لست ادري لماذا تبكي السماء

[عبدالرحمن سيد]

عندما يأتى المساء تخلو الطرقات فأراها وكأنها جسور مهجورة لم تطئها قدم إنسان منذ عهد بعيد .
ذلك حينما أقف أمام نافذة صغيرة أنظر منها على حياةٍ فارقتها روحها
فى هذا الليل الغريب الذى تمتلئ مناجم ظلامه بالمكنونات والأسرار .
فى هذا الليل يحط السواد على كل شئ حتى صفحة السماء التى لا أرى فيها سوى نقاط بيضاء تسيل كدموعى على خديها الرقيقين ،
حالها كحالى فكلانا يبكى ولكن لست أدرى لماذا تبكى السماء !!
أتبكى رأفة بى ... ،
أم تبكى مثلى على حبيبٍ أحبته دون أن يشعر بها فألمت بقلبها المتاعب وأنهكتها الآلام ..
شعور مميت قاتل أن تشعر أنك تحيا لنفسك فقط ،
أن تشعر أنك بعيد عن كل الناس ،
أن لا تجد من البشر قريباً يصاحبك الليل أو رفيقاً يساندك النهار ،
أن لا تجد من تتحدث إليه فتناجى نفسك بما يشبه الهمس ..
تتكلم وترد على كلامك .. تقول ما تسمع ..
تسمع صدى صوتك يتردد فى آذانك ..
لا تصغى سوى لصوت الرياح يداعب أوراق الشجر ،
رفرفة أجنحة الطيور فى أعشاشها الدافئة ، إلى قفزات الأسماك الصغيرة فى جداول المياه ..
هذا أنا وهذه حياتى وهؤلاء هم من أعرفهم سواد الليل
وصوت الرياح وأجنحة الطيور والأسماك الصغيرة فى جداول المياه قرب نافذتى ،
لا صوت آخر ولا رفيق ولا قريب ولا حبيب فقط وحيدًُ وحيد وحيد
أمسيت لا أحتمل فقد سئمت وحدتى
لذا تركتها وخرجت أسير فى هذا المساء
وقد حُفرت على وجهى معالم الحزن ليبدو كمقبرة قديمة
عليها الطلاسم والنقوش التى تظل ملتصقة بها حتى يفنى العالم ولا تفنى .
وأخذت أسير إلى أين ؟ أو إلى متى ؟ أو لماذا ؟ ،
لم أهتم فقط أسير وأنا فى طريقى
رآنى واقترب منى وقد شعر بلهيب آلامي وآناتى تتردد فى صدى أنفاسى ربت على كتفى فبكيت . ضمنى إلى صدره حتى كفكفت دموعى وسألنى فرويت له قصتى وطلاسم حيرتى ،
فنصحنى ....أن أترك الأيام للأيام ،
فمن لم يشعر اليوم سيعى غداً أنه بلا إحساس ،
ومن لم يحب اليوم غداً سيحب وسيندم على أيامٍ مرت وقلبه خالٍ بلا نبض .. وهكذا رافقنى الليل يحاورنى وأحاوره . أشكى ويسمعنى .
أبكى ويربت على كتفى .
وقرب الفجر قال أسألك الرحيل فقلت إلى ميعاد فصرت دوماً أنتظره حينما تخلو الطرقات أنتظره عندما يأتى المساء ..

[tahawajeh]

الف الف شكر
منقول للقسم المختص