ماشاء الله تبارك الله ماشاء الله لاقوة الا بالله , اللهم اني اسالك الهدى والتقى والعفاف والغنى
" قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ *مِن شَرِّ مَا خَلَقَ * وَمِن شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ * وَمِن شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ * وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ ". صدق الله العظيم
الساده الاعضاء و زوار منتديات المهندسين العرب الكرام , , مشاهده القنوات الفضائيه بدون كارت مخالف للقوانين والمنتدى للغرض التعليمى فقط
   
Press Here To Hidden Advertise.:: إعلانات منتديات المهندسين العرب لطلب الاعلان عمل موضوع بقسم الشكاوي ::.

 IPTV Reseller

  لطلب الاعلان عمل موضوع بقسم طلبات الاعلانات اسفل المنتدى لطلب الاعلان عمل موضوع بقسم طلبات الاعلانات اسفل المنتدى لطلب الاعلان عمل موضوع بقسم طلبات الاعلانات اسفل المنتدى

Powerd By : Mohandsen.com

العودة   المهندسين العرب > اسلاميات ( حبا في رسول الله ) > المنتدي الاسلامي

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 6/9/2021, 11:34 AM
 
zoro1
كبير مشرفين المنتدي الاسلامى

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  zoro1 متصل الآن  
الملف الشخصي
رقم العضوية : 426233
تاريخ التسجيل : Mar 2020
العمـر :
الـجنـس :  sjv,k[
الدولـة :
المشاركـات : 5,240 [+]
آخــر تواجـد : ()
عدد الـنقـاط : 135
قوة التـرشيـح : zoro1 يستاهل التقييمzoro1 يستاهل التقييم
افتراضي البناء على القبور .

البناء على القبور


الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه.

أمَّا بعد: فـ (لم يكن في العُصُورِ المفضَّلَةِ مشاهدُ على القبورِ، وإنما ظَهَرَ ذلكَ وكثرَ في دولةِ بني بويه، لَما ظَهَرَت القرامطةُ بأرضِ المشرقِ والمغربِ كان بها زنادقةٌ كفَّارٌ مقصودُهم تبديلُ دينِ الإسلامِ، وكانَ في بني بويه من الموافقةِ لهم على بعضِ ذلكَ، ومن بدعِ الجهميَّة والمعتزلةِ ما هوَ معروفٌ لأهلِ العلمِ، فبنَوا المشاهدَ المكذوبةَ كمشهدِ عليٍّ رضي الله عنه وأمثالهِ، وصنَّفَ أهلُ الفريةِ الأحاديثَ في زيارةِ المشاهدِ والصلاةِ عندها والدُّعاءِ عندها وما يُشبهُ ذلكَ، فصارَ هؤلاءِ الزنادقةُ وأهلُ البدعِ المتبعونَ لهم يُعظِّمونَ المشاهدَ ويُهينون المساجدَ، وذلكَ: ضدُّ دينِ المسلمينَ، ويَستترُونَ بالتشيُّع)[1].



ولقد اتفقَ أهلُ العلم على النهي عن البناء على القبور.

قال الشوكاني: (اعلم أنه قد اتفق الناس، سابقهم ولاحقهم، وأولهم وآخرهم من لدن الصحابة رضي الله عنهم إلى هذا الوقت: أنَّ رفعَ القبور والبناء عليها بدعةٌ من البدع التي ثبتَ النهيُ عنها، واشتدَّ وعيدُ رسول الله صلى الله عليه وسلم لفاعلها)[2].



والبناءُ على القبور: كالبناء على جوانب حفرة القبر، أو قريباً من جوانب القبر كالقُبَّة، أو المسجد، أو الخباء، أو الفسطاط، أو بناء المظلات على القبور، أو الشبابيك: مِن أعظم وسائل الشرك بالمقبورين، وقد كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يأمرُ بتسوية القبور، وينهى عن البناء عليها، فعن جابر رضي الله عنه قال: (نهى رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أن يُجصَّصَ القبرُ، وأن يُقعدَ عليه، وأن يُبنى عليه)[3].



وعن ثُمامةَ بن شُفَيٍّ رحمه الله قال: (كُنا معَ فَضالةَ بن عُبيدٍ بأرضِ الرُّومِ برُودِسَ فـتُوفِّيَ صاحبٌ لنا، فأمرَ فضالةُ بن عبيدٍ بقبرِه فَسُوِّيَ، ثم قال: سمعتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يأمُرُ بتسوِيَتها)[4].

وعن أبي الهيَّاج الأسَديِّ رحمه الله قال: (قال لي عليُّ بن أبي طالبٍ رضي الله عنه: ألا أبعثُكَ على ما بَعَثني عليه رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: أن لا تدَعَ تِمثالاً إلاَّ طَمَستَهُ، ولا قبراً مُشرِفاً إلا سوَّيتَهُ)[5].



قال الشوكاني: (وفي هذا أعظم دلالة: على أن تسوية كلّ قبر مشرف يرتفع زيادة على القدر المشروع واجبة متحتمة، فمن إشراف القبور: أن يرفع سمكها، أو يجعل عليها القباب أو المساجد، فإن ذلك من المنهي عنه بلا شكٍّ ولا شُبهةٍ)[6].

وعن عبد الرحمن بن مِهْرانَ رحمه الله: (أنَّ أبا هُريرةَ رضي الله عنه قال حين حَضَرَهُ الموتُ: لا تَضْرِبُوا عليَّ فُسْطَاطاً...)[7].



قال الشيخ سليمان بن عبد الله رحمه الله: (أجمعَ العلماءُ على النهي عن البناء على القبور وتحريمه ووجوبِ هدمه، لهذه الأحاديث الصحيحة الصريحة التي لا مَطعنَ فيها بوجه من الوجوه، ولا فرقَ في ذلك بين البناء في مقبرةٍ مُسبَّلةٍ أو مملوكةٍ، إلاَّ أنه في المسبَّلَةِ أشدُّ، ولا عبرة بمن شذَّ من المتأخرين فأباح ذلك إما مطلقاً وإمَّا في المملوكة)[8].



(وقال ابن رشد: «كره مالك البناء على القبر، وأن يُجعل عليه البلاطة المكتوبة، لأن ذلك من البدع التي أحدثها أهل الطول من إرادة الفخر والمباهاة والسمعة، وذلك مما لا اختلاف في كراهته»)[9].

وقال الحطاب: (لا أعلمُ أحداً من المالكية أباح البناء حول القبر في مقابر المسلمين، سواء كان الْميِّت صالحاً، أو عالماً، أو شريفاً، أو سلطاناً، أو غير ذلك)[10].



وقال الشافعي رحمه الله: (وقد رأيتُ من الولاة بمكة يهدم ما بُنيَ منها - أي ما بُنيَ على القبور- فلم أرَ الفقهاءَ يعيبون ذلك)[11].

وقال ابن القيم رحمه الله: (القباب التي على القبور يَجبُ هدمها كلها، لأنها أُسِّسَت على معصية الرسول صلى الله عليه وسلم، لأنه قد نهى عن البناء على القبور)[12].



وقال البركوي الحنفي: (وقد صرَّح عامةُ الأئمة بالنهي عن بناء المساجد على القبور، والصلاة إليها، متابعة منهم للسنة الصحيحة الصريحة، ونصَّ أصحاب أحمد ومالك والشافعي بتحريم ذلك، وطائفة أطلقت الكراهة، لكن ينبغي أن تُحمل على كراهة التحريم إحساناً للظنِّ بهم ألاَّ يُجوِّزوا فعل ما تواترَ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن فاعله والنهي عنه... روى مسلمٌ في صحيحهعن جابر رضي الله عنه أنه عليه السلام: «نهى عن تجصيص القبر، وأن يُبنى عليه».



قيل: هذا يحتمل وجهين.

أحدهما: البناء عليه بالحجارة، وما يجري مجراها.

والآخر: أن يُضرب عليه خباء ونحوه، وكلا الوجهين منهيٌّ عنه من صنيع أهل الجاهلية... وقد تقدَّم أن ابتداء عبادة الأصنام إنما كان من فتنة القبور.

ولهذا لعنَ النبيُّ عليه الصلاة والسلام أهل الكتاب لاتخاذهم قبور أنبيائهم مساجد، وأنَّ هؤلاء المرَدَة كانوا يُصلُّون في المواضع التي دُفنَ فيها أنبياؤهم.



إمَّا ظناً منهم بأن السجود لقبورهم تعظيم لها، وهذا شركٌ جليٌّ، ولهذا قال النبيُّ عليه الصلاة والسلام: «اللهمَّ لا تجعل قبري وثناً يُعبد».

وإمَّا ظناً منهم بأنَّ التوجُّه إلى قبورهم حالة الصلاة أعظم موقعاً عند الله تعالى لاشتماله على أمرين: عبادة الله تعالى، وتعظيم الأنبياء، وهذا شركٌ خفيٌّ)[13].

وقالت اللجنة الدائمة للإفتاء: (الطواف بالقبور، وتظليلها فبدعةٌ يَحرمُ فعلها، ووسيلةٌ عُظمى لعبادة أهلها من دون الله)[14].



وقال شيخنا ابن باز رحمه الله: (البدعُ في الدِّين تُضعف الإيمان، ولا تكون ردَّة ما لم يُوجد فيها شرك، ومن أمثلة ذلك: بدعة البناء على القبور، كأن يَبنيَ على القبر مسجداً أو قبَّة، فهذه بدعةٌ تقدحُ في الدِّين وتُضعفُ الإيمان، لكن إذا بناها وهو لا يَعتقدُ جواز الكفر بالله، ولم يقترن بذلك دعاء الميِّتين، والاستغاثة بهم، والنذر لهم، بل ظنَّ أنه بفعله هذا يحترمهم ويُقدِّرهم، فهذا العمل حينئذ ليس كفراً، بل بدعة قادحة في الدِّين تُضعف الإيمان وتُنقصه، ووسيلة إلى الشرك)[15].



وقال مدير جامعة الأزهر سابقاً الشيخ أحمد الباقوري ت1405: (هذا العمل -أي تزيين القبور وإقامة الأضرحة- ضربٌ من الوثنية، وعبادة الأشخاص، وقد منعه الإسلام، ونهى عنه النبيُّ صلى الله عليه وسلم وحثَّ على تركه)[16].

ثمَّ لو فُرضَ أنه لم يرد دليلٌ على النهي عن البناء على القبور (لكان مُحرَّماً بلا شكٍّ لأدلةٍ، منها: أنه بدعةٌ، «وكل بدعة ضلالة»، على لسان النبيِّ صلى الله عليه وسلم.



ومنها: أنه حَدَثٌ، وقد صحَّ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: «مَن أحدثَ في أمرنا هذا ما ليسَ منه فهو ردٌّ» رواه الشيخان.

ومنها: إجماعُ السلف على تركه.

ومنها: أنه شَرُّ بابٍ جَهنَّميٍّ من أبواب الشرك، ما قرَّت عينُ إبليس بمثله، وما وَلَجَهُ أحدٌ إلاَّ ارتطم في قعر هاوية الكفر، كما هو مُشاهَدٌ بالعيان ولا يحتاج إلى إقامة برهان.

ومنها: اتفاقُ العقلاء إلاَّ من تغيَّرت فطرته على استقباحه، وأنه عبثٌ تُصان عنه أفعال العقلاء.

ومنها: أنه من سنن المشركين، وقد أُمرنا بمخالفتها، إلى غير ذلك)[17].



وقال الشوكاني: (وكمْ قد سَرَى عن تشييدِ أبنيةِ القُبورِ وتحسينها من مفاسدَ يَبكي لها الإسلامُ، منها: اعتقادُ الجهلَةِ لها كاعتقادِ الكفَّارِ للأصنامِ، وعَظُمَ ذلك فظنُّوا أنها قادرةٌ على جلبِ النَّفع، ودفْع الضَّرَرِ، فجعلُوها مقصداً لطَلَبِ قضاءِ الحوائجِ ومَلْجأً لنجاح المطالبِ، وسألُوا منها ما يسألُهُ العبادُ من ربِّهم، وشدُّوا إليها الرِّحالَ، وتمسَّحُوا بها، واستغاثُوا.

وبالجملةِ: أنهم لم يَدَعُوا شيئاً ممَّا كانت الجاهليَّةُ تفعلُهُ بالأصنامِ إلاَّ فعلُوهُ، فإنا لله وإنا إليه راجعونَ.



ومَعَ هذا المنكرِ الشنيع، والكُفرِ الفظيع، لا نجدُ مَن يَغضبُ لله، ويغارُ حميَّةً للدينِ الحنيفِ، لا عالِماً ولا مُتعلِّماً، ولا أميراً ولا وزيراً ولا ملِكاً.

وقد تواردَ إلينا من الأخبارِ ما لا يُشكُّ معهُ أنَّ كثيراً من هؤلاءِ القبوريين، أو أكثرِهم، إذا توجَّهت عليه يمينٌ من جهةِ خصمهِ حَلَفَ باللهِ فاجراً، فإذا قيلَ له بعدَ ذلكَ: احلِفْ بشيخِكَ ومُعتَقدِكَ الوليِّ الفُلانيِّ، تلعثمَ، وتلكَّأ، وأبى، واعترفَ بالحقِّ، وهذا من أبينِ الأدلةِ الدالةِ على أنَّ شركَهُم قد بلَغَ فوقَ شركِ مَن قال إنهُ تعالى ثانيَ اثنينِ، أو ثالثُ ثلاثةٍ.



فيا عُلماءَ الدينِ ويا مُلُوكَ المسلمينَ: أيُّ رُزْءٍ للإسلامِ أشدُّ من الكُفرِ، وأيُّ بلاءٍ لهذا الدينِ أضرُّ عليه من عبادةِ غيرِ اللهِ، وأيُّ مصيبةٍ يُصابُ بها المسلمونَ تعدلُ هذه المصيبةَ، وأيُّ مُنكرٍ يجبُ إنكارهُ إن لم يكن هذا الشِّركِ البيِّنِ واجباً.

لقد أسمعتَ لو ناديتَ حيَّاً
ولكنْ لا حياةَ لِمنْ تُنادي
ولوْ ناراً نفختَ بها أضاءت
ولكنْ أنتَ تنفُخُ في رَمادِ)[18]




(واعلم أنه قد وقع بسبب البناء على القبور من المفاسد التي لا يُحيطُ بها على التفصيلِ إلاَّ اللهُ ما يَغضبُ لله مَن أجله مَن في قلبه رائحةُ إيمان، كما نبَّه عليه ابنُ القيم وغيرُه، فمنها: اعتيادُها للصلاة عندها، وقد نهى النبيُّ صلى الله عليه وسلم عن ذلك.

ومنها: تحرِّي الدُّعاءِ عندها، ويقولون: مَن دعا الله عند قبر فلان استجابَ له، وقبرُ فلان التِّرياقُ المجرَّب[19]، وهذا بدعةٌ مُنكرةٌ.



ومنها: ظَنهم أن لها خُصوصياتٍ بأنفسها في دفع البلاء، وجلب النعماء، ويقولون: إنَّ البلاءَ يُدفعُ عن أهل البلدان بقبور مَن فيها من الصالحين.

ولا ريبَ أنَّ هذا مُخالفٌ للكتابِ والسنةِ والإجماع، فالبيتُ المقدَّسُ كان عنده من قبور الأنبياء والصالحين ما شاءَ اللهُ، فلمَّا عَصَوا الرَّسُولَ وخالفوا ما أمَرَهُم اللهُ به، سلَّطَ عليهم مَن انتقم منهم.



وكذلك أهلُ المدينة لَمَّا تغيَّروا بعضَ التغيُّر، جَرَى عليهم عامَ الحرَّة من النهبِ والقتلِ وغير ذلك من المصائب ما لم يجر عليهم قبل ذلك، وهذا أكثرُ من أن يُحصر.

ومنها: الدُّخول في لعنة رسول الله صلى الله عليه وسلم باتخاذ المساجد عليها وإيقادِ السُّرُج عليها.

ومنها: أنَّ ذلكَ يَتضمَّنُ عمارةَ المشاهدِ، وخَرَاب المساجدِ، كما هو الواقعُ، ودينُ الله بضدِّ ذلك.



ومنها: اجتماعُهم لزيارتها، واختلاطُ النساءِ بالرِّجالِ، ومَا يَقعُ في ضمن ذلك من الفواحش وتركِ الصلوات، ويَزعمون أن صاحب التربة تَحَمَّلَهَا عنهم، بل اشتُهرَ أنَّ البغايا يُسقطنَ أُجرتهُنَّ على البغاءِ في أيام زيارةِ المشايخ، كالبدويِّ وغيره تقرُّباً إلى اللهِ بذلك، فهل بعدَ هذا في الكفرِ غايةٌ؟!.



ومنها: كسوَتُهَا بالثيابِ النفيسةِ المنسوجةِ بالحريرِ والذهبِ والفضةِ ونحوِ ذلكَ.

ومنها: جَعلُ الخزائنِ والأموالِ، ووقفُ الوقوفِ لِما يُحتاجُ إليه من ترميمها، ونحوِ ذلكَ.

ومنها: إهداءُ الأموالِ ونذرُ النذور لسَدَنتها العاكفين عليها، الذين هُم أصلُ كُلِّ بليَّةٍ وكُفرٍ، فإنهم الذين يكذبون على الْجُهَّال والطَّغام، بأنَّ فلاناً دَعَا صاحبَ التُّربةِ فأجابه، واستغاثه فأغاثه، ومُرادُهُم بذلك تكثيرُ النُّذُرِ والهدايا لهم.



ومنها: جَعلُ السَّدَنةِ لها كَسَدنةِ عُبَّادِ الأصنامِ.

ومنها: الإقسامُ على اللهِ في الدُّعاءِ بالمدفونِ فيها.

ومنها: أنَّ كثيراً من الزُّوَّار إذا رأى البناءَ الذي على قبرِ صاحبِ التُّربةِ سَجَدَ له، ولا ريبَ أنَّ هذا كُفرٌ بنصِّ الكتابِ والسنةِ وإجماع الأمَّةِ، بل هذا هو عبادةُ الأوثانِ، لأنَّ السُّجودَ للقُبَّة عبادةٌ لها، وهو من جنسِ عبادةِ النصارى للصُّوَرِ التي في كنائسهم على صُوَرِ مَن يعبدونه بزعمهم فإنهم عَبَدُوها ومَن هيَ صُورتُه، وكذلكَ عُبَّادُ القُبور لَمَّا بنوا القبابَ على القُبور آلَ بهم إلى أنْ عُبدت القبابُ ومَن بُنيت عليه من دون الله عزَّ وجلَّ.



ومنها: النذرُ للمدفون فيها، وفرضُ نصيبٍ من المالِ والولدِ، وهذا هو الذي قال الله فيه: ﴿ وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعَامِ نَصِيبًا فَقَالُوا هَذَا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهَذَا لِشُرَكَائِنَا ﴾ [الأنعام: 136]، بل هذا أبلغُ، فإنَّ المشركين ما كانوا يَبيعون أولادَهُم لأوثانهم.

ومنها: أنَّ المدفونَ فيها أعظمُ في قلوب عُبَّاد القبور من الله وأخوفُ، ولهذا لو طَلَبتَ من أحدِهِمُ اليمينَ بالله تعالى أعطاكَ ما شئتَ من الأيمان كاذباً أو صادقاً، وإذا طَلَبتَ بصاحبِ التُّربةِ لم يُقدم إن كان كاذباً.



ولا رَيبَ أنَّ عُبَّاد الأوثان ما بلَغَ شركهم إلى هذا الحدِّ، بل كانوا إذا أرادوا تغليظَ اليمين غلَّظُوها بالله، كما في قصة القَسَامةِ وغيرها.

ومنها: سُؤالُ الميتِ قضاءَ الحاجاتِ، وتفريجَ الكُرُباتِ، والإخلاصُ له من دون الله في أكثرِ الحالاتِ.

ومنها: التضرُّعُ عندَ مَصَارع الأمواتِ، والبُكاءُ بالهيبةِ والخشوع لمن فيها أعظمُ مما يفعلونه مَعَ اللهِ في المساجدِ والصلوات.



ومنها: تفضيلُها على خيرِ البقاع وأحبِّها إلى الله وهي المساجدُ، فيعتقدونَ أنَّ العبادةَ والعُكوفَ فيها أفضلُ من العبادةِ والعكوفِ في المساجدِ، وهذا أمرٌ ما بلَغَ إليه شركُ الأولين، فإنهم يُعظِّمون المسجدَ الحرامَ أعظمَ من بُيوتِ الأصنام، ويرون فضلَهُ عليها، وهؤلاءِ يرون العكوفَ في المشاهدِ أفضلَ من العكوف في المساجدِ.



ومنها: أنَّ الذي شَرَعَهُ الرسولُ صلى الله عليه وسلم في زيارة القبورِ إنما هو تذكُّرُ الآخرةِ، كما قال: «زُوروا القبور فإنها تذكِّركم الآخرة»، والإحسانُ إلى المزورِ بالترحُّم عليه، والدُّعاءِ له، والاستغفارِ، وسؤالِ العافيةِ له، فيكونُ الزائرُ مُحسناً إلى نفسه وإلى الميتِ، فَقَلَبَ عُبَّادُ القبورِ الأمرَ، وعكَسُوا الدِّين، وجعلوا المقصودَ بالزِّيارة الشركَ بالميِّتِ، ودعاءَهُ والدُّعاءَ به، وسؤالَهُ حوائجهم ونصرَهُم على الأعداءِ ونحوَ ذلك، فصاروا مُسيئين إلى نفوسهم وإلى الميِّت.

ولو لم يكن إلاَّ بحرمانهِ بَرَكَةَ ما شَرَعَهُ اللهُ من الدُّعاء له، والتَّرَحُّمِ عليه، والاستغفارِ له.



ومنها: إيذاءُ أصحابها بما يَفعلُه عُبَّاد القبور بها فإنه يُؤذيهم ما يفعلونه عند قبورهم، ويكرهونه غايةَ الكراهةِ، كما أنَّ المسيحَ عليه السلام يكره ما يفعله النصارى، وكذلك غيرُهُ من الأنبياءِ والأولياءِ يُؤذيهم ما يفعله أشباهُ النصارى عندَ قُبورهم، ويومَ القيامةِ يَتبرَّؤُون منهم.

كما قال تعالى: ﴿ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لَا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ * وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ ﴾ [الأحقاف 5 - 6].



ومنها: مُحادَّةُ اللهِ ورسولهِ صلى الله عليه وسلم ومُناقَضةُ ما شَرَعه فيها.

ومنها: التَّعَبُ العظيمُ مَعَ الوِزرِ الكبيرِ، والإثمِ العظيمِ.

وكلُّ هذه المفاسدِ العظيمةِ وغيرُها مما لم يُذكر، إنما حَدَثت بسبب البناءِ على القُبورِ، ولهذا تجدُ القُبورَ التي ليسَ عليها قبابٌ لا يأتيها أحدٌ، ولا يَعتادُها لشيءٍ مما ذُكرَ إلاَّ ما شاءَ اللهُ.



وصاحبُ الشرع أعلمُ بما يَؤولُ إليه هذا الأمرُ، فلذلكَ غلَّظَ فيه، وأبدأَ وأعادَ، ولَعَن مَن فَعَلَهُ، فالخيرُ والهُدى في طاعته، والشرُّ والضلالُ في مخالفته، والعَجَبُ ممن يُشاهد هذه المفاسدَ العظيمةَ عندَ القبور، ثمَّ يَظُنُّ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم إنما نهى عن اتخاذِ المساجدِ عليها لأجلِ النجاسةِ، كما يَظنُّه بعضُ مُتأخِّري الفقهاءِ.

ولو كان ذلكَ لأجلِ النجاسةِ لكان ذكرُ المجازرِ والحُشُوشِ، بل ذكرُ التحرُّزِ من البولِ والغائطِ أولى.



وإنما ذلكَ لأجلِ نجاسةِ الشِّركِ التي وَقَعَت من عُبَّادِ القُبورِ لَمَّا خالفوا ذلك وَنبذوه ﴿ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ ﴾ [آل عمران: 187] [20].

فإن قيل: (رأَى ابن عُمَرَ رضي الله عنهما فُسْطَاطًا على قبرِ عبد الرحمن، فقال: انزعْهُ يا غُلامُ، فإنَّمَا يُظِلُّهُ عَمَلُهُ)[21].

فعائشة رضي الله عنها أمرت بنصب الفسطاط على قبر أخيها.

فالجوابُ: أنَّ (هذا الأثر ضعيف من أجل الرجل المبهم، وعلى فرض صحَّته فالصواب ما فَعَلَهُ ابن عمر، لعموم الأحاديث الدالة على تحريم البناء على القبور، وهي تشمل بناء القباب وغيرها، ولأن ذلك من وسائل الشرك بالمقبور، فحَرُمَ فعله كسائر وسائل الشرك)[22].

وأيضاً: فإنَّ هذا الأثر على فرض صحَّته فهو حُجَّة على منع البناء على القبور، فعائشة رضي الله عنها عندما أمرت بنصب الخيمة لم تعلم بالنهي، وقد أنكرَ ابنُ عمر رضي الله عنهما هذا المنكر وأمَرَ بإزالته.



فتبيَّن مما سبق حُرمة البناء على القبور، وأنه من وسائل الشرك، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

أسأل الله أن يُطهِّر بلاد المسلمين من هذه البدعة الشنيعة، إنه سميع مجيب.

هذا ما تيسَّر جمعه في هذه المسألة، والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.


[1] مجموع الفتاوى 27/ 167 - 168 لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.

وقال سعد المومني وطالب الصمادي: (تُؤكِّد الدراسات أن بداية تعظيم القبور، واتخاذها مشاهد وأضرحة، ارتبطت تاريخياً بأسماء: القرامطة، وبني بويه، والفاطميين العبيديين، والسامانيين، والحمدانيين، وجميعهم روافض، وإن تفاوتوا في درجة الغلوِّ) أضرحة الصحابة رضي الله عنهم في بلدة المزار جنوب الأردن دراسة أثرية معمارية ص283. مؤتة للبحوث والدراسات. سلسلة العلوم الإنسانية والاجتماعية. المجلد 27 عدد3 سنة 2012.

[2] شرح الصدور في تحريم رفع القبور ص20 للشوكاني، وقال الشيخ عبد الرحمن الجزيري: (أما حكم بناء المساجد على القبور فهو غير جائز باتفاق) مجلة الأزهر ج6 مجلد 12 جمادى الآخرة 1360 ص331.

[3] رواه مسلم 2/ 667 ح94-970 (باب النهي عن تجصيص القبر والبناء عليه).

[4] رواه مسلم 2/ 666 ح93-969 (باب الأمر بتسوية القبر).

[5] رواه مسلم 2/ 666-667 ح93-969 (باب الأمر بتسوية القبر).

[6] شرح الصدور في تحريم رفع القبور ص28.

[7]رواه الإمام أحمد في المسند 13/ 293 ح7914، وصحَّحه الألباني في أحكام الجنائز ص93 رقم49.

[8] تيسير العزيز الحميد 1/ 588، ويُنظر: المنتقى من فتاوى الشيخ صالح الفوزان 1/ 201.

[9] مواهب الجليل لشرح مختصر خليل 3/ 66.

[10] المصدر السابق 3/ 64.

[11] معرفة السنن والآثار 5/ 332 رقم 7741 (باب ما يُقال إذا أُدخل الميت قبره).

[12] إغاثة اللهفان 1/ 194.

[13] زيارة القبور الشرعية والشركية ص11-14 لمحمد البركوي الحنفي ت981 رحمه الله.

[14] فتاوى اللجنة الدائمة للإفتاء 1/ 186 فتوى رقم 5000 من المجموعة الأولى. برئاسة شيخنا ابن باز رحمه الله.

[15] مجموع فتاويه 8/ 21-22.

[16] فتاوى كبار علماء الأزهر حول الأضرحة والقبور ص42.

[17] كتاب القاضي العدل في حكم البناء على القبور ص155-156 لتقي الدين محمد بن عبد القادر الهلالي ت1407 رحمه الله.

[18] نيل الأوطار 4/ 102-103.

[19]قال ابن كثير رحمه الله في ترجمة: الخضر بن نصر الإربليُّ الشافعيُّ رحمه الله: (كان فاضلاً ديِّناً، انتفعَ بهِ الناسُ.. وترجمه ابنُ خَلِّكَانَ في الوفياتِ، وقال: «قبرُه يُزارُ، وقد زُرته غير مرَّة، ورأيتُ الناس ينتابون قبره، ويتبركون به»، وهذا الذي قاله ابن خلكان مما يُنكره أهلُ العلم عليه وعلى أمثاله ممن يُعظِّم القبور) البداية والنهاية 12/ 287.

[20] تيسير العزيز الحميد 1/ 592-597.

[21] ذكره البخاري تعليقاً ص218 ( كتاب الجنائز: باب الجريدة على القبر ).

[22] من تعليق شيخنا ابن باز رحمه الله على فتح الباري لابن حجر 3/ 286 هامش رقم 1.


الالوكة

.............
رد مع اقتباس
قديم 6/9/2021, 01:28 PM   رقم المشاركة : ( 2 )
أبو يوسف الأهلاوي
مـهـندس مـحـتـرف


الملف الشخصي
رقم العضوية : 424970
تاريخ التسجيل : Feb 2020
العمـر : 40
الجنـس :  سيناتور
الدولـة : الشرقية
المشاركات : 2,085 [+]
آخر تواجـد : ()
عدد النقاط : 312
قوة الترشيـح : أبو يوسف الأهلاوي يسعي للتميزأبو يوسف الأهلاوي يسعي للتميزأبو يوسف الأهلاوي يسعي للتميزأبو يوسف الأهلاوي يسعي للتميز

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

أبو يوسف الأهلاوي غير متصل

افتراضي رد: البناء على القبور .

شكرا جزيلا لك اخى الفاضل وجعله الله في ميزان حسناتك
  رد مع اقتباس
قديم 6/9/2021, 02:05 PM   رقم المشاركة : ( 3 )
Ahmed taha
العضويه الذهبية للفلاشات


الملف الشخصي
رقم العضوية : 429449
تاريخ التسجيل : Apr 2020
العمـر :
الجنـس :  استرا
الدولـة :
المشاركات : 3,179 [+]
آخر تواجـد : ()
عدد النقاط : 257
قوة الترشيـح : Ahmed taha يسعي للتميزAhmed taha يسعي للتميزAhmed taha يسعي للتميز

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Ahmed taha غير متصل

افتراضي رد: البناء على القبور .

سلمت يداك وجزاك الله خيرا
توقيع » Ahmed taha




 

  رد مع اقتباس
قديم 7/9/2021, 01:18 PM   رقم المشاركة : ( 4 )
محمود الاسكندرانى
كبير مشرفين المنتدى الاسلامى والبيت العائلى

الصورة الرمزية محمود الاسكندرانى

الملف الشخصي
رقم العضوية : 105086
تاريخ التسجيل : Jun 2008
العمـر :
الجنـس :
الدولـة :
المشاركات : 2,405 [+]
آخر تواجـد : ()
عدد النقاط : 271
قوة الترشيـح : محمود الاسكندرانى يسعي للتميزمحمود الاسكندرانى يسعي للتميزمحمود الاسكندرانى يسعي للتميز

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

محمود الاسكندرانى متصل الآن

افتراضي رد: البناء على القبور .

توقيع » محمود الاسكندرانى

 

  رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:15 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir

Google Adsense Privacy Policy | سياسة الخصوصية لـ جوجل ادسنس

الساده الاعضاء و زوار منتديات المهندسين العرب الكرام , , مشاهده القنوات الفضائيه بدون كارت مخالف للقوانين والمنتدى للغرض التعليمى فقط

RSS RSS 2.0 XML MAP HTML

^-^ جميع آلمشآركآت آلمكتوبهـ تعبّر عن وجهة نظر صآحبهآ ,, ولا تعبّر بأي شكلـ من آلأشكآل عن وجهة نظر إدآرة آلمنتدى ~