قال آيتك ألا تكلم الناس ثلاثة أيام إلا رمزا

[2hossain]

أعـوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على سيدنا محمد أشرف الخلق أجمعـين وعلى آله وصحبه أجمعين ..وبعد :
يقول الله سبحانه وتعالى " كتاب أنزلناه إليك ليدبروا آياته وليتذكر أولوا الألباب " 29 سورة ص ...
اللـهم لا علم لنا إلا ما عـلمتـنا،إنك أنت العـلـيم الحكيم،اللـهم علمنا ما ينفعـنا،وأنفعـنا بما علمتـنا،اللـهم أرنا الحـق حقا وارزقنا إتباعه، وأرنا الباطل باطلا وارزقنا اجتـنابه
واجعـلنا ممن يستمعـون القول فيتبعـون أحسنه ....
في روضة من رياض القرآن الكريم نلتف ونتدبر حول قوله تعالي : بسم الله الرحمن الرحيم :
1 ـــ ( قال رب اجعل لي آية قال آيتك ألا تكلم الناس ثلاثة أيام إلا رمزا واذكر ربك كثيرا وسبح بالعشى والإبكار ) ـــ 41 سورة آل عمــران
2 ـــ ( قال رب اجعل لي آية قال آيتك ألا تكلم الناس ثلاث ليال سويا . فخرج علي قومه من المحراب فأوحي إليهم أن سبحوا بكرة وعشيا ) ـــ 10 ، 11 سورة مريم
3 ـــ ( وزكريا إذ نادي ربه رب لا تذرني فردا وانت خير الوارثين فاستجبنا له ووهبنا له يحىي وأصلحنا له زوجه إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ... ) ـــ 89 / 90 سورة الأنبياء
هذه الآيات الكريمة تتعلق بدعوة زكريا عليه السلام أن يهبه الله الولد، وزكريا كما نعلم أنه كفيل مريم، عندما رأى عندها من ألوان الرزق في غير أوانه تعجب وقال لها :
( أنى لك هذا قالت هومن عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب ) ـــ 37 آل عمران
فساعة أن قالت له مريم إن الله يرزق من يشاء بغير حساب نبهت إيمانا موجودا فى أعماقه وأيقظت فيه الشعور وقال ما دام الله يرزق بغير حساب ويأتى بالأشياء بلا أسباب
فلماذا لا أطلب من ربى أب يهبنى غلاما وأنا قد بلغت من الكبر عتيا وامرأتى عاقر وأنا لا أملك أسباب الأبوة والأمومة ، وهنا طلب الهبة من الله والهبة شىء بلا مقابل
لأنه يعترف ان ليس لديه الأسباب التي تجعل له ولدا لأنه كبير السن وامرأته عاقر إذن فعطاء الله له هبة وليست حقا ونحن هنا ليس بصدد سرد تلك القصة باستفاضة ولكن مقدمة
لإلقاء الضوء لتلك الآبات الكريمة المذكورة أعلاه ، وتوضيحا لمن يجهل لغة القرآن العظيم والذى هو كلام رب العالمين وللذين يزعمون أن القرآن به كلام متشابه وأنه من قول
البشر حاشا لله ولو أنهم أجهدوا أنفسهم فى تعلم لغة القرآن قدر إجهاد انفسهم بالباطل لوصلوا إلي عظمة القرآن وبلاغته ، والمتدبر لآيات القرآن الكريم لا بد أن يتناول دقة التعبير
فلا نجد حرفا زائدا بلا معنى ولا كلمة مترادفة إلى أخر ما يقال في تهجمهم على القرآن العظيم ....
يسبق الأية 41 من سورة آل عمران : ( فنادته الملائكة وهو قائم يصلى فى المحراب أن الله يبشرك بيحيى ........ ) ــــ 39 سورة آل عمران
والبشرى هو اسم بدلالاته يحمل كل خير إلى المُبشَر ومعناه الخبر المُفرح وطالما أن البشرى من الله فقد انتهى الكلام وحُسِم الدعاء .
1 ـــ ( قال رب اجعل لي آية قال آيتك ألا تكلم الناس ثلاثة أيام إلا رمزا واذكر ربك كثيرا وسبح بالعشى والإبكار ) ـــ 41 سورة آل عمــران
2 ـــ ( قال رب اجعل لي آية قال آيتك ألا تكلم الناس ثلاث ليال سويا . فخرج علي قومه من المحراب فأوحي إليهم أن سبحوا بكرة وعشيا ) ـــ 10 ، 11 سورة مريم
علما بأن الآيات الثلاث مرتبطة ببعض ومتعلقة بدعوة زكريا عليه السلام أن يهبه الله الولد ....

( قال رب اجعل لي آية قال آيتك ألا تكلم الناس..... ) زكريا عليه السلام يطلب من ربه علامة على أن دعائه ونداءه انتقل من القول : ( إذ نادى ربه نداء خفيا ... )
إلى استجابة الدعاء أى إلى الفعل ( فاستجبنا له ووهبنا له يحىي )
1 ـــ ( قال آيتك ألا تكلم الناس ثلاثة أيام إلا رمزا .... )
2 ـــ ( قال آيتك ألا تكلم الناس ثلاث ليال سويا )
فى الآية الأولى : ثلاثة أيام إلا رمزا ...... وفى الآية الثانية : ثلاث ليال سويا
هل يوجد فرق بين اليوم والليلة ؟ .... يقول الله تعالى فى سورة الحاقة : ( ...... سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام ... ) ـــ 7
إذن هناك فرق بين اليوم والليلة ، اليوم ينتهى بعد غروب الشمس وتبدأ الليلة... وتكون الليلة تابعة لليوم، فنقول مثلا ليلة الجمعة إذا غربت شمس يوم الخميس وتستمر
الليلة إلي طلوع الفجر وكما قال ربنا : ( ...سلام هي حتي مطلع الفجر ) واليوم والليلة 24 ساعة فاليوم هو النهار وفيه المعاش للناس والجري علي الأرزاق...
أما الليل فجعله سباتا للنوم والراحة والسكون ومن هنا يظهر الفرق بين اليوم والليلة ... وكما يقول ربنا تبارك وتعالي :
( وجعلنا نومكم سباتا وجعلنا الليل لباسا وجعلنا النهار معاشا ) ـــ 9 ، 10 ، 11 سورة النبأ

1 ـــ ( قال آيتك ألا تكلم الناس ثلاثة أيام إلا رمزا ... ) ـــ 41 سورة آل عمــران
2 ـــ ( قال آيتك ألا تكلم الناس ثلاث ليال سويا ) ـــ 10 سورة مريم
هناك فرق بين أن يقدر الإنسان على الكلام ولا يتكلم بمحض إرادته ، وبين ألا يقدر على الكلام بشيء خارج عن إرادته كمرض يمنعه من الكلام ...
وهل يستطيع إنسان أن يمنع نفسه عن الكلام أمام الناس لمدة أيام ؟ لا أعتقد !! حتى وإن تعامل بالإشارة فلا بد أن يتكلم سهوا لسلامة لسانه ..
لكن هـنا مع زكريا عليه السلام الوضع يختلف لماذا ؟ لأن الله هو الذي عقد لسانه عن الكلام مع الناس لمدة محددة لكن مكن الله تفاهمه مع الناس بالإشارة أيا كانت صفة هذه
الإشارة ، سواء أشار بيده أو بعينه أو بحاجبه أو برأسه أو غيرها، كدلالة على ما يريد من قومه ..
والهبة من الله عطاء بلا مقابل فالحق هو الذى قال له : سأمنعك من أن تتكلم ، فساعة أن تجد نفسك غير قادر على الكلام فاعرف أنها العلامة .
أى علامة ؟ على أن يحىي قد تم إيجاده فى رحم أمه !!! و( ألا ) ليست للنهي عن الكلام بل هى إخبار عن حالة ستحدث لزكريا دون إرادته كما أوضحنا فلا يستطيع أن يكلم الناس مع سلامة جوارحه
ودون مرض يمنعه من الكلام ، ( وسويا )أى سليما معافى لا نقص في جوارحه ، بل آية من آيات الله. والذى حدث مع زكريا عليه السلام أمر كوني لا إختيار له فيه وكأن الحق سبحانه وتعالى يعطينا الدليل على أن الأسباب تكون سليمة وصالحة ولكن دون إرادة فاللسان هنا موجود، وأعضاء النطق
سليمة، ولكنه لا يقدر على الكلام فتأمل أخى المسلم طلاقة قدرة الله تعالى وهب لزكريا الولد دون وجود الأسباب، ومنع عنه الكلام مع وجود الأسباب !!!

1 ـــ ( ....... واذكر ربك كثيرا وسبح بالعشى والإبكار ) ـــ 41 سورة آل عمــران
2 ــــ (... فخرج علي قومه من المحراب فأوحي إليهم أن سبحوا بكرة وعشيا ) ـــ 11 سورة مريم
إن زكريا عليه السلام لم يطلب الآية لأنه يشك حاشا لله، في قدرة الله ولكن يريد أن يعيش في نطاق الشكر علي النعمة لأنه قبل ذلك كان فى المحراب يتعبد لله فمجرد أن يحدث
الإخصاب فلا بد أن يحيا فى نطاق الشكر والحمد على هبة الله، وهى نعمة الولد ولو تأملنا فى الآبة نجد أن زكريا عليه السلام قادر على ذكر الله وتسبيحه ( وسبح بالعشى والإبكار
وغير قادر علي الكلام مع الناس لماذا ؟ لأن الله لا يريد أن يشغله كلام الناس عن ذكره وتسبيحه والثلاثة أيام هي فترة تسبيح زكريا عليه السلام ( وسبح بالعشى والإبكار )
يبدأ اليوم الأول بالعشي أي ليلا وينتهي بالابكار أي نهارا أي يجعل يومه ذكرا وتسبيحا ، وكمال فترة الذكر والتسبيح لذكريا عليه السلام ثلاثة أيام بتمامها...وفي الآية الثانية :
( ... فخرج علي قومه من المحراب فأوحي إليهم أن سبحوا بكرة وعشيا ) ـــ 11 سورة مريم
( فأوحي إليهم ) الوحى هنا إشارة من زكريا عليه السلام إلي قومه أيا كانت صفة هذه الإشارة سواء أشار بيده أو بعينه أو بحاجبه أو برأسه أو غيرها، كدلالة
على ما يريد من قومه .. كما ذكرنا من قبل .
( أن سبحوا بكرة وعشيا ..) ...فترة تسبيح قوم زكريا ثلاث ليال ( سبحوا ) يبدأ اليوم الأول ( بكرة ) أى نهارا ... وينتهي ( عشيا ) أى ليلا ثلاث ليال ...كمال فترة تسبيح
قوم زكريا كأنه نظام عمل أي اجعلوا النهار بالتسبيح بداية ونهاية .... لما بدت على زكريا عليه السلام علامات الفرح بالبشرى رأى أن شكره لله لا يوفى بهذه النعمة
الكبيرة ، وهنا أراد أن يشرك قومه معه فى فرحته وسروره لأن قومه كانوا يعرفون أن زوجته كبيرة السن من جهة وعاقرا من جهة أخرى فأمر قومه أن يسبحوا الله
معه ويشكروه بكرة وعشيا علي هذه النعمة لأن النعمة لا تخصه وحده بل هى لعامة قومه بعد ذلك ، كما قال في دعائه : ( .... يرثـنى ويرث من آل يعقوب .... )
والورث هنا ليس ميراث مالا بل أراد ميراث النبوة والعلم ......

ألا تكلم الناس ثلاثة أيام .....
وهنا السؤآل ، لماذا ثلاثة أيام ؟ إنها حكمة وحكمة علمية !!!!!
وهى المدة التي يثبت ويتم فيها الحمل عند المرأة وهى معروفة في علم الاجنة من خلال هرمون معين وهذا الهرمون يفرز مباشرة في مدة مابين 24 ساعة إلي 48 ساعة
وله مهمة معينة في جسد المرأة لكى يتقبل الحمل... والمرأة الحامل تستطيع أن تعلم أنها حامل بعد مرور 3 أيام ودون أن ندخل فى تفاصيل مستفيضة فى هذا العلم والذى دعانى
لهذا إننى كنت لا أجد تفسيرا دقبقا ومقنعا عن الثلاثة ايام فى معظم كتب أمهات التفسير إلا عبارة : " لحكمة يعلمها الله " فدعوت نفسي أن أسأل أهل العلم في ذلك تنفيذا
لأمر الله تعالي ( فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون ) ـــ 43 سورة النحل علي أن تكون الإجابة منطقية ومقنعة ... لماذا حدد الله صوم زكريا عن الكلام بثلاثة ايام إلا رمزا ؟
فآثرت أن أنقل ما قرأته فى أحد المجلات الطبية عن المدة التى يثبت فيها الحمل عند المرأة :
( الإخصاب ليس عملية فورية إنها عملية معقدة تتطلب ظروف مثالية لا تحدث فى نفس اللحظة التى يبلغ فيها الفعل الجنسى ذروته لأنه فى الواقع يحدث بعد مرور من يومين إلى ثلاثة أيام من القذف فنجد أن بويضة الأنثى تلقح أو تمنى خلال 24 ساعة وبعدها يحدث تغيير فيى جسد المرأة بإفراز هرمون معين يكون فى الدم في مدة ما بين 24 ساعة إلى 48 ساعة ومهمته هومساعدة جهاز المناعة عند المرأة الحامل لكى يستطيع جسدها أن يتقبل الحمل وفي الحقبقة تستطيع المرأة أن تعلم أنها حامل بعد مرور3 أيام للحمل من خلال بوادر وأعراض ... لكن الأطباء يفضلون الإنتظار مدة أطول لفحص المرأة للتأكيد من حملها بواسظة فحص هرمون أخر يظهر في البول إذن هنا المرأة تحتاج إلي انتظار ثلاثة أيام أو ثلاثة ليالي لكي يثبت الحمل... )
هذا ما قرأته باختصار من أحد الكتب العلمية الطبية ، ولا نجد جوابا أعلي وأقوى من هذا الجواب وهو إعجاز علمي من القرآن الكريم ....
ومن هنا انتقل الدعاء من الكلام إلي الفعل ... فسبحان من قال للشىء كن فيكون .

ثم نأتى إلى قوله تعالى : ( وزكريا إذ نادي ربه رب لا تذرني فردا وانت خير الوارثين فاستجبنا له ووهبنا له يحىي وأصلحنا له زوجه ) ـــ 89 / 90 سورة الأنبياء
وأصلحنا له زوجه :
بعد أن كانت زوجة زكريا عاقرا أى لا تلد أصلح له الله زوجته بفعل ربانى أعادت لها مسألة الإنجاب ( كذلك الله يفعل مايشاء ) لان من المعروف أن المرأة تلد
طالما أن فيها البويضات التى تكون الجنين فإذا ما انتهت هذه البويضات أصبحت المرأة عقيمة لكن لماذا لم يقل لزكريا أصلحناك ؟ لأن الرجل صالح للإنجاب طالما قادرا
علي إتيان زوجته جنسيا ولا تعوقه أسباب تمنع الإنجاب مهما كبر ...خلاف المرأة عندما تكبر وتقطع الحيض فلا تنجب وصرف النظر عن الكبر فى السن وجود مشكلات فى جهازها التناسلى فعندما يقول الله : وأصلحنا له زوجه : إعلم أن الفعل والإصلاح الربانى غير الفعل والإصلاح البشرى مهما تقدم العلم ......

وصلـــــى اللــــــه علـى ســــــيدنا محـــمد الموصـــــوف بخــير الصفـــات والأسمــــاء، شـــمس الســــماء فـى ســـائر الأرجـــاء
سبحان الله وبحمده سبحان الله العـظـــيم

[محمود الاسكندرانى]

شكراً لك اخي الكريم

[عبدالرازق ابو محمد]

شكراً لك اخي الكريم

[۩◄عبد العزيز شلبى►۩]

كل عام و أسرة المنتدى بخير