ماشاء الله تبارك الله ماشاء الله لاقوة الا بالله , اللهم اني اسالك الهدى والتقى والعفاف والغنى
" قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ *مِن شَرِّ مَا خَلَقَ * وَمِن شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ * وَمِن شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ * وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ ". صدق الله العظيم
الساده الاعضاء و زوار منتديات المهندسين العرب الكرام , , مشاهده القنوات الفضائيه بدون كارت مخالف للقوانين والمنتدى للغرض التعليمى فقط
   
Press Here To Hidden Advertise.:: إعلانات منتديات المهندسين العرب لطلب الاعلان عمل موضوع بقسم الشكاوي ::.

 IPTV Reseller

  لطلب الاعلان عمل موضوع بقسم طلبات الاعلانات اسفل المنتدى لطلب الاعلان عمل موضوع بقسم طلبات الاعلانات اسفل المنتدى لطلب الاعلان عمل موضوع بقسم طلبات الاعلانات اسفل المنتدى

Powerd By : Mohandsen.com

العودة   المهندسين العرب > اسلاميات ( حبا في رسول الله ) > المنتدي الاسلامي > المكتبه الاسلاميه

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 26/9/2008, 10:01 PM
الصورة الرمزية انور حافظ احمد
 
انور حافظ احمد
نـجـم الـنجوم الـمـميز بـالـمهندسين الـعرب

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  انور حافظ احمد غير متصل  
الملف الشخصي
رقم العضوية : 35687
تاريخ التسجيل : Oct 2006
العمـر :
الـجنـس :
الدولـة : الاسماعيلية
المشاركـات : 10,233 [+]
آخــر تواجـد : ()
عدد الـنقـاط : 25
قوة التـرشيـح : انور حافظ احمد يستاهل التميز
new الســــــــــــــؤال الثـــــــــــــلاثـــــــين




قال الله تعالى: {في بيوتٍ أَذِنَ الله أن تُرفعَ ويُذكَرَ فيها اسمُهُ يُسَبِّحُ له فيها بالغُدُوِّ والآصالِ(36) رجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تجارةٌ ولا بيعٌ عن ذكر الله وإقامِ الصَّلاة وإيتاء الزَّكاةِ يخافونَ يوماً تَتَقَلَّبُ فيه القلوبُ والأبصار(37) ليجزيَهُمُ الله أحسنَ ما عملوا ويزيدَهُم من فضلهِ والله يرزقُ من يشاءُ بغير حساب(38)}


اذكر فضل خدمة المساجد وتطهيرها وتنظيفها وتعطيرها والقيام على شؤونها
وصف عباد الله المؤمنين الَّذين يعمرون المساجد
ما هي الوظيفة المنوطة بالمساجد
علي اي اساس تقام عمارة المساجد
انتهي الســـــــــؤال الثلاثين
اللهم ...... وفق

التعديل الأخير تم بواسطة انور حافظ احمد ; 26/9/2008 الساعة 10:03 PM سبب آخر: الســــــــــــــؤال الثـــــــــــــلاثـــــــين
قديم 30/9/2008, 11:05 AM   رقم المشاركة : ( 2 )
ahmed aliraqi
مهندس تركيبات

الصورة الرمزية ahmed aliraqi

الملف الشخصي
رقم العضوية : 36960
تاريخ التسجيل : Nov 2006
العمـر : 44
الجنـس :
الدولـة : العراق_بغداد _المنصور
المشاركات : 7,126 [+]
آخر تواجـد : ()
عدد النقاط : 52
قوة الترشيـح : ahmed aliraqi يستاهل التقييم

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

ahmed aliraqi غير متصل

افتراضي رد: الســــــــــــــؤال الثـــــــــــــلاثـــــــين

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن من المعلوم أن نظافة المسجد من الأمور المرغب فيها بدليل الأحاديث الواردة في الترغيب في ذلك، قال النووي: يستحب استحباباً متأكداً كنس المسجد وتنظيفه؛ للأحاديث الصحيحة المشهورة فيه. انتهى.

ومن هذه الأحاديث ما رواه الترمذي وأبو داود، عن عائشة قالت: أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ببناء المساجد في الدور، وأن تنظف وتطيب.

قال في تحفة الأحوذي: قال في المرقاة: قال ابن حجر: وبه يعلم أنه يستحب تجمير المسجد بالبخور خلافاً لمالك حيث كرهه. فقد كان عبد الله يجمر المسجد إذا قعد عمر رضي الله عنه على المنبر، واستحب بعض السلف التخليق بالزعفران والطيب، وروى عنه عليه السلام فعله، وقال الشعبي: هو سنة، وأخرج ابن أبي شيبة أن ابن الزبير لما بنى الكعبة طلى حيطانها بالمسك، وأنه يستحب أيضاً كنس المسجد وتنظيفه، وقد روى ابن أبي شيبة أنه عليه السلام كان يتبع غبار المسجد بجريدة. انتهى.

ومما ورد في تعيين فضل تنظيف المسجد ما أخرجه الطبراني وغيره من قوله صلى الله عليه وسلم: ابنوا المساجد، وأخرجوا القمامة منها، فمن بنى لله بيتا بنى الله له بيتا في الجنة، وإخراج القمامة منها مهور الحور العين. وقد ضعف الألباني هذا الحديث، وهذه النصوص إنما هي في تنظيف المسجد، وأما تنظيف المرافق التابعة للمسجد فإنه مما يؤجر عليه المسلم إذا فعل ذلك عند الحاجة إليه، لأن تنظيفها من خدمة رواد المسجد ومنفعتهم وهذا عمل صالح، ثم إن هذا العمل يدخل أيضاً في عموم قوله تعالى في سورة الزلزلة: فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ {الزلزلة:7}.

والله أعلم
فضل المساجد في الاسلام


أهمية المسجد في المجتمع الإسلامي

بناء الرسول المسجد فور قدومه المدينة
تعلق الصحابة في المسجد
كان المسجد المكان الرئيسي لتلقي التعاليم الإسلامية
مدرسة الحياة والبيت الثاني للمسلم

إعمار المسجد بالإيمان

قال الله تعالى:
إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ(18) التوبة

(The Mosques of Allâh shall be maintained only by those who believe in Allâh and the Last Day, perform As-Salât, and give Zakât and fear none but Allâh. It is they who are expected to be on true guidance.)

فضل المشي إلى المساجد

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ تَطَهَّرَ فِي بَيْتِهِ ثُمَّ مَشَى إِلَى بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ لِيَقْضِيَ فَرِيضَةً مِنْ فَرَائِضِ اللَّهِ كَانَتْ خَطْوَتَاهُ إِحْدَاهُمَا تَحُطُّ خَطِيئَةً وَالأُخْرَى تَرْفَعُ دَرَجَةً *مسلم

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَلا أَدُلُّكُمْ عَلَى مَا يَمْحُو اللَّهُ بِهِ الْخَطَايَا وَيَرْفَعُ بِهِ الدَّرَجَاتِ قَالُوا بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ إِسْبَاغُ الْوُضُوءِ عَلَى الْمَكَارِهِ وَكَثْرَةُ الْخُطَى إِلَى الْمَسَاجِدِ وَانْتِظَارُ الصَّلاةِ بَعْدَ الصَّلاةِ فَذَلِكُمُ الرِّبَاطُ * مسلم

فضل الذكر في المساجد

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ --- وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ وَمَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ إِلا نَزَلَتْ عَلَيْهِمُ السَّكِينَةُ وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ وَحَفَّتْهُمُ الْمَلائِكَةُ وَذَكَرَهُمُ اللَّهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ --- * مسلم

عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ فِي الصُّفَّةِ فَقَالَ أَيُّكُمْ يُحِبُّ أَنْ يَغْدُوَ كُلَّ يَوْمٍ إِلَى بُطْحَانَ أَوْ إِلَى الْعَقِيقِ فَيَأْتِيَ مِنْهُ بِنَاقَتَيْنِ كَوْمَاوَيْنِ فِي غَيْرِ إِثْمٍ وَلا قَطْعِ رَحِمٍ فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ نُحِبُّ ذَلِكَ قَالَ أَفَلا يَغْدُو أَحَدُكُمْ إِلَى الْمَسْجِدِ فَيَعْلَمُ أَوْ يَقْرَأُ آيَتَيْنِ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ خَيْرٌ لَهُ مِنْ نَاقَتَيْنِ وَثَلاثٌ خَيْرٌ لَهُ مِنْ ثَلاثٍ وَأَرْبَعٌ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَرْبَعٍ وَمِنْ أَعْدَادِهِنَّ مِنَ الإِبِلِ * مسلم

عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ الْجُهَنِيِّ قَالَ خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ فِي الصُّفَّةِ فَقَالَ أَيُّكُمْ يُحِبُّ أَنْ يَغْدُوَ إِلَى بُطْحَانَ أَوِ الْعَقِيقِ فَيَأْخُذَ نَاقَتَيْنِ كَوْمَاوَيْنِ زَهْرَاوَيْنِ بِغَيْرِ إِثْمٍ بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلا قَطْعِ رَحِمٍ قَالُوا كُلُّنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ فَلأَنْ يَغْدُوَ أَحَدُكُمْ كُلَّ يَوْمٍ إِلَى الْمَسْجِدِ فَيَتَعَلَّمَ آيَتَيْنِ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ خَيْرٌ لَهُ مِنْ نَاقَتَيْنِ وَإِنْ ثَلاثٌ فَثَلاثٌ مِثْلُ أَعْدَادِهِنَّ مِنَ الإِبِلِ * أبو داود

فضل حب المساجد

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لا ظِلَّ إِلا ظِلُّهُ الإِمَامُ الْعَادِلُ وَشَابٌّ نَشَأَ فِي عِبَادَةِ رَبِّهِ وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ فِي الْمَسَاجِدِ وَرَجُلانِ تَحَابَّا فِي اللَّهِ اجْتَمَعَا عَلَيْهِ وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ وَرَجُلٌ طَلَبَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ فَقَالَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ أَخْفَى حَتَّى لا تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ خَالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ * البخاري

تقوى الله في إقامة مساجد الله

وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلا الْحُسْنَى وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (107) لا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ(108) أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (109) لا يَزَالُ بُنْيَانُهُمُ الَّذِي بَنَوْا رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ إِلا أَنْ تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (110) إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (111) التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (112) التوبة

107
And as for those who put up a mosque by way of harming and disbelief, and to disunite the believers and as an outpost for those who warred against Allâh and His Messenger (Muhammad SAW) aforetime, they will indeed swear that their intention is nothing but good. Allâh bears witness that they are certainly liars.
108
Never stand you therein. Verily, the mosque whose foundation was laid from the first day on piety is worthier that you stand therein (to pray). In it are men who love to clean and to purify themselves. And Allâh loves those who make themselves clean and pure (i.e. who clean their private parts with dust [i.e. to be considered as soap) and water from urine and stools, after answering the call of nature.
109
Is it then he, who laid the foundation of his building on piety to Allâh and His Good Pleasure, better, or he who laid the foundation of his building on an undetermined brink of a precipice ready to crumble down, so that it crumbled to pieces with him into the Fire of Hell. And Allâh guides not the people who are the Zâlimûn (cruel, violent, proud, polytheist and wrong-doer).
110
The building, which they built, will never cease to be a cause of hypocrisy and doubt in their hearts, unless their hearts are cut to pieces. (i.e. till they die). And Allâh is All-Knowing, All-Wise.
111
Verily, Allâh has purchased of the believers their lives and their properties; for the price that theirs shall be the Paradise. They fight in Allâh's Cause, so they kill (others) and are killed. It is a promise in truth which is ***ding on Him in the Taurât (Torah) and the Injeel (Gospel) and the Qur'ân. And who is truer to his covenant than Allâh? Then rejoice in the bargain, which you have concluded. That is the supreme success.
112
(The believers whose lives Allâh has purchased are) those who repent to Allâh (from polytheism and hypocrisy, etc), who worship Him, who praise Him, who fast (or go out in Allâh's Cause), who bow down (in prayer), who prostrate themselves (in prayer), who enjoin (people) for Al-Ma'rûf (i.e. Islâmic Monotheism and all what Islâm has ordained) and forbid (people) from Al-Munkar (i.e. disbelief, polytheism of all kinds and all that Islâm has forbidden), and who observe the limits set by Allâh (do all that Allâh has ordained and abstain from all kinds of sins and evil deeds which Allâh has forbidden). And give glad tidings to the believers.

تقوى الله في إقامة مساجد الله

أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ أَرَادَ بِنَاءَ الْمَسْجِدِ فَكَرِهَ النَّاسُ ذَلِكَ فَأَحَبُّوا أَنْ يَدَعَهُ عَلَى هَيْئَتِهِ فَقَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَنْ بَنَى مَسْجِدًا لِلَّهِ بَنَى اللَّهُ لَهُ فِي الْجَنَّةِ مِثْلَهُ * مسلم

عَمْرِو بْنِ عَبَسَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ بَنَى مَسْجِدًا يُذْكَرُ اللَّهُ فِيهِ بَنَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ * النسائي
دعوة إلى أسلمة المساجد!!



إننا دائمًا في حاجة إلى عالم مدَّخر وبقعة أرض لها زمان ومكان مستقل، واتصالها بزماننا ومكاننا هو اتصال ضبط وقياس، وإعادة تدفئة للقيم التي قد تصيبها البرودة من جراء العادة وطول الأمد.

والمسجد هو ذلك المكان الذي تسكن إليه الجبهة ساجدة لله، تعبيرًا عن منتهى العبودية ومنتهى التنسك والافتقار؛ لتذوب في حرارة السجود كل الأهواء والرغائب، فالسجود هو ملخص ومنتهى العبادة، واختصار لكل صور التقرب إلى الله تعالى، ونقطة التحام الدنيا بالآخرة، والغيب بالشهادة، والأرض بالسماء.

وإذا كانت السجدة هي أخلص درجات العبودية، فهي أيضًا أشمل معاني الجماعية؛ لذا كان طبيعيًّا أن يختزل القرآن كل هذه العمليات في اسم يخلعه على دار العبادة ليكون "مسجدًا"، وكأنه صرح بالاسم وترك المعنى والدلالة تورق بتوالي الصلوات وتتابع السجدات.

المساجد وقف للجماعة المسلمة

فالمسجد نسك تعبدي ومضمون اجتماعي جامع، ولهذه المعاني ولتلك الدلالات كانت المساجد لله سبحانه الذي أذن أن ترفع ويُذكَر فيها اسمه، وهي مملوكة له "وأنَّ المَسَاجِدَ للهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللهِ أَحَدًا"، وهذا يعني تثبيت وقفيتها للجماعة المسلمة، وبذلك قُرِّرت أولى وثائق العمل الأهلي في الإسلام.

والمسجد بناية تتوسط الأحياء والعمران، ومن خلاله تتفرع الشوارع وتُرسَم الأبعاد وتقسَّم المدينة، حيث يحتل فيها البقعة العَلَم، وهو بهذا التوسط الجغرافي يمارس وظيفته التاريخية، وعبر مآذنه يقوم بالإشراف على الجميع، ومن خلال النداء يأتي الكل ذرافات ووحدانًا وهم يمشون غير مسرعين ولا متباطئين، بعد أن سكبوا الماء الطهور على مواضع السجود، يقطعون الطريق إليه بخطوتين: إحداهما تحطّ خطيئة والأخرى ترفع درجة.

والمسجد هو مكان مهيأ هندسيًّا لاجتماع الناس وانكشافهم لبعض، حيث يتحول المسجد إلى جامع لهم، مذيب للطبقية، مقيم للجماعية، حيث لا مكان للحيثيات والرسميات، وليس هناك مقصورات ولا درجات، فلا انتماء إلا للقبلة، ولا توجه إلا إلى الله عز وجل.

يقول الرافعي: "المسجد تصحيح للعالم الذي يموج من حوله ويضطرب".

لذلك فالتركيبة التاريخية للمسلم مدينة للمسجد في نسيجها النفسي والفكري وأصولها الحضارية، فهو الذي حفظها من الزوال ووقاها من الاندثار.

وفي المسجد يتحالف الجميع حول تكبيرة الإحرام، فالكل يلتقي على اختلاف المشارب والمذاهب في وحدة واحدة ملتحمة، الكتف في الكتف، حيث لا فواصل، وحيث يبدأ كل فرد بالثناء على المولى عز وجل معلنًا انتسابه للجماعة المؤمنة المسجدية "إياك نعبد" والذي يهتم لأمرها، ومن ثَم يطلب العون والمدد "وإياك نستعين"، وكذلك يطلب الهداية لها وهو داخلها "اهدنا الصراط المستقيم". فالجماعة المسجدية هي جماعة متعاونة متآخية تلتقي على أهداف عامة، ومؤهلة للواجب العام.

استقلالية الزمان والمكان

وتبدو قصة بناء المسجد النبوي في موضعه تبيانًا حقيقيًّا لوظيفة المساجد وأثرها في حياة المجتمع المسلم. فقد أراد الرسول صلى الله عليه وسلم عند تأسيسه للمسجد النبوي في المدينة أن يقتطع من المكان والزمان موضعًا يؤسس عليه بناء متواضعًا مستقلاًّ عن الرغبات التي حاولت عن صدق اقتطاع بيوتها وأعز ما تملك لتهبه لرسول الله صلى الله عليه وسلم ليقيم عليها مسجده، ولكنه ترك حبل ناقته، ونادى في أصحابه: "دعوها فإنها مأمورة".

وهو بذلك -وبدون أن يتكلم- أراد أن يؤسس للمساجد وظائف مقصدية لا تتغير ولا تتبدل، وهي أنها توحد بين جميع المشارب والتوجهات دونما تمييز، وهو ما وعاه المسلمون على مر التاريخ، فسرعان ما أطلقوا على المسجد لفظة "جامع".

ولا يعني هذا الانقطاع الزماني والمكاني أن تكون المساجد منسلة عن الزمان والمكان الذي اقتطعت منه، بقدر ما هو تأسيس لمكان وزمان مستقل عن الأماكن والأزمنة التي يعيشها المسلمون، تكون معيارًا وضابطًا للمكان والزمان ليشمل الأرض كلها؛ لتصبح مسجدًا وتربتها طهورًا، وتصير اللحظة المسجدية تاريخًا ممتدًّا يعبر الأجيال والقرون زمنًا، ومكانًا يمحو ما حقه المحو، ويثبت ما حقه الإثبات.

من "القبيلة" إلى "القبلة"

وبارتفاع المسجد النبوي تحول محور ارتكاز اجتماع المسلمين من "الخيمة" وحدة بناء القبيلة، إلى "المسجد" وحدة تأسيس الأمة، ومن مفهوم "القبيلة" إلى مفهوم "القبلة"، ومن أخوة العصبية والعائلة إلى أخوة الفكر والعقيدة والمصير، ومن أبوة "قيسأو تميم" إلى "أبي الإسلام لا أب لي سواه".

كما أن استقلالية الزمان والمكان تفرضها النسك التعبدية، بمعنى أنه إذا كانت اجتماعيات الناس تقبل التفاضل بالأنساب، فإنه في النسك المسجدي لا محل لمثل هذه القيم، حيث يتقدم للإمامة الأحفظ، ويتصدر حلقات العلم الأعلم، كما أن الإسلام حرَّم داخل المسجد أمورًا مباحة خارجه، مثل البيع والشراء، ومثل الإعلان عن المفقود، حتى لا يخدش استقلالية المسجد.

وتمشيًا مع هذا التوجه نزع الإسلام من الناس السيطرة على المساجد، ضمانًا لثبات الركائز التي أقيمت عليها، وحتى لا يسيطر أحد على مجتمع القبلة، وبالتالي يفقد وقفيته الإلهية، ويتحول إلى مؤسسة سلطوية، سواء ذات نفوذ كهنوتي أو سياسي، وهو ما حدث مع بعض الديانات الأخرى.

ولكن الخيام عادت!

يقول الشيخ رشيد رضا في تعليق له عن شيوع المذهبية داخل المساجد: "حدث أن جاء زمان يطالب فيه شيوخ الشافعية مفتي طرابلس الشام أن يقسم بينهم وبين شيوخ الحنفية المساجد؛ لأنهم يعدونهم كأهل الذمة!!!".

المشكلة هنا ليست في إقرار التحزب داخل المساجد من عدمه، ولكن الأخطر هنا أن تكون المساجد هي نقطة ارتكاز هذا التحزب داخل الأمة، وبث الضرار في جموعهم.

فعودة الخيام مرة أخرى داخل المساجد -سواء بالصورة العشائرية القديمة أو بالصور الحزبية المستحدثة- تعني افتقاد استقلالية الزمان والمكان، وهو ما مهّد السبيل لأن تتحول المساجد إلى أندية حزبية، حيث صار الكل يتبارى في إعلان أحقيته في ممارسة سلطته على المساجد، ومن ثَم فمن حقه أن يحولها إلى معرض ملصقات لحزبه، أو يحولها لمقر تنظيمي له!!.

كما بدأت التصنيفات والمسميات تنسحب على المساجد، فهذا المسجد حكومي، وهذا للاتجاه "س" وذاك للاتجاه "ص"، وفي هذا المسجد عقائد بلا سياسة، وهنا سياسة بلا عقائد، هنا تُشكَر الحكومة وهناك تُكفَّر!!.

وبالتالي فقد المنبر استقلاله أيضًا، حيث تحول إلى إعلام ودعاية وترويج، وتصفية للحسابات أحيانًا، بل وصل الأمر إلى أن تحولت المساجد في بعض ديار المسلمين إلى ثكنات عسكرية مملوءة بصناديق الذخيرة، وفي حرمها تدور المعارك.

وبهذه الممارسات صار يُدعى مع الله في المساجد آحاد وليس أحدًا واحدًا؛ لتعود العصبية أدراجها، حيث تسربلت القبلة بالقبيلة، واستحالت البناية المسجدية الفخيمة إلى خباء صحراوي، وإن ارتفع في أرقى المدن وأضخم العواصم.

ويحدث هذا والجميع لا يدرك أن الإصرار على هذه التحزبات داخل المساجد، والإصرار على قيام هذه المشروعات بهذا الشكل الحزبي الفج هو إفشال لمشروع الإسلام ذاته، وبدلاً أن تكون المساجد موضع تأسيس الوحدة، صارت نقطة انطلاق التفرق والتحزب.

حتى تعود المساجد إسلامية

نحن في أمس الحاجة إلى تأسيس فقه جديد يتواكب مع حالة التخبط وعدم الانضباط داخل المساجد، فقه مهمته هو تنظيم الوظيفة المسجدية، وضبط الحركة داخلها، بحيث يعود المسجد إلى وقفيته الإلهية، ويكون لبنة أساسية وركيزة في تأسيس العمل التراحمي والاجتماعي، وبالتالي يكون مؤهلاً للقيام بالأدوار المنوطة به (الوظيفة التعبدية، والوظيفة العلمية، والوظيفة الاجتماعية)، وهي الأدوار التي قام بها على مر التاريخ، خصوصًا في مراحل الألق الحضاري والتي حُرم منها في أجواء عصور الظلمات والتراجع الفكري، حيث تغلق المساجد بعد الصلوات بالأقفال، أو تغلقها الفرق والمذاهب بالتحزبات.

كما يجب أن يؤسس الفقه لاستقلالية المساجد، بحيث تكون متبوعة لا تابعة، أداة جمع لا تفريق، ومن هنا يجب أن تنزع السياسة الحزبية المباشرة من المسجد، فإذا كان من شروط العمل الأهلي والنقابي هو خلع الرداء الحزبي والانتماءات الأيدلوجية، فمن باب أولى أن يتم ذلك في المساجد، باعتبارها أهم مؤسسات العمل الأهلي وركيزته والتي تشرف عليه الأمة لا الدولة.

ما أحوج رواد المساجد إلى تعلم فضيلة الإفساح في المجالس والحلقات والأنشطة والممارسات لبعضهم البعض، فلا إقصاء لأحد، ولا تفضيل لتجمع على تجمع، أو لمذهب على مذهب، ولا لشخص على شخص، ولا لعلم على علم طالما أنه نافع للمسلمين.

:

تعريف المسجد:
هو المكان الذي تقام فيه الصلاة مهما كان هذا المكان بسيطا، وهو بمثابة مكان اجتماع المسلمين للصلاة في الإسلام.


المسجد:

تعريف المسجد:
هو المكان الذي تقام فيه الصلاة مهما كان هذا المكان بسيطا، وهو بمثابة مكان اجتماع المسلمين للصلاة في الإسلام
لمحة عن المساجد:
عند بداية تأسيس الدولة الإسلامية بعد هجرة الرسول (صلى الله عليه وسلم)، كان أول ما أمر به بناء المسجد، وكان المسجد هو نقطة انطلاق أساسية للمدينة المنورة التي كانت عاصمة الدولة الإسلامية في عهد الرسول.

وبعد انتقال مقر الحكم إلى دمشق وبغداد وغيرهما من العواصم الإسلامية، كان أول ما بدئ به هو بناء المسجد نظرا لكونه نواة التخطيط في جميع العصور الإسلامية.
ومع زيادة رقعة الدولة الإسلامية، وامتداد مساحتها الجغرافية أخذ طراز عمارة المساجد في التنوع حسب البيئة التي يتم البناء فيها.

عناصر ومكونات المسجد:
المصلى: وهو القسم الرئيسي في المسجد، حيث تقام الصلاة وتلقى الخطب ويتم تبادل الأفكار فيه والتفكير في أمور المسلمين، والمصلى عادة ما يكون مستطيل الشكل، ضلعه الأطول في اتجاه القبلة، ويضم ضلع القبلة كل من المحراب والمنبر.

المنبر والمحراب: من أكثر العناصر جدلا بين المحلل والمحرم فمنبر الرسول كان ثلاث درجات يصعدها ليخطب في الناس، فهذان العنصران أقيما بأشكال مختلفة منها ما هو مقبول ومنها ما هو مبالغ فيه كثيرا، ويجب ألا يقطع المنبر صفوف الصلاة وهذا أمر ممكن أن يجعل المنبر منزلقا وبعدد من الدرجات يكفي لمشاهدة الخطيب من أطراف المصلى.أما المحراب فمساحته صغيرة بارزة في واجهة المسجد لاستيعاب الإمام، ولو لم يوجد محراب لاستأثر الإمام بمساحة صف كامل من المصلين.

المتوضأ: كان جزءا منفصلا عن المبنى،ثم أصبح الآن جزءا منه،ويفضل أن نصل إليه في خط سير غير معترض لخط سير الداخل إلى المسجد،ويجب أن يكون ذي مساحة مناسبة بأرضيات وحوائط قابلة للتنظيف اليومي،وذي تهوية جيدة مع الانتباه لاتجاه الحمامات بحيث لا تكون في اتجاه القبلة.

المئذنة: وهي السمة المميزة للمسجد في الشكل الخارجي ووظيفتها قديما النداء من أعلاها للصلاة.

النوافذ والفتحات: من الأفضل أن تكون أعلى من مستوى نظر المصلي لتجنب انشغاله بما يجري خارج المسجد.
مكان وضع الأحذية، وبعض الملحقات كالمكتبة ومنزل صغير لخادم المسجد، ووحدة صحية.

الاعتبارات التصميمية للمساجد:
يعتبر المسقط المستطيل من أفضل المساقط على وجه العموم، وهو الغالب على أكثر المساجد المبنية، ويلاحظ عموما أن الضلع الأطول للمسجد يكون موازيا لحائط القبلة، لما يعطيه من تأكيد لاتجاه القبلة.

يتم توجيه بيت الصلاة نحو القبلة، أو المسجد الحرام بمكة، أما باقي عناصره فيتم توجيهها حسب الغرض منها، بحيث لا تؤثر على كفاءة التصميم للمسجد، كما يجب الأخذ في الاعتبار التأكيد على اتجاه القبل باستخدام شتى الوسائل المعمارية، مع إخلاء حائط القبلة من أية فتحات في مستوى نظر المصلين.

يحتاج المصلي إلى مساحة صافية 1م2، على أساس أن المساحة اللازمة في حدود 0.8×1.2م تقريبا، وتختلف المساحة الكلية للمسجد حسب نوع الخدمة التي يقدمها، وبذلك تقدر بعدد المصلين، بالإضافة إلى مسطح الخدمات المطلوبة، مع العلم بأن المساحة المحددة لا تشمل الساحات الخارجية أو مواقف السيارات أو الملحقات غير التقليدية كبيوت الضيافة أو العيادات الطبية.

تختلف مساحة الخدمات حسب نوع المسجد، فالمسجد المحلي يحتاج المصلي فيه إلى مساحة خدمات بمقدار 1.2م2، أما المسجد الجامع يحتاج فيه المصلي إلى مساحة خدمات بمقدار 1.3-1.4م2.
يراعى في تصميم المنبر صغر الحجم، حتى لا يشغل حيزا كبيرا، ولا يؤدي إلى قطع الصفوف الأول للمصلين.

يراعى الحفاظ على طهارة المسجد في تصميم الميضأة ودورات المياه وتحديد مواقعها، ويتم حساب عدد 1 مرحاض و2 صنبور لكل 40 مصلي.
توفير عدد المداخل وأبواب المناسبة لمساحة المسجد، وأن تختار أماكنها حيث تيسر الدخول والخروج، ودون أن تؤدي إلى تخطي رقاب المصلين، وكذلك عزل مدخل النساء تماما عن مدخل الرجال.
يفضل استخدام أسلوب إنشائي يسمح بتغطية فراغ بيت الصلاة دون استخدام ركائز داخلية أو بأقل عدد منها.

يراعى عموما البساطة وتحقيق معنى الصفاء والهدوء والتجرد في التشكيل الداخلي للفراغات وكذا التشكيل الخارجي لمسجد، مع التأكيد على معاني العلو والرفعة والسيادة في التشكيل العام للمسجد.
دراسة الصوتيات في المسجد، والتعمق في تحليل اتجاهاتها وقوتها، حتى يشعر المصلي في أي ركن في المسجد بالراحة التامة ن الضوضاء، والسماع الكامل الواضح لعظات وصلوات الإمام.
يجب أن يكون المسجد مضاء في جميع أركانه بضوء يسمح لقارئ القرآن الجالس على الأرض بالرؤية الواضحة لما يقرأ، حيث تجنب الإضاءات الخافتة.

أما عن استخدام الزخارف داخل المسجد، فيجب عند استخدامها مراعاة المواد الأولي لها مثل الرخام والخزف المتميزة بقوة السطح والعمر الافتراضي الطويل مقارنة بالمواد الأخرى، كما أنها سهلة التنظيف.

بداية فن العمارة.

أ.1. منذ أن وجد الإنسان كان الفن، ومغاور (لاسكو) و(التيميرا) تشهد على روائع الفن الذي زين فيه الإنسان؛ ومنذ آلاف السنين، مغائره التي كانت مقره ومسكنه، وتشهد هذه الزينة المؤلفة من رسوم ملونة لحيوانات انقرضت، على مهارة وواقعية، تؤكد أن الفن وسيلة اتصال سبقت اللغة والآداب في حياة الإنسان.

أ.2. وعندما تقدمت الحضارة، كان المسكن هو الحيز الذي استوعب مهارات ومواهب الفنانين، فالمنازل التي اكتشفت في وادي النطوف (فلسطين)، أو في المريبط (سوريا)، والتي تعود إلى الألف السابعة قبل الميلاد، كانت مزينة بزخارف ملونة.

أ.3. ولكن العمارة بذاتها، لم تلبث أن أصبحت بمظهرها الخارجي وكتلتها وأقسامها، شيئاً فنياً مجسماً، يحتاج إلى عمل إبداعي، كما يحتاج إلى فكر هندسي، ومع ذلك استمرت العمارة المجال الذي يستوعب جميع أنماط الفن التشكيلي، من تصوير أو نحت. وتجلى ذلك بقوة في العمارة الإسلامية، وشاهدنا ذلك في القصور الأُموية التي تميزت بالنحت الملون أو غير الملون، وبالرسوم الفسيفسائية والتلوينية، التي ما زالت ماثلة أثارها في قصور الحَيْر والمشتى وقصر المفجر وحمام قُصَيْر عَمْرة.

أ.4. وإذا كان للفن التصويري أن ينفصل عن العمارة؛ لكي يستقر على الأشياء المنقولة، مثل المخطوطات والأواني وتوابع العمارة والأثاث، فإن أساليبه لم تتغير كثيراً، فهي إما أن تكون تشبيهية واقعية، أو تكون زخرفية مجردة، ولقد تنوعت بتنوع الطرائق والاجتهادات حتى اليوم.

على أن العمارة، وقد اعتمدت لغة أخرى غير مفردات لغة الخط واللون، وهي لغة الكتلة والفراغ، قدمت لنا هُوية مستقلة متميزة لم تختلط بهُوية فنون العمارة الأخرى التي عاصرت فن العمارة الإسلامية.

أ.5. فإذا كان الفن التشكيلي، الرسم والنحت سريع الاندماج بتيارات وشخصيات الفنون الأخرى؛ أخذ منها وانطبع بطابَعها من حيث لا يدري، كما تم في انحراف فن المنمنمات باتجاه الفن الأوربي، فإن انحراف فن العمارة مهما كان ضئيلاً، يفقد أصالته وشخصيته أو يعرضه إلى الانضواء الكامل لسيطرة الأساليب المعمارية الغربية، التي قد تكون أسهل تنفيذاً وأصلح استعمالاً، وأقرب إلى مفهوم الحداثة والزي، ولكنها تبقى مقطوعة الجذور عن نسغها الحضاري الأصلي.
وفي العصور التي تعرضت فيها المِنْطقةُ العربية ـ على سبيل المثال ـ إلى التَّبَعيةِ السياسية والاجتماعية، يبدو ذوبان الشخصية الحضارية أكثر وضوحاً في زوال الطابع المعماري الأصيل.
إن إنشاء العمارة هو عمل إبداعي يتطلب مجتمعاً ومُناخاً حرّاًً، ولقد استطاعت التبعية التي عانتها الشعوب العربية الإسلامية، أن تقمع الإبداع الفني، وأن تفتح الأبواب مشرعة أمام التأثيرات الغربية. وهكذا ظهر الأسلوب الكولونيالي الاستعماري في عمارات القاهرة والإسكندرية والجزائر والرباط والدار البيضاء وحلب وبيروت.

أ.6. وعندما ظهرت العمارة الحديثة تحت اسم Jugenstil في ألمانيا، وشهد العالم جناح ألمانيا في معرض برشلونة 1929 للمعمار ميس فان در روه المبني من الزجاج والمعدن، كان ذلك نهاية العمارة القديمة، وبداية عهد الإبداع المتطرف والمجرد. والذي كرسته، أيضاً، مدرسة الباوهاوس في فايمر. وكان هذا بداية حداثة العمارة التي قامت على رفض جميع التقاليد المعمارية من أي نوع كانت، والعودة بالهندسة المعمارية إلى الأشكال والحجوم المجردة، وهكذا أصبحت العمارة مكعبات وأهرامات معزولة أو مركبة في تشكيلات لا تخلو من العبث واللعب. وأصبح هم المعمار إثارة الدهشة الخارجية التي تسببها إيقاعات غير متزنة في الحجوم والكتل والفراغات، مع سخاء في استغلال الفراغات الداخلية لوظائف مخصصة، ضمن شروط صعبة تفرضها تجهيزات الكهرباء والإلكترون التي تؤمن الانتقال والصعود والتدفئة والتهوية والأمن.
والسؤال اليوم، أين العمارات المعاصرة من عمارات الماضي؟، يقول (جنكيز) "لم يتبق من العمارة إلا رموز الهندسة، لقد رحل هذا الفن إلى أبعد نقطة تفصله عن التاريخ وعن الإنسان". وهو ينادي بعمارة ما بعد الحداثـةPost Modernism .
إن عمارة الماضي في الهند والمكسيك وفي إيطاليا وفي البلاد العربية وغيرها، مازالت قائمة ترقب بحسرة انهيار مفهومها أمام تجريدية وعبثية العمارة الحديثة، وشيئاً فشيئاًً عاد أنصار الأصالة في كليات العمارة بشن الحرب على الأسلوب الجديد، معبرين عن سخطهم وخيبتهم لمآل الحداثة، وقد وصلت إلى نقطة الصفر؛ كما يقولون(1).

ب) بين العمارة وفن العمارة
ب.1. عند دراسة الفن المعماري الإسلامي، لابد من الاتفاق على المفاهيم الأولى لهذا الفن، وقد يختلط الأمر بين مفهوم العمارة ومفهوم فن العمارة مع أن ثمة اختصاصات جامعية لكل من المفهومين، اختصاص هندسي معماري واختصاص فني معماري. وهكذا نقول عن العمارة إنها طريقة البنيان لخدمة وظيفة اجتماعية محددة كالسكن والعبادة والدراسة والاستطباب والتخليد. وتتطلب هذه الطريقة معرفة بخصائص هذه الوظائف وعلاقتها بالبيئة، ومعرفة بمادة البنيان ومقدرتها على تأدية الوظيفة براحة وأمان، ومعرفة بخطط العمران بجعل العمارة خلية في نسيج المدينة. أما فن العمارة فهو إبداع تكويني وزخرفي يزيد في تشخيص هُوية المبنى ووظيفته، ويتجلى هذا الفن في وجهين، وجه خارجي مرتبط بمشهد المدينة، حيث يبدو المبنى كتلة متناغمة مع الكتل المعمارية، ومرتبط بهوُية المدينة. فالطراز المعماري يحدد سِمة العمران، فهو إما يكون أصيلاً أو دخيلاً تقليدياً أو مبتكراً. ويجهد مصممو المدن في وضع نظام معماري يبقى أساساً في تكوين عمران المدينة، كما هو علامة لنظام الحياة الاجتماعية، وللتضامن المعماري لتكوين علاقات اجتماعية موحدة من خلال وحدة الطراز أو الأسلوب المعماري.

ب . 2 . والوجه الداخلي لفن العمارة يرتبط بمصالح فردية أو عائلية خاصة، ويحقق أهدافاً مباشرة للسكان الذين يتطلعون إلى عالم داخلي يحقق لهم سكينتهم ومتعتهم، ولقد تفردت العمارة الإسلامية بتفضيل العمارة الداخلية على العمارة الخارجية، ولقد أصبح داخل المبنى زاخراً بروائع الزخارف المنتشرة على الجدران والسواكف والأفاريز والأعمدة والنوافذ والأبواب، وفي البرك والفسقيات، وفي الحدائق والأحواض التي تفوح منها رائحة الزهور والياسمين، وتنغرس فيها أشجار الليمون والكباد وعرائش العنب. حتى أصبح المسكن فردوسَ صاحبهِ، وفي الأثر: >جنة الرجل داره<.

ب.3. وينصرف هم المعمار الفنان؛ لتصميم شكل المبنى وشكل عناصره الإنشائية؛ كالأعمدة والأقواس والقباب والقبوات. ولقد تطور فن العمارة مع تطور الحياة الاجتماعية، ومع اختلاف أنظمة المدن الحديثة، وكان لظهور مادة الإسمنت والمعدن والزجاج أثر كبير في تطور العمارة الحديثة التي تسربت إلى عمارتنا، فكان لابد من استعمالها وفق شروط الفكر المعماري التقليدي للحفاظ على الهُوية المعمارية الأصيلة.

ج) لغة و مفردات العمارة الإسلامية

ج.1. لقد نشأت الثقافة المعمارية الإسلامية على أيدي المعمار البسيط، الذي تولى عمليات الإنشاء، والإبداع بشكل تلقائي، يعتمد على حدسه ودربته وانتمائه الاجتماعي والديني، ولم يطلع هذا المعمار الصناع على مراجع ونظريات، بل كانت تجارِبُه وابتكاراته تشكل مدرسة وتقليداً تتبعه الأجيال اللاحقة من المعماريين.
ونشأت عن الممارسات المعمارية لغة معمارية، ومفردات يتناقلها المعماريون، ويتعاملون بها للدلالة على تفاصيل أعمالهم. وكانت هذه المفردات غزيرة ومتنوعة باختلاف المعلمين المعماريين، واختلاف بيئاتهم ولهجاتهم، وهكذا ظهرت مصطلحات ومفردات مختلفة ومتباعدة غير موحدة، ولكنها مباشرة ومعبرة عن مدلولها بمرونة خارقة.

ج.2. ومع انتشار الثقافة والانتقال من اللهجات المتباينة إلى اللغة العربية المشتركة، وهي لغة القرآن الكريم، ظهرت الحاجة إلى توحيد هذه المفردات والمصطلحات، ولقد قامت المجامع اللغوية بجهود لتحقيق هذا الهدف، وكان على معاهد العمارة أن تتبنى هذه المصطلحات الموحدة، مما يساعد على فهم أسرار فن العمارة وعلى توحيد قراءتها، سعياً لتوطيد وحدة الشخصية المعمارية الإسلامية.

د) خصائص الفن المعماري الإسلامي

د.1. على الرغم من الفرق بين العمارة ومفهوم فن العمارة، فإن ثمة خصائص شاملة للفن المعماري الإسلامي تعتمد على المبدإ الهندسي العلمي والمبدإ الفني الإبداعي.
لقد استوفى فن العمارة في مصر والرافدين وفي الهند وفي الغرب حقَّه من الدراسة النظرية، وكانت مراجع تاريخ العمارة زاخرة بالنظريات التي تناولت هذه الفنون المعمارية، والتي درسها الاختصاصيون في العالم، وانتقلت إلينا مترجمة خالية من دراسة تنظيرية تحدد خصائص الفن المعماري الإسلامي، وكان لابد من سد هذا النقص من خلال مجموعة من المعطيات.

د.2. ويجب أن يكون واضحاً أن تحديد الخصائص لم يكن سابقاً لتكون فن العمارة الإسلامية، بل هو استدلال نستخلصه من شواهد هذا الفن المعماري. ولكن خصيصة أساسية كانت وراء هذا الفن حددت سمته واسمه، وهي الخصيصة الدينية التي تجلت في الفكر الجمالي الإسلامي، الذي كون الفنون الإسلامية والعمارة.

د.3. تتجلى علاقة العمارة بالدين الإسلامي من خلال عقيدة التوحيد كأساس عقائدي، ومن خلال التعاليم والمبادئ والتقاليد الإسلامية.
والفكر التوحيدي يقوم على الإيمان بإله واحد مطلق لا شبيه له {ولم يكن له كفواً أحد}، (سورة الإخلاص ، الآية: 4) وهو رب العالمين ورب السماوات والأرض، وبهذا فإنه يختلف عن مفهوم الرب في جميع الأديان والعقائد، حيث يبدو الرب مشخصاً محدداً أو مشبهاً ونسبياً. لقد كان الإطلاق سبباً في البحث المستمر عن أبعاد هذا المطلق، وكان الإيمان ممارسة حضارية تبدو في البحث عن سر المطلق وعن قدراته الهائلة التي تتمثل في الكائنات والطبيعة.

د.4. وكان المسجد أول بيت أسس على التقوى يجمع المؤمنين تحت قبة واحدة خاشعين أمام عظمة الخالق سبحانه، يتدبرون سرّاً وعلانية، التقرب منه علماً ويقيناً. وكان شرط عمارة المسجد يقوم على قواعد الصلاة. وانتقلت شروط الإيمان بالله الملاذ الأجل، إلى أشكال العمارة الأخرى، المدرسة والضريح والقصر والبيت.

د.5. أما بناء المسجد فإن الزركشي(1)، يتحدث بإسهاب عن شروط بنائه، لكي يساعد المصلي على أداء صلاته براحة، وعلى الاستماع إلى الخطيب بيسر. ومن شروطه التي أوردها نذكر:
شرط الاتصال بين المصلين وتراص الصفوف.
شرط خلو صحن المسجد من الأعمدة التي تقطع صفوف المصلين.
شروط تحقيق الاقتداء بعدم وجود حائل يمنع من تلاحق وتتابع صفوف المسلمين.
شرط وجود جدار نافذ بين الصحن والحرم.
شرط ألا يكون الدخول إلى صحن المسجد مباشراً.
لعمارة الحمامات شروط لابد من تحقيقها لضمان النظافة والحشمة والبيئة الصحية المواتية، تحدث عنها الكوكباني في (حدائق التمام في الكلام عن الحمام) وهي النظافة والعلاج من بعض الأمراض، وضمان الخدمات عن طريق منبر الإدارة، والمَخْلََع والمخزن وخزائن الأمانات، ويتحدث عن قواعد العمارة برفع مستوى الحمام، وتنظيم مجاري المياه والإكثار من فتحات الإضاءة في القباب.
ويشترط أن يقسم الحمام إلى ثلاثة أقسام. القسم البارد ثم الرطب وثم الساخن المجفف، لكي لا يتأثر المستحمون من تقلبات الجو المفاجئ.

د.7. أما المشافي فلقد حددت شروطها الوقفيات وأوامر المحتسب، ونصت على منهجية التصميم والبناء.
د.8. إضافة إلى الشروط المفروضة المتعلقة بعمارة المباني، هناك شروط تتعلق بالعمران، كان أولها ما وضعه الخليفة عمر بن الخطاب. وأهمها أورده ابن الرامي في كتابه(1)، حيث حدد استعمالات الأراضي وحقوق الارتفاق وحقوق استعمال الطرق. ولقد تناولت المصادر الجَغْرافية وكتب الرحلات شروطاً تتعلق بالتخطيط الحضري، وبخاصة كتاب تاريخ مكة للأزرقي وتاريخ دمشق لابن عساكر، وتاريخ بغداد للخطيب البغدادي، وكتاب المواعظ والاعتبار للمقريزي الذي استوفى التخطيط الحضري الكامل لمدينة القاهرة، كما تضمن الكتاب وصفاً للجوامع والحدائق والزوايا والبيمارستانات والحمامات والخانات، وحدد مواقعها ضمن مخطط القاهرة. ويُعَدُّ كتاب المقريزي أهم مرجع لعلم التخطيط الحضري عامة و لوصف القاهرة خاصة(2).

هـ) المقياس الإنساني
هـ.1. شبه ابن قتيبة الدار بالقميص، فحيث يخاط القميص حسب مقاس صاحبه، كذلك يبنى البيت حسب مقياس ساكنه، وبهذا يُعَدُّ ابن قتيبة أول من تحدث عن المقياس الإنسانيScale Human في العمارة الإسلامية(1).
هـ.2. لقد توضح هذا المقياس بالمقارنة مع المقياس الرياضي الذي قامت عليه العمارة الغربية منذ عهد الإغريق والرومان وحتى الفن المعماري الحديث، والمقياس الرياضي يقوم على الخضوع الكامل للنظام Order الذي تكوَّن بفعل العلاقات الهندسية الرياضية وبواسطة الأدوات كالمسطرة والفرجار، بينما قامت العمارة الإسلامية على الارتباط العضوي بحاجات الإنسان وظروفه المناخية والاجتماعية، وبعقائده ومثُله، وكانت أداة المعمار ذراعه وكفه وإصبعه وخيطه الذي قاس به المسافات وأقطار الدوائر عند إنشاء الأقواس والقباب والقبوات، وبه صنع الشاقول لكي يحدد استقامة البناء. وكان حدسه، وليس عقله فقط، دليله في تصميم البناء وفي تزيينه وزخرفته، وفي بنائه وتدعيمه.
ولقد ارتبط المعمار ارتباطاً وثيقاً بمصلحة الساكن وحاجاته العائلية والاجتماعية وبطبيعته النفسية، وبقدرته على التفاعل مع البيئة، ولقد أوضح القرآن الكريم مركزية الإنسان في الحياة عامة، وفي بيئته: {وسخَّر لكمُ اللَّيلَ والنَّهار والشمسَ والقمرَ والنجومَ مسخراتٌ بأمره إنَّ في ذلك لآياتٍ لقومٍ يعقلون}.(سورة النحل، الآية:12).
هـ .3. لقد تكون المقياس الإنساني في العمارة الإسلامية منسجماً مع الثوابت المُناخية والتقاليد وروح الحضارة الإسلامية، وليس سهلاً استيراد هذا المقياس وتطبيقه في غير موطنه، وكذلك ليس ممكناً اعتماد المقياس الهندسي الرياضي لتحليل ودراسة فن العمارة الإسلامية. لقد صنع المسكن لكي يكون موطن صاحبه ضمن إطار تاريخه وعقائده، وفي إطار حضارته وثقافته وعقائده الإسلامية.
هـ.4. على أن العمارة الإسلامية إذا قامت على المقياس الإنساني، فإنها لم تكن خالية من المنطق العلمي والبحث الرياضي، لقد أسهم المسلمون في وضع الأسس الرياضية الأساس لإقامة المنشآت والعمارة والعمران، وكان الخُوارزمي أول من أوجد الأعداد ومنازلها، وابتكر الصفر وعلم اللوغاريتم المأخوذ عن اسمه، ووضع الخُوارزمي كتاباً في حساب الجبر والمقابلة، وقدم المعادلات الجبرية الأساس. واستطاع أبو كامل شجاع بن أسلم (مصري، ت: 240 هـ/951م) أن يحل المعادلات ذات المجاهيل الخمسة. وكان من الرياضيين ثابت بن قره الذي اشتغل في الحجوم المكعبة والأشكال المربعة، أما أبناء موسى بن شاكر، فلقد وضعوا مصنفاً عرف باسم (كتاب معرفة مساحة الأشكال) الذي ترجم إلى اللاتينية في كتاب (تعلم الغرب عن بني شاكر)، حل مسألة تقسم الزوايا إلى ثلاثة أقسام.
ولقد تعمق ابن الهيثم بمسائل هندسية صعبة، ومنها إذا قطع مستقيم مستقيمين آخرين، وكان مجموع الزاويتين في نفس الجانب أقل من زاويتين قائمتين، فإن الخطين المستقيمين إذا امتدا إلى ما لا نهاية، سيتلاقيان في الاتجاه المقابل للزاويتين الأقل من القائمتين.
هـ.5. يتجلى المقياس الإنساني الذي قامت عليه العمارة الإسلامية في حماية الإنسان من عوارض الطبيعة والتلوث والضجيج والروائح، ولقد استطاع المعمار الإسلامي أن يطّوع العمارة لتحقيق هذه الحماية.

إن أهم عنصر في المبنى الإسلامي هو الفِناءُ الداخلي، وفي المساجد يسمى الصحن. وهذا الفِناء يشكل القسم المنفتح على السماء مباشرة، وعليه تطل الأبواب والنوافذ في طابَقَين، ولا يدخله تيار خارجي، إذ يصله بالباب الخارجي المطل على الشارع دِلِّيج (دهليز) متعرج، وهكذا فإن الهواء لا يتسرب إلى داخل الفِناء، وكذلك الرياح والدخان والغبار، ولقد أثبتت التجارب أن حركة الهواء العلوية تبقى محوّمة فوق الفناء لا تتمكن من اختراقه إلا إذا كان الدِّليج والباب الخارجي مفتوحين. وهذا يعنى أن الهواء العلوي سواء كان حاراً أو بارداً، نظيفاً أو ملوثاً، فإنه لا يؤثر على حرارة جو الفناء وعلى نقاوته.
هـ.6. لقد روعي في غرف المسكن، كما في حرم المسجد، أن يكون مستوى الأرض فيها أعلى من مستوى أرض الفناء أو الصحن، والسبب أن الهواء البارد أثقل من الهواء الدافئ، ويبقى مستقراً في قعر الفِناء تصده عن دخول الغرف عتبات عالية في أسفل الأبواب، ويبدو هذا النظام أكثر وضوحاً في القاعات التي تعلو أرضها على شكل منصة أو منصتين يعلوان عن مستوى أرض القاعة، فتكون حائلاً ثانياً يمنع تسرب الهواء البارد إلى مستوى أرض المنصة (الطزر).
هـ.7. لقد راعى المعمار استعمال الحجر والآجر والخشب في عمارته بسِماكاتٍ مناسبة لحماية سكان المبنى من البرد والحر خارج المبنى.
هـ.8. وفي جميع المباني كانت المياه وسيلة نظافة وترطيب ومتعة عندما كانت تتدفق من الفوارات والسلسبيل في فسقيات وبرك مختلفة الأشكال. ولقد درس اتجاه المبنى؛ لكي يتفق مع الحاجة إلى دفء الشمس ونورها، ومع ضرورة الوقاية من دخان المطابخ وروائح المراحيض.
هـ .9. تمتاز العمارة الإسلامية بخصيصة أساس تطلق عليها اسم خصيصة (الجَوََّانية)، فأي مبنى سواء أكان مسجداً أم مدرسة أم مسكناً، فإنه يحمل الطابَع الجواني بمعنى أن عمارته الخارجية أقل شأناً من عمارته الداخلية، ونرى ذلك في المساجد الأولى، كالجامع الأموي بدمشق وجامع عقبة في القيروان وجامع قرطبة، كما نراه بشكل شامل في المساكن والقصور. إن خصيصة الجَوّانية هذه تنسجم في المباني الخاصة، مع شاغل المبنى الذي يبحث عن مجال خاص به يستقل فيه عن العالم الخارجي، ولذلك فهو يغني هذا المجال الداخلي بأروع الزخارف والأثاث المعماري، ويهمل الواجهات الخارجية لأسباب كثيرة أبرزها رغبته بعدم التظاهر والتفاخر والمضاهاة.
وتدخل خصيصة الجَوَّانية في نطاق مفهوم المقياس الإنساني
هـ . 10. كان انتشار السيارات واسطة أساسية للانتقال والنقل، سبباً في تعديل النظام العمراني للمدينة الإسلامية، وسبباً في تغيير ملامح العمارة التي أصبحت كتلاً من المنشآت تنهض على حافة الطرق التي أصبحت شِرْيان المدينة الحامل للعلاقات الاجتماعية والاقتصادية في المدينة.
لقد قام التنظيم العمراني الحديث على توزيع المحاضر المستقلة لبناء عمارات مفتوحة الجوانب على الطرقات مباشرة، أو على الحدائق المحيطة، وهكذا تحولت المنشآت من النظام الجَوََّاني إلى النظام البراني الخارجي، وازداد اهتمام المعمار بالواجهات والحدائق الخارجية، وضعف اهتمامه بالعمارة الداخلية، وبعد أن كانت أقسام المسكن تنفتح على الفِناء ذي الهواء النقي المعتدل، أصبحت مفتوحة مباشرة على الهواء الملوث الخارجي، وعلى المؤثرات المُناخية والحرارية وعلى الضجيج، كما أصبحت مكشوفة أمام فضول الجوار، وانتهى عهد حرمة المسكن نهائياً. وبصورة عامة فإن النظام الجديد الذي فرضته السيارة عكس نظام المدينة الحديثة، فبعد أن كانت العمارة أساس تنظيم عمران المدينة، أصبح عمران المدينة يتحكم في شكل المبنى وطبيعته. كما عكس النظام الاجتماعي، فبعد أن كانت تقاليد الأسرة تتحكم في العمارة والعمران، أصبحت تقاليد السيارة هي التي تتحكم في التصميم العمراني والمعماري وفي التقاليد الاجتماعية.

و) تعاليم معمارية وعمرانية إسلامية
و.1. عززت التعاليم والمبادئ والتقاليد الإسلامية هُوية العمارة، ووطدت شخصيتها، وإذا ما أتيح جمعها في دراسة شاملة تكون لدينا الأساس النظري للعمارة الإسلامية، وأول هذه التعاليم صدرت عن الخليفة الثاني عمر بن الخطاب، إذ يأمر والي البصرة والكوفة بالتقيد بأبعاد حددها للشوارع والأزقة ولالتصاق الدور وارتفاعها والتفافها نحو المسجد ودار الإمارة، ولقد قدم الفلاسفة والمفكرون مثل ابن سيناء وابن خلدون وابن قتيبة مبادئ معمارية هامة مشابهة، وكذلك كان دور الفقهاء، فلقد قدم ابن الرامي (ت 376 هـ) في كتابه (الإعلان بأحكام البنيان)(1) قواعد تنظيمية وصحية مهمة، كما توسع في الحديث عن الأخطاء المعمارية وآثارها، مثل خطإ عدم حماية المبنى من الدخان والروائح والضوضاء والشمس، وفرض احترام حرمة الآخرين بعدم الإطلال على الجوار، وعدم إفساح مجال إطلاع المارة على داخل المسكن.
و.2 . خضعت العمارة فناً وهندسة إلى العقيدة الإسلامية مما ميز هُويتها الموحدة على امتداد العصور، ولكن اختلاف العادات واللغات والحضارات في العالم الذي دان بالإسلام من الصين شرقاً إلى المحيط الأطلسي غرباً، أوجد تنوعاً
في الإبداع مع التصاق قوي بالوظيفة. لقد كان الطراز الإغريقي والروماني واحداً في جميع المباني على اختلاف وظائفها، ولكن العمارة الإسلامية تميزت بانسجام الشكل المعماري مع المضمون الوظيفي، وهكذا تختلف عمارة المسجد عن عمارة المدرسة أو المدفن أو المشفى أو البيت، ويبقى من الصعب أن نخطئ في تحديد وظيفة المبنى من خلال شكله المعماري. بل تأتي قيمة المبنى من مدى ملاءمته لوظيفته المحددة، فيكون البيت أكثر كمالاً إذا حقق الوظيفة السكنية من لجوء وسكينة وأمن، وتحدث ابن قتيبة في شروط المسكن سواء كان خيمة أو مبنى، وعدد من البيوت البروج المشيدة بالجص والبيت المجرد المسنم والبيت المعرس أي في وسطه حائط حامل للسقف، وذكر أسماء الغرف بحسب وظائفها، المخدع والكنّة والسقيفة والفِناء وعقر الدار والمشارب أي الغرف، والعّنة أي حظيرة الإبل. والكنيف أي بيت الخلاء، وتحدث عن أهمية مواد البناء لضمان سلامته ومتانته.

و.4. تبقى علاقة العمارة بالبنية العمرانية من أهم الأسس التي قامت عليها نظرية العمارة الإسلامية، وقلما يفصل الجَغْرافيون والرحالة والشعراء في وصفهم العمارة عن البيئة الحضرية التي تقوم عليها هذه العمارة ويقول الشاعر أسعد تبع:

دارُنا الدارُ ما تُرام اهتضاماً نطقتْ بالكرومِ والنَّخلِ
والـزَّرعِ وإن آثارنَا تدل علينا من عدّوِ ودارُنا خيرُ دارِ
وأصنافِ طيّب الأشجارِ فانظروا مِن بعدِنا إلى الآثارِ

ولقد حدد المسعودي(1) شروط الاختيار الجَغْرافي في البيئة البدوية لإقامة المنازل البدوية، فهو يقول: " الواجب تخير المواضع بحسب أحوالها من الصلاح" كما قام الهمذاني(2) بتحديد شروط البيئة الحضرية للمدن كمدينة صنعاء، واشترط تطويع المباني مع البيئة الحضرية، أي مع العمران المدني، فتحدث عن توجيه المباني باتجاه الريح، وعن زراعة الخضار لتزويد السكان وتلطيف الجو، وعن توفير الماء وتنظيم الري، وعن مواد البناء وتقنياته وتحديد المقاسات والمساحات، كما تحدث عن الخصائص الشكلية للعمارة.

ز) نظام التهوية الطبيعي
ز.1. في كثير من المدن الإسلامية مثل أصفهان ودبي وحلب، كان ثمة نظام للتهوية والترطيب يدخل في أساس التصميم المعماري؛ هو نظام الملقِّف (البادغير)، ويتألف هذا النظام من برج يخترق البناء ويعلو عليه، تنفتح فيه نوافذ مشرفة في الأعلى ويقسمه من الداخل حاجز متصالب قطري. ويستخدم هذا البرج لتلقف الهواء الخارجي الذي ينساب عَبْر البرج إلى الغرف، بعد أن يمر على سطح حوض مائي يحمل منه قدراً من الرطوبة(1).

ز.2. وثمة تهوية بسيطة تقام على حواجز السطوح، وهي فتحات أفقية تقوم أيضا" بتلقف الهواء لكي يستفيد منه الساهرون والنائمون على سطح المبنى.

ز.3. لقد تم اكتشاف نظام للتهوية في بعض المباني الأثرية يتألف من أنابيب تمتد أفقياًً توزع الهواء الخارجي على غرف المبنى. وتبقى النوافذ المشبكة وسيلة شائعة لتلقف الهواء الخارجي.

ز.4. إن نظام الملقف يبقى النظام الأمثل للتهوية والترطيب في المباني الإسلامية التي تقوم في بيئة جافة تميل إلى الحرارة، وهو نظام اقتصادي وصحي ولا بد من العودة إليه في أبنيتنا الحديثة. لا ليكون صيغة معمارية جمالية كما في جبل علي في دبي، بل لكي يؤدي وظيفته الصحية والاقتصادية.

ح) العمارة والزخرفة
ح.1. تبقى الزخرفة من أهم خصائص الفن المعماري الإسلامي. صحيح أن مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم، وهو أول منشأة معمارية إسلامية، كان في بدايته شديد البساطة والتقشف، فهو مجرد سقيفة من سعف النخيل تقوم على جذوع النخيل، ولم يكن البناء مزيناً بأي عنصر زخرفي، إلا أن إعادة بناء المسجد بأمر الوليد بن عبد الملك، وفي عهد والي المدينة عمر بن عبد العزيز، قد تم وفق أسس معمارية جديدة حافلة بالزخارف والفسيفساء، على غرار مسجد دمشق. ولقد وصف هذا المسجد العالم الفرنسي (سوفاجيه) ورسم زخارفه في كتابه عن هذا المسجد(1).

ح.2. يقوم فن العمارة الإسلامية على تكوين التصميم حسب تقاليد الهندسة المعمارية الإسلامية، وتبعاً للشروط الوظيفية، كما يقوم على ابتكار الزخارف النباتية والهندسية والخطية الجميلة. ولقد سارت الزخارف قدماً حتى طغت على التصميم، ونرى مراحل ذلك واضحة في جامع قرطبة سواء"بالقسم الذي أنشأه أولاً عبد الرحمن الداخل على غرار المسجد الأقصى في القدس والمسجد الأموي بدمشق. ثم أضيفت لهذا المسجد إضافات غيرت شكله وأغنته، ففي عام (848م) قام عبد الرحمن الثاني بإنشاء زيادة باتجاه العمق بمقدار ست وعشرين متراً. ثم تابع الحكم الثاني بن عبد الرحمن الناصر سنة (965م) إنشاء زيادة في الجنوب استمراراً للزيادة الأولى؛ وعلى امتداد جامع عبد الرحمن الداخل. ومن خلال هذا التسلسل التاريخي والمعماري يتوضح لنا تدرج طغيان الزخارف حتى بدا المحراب في قسم الحكم من أروع المحاريب الإسلامية زخرفة وفخامة، وكانت قباب هذا القسم مفخرة الزخرفة الإسلامية. ثم يضيف الحاجب المنصور الإضافة الثالثة سنة (992م) على امتداد الجامع من جهة الشرق.
إن تطور زخارف التيجان والأقواس والقباب في أقسام جامع قرطبة يقدم لنا المثال الصريح على زيادة تدخل الزخرفة في تكوين فن العمارة الإسلامية.

ح.3. الزخارف التي تسمى الرقش العربي Arabesque هي من أبرز آيات الإبداع الفني الإسلامي، ولكن طغيانها على فن العمارة وبخاصة في قصور الحمراء في غر ناطة كان سبباً في حصر العمارة ذاتها في نطاق الزخرفة.

ح.4. تبقى الكتابات التي زينت سقوف وأفاريز العمارة الإسلامية من أهم عناصر الإبداع المعماري، بيد أن هذه الكتابات، على جمال الخطوط فيها، تبقى وثائق مفيدة في تاريخ العمارة الإسلامية. وأقدم الخطوط الجميلة التي زينت العمارة الإسلامية، هي الخطوط الموجودة حتى اليوم في أفاريز قبة الصخرة من الداخل، وهي تؤرخ بناء المسجد مع آيات قرآنية كتبت كلها بخط كوفي لين مرصوفة بأحجار الفسيفساء التي تزين هذه القبة. وتكاد لا تخلو عمارة إسلامية من كتابات نقشت على الحجر أو الخشب أو نفذت بالفسيفساء والخزف وموضوع أكثرها آيات قرآنية كريمة. والمتأخر منها يتضمن مآثر المنشئ ودوره في إعمار البناء. وهذه الكتابات تحدد تطور الخط العربي منذ نشأته الأولى إلى ظهوره بالأسلوب الكوفي والأسلوب الثلث. وفي المساجد الفارسية المملوكية والعثمانية روائع الخط العربي التقليدي المبتكر بشكل شطرنجي أو تصويري.

ط) الوحدة والتنوع في العمارة الإسلامية
ط.1. لعل الوحدة من أبرز خصائص فن العمارة الإسلامية، وتتجلى هذه الوحدة في العمارة الدينية والمدنية، وفي العمارة الخاصة والعامة على اختلاف المناطق وتتالي العصور. وتبقى هذه الوحدة العامل الأساس في تكوين هُوية العمارة الإسلامية، ومع أن المنشآت الدينية الإسلامية في الصين مثلاً قد خرجت عن وحدة فن العمارة، فإن تنوع الأساليب في العالم الإسلامي من إندونيسيا إلى المغرب لم ينف هذه الوحدة، بل إن المنشآت الدينية التي أقيمت في أوروبا في باريس ولندن وميونيخ بقيت محافظة على هُويتها الإسلامية، وبمعنى عام فحيثما كان الإسلام منتشراً أو كان المسلمون أكثرية كانت الهُوية الإسلامية في العمارة أكثر ظهوراً.

ط.2. ويبقى تنوع أساليب العمارة دليلاً على دور الإبداع في التصميم المعماري، ودليلاً على تطبيع فن العمارة مع البيئة العمرانية والاجتماعية والثقافية التي تنشأ فيها، ويبقى تنوع العمارة الإسلامية ضمن الوحدة من الخصائص المميزة التي ستساعد في تكوين عمارة حديثة، تتمتع بالأصالة، وتعبر عن قابلية للتطور والتجديد والإبداع.

ط.3. يمتاز الفن الإسلامي وبخاصة العمارة، بالتنوع في الأساليب والطراز والأشكال، ومع أن سبب هذا التنوع هو تشجيع السلطة وقوة الاحتكاك، وتأثير البيئة، إلا أن الحرية الإبداعية لدى الفنان والمعمار كانت العامل الأهم في تراكم الإبداعات وتنوعها.
لقد حض الدين الإسلامي دائماً على العمل المسؤول وعلى المسؤولية، كما شجع على الزينة، وجعل الجمال والكمال صِنْوينِ. وكانت المبادئ الأساسية في تحديد القيم مثبوثة في الكتاب {ولا تَزِرُ وازرَةُ وِزْرَ أخرى} (سورة الأنعام، الآية: 164) {وقلِ اعملوا فسيرى اللهُ عملكم}. (سورة التوبة، الآية:105)، وحمل الله الإنسان رسالة الحياة :{إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما ًجهولاً} (سورة الأحزاب، الآية: 72)، في هذه الآية الكريمة يتبّدى حجم المسؤولية الملقاة على الإنسان، وكذلك حجم الحرية، والإرادة الممنوحة له، وهي تفوق بقوتها وعزمها قوة السماوات والأرض والجبال. وهذه الطاقة الضخمة التي يتمتع بها الإنسان، لا بد أن تتفاعل مع الحياة. عملاً منتجاً وإبداعاً. ولقد استطاع الإنسان المؤمن حامل هذه الأمانة الإسلامية، أن يبني أروع حضارة إنسانية أنشئت حتى الآن، متمتعاً بحريته، مدفوعاً بقوة الثقة الإلهية إلى هدف لا حدود له، متناسياً الجهد والبذل الذي سينفقه لتحقيق هذه الأهداف، فكان بذلك ظلوماً على نفسه جهولاً حجم تضحيته. ولقد تبدت هذه الأمانة في بناء الحضارة، علماً وفقهاً وعمارة وفناً. وكان على كل إنسان مبدع أن يستمد مبادئ إبداعه من تعاليم القرآن الكريم أولاً، التي أمدته بحرية واسعة، ولكنها مسؤولة، وأن يستمدها من حاجات الناس، ثانياًً، وهي حاجات مستمرة متنوعة بحسب مكانة الناس وبحسب أذواقهم وبحسب أغراض الفنون التي يبدعونها. فإذا كانت السلطة تسعى إلى تدعيم العمارة والفن للصالح العام، فإن السباق بين الملوك والحكام لرفع مستوى مدنهم كان حاداً وواسعاً باتساع عدد هؤلاء الحكام وعدد تلك المدن. أما الأفراد الساعون لتأمين استقرارهم وسعادتهم، فكان لكل منهم غرض وذوق وحلم يسعى إلى تحقيقه. من هنا كانت أمام المبدع فرص كثيرة لتنوع الإبداع ضمن حرية واسعة يسدد اتجاهها الفكر الجمالي الإسلامي، وبهذا كان التنوع مصحوباً دائماًً بوحدة الأسس الجمالية التي يقوم عليها الإبداع الإسلامي.

ط.4. ويجب أن نستعير أمثلة عن الفنون والعمارة في الحضارات الأخرى، لكي نوضح الفرق الكبير في حجم الإبداع والتنوع بين العمارة والفن الإسلامي، وبين تلك العمارة والفنون، فالفن الكلاسيكي، الإغريقي والروماني، اتبع أنظمة ثلاثة لم يخرج عنها المعماريون، وهي النظام الدوري والنظام الأيوني والنظام الكورنتي، وعلى الرغم من تعدد التسميات، فهي تخضع جميعاً إلى نظام معماري واحد، يتألف من الحامل والمحمول، المحمول مؤلف من الجبهة القائمة على الطُّنف (وهي ما أشرف خارجاً من البناء). والإفريز، ومن الحامل المكون من أعمدة متشابهة لا تختلف إلا باختلاف شكل التيجان. وإذا أخذنا مثالاً آخر، الفن المعماري المسيحي الرومي والغوطي والبيزنطي، فإننا نراها لا تخرج كثيراً عن مفهوم البازيليك الروماني، مع إضافات وافرة للتماثيل في العمارة الغوطية، وللرسوم الزجاجية والجدارية في العمارة البيزنطية.

ط.5. وفي فنون العمارة الإسلامية لامحل لهذا الحصر والتضييق في نظام العمارة، بل إن التعددية التي تتمتع بها فنون العمارة الإسلامية، وفنون الرقش والزخرفة والخط، تدل بوضوح على مقدرة المبدع المسلم على ابتكار أشكال لا حدّ لها، تتجلى في تلك المنشآت الضخمة التي نراها في أغرا وأصفهان وبغداد ودمشق والقاهرة والقيروان وقرطبة. والتي تعود إلى خمسة عشر قرناً من تاريخ الحضارة الإسلامية.
ولا يمكن أن ينسب هذا النوع إلى تعددية الحكام والدويلات، ذلك أن المبدع وحده هو الذي صمم ونفذ هذه الروائع وليس الملك أو المالك الذي بقي المموّل والمشجع فقط، وهذا يعني أن هذه الأشكال والأساليب الفنية والمعمارية كانت متعددة بتعدد مبدعيها، وليس بتعدد مشجعيهم، وان الإبداع المعماري والفني، قام على رؤية فردية قدمها المصمم، وعلى براعة تنفيذية قام بها الصناع المهرة.

وهكذا فإن (الشخصانية) التي أصبحت سمة الإبداع المعاصر كانت في الحضارة الإسلامية سمة العصور الإسلامية كلها.
انظر كتاب الزركشي "إعلام السَّاجد بأحكام المَساجد"، طبع ، وزارة الأوقاف، القاهـرة، 1982م، ص 275 -226.
وردت هذه الأحكام في رسالة ماجستير للباحث عبد الرحمن صالح الأطرم، جامعة الإمام محمد بن سعود، الرياض.
نلفت النـظر إلى أهمية هذه المراجع في البحث الجامعي، وهي:
الهمداني، الإكليل، تحقيق الأكوع، (بغداد 1977 ـ 1980م)، ابن الكلبي الأصنام، تحقيق أحمد زكي، القاهرة،(1965م).
ابن عساكر، تاريخ دمشق. نشرت منه حتى الآن 49 مجلداً، عن مجمع اللغة العربية بدمشق.
ابن الهيثم، المناظر، ج 1، المجلس الوطني، الكويت، (1982م).
المقريزي، المواعظ والاعتباربذكر الخطط: والآثار، دار صادر، بيروت.
الجاحظ في كتب: البخلاء، الحيوان، رسالة، التربيع والتدوير.
التوحيدي في كتب : المقابسات، الإمتاع والمؤانسة، رسالة الكتابة. رسائل إخوان الصفا.
كتاب عيون الأخبار، لابن قتيبة ـ مرجع مهم يمكن الرجوع إليه، وبخاصة الجزء الأول، طبع دار الكتاب العربي، القاهرة.
أصدرت المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة في عام 1999 كتاب (القضاء بالمرفق في المباني ونفي الضرر) للإمام التطيلي ( تـ 386 هـ)، وهو من كتب التراث التي تعني بهذا الجانب من الحضارة الإسلامية.
وردت هذه الشروط في كتاب المسعودي، مروج الذهب ومعادن الجوهر، ج 2، ص 65 - 48.
ويراجع كتاب الإكليل، نشر بغداد 1977م، ج 1، ص 190-177، وج 2، ص 36-10.
لقد عرضنا تفاصيل الهُوية الإسلامية في كتابنا، العمارة العربية (الجمالية، الوحدة، التنوع) نشر المجلس القومي للثقافة العربية، الرباط، طباعة، روما، 1990م.
توسع جان سوفاجيه في دراسة مسجد الرسول، صلى الله عليه وسلم، في المدينة، انظر كتابه:
J. Sauvaget: La Mosquée Omayyade de Medine, Paris, 1947
------------------------------------------
 
قديم 30/9/2008, 03:46 PM   رقم المشاركة : ( 3 )
جوبا
مـهـند س نـشـيط

الصورة الرمزية جوبا

الملف الشخصي
رقم العضوية : 46881
تاريخ التسجيل : Jan 2007
العمـر :
الجنـس :
الدولـة :
المشاركات : 336 [+]
آخر تواجـد : ()
عدد النقاط : 20
قوة الترشيـح : جوبا يستاهل التميز

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

جوبا غير متصل

افتراضي رد: الســــــــــــــؤال الثـــــــــــــلاثـــــــين

كيفية عمارة المساجد وفضلها وصفة من يعمرها

قال الله تعالى: مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ الآية، حيث وصف من يعمر المساجد بالإيمان بالله واليوم الآخر، والصلاة، والزكاة، وخشية الله وحده، والاهتداء الكامل، أي أن المؤمنين بالله حقا هم الذين يحملهم إيمانهم على عمارة المساجد.
وأكثر أهل العلم على أن المراد عمارتها بالصلاة والذكر والقراءة والعلم، وأنواع العبادة، فهي العمارة الحقيقية، ولهذا أورد الإمام أحمد بإسناده عن أبي سعيد الخدري عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: إذا رأيتم الرجل يعتاد المساجد فاشهدوا له بالإيمان لأن الله يقول: إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ [ورواه الترمذي وقال: حسن غريب، ورواه الحاكم وقال: هذه ترجمة للمصريين لم يختلفوا في صحتها وصدق رواتها. لكن قال الذهبي إن دراجا كثير المناكير، أي: دراج أبو السمح أحد رجال الإسناد، وقد أورده النووي في رياض الصالحين مع التزامه بذكر الأحاديث الصحيحة والحسنة] .
ثم إن معناه تشهد له الآية الكريمة، حيث زكى ربنا سبحانه من يعمر المساجد، ووصفهم بالإيمان بالله واليوم الآخر.. إلخ، وذكر ابن كثير عند هذه الآية عن عبد بن حميد بإسناده عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إنما يعمر مساجد الله أهل الله [وكذا رواه البزار كما في الكشف، في باب في عمار المساجد عن صالح المري عن ثابت عن أنس قال: لا نعلم رواه عن ثابت عن أنس إلا صالح قال الهيثمي في مجمع الزوائد: وفيه صالح المري وهو ضعيف] .
قلت: ولعله مستنبط من الآية الكريمة.
وقال الزمخشري في الآية: أي: إنما تستقيم عمارة هؤلاء، وتكون معتدا بها، والعمارة تتناول رم ما استرم منها، وقمها، وتنظيفها، وتنويرها بالمصابيح، وتعظيمها، واعتيادها للعبادة والذكر، ومن الذكر: درس العلم، بل هو أجله وأعظمه، وصيانتها مما لم تبن له المساجد، من أحاديث الدنيا، فضلا عن فضول الحديث .
ثم أورد عدة أحاديث منها حديث بلفظ: يأتي في آخر الزمان ناس من أمتي يأتون المساجد فيقعدون فيها حلقا، ذكرهم الدنيا وحب الدنيا، لا تجالسوهم فليس لله بهم حاجة [قال الحافظ أخرجه الطبراني عن أبي وائل عن ابن مسعود وفيه: بزيع أبو الخليل وهو متروك. ثم ذكر أنه رواه ابن حبان في صحيحه من طريق آخر بنحوه ] .
ويدخل في خدمة المساجد إنارتها، فقد ذكر الزمخشري عن أنس -رضي الله عنه- قال: من أسرج في مسجد سرجا، لم تزل الملائكة وحملة العرش تستغفر له ما دام في ذلك المسجد ضوءه [قال الحافظ رواه الحارث بن أسامة من رواية الحكم العبدي عن انس وفي الطبراني عن علي رفعه: من علق قنديلا في مسجد صلى عليه سبعون ألف ملك.. إلخ لكنه ضعيف] .
وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رجلا أسود أو امرأة سوداء كان يقم المسجد، فمات فسأل النبي -صلى الله عليه وسلم- عنه، فقالوا: مات. قال: (أفلا كنتم آذنتموني به، دلوني على قبره، أو قال قبرها)، فأتى قبره فصلى عليه وسميت في بعض الروايات: أم محجن .
والمراد: أنها تجمع القمامة وهى الكناسة، ومنها قطع الخرق، والقذى، والعيدان، قال أهل اللغة: القذى في العين والشراب ما يسقط فيه، ثم استعمل في كل شيء يقع في البيت وغيره إذا كان يسيرا، ففي هذا الحديث فضل تنظيف المسجد وإزالة ما يقع فيه من قمامة وقذى، لأنه يشوه المنظر، ويسبب النفرة من المسجد، بخلاف الموضع النظيف، فإن النفس تألفه وترغب إطالة البقاء فيه.
ومن تنظيفه تطييبه بالنضوح والدخنة، فقد روى أبو يعلى عن ابن عمر رضي الله عنه أنه كان يجمر المسجد كل جمعة. [قال الهيثمي وفيه عبد الله بن عمر العمري وثقه أحمد وغيره، واختلف في الاحتجاج به] . ولا شك في استحباب تطييب المساجد بالعود ونضحها بالطيب، لمكانتها وشرفها، وذلك مما يرغب العامة في الجلوس فيها، ويسبب محبة النفوس لها، ويزيدها جمالا.
وقد روي عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عرضت على أجور أمتي حتى القذاة يخرجها الرجل من المسجد.. إلخ [رواه أبو داود والترمذي وابن خزيمة في صحيحه، وسكت عنه أبو داود وقال المنذري في تهذيبه: وفي إسناده عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد وثقه ابن معين وتكلم فيه غير واحد. وقال الترمذي هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه، وذكر أن البخاري استغربه، ونقل عن البخاري والدارمي أن المطلب بن عبد الله راويه عن أنس لا يعرف له سماع من أحد الصحابة] . ومع ذلك فمعناه صحيح، ويشهد لذلك قصة المرأة التي كانت تقم المسجد، فماتت فصلى النبي -صلى الله عليه وسلم- على قبرها .
ومن خدمة المساجد فرشها بما يريح المصلين ولو بتراب نظيف، أو حصباء، فقد روى أبو داود عن أبي الوليد قال: سألت ابن عمر عن الحصا الذي كان في المسجد، فقال: إنا مطرنا ذات ليلة، فأصبحت الأرض مبتلة، فجعل الرجل يجيء بالحصا في ثوبه فيبسطه تحته، فلما قضى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صلاته قال: ما أحسن هذا [لكن إسناده ضعيف] .
ولا شك أن إراحة المصلين بما يزيل عنهم حرارة الأرض، أو يقيهم من الغبار، أو يزيل عنهم شدة الحر مما يثاب عليه من قصده، ولذلك اعتيد في هذه الأزمنة جعل البسط والسجاد المريح في أغلب المساجد، بعد أن كانوا يصلون على الحصباء والأرض الصلبة والغبار، فوجدوا بذلك راحة وانبساطا ومحبة للعبادة، ورغبة فيها.
ومن خدمة المساجد إنارتها كما سبق في حديث أنس وعلي على ما فيهما من الضعف، وقد روى ابن ماجه وأبو داود عن ميمونة مولاة النبي -صلى الله عليه وسلم- قالت: يا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أفتنا في بيت المقدس. قال: (فإن لم تأتوه فابعثوا بزيت يسرج في قناديله) ولابن ماجه في سننه عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: أول من أسرج في المساجد تميم الداري وهو موقوف وسنده ضعيف. ولا شك أن إسراج المسجد الذي هو إنارته مما يسبب الرغبة فيه وينير الطريق لمن دخله، حتى يعرف الموضع الذي يقصده، وينظر مواضع الصلاة، ويتوقى خطر الصلاة لغير القبلة، أو العثور في نائم، والاصطدام بسارية أو حائط، وقد يسر الله تعالى في هذه الأزمنة وجود الكهرباء الذي يحصل بها تمام الإنارة والضياء الكامل، حتى أشرقت المساجد، واستنار الطريق، وتيسرت السبل للوصول إلى المساجد بسهولة وراحة، وأمن من الأخطار والفزع الذي يعتري من يمشي في ظلمة مدلهمة، سواء كانت في المساجد أو في طريق الوصول إليها.
ومع ذلك فقد ورد ما يدل على فضل المشي إلى المسجد في الظلمات، وكثرة الأجر المرتب على ذلك، فقد روى أبو داود والترمذي عن بريدة رضي الله عنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بشر المشائين في الظلم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة [وقال الترمذي غريب. وقال المنذري في الترغيب: رجال إسناده ثقات] .
وعن سهل بن سعد الساعدي قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ليبشر المشاؤن في الظلم إلى المساجد بنور تام يوم القيامة [رواه ابن ماجه والحاكم وقال: صحيح على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي ] .
وعن أنس -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بشر المشائين في الظلم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة [رواه ابن ماجه والحاكم وسكت عنه الذهبي وضعفه البوصيري في الزوائد] .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- المشاؤون إلى المساجد في الظلم أولئك الخواضون في رحمة الله [رواه ابن ماجه وفي إسناده: إسماعيل بن رافع متكلم فيه، ونقل الترمذي عن البخاري قال: هو ثقة مقارب الحديث] .
وعن أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال : إن الله ليضيء للذين يتخللون إلى المساجد في الظلم بنور ساطع يوم القيامة [قال المنذري رواه الطبراني في الأوسط بإسناد حسن] .
وعن أبي الدرداء -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: من مشى في ظلمة الليل إلى المسجد لقي الله عز وجل بنور يوم القيامة [رواه الطبراني في الكبير بإسناد حسن، وابن حبان في صحيحه، ولفظه قال: من مشى في ظلمة الليل إلى المساجد آتاه الله نورا يوم القيامة ]
وعن أبي أمامة رضي الله عنه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: بشر المدلجين إلى المساجد في الظلم بمنابر من النور يوم القيامة، يفزع الناس ولا يفزعون [رواه الطبراني في الكبير وفي إسناده نظر، كذا في الترغيب] .
وقد ذكر مثل هذا الحديث صاحب مجمع الزوائد عن أبي سعيد وزيد بن حارثة وعائشة وابن عباس وابن عمر وأبي الدرداء وأبي موسى وهو دليل على شهرة الحديث، وكثرة من نقله من الصحابة، ومن خرجه من أهل الحديث، ولعل سبب الترغيب بكثرة الثواب ما كان المسلمون فيه من شدة الظلمة في بعض الليالي، مع ضيق الطرق، والتوائها، فيصعب سلوكها والعبور معها إلى المساجد في الليالي المظلمة، مخافة الهوام واللصوص، والحفر والحجارة، والحيطان المعترضة، وقد خفت هذه الأشياء في زماننا بسعة الطرق وإنارتها، ونظافتها وأمنها والحمد لله، فلا عذر لأحد في التأخر لأجل ظلمة أو نحوها، فمتى وجدت الظلمة فصبر واحتسب ومشى لصلاة العشاء وصلاة الصبح كان أهلا أن يحظى بالنور التام يوم القيامة.


وظائف المسجد

وظائف المسجد النبوي
ظهرت للمسجد النبوي منذ أن أسسه رسول الله صلى الله عليه وسلم وظائف متميزة، بعضها ينبع من طبيعته وأهدافه العقدية، وبعضها الآخر يرتبط بشخصه صلى الله عليه وسلم وموقعه في قيادة هذا المجتمع الوليد، وسوف نعرض بإيجاز لأهم هذه الوظائف:
الوظيفة الأولى: الوظيفة التعبدية:
وهي أول وظائف المسجد وأدومها، فالصلوات الجماعية التي شرعها الله سبحانه وتعالى للمسلمين من قبل أن يُبنى المسجد، حيث كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بالمسلمين في الأرض العراء، وربما صلى في مرابض الغنم، وما إن بنيت جدران المسجد حتى صلى فيه بالمسلمين قبل أن يوضع السقف، فلما اشتد عليهم الحر سُقف بجريد النخل.
وقد وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين في تجمعاتهم السكنية غير القريبة من المسجد النبوي أن يتخذوا مساجد في أحيائهم، وذهب إليهم في أحيائهم وصلى لهم في مساجدهم ليحظوا ببركة وقوفه وصلاته فيها، ولكـن المسجد النبوي ظل (المسجد الجامع) يتوافد إليه المسلمون من أنحاء المدينة؛ ليصلوا خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم مااستطاعوا إلى ذلك سبيلاً، وبعضهم كان يراوح بين الأوقات أو الأيام لبعد منـزله.
ولكي نتصور الأبعاد الكبيرة لهذه الوظيفة ننظر في الأخبار الواردة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حول صلوات النفل والتهجد، فقد كان يخرج إلى المسجد ليصلي نافلة كثيرة، وثمة أسطوانة من أسطوانات المسجد ارتبط اسمها بالتهجد؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقف إليها ويصلي ما شاء الله له، مع أن صلاة النافلة في البيت مستحبة، وقد صلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجرته مراراً، وهذا من باب التشريع الذي يبعد المشقة عن المسلمين، فلو لم يصلها إلا في المسجد لصارت لازمة، وهذا مالايطيقه الكثيرون على امتداد الزمان والمكان.
ونذكر هنا تأكيده صلى الله عليه وسلم على ضرورة ملازمة المسجد في صلوات الجماعة، سواء بذكر فضل هذه الصلاة على صلاة البيت، أو بتهديده الذين يتخلفون عن الصلاة فيه بالعقاب الشديد. وخاصة صلاة الجمعة.
وثمة شعيرة تعبدية أخرى ترتبط بالمسجد هي الاعتكاف، فقد اعتكف رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد أياماً من رمضان، وخاصة العشر الأخيرمنه، واعتكف الصحابة معه، وصار الاعتكاف في المسجد سنة تعبدية إلى يوم الدين، يجد المرء نفسه فيها في صفوة العطاء الروحي المتدفق.

الوظيفة الثانية: الوظيفة التعليمية:
منذ أن بني المسجد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجلس فيه ويتحلق الصحابة الكرام حوله، يعلمهم أمور دينهم، ويقرأ عليهم القرآن، ويحدثهم بما يلهمه الله من أحاديث قيمة، فيها قصص الأمم القديمة التي فيها العبر والحكم.
كما أن خطبه صلى الله عليه وسلم كانت دائماً توجيهية تعليمية، ترسم للصحابة الكرام المنهج القويم في عباداتهم ومعاملاتهم.
ونجد في الأحاديث الصحيحة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ربما قطع خطبته وخاطب فرداً معيناً، فعلمه أمراً لم يكن يعلمه، وربما استمع إليه، ثم عاد واستأنف خطبته، وربما رأى أحدهم لايحسن الصلاة فنبهه عدة مرات ثم علمه، وغير ذلك من الحالات الكثيرة التي نجد المسجد فيها موقعاً علمياً لم تعرف المدينة، والمدن العربية الأخرى، مثله مكاناً عاماً يتلقى فيه المرء العلم والمعرفة.
والمسجد بحق أول مدرسة عامة مفتوحة عرفها العرب، وتربت فيها الأجيال تربية موجهة.
وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم المعلم الأول في هذه المدرسة، وكان الصحابة يقتفون خطاه، فيجلس بعضهم إلى بعض فيه يتدارسون القرآن، ويتناقلون حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويبلغ من يعرف لمن لايعرف، وصارت هذه " الوظيفة التعليمية" صفة دائمة وعامة، اهتم بها الصحابة في حياته صلى الله عليه وسلم، ثم تعاقبت عليها الأجيال بعد وفاته إلى يومنا هذا.

الوظيفة الثالثة: الوظيفة الاجتماعية:
قام المسجد النبوي بوظائف اجتماعية عدة أدت إلى تعزيز الروابط بين أفراد المجتمع المسلم، فقد كان محل تجمعهم، ومكان لقاءاتهم في أوقات الصلوات وانتظارها، وأوقات الصلاة يتحدثون في أحوالهم بمالا يتنافى مع الوظيفة التعبدية، وربما أنشدوا الشعر فيه، وكان حسان بن ثابت ينشد شعره ورسول الله صلى الله عليه وسلم يسمعه، وهذه الجلسات واللقاءات أسهمت في تعزيز الصلات، وخاصة الذين ينشغلون في أعمالهم اليومية، ولنذكر أن ذلك العصر لم يعرف الناس فيه أماكن عامة للجلوس، وأن الناس كانوا يجلسون في البيوت والمزارع والطرقات، غير أن المسجد الذي يتوجهون إليه عدة مرات ويلتقون فيه يفسح لهم مجالاً أكبر لتنمية الروابط الاجتماعية.
ومن الوظائف الاجتماعية التي قام بها المسجد النبوي: احتضان الفقراء والمساكين، وخاصة المهاجرين الذين وصلوا المدينة وليس معهم شيء، فقد أَوَوْا إلى المسجد النبوي، وخُصص لهم مكان في آخره مرتفع عن الأرض قليلاً يجلسون فيه وينامون فيه سمي (الصُفَّة)، ونُسِب هؤلاء إليه فسموا: أهل الصفة، وربما حُمل إليهم الطعام، وربما علقت لهم أقناء النخل، وربما جاء الرجل فاصطحب واحداً أو أكثر من أهل الصفة إلى بيته يستضيفه لبعض الوقت، وقد جالس رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل الصفة، وآكلهم، ودعا لهم دعاء كريماً.

الوظيفة الرابعة: الوظيفة السياسية:
كانت الهجرة نقطة تحول كبير في الإسلام والمسلمين، فقد بدأت بعد الهجرة مرحلة بناء المجتمع المسلم والدولة المسلمة، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقود هذا البناء ويوجهه بما يوحى إليه، وتجلت مهمة القيادة في تنظيم الحياة الاجتماعية والعلاقات الداخلية والخارجية بين المسلمين في المدينة، والمسلمين واليهود في المدينة وغير المدينة، وبين المسلمين والمشركين خارج المدينة، سواء في مكة أو القبائل الأخرى خارج مكة.
وهنا تبرز الوظيفة السياسية للمسجد النبوي، فقد غدا المسجد مقراً للقائد والقيادة، وفي حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا حزبه أمر أو حدث شيء يقتضي الإعلان يأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بـ(الصلاة جامعة)، فيجتمع المسلمون في المسجد النبوي يستمعون لما يخبرهم به ويوجههم إليه.
وكان المسجد أيضاً الموقع الذي تجري فيه المشاورات، وتتخذ فيه القرارات، وتعقد الألوية وتوجه البعوث والسفراء، وتستقبل الوفود، وتجري المناظرات، وبالتعبير الحديث: غدا مقر رئاسة الدولة ووزرائها ومستشاريها، ومقر اجتماعاتهم ومداولاتهم.
وبعد تحول الخلافة إلى دمشق وتحول الوضع السياسي للمدينة من عاصمة الدولة إلى إمارة تابعة للعاصمة دمشق، اتخذ الأمراء مقراً لهم خارج المسجد، لكن المسجد ظل محافظاً على قسط من الوظيفة السياسية هو البيعة، والتوجيهات العامة والتعبئة العسكرية، ومواجهة الأحداث الكبرى، فعندما يعين الخليفة أميراً على المدينة يقرأ خطاب التعيين في المسجد على المنبر، وعندما يعزله أو ينقله، أو يستبدله يقرأ القرار على الناس أيضاً.
وعندما يتوفى الخليفة ويتولى مكانه شخص آخر يعلن عن هذا التغيير في المسجد، وتؤخذ له البيعة الجماعية.
فعندما أراد أبو بكر الصديق رضي الله عنه أن ينهض لمواجهة المرتدين ذهب إلى المسجد وخطب في الناس ودعاهم لقتال المرتدين فاستجابوا، وعندما استنفر عمر بن الخطاب الناس للجهاد مع كتائب الفتح في العراق ذهب إلى المسجد النبوي وارتقى المنبر وخطب في الناس واستنهضهم للجهاد، وكذلك فعل عثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهم جميعاً.
وعندما تولى معاوية الخلافة جاء إلى المدينة ووثق بيعته في المسجد النبوي على منبر المسجد النبوي.
ولو تتبعنا سلسلة الأمراء الذين تولوا إمارة المدينة منذ العصر العباسي إلى نهاية العصر المملوكي لوجدنا الأمر نفسه، تبدأ إمارته بقراءة مرسوم تعيينه على منبر المسجد النبوي، وتنتهي بقراءة مرسوم عزله، أو مرسوم تعيين خلفه على منبر المسجد أيضاً.
وفي العهد العثماني كانت الفرمانات السلطانية بتعيين شيخ الحرم والقضاة والمدرسين لاتُنَفَّذُ إلا بعد قراءتها على المنبر في المسجد النبوي، وقد أضيف إلى ذلك لبس (الخلعة) أو الزي الرسمي لصاحب الوظيفة بعد قراءة المرسوم مباشرة.


القواعد في عمارة المساجد

د. محمد عمر دولة*


2003-10-25


الحمد لله الذي أذِن لبيوته في عالمِنا أن تُبنى وتُرفَعَ، ويسّر للنداء في مآذننا أن يُعلى ويُسمَع، ومكّن لكتابه أن يُتلى في جوانبها ويُذكَر، ومهّد لاسمِهِ في صلواتنا أن يُمجَّد ويُكبَّر، ووفّق للحق فيها أن يظفر ويظهر، وقدّر للباطل أن يُقهَرَ ويُدْحَر.

والصلاة والسلام على من اشتاقت المنابر إلى أنامله الشريفة أن تتلمّسها، وحنّ الجذع إلى أنفاسه العذبة أن يتنسّمها، وبكت النخلة (على ما كانت تسمع من الذكر عندها).[1]

وبعد، فقد أثنى الله تبارك وتعالى على عُمّار بيوته، فقال جل جلالهفي بيوتٍ أذن الله أن تُرفَعَ ويُذكَر فيها اسمُه يسبِّح له فيها بالغدوّ والآصال رجالٌ لا تُلهيهم تجارةٌ ولا بيعٌ عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يوماً تتقلّب فيه القلوبُ والأبصار ليجزيَهم الله أحسنَ ما عملوا ويزيدهم من فضله والله يرزق من يشاء بغير حساب).[2
]

ولعلّ المتأمّل في فقه عمارة المساجد في القرآن والسنة؛ يجد قواعد علميّةً، يمكن بيانَ بعضها في ما يلي:


إنّ القاعدة الأولى لعمارةِ المساجد: بناؤها وإعلاؤها

كما قال القرطبي رحمه الله في تفسير قول الله تعالىفي بيوتٍ أذن الله أن تُرفَع):"(تُرفع) قيل: معناه: تُبنى وتُعلى ـ قاله مجاهد وعكرمة ـ ومنه قوله تعالىوإذ يرفع إبراهيم القواعدَ من البيت)،[3] وقال صلى الله عليه وسلممن بنى لله مسجداً بنى الله له بيتاً في الجنّة)، وفي هذا المعنى أحاديث كثيرةٌ تحضّ على بنيان المساجد".[4]

القاعدة الثانية لعمارة المساجد: تعظيمها وتطهيرها وصونها عن النجاسات


كما قال الله عزّ وجلوعهدنا إلى إبراهيم وإسماعيل أن طهِّرا بيتي للطائفين والعاكفين والرّكّع السجود)،[5] وقد أشار ابن كثير رحمه الله إلى العلاقة بين عمارة المساجد وتطهيرها بقوله:"تطهير المساجد مأخوذٌ من هذه الآية الكريمة ومن قوله تعالىفي بيوتٍ أذن الله أن تُرفع...)، ومن السنة من أحاديث كثيرةٍ من الأمر بتطهيرها وتطييبها، وغير ذلك من صيانتها من النجاسات وما أشبه ذلك".[6] ومن هذا الباب قوله تعالىما كان للمشركين أن يعمروا مساجد الله).[7]

القاعدة الثالثة لعمارة المساجد: إخلاص النية لله

كما قال الله عز وجلوالذين اتخذوا مسجداً ضراراً وكفراً وتفريقاً بين المسلمين وإرصاداً لمن حارب الله ورسوله من قبل وليحلفنّ إن أردنا إلا الحسنى والله يشهد إنهم لكاذبون لا تقم فيه أبدا لمسجدٌ أُسِّس على التقوى من أوّل يومٍ أحق أن تقوم فيه فيه رجالٌ يحبّون أن يتطهّروا والله يحبّ المطّهّرين).[8] قال الشيخ السعدي رحمه الله:"في هذه الآيات فوائد عدّةٌ، منها: أنّ اتخاذ المسجد الذي يُقصَد به الضرار لمسجدٍ آخر بقربه أنه محرَّمٌ، وأنه يجب هدم مسجد الضرار الذي اطلِع على مقصود أصحابه، ومنها: أنّ العمل وإن كان فاضلا تغيّره النيّة؛ فينقلب منهيّاً عنه، كما قَلَبَتْ نيّة أصحاب مسجد الضرار عملهم إلى ما ترى...".[9]

القاعدة الرابعة: غرس التقوى في قلوب المسلمين

فمن كياسة المؤمن الفطن أن يؤسّس عملَه كلَّه على التقوى وينأى به عن قرناء السّوء؛ فقد أراد قوم جريج ـ في حديث الثلاثة الذين تكلّموا في المهد [10]ـ أن يشاركوه في بناء الصومعة؛ ليكون لهم سلطةٌ على هذه المؤسّسة العِباديّة وقدرةٌ على هدمها من داخلها، وهو ما يعنيه قول الله عز وجلوأنّ المساجد لله فلا تدعو مع الله أحدا)؛[11] ورحم الله جُريجا فقد أدرك أنّ الصوامع لا تعمرها القلوب الفارغة؛ (إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة وآتى الزكاة ولم يخش إلا الله). ولله درّه كيف حفظ أساسَ صومعتِه أن يُقوَّض، ومقصده العبادي أنْ يُحرَّف من قِبَل هؤلاء؛ لئلا يكون مع الذين (اتخذوا مسجداً ضراراً وكفراً وتفريقاً بين المؤمنين وإرصاداً لمن حارب الله ورسوله). وصنيع جُريج في رفضه إشراك الأيدي المتنجّسة في بناء أساس صومعته يذكّرنا بهدم النبي صلى الله عليه وسلم مسجد الضرار والنفاق كما جاء في القرآن (لا تقم فيه أبداً لمسجدٌ أُسِّس على التقوى من أوّل يومٍ أحقُّ أن تقوم فيه فيه رجالٌ يُحبّون أن يتطهّروا والله يحبّ المُطَّهِّرين أفمن أسّس بنيانه على تقوى من الله ورضوانٍ خيرٌ أمّن أسّس بنيانه على شفا جرفٍ هارٍ فانهار به في نار جهنم والله لا يهدي القوم الظالمين).[12]

القاعدة الخامسة: إحياء القلوب بالإيمان وإعمارها بالأخوة في الله


كما قال الله تبارك وتعالىإنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر)،[13] قال الإمام القرطبي:"قوله تعالىإنما يعمر مساجد الله) دليلٌ على أنّ الشهادة لعُمّار المساجد بالإيمان صحيحةٌ؛ لأنّ الله سبحانه ربطه بها، وأخبر عنه بملازمتها".[14] وقد ذكر سيّد قطب في تفسيروأنّ المساجد لله فلا تدعو مع الله أحدا) أنّ هذه الآية"توحي بأنّ السجود ـ أو مواضع السجود وهي المساجد ـ لا تكون إلا لله؛ فهناك يكون التوحيد الخالص، ويتوارى كلُّ ظلٍّ لكل أحدٍ ولكل قيمةٍ ولكلّ اعتبار، وينفرد الجوّ، ويتمحّض للعبوديّة الخالصة لله، ودعاء غير الله قد يكون بعبادة غيره، وقد يكون بالالتجاء إلى سواه، وقد يكون باستحضار القلب لأحدٍ غير الله".[15]

ولا ريب أن بيوت الله تعالى تشتمل على أعظم معاني الأخوة في الله، فقد جمع الله قلوبهم على محبة بيوته وجعل قلوبهم تهوي إليها آناء الليل وأطراف النهار (يسبح له فيها بالغدو والآصال رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله)[16]

وإن نسيت لا أنسى موقفاً دمعت فيه العيون لأحد المؤذنين وهو يغادر الخرطوم إلى قرية نائية؛ فطفق يودع المصلين ودموعه تسيل على خديه وهو يترك بيتاً من بيوت الله قد تعلق به قلبه ، وأفنى فيه عمره ، وعرف فيه رجالاً صالحين ؛ فسبحان من ألف بين قلوب أهل المساجد على هذا الدين ( لو أنفقت ما في الأرض جميعاً ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم إنه عزيز حكيم )


القاعدة السادسة: نشر العقيدة السليمة وتصحيح ما يعتريها من الخلل

وذلك لأنّ العقيدة الصحيحة أساسُ هذا الدّين؛ فإذا فسدت العقيدة ضاع العمل كلّه، كما قال تعالىأفمن أسّس بنيانه على تقوى من الله ورضوانٍ خيرٌ أمّن أسّس بنيانه على شفا جُرُفٍ هارٍ فانهار به في نار جهنّم).[17] ورحم الله صاحب الظلال فقد أدرك هذا المعنى، وعبّر عنه بأحسن عبارةٍ في قوله:"إنّ العبادة تعبيرٌ عن العقيدة؛ فإذا لم تصحّ العقيدة لم تصحّ العبادة. وأداء الشعائر وعمارة المساجد ليست بشيء ما لم تعمر القلوب بالاعتقاد الإيماني الصحيح، والعمل الواقع الصريح، وبالتجرّد لله في العلم والعبادة على السواء؛ (إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة وآتى الزكاة ولم يخش إلا الله)! والنص على خشية الله وحده دون سواه بعد شرطي الإيمان الباطن والعمل الظاهر لا يجيء نافلةً؛ فلا بد من التجرّد لله، ولا بد من التخلّص من كلّ ظلٍّ للشرك في الشعور أو السلوك".[18]

القاعدة السابعة لعمارة المساجد: التربية على الزهد في الدنيا والتعلّق بالمساجد

وقد نصّ المفسِّرون على هذا المعنى، كما ذكر القرطبي رحمه الله أنّ قوله تعالىلا تُلهيهم تجارةٌ ولا بيعٌ عن ذكر الله) ثناءٌ على من لم تشغلهم التجارة والبيع عن الصلاة، وقال:"خصّ التجارةَ بالذكر؛ لأنها أعظم ما يشتغل به الإنسان عن الصلاة".[19] وقال ابن كثير:"قوله تعالىرجالٌ لا تلهيهم تجارةٌ ولا بيعٌ عن ذكر الله) كقوله تعالىيا أيها الذين آمنوا لا تُلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله)الآية، وقوله تعالىيا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع)الآية، يقول تعالى: لا تشغلهم الدنيا وزخرفها وزينتها وملاذ بيعها وربحها عن ذكر ربّهم الذي هو خالقهم ورازقهم، والذين يعلمون أنّ الذي عنده هو خيرٌ لهم وأنفع مما في أيديهم؛ لأنّ ما عندهم ينفد، وما عند الله باقٍ".[20]

وقد عرفتُ رجلا من الصالحين أقعده المرض عن المسجد أسبوعين؛ حتى إنه ما كان يقدر على حضور الجمعة؛ فعدته في مرضه، فقال: والله إنّ غيابي عن المسجد شديدٌ على نفسي؛ حتى إنه أشدّ على قلبي مما أجده من آلام المرض؛ فقلتُ: صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ورجلٌ قلبه معلّقٌ بالمساجد)!


القاعدة الثامنة لعمارة المساجد: كثرة الذّكر والتسبيح


ولله درّ الحافظ ابن كثير، فقد قال في تفسير قول الله تبارك وتعالىيسبّح له فيها بالغدوّ والآصال رجالٌ لا تُلهيهم تجارةٌ ولا بيعٌ عن ذكر الله)[21]:"قوله تعالى(رجالٌ) فيه إشعارٌ بهِمَمِهم السّامية، ونيّاتِهم وعزائمِهم العالية؛ التي بها صاروا عُمّاراً للمساجد التي هي بيوت الله في أرضه ومواطن عبادته وشكره وتوحيده وتنزيهه، كما قال تعالىمن المؤمنين رجالٌ صدقوا ما عاهدوا الله عليه)[22]الآية ".[23] ولا يخفى على القاريء اللبيب اللفتة البارعة في كلام ابن كثير إلى العلاقة ما بين الرجال الذين (لا تُلهيهم تجارةٌ ولا بيع عن ذكر الله...)، والرجال الذين (صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبَه ومنهم من ينتظر وما بدّلوا تبديلا)! وهو ما يتعلّق بالقاعدة الآتية.

القاعدة التاسعة للعمارة: نشر العلم النافع والعمل الصالح، والجهاد في سبيل الله


ويشهد لهذا المعنى دلالةُ السياق[24] الذي ورد فيه قول الله تعالىولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدّمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يُذكَر فيها اسمُ الله كثيرا) من التوسّط بينأُذن للذين يقاتَلون بأنهم ظُلموا وإنّ الله على نصرهم لقدير)، وبينالذين إن مكنّاهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتَوُا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبةُ الأمور)؛ ولعلّ خطورة هذه الوظيفة التربويّة هي التي تدفع الظالمين إلى تحيّن الذرائع وانتظار خطأِ الدعاة إلى الله ليهبّوا إلى هدّ الصوامع وهدم الجوامع؛ فإنّ هذا الخُلق السيّء لم يزل شائعاً في واقع المسلمين الذين لبّس عليهم شياطين الإنس والجن فابتكرواخطط تجفيف منابع التديُّن) في تركيا وتونس وغيرهما...وليت شعري أيّ خرابٍ للمساجد وأيّ هدم للصوامع أكبر من منع مدارسة الكتاب والسنة فيهما؟! (ومن أظلم ممّن منع مساجد الله أن يُذكَر فيها اسمُه وسعى في خرابها)![25] ولله درّ الشيخ السعدي رحمه الله حيث قال:"(خرابها) الحسّي والمعنوي؛ فالخراب الحسّي: هدمُها وتخريبُها وتقذيرُها، والخرابُ المعنويّ: منعُ الذّاكرين لاسم الله فيها، وهذا عامٌّ لكلّ من لتّصف بهذه الصفة"![26]

القاعدة العاشرة: إحياء الوظيفة التربويّة للمسجد؛ بعيداً عن الزخارف

فإنّ الرجل الذي تعلّق قلبُه بالمساجد في حديث الصحيحين ـ حتى صار من السبعة الذين يظلّهم الله في ظلّه ـ قد دعاه إلى المسجد داعي الإيمان؛ ومن هنا فإنّ الإسراف في الزخارف شأن الجهلة الذين تُعميهم الظواهر عن الجواهر، وكم من الناس يُضيعون وظيفة المسجد باستعانتهم في بناء المسجد بأصحاب الشبهة الذين يحولون بعد ذلك دون أداء المسجد رسالته العلميّة والتربويّة؛ وتأمَّلْ كيف قال الملأ من قوم جريج ـ في الصحيح ـ بعد أن هدموا صومعتَهنبني صومعتك من ذهب)؟! وأما تحمُّل أعباء الدين والقيام بحق الرسالة فإلى(جريج) وحده! ولهذا نسبوا الصومعة إلى جريج (صومعتك)؛ وأما البناء ودفع الذهب فنسبوه لأنفسهم. فهذا داء بني إسرائيل نسأل الله أن يكفي المسلمين شرَّه؛ حتى لا يتسرّب إلى أمتنا؛ فيصير بناء المساجد مُغنياً عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر





التعديل الأخير تم بواسطة جوبا ; 30/9/2008 الساعة 03:57 PM
 
قديم 30/9/2008, 08:11 PM   رقم المشاركة : ( 4 )
كاكا المصرى
مـهـند س مـحـتـرف

الصورة الرمزية كاكا المصرى

الملف الشخصي
رقم العضوية : 106674
تاريخ التسجيل : Jul 2008
العمـر : 39
الجنـس :
الدولـة : ام خنان/قويسنا/منوفيه
المشاركات : 1,288 [+]
آخر تواجـد : ()
عدد النقاط : 10
قوة الترشيـح : كاكا المصرى يستاهل التميز

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

كاكا المصرى غير متصل

افتراضي رد: الســــــــــــــؤال الثـــــــــــــلاثـــــــين

الله يوفق الجميع
 
قديم 1/10/2008, 12:27 AM   رقم المشاركة : ( 5 )
azzam1000
مـهـند س مـمـيـز


الملف الشخصي
رقم العضوية : 94178
تاريخ التسجيل : Apr 2008
العمـر :
الجنـس :
الدولـة : مصر- حلوان
المشاركات : 680 [+]
آخر تواجـد : ()
عدد النقاط : 10
قوة الترشيـح : azzam1000 يستاهل التميز

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

azzam1000 غير متصل

افتراضي رد: الســــــــــــــؤال الثـــــــــــــلاثـــــــين

المساجد ودورها في الإسلام
 
 

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:58 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir

Google Adsense Privacy Policy | سياسة الخصوصية لـ جوجل ادسنس

الساده الاعضاء و زوار منتديات المهندسين العرب الكرام , , مشاهده القنوات الفضائيه بدون كارت مخالف للقوانين والمنتدى للغرض التعليمى فقط

RSS RSS 2.0 XML MAP HTML

^-^ جميع آلمشآركآت آلمكتوبهـ تعبّر عن وجهة نظر صآحبهآ ,, ولا تعبّر بأي شكلـ من آلأشكآل عن وجهة نظر إدآرة آلمنتدى ~