استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم

[انور حافظ احمد]

آيات كافيات (14)

عندما يقرأ المرء قول الله سبحانه وتعالى ( يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه وأنه إليه تحشرون ) الأنفال (24) . يعلم أن ما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم من ربه هو السعادة الحقيقية للعباد والحياة الطيبة لهم، وعندما يفقه المرء ما في هذه الآية يعلم أن ما أمر به الله هو الحيوان والبعد عما نهى عنه هو الطريق إلى الحياة، وأن وقوف المسلم عند حدود الأوامر والنواهي هو الحياة الحقيقة .

- " فقد جعل الله ما يدعو إليه الرسول سببا للحياة والمراد هنا الحياة الكاملة الشاملة لحياة الدنيا والآخرة، لأن السعادة المطلوبة لا تتم إلا بوجودها في شطريها الدنيوي والأخروي ولذا فقد أناط عز وجل السعادة الأبدية للإنسان بإتباع دعوة الإسلام والانقياد لهدية ويؤكد معنى قوله تعالى ( استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم ) قوله تعالى ( من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون ) النحل (98) "المقاصد العامة للشريعة الإسلامية – يوسف حامد العالم ص (87) " .



- مقاصد الشريعة تحمي الحياة:

فقد جاء في شفاء الغليل للغزالي: مقاصد الشرع هي المصالح التي تعود إلى العباد في دنياهم وأخراهم سواء أكان تحصيلها عن طريق جلب المنافع أو عن طريق دفع المضار .

- وقال الدكتور يوسف العالم في المقاصد العامة للشريعة الإسلامية: والمقاصد إما أن تكون ضرورية أو حاجيه أو تحسينية وقد أحصى العلماء المقاصد الضرورية في خمسة هي حفظ الدين، والنفس، والعقل، والنسل، والمال فلو اختل واحد من هذه الأمور الخمسة لختلت لأجله الحياة .

- فلو فقد المال لما عاش إنسان، ولو فقد النسل لبقيت الدنيا إلى أجل محدود، ولو اختل العقل لاختلت الدنيا وكانت دنيا حيوان أعجم لا دنيا إنسان مفكر، ولو اختلت النفس وأهدرت لما هدأت الحياة، ولا بقيت، ولو ذهب الدين لعادت الفوضى الجاهلية وعاش الناس في قلق واضطراب .

- وقد شرع الله لحفظ هذه الضروريات أحكامها لوجودها، وأخرى للمحافظة عليها حتى لا تنعدم بعد الوجود , ووجوب المحافظة على هذه الأمور معلوم على سبيل القطع فقد علم على القطع أن حفظ النفس والعقل والبضع والمال مقصود في الشرع فجعل القتل سببا لإيجاب القصاص، وحرم الخمر لأنه يزيل العقل، وحرم الزنى دفعا للفساد ومنع التعدي على حق الغير، وأوجب الضمان، ومعاقبة السارق وقاطع الطريق .

- وقد أطلق العلماء على هذه الأمور اسم الكليات الخمسة التي تعتبر عندهم أصولا للشريعة وأهدافها العامة التي ترمي إلى حفظها .

- وقال الشاطبى رحمه الله في الموافقات: إن الأصول الكلية التي جاءت الشريعة بحفظها خمسة: هي الدين والنفس والعقل والنسل والمال .

- وقد بدأت المحافظة أجمالا على هذه الضروريات بنزول التشريع المكي، أما الدين فهو أصل ما دعا إليه القرآن والسنة، وهو أول ما نزل بمكة، وأما النفس فالمحافظة عليها جاءت في قوله تعالى ( ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ) الإسراء (33)، وقوله ( وإذا الموؤدة سئلت* بأي ذنب قتلت ) التكوير (9، 8) وقوله ( وقد فصل لكم ما حرم عليكم إلا ما اضطررتم إليه ) الأنعام (119) وأشباه ذلك، فهذه الآيات المكية دلت على تحريم قتل النفس .

- - وأما العقل: فهو داخل في حرمه حفظ النفس كسائر الأعضاء، وجاء في القرآن المكي حفظ الفروج وكذلك سائر المقاصد . وفصل القرآن المدني هذه الأمور تفصيلا .

- فكان هدف الشريعة وغايتها هو مصلحه الإنسان إذا ما جاء به الرسول من قبل الله هو الحياة الآمنة الوادعة المطمئنة السعيدة السعادة الحقيقية .

1- ابن كثير وتفسير قوله تعالى استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم: قال ابن كثيررحمه الله في تفسيره قال البخاري: استجيبوا أجيبوا ( لما يحييكم ) لما يصلحكم .

وقال: قال مجاهد في قوله ( لما يحييكم ) قال: الحق وقال قتادة: ( لما يحييكم )، قال: هذا هو القرآن فيه النجاة والبقاء والحياة .

وقال السدي ( لما يحييكم ) ففي الإسلام إحياؤهم بعد موتهم بالكفر..... وعن عروة ابن الزبير ( يا أيها الذين أمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم )، أي: للحرب التي أعزكم الله تعالى بها بعد الذل، وقواكم بعد الضعف، ومنعكم من عدوكم بعد القهر منهم لكم .

وخلاصة القول:

أن في إتباع ما أمر الله إتباعه حياة للمؤمنين خالية من الزنى وما يترتب عليه من أمراض نفسيه واجتماعيه واقتصادية وخلقية وحضارية. وخاليه من القتل بما فيه من هلاك للنسل وضياع للأمن والأمان، وخالية من الربا لما فيه من فساد اقتصادي واستغلال لحاجة الناس وخالية الخيانة وعدم الوفاء بالوعد، وخالية من أكل مال الناس بالباطل , وحفظ للعقل من مذهباته , وممرضاته، وحفظ للمال من مهدراته واغتصابه , وحفظ للنسل من القتل واختلاط الأنساب وفوق كل ذلك حفظ للدين المنظم للحياة على أسس شرعيه ربانية , وفوق كل ذلك ضمان للسعادة الأخروية الأبدية في الدار الآخره في جنة عدن مع الصديقين والنبيين والشهداء وحسن أولئك رفيقا.

إعداد الأستاذ الدكتور نظمى خليل أبو العطا موسى

[SeNiOR_LAW]

مشكور يا غالى وبارك الله فيك