سب الأموات

[helmy40]

سب الأموات




عن عائشة - رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: لا تسبوا الأموات فإنهم قد أفضوا إلى ما قدموا أخرجه البخاري.


--------------------------------------------------------------------------------

وهذا الحديث في النهي عن سب الأموات: لا تسبوا الأموات فإنهم قد أفضوا إلى ما قدموا فلا يجوز سب الأموات. وظاهر النص العموم سواء كانوا كفارا أو فساقا أو من المحافظين من عموم المسلمين، فلا يجوز سب الأموات مطلقا، لا تسبوا الأموات فإنهم أفضوا إلى ما قدموا.

وفي الحديث الآخر عند الترمذي: لا تسبوا أمواتنا فتؤذوا أحياءنا فلا يجوز سب الأموات، وذلك أن السب يجري مجرى الغيبة على الصحيح. فكما لا تجوز الغيبة للأحياء، فلا يجوز السب للأموات، بل إنه أعظم لأن الحي ربما ينتصر لنفسه، ربما يعلم، والحي أيضا ربما يُنتصر له، بخلاف الميت قد يكون الأمر في حقه من جهة أنه الآن قد مات فلا يُنتصر له، فلهذا يجري مجرى الغيبة، لكن إثمه أشد، لا تسبوا الأموات فإنهم أفضوا إلى ما قدموا، انتهى الأمر، فأمرهم إلى الله عز وجل، لكن من ظهر فسقه وشره، وأُريدَ سبه لأجل التحذير، فلا بأس من ذلك، لا بأس من ذلك.

ولهذا ثبت في الصحيحين من حديث أنس أنه -عليه الصلاة والسلام- مُرَّ عليه بجنازة فأثنوا عليها خيرا فقال: وجبت، ومُرَّ بجنازة فأثنوا عليها شرا، فقال النبي -عليه الصلاة والسلام-: وجبت، فقال عمر: ما وجبت؟ قال: أنتم من أثنيتم عليه خيرا وجبت له الجنة، ومن أثنيتم عليه شرا وجبت له النار، أنتم شهداء الله في أرضه .

في اللفظ الآخر في البخاري عن عمر -رضي الله عنه- برواية أبي الأسود الدؤلي عنه أنه في خلافته مُرَّ عليه بجنازة، فأثنوا عليها خيرا فقال عمر: وجبت وجبت وجبت، ثم مر عليه بجنازة فقال: وجبت وجبت وجبت، ثم مر عليه بجنازة أخرى فأثنوا عليها شرا فقال: وجبت وجبت وجبت، فقالوا: يا أمير المؤمنين ما وجبت؟ فأخبرهم أنه لا يقول إلا ما قال النبي -عليه الصلاة والسلام- وأنه مر عليه بمثل هذه الجنائز، ثم قال: ما من مسلم يشهد له أربعة من الناس أنه لا يعلم إلا خيرا إلا قبل الله شهادتهم، قلنا: وثلاثة، قال: وثلاثة، قلنا: واثنين، قال: واثنين، ثم لم نسأله عن الواحد .

وعند أحمد بإسناد صحيح: ما من مسلم يشهد له أربعة من جيرانه الأدنين أنهم لا يعلمون إلا خيرا إلا قال الله قبلت شهادتكم فيه وغفرت له ما لا تعلمون وفي حديثٍ عند ابن ماجه وحسنه بعضهم أنه -عليه الصلاة والسلام- قال: يوشك أن تعرفوا أهل الجنة من أهل النار، قالوا: بمَ يا رسول الله؟ قال: بالثناء الحسن، وبالثناء السيئ ؛ ولهذا من اشتهر بالثناء الحسن دلالة الخير، حتى قال جمع من أهل العلم كأبي ثور، إن أحمد من أهل الجنة، شهد له للثناء عليه على مر العصور وكر الدهور، كذلك غيره من أهل العلم ممن اشتهر الثناء عليه، وبقي ثناؤه.

وهذا أحد القولين لأهل العلم في الشهادة بالجنة لمن ظهر الثناء، وإن كان المعروف في كلام أهل العلم أنه لا يشهد بالجنة ولا بالنار إلا من شهد له الله ورسوله، فمن ملأ، وفي اللفظ الآخر أنه يعني خير الناس من ملأ أسماعهم خيرا، وشرهم من ملأهم من الشر، أو من الثناء بالشر شرا، يقال الثنا في الشر والثناء في الخير، وقيل النثا بالشر والثنا بالخير، وقيل ملأ ابن أبي الدنيا الدنيا علما، فالملؤ بحسبه، فمعنى امتلأت أسماع الناس معنى أن هذا ظهر واشتهر حتى امتلأت الأسماع.

فهذا المعنى كما تقدم ثابت في الأخبار، لكنه يجري مجرى الغيبة، فمن شُهد له بالخير كذلك، كذلك من كان مشهودا له بالشر وهو ميت، وأردنا أن نحذر منه فلا بأس من ذكره على سبيل التحذير، لا بأس أن يُذكر إنسان مثلا ويُحذر منه وإن كان ميتا خشية الاغترار به لبدعة أو ضلالة أو يظن أناس أنه من الخير، فيكون القصد هو التحذير من عمله ومن طريقته، فهذا لا بأس به. والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

أحسن الله إليكم، هذا سائل يسأل عن حكم غيبة الشخص غير المكلف سواء طفل أو مجنون؟

يظهر، والله أعلم، أنه لا يجوز، لكن ليس كغيبة المكلف، مثل ما نقول في قذفه، إنه لو قذف صغيرا لا يعاقب عقوبة القاذف، لأن من شرط المقذوف أن يكون محصنا، لكنه يعزر. فالذي يظهر، والله أعلم، أن من اغتابه يجري مجرى قذفه، كمجرى قذفه، بمعنى أنه لا يجوز ويحرم؛ لأن هذا مهما كان فيه إساءة، وإن لم يكن إساءة له ربما إساءة إلى أهله، لأنه إذا كان غير مكلف فتخلقه بالأخلاق أو اتصافه بالصفات التي ليست مناسبة، سواء كانت في خُلُقه أو في خَلْقه، يسيء إلى أهله، يسيء إلى من يلي أمره، وبالجملة يكون محرما، لكن قد يكون دون الغيبة في الحكم إذا كانت في حق مكلف. نعم.

وهذا سائل يسأل عن حكم النُكَت من باب المزاح على بعض الأشخاص والبلدان والفئات؟

أولا تسميتها نكتا هذا موضع نظر، النكتة هي الفائدة وهي الغريب من المسائل، فصارت تطلق على الكذب وهذا من تسمية الباطل بالأقوال بالشيء الحق، يسمى الكذب نكتة، لهذا سمى الحافظ بن حجر النُكت على ابن الصلاح، النكت يعني الفوائد التي تكتب والتي يجريها ويستنبطها صاحبها، وهذا جارٍ في المؤلفات والمصنفات لأهل العلم، والمقصود بالنكت المراد به ما يقال من الكذب في القول، وهذا لا يجوز إن كان كذبا، ولهذا ثبت في الخبر عند أبي داود - سيأتينا بإذن الله - من حديث بَهْز بن حكيم عن أبيه عن جده، وهذا سند حسن رواية بَهْز بن حكيم عن أبيه عن جده أنه -عليه الصلاة والسلام- قال: ويل للذي يُحدِّث فيكذب ليضحك به القوم، ويل له ويل له .

والويل على الصحيح معناه يعني عذابٌ شديدٌ له، هذا هو معنى الويل، كلمة تشديد وتقريع، وقال بعضهم إن ويل وادٍ في جهنم لكن لا يصح لحديث أبي سعيد رواه الترمذي وابن حبان، أنه -عليه الصلاة والسلام- قال: ويل واد في جهنم لا يثبت برواية دَرَّاج عن أبي الهيثم، لا يصح، لكنه قد يقال إن ويلا من جملته هذا الوادي الذي ذكر في جهنم، لا أنه المراد به هو هذا الوادي فحسب؛ ولهذا لا يجوز لأنه علقه بهذا الوعيد الشديد، ويل له ويل له، ذكر قال ويل، ثم قال ويل له ويل له، وهذا الكذب في القول.

ثم في الحقيقة في هذه الحكايات زيادة على أنها بأمور كاذبة، أنها إضحاك وجعل اتخاذ الأمور المحرمة وسيلة في أمور مباحة، وهذا لا يجوز، وإن كان الأصل مثلا في الضحك والتبسم أنه مباح، لكن لا يجوز اتخاذ الوسائل المحرمة للأمور المباحة، لا يجوز أن يتخذ الإنسان المقاصد المباحة بوسائل محرمة، كالكذب بالحكايات، لكن إن كان المحكي أو الذي يحكي القصة لا يعلم صدقها من كذبها تُحكى، فهذه لا بأس بها إن كان جنسها واقعة، مثل ما نحكي مثلا بعض القصص والحكايات التي تقع في التاريخ، وقد يكون بعضها من باب النوادر، وبعضها من باب المداعبات، ويُحكى كثيرٌ منها لا قد تكون ليست بصحيحة، لكن لأنها حكيت وقد تكون وقعت ولا نعلم كذبها.

فالأحوال ثلاثة:

حال نعلم صحته، هذا لا بأس به بشرط أن يكون المحكي ليس محرما أو استهزاء أو غيبة، لا بد أن يَسلم من هذه الأشياء، فإن كان حكاية مباحة لا محذور فيها، وهي واقعة أو يغلب على الظن وقوعها لا بأس.

الحال الثاني: يعلم أنها كذب وليست واقعة، هذه لا يجوز حكايتها.

الحال الثالث: يجهل لا يدري هذه لا بأس بها.

ولهذا قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج ومن الحديث عنهم العجائب والغرائب الواقعة، فأمر بالحديث، وأخبر أنه ما يحكى عنهم من الحكايات فيه ما هو أعجب. وقد روى أبو داود بإسناد جيد أنه -عليه الصلاة والسلام- كان يحدث عن بني إسرائيل بعد صلاة العشاء، لا يقوم إلى عُظْم إلا إلى صلاة، هذا يبين أنه ربما حدثهم بعد صلاة العشاء ليلا طويلا عليه الصلاة والسلام. وهذه الحكايات التي لا تعلم كما تقدم أنها لا بأس بها إذا لم يعلم كذبها، كما نبه على ذلك ابن كثير وجماعة من أهل العلم. والله أعلم وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد.

[انطونى سات]

بارك الله فيك اخى الغالى

[helmy40]

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة انطونى سات

بارك الله فيك اخى الغالى

لك كل الشكر والتقدير مرورك الكريم الطيب

[انطونى سات]

[مهندس محمد عبدة]

بارك الله فيك اخى الغالى

[helmy40]

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مهندس محمد عبدة

بارك الله فيك اخى الغالى

لك كل الشكر والتقدير مرورك الكريم الطيب