تشأة أصول الفقه

[باسل الترك]

نشأة أصول الفقه:



هذا العلم نشأ على يد الإمام الشافعي – رحمه الله –،

وقيل هناك من ألف قبل الشافعي كأبي حنيفة – رحمه الله – وغيره،

ولكن بالنظر إلى الكتب والمصنفات نجد أن الشافعي هو من أسس هذا العلم .



هذا العلم لم ينشأ فجأة، وإنما هو عبارة عن تراكمات وإضافات علمية، فكل من يأتي يكتب ويقعد لهذا العلم حتى وُجدت المصنفات في هذا الفن بالآلاف ما بين متون وشروح ومختصرات وتعقيبات وحواشٍ .







و اما نواة هذا العلم كانت موجودة في زمن الصحابة والتابعين، والعلماء كانوا يستنبطون الأحكام الشرعية من الكتاب والسنة أو بالقياس بناءاً على قواعد؛ عُرفت فيما بعد بعلم أصول الفقه، فمثلاً ابن عباس – رضي الله عنهما – له كلام يدل على إحاطته بالعام والخاص والناسخ والمنسوخ، كقوله: كانوا يأخذون بالأحدث فالأحدث من أمر رسول الله – صلى الله عليه وسلم –،


كذلك تحدث ابن مسعود في ذلك وبقية الصحابة – رضي الله عنهم –، وكانوا على علم ودراية باللغة العربية، وهناك قسم كبير من مباحث أصول الفقه هو عبارة عن قواعد مأخوذة من اللغة العربية، فالقرآن الكريم نزل بلسان عربي مبين، وخاطبهم النبي – صلى الله عليه وسلم – بلغتهم وبلسانهم، لذا كانوا أقدر على فهم نصوص الكتاب والسنة ممن جاء بعدهم .



ومع مرور الزمن – في نهاية القرن الثاني – حمل البعض نصوص الكتاب العزيز وأحاديث النبي – صلى الله عليه وسلم – على غير محملها، فنشأت مدرسة أهل الحديث وظهرت أيضاً مدرسة أهل الرأي، فوجد الشافعي – رحمه الله – أن بعض المتكلمين في الفقه لا يُحسن الاستدلال ولا يفهم ما يستدل به من النصوص من حيث ما تقتضيه لغة العرب، وظهر أيضاً بعض من لا يعرف الأسلوب العربي فحمل الكلام على غير محمله، فلما رأى الشافعي – رحمه الله – هذه التجاوزات رأى أن يُؤلف قواعد عامة تُوزن بها أقوال العلماء المختلفين في المسألة الفقهية لمعرفة الحكم الشرعي .




وتحكي بعض الكتب أن الإمام عبد الرحمن بن مهدي طلب من الشافعي أن يضع كتاباً يُعد كالمرجع لاختلاف العلماء، فأجابه إلى ذلك؛ خاصة أن الشافعي نشأ في البادية مع العرب الأقحاح حتى أصبح حجة في اللغة العربية، بالإضافة إلى تضلعه من علوم القرآن والحديث الشريف فألف مؤلفه الرائع " الرسالة " الذي يُعتبر النواة لعلم أصول الفقه .






تطور علم أصول الفقه





بدأ العلماء في التصنيف في علم أصول الفقه، وبرزت في ذلك مدرستان أو طريقتان هما :





المدرسة الأولى: طريقة الشافعية وتُسمى طريقة المتكلمين .



المدرسة الثانية: طريقة الحنفية وتُسمى طريقة الفقهاء .




الفرق بين المدرستين:




1-طريقة الشافعية تعتمد على تحرير القواعد الأصولية، ومحاولة الاستدلال عليها بالكتاب والسنة أو بالأدلة العقلية أو بكلام العرب، بغض النظر عن الفروع.




2-طريقة الحنفية أنهم يحررون القواعد من خلال فتاوى أئمتهم.






و اما مزية الطريقة الأولى (الشافعية)

والمأخذ عليها






المزية: هذه الطريقة فيها استقلال عن التقليد، وفيها البعد عن التعصب المذهبي.




المأخذ: لا تتعرض للفروع الفقهية، فتصبح الأصول معزولة عن الفقه، لذلك صعبت هذه الطريقة وصعب تطبيقها على كثير من الطلبة.





و اما مزية الطريقة الثانية (الحنفية)

والمأخذ عليها






المزية: أنها تربط أصول الفقه بالفقه والفروع؛ أي تربط العلم بثمرته، فليست القواعد نظرية.




المأخذ: أن من كتب فيها نظروا إلى فروع الأئمة، فلم ينظروا إلى الفروع المنصوصة في القرآن والسنة فحسب، بل نظروا إلى الفروع التي أفتى بها أئمتهم .