|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
المزايدة في تحريم المباحات
المزايدة في تحريم المباحات:
ومن أسوأ ما نشرته ظاهرة التشدّد والتنطّع الزعم القائل إنّ "التحريم" هو "الأحوط" والأقرب إلى الصواب، فباتت كثرة التحريم مقترنة عندهم بأن يُعتبر المسلم أتقى وأورع بمقدار ما يحرّم على نفسه أكثر من سواه، فكأنّه هو الأشدّ إسلاما من سواه!.. إنّ الإسلام الذي يحظر تحليل حرام بيّن، هو هو الإسلام الذي يحظر تحريم حلال بيّن، سواء بسواء. وإنّ الذي يفتري على الله الكذب فيقول: هذا حلال، عن المحرّمات، كالذي يفتري على الله الكذب فيقول: هذا حرام، عمّا أحلّ الله، مع تثبيت أنّ الأصل هو الإباحة، وأنّ من يحرّم اجتهادا، عليه هو أن يأتي بدليل قطعي على التحريم، كيلا يسري عليه ما نعاه الله تعالى على من "حرّم زينة الله التي أحلّ لعباده" أو من "حرّموا على أنفسهم ما أحلّ الله لهم"!.. ولن يكون مسلم أصحّ إسلاما من النبيّ صلّى الله عليه وسلّم إذا ما سار في نهج التحريم شوطا أبعد ممّا مضى إليه النبيّ صلّى الله عليه وسلم وفق الوحي المنزّل عليه، وإنّ زعم من زعم أنّ ذاك هو الأحوط ولكن تعامل معه على أساس التحريم وليس على أساس الحيطة!. لم يكن التشدّد والتنطّع ولن يكون هو الإسلام، ولن يكون أحد بعد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، أشدّ حرصا منه على الإسلام والمسلمين، ومن ظنّ ذلك، فزايد على خاتم النبيّين فكرا أو قولا أو عملا، يسري عليه ما قاله صلّى الله عليه وسلّم "فمن رغب عن سنتي فليس منّي"، وسنّته صلّى الله عليه وسلّم هي الإسلام الوسطي المعتدل، الذي يبشّر ولا ينفّر، وييسّر ولا يعسّر. ولم يكن التشدّد والتنطّع ولن يكون سبيلا أصلح لنشر الدعوة إلى الإسلام وتمكينه في الحياة والحكم من جديد، فمسلك الإسلام هو الأصحّ، وقد كان مسلكه أثناء بناء المجتمع الإسلامي الأوّل ومن بعد، هو التبشير لا التنفير، واستمالة من عُرفوا بالمؤلّفة قلوبهم بوسائل لم تكن تسري على من ثبت إيمانهم في القلوب وواقع الحياة، مع تعريف غير المسلمين بوسطية الإسلام واعتداله، وليس بصورة متشدّدة تخيف من قد يفكّر به ولم يعتنقه بعد. وأخطر من ذلك ادّعاء المتشدّدين المتنطّعين أنّهم يعودون بذلك إلى "الإسلام الصحيح"!.. إنّ الإسلام الصحيح هو الذي يقول: لا حرج في الدين، إنّ مع العسر يسرا، بشّروا ولا تنفّروا، يسّروا ولا تعسّروا، ما شادّ الدينَ أحدٌ إلاّ غلبه، هلك المتنطّعون، ما جعل عليكم في الدين من حرج، رُفع عن أمّتي الخطأ والنسيان وما استُكرهوا عليه، إنّ الله يحبّ أن تؤتى رخصه كما يحبّ تؤتى عزائمه. والإسلام الصحيح هو الانطلاق من النصوص البيّنة الظاهرة، وما أجمع عليه الجمهور، وهو ما يجعل الإسلام محبّبا إلى النفوس، ميسّرا في التطبيق، مريحا في العبادة، هيّنا في المعاملة، البسمةُ فيه صدقة، والكلمة فيه حسنة، والمعشر فيه طيّب، والمظهر فيه جميل، يفتح أبواب الجنّة لمن يريد الاكتفاء بالفرائض، ولا يفرض النوافل إلاّ على مَن يلزم بها نفسَه بنفسه، وخير له فيها أن يخلو بأدائها بينه وبين ربّه. الإسلام الصحيح هو الإسلام الذي أنزله الله تعالى على قلب محمّد صلّى الله عليه وسلّم فانتشر دينا محبّبا إلى النفوس، وليس هو ذاك الذي بات عن طريق الغلاة المتنطّعين المتشدّدين سببا من أسباب تخويف المسلمين منه، وتنفير سواهم عنه، وذريعة يستغلّها من يشكّكون في صلاحيّته لكلّ زمان ومكان. |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
Google Adsense Privacy Policy | سياسة الخصوصية لـ جوجل ادسنس
^-^ جميع آلمشآركآت آلمكتوبهـ تعبّر عن وجهة نظر صآحبهآ ,, ولا تعبّر بأي شكلـ من آلأشكآل عن وجهة نظر إدآرة آلمنتدى ~