التفقه في الدين

[helmy40]

التفقه في الدين


عن معاوية -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين متفق عليه. --------------------------------------------------------------------------------

وكذلك تقدم الخصلتان الأخيرتان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هذه من أعظم الخصال أيضا حتى لا تفوت الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهذه من الأشياء التي تجعل الإنسان حينما يكون في مجلس أو في مكان أن عليه حقوقا، وهذا الأمر بالمعروف في كل مكان في مجلس يأتيه، في دعوة يدعى إليها، في مناسبة زواج، فإذا كان هذا في المناسبات العامة فكذلك أيضا في جلوسه، أو في ذهابه إلى الأسواق أو الطرقات فالواجب عليه أن يؤدي الحق وهذا حق أعظم من تلك الحقوق لأنه مترتب عليه دفع شر، وفساد وتحصيل مصلحة وهو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

حديث معاوية -رضي الله عنه-: من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين هذا حديث مشهور ومعروف من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين قال العلماء: منطوقه الفقه في الدين، من فقه في دين الله، فإن الله أراد به خيرا، ومفهومه أن من لم يتفقه، لم يرد الله به خيرا، في رواية عند أبي يعلى ومن لم يتفقه لم يُبلَ به، أو لم يبالي الله به باله، لكن هذه زيادة لا تصح، من رواية رجل يقال له: وليد بن محمد الموقري وهو متهم زيادة لا تصح، لكن المعنى صحيح من جهة مفهومها.

وثبت هذا المعنى من حديث ابن عباس عند الترمذي أيضا أنه -عليه الصلاة والسلام- قال: من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين وعند أحمد وابن ماجه من حديث أبي هريرة بإسناد صحيح: من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين فالأخبار عن الصحابة في هذا كثيرة، عن معاوية في الصحيحين، حديث ابن عباس وحديث أبي هريرة المتقدم، كذلك حديث معاوية الآخر، الذي رواه ابن أبي عاصم في كتاب العلم، ورواه الطبراني أيضا، وقد أشار إليه الحافظ -رحمه الله - في شرح كتاب العلم في صحيح البخاري وأنه -عليه الصلاة والسلام- قال: أيها الناس إنما العلم بالتعلم، والحلم بالتحلم، ومن يرد الله به خيرا يفقهه في الدين فأشار إلى أن العلم بالتعلم والحلم بالتحلم، وذلك أنه مأخوذ عن الأنبياء، وتُعُلم وأخذ منهم، وهكذا لم تزال هذه السنة تجري في التعلم، وأنه يأخذه الآخر عن الأول.

وفي حديث ابن عمر -رضي الله عنه- عند الطحاوي في مشكل الآثار - رحمه الله - أيضا هذا المعنى، لكنه بلفظ: "من يرد الله به خيرا يفهمه في الدين" يفهمه في الدين، وهذا نوع تفصيل لكن الفقه أعلى، ولهذا قال النبي -عليه الصلاة والسلام- في الصحيحين: الإيمان يمان، والفقه يمان، والحكمة يمانية والعلماء يقولون: أهل العلم يقولون الفقهاء، قال الفقهاء، هذا قول كافة الفقهاء وذلك أن وصف الفقه وصف شرف أعلى من الفهم، الفقه أعلى؛ لأن كل فقيه فهو فاهم، أو فهما وليس كل من فهم كان فقيها، ولهذا يقول العلماء عندما يقال: فقه إذا بالكسر إذا فهم المسألة تقول: هل فقهت المسألة؟ أيش معنى فقهتها؟ أي فهمتها هذا هو، فيقال: فقه إذا فهم بالكسر، وفقه المسألة إذا سبق غيره إلى الفهم، هو أعلى رتبة بالفتح أعلى رتبة، لأنه لا يلزم من كونه فهمها أن يسبق غيره إلى الفهم، ولهذا كانت حركة الفتح أعلى من حركة الكسر، وهكذا كلما كانت الحركة أقوى، كلما كان المعنى أقوى، وهذا في لغة العرب موجود كثير، ترى أن المعنى يزداد فيما ازداد مبناه بحركة أو زيادة، فلما زادت حركتها وكانت أقوى يعني حركة الفتح أقوى من حركة الكسر، صار المعنى فيه أقوى ففهم وسبق غيره.

أما بالضم فقه بالضمة والضمة تملأ الفهم، وهي أقوى الحركات، أقوى الحركات، وربما مع المبالغة فيتولد منها واوا تقول: فقه يعني أيش معنى فقه؟ أي صار الفقه له سجية، صار الفقه له سجية، بمعنى الآن ليس المسألة أنه فقه أو فقه، لا فقه صار من سجيته الفقه والفهم، وهكذا ترى في كلمات، مثل: عز يعز، عز يعز، عز يعز، فهذه كلمات تأتي كثيرا في لغة العرب، وتأتي أيضا في بعض الحروف، ترى الحروف التي هي حروف سهلة، ترى أن معانيها سهلة، مثل: الهاء والواو والياء، حروف اللين، وترى أن الحروف التي فيها قوة، مثل: الحاء والجيم، فيها للمعاني قوية، الحروف التي فيها يبوسة للمعاني التي هي يابسة، مثل الحجر الخشب، لكن الهواء الماء وما أشبه ذلك تجدها للأشياء التي معانيها لطيفة، وهذا سر في لغة العرب لا يكاد يوجد في لغة غيرهم، من جهة أن المعاني قوالب، وأن الألفاظ قوالب للمعاني، من جهة تركبها منها وسعة دلالتها بحسب سعة اللفظ من جهة الحركة أو من جهة نفس الحرف في قوته أو لينه