الانسان فى الشدة والرخاء

[helmy40]

الانسان فى الشدة والرخاء
من نظر الى الانسان وفكر فى أحواله وطبائعه وجده كثير العجز قليل الصبرعند نزول البلاء، كثير الغرور قليل الشكر عند حصول الرخاء والنعماء فاذا أصابه نوع مكروه كضيق وعسر ومرض وفقر وغيرها من بلايا الدنيا وشدائدها استولى عليه اليأس وملكه الجزع وظهر ذلك على وجهه وجوارحه بالتغيير والاضطراب ،ثم اذا ثاب الى رشده وعاد اليه صابه أقبل على مولاه وأكثر من التضرع والدعاء طلبا منه تعالى ازالة تلك الشدة والمحنة وتبديلها بالنعمة والمنحة ، فاذا استجاب له وكشف عنه ما نزل به مضى فى سبيله وعاد الى سيرته الأولى ونسى حالة الشدة والبلاء وأعرض عن شكر مولاه وصار بمنزلة من لم يشعر بمكروه ولم يدع مولاه ولم يعرف نعمته عليه، وهاذا ان دل فانما يدل على ضعف طبيعة الانسان وقلة وفائه لمولاه وشدة استيلاء الغفلة والشهوة عليه ، وفى ذلك يقول الله تعالى (( واذا مس الانسان الضر دعانا لجنبه أو قاعدا أو قائما فلما كشفنا عنه ضره مرّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّ َّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّ كأن لم يدعنا الى ضر مسَّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّه كذالك زُين للمسرفين ما كانوا يعملون ))
ويقول أيضا : ((واذا أنعمنا على الانسان أعرض ونآى بجانبه واذا مسَّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّه الشر فذو دعاء عريض )) فأفاد سبحانه أنه اذا تفضل على عبده بنعمة كافية ورخاءأعرض عن شكره وطاعته وشُغِلَ بنعمته عنه واستطال بنعم الله على خلقه واذا عرض له نوع مكروه أكثر التضرع والدعاء.
فهذا شأن الانسان وهذا حاله فى الشدة والرخاء وان واجب الانسان العاقل المفكر أن يكون شجاعا فى الشدائد ثابتا عند نزول البلايا شاكرا عند الفوز بالنعماء وحقه أن يكون كثير الدعاء والتضرع اليه فى أوقات الراحة والرفاهية ليكون مجاب الدعوة فى وقت الألم والمحنة، ففى الحديث الصحيح أن رسول الله صلوات الله وسلامه عليه قال "تعرَّّّّّّّّّّّّّّف على الله فى الرخاء يعرفك فى الشدة " رواه عبد بن حميد والامام أحمد
وعنه صلوات الله وسلامه عليه "من سره أن يستجاب له عند الكرب والشدائد فليكثر الدعاء عند الرخاء " رواه غير واحد
وعلاج ذلك أن يراعى أمورا منها :-
*أن يكون راضيا بقضاء الله عز وجل غير معترض بالقلب واللسان لأنه تعالى مالك على الاطلاق ، وملك بالاستحقاق . ومن كان كذلك فله أن يفعل فى ملكه ماشاء كما يشاء . ولأنه أيضا حكيم على الاطلاق منزه عن الباطل والعبث فكل ما فعله صواب وحكمة ،ان أبقى على عبده المحنة فهو عدل وان آمن بهذا وجب عليه الصير والسكون والرضاوالتسليم وعدم القلق والاضطراب
*أن يصلح العبد نفسه بالتوبة الى الله تعالى والانابة اليه مما فرط منه فقد تكون البلية عقوبة معجلة لبعض ما اقترف من السيئات لعله يثوب الى رشده ويرجع عن غيه قال تعالى ((وماأصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير )) وقال تعالى ((ظهر الفساد فى البر والبحر بما كسبت أيدى الناس ليذيقهم بعض الذى عملوا لعلهم يرجعون )) فالجدب وقلة الامطار والعاهات بالناس والدواب والزروع ومحق البركة من كل شىء كلها من شؤم المعاصى .
* أن يشتغل العبد فى ذلك الوقتبذكر الله تعالىوالثناء عليه بدلا من الدعاء له لأن الاشتغال بالذكر والثناء اشتغال بالحق والاشتغال بالدعاء اشتغال بطلب حظ النفس ولا ريب أن الأول أحسن وأفضل ومتى صدقت فى ذلك نيته وصحت عزيمته أصلح الله باله وأجزل له فى العطاء ففى الحديث القدسى ((من شغله ذكرى عن مسألتى أعطيته أفضل ما أعطى السائلين ))
*أن يبذل العبد ما فى وسعه فى شكر الله تعالى اذا أزال عنه تلك المحنة وأن لا ينقطع عن ذلك الشكر فى عموم الأحوال من السراء والضراء والشدة والرخاء فان أحب الأعمال الى الله أدومها وان قل ،ومما ينفع فى تخفيف وطأة الشدائد تهوين البلايا والكروب أمور سبعة هى :-
1- مقام التوحيد وأن الله تعالى هوالذى شاء ذلك وقدره وما شاء الله كان ومالم يشأ لم يكن .
2- العدل وأنه ماض فيه حكمه عدل فيه قضاؤه .
3- الرحمة وأنرحمته تعالى فى هذا المكروه غالبة غضبه وانتقامه .
4- الحكمة وأن حكمته تعالىالبالغة اقتضت ذلك لم يقدره سدى ولاقضاه عبثا .
5- الحمد وأن لهتعالى الحمد التام و الثناء الحسن الجميل على ذلك من جميع الوجوه .
6- العبودية وأنه عبد محض من كل وجه تجرى عليه أحكام سيده ،بحكم كونه مالكه يتصرف فيه كيف يشاء وبما شاء .
7- أن الأمورلها انقضاء وأن النصر مع الصبر وأن الفرج مع الكرب وأن مع العسر يسرا وأن كل شىء يبدو صغيرا ثم يكبر ،الا
البلايا فانها تبدو كبيرة ثم تصغر وهذا من رحمة الله بعباده
كل هذا لايمنع العبد فىأنيأخذ بالأسباب فى دفع الضر بالوسائل المشروعة ما استطاع الى ذلك سبيلا
وقالوا ... ان من كان وقت اصابة النعمة مشغولابالنعمة لا بالمنعم كان عند نزول البلية مشغولا بالبلاء لا بالمبتلى ومثل هذا يكون دائما فى نكد وبلاء ،وكلما كانت النعمة ألذ وأكمل كان تألمه لزوالها أشد وأعظم ، فثبت أنه من كان مشغولا بالنعمة كان فى هم وبلية ومن كان وقت النعمة مشغولا بالمنعم كان فى وقت نزول البلية مشغولا بالمبتلى ومن كان المنعم والمبتلى واحدا فى نظره أبداعاش مطمئن النفس هادىء البال الى أقصى درج الكمال فائزا ان شاء الله بغاية السعادة .وأنه من أركان الشكر هو ألاتنشغل بالنعمة عن المنعم لأن المنعم اذا رآك تنشغل بالنعمة عنه أتلف النعمة حتى يردك اليه اللهم اجعلنا من الشاكرين الذاكرين لله رب العالمين

[محمود غريب]

بارك اللة لك فى الدنيا والاخرة

[helmy40]

أشكر لك باأخى العزيز مرورك الطيب المبارك

[ايهاب هاشم]

[helmy40]

لك كل الشكر والتقدير لمروركم الكريم