المهندسين العرب - سنرحل ويبقي الأثر

سنرحل ويبقي الأثر

.الحمد لله وكفي والصلاة والسلام علي من اصطفي وبعد
حدثتني نفسي بحديث ذو شجون وجدت طعمه في حلقي كالعلقم بعد أن ظهرت شبه ابتسامة علي وجهي وأنا أقرأ مقولة من أقوال بعض المشاهيرعن النفس البشرية فقرأت مقولة صبيانية "لبجيمز بول مكارتني " الذي ولد في إنجلترا في مدينة ليفربول (James Paul McCartney)
و هو مغني وموسيقي وشاعر غنائي بريطاني ، وعضو فرقة البيتلز السابقة يقول فيها " أنا نباتي لأنني أدركت أنه حتى الدجاجة الصغيرة تعاني من الألم والخوف ويتم تربيتها في اقفاص لا في بيئتها قبل ان يتم ذبحها، كما انها تشعر بمجموعة من المشاعر والعواطف لأنها ايضا كائن حي تستحق الحياة، ربما لن يفهم الحيوانيين ما قلته. "
قلت أنا (سيد مبارك) ولا حتي البني آدمين سيفهموا مقولتك!
أن مشاعر أمثاله من الغربيين والمدافعين عن حقوق الحيوان ممن هم علي شاكلته في أحاديثهم وهجومهم علي شعيرة من شعائر المسلمين كل سنة، وهي الأضحية في العيد وكلامهم عن الرحمة بالحيوان ليثير الضحك.
مشاعرهم حساسة ورقيقة جداً وهم في الواقع قلوبهم متحجرة وقاسية فيما يخص الإنسانية إلا من قلة منهم، وليس لهم ثواب لأعمالهم في الآخرة لكفرهم بالله كما لا يخفي وأن كان لهم الثناء في الدنيا .
يموت بسبب ساستهم وتحجر قلوبهم أطفال ونساء من بني الإنسان في دول العالم المتخلف حسب قولهم في عز النهار بلا جريرة إلا مطالبتهم بحق الحياة مثل سائر خلق الله، وأمام بصر العالم كله جهارا نهاراً ، يثيرون الحروب والجرائم والمكائد بما لهم من جبروت المال والسلاح ، وحب الهيمنة علي مقدرات الشعوب المغلوبة علي أمرها ، ويشبع قادتهم وسفهائهم بهم تقتيلا وتعذيبا وتنكيلاً بسبب السياسة و العنصرية أو الكراهية والحقد علي الإسلام ونبي الإسلام ..الخ
ولا تهتز لهم شعرة ولا حديث لهم عن المشاعر الإنسانية وحقوق الإنسان إلا لمن هم علي هواهم وتبعيتهم، وبرعوا بشعارات عن الحرية والديموقراطية والحق والفضيلة وحرية الأديان و..و..إلي أخره
ويثيرهم ذبح فرخة أو خروف ويصفون طريقة الذبح بالقسوة والتعذيب واتهام الإسلام بأنه يحب إراقة الدماء،وأردت أن اضحك لما يجول في نفسي ولكن ضحك كالبكا.
وأما عن الرحمة فهم لا رحمة لديهم فيصعقون الحيوان أو يضربونه حتي الموت وفيها تعذيب للحيوان أو يخدرونه وكلها طرق تؤدي لبلاوي صحية يعلمها أهل الاختصاص عند انحباس الدم وعدم خروجه بالذبح الشرعي الذي هو الهام من الله لنبيه حفظا لصحة المسلمين ورحمة بالحيوان الذي بمجرد الذبح يتوقف الدم عن المخ فلايشعر الحيوان بالسكين ويموت فوراً لو كانوا يعقلون وهم يعلمون ولكنه الحقد ليس إلا.
وبيننا وبينهم الله وعلي كل حال سنرحل وسيرحلون ويبقي الأثر ولنا الفرحة أن شاء الله لمن أفلح منا،ولهم الحسرة والندامة يوم القيامة أجمعين إلا من تاب وآمن وأسلم لله رب العالمين.
, قد ينطلي هذا الكلام علي بعض المتأسلمين منا ممن ينجذب للفكر الغربي وشطحاته والحاده، ويظن أنه رقي ويحرضه شيطانه وحب الدنيا وكراهيتة لكل ماهو إسلامي لغلبة الهوي وهم من قال الله فيهم (وَيَوْمَ يَعَضُّ ٱلظَّالِمُ عَلَىٰ يَدَيْهِ يَقُولُ يَٰلَيْتَنِى ٱتَّخَذْتُ مَعَ ٱلرَّسُولِ سَبِيلًا)-الفرقان/27
إلا من رحم ربي منهم وتاب إلي ربه ومولاه قبل يوم الندامة يوم يقول وهيهات هيهات فقد فات الآوان (حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ -)- المؤمنون 99 – 100
فالإسلام أرحم بتعاليمه وسموه من هؤلاء المخرفين والمفسدين بل يبين لنا بتعاليمه السمحة وشريعته الغراء كيف أن رجلاً دخل الجنة بسبب كلب سقاه ،ولم يشير الحديث عن صلاته وورعه وقربه بل جعل اسمي اعماله الذي رضي به عنه ربه
وأدخله بسببه الجنة هو رحمته بالحيوان ، وكذلك علي النقيض امرأة دخلت النار بسبب هرة حبستها .
أعمال قد تكون بسيطة في نظر عامة المسلمين وعادية تمر علي الكثير منا ،ولا يهتم بها إلا من رحم، والقليل من يعينه الله علي مرضاته ، وهاهو رجلاً يسأل النبي (أي الأعمال أحب إلى الله)؛ فأجاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم إجابةً بليغة، وهو الذي قد أوتي جوامع الكلم، قال: (أدْوَمُها وإنْ قلَّ) القليل من الأعمال التي ترضي الله وتداوم عليها فيها نجاتك!
فالله خلق الخلق وهو الذي أباح للإنسان ما شاء وسخره لذلك وحرم ما شاء.
فالخلق له هو أعلم بما يصلحهم وما يضرهم (أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (14))-الملك
وعلي كل حال سنرحل وسيرحلون ويبقي الأثر.
(مَّنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ ۖ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا ۗ وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ (46))-فصلت
وذكرني حالهم بمقوله لعملاق من عمالقة الفكر والفقه الإسلامي وهو الأمام الشافعي عليه سحائب الرحمة لو عمل بها من هداه الله لأفلح وفاز، فقد قال:" إذا حار أمرك في شيئين ولم تدري حيث الخطأ والصواب ،فخالف هواك فإن الهوى يقود النفس إلى ما يعاب. "
وعلي كل حال مقولة الشافعي أخذتني للتفكير في حالتي وأنا مازلت أعاني من أثار حادثة صعبة كنت أقرب للموت منها للحياة ، وعمليات متنوعة في سنوات عمري وغداً الحقنة الأولي للعين بعملية بسيطة غير ما سبق لعلاجها والثانية بعد شهر.
وتذكرت قوله تعالي (الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا * وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ (2))-الملك
وقلت لنفسي اتأمل ما سبق لقد مرت طفولتنا بسرعة بين لعب ولهو وشقاوة عيال، ثم فترة الصبا والمراهقة بأقل الخسائر والأفعال التي فيها ما لا يرضي ربي من صغائر الذنوب ولله الحمد علي كل حال ، فقد كنت بطبيعتي أحب العزلة وخجول لأقصي حد لا أكثر من الخروج ولا أحب الاختلاط بالناس ،واستريح في وجودي بالبيت واعكف علي القراءة والدراسة، ثم فترة الشباب والرجولة والعمل والالتزام منذ أكثر من ثلاثين عاماً ولا أدري ماكتب الله لي فيها.
ثم الزواج ثم كوني أبا ثم جداً ، مراحل حياتي تمر كشريط أمام عيني ،وما فيها من إيجابيات وسلبيات نسأل الله السلامة أنه عفو يحب العفو وهو أرحم الراحمين.
قلت لنفسي كل هذا مر وأصبحت علي مشارف الستين يا تري هل الله راض عني أو ساخط عليّ؟
وهل وهل وهل..!
أسئلة لا أجد لها جواب ،وخوفاً يعصف بنفسي كلما أقترب الرحيل وأعلم أن كلنا هذا الرجل ولكن الأعمال بالخواتيم.
وبهذه المناسبة من لا يرعبه ويثير كوامن الخوف في قلبه هذا الحديث الذي أخرجه مسلم وفيه(إِنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا ، ثُمَّ يَكُونُ فِي ذَلِكَ عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِكَ ، ثُمَّ يَكُونُ فِي ذَلِكَ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ ، ثُمَّ يُرْسَلُ الْمَلَكُ فَيَنْفُخُ فِيهِ الرُّوحَ ، وَيُؤْمَرُ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ : بِكَتْبِ رِزْقِهِ ، وَأَجَلِهِ ، وَعَمَلِهِ ، وَشَقِيٌّ أَوْ سَعِيدٌ ، فَوَالَّذِي لَا إِلَهَ غَيْرُهُ إِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إِلَّا ذِرَاعٌ ، فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ ، فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ ، فَيَدْخُلُهَا ، وَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ ، حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إِلَّا ذِرَاعٌ ، فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ ، فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ ، فَيَدْخُلُهَا )
ففي هذا الحديث بداية خلق الإنسان من نفخ الروح إلي خروجها منه... ونهايته
هي أربع كلمات أمر بها ربي بها نحيا وعليها نموت ..فمن يدري بما ختم الله لي ولكم؟
ومن أجمل االأقول التي قرأتها لسيدنا ومولانا "سفيان الثوري" الذي ذكر حكم هي تلطيف للقلب وطمأنينة له وبلسم للفزع وبث حسن الظن بالله ورحمته ودعوة لزيادة الأعمال الصالحة حتي الرحيل ولتبقي أثارنا الطيبة في قلوب أحبتنا ونسألكم الدعاء لنا بظهر الغيب في هذه الأيام ونحن كذلك.
مما قاله سيدنا سفيان الثوري –رحمه الله-: "أصلحْ سَرِيْرَتَك يصلح اللهُ علانيتَك، وأصلح فيما بينك وبين الله يصلحِ الله فيما بينك وبين الناس، واعمل لآخرتك يكفِك الله أمر دنياك، وبع دنياك بآخرتك تربَحْهما جَميعاً، ولا تبع آخرتك بدنياك فتخسرهما جميعاً".
وقال: احذر سخط الله في ثلاث: احذر أن تقصر فيما أمرك، احذر أن يراك وأنت لا ترضى بما قسم لك، وأن تطلب شيئاً من الدنيا فلا تجده أن تسخط على ربك.
وقال : اعمل للدنيا بقدر بقائك فيها .. و للآخرة بقدر بقائك فيها.
رحمه الله وحشرنا معه ومع هؤلاء العلماء الربانيون في كل عصر ومصر وجمعنا مع نبينا وصحابته في الجنة، وختم لنا ولكم بحسن الخاتمة في الدنيا والآخرة.
والخلاصة سنذهب جميعا وسنرحل ويبقي الأثر ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
وكتبه/ سيد مبارك