|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
أثر العبادات في تهذيب أخلاق الفرد والمجتمع.
أثر العبادات في تهذيب أخلاق الفرد والمجتمع. عباد الله: إن الإسلام لم يشرع العبادات بكافة صورها طقوساً ولا شعائر مجردة من المعنى والمضمون، بل إن كل عبادة تحمل في جوهرها قيمة أخلاقية مطلوب أن تنعكس على سلوك المسلم المؤدي لهذه العبادة، وأن تتضح جلياً في شخصيته وتعاملاته مع الغير، وأيضاً فيما يرسمه لذاته من إطار يحرص على الالتزام به ولا يحيد عنه. ولو طوفنا حول جميع العبادات لوجدنا الهدف منها هو تهذيب الأخلاق وتزكيتها، فالزكاة المفروضة- مثلاً – ليست ضريبة تؤخذ من الجيوب، بل هي أولاً غرس لمشاعر الحنان والرأفة، وتوطيد لعلاقات التعارف والألفة بين شتى الطبقات، وقد نص القرآن على الغاية من إخراج الزكاة بقوله: ” خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ” [التوبة/103]، فالزكاة تنظف النفس من أدران الشح والبخل والتقتير؛ وتنشر بين الناس التعاون والتكافل والمحبة . وفي الصلاة، تأتي الحكمة العليا منها في قوله تعالى: “وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ ” (العنكبوت: 45) فأنت مأمور في أداء الصلاة في جماعة، لكي تحتك بالناس وتتفاعل معهم وتربطك بهم صلات وتواد وتراحم، فضلاً عن أن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، فمن لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر فلا صلاة له. وفي الصيام نعلم أن رمضان شهر مكارم الأخلاق ومدرستها، فهو شهر الصبر، وشهر الصدق، وشهر البر، وشهر الكرم، وشهر الصلة ، وشهر الرحمة ، وشهر الصفح ، وشهر الحلم، وشهر المراقبة، وشهر التقوى، وكل هذه أخلاق يغرسه الصوم في نفوس الصائمين وذلك من خلال قوله تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ » ( البقرة : 183) ، بكل ما تحمله كلمة التقوى من دلالات ومعان إيمانية وأخلاقية، ويربي الرسول صلى الله عليه وسلم الصائمين على أرفع القيم الخلقية وأنبلها حيث يقول: “الصِّيَامُ جُنَّةٌ فَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلَا يَرْفُثْ وَلَا يَصْخَبْ ، فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ : إِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ ” (البخاري ومسلم)، فالصوم جنة أي وقاية من جميع الأمراض الخلقية، ويفسره ما بعده ” فَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلَا يَرْفُثْ وَلَا يَصْخَبْ” فإن اعتدى عليك الآخرون بسبٍّ أو جهل أو أذى فقل: ” إِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ ” والمعني: إني في غاية التقوى والتحلي بأخلاق الصيام ، ولا ينبغي لي أن أفسد صومي بالرد عليك بهذه الأقوال البذيئة، فإذا حاول إنسان استفزازك بما يحملك على رد إساءته، ومقابلة سبِّه بسب، فعليك أن تدرك أن الصوم يحجزك عن ذلك لأنه جنة ووقاية من سيء الأخلاق!! وفي الحج يغرس القرآن أسمى المعاني الأخلاقية في نفوس الحجاج والمعتمرين من خلال قوله تعالى: “الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ ” [البقرة/197]، فقد يظن الإنسان أن السفر إلى البقاع المقدسة رحلة مجردة عن المعاني الخلقية، بل أنت مأمور بضبط الأخلاق أثناء الزحام، كما يجب عليك اجتناب الرفث والفسوق والجدال والخصام في الحج، فضلاً عن غرس قيم الصبر وتحمل المشاق والمساواة بين الغني والفقير والتجرد من الأمراض الخلقية. عباد الله: هذا العرض المجمل لبعض العبادات التي اشتهر بها الإسلام ، وعرفت على أنها أركانه الأصيلة ، نستبين منه متانة الأواصر التي تربط الدين بالخلق، إنها عبادات متباينة في جوهرها ومظهرها ، ولكنها تلتقي عند الغاية التي رسمها الرسول صلى الله عليه وسلم في قوله: “إنما بُعثتُ لأتمم صالح الأخلاق “، لأنها كلها شرعت من أجل الأخلاق كما دللنا على ذلك بشواهد صحيحة من القرآن والسنة. أحبتي في الله: هذه رسالة أرسلها لي قبلكم؛ أن الذي يكثر من الصلاة والصيام والصدقة والعبادات؛ ومع ذلك يسئ إلى الآخرين من جيرانه وأصدقائه وأقاربه وزملائه في العمل …..إلخ والله – أقولها غير حانث – لن تنفعه عباداته كلها إذا ساءت أخلاقه؛ وهذا ليس من كلامي؛ بل من كلام سيد البشر صاحب الذكرى العطرة صلى الله عليه وسلم!! فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَجُلٌ: “يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ فُلَانَةَ يُذْكَرُ مِنْ كَثْرَةِ صَلَاتِهَا وَصِيَامِهَا وَصَدَقَتِهَا غَيْرَ أَنَّهَا تُؤْذِي جِيرَانَهَا بِلِسَانِهَا. قَالَ: هِيَ فِي النَّارِ. قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ فَإِنَّ فُلَانَةَ يُذْكَرُ مِنْ قِلَّةِ صِيَامِهَا وَصَدَقَتِهَا وَصَلَاتِهَا وَإِنَّهَا تَصَدَّقُ بِالْأَثْوَارِ مِنْ الْأَقِطِ وَلَا تُؤْذِي جِيرَانَهَا بِلِسَانِهَا. قَالَ: هِيَ فِي الْجَنَّةِ” [ صحيح الترغيب والترهيب – الألباني ] فانظر كيف لم تُجدِ كثرة العبادة مع انعدام مكارم الأخلاق!! بل انظر ماذا فعل حسن الخلق رغم قلة العبادة!!! إن الإنسان يأتي يوم القيامة معه حسناااااات وعبادااااااات كثيرة؛ يحملها وهو محروم منها؛ بسبب فساد أخلاقه؛ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم- قَالَ: ” أَتَدْرُونَ مَا الْمُفْلِسُ؟ قَالُوا: الْمُفْلِسُ فِينَا مَنْ لَا دِرْهَمَ لَهُ وَلَا مَتَاعَ، فَقَالَ: إِنَّ الْمُفْلِسَ مِنْ أُمَّتِي يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصَلَاةٍ وَصِيَامٍ وَزَكَاةٍ، وَيَأْتِي قَدْ شَتَمَ هَذَا، وَقَذَفَ هَذَا، وَأَكَلَ مَالَ هَذَا وَسَفَكَ دَمَ هَذَا وَضَرَبَ هَذَا، فَيُعْطَى هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْضَى مَا عَلَيْهِ، أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّارِ”(مسلم) أيها المسلمون: إن العبادة هي علاقة بينك وبين ربك، أما السلوك فهو علاقة بينك وبين الناس، ولابد أن تنعكس العلاقة بينك وبين ربك على العلاقة بينك وبين أفراد المجتمع، فتحسنها وتهذبها!!
|
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
Google Adsense Privacy Policy | سياسة الخصوصية لـ جوجل ادسنس
^-^ جميع آلمشآركآت آلمكتوبهـ تعبّر عن وجهة نظر صآحبهآ ,, ولا تعبّر بأي شكلـ من آلأشكآل عن وجهة نظر إدآرة آلمنتدى ~