ماشاء الله تبارك الله ماشاء الله لاقوة الا بالله , اللهم اني اسالك الهدى والتقى والعفاف والغنى
" قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ *مِن شَرِّ مَا خَلَقَ * وَمِن شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ * وَمِن شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ * وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ ". صدق الله العظيم
الساده الاعضاء و زوار منتديات المهندسين العرب الكرام , , مشاهده القنوات الفضائيه بدون كارت مخالف للقوانين والمنتدى للغرض التعليمى فقط
   
Press Here To Hidden Advertise.:: إعلانات منتديات المهندسين العرب لطلب الاعلان عمل موضوع بقسم الشكاوي ::.

 IPTV Reseller

  لطلب الاعلان عمل موضوع بقسم طلبات الاعلانات اسفل المنتدى لطلب الاعلان عمل موضوع بقسم طلبات الاعلانات اسفل المنتدى لطلب الاعلان عمل موضوع بقسم طلبات الاعلانات اسفل المنتدى

Powerd By : Mohandsen.com

العودة   المهندسين العرب > البيت العائلي للمهندسين > البيت العائلي > القسم القانوني > قسم الدراسات والابحاث

قسم الدراسات والابحاث الاحكام الصادرة عن المحاكم

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 28/7/2011, 10:04 PM
الصورة الرمزية محمود ابواحمد
 
محمود ابواحمد
فريق مؤسسي موقع ومنتديات المهندسين العرب

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  محمود ابواحمد غير متصل  
الملف الشخصي
رقم العضوية : 138242
تاريخ التسجيل : Dec 2008
العمـر :
الـجنـس :  bein sport
الدولـة : عايش فى المهندسين العرب
المشاركـات : 61,431 [+]
آخــر تواجـد : ()
عدد الـنقـاط : 360337
قوة التـرشيـح : محمود ابواحمد القمة دائما للمتميزين اتمناها لك اسعي ايضا لهامحمود ابواحمد القمة دائما للمتميزين اتمناها لك اسعي ايضا لهامحمود ابواحمد القمة دائما للمتميزين اتمناها لك اسعي ايضا لهامحمود ابواحمد القمة دائما للمتميزين اتمناها لك اسعي ايضا لهامحمود ابواحمد القمة دائما للمتميزين اتمناها لك اسعي ايضا لهامحمود ابواحمد القمة دائما للمتميزين اتمناها لك اسعي ايضا لهامحمود ابواحمد القمة دائما للمتميزين اتمناها لك اسعي ايضا لهامحمود ابواحمد القمة دائما للمتميزين اتمناها لك اسعي ايضا لهامحمود ابواحمد القمة دائما للمتميزين اتمناها لك اسعي ايضا لهامحمود ابواحمد القمة دائما للمتميزين اتمناها لك اسعي ايضا لهامحمود ابواحمد القمة دائما للمتميزين اتمناها لك اسعي ايضا لها
new تطبيقات ليبرالية

تطبيقات ليبرالية


الليبرالية المتوحشة – نموذج مصر قبل ثورة 25يناير

في هذه الدراسة سيتم شرح المنطلقات الجديدة لليبرالية في طورها العولمى والذي هو أكثر الأطوار توحشا في أطوار الليبرالية ثم نبحث في تأثير تطبيقه على الاقتصاد المصري قبل ثورة 25 يناير لندرك بناء على حقائق الواقع مدى ملائمة الليبرالية دون تمصيرها بناء على معطيات الواقع على الدولة والجماهير في مصر.

مقدمة ضرورية



في هذه الدراسة سيتم شرح المنطلقات الجديدة لليبرالية في طورها العولمى والذي هو أكثر الأطوار توحشا في أطوار الليبرالية ثم نبحث في تأثير تطبيقه على الاقتصاد المصري قبل ثورة 25 يناير لندرك بناء على حقائق الواقع مدى ملائمة الليبرالية دون تمصيرها بناء على معطيات الواقع على الدولة والجماهير في مصر.



أولا: ليبرالية العولمة



بدءا من السبعينيات، أصبح التحول إلى نموذج التنمية والتراكم الرأسمالي المعروف باسم "الليبرالية الجديدة" هو اسم اللعبة في بلدان الشمال والجنوب، فقد بدأ تطبيق النموذج في شيلي في ظل ديكتاتورية الليندي، ثم تم الدفع به في الولايات المتحدة في ظل إدارة ريجان، وفي بريطانيا تحت حكومة ثاتشر، وبدا أن النموذج لا يمكن وقفه. فقد ساعد عدد من التحولات في الاقتصاد السياسي العالمي على تعزيز هيمنته، ثم تمت صياغته بشكل نهائي فيما أطلق عليه "توافق واشنطن" . فيما يشير إلى نية تعميمه كنموذج عالمي.



حدثت أولى هذه التغييرات في عام 1970 مع نهاية قاعدة الدولار وظهور ظاهرة جديدة في الاقتصاد العالمي تعرف باسم "التضخم الركودي"، حين بدأ كثير من بلدان الشمال يتعرض لعَرَضين اقتصاديين متناقضين؛ التضخم والركود لأن الركود يعنى كثرة العرض مع عدم وجود قوه شرائية كافية والتضخم يعنى انخفاض قيمة العملة بسبب عدم وجود غطاء إنتاجي أو بمعنى أصح سلع كافيه في السوق



وهذا التناقض يعنى باختصار أن النظام الاقتصادي لا يسير حسب القواعد الاقتصادية السليمة أو بمعنى آخر وجود خلل بنيوى في النظام يستوجب التصحيح.



ومع اقتران هذا بتراجع نموذج التصنيع للإحلال محل الواردات في بلدان الجنوب، بدأت الشكوك تتزايد حول صحة النموذج الكينزي ومنطلقه الأساسي فيما يخص التدخل المتزايد للدولة في عملية إنتاج وتوزيع الثروة.



وهي الخطوة التصحيحية اللازمة لإصلاح الخلل، وهي الخطوة التي يترفع الغرب عنها إلا مضطرا لأنها اعتراف صريح منه بوجود قصور واضح في الليبرالية من الناحية الاقتصادية وهو الأمر الذي يؤكد تهافت مقولة نهاية التاريخ التي رفعها يوما فوكاياما ثم تراجع عنها لما ثبت تهافتها ولم يتراجع عنها الغرب.



ثم أدت أزمة النفط عام 1974 وما بعدها، والتي تضاعف فيها سعر النفط أضعافا كثيرة إلى إعطاء مزيد من الأهمية لهذه المشاكل الاقتصادية، مما أدى بدوره إلى زيادة الأعباء الاقتصادية على بلدان الشمال بسبب ارتفاع تكلفة الإنتاج، في الوقت الذي تم السماح لموجة من القروض غير المنطقية بالتوجه إلى كثير من بلدان الجنوب في محاولة ظاهرة لإنقاذ اقتصادها من الانهيار بفعل ارتفاع أسعار النفط، ولكن الحقيقة هي توريطها اقتصاديا، وهو الأمر الذي أدى في النهاية إلى أزمة الديون. وهكذا، فبحلول 1982 اعتبرت الأزمة المكسيكية نقطة تحول هامة، عندما أعلنت الحكومة المكسيكية وقف برنامجها لتسديد الديون للدائنين الأجانب بسبب الانهيار الاقتصادي الحادث فيها.



وقد أدت أزمة الديون الناشئة، والتي تعتبر المكسيك أوضح حالة عليها، والتي مست غالبية السكان في البلدان النامية، إلى جملة من الأمور، منها تغيير جذري في أولويات وكالات الإقراض الدولية، من الاهتمام المعلن – بالرغم من محدوديته – بتخفيف حدة الفقر وتلبية الاحتياجات الأساسية للفقراء، إلى ضمان قدرة واستعداد البلدان المدينة على خدمة ديونها.



وهو ما يعنى بوضوح لا لبس فيه أن وصفات هذه المؤسسات كانت لا تراعى الصلح الوطني للدول التي تضطر إلى الاقتراض من المؤسسات النقدية العالمية.



إن التحول لم يكن فقط ناحية الهيمنة الأيديولوجية للنموذج الليبرالي الجديد، ولكن كذلك ناحية مضاعفة تأثير المؤسسات المالية الدولية (مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي)، وتأثير أقوى الدول في هذه المنظمات، وهي الولايات المتحدة وأوروبا بدرجة أقل، لكي يقوموا بإعادة هيكلة اقتصاديات، وبالتالي سياسات، الدول في جميع أنحاء العالم. في إشارة مبكرة إلى ما يسمى بالليبرالية المعولمة.



عكست السياسات الاقتصادية للبلدان النامية هذه التغييرات الجذرية تحت ضغط الأزمة الاقتصادية والمطالبات الملحة لوكالات الإقراض الدولية، مما اضطر الحكومات إلى اتخاذ حزمة من الإصلاحات التي تقوم على النموذج الليبرالي الجديد المعتمد من المؤسسات المالية الدولية والتي تسيطر عليها الدول الكبرى خاصة الولايات المتحدة.



ومن المثير للاهتمام أنه لم يتم تفسير كل هذه الأزمات والتحولات في بلدان الشمال والجنوب من قبل المؤسسات الدولية، أو من جانب مختلف النخب الحاكمة ووسائل الإعلام، كمؤشر على عيوب الرأسمالية بوصفها نظام، ولكن كذريعة للمزيد من الرأسمالية ولإطلاق العنان لقوى السوق!



وأخيرا، ومع نهاية رأسمالية الدولة في الاتحاد السوفيتي السابق وأوروبا الشرقية في عام 1989، مع انهيار الاتحاد السوفييتي كدولة عظمى بل وتفككها إلى مجموعه من الجمهوريات أعلنت نفس هذه الأوساط انتصار الرأسمالية على الطريقة الأمريكية وزعموا أنها "نهاية التاريخ"، كما أشار إلى ذلك فرنسيس فوكوياما الذي ينتمي إلى اليمين الأيديولوجي. أي أعلنوا ميلاد عصر أثبتت فيه الرأسمالية، وبخاصة الصيغة الليبرالية الجديدة منها، أنها النموذج الصالح الوحيد، اقتصاديا وسياسيا بعد فشل النموذج الاشتراكي بتفكك أكبر دولة اشتراكية.



وقد ركز النموذج الجديد، على نحو ما هو مصاغ فيما يسمى توافق واشنطن، على:



(1) الإدارة المالية وخفض نفقات الدولة.

(2) تراجع دور الدولة كفاعل اقتصادي ومورد اجتماعي (أي خصخصة الأصول العامة والخدمات).

(3) أسواق عمل مرنة.

(4) التجارة الحرة.

(5) التحرير المالي.

(6) حماية حقوق الملكية.

(7) الضرائب التنازلية.



وقد كان النموذج واضحا وصريحا حول تعزيز تراكم الثروة على حساب التوزيع أو العدالة الاقتصادية.



ولم يقتصر الأمر على هذا التغير الملحوظ في اقتصاديات معظم الدول، ولكنه أدى أيضا إلى تغيير وضعها السياسي. حيث قدمت الليبرالية الجديدة نظريات قيمية وظيفية حول السياسة والحكم، ودور الدولة، والهدف النهائي من العلاقة بين الدولة والفئات المختلفة.



وقد كان هذا التحول واضحا جدا في إعلان ثاتشر الشهير: "لا يوجد شيء يسمى المجتمع، لا يوجد سوى الأفراد".



لذلك، فإن الإصلاحات الليبرالية الجديدة لم تؤد فقط إلى تحول اقتصاديات العديد من البلدان النامية والبلدان المتقدمة صناعيا، ولكنها غيرت أيضا من بنيتها السياسية. وتحديدا، فقد أخضع مشروع الليبرالية الجديدة كل من المجتمع والدولة لديناميات السوق، من خلال ثلاثة مجالات رئيسية:



1) تهميش دور الدولة من خلال خفض إيراداتها ومهامها.

2) تغيير أنظمة الإنتاج بطريقة تزيد من تهميش الأغلبية حتى في ظل ظروف الديمقراطية الإجرائية.

3) إعادة تشكيل النخبة الحاكمة من ائتلاف من البيروقراطيين الحكوميين (بما في ذلك الجيش في بعض الحالات)، والطبقات المتوسطة، وإلى حد ما دوائر الأعمال، إلى ائتلاف يتضمن حصريا فئتي التكنوقراطيين وممثلي الشركات الكبيرة (سواء كانت محلية أو دولية).



ومعروف أن التكنوقراط هم مجرد خبراء وقد يتخذوا من القرارات ما لا يدركوا آثارها السياسية وهنا مكمن الخطورة ومن ذلك على سبيل المثال، اعتبار أن القطاع الخاص أقل فسادا وأكثر كفاءة من القطاع العام.



وكذلك تفكيك النظام القديم ماديا؛ وعدم وجود صيانة للمصانع المملوكة للدولة بحيث تخسر ويتم بيعها أو إيقافها بحجة أنها مشروعات خاسرة دون أي محاوله لإعادة هيكلتها أو تطويرها



وكذلك العمل على تخفيض الإعانات أو التوظيف المضمون، وذلك لوضع الجماهير تحت ضغط مخاطر متزايدة. بحيث تضطر في النهاية إلى الالتجاء إلى القطاع الخاص كان الهدف الحقيقي هو وأد فكرة القطاع العام وإثبات أن الدولة تاجر خائب.



ثانيا: الدولة في ظل الليبرالية الجديدة



الليبرالية الجديدة تحدث تغيير في هيكل وصلاحيات الدولة إلى ما يطلق عليه البعض (دولة المنافسة الوطنية)، بمعني: دولة تتم فيها صياغة السياسات بأكملها (الاقتصادية والسياسية والاجتماعية) بهدف اجتذاب أكبر استثمار رأسمالي ممكن، وليس بهدف تحسين أوضاع المعيشة وتحقيق العدالة الاجتماعية



في هذا النموذج، فإن دور الدولة الداخلي هو تهيئة الدولة تشريعيا وإتمام البنى التحتية لاجتذاب الاستثمارات الخارجية وتشجيع القطاع الخاص وعلى الصعيد الدولي، فإن دورها هو التنافس في إطار من الاقتصاد العالمي، وتوفير ظروف أفضل للعمل وجذب المستثمرين، بغض النظر عن الكيفية التي تؤثر بها هذه الظروف على العمالة أو البيئة.



وبالتالي، فإنه ليس من قبيل الصدفة أنه مع ظهور هذه الرؤية، بدأ العالم يعرف ظواهر مثل "المصانع كثيفة الاستغلال"، ومثل تركيز الصناعات الصحية الخطرة (مثل الأسمنت والأسبستوس) في بلدان الجنوب، لأن الدول الكبرى تحت تأثير جماعات البيئة وقيود الاتفاقيات البيئية الدولية تسعى إلى خفض التلوث البيئي داخليا، ولذلك تعمل على نقل هذه الصناعات خارج حدودها وتبعا لذلك، فإن التركيز في هذا الخطاب الليبرالي الجديد يكون على أمرين:



الأول: أهمية دور الدولة كمحفز للنمو وليس للعدالة أو للتوزيع، ويتبع ذلك أهمية علاقاتها مع قطاع الأعمال، بالمقارنة بعلاقتها بالفئات أو الشرائح الاجتماعية الأخرى.



يمكن ملاحظة ذلك بوضوح في البيانات الصادرة عن "حكومة رجال الأعمال المصرية الحالية"، وكذلك حكومة الدكتور عاطف عبيد السابقة؛ حيث كان النظام يركز على إنجازاته في جذب الاستثمارات الأجنبية وتيسير مناخ الاستثمار، بغض النظر عن حقيقة أن مثل هذه الإنجازات المزعومة لم تترجم إلى ظروف معيشية أفضل للأغلبية من أبناء مصر، ولكنها اقترنت علاوة على ذلك بارتفاع مستويات الفقر.



وهو أمر يوحى بأن هذه الحكومات نظرا لعدم استقلاليتها تنفذ سياسات مملاة عليها تعلم يقينا أنها لن تحسن أوضاع المعيشة ولن تخفض مستوى الفقر، والغريب هو الإصرار على هذه السياسات بل وخداع الجماهير بأن آثارها لن تظهر إلا على المدى البعيد، ويقود نفس المنطق بوضوح مسألة تغيير القوانين والسياسات الضريبية، وقانون العمل، والخدمات الاجتماعية (مثل الصحة والتعليم). حيث أن هذه القوانين والسياسات تغيرت بطريقة تعمل على الحد من النفقات والالتزامات على الشركات وزيادة التكاليف الاقتصادية والاجتماعية على معظم المصريين، لاسيما الطبقة العاملة بادعاء ضرورة الإدارة الاقتصادية للمؤسسات والحاجة إلى تسعير الخدمات بطريقة جديدة سعيا لتحسين الجودة كما هو الحال في قانون التأمين الصحي الجديد الذي تصر الحكومة على إمراره والإصرار على هذه السياسات التي أصابت المصريين بالفقر والمرض.



واضح أيضا في مسألة الشخصيات التي يختارها النظام المصري ليس فقط للتشاور بشأن تغير اتجاه الدولة، ولكن أيضا من يعينه في أهم مراكز صنع القرار، أي رجال الأعمال، والذين هم أصحاب مصلحة حقيقية في الاستمرار في هذه السياسات.



ومن الناحية الوظيفية، فإن الدولة كفاعل "نشط" يتم تحديها في ظل النموذج الليبرالي الجديد من الناحيتين الاقتصادية والأيديولوجية، بحيث يتم تهميش دورها شيئا فشيئا حتى تنسحب تماما من السوق وتترك المصريين فريسة لرجال الأعمال والذين لا يسعون إلا إلى الربح، ضاربين عرض الحائط بالتكلفة الاجتماعية لهذه التحولات، حيث يتم دفع رجال الأعمال وأنواع معينة من المنظمات غير الحكومية كي يكونوا مرشحين محتملين لتولي العديد من المهام التي سبق أن تولتها الدولة (مثل الخدمات الاجتماعية والدعم الاقتصادي). وماليا، ومع خصخصة الأصول المملوكة للدولة، وانسحاب الدولة من الإنتاج، والضريبة التنازلية، انخفضت إلى حد كبير عائدات الدولة وبالتالي نفوذها الاقتصادي.



ومع اقتران هذا بالهيمنة الأيديولوجية للاقتصاد "النيوكلاسيكي" بتأكيده على الانضباط المالي وخفض ميزانية الدولة (طبعا باستثناء الجيش والأجهزة الأمنية!)، فقد كانت النتيجة هي فقدان الحكومات الوسائل والرغبة في السعي إلى تطبيق سياسات فعالة لمكافحة الفقر، أو سياسات اجتماعية واسعة النطاق وذات مستوى عال.



وبالمثل أدى التركيز الأيديولوجي على فكرة أن "الدولة الصغيرة هي دولة فعالة"، بالإضافة إلى التخفيض المخطط في القوة الاقتصادية، وكذلك الضعف التاريخي، أدى مجمل كل ذلك إلى أن تكون معظم بلدان الجنوب، بما فيها مصر، صاحبة أجهزة دولة هي الأكثر ضعفا والأكثر عرضة للفساد والمحسوبية، من أي وقت مضى.



وإنه ليس من قبيل المصادفة أن تصل مستويات ووتيرة الفساد إلى حدود لم يسبق له مثيل مع ظهور الليبرالية الجديدة، بدءا من عمليات النصب الشهيرة التي قام بها نواب القروض، إلى قضية يوسف عبد الرحمن في وزارة الزراعة، وهاني سرور وقضية أكياس الدم الملوثة، إلى مختلف الاحتكارات في جميع القطاعات الاقتصادية.



ومن ثم، فإن تقلص القدرة الاقتصادية للدولة لم يؤد فقط إلى إضعاف المستوى المعيشي للغالبية، ولكن الأهم من ذلك أنه يحد من قدرة الدولة على الاضطلاع بدور سياسي أكثر توازنا لمصلحة هذه الأغلبية.



المواطن باعتباره زبونا



بالنظر إلى الأساس الأيديولوجي للنموذج، فإن الليبرالية الجديدة لا تقتصر فقط على فرضية اختزالية حول الإنسان الاقتصادي: فكرة أن البشر كائنات اقتصادية تحركها رغبتها في تعظيم مكاسبها، ولكنها تمثل أيضا فهما خاصا للغاية لليبرالية السياسية.



وبحسب راولز ودوركين، وهما اثنين من أكثر الكتاب انتشارا في فلسفة الليبرالية الحديثة السياسية، فإن هناك مفهومين جوهريين يتعلقان بالليبرالية؛ الأول: هو "الاهتمام والاحترام المتساوي لجميع المواطنين".



الثاني: هو دور الدولة في ضمان "استقلالية" المواطنين في اختيار ومواصلة مشاريع حياتهم.



وفي ظل الخطاب الليبرالي الجديد، فإن هذين المبدأين قد فهما على أنهما يعنيان حيادية الدولة، وعلى أن فكرة العدالة الاجتماعية والاقتصادية هي نتيجة وليست هدفا من أهداف السياسات الاقتصادية الكلية والتشكيل السياسي للدولة.



وهذا لعمري فهم معوج لليبرالية لأن الليبرالية الاقتصادية لا يمكن أن تؤدى دورها بالدفع بالاقتصاد إلى الأمام بدون ليبرالية سياسية تجعل نواب الشعب يراقبون عمل الحكومة ولا يمررون من القوانين إلا ما يحقق المصلحة العامة وليس مصلحة فئة صغيرة يوجه الجهد التشريعي والتنفيذي، بل ومع بالغ الأسف القضائي لمصلحتها حتى وصل الأمر إلى ترتيب دوائر معينة بالاتفاق مع وزير العدل للقضايا المتصلة بكبار رجال الأعمال ومرة ثانية نقول إنه (لا يمكن أن تنقل نموذجا ما من دولة دون أن يتم تطويعه محليا ليناسب الظروف الاقتصادية والاجتماعية السائدة.)



التركيز على الاستقلالية الفردية والاحترام المتساوي بين جميع المواطنين



في ظل هذا النموذج أصبح يعني أن كل فرد يجب أن يكون مسئولا عن سلامته ويتحمل المسؤولية، مهما كانت النتائج التي تأتي من المنافسة في السوق المفتوح، وهو أمر يفتقد لأي عدالة لتباين القدرات بين القادرين وغير القادرين الذين لا يملكون الإمكانيات الكافية.



وبالتالي فإنهم يحتاجون إلى الدولة وهو ما لم يحدث عندنا مع أن الحكومات في أعتى النظم الليبرالية تقوم بسد الفجوات بين مواطنيها بوسائل مختلفة لتوفير الحد الأدنى من الحياة الكريمة لهم، ولكن اتساع الفجوة في الهرم الاجتماعي قفز بأعداد كبيرة إلى حد الفقر وتدنت المكانة الاجتماعية لكثير من الشرفاء، وغدا المثل القائل بالعامية: "معاك قرش، تسوى قرش".



مع التجاهل التام لحقيقة أنه لتمكين المواطنين من صياغة ومتابعة مشاريع حياتهم، وحتى يتمكنوا من الحصول على المساواة في الاهتمام والاحترام، فإن ذلك يستدعي تدخل الدولة لتعديل الكثير من الأوضاع الهيكلية وتمهيد الساحة السياسية، وهو ما أغفلته حكومتنا الرشيدة وكأن العمى قد أصاب عين بصيرتها.



إن سريان نموذج الليبرالية الجديدة وعلى النقيض من المراحل السابقة للتطور الرأسمالي، تلك المراحل التي اشتملت فيها حقوق المواطنة على الحقوق الاجتماعية والاقتصادية وليس فقط الحقوق المدنية أو السياسية، ومع التغيرات التي جرت مناقشتها أعلاه، حرمت غالبية السكان في جميع أنحاء العالم من كثير من حقوق المواطنة السابقة.



وفي هذا الصدد، فإن مصر ليست استثناء. فإن فكرة تخفيض الإعانات وإهمال التعليم الذي اعتاد الجمهور أن يكون مجانيا، والتركيز على جودة خدمات الرعاية الصحية داخل القطاع الخاص بدون ما يعادلها في القطاع العام، هي كلها دلائل على هذا التحول من المواطن إلى الزبون.



فهؤلاء الذين يمكنهم شراء السلع والخدمات (بما في ذلك التعليم، والرعاية الطبية، والمأوى... إلخ) هم "أحرار ومتساوون" في أن يختاروا من بين ما يقدمه السوق، بينما هؤلاء الذين لا يمكنهم، نظرا لفقرهم، شراء حقوقهم من خلال سوق، فهم أيضا "أحرار"، حتى وإن كانت حريتهم تعني الخروج من الحياة.



وبالمثل فإن مبدأ "الاستقلالية الفردية" الذي أكد عليه النموذج الليبرالي الجديد لا يعني فقط أن كل شخص مسئول عن العناية بنفسه دون إعطاء أي اعتبار لاختلاف القدرات الاقتصادية بين هؤلاء الأشخاص، ولكنه يعني أيضا استبعاد أي شكل من أشكال التنظيم أو التحرك الجماعي.

بعبارة أخرى، فإن الأفراد أحرار ومستقلون في اتخاذ خياراتهم كمستهلكين ومنافسين، ولكنهم مجبرون على الابتعاد عن تنظيم نضال سياسي من أجل المطالبة بحقوقهم. وهذا الأمر يكشف زيف التطبيق الليبرالي في مصر وغيرها من النظم المستبدة حيث تم تطبيق الشق الاقتصادي فقط من النموذج الليبرالي دون السياسي.



وبالمقابل فإنه يتم دفع هؤلاء المساكين الذين طحنتهم الرأسماله المتوحشة على إيجاد سبل أو آليات للتكيف مع ديناميكية السوق غير المنصفة لهم. ويتم توجيه طاقات المواطنين بعيدا عن "المطالبة" بالحقوق، سواء عن طريق النضال السياسي، أو المشاركة في أنشطة المجتمع المدني، وناحية السعي للبحث عن البقاء على أساس فردي.



وهم الذين تعودوا على أبوة الدولة وعلى الرضا باستبدادها في مقابل الحد الأدنى من المعيشة الكريمة وهو الأمر الذي لم يعد متوافرا للكثيرين.



على سبيل المثال، بدلا من أن يكون العامل عضوا ناشطا في نقابة ما، فإنه يسعى إلى وظيفة إضافية لمساعدة نفسه في توفير الخدمات التي كانت تتم برعاية الدولة في السابق. وهذا يتحول الإنسان إلى كائن مطحون يعمل لمجرد الاستمرار على قيد الحياة وأي حياة هي؟



إنها حياة بلا طعم ولربما كان هذا هو السبب في إصابة كثير من المصريين بالكآبة وهو الأمر الذي أكده الدكتور/ أحمد عكاشة رئيس الجمعية الدولية للطب النفسي.



وفي هذا الصدد، فإن أي مراقب للحكومة المصرية يجد تناقضا واضحا بين خطاب الحكومة حول ضرورة أن يكبر الشعب المصري، أو كما ذكر رئيس الوزراء أن "المصريين يجب أن يفطموا"، وكيف أن نفس الحكومة والنظام يضربان بيد من حديد على التحركات العمالية للمطالبة بالحقوق.



فنحن نرى كيف أن مسئولي النظام البائد وكتبته يهاجمون أي محاولة لتنظيم السوق في ظل خطاب حرية الاستثمار، في الوقت الذي يرفضون فيه تماما الجانب الآخر من هذه المعادلة – في ظل أكثر النظم تبنيا للرأسمالية – وهي حرية التنظيم.



وردود الفعل التي ظهرت مؤخرا تجاه النقابة المستقلة لموظفي الضرائب العقارية هي مثال على هذا. وبعبارة أخرى، فإن المستثمرين لهم مطلق الحرية في التعيين والفصل وشراء وبيع ما يريدونه، ولكن الجماهير ليست حرة ولا مستقلة في البحث عن والحصول على مصالحها بصورة جماعية.



مجموعة أخرى من التغيرات الهامة، عدا الخطاب الاجتماعي والثقافي، أثرت بصورة مباشرة على العلاقات بين الدولة والمجتمع في إطار الليبرالية الجديدة، هذه المجموعة تشمل التغييرات في:



نظام الإنتاج، أي أنماط الإنتاج والاستهلاك والتراكم، ومحاور وأنماط الصراع والتوسط والتنظيم للتحركات الجماعية. فأولا، أدت إعادة الهيكلة في إطار الليبرالية الجديدة إلى تغيير الأوزان النسبية لمختلف الطبقات والقطاعات، مما أدى إلى تغيير في علاقات القوة التي تنعكس بالضرورة على المجتمع.



كما أن التغيرات في نمط الإنتاج عنت انخفاضا في أهمية العمل المنظم في مواجهة الطبقة الرأسمالية.



فالخصخصة وانسحاب الدولة من الإنتاج كان معناهما تقليصا في حجم القطاع القائد في الطبقة العاملة، وذلك من خلال تفتيته في صورة عمالة مؤقتة بدون أمان وظيفي في منشآت القطاع الخاص، أو من خلال تحوله إلى الاقتصاد غير الرسمي. وهذا معناه استبعاد العمالة المنظمة، التي لعبت دورا هاما في إطار نماذج التنمية السابقة في الستينيات، من لعب أي دور في تشكيل السياسة العامة.



ثالثا: الاقتصاديات الموجهة للتصدير



يتجه الإنتاج نحو الأسواق الدولية، وإلى استهلاك الفئات والطبقات المتصلة جيدا بدوائر رأس المال العالمي. في هذا النموذج، لا يعير الرأسماليون التفاتا إلى القوة الشرائية والقدرة الاستهلاكية للطبقات العاملة، وكذلك إلى الأنشطة الاقتصادية لأعداد كبيرة من المؤسسات متناهية الصغر والصغيرة ومتوسطة الحجم. ونتيجة لذلك، فإن قطاعات كبيرة من هذه الفئات أصبحت مضطهدة أو مهمشة تماما بسبب عملية التكيف الهيكلي الليبرالي الجديد.



وعلى الجانب الآخر، فإن القطاع الخاص أصبح يُنظر إليه وفقا لهذه الفلسفة على أنه العامل الرئيسي للنمو، بينما انسحبت الدولة من عمليات الإنتاج، وقامت في هذا السياق ببيع معظم أصولها الإنتاجية، مما أدى إلى زيادة سوء توزيع الثروة.



وهكذا، فإن الدولة أصبحت تعتمد أكثر من أي وقت مضى على القطاع الخاص بوصفه مركزا للنمو.



ونتيجة لذلك، فبين عام 1970 وحتى التسعينيات، فقدت الاتحادات والنقابات كثيرا من قوتها السياسية، وقامت الشركات الكبيرة بتعديل هيكلها الإداري وتخفيض عدد الوظائف الأقل شأنا، بينما حصل أصحاب رؤوس الأموال على سلطة أكبر في إدارة الشركات وأصبحت الحكومات أكثر تعاطفا مع رأس المال.



وقد نتج عن هذا الانخفاض في أهمية الطبقة العاملة، باعتبارها حليفا ضروريا لتحقيق الاستقرار والشرعية للدولة، أنظمة جديدة في الأجور والتفاوض بين العمال وأصحاب الأعمال تمنح مزيدا من السلطة لأصحاب العمل وسلطة أقل للعمال والنقابات العمالية – هذا إذا كانت تلك السلطة موجودة في المقام الأول.



بالإضافة إلى ذلك، فإن اختلال التوازن الناتج عن ذلك بين الدولة والقطاع الخاص، وبين رأس المال واليد العاملة، بسبب تحرير الاقتصاد والخصخصة، قد عرّض الالتزام من جانب نخبة الحكم بسياسات العدالة الاجتماعية للخطر.



مع تراجع عمالة القطاع العام في ظل الليبرالية الجديدة كان هناك صعود في الاقتصاد غير الرسمي، وهو القطاع غير المنظم الذي انتشر وتجزأ بحيث تجاوز عدد العاملين فيه عدد العاملين في القطاع الرسمي من الاقتصاد. ونظرا لتنوع طبيعة هذا القطاع، من حيث المهن والتوزيع الجغرافي، فإنه من الصعب على العاملين به تنظيم أنفسهم، مما يجعلهم فريسة للتهميش والسيطرة، ويجعل أهميتهم النسبية في أي تحالف سياسي أقل بكثير. وقد انعكس هذا التغير في القوة النسبية لمختلف الأطراف، على إمكانيات العمل الجماعي من جانب الطبقة العاملة ـ الطبقة التي تشكل غالبية المجتمع.



ومن المهم الإشارة هنا إلى أن العمال في تعريفنا لا يضمون فقط ذوي الياقات الزرقاء أو الأفراد العاملين في المصانع، بل كل من يبيع جهده مقابل حد أدنى من الأجر.



إن أثر هذه التغيرات الاقتصادية والاجتماعية في شأن إسكات الأغلبية، قد تضاعف بسبب الخطاب الاجتماعي الثقافي الذي تتبناه الليبرالية الجديدة، ذلك الخطاب الذي يؤكد على أهمية الإنجاز المادي وفهمه على أنه نتيجة جهود ونجاحات فردية مستقلة عن أية أوضاع هيكلية.



رابعا: التفوق التكنوقراطي والحلول التقنية



آخر الخصائص السياسية التي يتحمل الجماهير عبئها نتيجة لسياسة الليبرالية الجديدة، هو التغيير في النخبة الحاكمة، ليس فقط من خلال انحيازها الذي لم يسبق له مثيل إلى جانب الرأسماليين الكبار، وهو أمر ناقشناه أعلاه، وإنما أيضا من خلال التحول إلى ما يسمى مبدأ تقديس التكنوقراطية والتكنوقراطيين.



إن طريقة عمل المنظور التكنوقراطي الليبرالي الجديد هو عزل صنع القرار، حيث تصبح عملية صنع السياسات تخص فقط التكنوقراطيين والخبراء، مع إبعادها أكثر فأكثر عن مختلف قطاعات المجتمع، باعتبارهم ممثلين لمصالح "فرعية وجزئية". هذا المنهج يؤدي بالتعريف إلى استبعاد الفئات الأقل قوة من توجيه السياسة العامة لصالحها.



وكما ذكر ديفيد هارفي: "إن الليبراليون الجدد... يشكّون في الديمقراطية إلى حد بعيد.. فالحكم بواسطة الأغلبية يعد تهديدا محتملا لحقوق الفرد"، وفي مصر، هذا يعني أمرين:



1ـ التحول من الشراكة الشعبوية بكل ما عنته من مكاسب مادية – بالرغم من تفاهتها – حققتها أوسع قطاعات اجتماعية، إلى محدودية القرار الفني المعزول عن الطبقات صاحبة المصلحة.



2 ـ الانتقال من بيروقراطية الدولة إلى التكنوقراطين كواجهة أساسية لصنع السياسة.



وهكذا.. ففي ظل الليبرالية الجديدة كان هناك تحول عن سياسة إدماج قطاعات المجتمع المهمة من خلال المنح المادية المقدمة للمؤسسات الجماعية التي تسيطر عليها الدولة، مثل النقابات الحكومية، وتعاونيات المزارعين، والاتحادات الطلابية، وهي مؤسسات رغم كونها غير ديمقراطية وغير شاملة بما فيه الكفاية، إلا أنها كانت مضطرة لتقديم منافع مادية لأعضائها، مثل إعادة توزيع الأراضي والحيازات الصغيرة على المزارعين، ومثل الإعانات والوظائف الدائمة للعمال والموظفين، ومثل الخدمات الاجتماعية المجانية. علاوة على ذلك، فقد ضمنت هذه المؤسسات على الأقل الحد الأدنى من استجابة الدولة تجاه هذه القطاعات المهمة في المجتمع.



ومع ظهور الليبرالية الجديدة، فإن هذه الآليات الشعبوية، التي لم تكن أصلا كاملة أو جيدة، أصبحت غير مقبولة اقتصاديا بسبب تقلص عائدات الدولة، وغير مقبولة سياسيا لأنها مكلفة وغير فعالة.



بدلا من ذلك، فإن النموذج الجديد الذي يرعى مصالح القلة بدأ في تفكيك هذه الجهات، أو على الأقل إلغاء مزاياها المادية وأهميتها السياسة، مع محاولة الحفاظ على سيطرتها السلطوية على مختلف قطاعات المجتمع.



على سبيل المثال، توقفت النقابات العمالية في الدولة عن منح العمال مزايا وأرباح مادية، ولكنها استمرت في إجبارهم على قبول ترك وظائفهم (المعاش المبكر) وقبول المزايا المخفضة والتخلي عن الحق في الإضراب. والأهم من ذلك، أن قضايا مثل الفقر والتعليم والسياسة الاجتماعية والاستراتيجية الاقتصادية أصبحت مجرد مسائل فنية تتطلب تغييرات إصلاحات إدارية أو تقنية محدودة، ولم تعد تعتبر قضايا سياسية عميقة تتطلب إجراء تغييرات هيكلية.



وباختصار، فإن منطق الليبرالية الجديدة هو إلغاء تسييس الأمور التي تعد بالتعريف مسائل تتعلق بالسلطة، واختزالها إلى مشاكل فنية. ومن ثم، وكمجرد مثال على ذلك، فإن مسألة الإعانات أو مجانية التعليم أصبحت قضايا إعادة برمجة وليست مسائل تتعلق بتوزيع الموارد في المجتمع.



هذا التحول كان يبحث عن منفذيه الجدد المخلصين للمهمة. من هنا أصبح التكنوقراطيون، ومعظمهم ذوو تعليم أجنبي وغير مسيسين، ولديهم خبرة في مجال فني محدود للغاية، هم قوام طبقة المسئولين السياسيين، وحلوا محل الطبقة المتوسطة من البيروقراطيين والسياسيين التي لعبت أدوار الإدارة السياسية في عصور سابقة.



وفي الحالة المصرية، فإن هؤلاء كانوا يتركزون في لجنة السياسات في الحزب الحاكم التي تم تأسيسها حديثا. فكّر في أسماء مثل جمال مبارك، يوسف بطرس غالي، محمود محيي الدين، محمد كمال، وأسماء كثير غيرها، ما هي المؤهلات والخبرة السياسية التي يمتلكونها؟ جميعهم كانوا مجهولين من الناحية العملية، ودون أي وظائف سياسية، حتى أصبحوا فجأة من كبار واضعي السياسات على أساس أنهم "خبراء"، كل في مجال اختصاصه. الطريف أن هذه الدائرة التكنوقراطية الشريرة لا تتوقف عند هؤلاء المسئولين الكبار. فكل شخص من هؤلاء "الكبار" يحيط نفسه/نفسها بمجموعة من المستشارين والمساعدين الذين هم أساسا تكنوقراطيين صغار.



وقد حلت محل الصورة القديمة لوكيل الوزارة الموظف الحكومي، الذي يتلقى مرتبا جيدا ويركب سيارة نصر أو فيات 128 يقودها سائق من الوزارة، ولكنه رغم ذلك يعاني في محاولته لتحقيق الكفاية المادية، وأحيانا يلجأ إلى الفساد المقنع (الرشوة) من أجل دفع نفقات الأسرة؛ نقول:حلت محل هذه الصورة صورة "المكتب الفني للوزير"، واللجان غير الحكومية المكونة من شباب الطبقة العليا من خريجي الجامعة الأمريكية وغيرها من الجامعات الأجنبية برواتب لا تصدق. راتب كل من هؤلاء الشباب التكنوقراطيين لا يعادل فقط راتب ما لا يقل عن 20 من خريجي الجامعات الوطنية الذين لا يتم توظيفهم من قبل الدولة بحجة ترشيد النفقات الحكومية.



ولكن الأهم من ذلك أنهم ينفصلون تماما عن الجماهير/غالبية المجتمع بفضل اختلاف التعليم والمكانة الاجتماعية ونمط الحياة الراهن.



وأخيرا، فإن هؤلاء التكنوقراطيين في جميع أنحاء العالم غالبا ما يكونوا خريجي جامعات أقصى اليمين (مثل جامعات شيكاغو أو إلينوي أو جونز هوبكنز في الولايات المتحدة)، وهم يتلقون تدريبا أيديولوجيا تكنوقراطيا محدودا يميلون إلى اعتباره قمة التعليم العلمي الأكاديمي.

أقول في النهاية، إننا يجب أن نحمد الله على نجاح هذه الثورة المباركة وإن كانت هذه الدراسة قد كشفت بوضوح الصورة القبيحة لليبرالية التي كانت مطبقه في مصر قبل الثورة ومدى ما أفرزته من دمار سياسي واقتصادي واجتماعي، فإن هذا يجب أن يدفعنا إلى التمسك بضرورة التفرغ لمرحلة البناء وعدم الانحراف إلى مسارات فرعية تحاول فلول الثورة المضادة دفعنا نحوها، هذا هو واجب الوقت فاعتبروا يا أولى الألباب.
توقيع » محمود ابواحمد
لاتنتظر شكرا من احد وافعل الاحسان لوجه الله فقط أنامصرى وافتخر


لا تنسى الاطلاع على قوانين المنتدى

المهندسين تواصل وتفاعل مستمر


لا تذكر الحرية امام من ولدوا عبيدا ولا تذكر النور امام من ولدوا فى الظلام سبحان الله وبحمده عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته لاتتكبر آخرهآ مقآبرمن كتم علما ألجمه الله بلجام من نار

 

مواضيعيردودي
 
من مواضيعي في المنتدي

رد مع اقتباس
قديم 30/7/2011, 01:13 AM   رقم المشاركة : ( 2 )
ناصر ابو محمد
نائــب المشرف الـعــــــام

الصورة الرمزية ناصر ابو محمد

الملف الشخصي
رقم العضوية : 113358
تاريخ التسجيل : Aug 2008
العمـر : 42
الجنـس :  تورمان بريمير بلص ١
الدولـة : المهندسين العرب
المشاركات : 66,749 [+]
آخر تواجـد : ()
عدد النقاط : 109337
قوة الترشيـح : ناصر ابو محمد القمة دائما للمتميزين اتمناها لك اسعي ايضا لهاناصر ابو محمد القمة دائما للمتميزين اتمناها لك اسعي ايضا لهاناصر ابو محمد القمة دائما للمتميزين اتمناها لك اسعي ايضا لهاناصر ابو محمد القمة دائما للمتميزين اتمناها لك اسعي ايضا لهاناصر ابو محمد القمة دائما للمتميزين اتمناها لك اسعي ايضا لهاناصر ابو محمد القمة دائما للمتميزين اتمناها لك اسعي ايضا لهاناصر ابو محمد القمة دائما للمتميزين اتمناها لك اسعي ايضا لهاناصر ابو محمد القمة دائما للمتميزين اتمناها لك اسعي ايضا لهاناصر ابو محمد القمة دائما للمتميزين اتمناها لك اسعي ايضا لهاناصر ابو محمد القمة دائما للمتميزين اتمناها لك اسعي ايضا لهاناصر ابو محمد القمة دائما للمتميزين اتمناها لك اسعي ايضا لها

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

ناصر ابو محمد غير متصل

افتراضي رد: تطبيقات ليبرالية

بارك الله فيك ياغالى
توقيع » ناصر ابو محمد
رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ


اللهم لاتجعلني طريقاً الى الجنة وتلقي بي الى النار
إتبع طريق الحق وإن رأيت فيه قلة السالكين وأجتنب طريق الباطل وإن رأيت فيه كثرة الهالكين

البعض يرى القمة غاية ونحن نتخذها بداية
أنت الزائر لمواضيعى

 

  رد مع اقتباس
قديم 1/8/2011, 06:24 PM   رقم المشاركة : ( 3 )
محمود ابواحمد
فريق مؤسسي موقع ومنتديات المهندسين العرب

الصورة الرمزية محمود ابواحمد

الملف الشخصي
رقم العضوية : 138242
تاريخ التسجيل : Dec 2008
العمـر :
الجنـس :  bein sport
الدولـة : عايش فى المهندسين العرب
المشاركات : 61,431 [+]
آخر تواجـد : ()
عدد النقاط : 360337
قوة الترشيـح : محمود ابواحمد القمة دائما للمتميزين اتمناها لك اسعي ايضا لهامحمود ابواحمد القمة دائما للمتميزين اتمناها لك اسعي ايضا لهامحمود ابواحمد القمة دائما للمتميزين اتمناها لك اسعي ايضا لهامحمود ابواحمد القمة دائما للمتميزين اتمناها لك اسعي ايضا لهامحمود ابواحمد القمة دائما للمتميزين اتمناها لك اسعي ايضا لهامحمود ابواحمد القمة دائما للمتميزين اتمناها لك اسعي ايضا لهامحمود ابواحمد القمة دائما للمتميزين اتمناها لك اسعي ايضا لهامحمود ابواحمد القمة دائما للمتميزين اتمناها لك اسعي ايضا لهامحمود ابواحمد القمة دائما للمتميزين اتمناها لك اسعي ايضا لهامحمود ابواحمد القمة دائما للمتميزين اتمناها لك اسعي ايضا لهامحمود ابواحمد القمة دائما للمتميزين اتمناها لك اسعي ايضا لها

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

محمود ابواحمد غير متصل

افتراضي رد: تطبيقات ليبرالية

شاكر لمروركم
توقيع » محمود ابواحمد
لاتنتظر شكرا من احد وافعل الاحسان لوجه الله فقط أنامصرى وافتخر


لا تنسى الاطلاع على قوانين المنتدى

المهندسين تواصل وتفاعل مستمر


لا تذكر الحرية امام من ولدوا عبيدا ولا تذكر النور امام من ولدوا فى الظلام سبحان الله وبحمده عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته لاتتكبر آخرهآ مقآبرمن كتم علما ألجمه الله بلجام من نار

 

  رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:11 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir

Google Adsense Privacy Policy | سياسة الخصوصية لـ جوجل ادسنس

الساده الاعضاء و زوار منتديات المهندسين العرب الكرام , , مشاهده القنوات الفضائيه بدون كارت مخالف للقوانين والمنتدى للغرض التعليمى فقط

RSS RSS 2.0 XML MAP HTML

^-^ جميع آلمشآركآت آلمكتوبهـ تعبّر عن وجهة نظر صآحبهآ ,, ولا تعبّر بأي شكلـ من آلأشكآل عن وجهة نظر إدآرة آلمنتدى ~