى يسعي للتميزمحمود الاسكندرانى يسعي للتميزمحمود الاسكندرانى يسعي للتميز
new الجمع بين الخوف والرجاء




اتقوا الله تعالى، ورجوا رحمته فأكثروا من الأعمال الصالحة، وخافوا من عقابه، فتجنبوا الأعمال السيئة، فإن الله سبحانه وتعالى خلق النار وأعدها للكافرين، وخلق الجنة وأعدها للمتقين، واعلموا أنَّ الجنة محفوفة بالمكاره، وأنَّ النَّار محفوفة بالشهوات، وذلك أنَّ الجنة لا تنال إلا بالأعمال الصالحة بعد رحمة الله سبحانه وتعالى، والأعمال الصالحة شاقة على النفوس لأن فيها الجهاد في سبيل الله، وفيها قيام الليل، وفيها صيام النهار، وفيها الصبر على الطاعات والثبات عليها والمداومة عليها كل هذه أمور تشق على النفوس، فالجهاد فيه قتل وجراح وفيه مشقة، وقيام الليل فيه ترك للنوم والراحة، وصيام النهار فيه ترك للشهوات والمطاعم والمشارب، وهكذا جميع الطاعات فيها فطام للنفوس عن شهواتها وإتعاب لها بالعمل الصالح، والنفوس أمارة بالسوء إلا ما رحم ربي وميالة إلى الكسل والعطالة، وأما النَّار فهي محفوفة بالشهوات - والعياذ بالله - من شرب الخمر، والزنا، والسرقة، وقتل النفوس وغير ذلك من الأعمال السيئة، فهي دار العصاة، وهي محفوفة بالشهوات فمن اتبع شهواته المحرمة دخل النار، ومن فطم نفسه عن شهواتها المحرمة دخل الجنة وهذا هو جهاد النفس يا عباد الله، وهو أول أنواع الجهاد في سبيل الله، فمن لم يجاهد نفسه فإنه لا يجاهد غيره، بل لابد من جهاد النفس وإلزامها بطاعة الله حتى يأخذها إلى الخير ويأخذها إلى سعادتها: (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا*وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا)، والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني.

فاتقوا الله، عباد الله، والخوف من عقاب الله نوع من أنواع العبادة، ورجاء ثوابه نوع آخر من أنواع العبادة، فلا بد أن يجمع المسلم بين الخوف والرجاء دائما، فلا يغلب جانب الخوف، فيكون من الخوارج الذين يكفرون بالمعاصي ويخلدون أصحابها في النار ولا يغلب جانب الرجاء فيكون من المرجئة الذين يزهدون في الأعمال ويزهدون فيها ولا يقيمون لها وزناً أو يقللون من شأنها، والاعتماد على الخوف قنوط من رحمة الله: (وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلاَّ الضَّالُّونَ)، (إِنَّهُ لا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الكَافِرُونَ)، والاعتماد على الرجاء فقط أمن من مكر الله: (أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ)، فالله سبحانه وتعالى أمرنا بالجمع بين الخوف والرجاء، وهذه طريقة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام: (إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ)، (أُوْلَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمْ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ)، هذه طريقة الأنبياء الجمع بين الخوف والرجاء لا يعتمدون ولا يرجحون جانباً دون الآخر، فلا ييئسون من رحمة الله مهما عظمت الذنوب لا ييئسون ولا ييئسون غيرهم من رحمة الله؛ بل يتوبون إلى الله من جميع الذنوب، والله يغفر الذنوب جميعا: (قُلْ يَا عِبَادِي الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ* وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمْ الْعَذَابُ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ)، ولما قتل رجل من بني إسرائيل مئة نفس ظلما وعدوناً، سأل: هل له من توبة؟ فدلوه على عالم من علمائهم، فسأله أنه قتل مئة نفس فهل له من توبة؟ قال: نعم، ومن يحول بينك وبين التوبة ولكنك بأرض سوء، فذهب إلى أرض كذا وكذا فإن فيها أناساً صالحين يعبدون الله فعبد الله معهم فتاب الرجل، وخرج مهاجرا من أرض السوء إلى الأرض الصالحة فأدركته الوفاة في الطريق بينهما، فاختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب، ملائكة الرحمة يقولون: إنه جاء تائباً إلى الله عز وجل، وملائكة العذاب يقولون: أنه لم يعمل خيرا قط، فأرسل الله إليهما ملكًا بصورة رجل يحكم بينهما، فقال: قيسوا ما بين البلدتين، فقاسوا ما بين البلدتين فوجدوه أقرب إلى الأرض الطيبة بشبر فقبضته ملائكة الرحمة.

فالمسلم لا ييئس من رحمة الله فإنه إذا أيس من رحمة الله استمر في الذنوب والمعاصي، وإذا رجاء رحمة الله فإنه يتوب ويعمل الطاعات والخيرات، والله يقبل من تاب وأناب، كان رجل من بني إسرائيل يرى أخاه على المعصية فينهاه، ثم يراه مرة ثانية فينهاه، ثم بعد ذلك لما لم ينتهي قال هذا الرجل: والله لا يغفر الله لفلان، قال الله سبحانه: "مَنْ ذَا الَّذِي يَتَأَلَّى عَلَىَّ ـ أي يحلف علي ـ أَنْ لاَ أَغْفِرَ لِفُلاَنٍ فإِنِّي قَدْ غَفَرْتُ لَه وَأَحْبَطْتُ عَمَلَكَ" لماذا؟ لأنه يئس من رحمة الله، فقال: والله لا يغفر الله لفلان حلف أن الله لا يغفر لفلان، فهو أيس من رحمة الله فسبب ذلك له غضب الله عليه، فقال الله له: "إِنِّي قَدْ غَفَرْتُ لَه وَأَحْبَطْتُ عَمَلَكَ"، فلا يقنط الإنسان من رحمة الله، كما أنه لا يأمن من عذاب الله عز وجل فيكون بين الخوف والرجاء، وهذه عقيدة أهل السنة والجماعة الجمع بين الخوف والرجاء، وهذا هو الصراط المستقيم الذي يسير عليه المسلم، من أنواع الصراط المستقيم أنه يكون بين الخوف والرجاء، فيخاف من ذنوبه فيتوب، ويرجو رحمة الله فيكثر من الحسنات والطاعات، هذا هو الصراط المستقيم، الذي يسير عليه المسلم وما خالفه فهو طريق أهل الضلال إما الخوارج وإما المرجئة.

فعلى المسلم، أن يعرف هذا، وأن يسير على هذا الطريق، يرجو رحمة ربه، ويخاف من عذابه يكثر من الطاعات ويتوب من المعاصي، ويلزم الطريقة الصحيحة حتى يموت عليها ويلقى ربه عليها، فيدخل الجنة.

فاتقوا الله، عباد الله، اتقوا الله، لا تهملوا أنفسكم، ولا تغفلوا عن الجنة والنار، فإنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كان دائما يذكر أصحابه بالجنة والنار ويرفع صوته بذلك لأنهم لئلا يغفلوا عن الجنة والنار، فيسرح ويمرح فيما هم فيه من اللهو والغفلة والإعراض.

فاتقوا الله، عباد الله، لازموا الاستغفار والتوبة قال صلى الله عليه وسلم: "كُلُّكم خَطَّاءٌ وَخَيْرُ الْخَطَّائِينَ التَّوَّابُونَ"، فأكثروا من التوبة والاستغفار مهما عظمت الذنوب، ومهما تكاثرت فإن الله يغفرها جميعا لمن تاب إليه سبحانه، الشرك أعظم الذنوب وإذا تاب العبد من الشرك تاب الله عليه وقبله، وغفر له فكيف بغيره من الذنوب، فلا تقنطوا من رحمة الله ولا تأمنوا عذاب الله؛ بل كونوا دائمين متذكرين لهذا وهذا، بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعنا وإياكم بما فيه من البيان والذكر الحكيم، أقول قولي هذا، واستغفر الله لي ولكم ولجميع المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

اللهم اجعلنا من أهل القرآن، وارزقنا تلاوته آناء الليل وأطراف النهار يا رحمن، اللهم بارِكْ لنا في القرآن العظيم، وانفعنا بما فيه من الآيات والذكر الحكيم.

الشيخ صالح الفوزان

توقيع » محمود الاسكندرانى

 

مواضيعيردودي
 
من مواضيعي في المنتدي

رد مع اقتباس