رسول الله صلى الله عليه وسلم قاضياً

[ايمن مغازى]

بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن أتبع هداه الى يوم الدين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الرسول قاضياً
العدل هو الغاية من رسالات الله ؛ والعدل قيمة من القيم الإسلامية السامية ؛ ذلك أن اقامة الحق والعدل بهما تشيع الطمأنينة ؛ وينتشر الأمن ؛ وتشد علاقات الافراد ؛ وتقوى الثقة بين الحاكم والمحكوم ؛ وتنمى الثروة ؛ وتزيد فى الرخاء ؛ وتدعم الأوضاع ؛ فلا تتعرض لخلخلة أو اضطراب ؛ ومن ثم يمضى كل من الحاكم والمحكوم إلى غايته فى العمل ؛ والإنتاج ؛ وخدمة البلاد .

وبإرساء قواعد الحق والعـدل لايقف فى طريق الحاكم أو المحكوم ما يعطل نشاطه ؛ أو يعوقه عن النهوض ؛ والبناء المثمر للبلاد ؛ ولا يتحقق العدل إلا بإيصال كل حق الى مستحقه ؛ والحكم بمقتضى ما شرع الله من أحكام ؛ وبتجنب الهوى بالقسمة بين الناس بالسوية .

وما كانت مهمة رسل الله إلا القيام بالحق والعدل وإنفاذهما ؛ وما كانت أيضاً وظيفة أتباع الرسل إلا السير على هـذا النهج كى تبقى النبوة تمد الناس بظلها الظليل الوارف ؛ قال الله تعالى :
)لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمْ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ( سورة الحديد الاية 25 .
اذن مهمة الرسل بعد أن يمدهم الله تعالى بالكتاب والميزان لتعليم الناس إقامة القسط .
وقال الله تعالى :
(يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعْ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ) سورة ص الآية 26 .
ومن أهم الوسائل التى يتحقق بها القسط ؛ وتحفظ عن طريقها الحقوق ؛ وتصان بموجبها الدماء والأعراض وتحفظ الأموال ؛ إقامة النظام القضائى الذى فرضه الإسلام وجعله جزءاً من تعاليمه ؛ وركـيزة من ركائزه التى لابد منها ولا غنى عنها .
وكان أول من تولى وظيفة القضاء فى الإسلام هو الرسول صلى الله عليه وسلم ؛ قال الله تعالى :
(إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيماً (سورة النساء الاية 105 .
قواعد تولى القضاء
ولاشك أن للقضاء قواعد يجب ان تتوافر فى القاضى ؛ حتى يحكم بالقسط ؛ ويصل الى الحق ؛ وهى شروط أساسية لابد من توافرها ؛ وإلا كانت ثمار تغييبها ظلم بين وجور شديد ؛ وانتشار الفساد بين الناس ؛ وهو ما فيه هلاك البلاد والعباد . فمن هذه القواعد والصفات التى يجب ان تتوافر فى القاضى العلم والورع ؛ فهما خصلتان لايصلح للقضاء من فقدهما ؛ فأما العلم فبه يقضى القاضى ؛ وأما الورع به يمتنع على القاضى اتباع الهوى ؛ وقد اتفق مالك وأبو حنيفة والشافعى على انه :

" لايجوز لحاكم أن يحكم بين الناس حتى يكون عالماً بالحديث والفقه معاً مع وجود عقل وورع " . وكان الإمام مالك يقول : " ان للقضاء خصالاً لابد أن تتوافر فى القاضى ؛ ولايصلح حكم بين الناس إلا بها ؛ لا أراها تجتمع اليوم فى أحد ؛ فإذا اجتمع منها خصلتان فليتولى القضاء ؛ العلم والورع " .

وقد قال عبد الملك بن حبيب فاذا لم يكن علم وورع ؛ فليكن عقل وورع ؛ فبالعقل يسأل وبه تصلح خصال الدنيا ؛ وبالورع يعـف ؛ وهو ان طلب العلم وجده ؛ لكنه ان طلب العقل لم يجده .

ويقول الإمام الشافعى أن من هذه القواعد ان يساوى القاضى بين الخصوم فى خمسة أشياء ؛ فى الدخول عليه - والجلوس بين يديه - والاقبال عليهما - والاستماع لهما - والحكم عليهما .

أما عن النهج القضائى فى الإسلام فيتضح لنا عند إرسال النبى صلى الله عليه وسلم لمعاذ إلى اليمن فقال له : بم تقضى ..؟ قال بكتاب الله . قال : فان لم تجد ..؟ قال فبسنة رسول الله . قال : فان لم تجد : قال فبرأيى "

اذن فالعلم والعقل يتضحان من هذا الحديث ؛ فالقضاء كما رآه القاضى معاذ الذى اختاره النبى صلى الله عليه وسلم له ؛ وكما اقره النبى صلى الله عليه وسلم ؛ قضاء بكتاب الله ثم بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ ثم اجتهاد برأى القاضى ؛ ومن ثم فان العلم والعقل صفتان لابد من توافرهما فى القاضى فى كل وزمان ومكان .

وهناك ثمة قاعدة أصولية لابد أن يسير عليها القاضى ؛ فمهما أوتى من العلم ؛ ومن العقل ؛ ومن الورع ؛ فان حكمه معرض للفساد والهوى والبعد عن الحق ، ان هو حكم بين الناس وهو غضبان ؛ نعم فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لايقضين حاكم بين اثنين وهو غضبان ". متفق عليه – اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان .

وهذا الهدى النبوى هو ما فهمه الصحابه ؛ وسارواْ على نهجه ؛ ولو كان المقام يتسع لتوقفنا طويلاً مع هذا الهدى ؛ لكننا نستطيع أن نوجزه حتى نتوقف مع امثله ونماذج لاقضية رسول الله صلى الله عليه وسلم . لذا نتوقف مع رسالة عمر بن الخطاب الذى وضع دستوراً للقضاء فى الرسالة التى أرسلها إلى أبى موسى الأشعرى ؛ اذ قال :

" بسم الله الرحمن الرحيم : من عبد الله عمر بن الخطاب أمير المؤمنين إلى عبد الله بن قيس . سلام عليك . أما بعد : فإن القضاء فريضة محكمة وسنة متبعة ؛ فافهم إذا أدلى إليك فانه لا ينـفــع تكلم بحق لانفاذ له . آس – ساوى - بين الناس فى وجهك وعدلك ومجلسك حتى لايطمع شريف فى حيفك – ميلك اليه – ولا ييأس ضعيف من عدلك . البينة على من أدعى واليمين على من أنكر ؛ والصلح جائز بين المسلمين إلا صلحاً أحل حراماً أو حرم حلالاً . لايمنعك قضاء قضيته اليوم فراجعت فيه عقلك وهديت فيه لرشدك أن ترجع إلى الحق . فإن الحق قديم ومراجعة الحق خير من التمادى فى الباطل . الفهم الفهم فيما تلجلج – تردد – فى صدرك مما ليس فى كتاب ولا سنة ؛ ثم اعرف الأشباه والأمثال فقس الأمور عند ذلك ؛ واعمد الى أقربها الى الله وأشبهها بالحق ؛ وأجعل لمن أدعى حقاً غائباً أو بينة أمداً ينتهى اليه ؛ فإذا حضرت بينته أخذت له بحقه ؛ والا استحللت عليه القضية فانه أنفى للشك وأجلى للعمى . المسلمون عدول بعضهم على بعض الا مجلوداً فى حد أو مجرباً عليه شهادة زور ؛ أو ظنيناً – متهم – فى ولاء أو نسب ؛ فان الله تولى منكم السرائر ودرأ – دفع – بالبينات الايمان ؛ وإياك والقلق والضجر – ضيق الصدر وقلة الصبر - والتأذى من الخصوم والتنكر عند الخصومات ؛ فإن الحق فى مواطن الحق يعظم الله به الأجر ويحسن به الذخر ؛ فمن صحت نيته وأقبل على نفسه كفاه الله ما بينه وبين الناس ؛ ومن تخلق – أظهر لهم فى خلقه خلاف نيته – للناس بما يعلم الله انه ليس من نفسه شانه الله ؛ فما ظنك بثواب الله عز وجل فى عاجل رزقه وخزائن رحمته . والسلام "

ولاشك أن هذه الرسالة مستمده من ذلك الهدى الذى تعلمه عمر من القرآن الكريم دستور هذه الامة ؛ ومن هدى النبى صلى الله عليه وسلم الذى يمثل المذكرة التفسيرية لهذا الدستور ؛ ولو أردنا أن نتوقف متأملين ؛ ومفسرين ؛ لتوقفنا طويلاً ؛ لكن حسبنا الان أن نتوقف مع أقضية رسول الله صلى الله عليه وسلم .

ولا شك أن أقضية رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر مما يتناقله عوام الناس ؛ بل أكثر مما نسمع به من كثير العلماء ؛ لان سرد هذه الاقضية يحتاج الى ضرورة الحديث عن أمور بعينهـا ؛ وهـو أمر يوزنه كـل داعية حسـب موقفه ومكـانه وزمـانه ؛ ويحـتاج الى كـثير من التفصيل ومن التخصـص ؛ ومن ثم فـان أقضية رسول الله صلى الله عليه وسلم متعددة ؛ كثيرة حتى أن الامام العلامـة الجليل أبو عبد الله محمد بن فرج المالكـى القرطبى ألف كتاباً أطلق عليه " أقضية رسول الله صلى الله عليه وسلم " وسطر فيه مائة واثنين وخمسون حكماً لرسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ ونحن لانستطيع التعرض لها جميعاً ؛ لكن من أمثلتها :

القضية الأولى : القتل الخطأ : اسقاط حامل
الوقائع : من الموطأ والبخارى ومسلم ؛ عن ابى هريرة : " أن امرأتين من هذيل رمت احداهما الاخرى فطرحت جنينها ؛ فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بغرة عبد أو وليدة "
فقد قامت مشاجرة بين أمراتين من قبيلة هزيل ؛ وتعاركتا ؛ فرمت احداهما الأخرى بحجر ؛ فسقط على بطنها وكانت حامل ؛ فطرحت جنيها قتيلاً .
قال مالك بن أنس فى مصنف عبد الرازق بن عكرمة : ان اسم الهذلى الذى قتلت احدى امرأتيه الاخرى : حمل ابن مالك بن النابغة ؛ وان اسم القاتلة عفيف ابنة مسروح ؛ و اسم من قتل جنينها : مليكة بنت عويمر .
الحكم : قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بغرة ؛ والغرة كما يعرفها العلماء هى نصف عشر الدية من العبيد والاماء ؛ وكانت تعادل وقتئذ خمسين ديناراً أو ستمائة درهم .

القضية الثانية : الجاسوس
الوقائع : جاء فى البخارى وغيره ؛ عن اياس بن سلمة بن لأكوع عن أبيه قال : جاء عين - جاسوس - من المشركين الى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو نازل ؛ فلما انسل ؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اقتلوه ؛ فابتدره القوم ؛ قال : وكان أبى يسبق الفرس ؛ فسبقهم اليه فأخذ بخطام راحته فقتله ؛ فنفله رسول الله صلى الله عليه وسلم سلبه .
فالقضية هنا جاسوس يأتى لينقل الأخبار الى الأعداء ؛ ويكتشفه الرسول صلى الله عليه وسلم ؛ فيقضى بحكمه صلى الله عليه وسلم على هذا الرجل .
الحكم : قتل الجاسوس .

القضية الثالثة : رد وبطلان عقد زواج
الوقائع : جاء فى الموطأ والبخارى ومسلم والنسائى ومصنف عبد الرازق عن خنساء ابنة جذام الانصارية : أن اباها زوجها وهى ثيب ؛ فكرهت ذلك ؛ فأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فرد نكاحه .
فقد جاءت خنساء ابنة جذام وهى ابنة رجل من الانصار ؛ قام بتزويج ابنته الثيب من ابن اخ له كما جاء فى رواية اخرى على لسان ابنته : " يريد أن يرفع خسيسته بى ولم يستأمرنى فهل لى فى نفسى " دون ان يعرض عليها الامر ؛ أو حتى يسألها عن رأيها ولما علمت بذلك كرهته ؛ فذهبت الى النبى صلى الله عليه وسلم تتضرر من هذا الزواج الذى لا ترتضيه ؛ فكان حكم النبى صلى الله عليه وسلم .
الحكم : رد النكاح .
وفى رواية اخرى انها قبلت الزواج بعد حكم الرسول ولكنها قالت أردت ان اعلم النساء أن لهن فى أنفسهن أمراً أم لا .

القضية الرابعة : الزواج الذى تحل به الزوجة لزوجها الأول
الوقائع : جاء فى الموطأ والبخارى والنسائى : أن رفاعة بن سموال طلق امرأته تميمة بنت وهب ثلاثاً فى عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ فنكحت عبد الرحمن بن الزبير ؛ فاعترض عنها فلم يستطيع أن يمسها ففارقها ؛ فأراد رفاعة زوجها الأول أن يتزوجها ؛ فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : لاتحل لك حتى تذوق العسيلة . وفى غير الموطأ : حتى يذوق عسيلتها وتذوق عسيلته .
الحكم : لاتحل الزوجه لزوجها بعد زواجها من زوج اخر الا بعد أن يواطئها الزوج الثانى مواطئه فعليه . بل من الفقه انه لو اتاها وهى نائمة لاتشعر بذلك لم تحل للزوج الاول ؛ فالمعول عليه ان تذوق عسيلته ويذوق عسيلتها ؛ فلابد ان تشعر باللذة ومقياس ذلك الوطىء الفعلى .

القضية الخامسة : الخلع
الوقائع : جاء فى البخارى والنسائى والموطأ : أن حبيبة بنت سهل كانت تحت ثابت بن قيس بن شماس ؛ وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج الى الصبح ؛ فوجد حبيبة بنت سهل عند بابه فى الغلس ؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من هذه ..؟ قالت : أنا حبيبه بنت سهل . قال : ما شأنك ..؟ فاشتكت زوجها قيس بن ثابت.. فلما جاء زوجها ثابت بن قيس قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه حبيبة بنت سهل ذكرت ما شاء الله ان تذكر ؛ فقالت حبيبة : يارسول الله كل ما اعطانى عندى ؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لثابت : خذ منها ؛ فأخذ منها ؛ وجلست فى أهلها .
والذى وقــع فى البخــارى ومســـلم : أن امرأة ثابت بن قيـس بن شماس قالت : ما أعتب عليه فى خلق ولا دين ؛ ولكنى أكره الكفر فى الاسلام ؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أتردين عليه حديقته ..؟ قالت نعم . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أقبل الحديقة وطلقها تطليقه .
ووقع فى كتاب ابن المنذر : ان عثمان بن عفان قال تعتد بحيضة واحدة ؛ وهو رأى عبد الله بن عمر ؛ ولكن الذى عليه جمهور الفقهاء والعلماء ان عدتها مثل عدة المطلقة ثلاثة قروء .
الحكم : تطليق المرأة التى تبغض معاشرة زوجها بضوابط .

القضية السادسة : الاستهام باليمين
الوقائع : جاء فى" الدلائل " أن رجلين اختصما الى النبى صلى الله عليه وسلم فى أمر ؛ وجاء كل واحد منهما بشهود عدول على عدة واحدة ؛ فأسهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهما .
وفى حديث أخر : أن رجلين تنازعا فى بيع وليست بينهما بينه فأمرهما رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يستهما على اليمين أحبا أو كرها .
والفرض هنا تساوى وضع المدعى والمدعى عليه فى شهادة العدول ؛ أو عدم وجود شاهد ؛ وتساوى دعوة كل من المدعى والمدعى عليه ؛ فالاستناد الى اليمين ؛ يستهما عليها المدعى والمدعى عليه .
وقد يوضح المعنى ما جاء فى البخارى ؛ قال أبو هريرة : عرض النبى صلى الله عليه وسلم على قوم اليمين ؛ فأسرعواْ فأمرهم أن يسهم بينهم أيهم يحلف .

وفى رأى بعض العلماء يجوز القضاء بشاهد واحد ويمين عند مالك والشافعى فى الأموال ؛ أما أبو حنيفة فلا يرى القضاء بشاهد ويمين فى شىء .
الحكم : الأقتراع بين المدعى والمدعى عليه ليحلف من تخرج عليه القرعة اليمين ؛ وذلك عند تساوى موقف كل منهما .

القضية السابعة : اللقطة
الوقائع : جاء البخارى ومسلم والنسائى : أن رجلاً جاء الى النبى صلى الله عليه وسلم فسأله عن اللقطة فقال صلى الله عليه وسلم : عرف عفاصها – أى : الوعاء الذى تكون فيه – ووكاءها - أى : الرباط الذى تشد به – ثم عرفها سنة ؛ فان جاء صاحبها ؛ والا فشأنك بها . وفى البخارى ومسلم عن سويد بن غفلة قال لقيت أبى بن كعب فقال : وجدت صرة فيها مائة دينار ؛ فأتيت بها النبى صلى الله عليه وسلم فقال : عرفها حولاً ؛ فعرفتها فلم أجد من يعرفها ؛ ثم اتيته بها ؛ فقال احفظ وعائها وعددها ووكاءها ؛ فان جاء صاحبها والا فاستمتع بها .
الحكم : جواز الاستمتاع باللقطة بعد عام بشرط ان يعرفها من يجدها .

القضية الثامنة : ليس هناك دية لمسترق النظر
الوقائع : فى البخارى ومسلم أن رجلاً اطلع فى حجر النبى صلى الله عليه وسلم ؛ وفى حديث أخر فى حجرة فى دار النبى صلى الله عليه وسلم ؛ فلما رآه النبى قال : لو أعلم أنك تنظرنى لطعنتك فى عينك ؛ انما جعل الإذن من قبل البصر ؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لو أن أمرىء أ طلع عليك بغير اذن فحذفته بحصاة فقلعت عينه ؛ لم يكن عليك جناح .
فحرمات المسلمين ومساكنهم الخاصة هى أماكن مقدسة ؛ ومن أجل هذا فإن أدآب الإسلام تلزم الزائر بالإستئذان ثلاثة ؛ ثم عند عدم وجود جواب عليه ان ينصرف ؛ حتى لو تأكد وجود من أتى لزيارته ؛ ولا يجوز إستراق السمع إذ للبيوت أسرار ؛ وعورات لا يحب الناس ان يطلع عليها غيرهم ؛ فمن إسترق النظر لم تكن له دية لو فقأ عينه .
الحكم : جواز فقأ عين مسترق النظر ؛ وليس له دية .

القضية الكبرى : اعظم دعوة للاسلام تطبيق العدل
لاشك أن هدى القرآن الكريم كما قلنا ؛ اساس رسالات الله للبشر ؛ وما كان هدى النبى صلى الله عليه وسلم الا لنشر العدل بين الناس ؛ وهو ما تعلمه الصحابه من القرآن والسنة ؛ فانزلوه تطبيقاً واقعياً ؛ فكان خير دعوة للاسلام .

لذا فإن أعظم دعوة للإسلام هى تطبيق العدل ؛ فقد اخرج ابو نعيم فى الحلية .. وجد على بن ابى طالب وهو امير المؤمنين درعه التى سقطت منه من قبل عند رجل من اليهود ؛ فقال على : هذه درعى . فقال اليهودى : انها معى وهى لى . فلما اختلافا قال اليهودى : يفصل بينى وبينك قاضى المسلمين .. وكان القاضى " شريح " وعرضت عليه القضيه .. فقال شريح لليهودى : ما تقول يايهودى . فقال اليهودى : درعى وفى يدى . فقال شريح لعلى : صدقت يا امير المؤمنين انها لدرعك ؛ لكن لابد من شاهدين . فدعا على " قنبر " و " الحسن " فشهدا له .
فقال شريح : أما شهادة مولاك فقد اجزناها ؛ واما شهادة ابنك فلا نجيزها ؛ فقال على أفلا تجيز شهادة سيد شباب اهل الجنة ..؟ فقال شريح لليهودى : خذ الدرع .
فقال اليهودى موجهاً حديثه لعلى بن ابى طالب : صدقت يا أمير المؤمنين انها لدرعك سقطت منك عن جمل لك وقد التقطها . أشهد ان لا إله الا الله وأن محمداً رسول الله ؛ فوهبها له على بن ابى طالب ؛ واعطاه تسعمائة دينار ؛ وقد قتل هذا الرجل يوم صفين مع على بن ابى طالب

[عبدالرازق ابو محمد]

جزاك الله خيرا

[۩►☼ ‏هانى على ☼◄۩]

بارك الله فيك اخى

[roufa01]

بارك الله فيك اخى الكريم

[احمدررر]

[ابن الشوربجى]

جزاك الله خيرا اخى

[DELLR2011]