ليتني لم أتزوج

[باسل الترك]

قال : ليتني لم أتزوج ...كنت هانئ البال مرتاح الخاطر...



قلت : وما يتعبك في الزواج ؟



قال : وهل غيرها!؟



قلت : تعني زوجتك ؟



قال : أجل



قلت : وما تشتكي فيها ؟




قال : قل ماذا لا أشتكي فيها!0



قلت : تعني أنّ ما لا يرضيك فيها أكثرُ مما يرضيك؟



هز براسة هزات متتالية ... مؤيدا ...موافقا.



قلت له : لعلك تشتكي عدم انقيادها لك ؟



نظر في عينيّ وقال : فعلا...



قلت : وكثرة دموعها حين تناقشها وتحتدّ في جدالها؟



ظهرت الدهشة عليه وهو يقول ......نعم .........نعم



تابعت : وكثرة عنادها ....؟



زادت دهشته : كانك تعيش معنا!0





هوّن عليك يا اخي ..واسمع مني





إن الطبيعة النفسانية التي اشتكيتها في المراة ..هي التي خلقها الله سبحانه وتعالى عليها . ولو قرأت طبيعة المرأة في حديث سيّدي رسولِ الله صلى الله عليه وسلمَ : " اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْراً فَإِنَّ المَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ وَإنَّ أَعْوَجَ شَيءٍ في الضِّلعِ أَعْلَاهُ فَإِذَا ذَهَبْتَ تُقِيْمُهُ كَسَرْتَهُ ، وَإِذَا تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ ، فَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرَاً"0




تأمّلْ حديثَهُ صلى الله عليه وسلم إذ يخبرنا بأن المرأة خلقت من ضلع أعوج وان هذا العوج من طبيعة المرأة فاذا أراد الرجل ان يقيمه أخفق ...وانكسر الضلع...0





ولكن ألا ترى معي أنّ هذا يعني نقصا في قدرات المراة ؟



نقص في جانب ...ووفرة في جانب . يقابلهما في الرجل ..نقص ووفرة أيضاً ...ولكن بصورة متقابلة فنقص المراة تقابله وفرة في الرجل ووفرتها يقابلها نقص في الرجل.



نقص في ماذا ...ووفرة في ماذا ؟



عد معي الى العوج الذي أشار إليه الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث ...وحاول أن تتصور أُمَّاً ترضع طفلها وهي منتصبة القامة



أو تلبسه ثيابه وهي منتصبة القامة ، او تضمُّهُ إلى صدرها وهي منتصبة القامة....



يصعب ذلك ..فلا يمكن تصوّرُ أُمٍّ ترضع طفلَها إلّا وهي منحنيةٌ عليه ..أو تُلْبِسَهُ ثيابه إلا وهي منحنيةٌ عليه ..ولا تضمُّهُ إلى صدرها إلا وهي منحنيةٌ عليه ...



تصور أي وضع من أوضاع رعاية الأمَّ لطفلها فلن تَجِدَهَا إلّا منحنيةً



وهذا يفسر سر خلقها من ضلع اعوج






والثانية


جميع الألفاظ التي تحمل العوج في اللغة العربية ..تحمل معنى العاطفة في الوقت نفسه




وأين العاطفة في كلمة العوج ؟




مصدر العاطفة " عَطَفَ " ومن هذا المصدر نفسه اشتقت كلمة المنعطف . وهو المنحني كما تعلم وفي لسان العرب : عَطَفْتُ رأسَ الخشبة فانعطفَ أي حَنَيْتُهُ فانحنى والعطائف هي القِسِيُّ وجمْعُ قَوْسٍ ألا ترى معي القوس يشبه في انحنائه الضلع؟



وهل ثمة كلمة اخرى يشترك بها معنى العِوَج ومعنى العاطفة ؟



الحنان ، ألا يحمل معنى العاطفة ؟



الحنان هو العطف والرقة والرأفة


وهو يحمل العِوَجَ أيضاً . تقول العرب : انحنى العود وتحنّى : انعطف . وفي الحديث : لمْ يَحْنِ أَحَدٌ مِنَّا ظَهْرَهُ ,,أي لم يَثْنِهِ لِلرُّكُوْعِ . والحنية : القوس . وها قد عُدْنا للقوس التي تشبه في شكلها الضلع




ثالثة



هل تعرف من الأَحْدَبُ ؟




من تقوّسَ ظَهْرُهُ






ولكن أينَ معنى العاطفةِ في الأحدب ؟




في اللغة : حَدَبَ فُلَاْنٌ على فلان وتَحَدَّبَ : تَعَطَّفَ وحَنَا عليه . وهو عليه كالوالدِ الحَدِبِ وفي حديثِ عليٍّ يَصِفُ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما : " وأَحْدَبُهُم على المسلمين " أَيْ أَعْطَفُهُمْ وأَشْفَقُهُمْ





هناك كلمةٌ رابعةٌ



أليْسَ الاعوجاج في الضِّلع يعني أنّه مائل ؟



و العرب تقول : الاسْتِمَالَةُ : الاكْتِيَالُ بِالكَفَّيْنِ والذِّرَاعَيْنِ.



و هذا يشير الى العِوَجِ والانحناء ..ولكن أين العاطفة؟



ألا ترى أنّ أصل الكلمة هو" الميلُ " والمَيْلُ اتِّجَاْهٌ بِالعَاطِفَةِ نَحْوَ إِنْسَانٍ أو شيءٍ .. تقول : أَميل الى فلان أو الى كذا ؟ وفي لسان العرب " الميلُ " العُدُوْلُ إلى الشَّيءِ والإقبال عليهِ.





فَرِفْــــقَــــاً بِالقَـــــــوَارِيْــــــــــرِ
رِفْــــقَــــاً بِالقَـــــــوَارِيْــــــــــرِ


وَصَلَّى اللهُ عَلَى نَبِيِّنا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَ صَحْبِهِ وسَلَّمَ

[انور حافظ احمد]