|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
أحوال الناس في يوم القيامة(حال الكفار)
تختلف أحوال الناس في ذلك اليوم اختلافاً بيناً ، وسنعرض هنا لثلاثة : الكفار ، وعصاة الموحدين ، والأتقياء الصالحين . حال الكفار ذلتهم وهوانهم وحسرتهم ويأسهم الذي يتأمل في نصوص الكتاب والسنة التي تحدثنا عن مشاهد القيامة يرى الأهوال العظام والمصائب الكبار التي تنزل بالكفرة المجرمين في ذلك اليوم العظيم . وسنعرض في هذا المبحث بعض المشاهد التي يصفها القرآن الكريم . 1- قال تعالى مبيناً حال الكفار عند خروجهم من القبور : ( يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ سِرَاعًا كَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُبٍ يُوفِضُونَ - خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ذَلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ ) [ المعارج : 43-44 ] . والأجداث هي القبور ، والنص يصور سرعة خروجهم من القبور في ذلك اليوم منطلقين إلى مصدر الصوت كأنهم يسرعون إلى الأنصاب التي كانوا يعبدونها في الدنيا ، ولكنهم اليوم لا ينطلقون فرحين أشرين بطرين كما كان حالهم عندما كانوا يقصدون الأنصاب ، بل هم أذلاء ، أبصارهم خاشعة ، والصغار يعلوهم ، على النعت الذي كان يعدهم الله به في الدنيا . 2- وقال تعالى : ( فَتَوَلَّ عَنْهُمْ يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ إِلَى شَيْءٍ نُّكُرٍ - خُشَّعًا أَبْصَارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُّنتَشِرٌ - مُّهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ يَقُولُ الْكَافِرُونَ هَذَا يَوْمٌ عَسِرٌ ) [ القمر : 6- 8 ] . وهذه الآية تنص على ما نصت عليه الآيات السابقة من خروجهم خاشعي الأبصار أذلاء ، مسرعين إلى مصدر الصوت الذي يناديهم ويدعوهم ، وتزيدنا بياناً بإعطائنا صورة حية لمشهد البعث والنشور ، فحالهم في ذلك اليوم في حركتهم وانطلاقتهم وهم يخرجون مسرعين كحال الجراد المنتشر ، ويفيدنا النص أيضاً اعتراف الكفار في ذلك اليوم بصعوبة موقفهم ( يَقُولُ الْكَافِرُونَ هَذَا يَوْمٌ عَسِرٌ ) [ القمر : 8 ] . 3- ويفيدنا نص ثالث أن الكفار ينادون بالويل والثبور عندما ينفخ في الصور متسائلين عمن أقامهم من رقدتهم . ( وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُم مِّنَ الْأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنسِلُونَ - قَالُوا يَا وَيْلَنَا مَن بَعَثَنَا مِن مَّرْقَدِنَا ) [يس : 51-52] . وقد كان أبو محكم الجسري يجتمع إليه إخوانه ، وكان حكيماً ، فإذا تلى الآية السابقة بكى ، ثم قال : " إن القيامة ذهبت فظاعتها بأوهام العقول ، أما والله لئن كان القوم في رقدة مثل ظاهر قولهم ، لما دعوا بالويل عند أول وهلة من بعثهم ، ولم يوقفوا بعد موقف عرض ولا مسألة إلا وقد عاينوا خطراً عظيماً ، وحقت عليهم القيامة بالجلائل من أمرها ، ولكن كانوا في طول الإقامة في البرزخ يألمون ويعذبون في قبورهم ، وما دعوا بالويل عند انقطاع ذلك عنهم ، إلا وقد نقلوا إلى طامة هي أعظم منه ، ولولا أن الأمر على ذلك ما استصغر القوم ما كانوا منه ، فسموه رقاداً ، وإن في القرآن لدليلاً على ذلك : ( فإذا جاءت الطامة الكبرى ) [ النازعات : 34 ] ، ثم يبكي حتى يبل لحيته " (1) . 4- ويضيف نص آخر ملامح جديدة إلى صورتهم حال بعثهم ، فأبصارهم لشدة الهول شاخصة جاحظة ، وأفئدتهم خالية إلا من الهول الذي يحيط بهم ، قال تعالى : ( وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ - مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لاَ يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاء ) [ إبراهيم : 42-43 ] . يقول الأستاذ سيد قطب – رحمه الله وأجزل له المثوبة – في تفسير هذه الآيات : "والرسول صلى الله عليه وسلم – لا يحسب الله غافلاً عما يعمل الظالمون ، ولكن ظاهر الأمر يبدو هكذا لبعض من يرون الظالمين يتمتعون ، ويسمع بوعيد الله ، ثم لا يراه واقعاً بهم في الحياة الدنيا ، فهذه الصيغة تكشف عن الأجل المضروب لأخذهم الأخذة الأخيرة ، التي لا إمهال بعدها ، ولا فكاك منها ، أخذهم في اليوم العصيب الذي تشخص فيه الأبصار من الفزع والهلع ، فتظل مبهوتة مذهولة ، مأخوذة بالهـول لا تطرف ولا تتحـرك . ثم يرسم مشهداً للقوم في زحمة الهول .. ، مشهدهم مسرعين لا يلوون على شيء ، ولا يلتفتون إلى شيء ، رافعين رؤوسهم ، لا عن إرادة ، ولكنها مشدودة ، لا يملكون لها حراكاً . يمتد بصرهم إلى ما يشاهدون من الرعب ، فلا يطرف ولا يرتد إليهم ، وقلوبهم من الفزع خاوية خالية ، لا تضم شيئاً يعونه أو يحفظونه ، أو يتذكرونه ، فهي هواء خاوية . هذا هو اليوم الذي يؤخرهم الله إليه ، حيث يقفون في هذا الموقف ، ويعانون هذا الرعب ، الذي يرتسم من خلال هذه المقاطع الأربعة ، مذهلاً آخذاً بهم كالطائر الصغير في مخالب الباشق الرعيب : ( إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ - مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لاَ يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاء ) [ إبراهيم : 42-43 ] . فالسرعة المهرولة المدفوعة ، في الهيئة الشاخصة المكروهة المشدودة ، مع القلب المفزع الطائر الخاوي من كل وعي من الإدراك .. كلها تشي بالهول الذي تشخص فيه الأبصار " (2) . 5- ويصور القرآن الفزع الذي يسيطر على نفوس الكفار في يوم الموقف العظيم فيقول : ( وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ ) [ غافر : 18 ] . " والآزفة ... القريبة العاجلة ...هي القيامة ، واللفظ يصورها كأنها زاحفة والأنفاس من ثم مكروبة لاهثة ، وكأنما القلوب المكروبة تضغط على الحناجر ، وهم كاظمون لأنفاسهم ولآلامهم ولمخاوفهم ، والكظم يكربهم ، ويثقل على صدورهم ، وهم لا يجدون حميماً يعطف عليهم ، ولا شفيعاً ذا كلمة تطاع في هذا الموقف العصيب المكروب " (3) . 6- وما كان هؤلاء في حكم الله مجرمين متمردين على خالقهم وإلههم ، مستكبرين عن عبادته وطاعته – فإنه يؤتى بهم إلى ربهم وخالقهم مقرنين في الأصفاد ، مسربلين بالقطران تغشى وجوههم النار ، ويا لفظاعة حالهم ، وعظم ما يلقون ( يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ وَبَرَزُواْ للّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ - وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُّقَرَّنِينَ فِي الأَصْفَادِ - سَرَابِيلُهُم مِّن قَطِرَانٍ وَتَغْشَى وُجُوهَهُمْ النَّارُ ) [ إبراهيم : 48-50 ] . يقول الطبري رحمه الله في تفسير هذه الآيات : " وتعاين الذين كفروا بالله ، فاجترموا في الدنيا الشرك يومئذ ، يعني يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات ، ( مُّقَرَّنِينَ فِي الأَصْفَادِ ) [ إبراهيم : 49 ] ، يقول : مقرنة أيديهم وأرجلهم إلى رقابهم بالأصفاد ، وهي الوثاق من غل وسلسلة ، واحدها صفد " (4) . والسرابيل : هي القمص التي يلبسونها ، والقطران : المادة التي تطلى بها الإبل إذا أصابها الجرب ، وقيل : القطران النحاس . 7- وتدنو الشمس من رؤوس العباد في ذلك اليوم حتى لا يكون بينها وبينهم إلا مقدار ميل واحد ، ولوا أنهم مخلوقون خلقاً غير قابل للفناء لانصهروا وذابوا وتبخروا ، ولكنهم بعد الموت لا يموتون . ويذهب عرقهم في الأرض حتى يرويها ، ثم يرتفع فوق الأرض ، ويأخذهم على قدر أعمالهم . ففي صحيح مسلم عن المقداد بن الأسود قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " تدنى الشمس يوم القيامة من الخلق ، حتى تكون منهم كمقدار ميل " . قال سليم بن عامر : فوالله ما أدري ما يعني بالميل ؟ أمسافة الأرض ، أم الميل الذي تكتحل به العين . قال : " فيكون الناس على قدر أعمالهم في العرق ، فمنهم من يكون إلى كعبيه . ومنهم من يكون إلى ركبتيه . ومنهم من يكون إلى حقويه . ومنهم من يلجمه العرق إلجاماً " . قال : وأشار رسول الله بيده إلى فيه (5) . وفي صحيحي البخاري ومسلم عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم : ( يوم يقوم الناس لرب العالمين ) [ المطففين : 6 ] ، قال : " يقوم أحدهم في رشحه إلى أنصاف أذنيه " (6) . وفي صحيحي البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " يعرق الناس يوم القيامة حتى يذهب عرقهم في الأرض سبعين ذراعاً ، ويلجمهم حتى يبلغ آذانهم " (7) . 8- وعندما يرى الكفار العذاب والهوان الذي يصيبهم ويصيب أمثالهم من الكفرة المشركين يأخذهم الحسرة والندم ، ولكثرة حسرة العذاب سمى الله ذلك اليوم بيوم الحسرة ( وأنذرهم يوم الحسرة إذ قضى الأمر وهم في غفلةٍ وهم لا يؤمنون ) [ مريم : 39 ] . ولشدة تحسر الكفار وندمه على عدم اتباعه للرسول الذي بعثه إليه ، واتباعه لأعداء الرسل ، فإنه يعض على يديه ( وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا - يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا - لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنسَانِ خَذُولًا ) [ الفرقان : 27-29 ] . 9- وفي ذلك اليوم يوقن الكفار أن ذنبهم غير مغفور ، وعذرهم غير مقبول ، فييأسوا من رحمة الله ( وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُبْلِسُ الْمُجْرِمُونَ ) [الروم : 12] . 10- ويتمنى الكفار في ذلك اليوم أن يهلكهم الله ، ويجعلهم تراباً ( يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَعَصَوُاْ الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الأَرْضُ ) [ النساء : 42 ] ، ( وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنتُ تُرَابًا ) [ النبأ : 40 ] ، فما بالك بأقوام كانت مناياهم هي غاية المنى !! . -------------------------------- (1) النهاية لابن كثير : (1/274) . (2) في ضلال القرآن : (4/2111) . (3) في ضلال القرآن : (6/3074) . (4) تفسير ابن جرير الطبري : (13/254) . (5) صحيح مسلم ، كتاب الجنة ، باب في صفة القيامة (4/2196) ، ورقمه : (2864) . (6) رواه البخاري في كتاب الرقاق ، باب قول الله تعالى : ( ألا يظن أولئك أنهم مبعوثون ) [ المطففين :4] ، فتح الباري ، (11/392) . ورواه مسلم في كتاب الجنة وصفة نعيمها ، باب في صفة يوم القيامة ، (4/2196) ، ورقمه :2862 . (7) المصادر السابقة ، والسياق للبخاري التعديل الأخير تم بواسطة انور حافظ احمد ; 2/5/2009 الساعة 03:00 PM سبب آخر: أحوال الناس في يوم القيامة(حال الكفار) |
10/5/2009, 11:06 AM | رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||
استاذ فضائيات
|
رد: أحوال الناس في يوم القيامة(حال الكفار)
|
||||
10/5/2009, 11:15 AM | رقم المشاركة : ( 3 ) | ||||
بـاشـمهندس
|
رد: أحوال الناس في يوم القيامة(حال الكفار)
اللهم اجرنا واجر والدينا والمسلمين من النار
|
||||
10/5/2009, 03:48 PM | رقم المشاركة : ( 4 ) | ||||
كبار الشخصيات
|
رد: أحوال الناس في يوم القيامة(حال الكفار)
تقبل الله منا ومنك وأحسن الله لنا ولك الختام
|
||||
11/5/2009, 02:58 AM | رقم المشاركة : ( 5 ) | |||
مـهـند س مـحـتـرف
|
رد: أحوال الناس في يوم القيامة(حال الكفار)
|
|||
24/6/2009, 02:39 AM | رقم المشاركة : ( 8 ) | ||||
مـهـند س مـحـتـرف
|
رد: أحوال الناس في يوم القيامة(حال الكفار)
جزاك الله خيرا
|
||||
24/6/2009, 09:15 PM | رقم المشاركة : ( 9 ) | ||||
مـهـند س مـمـيـز
|
رد: أحوال الناس في يوم القيامة(حال الكفار)
جزاك الله خيرا
|
||||
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
Google Adsense Privacy Policy | سياسة الخصوصية لـ جوجل ادسنس
^-^ جميع آلمشآركآت آلمكتوبهـ تعبّر عن وجهة نظر صآحبهآ ,, ولا تعبّر بأي شكلـ من آلأشكآل عن وجهة نظر إدآرة آلمنتدى ~