|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الإيثار في حياتنا المعاصرة بين الواقع والمأمول
الإيثار في حياتنا المعاصرة بين الواقع والمأمول. عباد الله: إن من ينظر إلى واقعنا المعاصر يجد أنه قد انتشرت فيه صفاتٌ مقابلة للإيثار كالجشع والطمع والشح والبخل والأثرة والأنانية وحب النفس؛ فالفرد يؤثِرُ ذاتهُ على كلِّ نفس ، يبني حياته على موت الناس ، وغِناه على فقر الناس ، ومجده على أنقاض الناس ، وأَمنه على خوف الناس !! إن شرّ ما يصيب المجتمع هو التفكك وضعف الروابط بين أبنائه، وذلك بغلبة الأثرة والأنانية على أنفسهم، عندما يذكر المرء نفسه، وينسى أخاه، عندما يقول كل واحد: نفسي نفسي. عندما يقول كل فرد فيه: لي، ولا يقول: علي. عندما تعظُم الأنانية في نفسه على حساب غيره!! أيها المسلمون: ما أحوج الأمة الإسلامية في هذه الظروف الراهنة؛ والأزمات القاسية إلى خلق الإيثار ؛ واعلم أخي المسلم أن اللقمة أو الشربة أو العون الذي تقدمه للآخر وتؤثره على نفسك تجده عند الله تعالى: { وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا}( المزمل: 20)؛ ” يقول أبو سليمان الدَّارني: لو أنَّ الدُّنْيا كلَّها لي فجعلتها في فم أخ مِن إخواني لاستقللتها له. وقال أيضًا: إنِّي لألقم اللُّقمة أخًا مِن إخواني فأجد طعمها في حلقي.” ( إحياء علوم الدين للغزالي) أحبتى في الله: إنه الإيثار؛ الذي به تحصل الكفاية الاقتصادية والمادية في المجتمع، فطعام الواحد يكفي الاثنين، وطعام الاثنين يكفي الثلاثة، والبيت الكبير الذي تستأثر به أسرة واحدة مع سعته يكفي أكثر من أسرة ليست لها بيوت تؤويها. روى البخاري ومسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «طَعَامُ الِاثْنَيْنِ كَافِي الثَّلاَثَةِ، وَطَعَامُ الثَّلاَثَةِ كَافِي الأَرْبَعَةِ». إنه الإيثار؛ الذي يزرع في النفوس المودة والمحبة، والرأفة والرحمة، وينزع من القلوب الكراهية والبغضاء، فإن القلوب مجبولة على تعظيم صاحب الإيثار ومحبته، كما أنها مجبولة على بغض البخيل المستأثر ومقته!! فمَن لليتيم إذا فشت الأثرة والأنانية وحب الذات في المجتمع؟! ومن للأرملة المسكينة…؟! ومن للفقير الجائع…؟! ومن للمشرد الضائع…؟!. من لهؤلاء إذا أصبح الكل يقول نفسي نفسي، ولا يهمه إلا مصالحه ومآربُه ؟!! فأين الإيثار الذي علمه النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم لأمته؟!! وأين الإيثار الذي تربى عليه الصحابة الكرام رضوان الله عليهم؟!! فأين هذه النماذج الكريمة؟! وأين هذه القلوب العظيمة؟! أين هي مِن نماذجِ اليوم؛ يوم صاح الأيتام، وصاحت الأرامل، وصاح المحتاج المكروب، فلم تجد هذه الحناجر لها مغيثاً غير الله جل جلاله؟! أين هذه القلوب الرحيمة؟! وأين الإيثار؟! يوم قُطِعَتِ الأرحام، فضلاً عن أخُوّة الإسلام، حتى اقتتل الرجلان على شبر من الأرض، وتهاجر الأخَوَان على متاع من الدنيا زائل! يوم سَبَّ المسلمُ أخاه، وانتهك عرضَه، واستباح غَيْبَتَه على متر أو مترين من الأرض، وإنا لله وإنا إليه راجعون !! فمتى نعود إلى خلق الإيثار؟ متى نتخلق بخلق الإيثار؟ متى نتخلى عن الأنانية وحب الذات؟ ومتى نطهر القلوب من الكراهية والأحقاد والضغائن؟…علينا أن نغير من أنفسنا: { إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} ( الرعد : 11) أيها المسلمون: علينا أن نتحلى بخلق الإيثار ونكون جميعا كالفرد الواحد وكالجسد الواحد؛ تسعد الأعضاء كلها بسعادته وتحزن لحزنه، ولا سيما في هذه المرحلة الحرجة. فعَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :”مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى”(مسلم)؛ وعَنْ أَبِي مُوسَى؛ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:” إِنَّ الْمُؤْمِنَ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا، وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ.” (متفق عليه)؛ وهنا تصوير بلاغي للتكافل والإيثار بين أفراد المجتمع صوره لنا النبي صلى الله عليه وسلم ؛ حيث شبه الأفراد باللبن في الجدار؛ وشبه المادة التي تمسك اللبن وتشد بعضه بعضا وهي ( الأسمنت المخلوط بالرمل – المونة ) بالعلاقات والتضامن والإيثار والتعاون الذي بين أفراد المجتمع؛ فإذا فسدت المادة التي تمسك البنيان وتشده فلا شك أن مصيره إلى زوال وانهيار وهدم ؛ وكذلك العلاقات الإنسانية والأخلاقية والإيثار بين أفراد المجتمع إذا فسدت فإن المجتمع مصيره كذلك إلى زوال وانهيار وهدم!!! فما أجمل أن نكون جميعا متعاونين متحابين متكافلين؛ فتسود بيننا علاقات الإيثار والود والمحبة والتراحم والتكافل !!!
|
12/11/2016, 12:10 PM | رقم المشاركة : ( 5 ) | ||||
كبير مراقبين عام منتديات المهندسين العرب
|
رد: الإيثار في حياتنا المعاصرة بين الواقع والمأمول
بارك الله فيك
|
||||
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
Google Adsense Privacy Policy | سياسة الخصوصية لـ جوجل ادسنس
^-^ جميع آلمشآركآت آلمكتوبهـ تعبّر عن وجهة نظر صآحبهآ ,, ولا تعبّر بأي شكلـ من آلأشكآل عن وجهة نظر إدآرة آلمنتدى ~