|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الإيجابية في حياتنا المعاصرة بين الواقع والمأمول
الإيجابية في حياتنا المعاصرة بين الواقع والمأمول إن من ينظر إلى واقعنا المعاصر يجد الكثير من الناس – إلا من رحم الله – عالة على غيره وأداة استهلاك لا أداة إنتاج؛ فهو بذلك رمزاً للسلبية التي تنخر في عظام المجتمع وتؤدي إلى تآكله وفنائه. إن الآفة التي أصابت الأمة حتى العقلاء الفاهمين منها هي آفة أنه واقف إلى أن يؤمر, سلبيٌ إلى أن يُحرَّك, ينتظر مَن يقول له افعل أو لا تفعل، وفي هذا كأنما احتقر عظيمًا وهبه الله إياه, فعطَّل في نفسه الذاتية, والإيجابية، والتفكير في مصير الأمة, وعطل في نفسه معنى المشاركة, واحتقر في نفسه أن يصلح ما يستطيع إصلاحه دون أن يأتيه أمر بإصلاحه!! وإذا تأملنا القرآن في قصصه وأحداثه، نجد أن الطيور والحشرات لها مواقف إيجابية بناءة وفعالة؛ فهذا هدهد سليمان عليه السلام مثلاً رائعاً في الإيجابية، ذاك الطائر الصغير في حجمه الكبير في همه، العظيم في تفكيره، وذلك حين انفرد بعمل إيجابي أدخل أمة كاملة في الإسلام، وما كان سليمان عليه السلام يعلم بذلك لولا حركة الهدهد التي قدرها الله جل جلاله، مع أنه عليه السلام سخرت له الأنس والجن والطير والرياح والملك والسلطان، ومع ذلك قام الهدهد بعمل إعلامي عظيم في نقل خبر ملكة سبأ قال تعالى يحكي قصة الهدهد مع سليمان:{ وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ } (النمل/20). هذه هي الذاتية التي استشعرها الهدهد, فلم ينتظر إذنًا من أحد وقام غِيرةً على دين الله, قام لكي ينظر أين دين الله في هؤلاء الناس؟!! إن المسلم أولى من الهدهد بالعمل الإيجابي والسعي وراء المصالح والبحث عن الخير. إن القرآن العظيم قص علينا خبر الهدهد في تقصيه الحقائق والأخبار ونقلها ، وقص علينا خبر النمل في حركته وحرصه على قوته ومدى تعاونه، وقص علينا خبر النحل في تعاونه وتعاضده، أفلا يكون الإنسان أولى من هذه الطيور والحشرات بالمشاركة الإيجابية والعمل الدءوب والحركة المتعاقبة المثمرة!! أيها المسلمون: ومن مظاهر الإيجابية في حياتنا المعاصرة كذلك حض الإسلام على الاختلاط بالناس وحضور جمعهم؛ ومجالس الذكر؛ وزيارة المريض؛ وحضور الجنائز؛ ومواساة المحتاج؛ وارشاد الجاهل. ومن دلائل الإيجابية دعوة الإسلام للإصلاح بين الناس وفض المنازعات بينهم، يقول تعالى: “لا خير في كثيرمن نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس” ،و قد دعا الاسلام الى تحمل المسئولية ، فلا يقف المسلم من الأحداث موقفاً سلبياً. فالمسلم مسئول عن نفسه وعن زوجته وأبنائه وعن مجتمعه ووطنه، يقول الرسول صلى الله عليه و سلم : “كلكم راع وكل راع مسئول عن رعيته، والأمير راع والرجل راع على أهل بيته، والمرأة راعية على بيت زوجها وولده فكلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته “(البخاري)، ومن بين ما يدعو إلى الإيجابية قول رسولنا الكريم: “المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً”(البخاري ومسلم)؛ ويقول الحديث النبوي الشريف: “المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه؛ من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته؛ ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة؛ ومن ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة”(البخاري ومسلم)؛ والإسلام يدعو المسلمين أن يكونوا أقوياء لقول الرسول الكريم “المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف “؛ (مسلم)؛ وهذا ولا يشك يدعو الإنسان للايجابية والعمل. عباد الله: إن الأمة الإسلامية كالجسد الواحد، فيجب أن نكون إيجابيين مع أنفسنا ومع مجتمعنا؛ وقد لخص لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الدين في كلمتين بقوله:” الدين النصيحة” (البخاري ومسلم)؛ وبهذه الكلمة يتضح لنا أنه إذا كنت سلبياً فعندك خلل في فهم دينك. إن الإيجابية لم تقتصر على مجالات الحياة فقط؛ بل امتدت لتشمل العبادة؛ فنجد أيضا في الإسلام أن جميع عباداتنا تدعونا إلى الإيجابية؛ فمثلاً في السعي بين الصفا والمروة ونحن نقلد السيدة هاجر وهى تبحث عن الماء لولدها إسماعيل؛ كان من الممكن أن تجلس السيدة هاجر بجوار إسماعيل وهي تبكي؛ أو تسعى بين الصفا والمروة مرة واحدة؛ ولكنها ظلت تسعى!! ولقد جعل الله السيدة هاجر رمزاً للإيجابية؛ وجعل عن طريقها عبادة فى الإسلام نتعلم منها الايجابية !! عباد الله: إن القلب ليحزن حينما يري الشباب وهم في أعز قواهم العقلية والجسدية ومع ذلك يفني الشباب قوته وشبابه في الفراغ والسلبية وفي كل ما حرم الله تبارك وتعالي من ملاهٍ ومشارب وخمور ومجون وغير ذلك؛ ولو لم يكن الإنسان في حاجة للعمل، لا هو ولا أسرته، لكان عليه أن يكون إيجابيا ويعمل للمجتمع الذي يعيش فيه فإن المجتمع يعطيه، فلابد أن يأخذ منه، على قدر ما عنده!! يُروى أن رجلاً مر على أبي الدرداء الصحابي الزاهد – رضي الله عنه- فوجده يغرس جوزة، وهو في شيخوخته وهرمه، فقال له: أتغرس هذه الجوزة وأنت شيخ كبير، وهي لا تثمر إلا بعد كذا وكذا عاماً ؟! فقال أبو الدرداء: وما عليَ أن يكون لي أجرها ويأكل منها غيري!! وأكثر من ذلك أن المسلم لا يعمل لنفع المجتمع الإنساني فحسب، بل يعمل لنفع الأحياء، حتى الحيوان والطير، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: ” مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَغْرِسُ غَرْسًا أَوْ يَزْرَعُ زَرْعًا فَيَأْكُلُ مِنْهُ طَيْرٌ أَوْ إِنْسَانٌ أَوْ بَهِيمَةٌ إِلَّا كَانَ لَهُ بِهِ صَدَقَةٌ” [البخاري]، وبذلك يعم الرخاء ليشمل البلاد والعباد والطيور والدواب!! أيها المسلمون: إن مجتمعنا في حاجة إلى الإيجابية؛ إيجابية في جميع مجالات الحياة؛ في الفكر والدعوة..في الاقتصاد…في السياسة … في العمل والإنتاج … في التعليم … في الصحة… في الزراعة… في الصناعة… في التجارة….إلخ؛ إننا إن فعلنا ذلك سبقنا جميع حضارات المشرق والمغرب!! ألا فلنحتد ونكون إيجابيين جميعاً من أجل بناء مجتمعنا، من أجل بناء وطننا، من أجل بناء مصرنا، من أجل بناء حضارتنا، بعيدين عن التفرقة، عن التشرذم ، عن التحزب، عن التشتت، حتى نحقق آمالنا، ويعلو بنياننا ، ونبلغ منانا، فنكون جميعاً أدوات بناء لا معاول هدم!! ومتى يبلغ البنيان يوماً تمامه………إذا كنت تبني وغيرك يهدم؟!!!
|
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
Google Adsense Privacy Policy | سياسة الخصوصية لـ جوجل ادسنس
^-^ جميع آلمشآركآت آلمكتوبهـ تعبّر عن وجهة نظر صآحبهآ ,, ولا تعبّر بأي شكلـ من آلأشكآل عن وجهة نظر إدآرة آلمنتدى ~