ماشاء الله تبارك الله ماشاء الله لاقوة الا بالله , اللهم اني اسالك الهدى والتقى والعفاف والغنى
" قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ *مِن شَرِّ مَا خَلَقَ * وَمِن شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ * وَمِن شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ * وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ ". صدق الله العظيم
الساده الاعضاء و زوار منتديات المهندسين العرب الكرام , , مشاهده القنوات الفضائيه بدون كارت مخالف للقوانين والمنتدى للغرض التعليمى فقط
   
Press Here To Hidden Advertise.:: إعلانات منتديات المهندسين العرب لطلب الاعلان عمل موضوع بقسم الشكاوي ::.

 IPTV Reseller

  لطلب الاعلان عمل موضوع بقسم طلبات الاعلانات اسفل المنتدى لطلب الاعلان عمل موضوع بقسم طلبات الاعلانات اسفل المنتدى لطلب الاعلان عمل موضوع بقسم طلبات الاعلانات اسفل المنتدى

Powerd By : Mohandsen.com

العودة   المهندسين العرب > المنتدى الادبى > المنتديات الادبيه العامه > قسم القصه

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 27/1/2009, 11:02 PM   رقم المشاركة : ( 691 )
ساهر سات
استاذ فضائيات

الصورة الرمزية ساهر سات

الملف الشخصي
رقم العضوية : 125505
تاريخ التسجيل : Oct 2008
العمـر :
الجنـس :
الدولـة : المهندسين العرب
المشاركات : 11,668 [+]
آخر تواجـد : ()
عدد النقاط : 10
قوة الترشيـح : ساهر سات يستاهل التميز

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

ساهر سات غير متصل

افتراضي رد: قصة الف ليله وليله

وأما زريق فإنه رأى في منامه أن الكيس أخذه طائر فأفاق مرعوباً وقال لأم عبد الله: قومي انظري الكيس، فقامت تنظره فما وجدته فلطمت وجهها وقالت: يا سواد حظك يا أم عبد الله الكيس أخذه الشاطر فقال: والله ما أخذه إلا الشاطر علي وما أحد غيره أخذ الكيس ولابد أني أجيء به، فقالت إن لم تجئ به قفلت عليك الباب وتركتك تبيت في الحارة فأقبل زريق على الفرح فرأى الشاطر علياً يتفرج، فقال: هذا الذي أخذ الكيس ولكنه نازل في قاعة أحمد الدنف فسبقه زريق إلى القاعة وطلع على ظهرها فرآهم نائمين وإذا بعلي أقبل ودق الباب، فقال زريق: من بالباب? فقال علي المصري فقال له: هل جئت بالكيس? فظن أنه شومان فقال له: لا يمكن أن أفتح لك حتى أنظره فإنه وقع بيني وبين كبيرك رهان فقال له: مد يدك فمد يده من جنب عقب الباب فأعطاه الكيس فأخذه زريق وطلع من الموضع الذي نزل منه وراح إلى الفرح وأما علي فإنه لم يزل واقفاً على الباب ولم يفتح له أحد فطرق الباب طرقة مزعجة فصحا الرجال وقالوا: هذه طرقة علي المصري، ففتح له النقيب وقال له: هل جئت بالكيس: فقال: يكفي مزاحاً يا شومان أنا أعطيتك إياه من جنب عقب الباب، وقلت لي: أنا حالف لا أفتح لك الباب حتى تريني الكيس فقال: والله ما أخذته وإنما زريق هو الذي أخذه منك فقال له: لابد أن أجيء به، ثم خرج علي المصري متوجهاً إلى الفرح فسمع الخلبوص يقول: شوبش يا أبا عبد الله العاقبة عندك لولدك فقال علي: أنا صاحب السعد.
وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.

وفي الليلة الثامنة والسبعين بعد الستمائة
قالت: بلغني أيها الملك السعيد، أن علي قال: أنا صاحب السعد ثم إنه توجه إلى بيت زريق، وطلع من فوق ظهر البيت ونزل فرأى الجارية نائمة فبنجها ولبس بدلتها وأخذ الولد في حجره ودار يفتش فرأى مقطفاً فيه كعك العيد من بخل زريق، ثم إن زريقاً أقبل إلى البيت وطرق الباب فجاوبه الشاطر علي وجعل نفسه الجارية وقال له: من بالباب? فقال: أبو عبد الله فقال: أنا حلفت ما أفتح لك الباب حتى تجيء بالكيس فقال: هذا هو معي، فقالت: هاته قبل فتح الباب، فقال: أدلي المقطف وخذيه فيه فأدلى المقطف فحطه فيه ثم أخذه الشاطر علي وبنج الولد وأيقظ الجارية ونزل من الموضع الذي طلع منه وقصد القاعة فدخل على الرجال وأراهم الكيس والولد معه فشكرهم وأعطاهم الكعك فأكلوه وقال: يا شومان هذا الولد ابن زريق فأخفه عندك، فأخذه وأخفاه وأتى بخروف فذبحه وأعطاه للنقيب فطبخه قممة وكفنه وجعله كالميت وأما زريق فإنه لم يزل واقفاً على الباب ثم دق الباب دقة مزعجة فقالت له الجارية: هل جئت بالكيس? فقال لها ما أخذتيه من المقطف الذي أدليته? فقالت: أنا ما أدليت مقطفاً ولا رأيت كيساً ولا أخذته فقال: والله إن الشاطر علي سبقني وأخذه ونظر في البيت، فرأى الكعك معدوماً والولد مفقوداً فقال: وا ولداه فدقت الجارية على صدرها وقالت: أنا وإياك للوزير ما قتل ابني إلا الشاطر الذي يفعل معك المناصف وهذا بسببك فقال لها: ضمانة علي، ثم طلع زريق وربط المحرمة في رقبته وراح إلى قاعة أحمد الدنف ودق الباب ففتح له النقيب ودخل على الرجال فقال شومان: ما جاء بك? فقال: أنتم سياق على علي المصري ليعطيني ولدي وأنا أسامحه في كيس الذهب فقال زريق: أي شيء جرى عليه? فقال شومان: أطعمناه زبيباً فشرق ومات وهو هذا فقال زريق: واولداه ماذا أقول لأمه? ثم قام وفك الكفن فرآه قممة فقال له: اطربتني يا علي ثم إنهم أعطوه ابنه، فقال أحمد الدنف: أنت كنت معلقاً الكيس لكل من كان شاطراً يأخذه فإن أخذه شاطر يكون حقه وإنه صار حق علي المصري فقال: وأنا وهبته له فقال له علي الزيبق المصري: اقبله من شأن بنت أختك زينب فقال له: قبلته فقالوا: نحن خطبناها لعلي المصري، فقال: أنا ما أحكم عليها إلا بالمعروف ثم إنه أخذ ابنه وأخذ الكيس، فقال شومان: هل قبلت منا الخطبة? فقال: قبلتها ممن كان يقدر على مهرها فقال له: وأي شيء مهرها? فقال: إنها حالفة أن لا يركب صدرها إلا من يجيء لها ببدلة قمر بنت عذرة اليهودي وباقي حوائجها.
وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.

وفي الليلة التاسعة والسبعين بعد الستمائة



قالت: بلغني أيها الملك السعيد، أن زريقاً قال لشومان: إن زينب حالفة أن لا يركب صدرها إلا الذي يجيء لها ببدلة قمر بنت عذرة اليهودي والتاج والحياصة والناموسة الذهب فقال علي المصري: إن لم اجئ ببدلتها في هذه الليلة لا حق لي في الخطبة فقالوا له: عذرة اليهودي ساحر مكار غدار يستخدم الجن وله قصر خارج المملكة حيطانه طوبة من ذهب وطوبة من فضة، وذلك القصر ظاهر للناس ما دام قاعداً فيه ومتى خرج منه فإنه يختفي ورزق ببنت اسمها قمر وجاء لها بهذه البدلة من كنز فيضع البدلة في صينية من الذهب ويفتح شبابيك القصر وينادي على شطار مصر وفتيان العراق ومهرة العجم كل من أخذ البدلة تكون له محاولة بالمناصف سائر الفتيان فلم يقدروا أن يأخذوها وسحرهم قروداً وحميراً، فقال علي: لابد من أخذها وتنجلي بها زينب بنت الدليلة المحتالة ثم توجه علي المصري إلى دكان اليهودي فرآه فظاً غليظاً وعنده ميزان وصنج وذهب وفضة ومناقد ورأى عنده بغلة، فقام اليهودي وقفل الدكان وحط الذهب والفضة في كيسين وحطهما في خرج وحطة على البغلة وركب وسار إلى أن وصل خارج البلد وعلي المصري وراءه وهو لم يشعر ثم اطلع اليهودي تراباً من كيس في جيبه وعزم عليه ونثره في الهواء، فرأى الشاطر قصراً ما له نظير ثم طلعت البغلة باليهودي في السلالم وإذا بالبغة عون يستخدمه اليهودي فنزل الخرج عن البغلة وراحت البغلة واختفت وأما اليهودي فإنه قعد في القصر وعلي ينظر فعله فأحضر اليهودي قصبة من ذهب وعلق فيها صينية من ذهب بسلاسل من ذهب وحط البدلة في الصينية فرآها علي من خلف الباب ونادى اليهودي: أين شطار مصر وفتيان العراق ومهرة العجم من أخذ هذه البدلة بشطارته فهي له وبعد ذلك عزم، فوضعت سفرة طعام فأكل.
وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.

وفي الليلة الثمانين بعد الستمائة
  رد مع اقتباس
قديم 27/1/2009, 11:02 PM   رقم المشاركة : ( 692 )
ساهر سات
استاذ فضائيات

الصورة الرمزية ساهر سات

الملف الشخصي
رقم العضوية : 125505
تاريخ التسجيل : Oct 2008
العمـر :
الجنـس :
الدولـة : المهندسين العرب
المشاركات : 11,668 [+]
آخر تواجـد : ()
عدد النقاط : 10
قوة الترشيـح : ساهر سات يستاهل التميز

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

ساهر سات غير متصل

افتراضي رد: قصة الف ليله وليله

قالت: بلغني أيها الملك السعيد، أن اليهودي لما عزم وضعت سفرة طعام فأكل ثم رفعت السفرة بنفسها، وعزم مرة أخرى فوضعت بين يديه سفرة مدام فشرب فقال علي: أنت لا تأخذ هذه البدلة إلا وهو يسكر، فجاءه من خلفه وسحب شريط البولاد في يده، فالتفت اليهودي وعزم وقال ليده: قفي بالسيف فوقفت يده بالسيف في الهواء، فمد يده الشمال فوقفت في الهواء وكذلك رجله اليمنى وصار واقفاً على رجل ثم إن اليهودي صرف عنه الطلسم فعاد علي المصري كما كان أولاً. ثم إن اليهودي ضرب تخت رمله فطلع له أن اسمه علي الزيبق المصري، فالتفت إليه وقال له: تعال من أنت وما شأنك? فقال: أنا علي المصري صبي أحمد الدنف وقد خطبت زينب بنت الدليلة المحتالة وعملوا علي مهرها بدلة بنتك فأنت تعطيها إلي إن أردت السلامة وتسلم، فقال له: بعد موتك فإن أناساً كثيرين عملوا علي مناصف من شأن أخذ البدلة فلم يقدروا أن يأخذوها مني فإن كنت تقبل النصيحة تسلم بنفسك فإنهم ما طلبوا منك البدلة إلا لأجل هلاكك ولولا إني رأيت سعدك غالباً على سعدي لكنت رميت رقبتك ففرح علي لكون اليهودي رأى سعده غالباً على سعده فقال له: لابد لي من أخذ البدلة وتسلم فقال له: هل هذا مرادك ولابد? قال: نعم فأخذ اليهودي طاسة وملأها ماء وعزم عليها وقال: اخرج من الهيئة البشرية إلى هيئة حمار ورشه منها فصار حماراً بحوافر وأذان طوال وصار ينهق مثل الحمير ثم ضرب عليه دائرة فصارت عليه سوراً وصار اليهودي يسكر إلى الصباح فقال له: أنا أركبك وأريح البغلة ثم إن اليهودي وضع البدلة والصينية والقصبة والسلاسل في خشخاشة ثم طلع وعزم عليه فتبعه وحط على ظهره وركب عليه واختفى القصر عن الأعين وسار وه راكبه إلى أن نزل على دكانه وفرغ الكيس الذهب والكيس الفضة في المتقد قدامه، وأما علي فإنه مربوط في هيئة حمار ولكنه يسمع ويعقل ولا يقدر أن يتكلم، وإذا برجل ابن تاجر جار عليه الزمن فلم يجد له صنعة خفيفة إلا السقاية فأخذ أساور زوجته وأتى إلى اليهودي وقال له: أعطني ثمن هذه الأساور لأشتري لي به حماراً فقال اليهودي: تحمل عليه أي شيء? فقال له: يا معلم املأ عليه ماء من البحر واقتات بثمنه. فقال له اليهودي: خذ مني حماري هذا فباع له الأساور وأخذ ثمنها ثمن الحمار وأعطاه اليهودي الباقي وسار بعلي المصري وهو مسحور إلى بيته فقال علي لنفسه: متى ما أحط عليك الحمال الخشب والقربة واذهب بك عشرة مشاوير أعدمك العافية وتموت.
فتقدمت امرأة السقاء تحط له عليقه وإذا به لطشها بدماغه فانقلبت على ظهرها ونط عليها ودق بفمه في دماغها وأدلى الذي خلفه له الوالد فصاحت فأدركها الجيران فضربوه ورفعوه عن صدرها وإذا بزوجها الذي أراد أن يعمل سقاء جاء إلى البيت، فقالت له: إما أن تطلقني وإما أن ترد الحمار إلى صاحبه فقال لها: أي شيء جرى? فقالت له: هذا شيطان في صفة حمار فإنه نط علي ولولا الجيران رفعوه من فوق صدري لفعل بي القبيح فأخذه وراح إلى اليهودي فقال له اليهودي: لأي شيء رددته? فقال له: هذا فعل مع زوجتي فعلاً قبيحاً فأعطاه دراهمه وراح، وأما اليهودي فإنه التفت إلى علي وقال له: أتدخل باب المكر يا مشؤوم حتى ردك إلي.
وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.

وفي الليلة الواحدة والثمانين بعد الستمائة




قالت: بلغني أيها الملك السعيد، أن اليهودي لما رد له السقاء الحمار أعطاه دراهمه والتفت إلى علي المصري وقال: أتدخل باب المكر يا مشؤوم حتى ردك إلي، ولكن حينما رضيت أن تكون حماراً أنا أخليك فرجة للكبار والصغار وأخذ الحمار وركبه وسار إلى خارج البلد وأخرج الرماد وعزم عليه ونثره في الهواء وإذا بالقصر ظهر فطلع القصر ونزل بالخرج من على ظهر الحمار وأخذ الكيسين المال وأخرج القصبة وعلق الصينية بالبدلة ونادى مثل ما ينادي كل يوم: أين الفتيان من جميع الأقطار من يقدر أن يأخذ هذه البدلة وعزم مثل الأول، فوضع له سماط فأكل وعزم فحضر المدام بين يديه فسكر وأخرج طاسة فيها ماء وعزم عليها ورش منها على الحمار وقال له: انقلب من هذه الصورة إلى صورتك الأولى فعاد إنساناً كما كان أولاً، فقال له: يا علي اقبل النصيحة واكتف شري، ولا حاجة لك بزواج زينب وأخذ بدلة ابنتي فإنها ما هي سهلة عليك وترك الطمع أولى وإلا أسحرك دباً أو قرداً أو أسلط عليك عوناً يرميك خلف جبل قثاف فقال له: يا عذرة أنا التزمت بأخذ البدلة ولابد من أخذها وتسلم وإلا أقتلك، فقال له: يا علي أنت مثل الجوز لو لم تنكسر لم تؤكل وأخذ طاسة فيها ماء وعزم عليها ورش منها عليه وقال: كن في صورة دبا في الحال وحط الطوق في رقبته وربط فمه ودق له وتداً من حديد وصار يأكل ويرمي له بعض لقم ويدلق عليه فضل الكأس فلما أصبح الصباح قام اليهودي ورفع الصينية والبدلة وعزم على الدب فتبعه إلى دكانه.
وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.

وفي الليلة الثانية والثمانين بعد الستمائة
قالت: بلغني أيها الملك السعيد، أن اليهودي رفع الصينية والبدلة وعزم على الدب فتبعه إلى دكانه ثم قعد في الدكان وفرغ الذهب والفضة في المنقد وربط السلسلة التي في رقبة الدب في الدكان، فصار علي يسمع ويعقل ولا يقدر أن ينطق وإذا برجل تاجر أقبل على اليهودي وقال: يا معلم أتبيعني هذا الدب فإن لي زوجة وهي بنت عمي، وقد وصفوا لها أن تأكل لحم دب وتدهن بطنها ففرح اليهودي وقال في نفسه: أبيعه لأجل أن يذبحه ونرتاح منه، فقال علي في نفسه: والله إن هذا يريد أن يذبحني والخلاص عند الله، فقال اليهودي: هو من عندي هدية فأخذه التاجر ومر به على جزار فقال له: هات العدة وتعال معي فأخذ السكاكين وتبعه ثم تقدم الجزار وربطه وصار يسن السكين وأراد أن يذبحه فلما رآه علي المصري قاصده فر من بين يديه وطار بين السماء والأرض ولم يزل طائراً حتى نزل في القصر عند اليهودي وكان السبب في ذلك أن اليهودي ذهب إلى القصر بعد أن أعطى التاجر الدب فسألته بنته فحكى لها جميع ما وقع فقالت له: احضر عوناً واسأله عن علي المصري هل هو هذا أو رجل غيره يعمل منصفاً، فعزم وأحضر عوناً فاختطفه العون وجاءبه وقال: هذا هو علي المصري بعينه، فإن الجزار كتفه وسن السكين وشرع في ذبحه فخطفته من بين يديه وجئت به، فأخذ اليهودي طاسة فيها ماء وعزم عليها ورشه منها، وقال له: ارجع إلى صورتك البشرية فعاد كما كان أولاً.
فرأته قمر بنت اليهودي شاباً مليحاً فوقعت محبته في قلبها ووقعت محبتها قلبه، فقالت له: يا مشؤوم لأي شيء تطلب بدلتي حتى يفعل بك أبي هذه الفعال? فقال: أنا التزمت بأخذها لزينب النصابة لأجل أن أتزوجها، فقالت له: غيرك لعب مع أبي مناصف لأجل أخذ بدلتي فلم يتمكن، ثم قالت له: اترك الطمع فقال: لابد من أخذها ويسلم أبوك وإلا أقتله، فقال لها أبوها: انظري يا بنتي هذا المشؤوم كيف يطلب هلاك نفسه ثم قال له: أنا أسحرك كلب وأخذ طاسة مكتوبة وفيها ماء وعزم عليها ورشه منها، وقال له: كن في صورة كلب فصار كلباً وصار اليهودي يسكر هو وبنته إلى الصبح، ثم قام ورفع البدلة والصينية وركب البغلة، وعزم على الكلب فتبعه وصارت الكلاب تنبح عليه فمر على دكان سقطي، فقام السقطي منع عنه الكلاب فنام قدامه والتفت اليهودي فلم يجده فقام السقطي وعزل دكانه وراح بيته والكلب تابعه فدخل السقطي داره، ياأبي أتجيء بالرجل الأجبني وتدخله علينا.
وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.

وفي الليلة الثالثة والثمانين بعد الستمائة
  رد مع اقتباس
قديم 27/1/2009, 11:03 PM   رقم المشاركة : ( 693 )
ساهر سات
استاذ فضائيات

الصورة الرمزية ساهر سات

الملف الشخصي
رقم العضوية : 125505
تاريخ التسجيل : Oct 2008
العمـر :
الجنـس :
الدولـة : المهندسين العرب
المشاركات : 11,668 [+]
آخر تواجـد : ()
عدد النقاط : 10
قوة الترشيـح : ساهر سات يستاهل التميز

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

ساهر سات غير متصل

افتراضي رد: قصة الف ليله وليله

قالت: بلغني أيها الملك السعيد، أن بنت السقطي لما رأت الكلب غطت وجهها وقالت لأبيها: أجيء بالرجل الأجنبي وتدخله علينا، فقال: يا بنتي هذا كلب فقالت له: هذا علي المصري سحره اليهودي، فالتفت إليه وقال له: هل أنت علي المصري? فأشار له برأسه نعم فقال لها أبوها لأي شيء سحره اليهودي، قالت له: بسبب بدلة بنته قمر وأنا أقدر أن أخلصه. فقال: إن كان خيراً فهذا وقته فقالت إن كان يتزوج بي خلصته، فأشار لها رأسه نعم، فأخذت طاسة مكتوبة وعزمت عليها وإذا بصرخة والطاسة وقعت من يدها فالتفتت فرأت جارية أبيها هي التي صرخت، وقالت لها: يا سيدتي أهذا هو العهد الذي بيني وبينك وما أحد علمك هذا الفن إلا أنا واتفقت معي أنك لا تفعلين شيئاً إلا بمشورتي والذي يتزوج بك يتزوجني وتكون لي ليلة ولك ليلة قالت: نعم، فلما سمع السقطي ذلك الكلام من الجارية، قال لبنته: ومن علم هذه الجارية? قالت له: يا أبي هي التي علمتني واسألها من الذي علمها فسأل الجارية فقالت له: اعلم يا سيدي أني لما كنت عند عذرة اليهودي كنت أتسلل عليه وهو يتلو العزيمة، وحين يذهب إلى الدكان افتح الكتب واقرأ فيها إلى أن عرفت علم الروحاني فسكر اليهودي يوماً من الأيام فطلبني للفراش فأبيت وقلت: لا أمكنك من ذلك حتى تسم فأبى، وأخذني لسوق السلطان فباعني لك وأتيت إلى منزلك فعلمت سيدتي واشترطت عليها أن لا تفعل منه شيئاً إلا بمشورتي والذي يتزوج بها يتزوجني ولي ليلة ولها ليلة وأخذت الجارية طاسة فيها ماء وعزمت عليها ورشت منها الكلب وقالت له: ارجع إلى صورتك البشرية فعاد إنساناً كما كان أولاً، فسلم عليه السقطي وسأله عن سبب سحره، فحكى له جميع ما وقع له.
وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.

وفي الليلة الرابعة والثمانين بعد الستمائة
قالت: بلغني أيها الملك السعيد، أن السقطي لما سلم على علي المصري وسأله عن سبب سحره وما وقع له حكي له جميع ما جرى له، فقال له: أتكفيك بنتي والجارية? فقال: لابد من أخذ زينب وإذا بدق يدق الباب فقالت الجارية: من بالباب? فقالت: قمر بنت اليهودي، هل علي المصري عندكم? فقالت لها بنت السقطي: يا ابنة اليهودي وإذا كان عندنا أي شيء تفعلين به? انزلي يا جارية افتحي الباب ففتحت لها الباب فدخلت، فلما رأت علياً ورآها قال لها: ما جاء بك هنا يا بنت الكلب، فقالت: أنا أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله، فأسلمت وقالت له: هل الرجال في دين الإسلام يمهرون النساء أو النساء تمهر الرجال? فقال لها: الرجال يمهرون النساء، فقالت: وأنا جئت أمهر نفسي لك بالبدلة والقصبة والسلاسل ودماغ أبي عدوك وعدو الله، ورمت دماغ أبيها قدامه وقالت: هذا رأس أبي عدوك وعدو الله، وسبب قتلها أباها أنه لما سحر علياً كلباً رأت في المنام قائلاً يقول لها: أسلمي فأسلمت فلما انتبهت عرضت على أبيها الإسلام فأبى الإسلام فبنجته وقتلته.


فأخذ علي الأمتعة وقال للسقطي: في الغد نجتمع عند الخليفة لأجل أن أتزوج بنتك والجارية، وطلع وهو فرحان قاصد القاعة ومعه الأمتعة، وإذا برجل حلواني يخبط على يديه ويقول: لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، الناس صار كدرهم حراماً لا يروح إلا في الغش، سألتك بالله أن تذوق هذه الحلاوة فأخذ منه قطعة وأكلها، وإذا فيها البنج فبنجه وأخذ منه البدلة والقصبة والسلاسل وحطها داخل صندوق الحلاوة، وحمل الصندوق وطبق الحلاوة وسار، وغذا بقاض يصيح عليه ويقول له: تعال يا حلواني فوقف له وحط القاعدة والطبق فوقها وقال: أي شيء تطلب? فقال له: حلاوة وملبساً ثم أخذ منهما بيده شيئاً وقال: إن هذه الحلاوة والملبس مغشوشان، وأخرج القاضي حلاوة من عبه وقال للحلواني انظر هذه الصنعة ما أحسنها فكل منها واعمل نظيرها فأخذها الحلواني فأكل منها، وإذا فيها البنج فبنجه وأخذ القاعدة والصندوق والبدلة وغيرها وحط الحلواني في داخل القاعدة وحمل الجميع وتوجه إلى القاعة التي فيها أحمد الدنف، وكان القاضي حسن شومان وسبب ذلك أن علياً لما التزم بالبدلة وخرج في طلبها لم يسمعوا عنه خبراً. فقال أحمد الدنف: يا شباب اطلعوا فتشوا على أخيكم علي المصري فطلعوا يفتشون عليه في المدينة، فطلع حسن شومان في صفة قاض فقابل الحلواني فعرف أنه أحمد اللقيط فبنجه وأخذه وصحبته البدلة وسار به إلى القاعة، وأما الأربعون فإنهم داروا يفتشون في شوارع البلد، فخرج علي كتف الجمل من بين أصحابه فرأى زحمة وقصد الناس المزدحمين فرأى علي المصري بينهم مبنجاً فأيقظه من البنج فلما أفاق رأى الناس مجتمعين عليه فقال علي كتف الجمل: أفق لنفسك فقال: أين أنا? فقال له علي كتف الجمل وأصحابه: نحن رأناك مبنجاً ولم نعرف من بنجك، فقال: بنجني واحد حلواني وأخذ مني الأمتعة ولكن أين ذهب? وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.

وفي الليلة الخامسة والثمانين بعد الستمائة
قالت: بلغني أيها الملك السعيد، أن علي المصري قال لعلي كتف الجمل ورفقاؤه: بنجني واحد حلواني وأخذ مني الأمتعة ولكن أين ذهب? فقالوا له: ما رأينا أحد ولكن تعال رح بنا القاعة فتوجهوا إلى القاعة ودخلوا فوجدوا أحمد الدنف فسلم عليهم وقال: يا علي هل جئت بالبدلة? فقال: جئت بها وبغيرها وجئت برأس اليهودي وقابلني حلواني فبنجني وأخذها مني، وحكى له جميع ما جرى له وقال: لو رايت الحلواني لجزيته، وإذا بحسن شومان طلع من مخدع، فقال: هل جئت بالأمتعة يا علي? فقال له: جئت بها وجئت برأس اليهودي فقابلني حلواني فبنجني وأخذ البدلة وغيرها ولم أعرف أين ذهب ولو عرفت مكانه لقتلته فهل تعرف أين ذهب ذلك فأيقظه من البنج ففتح عينيه فرأى نفسه قدام علي المصري وأحمد الدنف والأربعون فانصرع وقال: أين أنا ومن قبضني? فقال له شومان: أنا الذي قبضتك فقال له علي المصري: يا ماكر أتفعل هذه الأفعال وأراد أن يذبحه فقال له حسن شومان: ارفع يدك هذا صار صهرك فقال: صهري من أين? فقال له أحمد اللقيط ابن أخت زينب. فقال علي: لأي شيء هذا يا لقيط? فقال له: أمرتني به جدتي الدليلة المحتالة وما ذاك إلا أن زريقاً السماك اجتمع بجدتي الدليلة المحتالة وقال لها: إن علياً المصري شاطر بارع في الشطارة ولابد أن يقتل اليهودي ويجيء بالبدلة، فأحظرتني وقالت لي: يا أحمد هل تعرف علياً المصري? فقلت: أعرفه وكنت أرشدته إلى قاعة أحمد الدنف فقالتلي: رح انصب له شركك فإن كان جاء بالأمتعة فاعمل عليه منصفا وخذ منه الأمتعة، فطفت في شوارع المدينة حتى رأيت حلوانياً أعطيته عشرة دنانير وأخذت بدلته وعدته وجرى ما جرى، ثم إن علياً المصري قال لأحمد اللقيط رح إلى جدتك وإلى زريق السماك وأعلمهما بأني جئت بالأمتعة ورأس اليهودي وقل لهما: غداً قابلاه في ديوان الخليفة وخذا منه مهر زينب، ثم إن أحمد الدنف فرح بذلك وقال: لا خابت فيك التربية يا علي، فلما أصبح الصباح أخذ علي المصري البدلة والصينية والقصبة والسلاسل الذهب ورأس عذرة اليهودي على مزراق وطلع إلى الديوان مع عمه وصبيانه وقبلوا الأرض بين يدي الخليفة.
وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.

وفي الليلة السادسة والثمانين بعد الستمائة
  رد مع اقتباس
قديم 27/1/2009, 11:04 PM   رقم المشاركة : ( 694 )
ساهر سات
استاذ فضائيات

الصورة الرمزية ساهر سات

الملف الشخصي
رقم العضوية : 125505
تاريخ التسجيل : Oct 2008
العمـر :
الجنـس :
الدولـة : المهندسين العرب
المشاركات : 11,668 [+]
آخر تواجـد : ()
عدد النقاط : 10
قوة الترشيـح : ساهر سات يستاهل التميز

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

ساهر سات غير متصل

افتراضي رد: قصة الف ليله وليله

قالت: بلغني أيها الملك السعيد، أن علياً لما طلع الديوان مع عمه أحمد الدنف وصبيانه قبلوا الأرض بين يدي الخليفة فالتفت الخليفة فرأى شاباً ما في الرجال أشجع منه فسأل الرجال عنه فقال أحمد الدنف: يا أمير المؤمنين هذا علي الزيبق المصري رئيس فتيان مصر وهو أول صبياني، فلما رآه الخليفة حبه لكونه رأى الشجاعة لائحة بين عينيه تشهد له لا عليه فقام علي ورمى دماغ اليهودي بين يدي الخليفة وقال له: عدوك مثل هذا يا أمير المؤمنين، فقال له الخليفة دماغ من هذا? فقال له: دماغ عذرة اليهودي فقال الخليفة: ومن قتله? فحكى له علي المصري ما جرى من الأول إلى الآخر. فقال الخليفة: ما ظننت أنك قتلته لأنه كان ساحراً? فقال له: يا أمير المؤمنين قدرني ربي على قتله فأرسل الخليفة الوالي إلى القصر فرأى اليهودي بلا رأس فأخذوه في تابوت وأحضروه بين يدي الخليفة، فأمر بحرقه وإذا بقمر بنت اليهودي أقبلت وقبلت الأرض بين يدي الخليفة، وأعلمته بأنها ابنة عذرة اليهودي وأنها أسلمت، ثم جددت إسلامها ثانياً بين يدي الخليفة وقالت له: أنت سياق على الشاطر علي الزيبق المصري أن يتزوجني ووكلت الخليفة في زواجها بعلي، فوهب الخليفة لعلي المصري قصر اليهودي بما فيه وقال له: تمن علي فقال: تمنيت عليك أن أقف على بساطك وآكل من سماطك، فقال الخليفة: أرسل إليهم ليجيئوا من مصر، ثم قال الخليفة: يا علي هل لك قاعة? قال: لا فقال حسن شومان: قد وهبت له قاعتي بما فيها يا أمير المؤمنين فقال الخليفة: قاعتك لك يا حسن، وأمر الخازندار أن يعطي لمعمار عشرة آلاف دينار ليبني له قاعة بأربع لواوين وأربعين مخدعاً لصبيانه، وقال الخليفة: يا علي هل بقي لك حاجة فآمر لك بقضائها? فقال: يا ملك الزمان أن تكون سياقاً على الدليلة المحتالة أن تزوجني بنتها زينب وتأخذ بدلة بنت اليهودي وأمتعتها في مهرها، فقبلت دليلة سياق الخليفة وأخذت الصينية والبدلة والقصبة والسلاسل الذهب وكتب كتابها عليه وكتبوا أيضاً كتاب بنت السقطي والجارية وقمر بنت اليهودي عليه، ورتب له الخليفة جامكية، وجعل له سماطاً في الغذاء وسماطاً في العشاء وجارية وعلوفة ومسموحاً وشرع علي المصري في الفرح حتى كمل مدة ثلاثين يوماً ثم إن علي المصري أرسل إلى صبيانه بمصر كتاباً يذكر لهم فيه ما حصل له من الإكرام عند الخليفة وقال لهم في المكتوب: لابد من حضوركم لأجل أن تحصلوا الفرح لأني تزوجت بأربع بنات، فبعد مدة يسيرة حضر صبيانه الأربعون وحصلوا الفرح فوطنهم في القاعة وأكرمهم غاية الإكرام ثم أعرضهم على الخليفة فخلع عليهم وجلت المواشط زينب بالبدلة على علي المصري ودخل عليها فوجدها درة ما ثقبت ومهرة لغيره ما ركبت وبعدها دخل على الثلاث بنات فوجدهن كاملات الحسن والجمال، ثم بعد ذلك اتفق أن علياً المصري سهر عند الخليفة ليلة من الليالي، فقال له الخليفة: مرادي يا علي أن تحكي لي جميع ما جرى لك من الأول إلى الآخر، فحكى له جميع ما جرى له من الدليلة المحتالة وزينب النصابة وزريق السماك، فأمر الخليفة بكتابة ذلك وأن يجعلوه في خزانة الملك ويكتبوا جميع ما وقع له وجعلوه من جملة السير لأمة خير البشر صلى الله عليه وسلم، ثم قعدوا في أرغد عيش وأهنأه إلى أن أتاهم هادم اللذات ومفرق الجماعات والله سبحانه وتعالى أعلم.

حكاية زواج الملك بدر باسم بن شهرمان
ببنت الملك السمندل



قالت: ومما يحكى أيها الملك السعيد أنه كان في قديم الزمان وسالف العصر والأوان في أرض العجم ملك يقال له شهرمان وكان مستقره خراسان وكان عنده مائة سرية ولم يرزق منهن في طول عمره بذكر ولا أنثى فتذكر ذلك يوماً من الأيام وصار يتأسف حيث مضى غالب عمره، ولم يرزق بولد ذكر يرث الملك من بعده كما ورثه هو عن آبائه وأجداده، فحصل له بسبب ذلك غاية الغم والقهر الشديد، فبينما هو جالس يوماً من الأيام إذ دخل عليه بعض مماليكه، وقالوا له: يا سيدي إن على الباب جارية مع تاجر لم نر أحسن منها فقال لهم: علي بالتاجر والجارية فأتوه بالتاجر والجارية فلما رآها وجدها تشبه الرمح الرديني وهي ملفوفة في آزار من حرير مزركش بالذهب فكشف التاجر عن وجهه فأضاء المكان من حسنها، وارتخى لها سبع ذوائب حتى وصلت إلى خلاخلها كأذيل الخيل، وهي بطرف كحيل وردف ثقيل وخصر نحيل تشفي سقام العليل وتطفئ نار الغليل كما قال الشاعر في المعنى هذه الأبيات: كلفت بها وقد تمت بحسـن وكملها السكينة والـوقـار
فلا طالت ولا قصرت ولكن ردفيها يضيق بهما الإزار
قوام بين إيجـاز وبـسـط فلا طول يعاب ولا قصار
وشعر يسبق الخلخال منهـا ولكن وجهها أبداً نـهـار
فتعجب الملك من رؤيتها وحسنها وجمالها وقدها واعتدالها وقال للتاجر: يا شيخ بكم هذه الجارية? قال التاجر: يا سيدي اشتريتها بألفي دينار من التاجر الذي كان ملكها قبلي ولي ثلاث سنين مسافراً بها فتكلفت إلى أن وصلت إلى هذا المكان ثلاثة آلاف دينار وهي هدية مني إليك، فخلع عليه الملك خلعة سنية وأمر له بعشرة آلاف دينار، فأخذها وقبل يدي الملك وشكر فضله وإحسانه وانصرف، ثم إن الملك سلم الجارية إلى المواشط وقال لهن: أصلحن أحوال هذه الجارية وزينها وافرشن لها مقصورة وأدخلنها فيها وأمر حجابه أن تنقل إليها جميع ما تحتاج إليه وكانت المملكة التي هو مقيم فيها على جانب البحر، وكانت مدينته تسمى المدينة البيضاء فأدخلوا الجارية في مقصورة وكانت تلك المقصورة لها شبابيك تطل على البحر.
وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.

وفي الليلة السابعة والثمانين بعد الستمائة
قالت: بلغني أيها الملك السعيد، أن الملك لما أخذ الجارية وسلمها للمواشط وقال لهن: أصلحن شأنها وأدخلنها في مقصورة وأمر حجابه أن تغلق عليها جميع الأبواب بعد أن ينقلوا لها جميع ما تحتاج إليه، فأدخلوها في مقصورة وكانت تلك المقصورة لها شبابيك تطل على البحر، ثم إن الملك دخل على الجارية فلم تقم له ولم تفكر فيه فقال الملك كأنها كانت عند قوم لم يعلموها الأدب ثم إنه التفت إلى تلك الجارية فرآها بارعة في الحسن والجمال والقد والاعتدال ووجهها كأنه دائرة القمر عند تمامه أو الشمس الضاحية في السماء الصافية فتعجب من حسنها وجمالها وقدها واعتدالها فسبح الله الخالق جلت قدرته ثم إن الملك تقدم إلى الجارية وجلس بجانبها وضمها إلى صدره وأجلسها على فخذه ومص رضاب ثغرها فوجده أحلى من الشهد، ثم إنه أمر بإحضار الموائد من أفخر الطعام وفيها من سائر الألوان فأكل الملك وصار يلقمها حتى شبعت وهي لم تتكلم بكلمة واحدة فصار الملك يحدثها ويسألها عن اسمها وهي ساكتة لم تنطق بكلمة ولم ترد جواباً ولم تزل مطرقة برأسها إلى الأرض وكان الحافظ لها من غضب الملك عليها من فرط حسنها وجمالها والدلال الذي كان لها، فقال الملك في نفسه: سبحان الله خالق هذه الجارية ما أضفرها إلا أنها لا تتكلم ولكن الكمال لله تعالى ثم إن الملك سال الجواري: هل تكلمت? فقلن له: من حين قدومها إلى هذا الوقت لم تتكلم بكلمة واحدة ولم نسمع لها خطاباً، فأحضر الملك بعض الجواري والسراري وأمرهن أن يغنين لها وينشرحن معها لعلها تتكلم، فلعبت الجواري والسراري قدامها سائر الملاهي واللعب وغير ذلك وغنين حتى طرب من في المجلس والجارية تنظر إليهن وهي ساكتة لم تضحك ولم تتكلم فضاق صدر الملك، ثم إنه صرف الجواري واختلى بتلك الجارية.
وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.

وفي الليلة الثامنة والثمانين بعد الستمائة



قالت: بلغني أيها الملك السعيد، أن الملك اختلى بالجارية وخلع ثيابها ونظر إلى بدنها فرآه كأنه سبيكة فضة فأحبها محبة عظيمة، ثم قام الملك وأزال بكارتها فوجدها بنت بكر، ففرح فرحاً شديداً وقال في نفسه: يا الله العجب كيف تكون جارية مليحة القوام والمنظر وأبقاها التجار بكراً على حالها? ثم إنه مال إليها بالكلية ولم يلتفت إلى غيرها وهجر جميع سراريه والمحاظي وأقام معها سنة كاملة كأنها يوم واحد وهي لم تتكلم، فقال لها يوماً من الأيام وقد زاد عشقه بها والغرام: يا منية النفوس إن محبتك عندي عظيمة وقد هجرت من أجلك جميع الجواري والسراري والنساء والمحاظي وجعلتك نصيبي من الدنيا وقد طولت روحي عليك سنة كاملة وأسأل الله تعالى من فضله أن يلين قلبك لي فتكلميني وإن كنت خرساء فاعلميني بالإشارة حتى أقطع العشم من كلامك وأرجو الله سبحانه أن يرزقني منك بولد ذكر يرث ملكي من بعدي فإني وحيد فريد ليس لي من يرثني وقد كبر سني، فبالله عليك إن كنت تحبينني أن تردي علي الجواب فأطرقت الجارية رأسها إلى الأرض وهي تتفكر، ثم إنها رفعت راسها وتبسمت في وجه الملك فتخيل للملك أن البرق قد ملأ المقصورة وقالت: أيها الملك الهمام والأسد الضرغام قد استجاب الله دعائك وإني حامل منك وقد آن أوان الوضع، ولكن لا أعلم هل الجنين ذكر أو أنثى ولولا أني حملت منك ما كلمتك كلمة واحدة، فلما سمع الملك كلامها تهلل وجهه بالفرح والانشراح وقبل رأسها ويديها من شدة الفرح وقال: الحمد لله الذي من علي بأمرين كنت أتمناهما: الأولى كلامك والثاني إخبارك بالحمل مني، ثم إن الملك قام من عندها وخرج وجلس على كرسي مملكته وهو في الانشراح الزائد وأمر الوزير أن يخرج للفقراء والمساكين والأرامل وغيرهم مائة ألف دينار شكراً لله تعالى وصدقة عنه ففعل الوزير ما أمره به الملك.
وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.

وفي الليلة التاسعة والثمانين بعد الستمائة
قالت: بلغني أيها الملك السعيد، أن الوزير فعل ما أمره به الملك، ثم إن الملك دخل بعد ذلك إلى الجارية وجلس عندها وحضنها وضمها إلى صدره وقال لها: يا سيدتي ومالكة روحي لماذا السكوت ولك عندي سنة كاملة ليلاً ونهاراً قائمة ونائمة ولم تكلميني في هذه السنة إلا في هذا النهار، فما سبب سكوتك? فقالت الجارية: اسمع يا ملك الزمان واعلم أني مسكينة غريبة مكسورة الخاطر فارقت أمي وأهلي وأخي، فلما سمع الملك كلامها عرف مرادها فقال لها: أما قولك مسكينة فليس لهذا الكلام محل فإن جميع ملكي ومتاعي وما أنا فيه في خدمتك وأنا أيضاً صرت مملوكك وأما قولك فارقت أمي وأهلي وأخي فأعلميني في أي مكان هم وأنا أرسل إليهم وأحضرهم عندك. فقالت له: اعلم أيها الملك السعيد، أن اسمي جلنار البحرية وكان أبي من ملوك البحر ومات وخلف لنا الملك، فبينما نحن فيه إذ تحرك علينا ملك من الملوك وأخذ الملك من أيدينا ولي أخ يسمى صالح وأمي من نساء البحر، فتنازعت أنا وأخي فحلفت أن أرمي نفسي عند رجل من أهل البر فخرجت من البحر وجلست على طرف جزيرة في القمر فجاز بي رجل فأخذني وذهب بي إلى منزله وراودني عن نفسي فضربته على رأسه فكاد أن يموت، فخرج بي وباعني لهذا الرجل الذي أخذتني منه، وهو رجل جيد صالح صاحب دين وأمانة ومروءة ولولا أن قلبك حبني فقدمتني على جميع سراريك ما كنت قعدت عندك ساعة واحدة وكنت رميت نفسي إلى البحر من هذا الشباك وأروح إلى أمي وجماعتي، وقد استحيت أن أسير إليهم وأنا حامل منك فيظنون بي سوءاً ولا يصدقونني ولو حلفت لهم وإذا أخبرتهم أنه اشتراني ملك بدراهمه وجعلني نصيبه في الدنيا واختص بي عن زوجاته وسائر ما ملكت يمينه وهذه قصتي والسلام.
وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.

وفي الليلة التسعين بعد الستمائة
  رد مع اقتباس
قديم 27/1/2009, 11:05 PM   رقم المشاركة : ( 695 )
ساهر سات
استاذ فضائيات

الصورة الرمزية ساهر سات

الملف الشخصي
رقم العضوية : 125505
تاريخ التسجيل : Oct 2008
العمـر :
الجنـس :
الدولـة : المهندسين العرب
المشاركات : 11,668 [+]
آخر تواجـد : ()
عدد النقاط : 10
قوة الترشيـح : ساهر سات يستاهل التميز

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

ساهر سات غير متصل

افتراضي رد: قصة الف ليله وليله

قالت: بلغني أيها الملك السعيد، أن جلنار البحرية لما سألها الملك شهرمان حكت له قصتها من أولها إلى آخرها، فلما سمع كلامها شكرها وقبلها بين عينيها وقال لها: والله يا سيدتي ونور عيني إني لا أقدر على فراقك ساعة واحدة وإن فارقتيني مت من ساعتي فكيف يكون الحال? فقالت: يا سيدي قد قرب أوان ولادتي ولابد من حضور أهلي لأجل أن يباشروني لأن نساء البر لا يعرفن طريقة ولادة بنات البحر، وبنات البحر لا يعرفن طريقة ولادة بنات البر فإذا حضر أهلي انقلب معهم وينقلبون معي، فقال لها الملك: كيف يمشون في البحر? فقالت: أنا نمشي في البحر كما أنتم تمشون في البر ببركة الأسماء المكتوبة على خاتم سليمان بن داود عليه السلام، ولكن أيها الملك إذا جاء أهلي وإخوتي فإني أعلمهم أنك اشتريتني بمالك وفعلت معي الجميل والإحسان فينبغي أن تصدق كلامي عندهم ويشاهدون حالك بعيونهم ويعلمون أنك ملك ابن ملك فعند ذلك قال الملك: يا سيدتي افعلي ما بدا لك مما تحبين فإني مطيع لك في جميع ما تفعلينه فقالت الجارية: اعلم يا ملك الزمان أنا نسير في البحر وعيوننا مفتوحة وننظر ما فيه وننظر الشمس والقمر والنجوم والسماء كأننا على وجه الأرض ولا يضرنا ذلك واعلم أيضاً أن في البحر طوائف كثيرة وأشكالاً مختلفة من سائر الأجناس التي في البر، واعلم أيضاً أن جميع ما في البر بالنسبة لما في البحر شيء قليل جداً، فتعجب الملك من كلامها ثم إن الجارية أخرجت من كتفها قطعتين من العود القماري، وأخذت منه جزءاً وأوقدت مجمرة النار وألقت ذلك الجزء فيها وصفرت صفرة عظيمة وجعلت تتكلم بكلام لا يفهمه أحد فطلع دخان عظيم والملك ينظر، ثم قالت للملك: يا مولاي قم واختف في مخدع حتى أريك أخي وأمي وأهلي من حيث لا يرونك فإني أريد أن أحضرهم وتنظر في هذا المكان في هذا الوقت فقام الملك من وقته وساعته ودخل مخدعاً وصار ينظر ما تفعل، فصارت تبخر وتعزم إلى أن أزبد البحر واضطرب وخرج منه شاب مليح الصورة بهي المنظر كأنه البدر في تمامه بجبين أزهر وخد أجمر وشعر كأنه الدر والجوهر، وهو أشبه بأخته ولسان الحال في حقه ينشد هذين البيتين: البدر يكمل كل شهـر مـرة وجمال وجهك كل يوم يكمل
وحلوله في قلب برج واحـد ولك القلوب جميعهن المنزل
ثم خرجت من البحر عجوز شمطاء.
وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.

وفي الليلة الواحدة والتسعين بعد الستمائة


قالت: بلغني أيها الملك السعيد، أن جلنار لما صفرت خرج من البحر أخوها وعجوز معها خمس جوار كأنهن الأقمار وعليهن شبه من الجارية التي اسمها جلنار ثم إن الملك رأى الشاب والعجوز والجواري يمشين على وجه الماء حتى قدموا على الجارية فلما قربوا من الشباك ونظرتهم جلنار قامت لهم وقابلتهم بالفرح والسرور، فلما رأوها عرفوها ودخلوا عندها وعانقوها وبكوا بكاء شديداً ثم قالوا لها: يا جلنار كيف تتركيننا أربع سنين ولم نعلم الذي أنت فيه والله إنها ضاقت علينا الدنيا من شدة فراقك ولا نلتذ بطعام ولا شراب يوماً من الأيام ونحن نبكي بالليل والنهار من فرط شوقنا إليك ثم إن الجارية صارت تقبل يد الشاب أخيها ويد أمها وكذلك بنات عمها جلسوا عندها ساعة وهم يسألونها عن حالها وما جرى لها وعما هي فيه. فقالت لهم: اعلموا أني لما فارقتكم وخرجت من البحر جلست على طرف جزيرة، فأخذني رجل وباعني لرجل تاجر فأتى بي التاجر إلى هذه المدينة وباعني لملكها بعشرة آلاف دينار، ثم إنه احتفل بي وترك جميع سراريه ونسائه ومحاظيه من أجلي واشتغل بي عن جميع ما عنده وما في مدينته، فلما سمع أخوها كلامها قال: الحمد لله الذي جمع شملنا بك لكن قصدي يا أختي أن تقومي وتروحي معنا إلى بلادنا وأهلنا، فلما سمع الملك كلام أخيها طار عقله خوفاً على الجارية أن تقبل كلام أخيها ولا يقدر هو أن يمنعها مع أنه مولع بها بحبها فصار متحيراً شديد الخوف من فراقها. وأما الجارية جلنار فلما سمعت كلام أخيها قالت: والله يا أخي إن الرجل الذي اشتراني ملك هذه المدينة وهو ملك عظيم ورجل عاقل كريم جيد في غاية الجود وقد أكرمني وهو صاحب مروءة ومال كثير، وليس له ولد ذكر ولا أنثى وقد أحسن إلي وصنع معي كل خير ومن يوم ما جئته إلى هذا الوقت، ما سمعت منه كلمة رديئة تسوء خاطري، ولم يزل يلاطفني ولا يفعل شيئاً إلا بمشاورتي وأنا عنده في أحسن الأحوال وأتم النعم، وأيضاً متى فارقته يهلك فإنه لا يقدر على فراقي أبداً ولا ساعة واحدة، وإن فارقته أنا الأخرى مت من شدة محبتي إياه بسبب فرط إحسانه لي مدة إقامتي عنده، فإنه لو كان أبي حياً ما كان لي مقام عنده مثل مقامي عند هذا الملك العظيم الجليل المقدار وقد رأيتموني حاملة منه، والحمد لله الذي جعلني بنت ملك البحر وزوجي أعظم ملوك البر، ولم يقطع الله تعالى بي وعوضني خيراً.
وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.

وفي الليلة الثانية والتسعين بعد الستمائة
قالت: بلغني أيها الملك السعيد، أن جلنار البحرية لما حكت لأخيها جميع حكايتها وقالت: إن الله تعالى لم يقطع بي وعوضني خيراً، وإن الملك ليس له ذكر ولا أنثى، واطلب من الله تعالى أن يرزقني بولد ذكر والقصور والأملاك فلما سمع أخوها وبنات عمها كلامها قرت أعينهن بذلك الكلام وقالوا لها: يا جلنار أنت تعلمين منزلتك عندنا وتعرفين محبتنا إياك وتحققين أنك أعز الناس جميعاً عندنا وتعتقدين أن قصدنا لك الراحة من غير مشقة ولا تعب، فإن كنت في غير راحة فقومي معنا إلى بلادنا وأهلنا، وإن كنت مرتاحة هنا في معزة وسرور فهذا هو المراد والمنى لأننا لا نريد إلا راحتك على كل حال، فقالت جلنار: والله إني في غاية الراحة والهناء والعز والمنى.


فلما سمع الملك منها ذلك الكلام، فرح واطمأن قلبه وشكرها على ذلك وازداد فيها حباً ودخل حبها في صميم قلبه، وعلم منها أنها تحبه كما يحبها وأنها تريد القعود عنده حتى يرى ولده منها، ثم إن الجارية التي هي جلنار البحرية أمرت جواريها أن يقدمن الموائد والطعام من سائر الألوان، وكانت جلنار هي التي باشرت الطعام في المطبخ، فقدمت لهن الجواري الطعام والحلويات والفواكه، ثم إنها أكلت هي وأهلها وبعد ذلك قالوا لها: يا جلنار إن سيدك رجل غريب منا وقد دخلنا بيته من غير اذنه ولم يعلم بنا وأنت تشكرين لنا فضله، وأيضاً أحضرت لنا طعامنا فأكلنا ولم نجتمع به ولم نره ولم يرنا، ولا حضرنا ولا أكل معنا حتى يكون بيننا وبينه خبز وملح وامتنعوا كلهم من الأكل واغتاظوا عليها وصارت النار تخرج من أفواههم كالمشاعل، فلما رأى الملك ذلك طار عقله من شدة الخوف منهم ثم إن جلنار قامت إليهم وطيبت خواطرهم ثم بعد ذلك تمشت إلى أن دخلت المخدع الذي فيه الملك سيدها وقالت: يا سيدي هل رأيت وسمعت شكري فيك وثنائي عليك عند أهلي وسمعت ما قالوه لي من أنهم يريدون أن يأخذوني إلى أهلي وبلادي، فقال لها الملك: سمعت ورأيت وجزاك الله عني خيراً، والله ما علمت قدر محبتي عندك إلا في هذه الساعة المباركة ولم أشك في محبتك إياي، فقالت له: سيدي ما جزاء الإحسان إلا الإحسان وأنت قد أحسنت إلي وتكرمت علي بجلائل النعم وأراك تحبني غاية المحبة وعملت معي كل جميل واخترتني على جميع من تحب وتزيد فكيف يطيب قلبي على فراقك والرواح من عندك وكيف يكون ذلك وأنت تحسن وتتفضل علي فأريد من فضلك أن تأتي وتسلم على أهلي وتراهم ويروك ويحصل الصفاء والود بينكم ولكن اعلم يا ملك الزمان أن أخي وأمي وبنات عمي قد أحبوك محبة عظيمة لما شكرتك لهم، وقالوا: ما نروح إلى بلادنا من عندك حتى نجتمع بالملك ونسلم عليه، فيريدون أن ينظروك ويأتنسوا بك فقال الملك لها سمعاً وطاعة فإن هذا هو مرادي ثم إنه قام من مقامه وسار إليهم وسلم عليهم بأحسن سلام، فبادروا إليه بالقيام وقابلوه أحسن مقابلة فجلس معهم في القصر وأكل معهم على المائدة وأقام معهم مدة ثلاثين يوماً، ثم بعد ذلك أرادوا التوجه إلى بلادهم ومحلهم فأخذوا بخاطر الملك والملكة جلنار البحرية، ثم ساروا من عندهما بعد أن أكرمهم الملك غاية الإكرام وبعد ذلك استوفت جلنار أيام حملها وجاء أوان الوضع فوضعت غلاماً كأنه البدر في تمامه، فحصل للملك بذلك غاية السرور لأنه ما رزق بولد ولا بنت في عمره فأقاموا الأفراح والزينة مدة سبعة أيام، وهم في غاية السرور والهناء، وفي اليوم السابع حضرت أم الملكة جلنار وأخوها وبنات عمها الجميع لما علموا أن جلنار قد وضعت.
وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.

وفي الليلة الثالثة والتسعين بعد الستمائة
  رد مع اقتباس
قديم 27/1/2009, 11:06 PM   رقم المشاركة : ( 696 )
ساهر سات
استاذ فضائيات

الصورة الرمزية ساهر سات

الملف الشخصي
رقم العضوية : 125505
تاريخ التسجيل : Oct 2008
العمـر :
الجنـس :
الدولـة : المهندسين العرب
المشاركات : 11,668 [+]
آخر تواجـد : ()
عدد النقاط : 10
قوة الترشيـح : ساهر سات يستاهل التميز

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

ساهر سات غير متصل

افتراضي رد: قصة الف ليله وليله

قالت: بلغني أيها الملك السعيد، أن جلنار لما وضعت وجاء إليها أهلها قابلهم الملك وفرح بقدومهم وقال لهم: أنا قلت ما أسمي ولدي حتى تحضروا وتسموه أنتم بمعرفتكم فسموه بدر باسم واتفقوا جميعاً على هذا الاسم، ثم إنهم عرضوا الغلام على خاله صالح، فحمله على يديه وقام به من بينهم وتمشى في القصر يميناً وشمالاً ثم خرج به من القصر ونزل به البحر المالح ومشى حتى اختفى عن عين الملك فلما رآه الملك أخذ ولده وغاب عنه في قاع البحر يئس منه وصار يبكي وينتحب، فلما رأته جلنار على هذه الحالة قالت له: يا ملك الزمان لا تخف ولا تحزن على ولدك فأنا أحب ولدي أكثر منك وإن ولدي مع أخي فلا تبال من البحر ولا تخشى عليه من الغرق، ولو علم أخي أنه يحصل للصغير ضرر ما فعل الذي فعله به وفي هذه الساعة يأتيك بولدك سالماً إن شاء الله تعالى فلم يكن غير ساعة إلا والبحر قد اختبط واضطرب وطلع منه خال الصغير ومعه ابن الملك سالماً، وطار من البحر إلى أن وصل إليهم والصغير على يديه وهو ساكت ووجهه كالقمر في ليلة تمامه ثم إن خال الصغير نظر إلى الملك وقال له: لعلك خفت على ولدك من ضرر الماء لما نزلت به في البحر وهو معي فقال الملك: نعم يا سيدي خفت عليه وما ظننت أنه يسلم منه قط، فقال له: يا ملك البر إنا كحلناه بكحل نعرفه وقرأنا عليه بالأسماء المكتوبة على خاتم سليمان بن داود عليه السلام فإن المولود إذا ولد عندنا صنعنا به ما ذكرت لك فلا تخف عليه من الغرق ولا الخنق ولا من سائر البحار إذا نزل فيها ومثل ما تمشون أنتم في البر نمشي نحن في البحر ثم أخرج من جيبه محفظة مكتوبة ومختومة ففض ختامها ونثرها فنزل منها جواهر منظومة من سائر أنواع اليواقيت والجواهر، وثلاثمائة قضيب من الزمرد، قصبة من الجواهر الكبار التي هي قدر بيض النعام نورها أضوأ من نور الشمس والقمر وقال: يا ملك الزمان هذه الجواهر واليواقيت هدية مني إليك لأننا ما أتيناك بهدية قط وما نعلم موضع جلنار ولا تعرف لها أثراً ولا خبراً، فلما رأيناك اتصلت بها وقد صرنا كلنا شيئاً واحداً أتيناك بهذه الهدية وبعد كل قليل من الأيام نأتيك بمثلها إن شاء الله تعالى لأن هذه الجواهر واليواقيت عندنا أكثر من الحصى في البر، ونعرف جيدها ورديئها وجميع طرقها وموضعها، وهي سهلة علينا.
فلما نظر الملك إلى تلك الجواهر واليواقيت اندهش عقله وطار لبه وقال: إن جوهرة من هذه الجواهر تعادل ملكي، ثم إن الملك شكر فضل صالح البحري ونظر إلى الملكة جلنار.
وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.

وفي الليلة الرابعة والتسعين بعد الستمائة
قالت: بلغني أيها الملك السعيد، أن الملك شكر صالح البحري ونظر إلى الملكة جلنار وقال لها: أنا استحيت من أخيك لأنه تفضل علي وهداني هذه الهدية السنية التي يعجز عنها أهل الأرض فشكرته جلنار وأخاها على ما فعل فقال أخوها: يا ملك الزمان إن لك علينا حقاً قد سبق، وشكرك علينا قد وجب، لأنك قد أحسنت إلى أختي ودخلنا إلى منزلك وأكلنا زادك وقد قال الشاعر: فلو قبل مبكاها بكيت صبـابة بعدي شفيت النفس قبل التندم
ولكن بكت قبلي فهيج لي البكا بكاها فقلت الفضل للمتقـدم
ثم قال صالح: ولو وقفنا في خدمتك يا ملك الزمان ألف سنة على وجوهنا ما قدرنا أن نكافئك وكان ذلك في حقك قليلاً فشكره الملك شكراً بليغاً وأقام صالح عند الملك وأمه وبنات عمه أربعين يوماً ثم إن صالحاً أخا جلنار قام وقبل الأرض بين يدي الملك زوج أخته، فقال له: ما تريد يا صالح? فقال صالح: يا ملك الزمان قد تفضلت علينا، ومرادي من إحسانك أن تتصدق علينا وتعطينا إذناً فإذا اشتقنا إلى وبلادنا وأقاربنا وأوطاننا ونحن ما بقينا نتقطع عن خدمتك ولا عن أختي ولا عن ابن أختي فوالله يا ملك الزمان ما يطيب لقلبي فراقكم، ولكن كيف العمل ونحن قد تربينا في البحر وما يطيب لنا البر?


فلما سمع الملك كلامه نهض قائماً على قدميه وودع صالحاً البحري وأمه وبنات عمه وتباكوا للفراق ثم قالوا له: عن قريب نكون عندكم ولا نقطعكم أبداً وبعد كل قليل من الأيام نزوركم، ثم إنهم طاروا وقصدوا البحر حتى صاروا فيه وغابوا عن العين فأحسن الملك إلى جلنار وأكرمها إكراماً زائداً ونشأ الصغير منشأً حسناً وصار خاله وجدته وبنات عم أمه وبعد كل قليل من الأيام يأتون محل الملك ويقيمون عنده الشهر والشهرين ثم يرجعون إلى أماكنهم ولم يزل الولد يزداد بزيادة السن حسناً وجمالاً إلى أن صار عمره خمسة عشر عاماً وكان فريداً في كماله وقده واعتداله وقد تعلم الخط والقراءة والأخبار والنحو واللغة والرمي بالنشاب وتعلم اللعب بالرمح وتعلم الفروسية وسائر ما يحتاج إليه أولاد الملوك، ولم يبق أحد من أولاد أهل المدينة من الرجال والنساء إلا وله حديث بمحاسب ذلك الصبي، لأنه كان بارع الجمال والكمال متصفاً بمضمون قول الشاعر: كتب العذارى بعنبر فـي لـؤلـؤ سطرين من سبح علـى تـفـاح
القتل في الحدق المراض إذا رنت والسكر في الوجنات لا في الراح
فكان الملك يحبه محبة عظيمة ثم إن الملك أحضر الوزراء والأمراء وأرباب الدولة وأكابر المملكة وحلفهم الأيمان الوثيقة أنهم يجعلون بدر باسم ملكاً عليهم بعد أبيه فحلفوا له الأيمان الوثيقة وفرحوا بذلك فاتفق أن والد الولد بدر باسم مرض يوماً من الأيام فخفق قلبه وأحس بالانتقال إلى دار البقاء، ثم ازداد به المرض حتى أشرف على الموت، فأحضر ولده ووصاه بالرعية ووصاه بوالدته وبسائر أرباب دولته وبجميع الأتباع، وحلفهم وعاهدهم على طاعة ولده ثاني مرة واستوثق منهم بالأيمان، ثم مكث بعد ذلك أياماً قلائل وتوفي إلى رحمة الله تعالى فحزن عليه ولده بدر باسم وزوجته جلنار والأمراء والوزراء وأرباب الدولة وعملوا له تربة ودفنوه فيها ثم إنهم قعدوا في عزائه شهراً كاملاً وأتى صالح أخو جلنار وأمها وبنات عمها وعزوهم بالملك وقالوا: يا جلنار إن كان الملك مات فقد خلف هذا الغلام الماهر ومن خلف مثله ما مات وهذا هو العديم النظير الأسد الكاسر.
وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.

وفي الليلة الخامسة والتسعين بعد الستمائة



قالت: بلغني أيها الملك السعيد، أن أخا جلنار صالحاً وأمه وبنات عمها قالوا لها: إن كان الملك قد مات فقد خلف هذا الغلام العديم النظير الأسد الكاسر والقمر الزاهر ثم إن أرباب الدولة والأكابر دخلوا على الملك بدر باسم وقالوا له: يا ملك لا بأس بالحزن على الملك ولكن الحزن لا يصلح إلا للنساء، فلا تشغل خاطرك وخاطرنا بالحزن على والدك فإنه قد مات وخلفك، ومن خلف مثلك ما مات ثم إنهم لاطفوه وسلوه وبعد ذلك أدخلوه الحمام فلما خرج من الحمام لبس بدلة فاخرة منسوجة بالذهب مرصعة بالجواهر والياقوت، ووضع تاج الملك على رأسه، وجلس على سرير ملكه وقضى أشغال الناس وأنصف الضعيف من القوي وأخذ للفقير حقه من الأمير، فأحبه الناس حباً شديداً ولم يزل كذلك مدة سنة كاملة وبعد كل مدة قليلة تزوره أهله البحرية فطاب عيشه وقربت عينه ولم يزل على هذه الحالة مدة مديدة فاتفق أن خاله دخل ليلة من الليالي على جلنار وسلم عليها، فقامت له وعانقته وأجلسته إلى جانبها وقالت له: يا أخي كيف حالك وحال والدتي وبنات عمي? فقال لها: يا أختي إنهم طيبون بخير وحظ عظيم وما ينقص عليهم إلا النظر إلى وجهك ثم إنها قدمت له شيئاً من الطعام فأكل ودار الحديث بينهما، وذكروا الملك بدر باسم وحسنه وجماله وقده واعتداله وفروسيته وعقله وأدبه، وكان الملك بدر باسم متكئاً، فلما سمع أمه وخاله يذكرانه ويتحدثان في شأنه أظهر أنه نائماً وصار يسمع حديثهما. فقال صالح لأخته جلنار: إن عمر ولدك سبعة عشر عاماً ولم يتزوج وبخاف أن يجري له أمر ولا يكون له ولداً، فأريد أن أزوجه بملكة من ملكات البحر تكون في حسنه وجماله، فقالت جلنار: اذكرهن لي فإني أعرفهن فصار يعدهن لها واحدة بعد واحدة وهي تقول: ما أرضى هذه لولدي ولا أزوجه إلا بمن تكون مثله في الحسن والجمال والعقل والأدب والمروءة والملك والحسب والنسب، فقال لها: ما بقيت أعرف واحدة من بنات الملوك البحرية وقد عددت لك أكثر من مائة بنت وأنت ما يعجبك واحدة منهن ولكن انظري يا أختي هل ابنك نائم أو لا? فجسته فوجدت عليه آثار النوم، فقالت له: إنه نائم فما عندك من الحديث وما قصدك بنومه? فقال لها: يا أختي اعلمي أني قد تذكرت بنتاً من بنات ملوك البحر تصلح لابنك وأخاف أن أذكرها فيكون ولدك منتبهاً فيتعلق قلبه بمحبتها وربما لا يمكننا الوصول إليها، فيتعب هو ونحن وأربا دولته ويصير لنا شغل بذلك وقد قال الشاعر: العشق أول ما يكون مجاجة فإذا تحكم صار بحراً واسعا
فلما سمعت أخته كلامه.
وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.

وفي الليلة السادسة والتسعين بعد الستمائة
  رد مع اقتباس
قديم 27/1/2009, 11:10 PM   رقم المشاركة : ( 697 )
ساهر سات
استاذ فضائيات

الصورة الرمزية ساهر سات

الملف الشخصي
رقم العضوية : 125505
تاريخ التسجيل : Oct 2008
العمـر :
الجنـس :
الدولـة : المهندسين العرب
المشاركات : 11,668 [+]
آخر تواجـد : ()
عدد النقاط : 10
قوة الترشيـح : ساهر سات يستاهل التميز

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

ساهر سات غير متصل

افتراضي رد: قصة الف ليله وليله

قالت: بلغني أيها الملك السعيد، أن أخا جلنار صالحاً وأمه وبنات عمها قالوا لها: إن كان الملك قد مات فقد خلف هذا الغلام العديم النظير الأسد الكاسر والقمر الزاهر ثم إن أرباب الدولة والأكابر دخلوا على الملك بدر باسم وقالوا له: يا ملك لا بأس بالحزن على الملك ولكن الحزن لا يصلح إلا للنساء، فلا تشغل خاطرك وخاطرنا بالحزن على والدك فإنه قد مات وخلفك، ومن خلف مثلك ما مات ثم إنهم لاطفوه وسلوه وبعد ذلك أدخلوه الحمام فلما خرج من الحمام لبس بدلة فاخرة منسوجة بالذهب مرصعة بالجواهر والياقوت، ووضع تاج الملك على رأسه، وجلس على سرير ملكه وقضى أشغال الناس وأنصف الضعيف من القوي وأخذ للفقير حقه من الأمير، فأحبه الناس حباً شديداً ولم يزل كذلك مدة سنة كاملة وبعد كل مدة قليلة تزوره أهله البحرية فطاب عيشه وقربت عينه ولم يزل على هذه الحالة مدة مديدة فاتفق أن خاله دخل ليلة من الليالي على جلنار وسلم عليها، فقامت له وعانقته وأجلسته إلى جانبها وقالت له: يا أخي كيف حالك وحال والدتي وبنات عمي? فقال لها: يا أختي إنهم طيبون بخير وحظ عظيم وما ينقص عليهم إلا النظر إلى وجهك ثم إنها قدمت له شيئاً من الطعام فأكل ودار الحديث بينهما، وذكروا الملك بدر باسم وحسنه وجماله وقده واعتداله وفروسيته وعقله وأدبه، وكان الملك بدر باسم متكئاً، فلما سمع أمه وخاله يذكرانه ويتحدثان في شأنه أظهر أنه نائماً وصار يسمع حديثهما. فقال صالح لأخته جلنار: إن عمر ولدك سبعة عشر عاماً ولم يتزوج وبخاف أن يجري له أمر ولا يكون له ولداً، فأريد أن أزوجه بملكة من ملكات البحر تكون في حسنه وجماله، فقالت جلنار: اذكرهن لي فإني أعرفهن فصار يعدهن لها واحدة بعد واحدة وهي تقول: ما أرضى هذه لولدي ولا أزوجه إلا بمن تكون مثله في الحسن والجمال والعقل والأدب والمروءة والملك والحسب والنسب، فقال لها: ما بقيت أعرف واحدة من بنات الملوك البحرية وقد عددت لك أكثر من مائة بنت وأنت ما يعجبك واحدة منهن ولكن انظري يا أختي هل ابنك نائم أو لا? فجسته فوجدت عليه آثار النوم، فقالت له: إنه نائم فما عندك من الحديث وما قصدك بنومه? فقال لها: يا أختي اعلمي أني قد تذكرت بنتاً من بنات ملوك البحر تصلح لابنك وأخاف أن أذكرها فيكون ولدك منتبهاً فيتعلق قلبه بمحبتها وربما لا يمكننا الوصول إليها، فيتعب هو ونحن وأربا دولته ويصير لنا شغل بذلك وقد قال الشاعر: العشق أول ما يكون مجاجة فإذا تحكم صار بحراً واسعا
فلما سمعت أخته كلامه.
وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.

وفي الليلة السادسة والتسعين بعد الستمائة
قالت: بلغني أيها الملك السعيد، أن أخت صالحاً لما سمعت كلامه قالت له: قل لي ما شأن هذه البنت واما اسمها? فأنا أعرف بنات البحر من ملوك وغيرهم فإذا رأيتها تصلح له خطبتها من أبيها ولو أني صرفت جميع ما تملكه يدي عليها فأخبرني بها ولا تخشى شيئاً فإن ولدي نائم، فقال لها: أخاف أن يكون يقظان وقد قال الشاعر: عشقته عندما أوصافه ذكرت والأذن تعشق قبل العين أحيانا
فقالت له جلنار: قل وأوجز ولا تخف يا أخي فقال: والله يا أختي ما يصلح لابنك إلا الملكة جوهرة بنت الملك السمندل وهي مثله في الحسن والجمال والبهاء والكمال، ولا يوجد في البحر ولا في البر ألطف ولا أحلى شمائل منها لأنها ذات حسن وجمال وقد وخد أحمر وجبين أزهر وشعر كأنه الجوهر وطرف أحور وردف ثقيل وخصر نحيل ووجه جميل إن التفت تخجل المها والغزلان، وإن خطرت يغار منها غصن البان، وإذا سفرت تخجل الشمس والقمر وتسبي كل من نظر، عذبة المراشف لينة المعاطف، فلما سمعت كلام أخيها قالت له: صدقت يا أخي والله إني رأيتها مراراً عديدة وكانت صاحبتي ونحن صغار وليس لنا اليوم معرفة ببعضنا لموجب البعد ولي اليوم ثمانية عشر عاماً ما رأيتها والله ما يصلح لولدي إلا هي، فلما سمع بدر باسم كلامهما وفهم ما قالاه من أوله إلى آخره في وصف البنت التي ذكرها خاله صالح وهي جوهرة بنت الملك السمندل عشقها بالسماع، وأظهر لهم أنه نائم وصار في قلبه من أجلها لهيب النار وغرق في بحر لا يدرك له ساحل ولا قرار.
وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.

وفي الليلة السابعة والتسعين بعد الستمائة



قالت: بلغني أيها الملك السعيد، أن الملك بدر باسم لما سمع كلام خاله صالح وأمه جلنار في وصف بنت الملك السمندل صار في قلبه من أجلها لهيب النار وغرق في بحر لا يدرك له ساحل ولا قرار ثم إن صالحاً نظر إلى أخته جلنار وقال: والله يا أختي ما في ملوك البحر أحمق من أبيها ولا أقوى سلطة منه فلا تعلمي ولدك بحديث هذه الجارية حتى نخطبها له من أبيها فإن أنعم بإجابتها حمدنا الله تعالى وإن ردنا ولم يزوجها لابنك فنستريح ونخطب غيرها، فلما سمعت جلنار كلام أخيها صالح قالت: نعم الرأي الذي رأيته، ثم إنهما سكتا وباتا تلك الليلة، والملك بدر باسم في قلبه لهيب النار من عشق الملكة جوهرة وكتم حديثه ولم يقل لأمه ولا لخاله شيئاً عن خبرها مع أنه صار من حبها على مقالي الجمر فلما أصبحوا دخل الملك هو وخاله الحمام واغتسلا، ثم خرجا وشربا الشراب وقدموا بين أيديهم الطعام فأكل الملك بدر باسم وأمه وخاله حتى اكتفوا ثم غسلوا أيديهم وبعد ذلك قام صالح على قدميه وقال للملك: بدر باسم وأمه جلنار: عن إذنكما قد عزمت على الرواح إلى الوالدة فإن لي عندكم مدة وخاطرهم مشغول علي وهم في انتظاري، فقال الملك بدر باسم لخاله صالح: اقعد عندنا هذا اليوم فامتثل لكلامه ثم إنه قال لك قم بنا يا خال واخرج بنا إلى البستان وصارا يتفرجان ويتنزهان، فجلس الملك بدر باسم تحت شجرة مظلة وأراد أن يستريح وينام، فتذكر ما قاله خاله صالح من وصف الجارية وما فيها من الحسن والجمال، فبكى بدموع غزار وأنشد هذين البيتين: لو قيل لي ولهيب النـار مـتـقـد والنار في القلب والأحشاء تضطرم
أهم أحب إليك أن تـشـاهـدهـم أم شربة من زلال الماء قلت لهـم
ثم شكى وأن وبكى وأنشد هذين البيتين: من مجيري من عشق ظبية أنس ذات وجه كالشمس بل هو أجمل
كان قلبي من حبها مستـريحـا فتلظى بحب بنت السـمـنـدل
فلما سمع خاله صالح مقاله دق يداً على يد وقال: لا إله إلا الله محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، ثم قال: هل سمعت يا ولدي ما تكلمت به أنا وأمك من حديث الملكة جوهرة وذكرنا لأوصافها? فقال بدر باسم، نعم يا خال وعشقتها على السماع حين سمعت ما قلتم من الكلام، فلما سمع صالح كلام ابن أخته حار في أمره وقال: استعنت بالله تعالى على كل حال ثم إن خاله صالحاً لما رآه على هذه الحالة وعلم أنه لا يحب أن يرجع إلى أمه بل يروح معه وأخرج من إصبعه خاتماً منقوشاً عليه أسماء من أسماء الله تعالى وناول الملك بدر باسم إياه وقال له: اجعل هذا في إصبعك تأمن من الغرق ومن غيره ومن شر دواب البحر وحيتانه فأخذ الملك بدر باسم الخاتم من خاله صالح وجعله في إصبعه ثم إنهما غطسا في البحر.
وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.

وفي الليلة الثامنة والتسعين بعد الستمائة
قالت: بلغني أيها الملك السعيد، أن الملك بدر باسم وخاله صالحاً لما غطسا في البحر وسارا ولم يزالا سائرين حتى وصلا إلى قصر صالح فدخلاه فرأته جدته أم أمه وهي قاعدة وعندها أقاربها فلما دخلا عليهم قبلا أيديهم فلما رأته جدته قامت إليه واعتنقته وقبلته بين عينيه وقالت له: قدوم مبارك يا ولدي كيف خلفت أمك جلنار? قال لها: طيبة بخير وعافية وهي تسلم عليك وعلى بنات عمها، ثم إن صالحاً أخبر أمه بما وقع بينه وبين أخته جلنار وأن الملك بدر باسم عشق الملكة جوهرة بنت الملك السمندل على السماع وقص لها القصة من أولها إلى آخرها وقال: إنه ما أتى إلا ليخطبها.
فلما سمعت جدة الملك بدر باسم كلام صالح اغتاظت عليه غيظاً شديداً وانزعجت واغتمت وقالت له: يا ولدي لقد أخطأت بذكر الملكة جوهرة بنت السمندل قدام ابن أختك لأنك تعلم أن الملك السمندل أحمق جبار قليل العقل شديد السطوة بخيل بابنته جوهرة على خطابها فإن سائر ملوك البحر خطبوها منه فأبى ولم يرض بأحد منهم بل ردهم، وقال لهم: ما أنتم أكفاء لها في الحسن والجمال ولا في غيرهما ونخاف أن نخطبها من أبيها فيردنا كما رد غيرنا ونحن أصحاب مروءة فنرجع مكسورين الخاطر.





فلما سمع صالح كلام أمه قال لها: يا أمي كيف يكون العمل، فإن الملك بدر باسم قد عشق هذه البنت لما ذكرتها لأختي جلنار وقال: لابد أن أخطبها من أبيها ولو بذل جميع ملكه وزعم أنه إن لم يتزوج بها يموت فيها عشقاً وغراماً، ثم إن صالحاً قال لأمه: اعلمي أن ابن أختي أحسن وأجمل منها وأن أباه كان ملك العجم بأسره وهو الآن ملكهم، ولا تصلح جوهرة إلا له وأخطبها منه فإن احتج بأنه ملك فهو أيضاً ملك ابن ملك وإن احتج علينا بالجمال فهو أجمل منها وإن احتج علينا بسعة المملكة فهو أوسع مملكة منها ومن أبيها وأكثر أجناداً وأعواناً فإن ملكه أكبر من ملك أبيها ولابد أن أسعى في قضاء حاجة ابن أختي ولو أن روحي تذهب لأني كنت سبب هذه القضية مثل ما رميته في بحار عشقها أسعى في زواجه بها والله تعالى يساعدني على ذلك، فقالت له أمه: افعل ما تريد وإياك أن تغلط عليه بالكلام إذا كلمته فإنك تعرف حماقته وسطوته وأخاف أن يبطش بك لأنه لا يعرف قدر أحد فقال لها: السمع والطاعة ثم إنه نهض وأخذ معه جرابين ملآنين من الجواهر واليواقيت وقضبان الزمرد ونفائس المعادن من سائر الأحجار وحملها لغلمانه وسار بهم هو وابن أخته إلى قصر الملك السمندل، واستأذن في الدخول عليه فأذن له فلما دخل قبل الأرض بين يديه وسلم بأحسن سلام، فلما رآه الملك السمندل قام إليه وأكرمه غاية الإكرام وأمره بالجلوس فجلس فلما استقر به الجلوس، قال له الملك: قدوم مبارك أوحشتنا يا صالح ما حاجتك حتى أنك أتيت إلينا? فأخبرني بحاجتك حتى أقضيها لك، فقام صالح وقبل الأرض ثاني مرة وقال: يا ملك الزمان حاجتي إلى الله وإلى الملك الهمام والأسد الضرغام الذي بمحاسن ذكره سارت الركبان وشاع خبره في الأقاليم والبلدان بالجود والإحسان والعفو والصفح والامتنان ثم إنه فتح الجرابين وأخرج منهما الجواهر وغيرها ونشرها قدام الملك السمندل، وقال له: يا ملك الزمان عساك تقبل هديتي وتتفضل علي وتجبر قلبي بقبولها مني.
وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.

وفي الليلة التاسعة والتسعين بعد الستمائة
قالت: بلغني أيها الملك السعيد، أن صالحاً قدم الهدية إلى الملك السمندل وقال له: القصد من الملك أن يتفضل علي ويجبر قلبي بقبولها مني، قال له الملك السمندل: لأي سبب أهديت لي هذه الهدية? قل لي قصتك وأخبرني بحاجتك فإن كنت قادراً على قضائها قضيتها لك في هذه الساعة ولا أحوجك إلى تعب وإن كنت عاجزاً عن قضائها فلا يكلف الله نفساً إلا وسعها، فقام وقبل الأرض ثلاث مرات وقال: يا ملك الزمان إن حاجتي أنت قادر على قضائها وهي تحت حوزتك وأنت مالكها، ولم أكلف الملك مشقة ولم أكن مجنوناً حتى أخاطب الملك في شيء لا يقدر عليه فبعض الحكماء قال: إذا أردت أن تطاع فسل ما يستطاع فأما حاجتي التي جئت في طلبها فإن الملك حفظه الله قادر عليها، فقال له الملك: اسأل حاجتك واشرح قصتك واطلب مرادك، فقال له: يا ملك الزمان اعلم أني قد أتيتك خاطباً راغباً في الدرة اليتيمة والجوهرة المكنونة الملكة جوهرة بنت مولانا فلا تخيب أيها الملك قاصدك.
فلما سمع الملك كلامه ضحك حتى استلقى على قفاه استهزاء به وقال يا صالح كنت أحسبك رجلاً عاقلاً وشاباً فاضلاً لا تسعى إلا بسداد ولا تنطق إلا برشاد وما الذي أصاب عقلك ودعاك إلى هذا الأمر العظيم والخطب الجسيم حتى أنك تخطب بنات الملوك وأصحاب البلدان والأقاليم وهل بلغ قدرك أنك انتهيت إلى هذه الدرجة العالية وهل نقص عقلك إلى هذه الغاية حتى تواجهني بهذا الكلام، فقال صالح: أصلح الله الملك إني لم أخطبها لنفسي ولو خطبتها لنفسي لكنت كفؤاً لها قل أكثر لأنك تعلم أن أبي ملك من ملوك البحر وإن كنت اليوم ملكنا ولكن أنا ما خطبتها إلا للملك بدر باسم صاحب أقاليم العجم وأبوه الملك شهرمان.
وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.

وفي الليلة السبعمائة
  رد مع اقتباس
قديم 27/1/2009, 11:12 PM   رقم المشاركة : ( 698 )
ساهر سات
استاذ فضائيات

الصورة الرمزية ساهر سات

الملف الشخصي
رقم العضوية : 125505
تاريخ التسجيل : Oct 2008
العمـر :
الجنـس :
الدولـة : المهندسين العرب
المشاركات : 11,668 [+]
آخر تواجـد : ()
عدد النقاط : 10
قوة الترشيـح : ساهر سات يستاهل التميز

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

ساهر سات غير متصل

افتراضي رد: قصة الف ليله وليله

قالت: بلغني أيها الملك السعيد، أن صالح قال للملك: أنا ما خطبت بنتك إلا للملك بدر باسم ابن الملك شهرمان، وأنت تعرف سطوته وإن زعمت أنك ملك عظيم فالملك بدر باسم أعظم وإن ادعيت أن ابنتك جميلة فالملك بدر باسم أجمل منها وأحسن صورة وأفضل حسباً ونسباً فإنه فارس زمانه فإن أجبت إلى ما سألتك تكن يا ملك الزمان قد وضعت الشيء في محله، وإن تعاظمت علينا فإنك ما أنصفتنا ولا سلكت بنا الطريق المستقيم وأنت تعلم أيها الملك أن هذه الملكة جوهرة بنت مولانا الملك لابد لها من الزواج فإن الحكيم يقول: لابد للبنت من الزواج أو القبر، فإن كنت عزمت على زواجها فإن ابن أختي أحق بها من سائر الناس، فلما سمع الملك كلام صالح اغتاظ غيظاً شديداً وكاد عقله أن يذهب وكادت روحه أن تخرج من جسده وقال له: يا كلب الرجال وهل مثلك يخاطبني بهذا الكلام وتذكر ابنتي في المجالس وتقول أن ابن أختك جلنار كفء لها فمن أنت ومن هي أختك ومن هو ابنها ومن هو أبوه حتى تقول هذا الكلام وتخاطبني بهذا الخطاب فهل أنتم بالنسبة إليها إلا كلاب، ثم صاح على غلمانه وقال: يا غلمان خذوا راس هذا العلق، فأخذوا السيوف وجردوها فولى هارباً ولباب القصر طالباً.
فلما وصل إلى باب القصر رأى أولاد عمه وقرابته وعشيرته وغلمانه وكانوا أكثر من ألف فارس غارقين في الحديد والزرد والنضيد وبأيديهم الرماح وبيض الصفاح، فلما رأوا صالحاً على تلك الحالة وقالوا له: ما الخبر? فحدثهم بحديثه وكانت أمه قد أرسلتهم إلى نصرته، فلما سمعوا كلامه علموا أن الملك أحمق شديد السطوة فترجلوا عن خيولهم وجردوا سيوفهم ودخلوا على الملك السمندل فرأوه جالساً على كرسي مملكته غافلاً عن هؤلاء وهو شديد الغيظ على صالح ورأوا خدامه وغلمانه وأعوانه غير مستعدين، فلما رآهم وبأيديهم السيوف مجردة صاح على قومه وقال: يا ويلكم خذوا رؤوس هؤلاء الكلاب، فحملوا على بعضهم فلم يكن غير ساعة حتى انهزم قوم الملك السمندل وركنوا إلى الفرار وكان صالح وأقاربه قد قبضوا على الملك السمندل وكتفوه.
وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.

وفي الليلة الواحدة بعد السبعمائة



قالت: بلغني أيها الملك السعيد، أن صالحاً وأقاربه كتفوا الملك السمندل ثم إن جوهرة لما انتبهت علمت أن أباها قد أسر وأن أعوانه قد قتلوا فخرجت من القصر هاربة إلى بعض الجزائر، ثم إنها قصدت شجرة عالية واختفت فوقها ولما اقتتل هؤلاء الطائفتان فر بعض غلمان الملك السمندل هاربين فرآهم بدر باسم فسألهم عن حالهم فأخبروه بما وقع، فلما سمع أن الملك السمندل قبض عليه ولى هارباً وخاف على نفسه وقال في قلبه: إن هذه الفتنة كانت من أجلي وما المطلوب إلا أنا أولي هارباً وللنجاة طالباً، وصار لا يدري أين يتوجه فساقته المقادير الأزلية إلى تلك الجزيرة التي فيها جوهرة بنت الملك السمندل، فأتى عند الشجرة وانطرح مثل القتيل وأراد الراحة بانطراحه ولا يعلم إن كل مطلوب لا يستريح، ولا يعلم أحد ما خفي له في الغيب من المقادير، فلما وقع بصره نحو الشجرة وقعت عينه في عين جوهرة فنظر إليها فرآها كالبدر إذا أشرق فقال: سبحان خالق هذه الصورة وهو خالق كل شيء وهو على كل شيء قدير، سبحان الله العظيم الخالق الباري المصور والله صدقته حذري تكون هذه جوهرة بنت الملك السمندل، وأظنها لما سمعت بوقوع الحرب بينهما هربت وأتت إلى هذه الجزيرة واختفت فوق هذه الشجرة وإن لم تكن هذه الملكة جوهرة فهذه أحسن منها، ثم إنه صار متفكراً في أمرها، وقال في نفسه لأقوم أمسكها وأسألها عن حالها فإن كانت هي فإني أخطبها من نفسها وهذه بغيتي فانتصب قائماً على قدميه، وقال لجوهرة: يا غاية المطلوب من أنت ومن أتى بك إلى هذا المكان? فنظرت جوهرة إلى بدر باسم فرأته كأنه الدر إذا ظهر من تحت الغمام الأسود، وهو رشيق القوام مليح الابتسام فقالت له: يا مليح الشمائل أنا الملكة جوهرة بنت الملك السمندل قد هربت إلى هذا المكان لأن صالحاً وجنوده تقاتلوا مع أبي وقتلوا جنده وأسروه هو وبعض جنده فهربت أنا خوفاً على نفسي، ثم إن الملكة جوهرة قالت للملك بدر باسم: وأنا ما أتيت إلى هذا المكان إلا هاربة خوفاً من القتل ولم أدر ما فعل الزمان بأبي، فلما سمع الملك بدر باسم كلامها تعجب غاية العجب من هذا الاتفاق الغريب وقال: لاشك أني نلت غرضي بأسر أبيها، ثم إنه نظر إليها وقال لها: انزلي يا سيدتي فإني قتيل هواك وأسرتني عيناك وعلى شأني وشأنك كانت هذه الفتنة وهذه الحروب، واعلمي أني أنا بدر باسم ملك العجم وأن صالحاً هو خالي، وهو الذي أتى إلى أبيك وخطبك منه وأنا قد تركت ملكي لأجلك واجتماعنا في هذا الوقت من عجائب الاتفاق، فقومي وانزلي عندي حتى أروح أنا وأنت إلى قصر أبيك، واسأل أخي صالحاً في إطلاقه وأتزوج بك في الحلال.
فلما سمعت جوهرة كلام بدر باسم، قالت في نفسها: على شأن هذا العلق اللئيم كانت هذه القضية وأسر أبي وقتل حجابه وحشمه وشتتني أنا عن قصري وخرجت أنا مسبية في تلك الجزيرة، فإن لم أعمل معه حيلة أحسن منه تمكن مني ونال غرضه لأنه عاشق والعاشق مهما فعل لا يلام عليه فيه، ثم إنها خادعته بالكلام ولين الخطاب وهو لا يدري ما أضمرته له من المكايد وقالت له: يا سيدي ونور عيني هل أنت الملك بدر باسم ابن الملكة جلنار? فقال لها: نعم يا سيدتي.
وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.

وفي الليلة الثانية بعد السبعمائة




قالت: بلغني أيها الملك السعيد، أن جوهرة بنت الملك السمندل قالت للملك بدر باسم: هل أنت يا سيدي الملك بدر باسم ابن الملكة جلنار? قال لها: نعم يا سيدتي، فقالت: قطع الله أبي وأزال ملكه ولا جبر له قلباً ولا رد له غربة إن كان يريد أحسن منك وأحسن من هذه الشمائل الظريفة والله إنه قليل العقل والتدبير ثم قالت له: يا ملك الزمان لا تؤاخذ أبي بما فعل وإن كنت أحببتني شبراً فأنا أحببتك ذراعاً، وهذا وقعت في شرك هواك وصرت من جملة فلاك وقد انتقلت المحبة التي كانت عندك وصارت عندي، ما بقي عندك منها إلا معشار ما عندي، ثم إنها نزلت من فوق الشجرة وقربت منه وأتت إليه واعتنقته وضمته إلى صدرها وصارت تقبله، فلما رأى الملك بدر باسم فعلها فيه ازدادت محبته لها واشتد غرامه بها وظن أنها عشقته ووثق بها وصار يضمها ويقبلها، ثم إنه قال لها: يا ملكة والله لم يصف لي خالي ربع ما أنت عليه من الجمال ولا ربع قيراط من أربعة وعشرين قيراطاً، ثم إن جوهرة ضمته إلى صدرها وتكلمت بكلام لا يفهم وتفلت في وجهه وقالت له: اخرج من هذه الصورة البشرية إلى صورة طائر، أحسن الطيور أبيض الريش أحمر المنقار والرجلين فما تمت كلامها حتى انقلب الملك بدر باسم إلى صورة طائر أحسن نما يكون من الطيور وانتفض ووقف على رجليه، وصار ينظر إلى جوهرة وكان عندها جارية من جواريها تسمى مرسينة، فنظرت إليها وقالت: والله لولا أني أخاف من كون أبي أسيراً عند خاله لقتلته، فلا جزاه الله خيراً فما أضام قدومه علينا فهذه الفتنة كلها من تحت رأسه ولكن يا جارية خذيه واذهبي به إلى الجزيرة المعطشة واتركيه هناك حتى يموت عطشاً، فأخذته الجارية وأوصلته إلى الجزيرة وأرادت الرجوع من عنده ثم قالت في نفسها: والله إن صاحب هذا الحسن والجمال لا يستحق أن يموت عطشاً ثم إنها أخرجته من الجزيرة المعطشة وأتت به إلى جزيرة كثيرة الأشجار والأثمار والأنهار، فوضعته فيها، ورجعت إلى سيدتها وقالت لها: وضعته في الجزيرة المعطشة.
وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.

وفي الليلة الثالثة بعد السبعمائة
قالت: بلغني أيها الملك السعيد، أن الجارية رجعت إلى سيدتها وقالت: وضعته في الجزيرة المعطشة. هذا ما كان من أمر بدر باسم.
وأما ما كان من أمر صالح خال الملك بدر باسم فإنه لما احتوى على الملك السمندل وقتل أعوانه وخدمه وصار تحت أسره طلب جوهرة بنت الملك فلم يجدها، فرجع إلى قصره عند أمه وقال: يا أمي أين ابن أختي الملك بدر باسم? فقالت: يا ولدي والله ما لي به علم ولا أعرف أين ذهب، فإنه لما بلغه أنك تقاتلت مع الملك السمندل وجرت بينكم الحروب والقتال فزع وهرب.
فلما سمع صالح كلام أمه حزن على ابن أخته، وقال: يا أمي والله إننا قد فرطنا في الملك بدر باسم وأخاف أن يهلك، أو يقع به أحد من جنود الملك السمندل أو تقع به ابنة الملك جوهرة فيحصل لنا من أمه خجل ولا يحصل لنا منها خير لأني قد أخذته بغير اذنها ثم إنه بعث خلفه الأعوان والجواسيس إلى جهة البحر وغيره فلم يقفوا له على خبر فرجعوا وعلوا صالحاً بذلك فزاد همه وغمه وقد ضاق صدره على الملك بدر باسم. هذا ما كان من أمر الملك بدر باسم وخاله صالح، وأما ما كان من أمر أمه الملكة جلنار البحرية فإنها لما نزل ابنها بدر باسم مع خاله صالح انتظرته فلم يرجع إليها وأبطأ خبره عنها فقعدت أياماً عديدة في انتظارهما ثم قامت ونزلت في البحر وأتت أمها، فلما نظرتها أمها قامت إليها وقبلتها واعتنقتا وكذلك بنات عمها، ثم إنها سالت أمها عن الملك بدر باسم فقالت لها: يا بنتي قد أتى هو وخاله ثم إن خاله قد أخذ يواقيت وجواهر، وتوجه بها هو وإياه إلى الملك السمندل وخطب ابنته فلم يجبه وشدد على أخيك في الكلام فأرسلت إلى أخيك نحو ألف فارس ووقع الحرب بينهم وبين الملك السمندل فنصر الله أخاك عليه وقتل أعوانه وجنوده وأسر الملك السمندل فبلغ ذلك الخبر ولدك فكأنه خاف على نفسه فهرب من عندنا بغير اختيارنا ولم يعد إلينا بعد ذلك ولم نسمع له خبراً، ثم إن جلنار سألتها عن أخيها صالح فأخبرتها أنه جالس على كرسي المملكة في محل الملك السمندل وقد أرسل إلى جميع الجهات بالتفتيش على ولدك وعلى الملكة جوهرة.



فلما سمعت جلنار كلام أمها حزنت على ولدها حزناً شديداً واشتد غضبها على أخيها صالح لكونه أخذ ولدها ونزل به البحر من غير إذنها ثم إنها قالت: يا أمي إني خائفة على الملك الذي لنا لأني أتيتكم، وما أعلمت أحداً من أهل المملكة وأخشى إن أبطأت عليهم أن يفسد الملك علينا وتخرج المملكة من أيدينا والرأي السيديد أني أرجعو وأسوس المملكة إلى أن يدبر الله لنا أمر، ولا تنسوا ولدي ولا تتهاونوا في أمره فإنه أن حصل له ضرر هلكت لا محالة لأني لا أرى الدنيا إلا به ولا ألتذ إلا بحياته، فقالت: حباً وكرامة يا بنتي لا تسألي عن ما عندنا من فراقه وغيبته ثم إن أمها أرسلت من يفتش عليه، ورجعت أمه حزينة القلب باكية العين إلى المملكة وقد ضاقت بها الدنيا.
وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.

وفي الليلة الرابعة بعد السبعمائة
قالت: بلغني أيها الملك السعيد، أن الملكة جلنار لما رجعت من عند أمها إلى مملكتها ضاق صدرها واشتد فكرها. هذا ما كان من أمرها، وأما ما كان من أمر الملك بدر باسم فإنه لما سحرته الملكة جوهرة وأرسلته مع جاريتها إلى الجزيرة المعطشة وقالت لها: دعيه فيها يموت عطشاً، لم تضعه الجارية إلا في جزيرة خضراء مثمرة ذات أشجار وأنهار فصار يأكل من الثمار ويشرب من الأنهار، ولم يزل كذلك مدة أيام وليال وهو في صورة طائر لا يعرف أين يتوجه ولا كيف يطير، فبينما هو ذات يوم من الأيام في تلك الجزيرة إذ أتى إلى هناك صياد من الصيادين ليصطاد شيئاً يتقوت به، فرأى الملك بدر باسم وهو في صورة طائر أبيض الريش أحمر المنقار والرجلين يسبي الناظر ويدهش الخاطر فنظر إليه الصياد فأعجبه وقال في نفسه إن هذا الطائر مليح وما رأيت طائراً مثله في حسنه ولا في شكله ثم إنه رمى الشبكة عليه واصطاده ودخل به المدينة وقال في نفسه: والله العظيم لا أبيعه، ثم إن الصياد ذهب به إلى دار الملك.
فلما رآه الملك أعجبه حسنه وجماله وحمرة منقاره ورجليه فأرسل إليه خادماً ليشتريه منه، فأتى الخادم إلى الصياد وقال له: أتبيع هذا الطائر? قال: لا، بل هو للملك هدية مني إليه، فأخذه الخادم وتوجه به إلى الملك وأخبره بما قاله، فأخذه الملك وأعطى الصياد عشرة دنانير، فأخذها وقبل الأرض وانصرف وأتى الخادم بالطائر إلى قصر الملك ووضعه في قفص مليح وعلقه وحط عنده ما يأكل وما يشرب، فلما نزل الملك قال للخادم: أين الطائر? أحضره حتى أنظره والله إنه مليح فأتى به الخادم ووضعه بين يدي الملك وقد رأى الأكل عنده لم يأكل منه شيئاً. فقال الملك: والله ما أدري ما يأكل حتى أطعمه ثم أمر بإحضار الطعام فأحضرت الموائد بين يديه فأكل الملك من ذلك، فلما نظر الطير إلى اللحم والطعام والحلويات والفواكه أكل من جميع ما في السماط الذي قدام الملك فبهت له الملك وتعجب من أكله وكذلك الحاضرون ثم قال الملك لمن حوله من الخدام والمماليك: عمري ما رأيت طيراً يأكل مثل هذا الطير ثم أمر الملك أن تحضر زوجته لتتفرج عليه فمضى الخادم ليحضرها، فلما رآها قال لها يا سيدتي إن الملك يطلبك لأجل أن تتفرجي على هذا الطير الذي اشتراه، فإننا لما أحضرنا الطعام طار من القفص وسقط على المائدة وأكل من جميع ما فيها، فقومي يا سيدتي تفرجي عليه فإنه مليح المنظر وهو أعجوبة من أعاجيب الزمان، فلما سمعت كلام الخادم أتت بسرعة، فلما نظرت إلى الطير وتحققته غطت وجهها وولت راجعة، فقام الملك وراءها وقال لها: لأي شيء غطيت وجهك وما عندك غير الجواري والخدم الذين في خدمتك وزوجك? فقالت: أيها الملك إن هذا الطير ليس بطائر وإنما هو رجل مثلك، فلما سمع الملك كلام زوجته، قال لها: تكذبين ما أكثر ما تمزحين كيف يكون غير طائر? فقالت له: والله ما مزحت معك ولا قلت إلا حقاً إن هذا الطير هو الملك بدر باسم ابن الملك شهرمان صاحب بلاد العجم وأمه الملكة جلنار البحرية.
وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.

وفي الليلة الخامسة بعد السبعمائة
  رد مع اقتباس
قديم 27/1/2009, 11:14 PM   رقم المشاركة : ( 699 )
ساهر سات
استاذ فضائيات

الصورة الرمزية ساهر سات

الملف الشخصي
رقم العضوية : 125505
تاريخ التسجيل : Oct 2008
العمـر :
الجنـس :
الدولـة : المهندسين العرب
المشاركات : 11,668 [+]
آخر تواجـد : ()
عدد النقاط : 10
قوة الترشيـح : ساهر سات يستاهل التميز

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

ساهر سات غير متصل

افتراضي رد: قصة الف ليله وليله

قالت: بلغني أيها الملك السعيد، أن زوجة الملك لما قالت للملك: إن هذا ليس بطائر، وإنما هو رجل مثلك وهو الملك بدر باسم ابن الملك شهرمان وأمه جلنار البحرية قال لها: وكيف صار على هذا الشكل? قالت له: إنه قد سحرته الملكة جوهرة بنت الملك السمندل ثم حدثته بما جرى له من أوله إلى آخره وأنه قد خطب جوهرة من أبيها فلم يرض أبوها بذلك وأن خاله صالحاً اقتتل هو والملك السمندل وانتصر صالح عليه وأسره، فلما سمع كلام زوجته تعجب غاية العجب وكانت هذه الملكة زوجته أسحر أهل زمانها فقال الملك: بحياتي عليك تحليه من السحر ولا تخليه معذباً قطع الله يد جوهرة ما أقبحها وما أقل دينها وأكثر خداعها ومكرها، قالت له زوجته: قل له يا بدر باسم ادخل هذه الخزانة فأمره الملك أن يدخل الخزانة، فلما سمع كلام الملك دخل الخزانة، فقامت زوجة الملك وسترت وجهها وأخذت في يدها طاسة ماء ودخلت الخزانة وتكلمت على الماء بكلام لا يفهم وقالت له: بحق هذه الأسماء العظام والآيات الكرام، وبحق الله تعالى خالق السماوات والأرض ومحيي الأموات وقاسم الأرزاق والآجال، أن تخرج من هذه الصورة التي أنت فيها وترجع إلى الصورة التي خلقك الله عليها، فلم تتم كلامها حتى انتفض نفضة ورجع إلى صورته فرآه الملك شاباً مليحاً ما على وجه الأرض أحسن منه.
ثم إن الملك بدر باسم لما نظر إلى هذه الحالة قال: لا إله إلا الله ومحمد رسول الله صلى الله عليه وسلم سبحانه خالق الخلائق ومقدر أرزاقهم وآجالهم ثم إنه قبل يد الملك ودعا له بالبقاء وقبل الملك راس بدر باسم، وقال له: يا بدر باسم حدثني بحديثك من أوله إلى آخره فحدثه بحديثه ولم يكتم منه شيئاً فتعجب الملك من ذلك، ثم قال له: يا بدر باسم قد خلقك الله من السحر فما الذي اقتضاه رأيك وما تريد أن تصنع? قال له: يا ملك الزمان أريد من إحسانك أن تجهز لي مركباً وجماعة من خدامك وجميع ما أحتاج إليه فإن لي زماناً طويلاً وأنا غائب وأخاف أن تروح المملكة مني، وما أظن أن والدتي بالحياة من أجل فراقي والغالب على ظني أنها ماتت من حزنها علي لأنها لا تدري ما جرى لي ولاتعرف هل أنا حي أو ميت وأنا اسألك أيها الملك أن تتم إحسانك بما طلبته منك.
فلما نظر الملك إلى حسنه وجماله وفصاحته أجابه وقال له سمعاً وطاعة، ثم إنه جهز مركباً ونقل فيه جميع ما يحتاج إليه، وسير معه جماعة من خدامه فنزل في المركب بعد أن ودع الملك.
وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.

وفي الليلة السادسة بعد السبعمائة



قالت: بلغني أيها الملك السعيد، أن الملك بدر باسم ركب المركب هو وجماعته وودع الملك وساروا في البحر وساعدهم الريح ولم يزالوا سائرين مدة عشرة أيام متوالية، ولما كان اليوم الحادي عشر هاج البحر هيجاناً شديداً وصار المركب يرتفع وينخفض ولم يقدر البحرية أن يمسكوه، ولم يزالوا على هذه الحالة والأمواج تلعب بهم، حتى قربوا إلى صخرة من صخرات البحر فوقعت تلك الصخرة على المركب، فانكسر وغرق جميع ما كان فيه إلا الملك بدر باسم فإنه ركب على لوح من الألواح بعد أن أشرف على الهلاك، ولم يزل ذلك اللوح يجري به في البحر ولا يدري أين هو ذاهب وليس له حيلة في منع اللوح بل سار به مع الماء والريح، ولم يزل كذلك مدة ثلاثة أيام وفي اليوم الرابع طلع به اللوح على ساحل البحر، فوجد هنالك مدينة بيضاء مثل الحمامة الشديدة البياض وهي مبنية في الجزيرة التي على ساحل البحر، لكنها عالية الأركان مليحة البنيان رفيعة الحيطان البحر يضرب في سوارها، فلما عاين الملك بدر باسم تلك الجزيرة التي فيها هذه المدينة، فرح فرحاً شديداً وكان قد أشرف على الهلاك من الجوع والعطش، فنزل من فوق اللوح وأراد أن يصعد إلى المدينة، فأتت إليه بغال وحمير وخيول عدد الرمل، فصاروا يضربونه ويمنعونه أن يطلع من البحر إلى المدينة، ثم إنه عام خلف تلك المدينة وطلع إلى البر فلم يجد هناك أحداً، فتعجب وقال: يا ترى لمن هذه المدينة وهي ليس لها ملك ولا فيها أحد ومن أين هذه البغال والحمير والخيول التي منعتني من الطلوع، وصار متفكراً في أمره وهو ماش وما يدري أين يذهب ثم بعد ذلك رأى شيخاً بقالاً فلما رآه الملك بدر باسم سلم عليه فرد عليه السلام ونظر إليه الشيخ فرآه جميلاً، فقال له: يا غلام من أين أقبلت ومن أوصلك إلى هذه المدينة? فحدثه بحديثه من أوله إلى آخره، فتعجب منه وقال له: يا ولدي أما رأيت أحداً في طريقك? فقال له: يا والدي إنما أتعجب من هذه المدينة حيث إنها خالية من الناس، فقال له الشيخ: يا ولدي اطلع الدكان وإلا تهلك فطلع بدر باسم وقعد في الدكان، فقام الشيخ وجاء له بشيء من الطعام وقال له: يا ولدي ادخل في داخل الدكان، فسبحان من سلمك من هذه الشيطانة فخاف الملك بدر باسم خوفاً شديداً، ثم أكل من طعام الشيخ حتى اكتفى وغسل يديه، ونظر إلى الشيخ وقال له: يا سيدي ما سبب هذا الكلام فقد خوفتني من هذه المدينة ومن أهلها، فقال له الشيخ: يا ولدي اعلم أن هذه المدينة مدينة السحرة، وبها ملكة ساحرة كأنها شيطانة وهي كاهنة سحارة غدارة، والحيوانات التي تنظرها من الخيل والبغال والحمير هؤلاء كلهم مثلك ومثلي من بني آدم لكنهم غرباء، لأن كل من يدخل هذه المدينة وهو شاب مثلك، تأخذه هذه الكافرة الساحرة وتقعد معه أربعين يوماً وبعد الأربعين، تسحره فيصير بغلاً أو فرساً أو حماراً أو شيئاً من هذه الحيوانات التي نظرتها على جانب البحر.
وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.

وفي الليلة السابعة بعد السبعمائة
قالت: بلغني أيها الملك السعيد، أن الشيخ البقال لما حكى للملك بدر باسم وأخبره بحالة الملكة السحارة وقال له: إن كل أهل هذه المدينة قد سحرتهم وأنك لما أردت الطلوع من البحر خافوا أن تسحرك مثلهم فقالوا لك بالإشارة: لا تطلع لئلا تراك الساحرة شفقة عليك فربما تعمل فيك مثل ما عملت فيهم وقال له: إنها قد ملكت هذه المدينة من أهلها بالسحر، واسمها الملكة لاب وتفسيره بالعربي تقويم الشمس.



فلما سمع الملك بدر باسم ذلك الكلام من الشيخ خاف خوفاً شديداً وصار يرتعد مثل القصبة الريحية وقال له: أنا ما صدقت أني خلصت من البلاء الذي كنت فيه من السحر حتى ترميني المقادير في مكان أقبح منه فصار متفكراً في حاله وما جرى له، فلما نظر إليه الشيخ رآه قد اشتد عليه الخوف فقال له: يا ولدي قم واجلس على عتبة الدكان وانظر إلى تلك الخلائق وغلى لباسهم وألوانهم، وما هم فيه من السحر ولا تخف فإن الملكة وكل من في المدينة يحبني ويراعيني ولا يرجفون لي قلباً ولايتعبون لي خاطراً، فلما سمع الملك بدر باسم كلام الشيخ خرج وقعد على باب الدكان يتفرج فجازت عليه الناس فنظر إلى عالم لا يحصى عدده، فلما نظره الناس تقدموا إلى الشيخ وقالوا له: يا شيخ هل هذا أسيرك وصيدك في هذه الأيام? فقال لهم: هذا ابن أخي وسمعت أن أباه قد مات فأرسلت خلفه وأحضرته لأطفئ نار شوقي به، فقالوا له: هذا شاب مليح ولكن نحن نخاف عليه من الملكة لاب لئلا ترجع عليك بالغدر، ثم توجهن وإذا بالملكة قد أقبلت في موكب عظيم ومازالت مقبلة إلى أن وصلت إلى دكان الشيخ فرأت الملك بدر باسم وهو جالس على الدكان كأنه البدر في تمامه فلما رأته الملكة لاب حارت في حسنه وجماله واندهشت وصارت ولهانة به ثم أقبلت على الدكان وجلست عند الملك بدرباسم وقالت للشيخ: من أين لك هذا المليح? فقال: هذا ابن أخي جاءني عن قريب فقالت: دعه يكون الليلة عندي لأتحدث أنا وإياه قال لها: أتأخذينه مني ولا تسحرينه? قالت: نعم قال: احلفي لي فحلفت له أنها لا تؤذيه ولا تسحره ثم أمرت أن يقدموا له فرساً مليحاً مسرجاً ملجماً بلجام من ذهب وكل ما عليه ذهب مرصع بالجواهر ووهبت للشيخ ألف دينار وقالت له: استعن بها، ثم إن الملكة لاب أخذت الملك بدر باسسم وراحت به كأنه البدر في ليلة أربعة عشرة وسار معها وصارت الناس كلما نظروا إليه وإلى حسنه وجماله يتوجعن عليه ويقولون: والله إن هذا الشاب لا يستحق أن تسحره هذه الملعونة والملك بدر باسم يسمع كلام الناس ولكنه ساكت وقد سلم أمره إلى الله تعالى ولم يزالوا سائرين إلى باب القصر.
وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.

وفي الليلة الثامنة بعد السبعمائة
قالت: بلغني أيها الملك السعيد، أن الملك بدر باسم لم يزل سائراً هو والملكة لاب وأتباعها إلى أن وصلوا إلى باب القصر ثم ترجل الأمراء والخدم وأكابر الدولة وأمرت الحجاب أن يأمروا أرباب الدولة كلهم بالانصراف فقبلوا الأرض وانصرفوا ودخلت الملكة والخدام والجواري في القصر، فلما نظر الملك بدر باسم إلى القصر رأى قصراً لم ير مثله قط وحيطانه مبنية بالذهب وفي وسط القصر بركة عظيمة غزيرة الماء في بستان عظيم فنظر الملك بدر باسم إلى البستان فرأى فيه طيور تناغي بسائر اللغات والأصوات المفرحة والمحزنة وتلك الطيور من سائر الأشكال والألوان، فنظر الملك بدر باسم إلى ملك عظيم فقال: سبحان الله من كرمه وحلمه يرزق من يعبد غيره فجلست الملكة في شباك يشرف على البستان وهي على سرير من العاج وفوق السرير فرش عال وجلس الملك بدر باسم إلى جانبها فقبلته وضمته إلى صدرها ثم أمرت الجواري بإحضار مائدة فحضرت مائدة من الذهب الأحمر مرصعة بالدر والجواهر فيها من سائر الأطعمة فأكلا حتى اكتفيا وغسلا أيديهما، ثم أحضرت الجواري أواني الذهب والفضة والبلور وأحضرت أيضاً جميع أجناس الأزهار وأطباق النقل، ثم إنها أمرت بإحضار مغنيات فحضر عشر جوار كأنهن الأقمار بأيديهن سائر آلات الملاهي ثم إن الملكة ملأت قدحاً وشربته وملأت آخر وناولت الملك بدر باسم إياه، فأخذه وشربه ولم يزالا كذلك يشربان حتى اكتفيا ثم أمرت بالجواري أن يغنين فغنين بسائر اللحان وتخيل للملك بدر باسم أنه يرقص به القصر طرباً فطاش عقله وانشرح صدره ونسي الغربة وقال: إن هذه الملكة شابة مليحة ما بقيت أروح من عندها أبداً لأن ملكها أوسع من ملكي وهي أحسن من الملكة جوهرة ولم يزل يشرب معها إلى أن أمسى المساء وأوقدوا القناديل والشموع وأطلقوا البخور ولم يزالا يشربان إلى أن سكرا والمغنيات يغنين، فلما سكرت الملكة لاب قامت من موضعها ونامت على سرير وأمرت الجواري بالانصراف، ثم أمرت الملك بدر باسم النوم إلى جانبها فنام معها في أطيب عيش إلى أن أصبح الصباح.
  رد مع اقتباس
قديم 27/1/2009, 11:17 PM   رقم المشاركة : ( 700 )
ساهر سات
استاذ فضائيات

الصورة الرمزية ساهر سات

الملف الشخصي
رقم العضوية : 125505
تاريخ التسجيل : Oct 2008
العمـر :
الجنـس :
الدولـة : المهندسين العرب
المشاركات : 11,668 [+]
آخر تواجـد : ()
عدد النقاط : 10
قوة الترشيـح : ساهر سات يستاهل التميز

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

ساهر سات غير متصل

افتراضي رد: قصة الف ليله وليله

وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.

وفي الليلة التاسع بعد السبعمائة
قالت: بلغني أيها الملك السعيد، أن الملكة لما قامت من النوم دخلت الحمام الذي في القصر والملك بدر باسم صحبتها واغتسلا فلما خرجا من الحمام أفرغت عليه أجمل القماش وأمرت بإحضار آلات الشراب فأحضرتها الجواري فشربا ثم إن الملكة قامت وأخذت بيد الملك بدر باسم وجلسا على الكرسي وأمرت بإحضار الطعام فأكلا وغسلا أيديهما، ثم قدمت الجواري لهما أواني الشراب والفواكه والأزهار والنقل ولم يزالا يأكلان ويشربان والجواري تغني باختلاف الألحان إلى المساء ولم يزالا في أكل وشرب وطرب مدة أربعين يوماً ثم قالت له: يا بدر باسم هل هذا المكان أطيب أو دكان عمك البقال? قال لها: والله يا ملكة هذا أطيب وذلك أن عمي رجل صعلوك يبيع البقول، فضحكت من كلامه، ثم إنهما رقدا في أطيب حال إلى الصباح فانتبه الملك بدر باسم من نومه فلم يجد الملكة لاب بجانبه فقال: يا ترى أين راحت? وصار مستوحشاً من غيبتها ومتحيراً في أمره وقد غابت عنه مدة طويلة ولم ترجع فقال في نفسه: أين ذهبت ثم إنه لبس ثيابه وصار يفتش عليها فلم يجدها فقال في نفسه: لعلها ذهبت إلى البستان فرأى فيه نهراً جارياً وبجانبه طيرة بيضاء وعلى شاطئ ذلك النهر شجرة وفوقها طيور مختلفة الألوان فصار ينظر إلى الطيور والطيور لا تراه وإذا بطائر أسود نزل على تلك الطيرة البيضاء فصار يزقها زق الحمام ثم إن الطير الأسود وثب على تلك الطيرة ثلاث مرات، ثم بعد ساعة انقلبت تلك الطيرة في صورة بشر فتأملها وإذا هي الملكة لاب فعلم أن الطائر الأسود إنسان مسحور وهي تعشقه وتسحر نفسها طيرة ليجامعها فأخذته الغيرة واغتاظ على الملكة لاب من أجل الطائر السود ثم إنه رجع إلى مكانه ونام على فراشه وبعد ساعة رجعت إليه وصارت الملكة لاب تقبله وتمزح معه وهو شديد الغيظ عليها فلم يكلمها كلمة واحدة فعلمت ما به وتحققت أنه رآها حين صارت طيرة وكيف واقعها ذلك الطير فلم تظهر له شيئاً بل كتمت ما بها.
فلما قضى حاجته قال لها: يا ملكة أريد أن تأذني لي في الرواح إلى دكان عمي فإني قد تشوقت إليه ولي أربعون يوماً ما رأيته فقالت له: رح إليه ولا تبطئ علي فإني ما أقدر أن أفارقك ولا أصبر عنك ساعة واحدة فقال سمعاً وطاعة، ثم إنه ركب ومضى إلى دكان الشيخ البقال فرحب به وقام إليه وعانقه وقال له: كيف أنت مع هذه الكافرة? فقال له: كنت طيباً في خير وعافية إلا أنها كانت في هذه الليلة نائمة في جانبي فاستيقظت فلم أرها فلبست ثيابي ودرت أفتش عليها إلى أن أتيت إلى البستان وأخبره بما رآه من النهر والطيور التي كانت فوق الشجرة، فلما سمع الشيخ كلامه قال له: احذر منها واعلم أن الطيور التي كانت على الشجرة كلها شبان غرباء عشقتهم وسحرتهم طيوراً وذلك الطائر الأسود الذي رأيته كان من جملة مماليكها وكانت تحبه محبة عظيمة، فمد عينه إلى بعض الجواري فسحرته في صورة طائر أسود.
وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.

وفي الليلة العاشرة بعد السبعمائة




قالت: بلغني أيها الملك السعيد، أن بدر باسم لما حكى للشيخ البقال بجميع حكايات الملكة لاب رآه أعلمه الشيخ أن الطيور التي على الشجر كلها شبان غرباء وسحرتهم وكذلك الطير الأسود كان من مماليكها وسحرته في صورة طائر اسود، وكلما اشتاقت إليه تسحر نفسها طيرة ليجامعها لأنها تحبه محبة عظيمة، ولما علمت أنك علمت بحالها أضمرت لك السوء ولا تصفو لك ولكن ما عليك بأس منها ما دمت أراعيك أنا فلا تخف فإني رجل مسلم واسمي عبد الله وما في زماني أسحر مني، ولكني لا أستعمل السحر إلا عند اضطراري إليه، وكثير ما أبطل سحر هذه الملعونة وأخلص الناس منها ولا أبالي بها لأنها ليس لها علي سبيل بل هي تخاف مني خوفاً شديداً، وكذلك كل من كان في المدينة ساحر مثلها على هذا الشكل يخافون مني وكلهم على دينها يعبدون النار دون الملك الجبار فإذا كان الغد تعال عندي واعلمني بما تعمله معك فإنها في هذه الليلة تسعى في هلاكك. وأنا أقول لك على ما تفعله معها حتى تتخلص من كيدها، ثم إن الملك بدر باسم ودع الشيخ ورجع إليها فوجدها جالسة في انتظاره فلما رأته قامت إليه وأجلسته ورحبت به وجاءت له بأكل وشرب فأكلا حتى اكتفيا ثم غسلا أيديهما ثم أمرت بإحضار الشراب فحضر وصارا يشربان إلى نصف الليل ثم مالت عليه بالأقداح وصارت تعاطيه حتى سكر وغاب عن حسه وعقله فلما رأته كذلك قالت له: بالله عليك وبحق معبودك إن سألتك عن شيء هل تخبرني عنه بالصدق وتجيبني إلى قولي? فقال لها: وهو في حالة السكر: نعم يا سيدتي. فقالت له: لما استيقظت من نومك ولم ترني وفتشت علي وجئتني في البستان ورأيت الطائر الأسود الذي وثب علي، فأنا أخبرك بحقيقة هذا الطائر إنه كان من مماليكي وكنت أحبه محبة عظيمة فتطلع يوماً لجارية من الجواري، فحصلت لي غيرة وسحرته في صورة طائر أسود وأما الجارية فإني قتلتها، وإني إلى اليوم لا أصبر عنه ساعة واحدة وكلما اشتقت إليه أسحر نفسي طيره وأروح إليه لينط علي ويتمكن مني كما رأيت أما أنت لأجل هذا مغتاظ مني مع أني وحق النار والنور والظل والحرور قد زدت فيك محبة وجعلتك نصيبي من الدنيا، فقال وهو سكران: إن الذي فهمته من غيظي بسبب ذلك صحيح، وليس لغيظي سبب غير ذلك فضمته وقبلته وأظهرت له المحبة ونامت ونام الآخر بجانبها فلما كان نصف الليل قامت من الفراش والملك بدر باسم منتبه، وهو يظهر أنه نائم وصار يسارق النظر وينظر ما تفعل، فوجدها قد أخرجت من كيس أحمر شيئاً أحمر وغرسته في وسط القصر فإذا هو صار نهارً يجري مثل البحر، وأخذت كبشة شعير بيدها وأبذرتها فوق التراب، وسقته من هذا الماء فصار زرعاً مسنبلاً فأخذته وطحنته دقيقاً ثم وضعته في موضع ورجعت نامت عند الملك بدر باسم إلى الصباح.
فلما أصبح الصباح قام الملك بدر باسم وغسل وجهه ثم استأذن من الملكة في الرواح إلى الشيخ فأذنت له، فذهب إلى الشيخ وأعلمه بما جرى منها وما عاين فلما سمع الشيخ كلامه ضحك، وقال: والله إن هذه الكافرة الساحرة قد مكرت بك ولكن لا تبال بها أبداً.
وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.

وفي الليلة الحادية عشرة بعد السبعمائة




قالت: بلغني أيها الملك السعيد، أن الشيخ قال لبدر باسم: إن الساحرة قد مكرت بك ولكن لا تبال بها أبداً، ثم أخرج له قدر رطل سويقاً وقال له: خذ هذا معك، واعلم أنها إذا رأته تقول لك: ما هذا وما تعمل به? فقل لها: زيادة الخير خيرين وكل منه فإذا أخرجت هي سويقها وقالت لك: كل من هذا السيوق فأرها أنك تأكل منه، وكل من هذا وإياك أن تأكل من سويقها شيئاً ولو حبة واحدة فإن أكلت منه ولو حبة واحدة فإن سحرها يتمكن منك فتسحرك وتقول لك اخرج من هذه الصورة البشرية فتخرج من صورتك إلى أي صورة أرادت وإذا لم تأكل منه، فإن سحرها يبطل ولا يضرك منه شيء فتخجل غاية الخجل، وتقول لك: إنما أنا أمزح معك وتقر لك بالمحبة والمودة وكل ذلك نفاق ومكر منها فأظهر لها أنت المحبة وقل لها: يا سيدتي ويا نور عيني كلي من هذا السويق وانظري لذته، فإذا أكلت منه ولو حبة واحدة فخذ في كفك ماء واضرب به وجهها وقل لها اخرجي من هذه الصورة البشرية إلى أي صورة أردت، ثم خليها وتعال حتى أدبر لك أمراً، ثم ودعه الملك بدر باسم وسار إلى أن طلع القصر ودخل عليها. فلما رأته قالت: أهلاً وسهلاً ومرحباً ثم قامت له وقبلته وقالت له: أبطأت علي يا سيدي فقال لها: كنت عند عمي، ورأى عندها سويقاً فقال لها وقد أطعمني عمي من هذا السويق فقالت: عندنا سويقاً أحسن منه، ثم إنها حطت سويقه في صحن وسويقها في صحن آخر وقالت له: كل من هذا فإنه أطيب من سويقك فأظهر لها أنه يأكل منه فلما علمت أنه أكل منه، أخذت في يدها ماء ورشته به وقالت له: اخرج من هذه الصورة يا علق يا لئيم وكن في صورة بغل أعور قبيح المنظر فلم يتغير، فلما رأته على حاله لم يتغير قامت له وقبلته بين عينيه، وقالت له: يا محبوبي إنما كنت أمزح معك فلا تتغير علي بسبب ذلك فقال لها: يا سيدتي ما تغيرت عليك أصلاً بل أعتقد أنك تحبينني فكلي من سويقي هذا فأخذت منه لقمة وأكلتها، فلما استقرت في بطنها اضطربت فأخذ الملك بدر باسم في كفه ماء ورشها به في وجهها، وقال لها: اخرجي من هذه الصورة البشرية إلى صورة بغلة زرزورية، فما نظرت نفسها إلا وهي في تلك الحالة فصارت دموعها تنحدر على خديها وصارت تمرغ خديها على رجليه فقام يلجمها فلم تقبل اللجام فتركها وذهب إلى الشيخ وأعلمه بما جرى فقام الشيخ وأخرج له لجاماً وقال: خذ هذا اللجام وألجمها به فأخذه وأتى عندها. فلما رأته تقدمت إليه وحط اللجام في فمها، وركبها وخرج من القصر وتوجه إلى الشيخ عبد الله فلما رآها قام لها وقال لها: أخزاك الله تعالى يا ملعونة ثم قال له الشيخ: يا ولدي ما بقي لك في هذه البلاد إقامة، فاركبها وسر بها إلى أي مكان شئت وإياك أن تسلم اللجام إلى أحد، فشكره الملك بدر باسم وودعه وسار ولم يزل سائراً ثلاثة أيام ثم أشرف على مدينة فلقيه شيخ مليح الشيبة فقال له: يا ولدي من أين أقبلت? قال: من مدينة هذه الساحرة، قال: أنت ضيفي في هذه الليلة، فأجابه، وسار معه في الطريق وإذا بامرأة عجوز فما نظرت البغلة حتى بكت وقالت: لا إله إلا الله إن هذه البغلة تشبه بغلة ابني التي ماتت وقلبي مشوش عليها فبالله عليك يا سيدي أن تبيعني إياها فقال لها: والله يا أمي ما أقدر أن أبيعها قالت له: بالله عليك لا ترد سؤالي، فإن ولدي إن لم أشتر هذه البغلة ميت لا محالة، ثم إنها أغلظت عليه في السؤال فقال: ما أبيعها إلا بألف دينار فعند ذلك أخرجت من حزامها ألف دينار، فلما نظر الملك بدر باسم إلى ذلك قال لها: يا أمي أنا أمزح معك وما أقدر أن أبيعها، فنظر إليه الشيخ وقال له: يا ولدي إن هذه البلاد ما يكذب فيها أحد وكل من يكذب في هذه البلاد قتلوه فنزل الملك بدر باسم من فوق البغلة.
وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.

وفي الليلة الثانية عشرة بعد السبعمائة
  رد مع اقتباس
قديم 27/1/2009, 11:22 PM   رقم المشاركة : ( 701 )
ساهر سات
استاذ فضائيات

الصورة الرمزية ساهر سات

الملف الشخصي
رقم العضوية : 125505
تاريخ التسجيل : Oct 2008
العمـر :
الجنـس :
الدولـة : المهندسين العرب
المشاركات : 11,668 [+]
آخر تواجـد : ()
عدد النقاط : 10
قوة الترشيـح : ساهر سات يستاهل التميز

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

ساهر سات غير متصل

افتراضي رد: قصة الف ليله وليله

قالت: بلغني أيها الملك السعيد، أن الملك بدر باسم لما نزل من فوق البغلة وسلمها إلى المرأة العجوز، أخرجت اللجام من فمها وأخذت في يدها ماء ورشتها وقالت: يا بنتي اخرجي من هذه الصورة إلى الصورة التي كنت عليها فانقلبت في الحال وعادت إلى صورتها الأولى، وأقبلت كل واحدة منهما على الأخرى، وتعانقتا فعلم الملك بدر باسم إن هذه العجوز أمها وقد تمت الحيلة عليه فأراد أن يهرب وإذا بالعجوز صفرت فتمثل بين يديها عفريت كأنه الجبل العظيم، فخاف الملك بدر باسم ووقف فركتب العجوز على ظهره وأردفت بنتها خلفها وأخذت الملك بدر باسم قدامها، وطار بهم العفريت فما مضى عليهم غير ساعة حتى وصلوا إلى قصر الملكة لاب، فلما جلست على كرسي المملكة التفتت إلى الملك بدر باسم وقالت له: يا علق قد وصلت إلى هذا المكان ونلت ما تمنيت، وسوف أريك ما أعمل بك وبهذا الشيخ البقال فكم أحسنت له وهو يسوءني وأنت ما وصلت إلى مرادك إلا بواسطته ثم أخذت ماء ورشته به وقالت له: اخرج عن هذه الصورة التي أنت فيها إلى صورة طائر قبيح المنظر اقبح ما يكون من الطيور، فانقلب في الحال وصار طيراً قبيح المنظر فجعلته في قفص وقطعت عنه الأكل والشرب فنظرت إليه جارية فرحمته وصارت تطعمه وتسقيه بغير علم الملكة ثم إن الجارية وجدت سيدتها غافلة في يوم من الأيام فخرجت وتوجهت إلى الشيخ البقال وأعلمته بالحديث وقالت له: إن الملكة لاب عازمة على إهلاك ابن أخيك فشكرها الشيخ وقال لها: لابد أن آخذ المدينة منها وأجعلك ملكة عوضاً عنها. ثم صفر صفرة عظيمة فخرج عفريت له أربعة أجنحة فقال له: خذ هذه الجارية وامضر بها إلى مدينة جلنار البحرية، وأمهما فراشة فإنهما أسحر من يوجد على وجه الأرض، وقال للجارية: إذا وصلت إلى هناك فأخبريهما بأن الملك بدر باسم في أسر الملكة لاب فحملها العفريت وطار بها، فلم يكن إلا ساعة حتى نزل بها العفريت على قصر الملكة جلنار البحرية، فنزلت الجارية من فوق سطح القصر وقبلت الأرض بين يديها وأعلمتها بما جرى لولدها من أوله إلى آخره فقامت إليها جلنار وأكرمتها وشكرتها، ودقت البشائر في المدينة وأعلمت أهلها وأكابر دولتها بأن الملك بدر باسم قد وجد، ثم إن جلنار البحرية وأمها فراشة وأهاها صالحاً أحضروا جميع قبائل الجان وجنود البحر لأن ملوك الجان قد أطاعوهم بعد أسر الملك السمندل ثم إنهم طاروا في الهواء ونزلوا على مدينة الساحرة ونهبوا القصر وقتلوا من فيه، ونهبوا المدينة وقتلوا جميع ما كان فيها من الكفرة في طرفة عين، وقالت للجارية: أين ابني? فأخذت الجارية القفص وأتت به بين يديها وأشارت إلى الطائر الذي هو فيه وقالت: هذا هو ولدك فأخرجته الملكة جلنار من القفص، ثم أخذت بيدها ماء ورشته به وقالت له: اخرج من هذه الصورة التي كنت عليها فلم تتم كلامها حتى انتفض وصار بشراً كما كان.
وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.

وفي الليلة الثالثة عشرة بعد السبعمائة


قالت: بلغني أيها الملك السعيد، أن بدر باسم لما رشت أمه عليه الماء صار بشراً كما كان، فلما رأته على صورته الأصلية قامت إليه واعتنقته فبكى بكاء شديداً، وكذلك خاله صالح وجدته فراشة وبنات عمه وصاروا يقبلون يديه ورجليه ثم إن جلنار أرسلت خلف الشيخ عبد الله وشكرته على فعله الجميل مع ابنها وزوجته بالجارية التي أرسلها إليها بأخبار ولدها ودخل بها ثم جعلته ملك تلك المدينة، وأحضرت ما بقي من أهل المدينة من المسلمين وبايعتهم للشيخ عبد الله وعاهدتهم وحلفتهم أن يكونوا في طاعته وخدمته فقالوا سمعاً وطاعة ثم إنهم وعدوا الشيخ عبد الله وساروا إلى مدينتهم فلما دخلوا قصرهم تلقهاهم أهل مدينتهم بالبشائر والفرح وزينوا المدينة ثلاثة أيام لشدة فرحهم بملكهم بدر باسم وفرحوا فرحاً شديداً ثم بعد ذلك قال الملك بدر باسم لأمه: يا أمي ما بقي إلا أن أتزوج ويجتمع شملنا ببعضنا أجمعين، ثم أرسلت في الحال من يأتيها بالملك السمندل فأحضروه بين يديها ثم أرسلت إلى بدر باسم فلما جاء بدر باسم أعلمته بمجيء السمندل فدخل عليه فلما رآه الملك السمندل مقبلاً قام له وسلم عليه ورحب به، ثم إن الملك بدر باسم خطب منه ابنته جوهرة فقال له: هي في خدمتك وجاريتك وبين يديك فعند ذلك أحضروا القضاة والشهود وكتبوا كتاب الملك بدر باسم ابن الملكة جلنار البحرية على الملكة جوهرة بنت الملك السمندل وأهل المدينة زينوها وأطلقوا البشائر وأطلقوا كل من في الحبوس، وكسى الملك الأرامل والأيتام وخلع على أرباب الدولة والأمراء والأكابر، ثم أقاموا الفرح العظيم وعملوا الولائم وأقاموا في الأفراح مساء وصباحاً مدة عشرة أيام وأدخلوها على الملك بدر باسم بتسع خلع ثم خلع الملك بدر باسم على الملك السمندل ورده إلى بلاده وأهله وأقاربه ولم يزالوا في ألذ عيش وأهنأ أيام يأكلون ويشربون وتنعمون إلى أن أتاهم هادم اللذات ومفرق الجماعات وهذا آخر حكايتهم رحمة الله عليهم أجميعن.

حكاية سيف الملوك وبديعة الجمال
ومما يحكى أنه كان في قديم الزمان وسالف العصر والأوان ملك من ملوك العجم اسمه محمد بن سبائك وكان يحكم بلاد خراسان وكان في كل عام يغزو بلاد الكفارفي الهند والسند والصين والبلاد التي وراء النهر وغير ذلك من العجم وغيرها وكان ملكاً عادلاً شجاعاً كريماً جواداً، وكان ذلك الملك يحب المنادمات والروايات والأشعار والأخبار والحكايات وأسمار وسير المتقدمين وكان كل من يحفظ حكاية غريبة ويحكيها له ينعم عليه، وقيل: إنه إذا أتاه رجل غريب بسمر غريب وتكلم بين يديه واستحسنه وأعجبه كلامه يخلع عليه خلعة سنية ويعطيه ألف دينار ويركبه فرساً مسرجاً ملجماً، ويكسوه من فوق إلى أسفل ويعطيه عطايا عظيمة فيأخذها الرجل وينصرف إلى حال سبيله، فاتفق أنه أتاه رجل كبير بسمر غريب فتحدث بين يديه فاستحسنه وأعجبه كلامه، فأمر له بجائزة سنية ومن جملتها ألف دينار خراسانية وفرس بعدة كاملة ثم بعد ذلك شاعت الأخبار عن هذا الملك العظيم في جميع البلدان فسمع به رجل يقال له التاجر حسن وكان كريماً جواداً عالماً شاعراً فاضلاً وكان عند ذلك الملك وزيراً حسوداً محضره سيء لا يحب الناس جميعاً لا غنياً ولا فقيراً، وكان كلما ورد على ذلك الملك أحداً أعطاه شيئاً يحسده ويقول إن هذا الأمر يفني المال ويخرب الديار، وإن الملك دأبه هذا الأمر ولم يكن ذلك الكلام إلا حسداً وبغضاً من ذلك الوزير، ثم إن الملك سمع بخبر التاجر فأرسل إليه وأحضره.


فلما حضر بين يديه قال له: يا تاجر حسن إن الوزير خالفني وعاد أبي من أجل المال الذي أعطيه للشعراء والندماء وأرباب الحكايات والأشعار وإني إريد منك أن تحكي لي حكاية مليحة وحديثاً غريباً بحيث لم أكن سمعت مثله قط فإن أعجبني حديثك أعطيتك بلاداً كبيرة بقلاعها وأجعلها زيادة على إقطاعك وأجعل مملكتي كلها بين يديك وأجعلك كبير وزرائي تجلس على يميني وتحكم في رعيتي، وإن لم تأتني بما قلت لك أخذت جميع ما في يدك وطردتك من بلادي فقال التاجر حسن سمعاً وطاعة لمولانا الملك لكن يطلب منك المملوك أن تصبر عليه سنة ثم أحدثك بحديث ما سمعت مثله في عمرك ولا سمع غيرك بمثله ولا بأحسن منه قط فقال الملك: قد أعطيتك مهلة سنة كاملة ثم دعا بخلعة سنية فألبسه إياها قال له: الزم بيتك ولا تركب ولا تروح ولا تجيء مدة سنة كاملة حتى تحضر بما طلبته منك، فإن جئت بذلك فلك الإنعام الخاص وأبشر بما وعدتك به وإن لم تجئ بذلك فلا أنت منا ولا نحن منك.
وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.

وفي الليلة الرابعة عشرة بعد السبعمائة
قالت: بلغني أيها الملك السعيد، أن الملك محمد بن سبائك قال للتاجر حسن: إن جئتني بما طلبته منك فلك الإنعام الخاص وأبشر بما وعدتك به وإن لم تجيئني بذلك فلا أنت منا ولا نحن منك فقبل التاجر حسن الأرض بين يديه وخرج ثم اختار من مماليكه خمسة أشخاص كلهم يكتبون ويقرأون وهم فضلاء عقلاء أدباء من خواص مماليكه، وأعطى كل واحد خمسة آلاف دينار وقال لهم: أنا ما ربيتكم إلا لمثل هذا اليوم فأعينوني على قضاء غرض الملك وأنقذوني من يده فقالوا له: وما الذي تريد أن نفعل فأرواحنا فداؤك، قال لهم: أريد أن يسافر كل واحد منكم إلى إقليم وأن تستقصوا على العلماء والأدباء والفضلاء وأصحاب الحكايات الغريبة والأخبار العجيبة وابحثوا لي عن قصة سيف الملوك وائتوني بها وإذا لقيتموها عند أحد فرغبوه في ثمنها، ومهما طلب من الذهب والفضة فأعطوه غياه ولو طلب منكم ألف دينار فأعطوه المتيسر وعدوه بالباقي وائتوني بها. ومن وقع منكم بهذه القصة وأتاني بها فإني أعطيه الخلع السنية والنعم الوفية ولا يكون عندي أعز منه، ثم إن التاجر حسناً قال لواحد منهم: رح أنت إلى بلاد السند والهند وأعمالها واقاليمها، وقال للآخر: رح أنت إلى بلاد العجم والصين وأقاليمهما، وقال للآخر: رح أنت إلى بلاد الغرب واقطارها وأقاليمها وأعمالها وجميع أطرافها، وقال للآخر وهو الخامس: رح أنت إلى بلاد الشام ومصر وأعمالها وأقاليمها. ثم إن التاجر اختار لهم يوماً سعيداً وقال لهم: سافروا في هذا اليوم، واجتهدوا في تحصيل حاجتي ولا تتهاونوا ولو كان فيها بذل الأرواح فودعوه وساروا وكل واحد منهم ذهب إلى الجهة التي أمره بها فمنهم أربعة أنفس غابوا أربعة أشهر، وفشلوا فلم يجدوا شيئاً فضاق صدر التاجر حسن لما رجع إليه الأربعة مماليك وأخبروه أنهم فتشوا المدائن والبلاد والأقاليم على مطلوب سيدهم فلم يجدوا شيئاً منه وأما المملوك الخامس فإنه سافر إلى أن دخل بلاد الشام ووصل إلى مدينة دمشق فوجدها مدينة طيبة أمينة ذات أشجار وأنهار وأثمار وأطيار تسبح الله الواحد القهار الذي خلق الليل والنهار فأقام فيها أياماً وهو يسأل عن حاجة سيده فلم يجبه أحد، ثم إنه أراد أن يرحل منها ويسافر إلى غيرها، وإذا هو بشاب يجري ويتعثر في أذياله. فقال له المملوك: ما بالك تجري وأنت مكروب وإلى أين تقصد? فقال له: هنا شيخ فاضل كل يوم يجلس على كرسي في مثل هذا الوقت ويحدث حكايات وأخباراً واسماراً ملاحاً لم يسمع أحد مثلها وأنا أجري حتى أجد لي موضعاً قريباً منه وأخاف أني لا احصل لي موضعاً من كثرة الخلق، فقال له المملوك: خذني معك، فقال له الفتى: أسرع في مشيتك فغلق بابه واسرع في السير معه حتى وصل إلى الموضع الذي فيه الشيخ بين الناس، فرأى لذلك الشيخ صبيح الوجه وهو جالس على كرسي يحدث الناس فجلس قريباً منه وأصغى ليسمع حديثه فلما جاء وقت غروب الشمس فرغ الشيخ من الحديث وسمع الناس ما تحدث به وانفضوا من حوله فعند ذلك تقدم إليه المملوك وسلم عليه فرد عليه السلام وزاد في التحية والإكرام.


فقال له المملوك: إنك يا سيدي الشيخ رجل مليح محتشم وحديثك مليح وأريد أن أسألك عن شيء فقال له: اسأل عما تريد? فقال له المملوك: هل عندك قصة سمر سيف الملوك وبديعة الجمال? فقال له الشيخ ومن سمعت هذا الكلام ومن الذي أخبرك بذلك? فقال المملوك: أنا ما سمعت ذلك من أحد ولكن أنا من بلاد بعيدة وجئت قاصداً لهذه القصة، فمهما طلبت من ثمنها أعطيتك إن كانت عندك وتنعم وتتصدق علي بها وتجعلها من مكارم أخلاقك صدقة عن نفسك ولو أن روحي في يدي وبذلتها لك فيها لطاب خاطري بذلك، فقال له الشيخ: طب نفساً وقر عيناً وهي تحضر لك ولكن هذا سمر لا يتحدث به أحد على قارعة الطريق ولا أعطي هذه القصة لكل واحد، فقال له المملوك: بالله يا سيدي لا تبخل علي بها واطلب مني مهما أردت، فقال له الشيخ: إن كنت تريد هذه القصة، فأعطني مائة دينار وأنا أعطيك إياها ولكن بخمس شروط، فلما عرف أنها عند الشيخ وأنه سمح له بها فرح فرحاً شديداً وقال له: أعطيك مائة دينار ثمنها وعشرة جعالة وآخذها بالشروط التي تذكرها.
فقال له الشيخ: رح هات الذهب وخذ حاجتك فقام المملوك وقبل يدي الشيخ وراح إلى منزله فرحاً مسروراً، وأخذ في يده مائة دينار وعشرة ووضعها في كيس كان معه، فلما أصبح الصباح قام ولبس ثيابه وأخذ الدنانير وأتى بها إلى الشيخ فرآه جالساً على باب داره فسلم عليه فرد عليه السلام فأعطاه المائة دينار وعشرة، فأخذها منه الشيخ وقام ودخل داره وأدخل المملوك وأجلسه في مكان وقدم له دواة وقلماً وقرطاساً وقدم له كتاباً وقال له: اكتب الذي أنت طالبه من هذا الكتاب من قصة سمر سيف الملوك فجلس المملوك يكتب هذه القصة إلى أن فرغ من كتابتها ثم قرأها على الشيخ وصححها وبعد ذلك قال له: اعلم يا ولدي أن أول شرط أنك لا تقول هذه القصة على قارعة الطريق ولا عند النساء والجواري ولا عند العبيد والسفهاء ولا عند الصبيان وإنما تقرؤها عند الأمراء والملوك والوزراء وأهل المعرفة من المفسرين وغيرهم فقبل المملوك الشروط وقبل يد الشيخ وودعه وخرج من عنده.
وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.

وفي الليلة الخامسة عشرة بعد السبعمائة
قالت: بلغني أيها الملك السعيد، أن مملوك حسن لما نقل القصة من كتاب الشيخ الذي بالشام وأخبره بالشروط وودعه وخرج من عنده وسافر في يومه فرحاً مسروراً ولم يزل مجداً في السير من كثرة الفرح الذي حصل له بسبب تحصيله لقصة سمر سيف الملوك حتى وصل إلى بلاده ثم إن التاجر أخذ القصة وكتبها بخطه مفسرة وطلع إلى الملك، وقال له: أيها الملك السيعد إني جئت بسمر وحكايات مليحة نادرة لم يسمع مثلها أحد قط.
فلما سمع الملك كلام التاجر حسن أمر في وقته وساعته بأن يحضر كل أمير عاقل وكل عالم فاضل وكل فطن وأديب وشاعر ولبيب، وجلس التاجر حسن وقرأ هذه السيرة عند الملك، فلما سمعها الملك وكل من كان حاضراً تعجبوا جميعاً واستحسنوها، وكذلك استحسنها الذين كانوا حاضرين ونثروا عليه الذهب والفضة والجواهر، ثم أمر الملك للتاجر حسن بخلعة سنية من أفخر ملبوسه وأعطاه مدينة كبيرة بقلاعها وضياعها وجعله من أكابر وزرائه وأجلسه على يمينه ثم أمر الكتاب أن يكتبوا هذه القصة ويجعلوها في خزانته الخاصة وصار المللك كلما ضاق صدره يحضر التاجر حسن فيقرأها.
ومضمون هذه القصة أنه كان في قديم الزمان وسالف العصر والأوان في مصر ملك يسمى عاصم بن صفوان وكان ملكاً سخياً جواداً صاحب هيبة ووقار وكانت له بلاد كثيرة وقلاع وحصون وجيوش وعساكر وكان له وزير يسمى فارس ابن صالح وكانوا جميعاً يعبدون الشمس والنار دون الملك الجبار الجليل القهار ثم إن هذا الملك صار شيخاً كبيراً قد أضعفه الكبر والسقم والهرم لأنه عاش مائة وثمانين سنة ولم يكن له ولد ذكر ولا أنثى وكان بسبب ذلك في هم وغم ليلاً نها را
  رد مع اقتباس
قديم 27/1/2009, 11:25 PM   رقم المشاركة : ( 702 )
ساهر سات
استاذ فضائيات

الصورة الرمزية ساهر سات

الملف الشخصي
رقم العضوية : 125505
تاريخ التسجيل : Oct 2008
العمـر :
الجنـس :
الدولـة : المهندسين العرب
المشاركات : 11,668 [+]
آخر تواجـد : ()
عدد النقاط : 10
قوة الترشيـح : ساهر سات يستاهل التميز

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

ساهر سات غير متصل

افتراضي رد: قصة الف ليله وليله

فاتفق أنه كان جالساً يوماً من الأيام على سرير ملكه والأمراء والوزراء والمقدمون وارباب الدولة في خدمته على جري عادتهم وعلى قدر منازلهم وكل من دخل عليه من الأمراء ومعه ولد وولدان يحسده الملك ويقول في نفسه: كل واحد مسرور فرحان بأولاده وأنا ما لي ولد وفي غد أموت وأترك ملكي وتختي وضياعي وخزائني وأموالي وتأخذها الغرباء وما يذكرني أحد قط ولا يبقى لي ذكر في الدنيا إن الملك عاصماً استغرق في بحر الفكر فلم يتكلم ولم يفتح فاه ولم يرفع رأسه وما زال يبكي ويصوت بصوت عال وينوح نوحاً زائداً ويتأوه والوزير صابر له ثم بعد ذلك قال الوزير: إن لم تقل لي ما سبب ذلك، وإلا قتلت نفسي بين يديك من ساعتي وأنت تنظر ولا أراك مهموماً، ثم إن الملك عاصماً رفع رأسه ومسح دموعه وقال: أيها الوزير الناصح خلني بهمي وغمي فالذي في قلبي من الأحزان يكفيني، فقال له الوزير: قل لي أيها الملك ما سبب هذا البكاء لعل الله يجعل لك الفرج على يدي.
وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.

وفي الليلة السادسة عشرة بعد السبعمائة
قالت: بلغني أيها الملك السعيد، أن الوزير لما قال للملك عاصم: قل لي ما سبب هذا البكاء لعل الله يجعل لك الفرج على يدي، قال له الملك: يا وزير إن بكائي ما هو على مال ولا على خيل ولا على شي، ولكن أنا بقيت رجلاً كبيراً وصار عمري نحو مائة وثمانين سنة ولا رزقت ولداً ذكراً ولا أنثى فإذا مت يدفنوني ثم ينمحي رسمي وينقطع اسمي يأخذ الغرباء تختي وملكي ولا يذكرني أحد أبداً.
فقال الوزير: يا ملك الزمان أنا أكبر منك بمائة سنة ولا رزقت بولد قط ولم أزل ليلاً ونهاراً في هم وغم وكيف نفعل أنا وأنت، ولكن سمعت بخبر سليمان بن داود عليه السلام وأن له رباً عظيماً قادراً على كل شيء فينبغي أن أتوجه إليه بهدية وأقصده في أن يسأل ربه لعله يرزق كل واحد منا بولد، ثم إن الوزير تجهز للسفر وأخذ هدية فاخرة وتوجه بها إلى سليمان بن داود عليه السلام. هذا ما كان من أمر الوزير.



وأما ما كان من أمر سليمان بن داود عليه السلام فإن الله سبحانه وتعالى أوحى إليه وقال: يا سليمان إن ملك مصر أرسل إليك وزيره الكبير بالهدايا والتحف وهي كذا وكذا فأرسل إليه وزيرك آصف بن برخيا لاستقباله بالإكرام والزاد في موضع الإقامات، فإذا حضر بين يديك فقل له: إن الملك أرسلك تطلب كذا وكذا، وإن حاجتك كذا وكذا ثم اعرض عليه الإيمان فحينئذ أمر سليمان وزيره آصف أن يأخذ معه جماعة من حاشيته للقائهم بالإكرام والزاد الفاخر في موضع الإقامات، فخرج آصف بعد أن جهز جميع اللوازم إلى لقياهم وسار حتى وصل إلى فارس وزير ملك مصر فاستقبله وسلم عليه وأكرمه هو ومن معه إكراماً زائداً وصار يقدم إليهم الزاد والعلوفات في موضع الإقامات وقال لهم: أهلاً وسهلاً ومرحباً بالضيوف القادمين فأبشروا بقضاء حاجتكم وطيبوا نفساً وقروا عيناً وانشرحوا صدوراص، فقال الوزير في نفسه: من أخبرهم بذلك? ثم إنه قال لآصف: إن سليمان بن داود عليه السلام هو الذي أخبرنا بهذا فقال الوزير فارس: ومن أخبر سيدنا سليمان? قال: أخبره رب السموات والأرض وإله الخلق أجمعين. فقال له الوزير فارس: ما هذا إلا إله عظيم فقال له آصف بن برخيا: وهل أنتم لا تعبدونه? فقالفارس وزير ملك مصر: نحن نعبد الشمس ونسجد لها، فقال له آصف: يا وزير فارس إن الشمس كوكب من جملة الكواكب المخلوقة لله سبحانه وتعالى وحاشى أن تكون رباً لأن الشمس تظهر أحياناً وتغيب أحياناً وربنا حاضر لا يغيب وهو على كل شيء قدير، ثم إنهم سافروا قليلاً حتى وصلوا إلى قرب تخت الملك سليمان بن داود عليه السلام فأمر سليمان بن داود عليه السلام جنوده من الإنس والجن وغيرهما أن يصطفوا في طريقهم صفوفاً، فوقفت وحوش البحر والفيلة والنمور والفهود جميعاً واصطفوا في الطريق صفين وكل جنس انحازت أنواعه وحدها وكذلك الجان كل منهم ظهر للعيون من غير خفاء على صورة هائلة مختلفة الأحوال، فوقفوا جميعاً صفين والطيور نشرت أجنحتها لتظلهم وصارت الطيور تناغي بعضها بسائر اللغات والألحان فلما وصل أهل مصر إليهم هابوا ولم يجسروا على المشي فقال لهم آصف: ادخلوا بينهم وامشوا ولا تخافوا منهم فإنهم رعايا سليمان ابن داود وما يضركم منهم أحد ثم إن آصف دخل بينهم فدخل وراءه الخلق أجمعون ومن جملتهم جماعة وزير ملك مصر وهم خائفون ولم يزالوا سائرين حتى وصلوا إلى المدينة فأنزلوهم في دار الضيافة وأكرموهم غاية الإكرام وأحضروا لهم الضيافات الفاخرة مدة ثلاثة أيام، ثم أحضروهم بين يدي سليمان بن داود نبي الله عليه السلام.
فلما دخلوا عليه أرادوا أن يقبلوا الأرض بين يديه فمنعهم من ذلك سليمان بن داود، وقال لا ينبغي أن يسجد إنسان على الأرض إلا لله عز وجل خالق السماوات والأرض وغيرهما ومن أراد منكم أن يقف فليقف، ولكن لا يقف أحد منكم في خدمتي فامتثلوا وجلس الوزير وبعض خدامه ووقف في خدمته بعض الأصاغر فلما استقر بهم الجلوس مدوا لهم الأسمطة فأكل العالم أجمعون من الطعام حتى اكتفوا، ثم إن سليمان أمر وزير مصر أن حاجته ستقضى وقال له: تكلم ولا تخف شيئاً مما جئت بسببه لأنك ما جئت إلا لقضاء حاجة وأنا أخبرك بها وهي كذا وكذا، وإن ملك مصر الذي أرسلك اسمه عاصم وقد صار شيخاً كبيراً هرماً ضعيفاً، ولم يرزقه الله تعالى بولد ذكر ولا أنثى فصار في الغم والهم والفكر ليلاً ونهاراً، حتى اتفق له أنه جلس على كرسي مملكته يوماً من الأيام ودخل عليه الوزراء وأكابر دولته، فرأى بعضهم له ولدان وبعضهم له ثلاثة أولاد، وهم يدخلون ومعهم أولادهم ويقفون في الخدمة فتذكر في نفسه، وقال من فرط حزنه: يا ترى من يأخذ مملكتي بعد موتي وهل يأخذها إلا رجل غريب? وأصير أنا كأني لم أكن فغرق في بحر الفكر بسبب هذا، ولم يزل متفكراً حزيناً حتى فاضت عيناه بالدموع فغطى وجهه بالمنديل وبكى بكاء شديداً ثم قام من فوق سريره وجلس على الأرض يبكي وينتحب ولو يعلم ما في قلبه إلا الله تعالى وهو جالس على الأرض.
وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.

وفي الليلة السابعة عشرة بعد السبعمائة



قالت: بلغني أيها الملك السعيد، أن نبي الله سليمان بن داود عليه السلام لما أخبر الوزير فارساً بما حصل للملك من الحزن والبكاء، وما حصل بينه وبين وزيره فارس من أوله إلى آخره، قال بعد ذلك الوزير فارس: هل هذا الذي قلته لك يا وزير صحيح? فقال الوزير فارس: يا نبي الله إن الذي قلته حق وصدق ولكن يا نبي الله ما كنت أتحدث أنا والملك في هذه القضية ولم يكن عندنا أحد قط ولم يشعر بخبرنا أحد من الناس فمن أخبرك بهذه الأمور كلها? قال له: أخبرني ربي الذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، فحينئذ قال الوزير فارس: يا نبي الله ما هذا إلا رب كريم عظيم على كل شيء قدير ثم أسلم الوزير فارس هو ومن كان معه، فقال نبي الله سليمان للوزير: إن معك كذا وكذا من التحف والهدايا، قال الوزير: نعم فقال له سليمان: قد قبلت منك الجميع ولكني وهبتها لك فاسترح أنت ومن معك في المكان الذي نزلتم فيه حتى يزول عنكم تعب السفر، وفي غد إن شاء الله تقضي حاجتك على أتم ما يكون بمشيئة الله تعالى رب السماء والأرض وخالق الخلق أجمعين، ثم إن الوزير فارساً ذهب إلى موضعه وتوجه إلى السيد سليمان ثاني يوم، فقال له نبي الله سليمان: إذا وصلت إلى الملك عاصم بن صفوان واجتمعت أنت وإياه فاطلعنا فوق الشجرة الفلانية واقعدا ساكتين فإذا كان بين الصلاتين وقد برد حر القائلة فانزلا إلى أسفل الشجرة وانظرا هناك تجدا ثعبانين يخرجان، رأس أحدهما كراس القرود ورأس الآخر كرأس العفريت فإذا رأيتماهما فارمياهما بالنشاب واقتلاهما، ثم ارميا من جهة رؤوسهما قدر شبر واحد من جهة أذيالهما كذلك فتبقى لحومهما، فاطبخاهما وأتقنا طبخهما وأطعماهما زوجتيكما وناما معهما تلك الليلة فإنهما يحملان بإذن الله تعالى بأولاد ذكور.
ثم إن سليمان عليه السلام أحضر خاتماً وسيفاً وبقجة فيها قباآن مكللان بالجواهر وقال: ياوزير فارس: إذا كبر ولداكما وبلغا مبلغ الرجال فأعطوا كل واحد منهما قباء من هذين القباءين، ثم قال للوزير فارس: باسم الله تعالى قضيت حاجتك وما بقي لك إلا أن تسافر على بركة الله تعالى، فإن الملك تقدم لنبي الله سليمان بن داود عليه السلام وودعه وخرج من عنده بعد أن قبل يديه وسافر بقية يومه وهو فرحان بقضاء حاجته وجدفي السير ليلاً ونهاراً، ولم يزل مسافراً حتى وصل إلى قرب مصر فارسل بعض خدامه ليعلم الملك عاصماً بذلك.
فلما سمع الملك عاصم بقدومه وقضاء حاجته فرح فرحاً شديداً، هو وخواصه وأرباب مملكته وجميع جنوده وخصوصاً بسلامة الوزير فارس فلما تلاقى الملك والوزير ترجل الوزير وقبل الأرض بين يديه، وبشر الملك بقضاء حاجته أتم الوجوه وعرض عليه الإيمان بالإسلام، فأسلم الملك عاصم وقال للوزيرفارس رح بيتك واسترح أيضاً جمعة من الزمان داخل الحمام، وبعد ذلك تعال عندي حتى أخبرك بشيء نتدبر فيه، فقبل الأرض وانصرف هو وحاشيته وغلمانه وخدمه إلى داره واستراح ثمانية أيام. ثم بعد ذلك توجه إلى الملك وحدثه بجميع ما كان بينه وبين سليمان بن داود عليه السلام ثم إنه قال للملك: قم وحدك وتعال معي فقام هو والوزير وأخذا قوسين ونشابين وطلعا فوق الشجرة وقعدا ساكتين إلى أن مضى وقت القائلة ولم يزالا إلى قرب العصر ثم نزلا ونظرا فرأيا ثعبانين خرجا من أسفل تلك الشجرة فنظرهما الملك وأحبهما لأنهما أعجباه حين رأهما بالأطواق الذهب وقال: يا وزير إن هذين الثعبانين مطوقان بالذهب، والله إن هذا شيء عجيب خلنا نمسكهما ونجعلهما، قفص ونتفرج عليهما، فقال الوزير: هذان خلقهما الله لمنفعتهما فارم أنت واحد بنشابة وارم أنا واحد بنشابة، فرمى الاثنان عليهما النشاب فقتلاهما وقطعا من جهة رؤوسهما شبراً ومن جهة أذنابهما شبراً ورمياه ثم ذهبا بالباقي إلى بيت الملك وطلبا الطباخ وأعطياه ذلك اللحم، وقالا له: اطبخ هذا اللحم طبخاً مليحاً بالتقلية والأباريز واغرفه في زبدتين وهاتهما وتعال هنا في الوقت الفلاني والساعة الفلانية ولا تبطئ.
وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.

وفي الليلة الثامنة عشر بعد السبعمائة
  رد مع اقتباس
قديم 27/1/2009, 11:28 PM   رقم المشاركة : ( 703 )
ساهر سات
استاذ فضائيات

الصورة الرمزية ساهر سات

الملف الشخصي
رقم العضوية : 125505
تاريخ التسجيل : Oct 2008
العمـر :
الجنـس :
الدولـة : المهندسين العرب
المشاركات : 11,668 [+]
آخر تواجـد : ()
عدد النقاط : 10
قوة الترشيـح : ساهر سات يستاهل التميز

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

ساهر سات غير متصل

افتراضي رد: قصة الف ليله وليله

قالت: بلغني أيها الملك السعيد، أن الملك والوزير لما أعطيا الطباخ لحم الثعبانين وقالا له: اطبخه واغرفه في زبدتين وهاتهما هنا ولا تبطئ، فأخذ الطباخ اللحم وذهب به وطبخه وأتقن طبخه بتقلية عظيمة، ثم غرفه في زبدتين وأحضرهما بين يدي الملك والوزير فأخذ الملك زبدية والوزير زبدية وأطعماهما لزوجتيهما وباتا تلك الليلة معهما، فبإرادة الله سبحانه وتعالى وقدرته ومشيئته حملتا تلك الليلة، فمكث الملك بعد ذلك ثلاثة أشهر وهو متشوش الخاطر يقول في نفسه: يا ترى هذا الأمر صحيح ثم إن زوجته كانت جالسة يوماً من الأيام، فتحرك الولد في بطنها فعلمت أنها حامل فتوجعت وتغير لونها، وطلبت واحداً من الخدام الذين عندها وهو أكبرهم وقالت له: اذهب إلى الملك في أي موضع يكون وقل له: يا ملك الزمان أبشرك أن سيدتنا ظهر حملها والولد قد تحرك في بطنها فخرج الخادم سريعاً وهو فرحان فرأى الملك وحده ويده على خده وهو متفكر في ذلك، فأقبل عليه الخادم وقبل الأرض بين يديه وأخبره بحمل زوجته. فلما سمع الملك كلام الخادم نهض قائماً على قدميه ومن شدة فرحه قبل يد الخادم وراسه وخلع ما كان عليه وأعطاه إياه، وقال لمن كان حاضراً في مجلسه: من كان يحبني فلينعم عليه، فأعطوه من الأموال والجواهر واليواقيت والخيل والبغال والبساتين شيئاً لا يعد ولا يحصى. ثم إن الوزير دخل على الملك وقال: يا ملك الزمان أنا في هذه الساعة كنت قاعداً في البيت وحدي وأنا مشغول الخاطر متفكراً في شأن الحمل وأقول في نفسي: يا ترى هل هو حق أن خاتون تحبل أم لا? وإذا بالخادم دخل علي وبشرني بأن زوجتي خاتون حامل وأن الولد قد تحرك في بطنها وتغير لونها فمن فرحتي خلعت جميع ما كان علي من القماش وأعطيت الخادم إياه وأعطيته ألف دينار وجعلته كبير الخدام ثم إن الملك عاصماً قال: يا وزير إن الله تبارك وتعالى أنعم علينا بفضله وإحسانه وجوده وامتنانه بالدين القويم وأكرمنا بكرمه وفضله. وقد أخرجنا من الظلمات إلى النور وأريد أن أخرج على الناس وأفرحهم، فقال الوزير: افعل ما تريد، فقال: يا وزير انزل في هذا الوقت واخرج كل من كان في الحبس من أصحاب الجرائم ومن عليهم ديون وكل من وقع منه ذنب، بعد ذلك تجازيه بما يستحقه ونرفع عن الناس الخراج ثلاث سنوات، وانصب في دائرة هذه المدينة مطبخاً حول الحيطان، وأعطى الأمر للطباخين بأن يعلقوا عليه جميع أنواع القدور وأن يطبخوا سائر أنواع الطعام ويديموا الطبخ الليل والنهار وكل من كان في هذه المدينة، وما حولها من البلاد البعيدة والقريبة يأكلون ويشربون ويحملون إلى بيوتهم وأمرهم أن يفرحوا ويزينوا المدينة سبعة أيام، ولا يقفلوا حوانيتهم ليلاً ونهاراً.



فخرج الوزير من وقته وساعته وفعل ما أمره به الملك عاصم وزينوا المدينة والقلاع والأبراج أحسن الزينة ولبسوا أحسن ملبوس وصار الناس في أكل وشرب ولعب وانشراح إلى أن حصل الطلق لزوجة الملك بعد انقضاء أيامها فوضعت ولداً ذكراً كالقمر ليلة تمامه فسماه سيف الملوك. وكذلك زوجة الوزير وضعت ولداً كالمصباح فسماه ساعداً فلما بلغا رشدهما صار الملك عاصم كلما ينظرهما يفرح بهما الفرح الشديد فلما صار عمرهما عشرين سنة طلب الملك وزيره فارساً في خلوة، وقال له: يا وزير قد خطر ببالي أمر أريد أن أفعله ولكن أستشيرك فيه فقال له الوزير: مهما خطر ببالك افعله، فإن رأيك مبارك، فقال الملك عاصم: يا وزير أنا صرت رجلاً كبيراً شيخاً هرماً لأني طعنت في السن وأريد أن أقعد في زاوية لأعبد الله تعالى وأعطي ملكي وسلطتي لولدي سيف الملوك فإنه صار شاباً مليحاً كامل الفروسية والعقل والأدب والحشمة والرياسة فما تقول أيها الوزير في هذا الرأي? فقال الوزير: نعم الرأي الذي رأيته، وهو راي مبارك سعيد، فإذا فعلت أنت هذا فأنا الآخر أفعل مثلك ويكون ولدي ساعداً وزيراً له لأنه شاب مليح ذو معرفة ورأي ويصير الاثنان مع بعضهما ونحن ندبر شأنهما ولا نتهاون في أمرهما بل ندلهما على الطريق المستقيم، ثم قال الملك عاصم لوزيره: اكتب الكتب وأرسلها مع السعاة إلى جميع الأقاليم والبلاد والحصون والقلاع التي تحت أيدينا، وأمر أكابرها أن يكونوا في الشهر الفلاني حاضرين في ميدان الفيل، فخرج الوزير فارساً من وقته وساعته وكتب إلى جميع العمال وأصحاب القلاع، ومن كان تحت حكم الملك عاصم أن يحضروا جميعهم في الشهر الفلاني وأمر أن يحضروا كل من في المدينة من قاص ودان. ثم إن الملك عاصماً بعد مضي تلك المدة، أمر الفراشين أن يضربوا القباب في وسط الميدان وأن يزينوها بأفخر الزينة وأن ينصبوا التخت الكبير الذي لا يقعد عليه الملك إلا في الأعياد ففعلوا في الحال جميع ما أمرهم به ونصبوا التخت وخرجت النواب والحجاب والأمراء والوزراء وأصحاب الأقاليم والضياع إلى ذلك الميدان ودخلوا في خدمة الملك على جري عادتهم واستقروا كلهم في مراتبهم، فمنهم من قعد ومنهم من وقف إلى أن اجتمعت الناس جميعهم وأمر الملك أن يمدوا السماط، فمدوه وأكلوا وشربوا ودعوا للملك ثم امر الملك الحجاب أن ينادوا في الناس بعدم الذهاب فنادوا وقالوا في المناداة: لا يذهب منكم أحد حتى يسمع كلام الملك، ثم رفعوا الستور فقال الملك: من أحبني فليمكث حتى يسمع كلامي، فقعد الناس جميعهم مطمئني النفوس بعد أن كانوا خائفين، ثم قام الملك على قدميه وحلفهم أن لا يقوم أحد من مقامه وقال لهم: أيها الأمراء والوزراء وأرباب الدولة كبيركم وصغيركم ومن حضر من جميع الناس هل تعلمون أن هذه المملكة لي وراثة من آبائي وأجدادي? قالوا له: نعم أيها الملك كلنا نعلم ذلك فقال لهم: أنا وأنتم كنا كلنا نعبد الشمس والقمر ورزقنا الله تعالى الإيمان وأنقذنا من الظلمات إلى النور، وهدانا الله سبحانه وتعالى إلى دين الإسلام واعلموا أني الآن صرت رجلاً كبيراً شيخاً هرماً عاجزاً وأريد أن أجلس في زاوية أعبد الله فيها وأستغفره من الذنوب الماضية، وهذا ولدي سيف الملوك حاكم، وتعرفون انه شاب مليح فصيح خبير بالأمور عاقل فاضل عادل، فأريد في هذه الساعة أن أعطيه مملكتي وأجعله ملكاً عليكم عوضاً عني وأجلسه سلطاناً في مكاني وأتخلى أنا لعبادة الله تعالى في زاوية وابني سيف الملوك يتولى الحكم ويحكم بينكم، فأي شيء قلتم كلكم بأجمعكم? فقاموا كلهم وقبلوا الأرض بين يديه، وأجابوا بالسمع والطاعة وقالوا: يا ملكنا وحامينا لو أقمت علينا عبداً من عبيدك لأطعناه وامتثلنا أمرك فكيف بولدك سيف الملوك فقد قبلناه ورضيانه على العين والراس فقام الملك عاصم بن صفوان ونزل من فوق سريره، وأجلس ولده على التخت الكبير ورفع التاج فوق رأس ولده وشد وسطه بمنطقة الملك، وجلس الملك عاصم على كرسي مملكته بجانب ولده فقام الأمراء والوزراء وأكابر الدولة وجميع الناس وقبلوا الأرض بين يديه، وصاروا وقوفاً يقولون لبعضهم: هو حقيق بالملك وهو أولى به من الغير ونادوا بالأمان ودعوا له بالنصر والإقبال ونثر سيف الملوك الذهب والفضة على رؤوس الناس أجمعين.
وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.



وفي الليلة التاسعة عشرة بعد السبعمائة
قالت: بلغني أيها الملك السعيد، أن عاصماً لما أجلس ولده سيف الملوك على التختودعا له كامل الناس بالنصر والإقبال نثر الذهب والفضة على رؤوس الناس أجمعين وخلع الخلع ووهب وأعطى، ثم بعد لحظة قام الوزير فارساً وقبل الأرض وقال: يا أمراء.. يا أرباب الدولة، هل تعرفون أني وزير ووزارتي قديمة قبل أن يتولى الملك عاصم بن صفوان، وهو الآن قد خلع نفسه من الملك وولى ولده عوضاً عنه? قالوا: نعم نعرف وزارتك أباً عن جد، فقال: والآن أخلع نفسي وأولي ولدي ساعداً هذا، فغنه عاقل فطن خبير فأي شيء تقولون بأجمعكم? فقالوا: لا يصلح وزيراً للملك سيف الملوك إلا ولدك ساعداً فإنهما يصلحان لبعضهما، فعند ذلك قام الوزراء قدامه أيضاً وقالت الحجاب والأمراء: إنه يستحق الوزارة، فعند ذلك قام الملك عاصم والوزير فارس وفتحا الخزائن وخلعا الخلع السنية على الملوك والأمراء وأكابر الدولة والناس أجمعين وأعطيا النفقة والأنعام وكتبا لهم المناشير الجديدة والمراسيم بعلامة سيف الملوك وعلامة الوزير ساعد بن الوزير فارس وأقام الناس في المدينة جمعة وبعدها كل منهم سافر إلى بلاده ومكانه، ثم إن الملك عاصماً أخذ ولده سيف الملوك وساعداً ولد الوزير ثم دخلوا وطلعوا القصر وأحضروا الخازندار، وأمروه بإحضار الخواتم والسيف والبقجة وقال الملك عاصم: يا أولادي تعالوا كل واحد منكم يختار من هذه الهدية شيئاً ويأخذه، فأول من مد يده سيف الملوك فأخذ البقجة والخاتم ومد ساعد يده فأخذ السيف والمهر وقبلا يد الملك وذهبا إلى منازلهما، فلما أخذ سيف الملوك البقجة لم يفتحه ولم ينظر ما فيها بل رماها فوق التخت الذي ينام عليه بالليل هو وساعد وزيره، وكان من عادتهما أن يناما مع بعضهما ثم إنهما فرشوا لهما فراش النوم ورقدا الاثنان مع بعضهما على فراشهما والشموع تضيء عليهما واستمرا إلى نصف الليل ثم انتبه سيف الملوك من نومه فرأى البقجة عند رأسه، فقال في نفسه: يا ترى أي شيء في هذه البقجة? التي أهداها لنا الملك من التحف فأخذها وأخذ الشمعة ونزل من فوق التخت وترك ساعداً نائماً ودخل الخزانة وفتح البقجة فرأى فيها قباء من شغل الجان ففتح القباء وفرده فوجد على البطانة التي من داخل في جهة ظهر القباء صورة بنت منقوشة بالذهب ولكن جمالها شيء عجيب.
فلما رأى هذه الصورة طار عقله من رأسه وصار مجنوناً بعشق تلك الصورة ووقع على الأرض مغشياً عليه وصار يبكي وينتحب ويلطم على وجهه، فلما رآه ساعداً على هذه الحالة قال: أنا وزيرك وأخوك وتربيت أنا وإياك وإن لم تبين لي أمورك وتطلعني على سرك فعلى من تخرج سرك وتطلع عليه? ولم يزل ساعداً يتضرع ويقبل الأرض ساعة زمانية وسيف الملوك لا يلتفت إليه ولا يكلمه كلمة واحدة بل يبكي، فلما رأى ساعداً حاله وأعياه أمره خرج من عنده وأخذ سيفاً ودخل الخزانة التي فيها سيف الملوك وحط ذبابة على صدر نفسه وقال لسيف الملوك: انتبه يا أخي، إن لم تقل لي أي شيء جرى لك قتلت روحي ولا أراك في هذه الحالة فعند ذلك رفع سيف المولك رأسه إلى وزيره ساعداً وقال له: يا أخي أنا استحيت أن أقول لك وأخبرك بالذي جرى لي. فقال له ساعداً: سألتك بالله رب الأرباب ومعتق الرقاب ومسبب الأسباب الواحد التواب الكريم الوهاب أن تقول لي ماذا جرى لك ولا تستحي مني، فأنا عبدك ووزيرك ومشريك في الأمور كلها، فقال سيف الملوك: تعال وانظر إلى هذه الصورة فلما رأى ساعد تلك الصورة تأمل فيها ساعة زمانية ورأى مكتوباً على رأس الصورة باللؤلؤ المنظوم: هذه الصورة، صورة بديعة الجمال بنت شماخ بن شاروخ ملك من ملوك الجان المؤمنين الذين هم نازلون في مدينة بابل وساكنون في بستان أرم بن عاد الأكبر.
وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.

وفي الليلة العشرين بعد السبعمائة
  رد مع اقتباس
قديم 27/1/2009, 11:32 PM   رقم المشاركة : ( 704 )
ساهر سات
استاذ فضائيات

الصورة الرمزية ساهر سات

الملف الشخصي
رقم العضوية : 125505
تاريخ التسجيل : Oct 2008
العمـر :
الجنـس :
الدولـة : المهندسين العرب
المشاركات : 11,668 [+]
آخر تواجـد : ()
عدد النقاط : 10
قوة الترشيـح : ساهر سات يستاهل التميز

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

ساهر سات غير متصل

افتراضي رد: قصة الف ليله وليله

قالت: بلغني أيها الملك السعيد، أن الملك سيف الملوك بن الملك عاصم والوزير ساعد بن الوزير فارس لما قرأا الكتابة التي على القباء ورأيا فيها صورة بديعة الجمال بنت شامخ بن شاروخ ملك بابل من ملوك الجان المؤمنين النازلين بمدينة بابل الساكنين في بستان ارم بن عاد الأبر قال الوزير ساعد للملك سيف: يا أخي أتعرف من صاحبة هذه الصورة من النساء حتى نفتش عليها فقال سيف الملوك: والله يا أخي ما أعرف صاحبة هذه الصورة، فقال ساعد: تعال اقرأ هذه الكتابة فتقدم سيف الملوك وقرأ الكتابة التي على التاج وعرف مضمونها فصرخ من صميم قلبه وقال: آه، آه، آه، فقال له ساعد: يا أخي إن كانت صاحبة هذه الصورة موجودة واسمها بديعة الجمال وهي في الدنيا، فأنا أسرع في طلبها من غير مهلة حتى تبلغ مرادك، فبالله يا أخي أن تترك البكاء لأجل أن تدخل أهل الدولة في خدمتك فإذا كان ضحوة النهار فاطلب التجار والفقراء والسواحين والمساكين، واسألهم عن صفات هذه المدينة لعل أحداً ببركة الله سبحانه وتعالى وعونه يدلنا عليها وعلى بستان ارم.
فلما أصبح الصباح قام سيف الملوك وطلع فوق التخت وهو معانق للقباء لأنه صار لا يقوم ولا يقعد ولا يأتيه نوم إلا وهو معه، فدخلت عليه الأمراء والوزراء والجنود وأرباب الدولة، فلما تم الديوان وانتظم الجمع، قال الملك سيف الملوك لوزيره ساعد: ابرز لهم وقل إن الملك حصل له تشويش والله ما بات البارحة إلا وهو ضعيف فبلغ الوزير ساعد وأخبر الناس بما قاله الملك سيف فلما سمع الملك عاصم ذلك لم يهن عليه ولده فعند ذلك دعا الحكماء والمنجمين ودخل بهم على ولده سيف الملوك فنظروا إليه ووصفوا له الشراب واستمر في موضعه مدة ثلاثة أشهر، فقال الملك عاصم للحكماء الحاضرين وهو مغتاظ عليهم: ويلكم يا كلاب هل عجزتم كلكم عن مداواة ولدي فإن لم تداووه في هذه الساعة أقتلكم جميعاً، فقال رئيسهم الكبير: يا ملك الزمان إننا نعلم أن هذا ولدك وأنت تلعم أننا لا نتساهل في مداواة الغريب فكيف بمداواة ولدك ولكن ولدك به مرض صعب إن شئت معرفته نذكره لك ونحدثك به، قال الملك عاصم: أي شيء ظهر لكم من مرض ولدي? فقال له الحكيم الكبير: يا ملك الزمان إن ولدك الآن عاشق ويحب من لا سبيل إلى وصاله، فاغتاظ الملك عليهم وقال لهم: من أين علمتم أن ولدي عاشق ومن أين جاء العشق لولدي? فقالوا له: اسأل أخاه ووزيره ساعداً فإنه هو الذي يعلم حاله فعند ذلك قام الملك عاصم ودخل في خزانة وحده ودعا بساعد وقال: اصدقني بحقيقة مرض أخيك فقال له: ما أعلم حقيقته فقال الملك للسياف: خذ ساعداً واربط عينيه واضرب رقبته، فخاف ساعد على نفسه وقال له: يا ملك الزمان أعطني الأمان فقال له: قل لي ولك الأمان فقال له ساعد: إن ولدك عاشق فقال له الملك: ومن معشوقته? فقال ساعد: بنت ملك من ملوك الجان فإنه رأى صورتها في قباء من البقجة التي أهداها إليكم سليمان نبي الله.


فعند ذلك قام الملك ودخل على ابنه سيف الملوك وقال له: يا ولدي أي شيء دهاك وما هذه الصورة التي عشقتها? ولأي شيء لم تخبرني? فقال سيف الملوك: يا أبت كنت أستحي منك وما كنت أقدر أن أذكر لك ذلك، ولا أقدر أن أظهر أحداً على شيء منه أبداً، والآن قد علمت بحالي فانظر كيف تعمل في مداواتي، فقال له أبوه: كيف تكون الحيلة لو كانت هذه من بنات الإنس كنا دبرنا حيلة في الوصول إليها، ولكن هذه من بنات ملوك الجن ومن يقدر عليها إلا إذا كان سليمان بن داود فإنه هو الذي يقدر على ذلك، ولكن يا ولدي قم في هذه الساعة واشتغل بالأكل والشرب واصرف الهم والغم عن قلبك، وأنا أجيء لك بمائة بنت من بنات الملوك وما لك ببنات الجان التي ليس لنا قدرة عليهم ولا هم من جنسنا، فقال له: أنا لا أتركها ولا أطلب غيرها، فقال له الملك: كيف يكون العمل يا ولدي? فقال له ابنه: أحضر لنا جمعي التجار والمسافرين والسواحين في البلاد لنسألهم عن ذلك لعل الله يدلنا على بستان أرم وعلى مدينة بابل، فأمر الملك عاصم أن يحضر كل تاجر في المدينة وكل غريب فيها وكل رئيس في البحر، فلما حضروا سألهم عن مدينة بابل وعن جزيرتها وعن بستان ارم فما أحد منهم عرف هذه الصفة ولا أخبر عنهابخبر وعند انفضاض المجلس قال واحد منهم: يا ملك الزمان إن كنت تريد أن تعرف فعليك ببلاد الصين فإنها مدينة كبيرة ولعل أحداً نمهم يدلك على مقصودك، ثم إن سيف الملوك قال: يا أبي جهز لي مركباً للسفر إلى بلاد الصين، فقال له أبوه: يا ولدي اجلس أنت على كرسي مملكتك واحكم في الرعية وأنا أسافر إلى بلاد الصين وأمضي إلى هذا الأمر بنفسي فقال سيف الملوك: يا أبي إن هذا الأمر يتعلق بي وما يقدر أحد أن يفتش عليه مثلث وأي شيء يجري إذا كنت تعطيني اذناً بالسفر فاسافر وأتغرب مدة من الزمان، فإن وجدت لها خبراً حصل المراد وإن لم أجد لها خبراً يكون في السفر انشراح صدري ونشاط خاطري ويهون أمري بسبب ذلك وإن عشت رجعت إليك سالماً.
وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.

وفي الليلة الواحدة والعشرين بعد السبعمائة
قالت: بلغني أيها الملك السعيد، أن سيف الملوك قال لوالده الملك عاصم: جهز لي مركباً لأسافر فيها إلى بلاد الصين حتى أفتش على مقصودي فإن عشت رجعت إليك سالماً، فنظر الملك إلى ابن فلم ير له حيلة غير أنه يعمل له الذي يرضيه فأعطاه اذناً بالسفر وجهز له أربعين مركباً وعشرين ألف مملوك غير الاتباع وأعطاه أموالاً وخزائن وكل شيء يحتاج إليه من آلات الحرب وقال له: سافر يا ولدي في خير وعافية وسلامة وقد استودعتك من لا تضيع عنده الودائع فعند ذلك ودعه أبوه وأمه وشحنت المراكب بالماء والزاد والسلاح والعساكر ثم سافروا ولم يزالوا مسافرين حتى وصلوا إلى مدينة الصين.


فلما سمع أهل الصين أنه وصل إليهم أربعون مركباً مشحوناً بالرجال والعدد والسلاح والذخائر اعتقدوا أنهم أعداء جاؤا إلى قتالهم وحصارهم فقفلوا أبواب المدينة وجهزوا المنجنيقات، فلما سمع الملك سيف الملوك ذلك أرسل إليهم مملوكين من مماليكه الخواص، وقال لهم: امضيا إلى ملك الصين وقولوا له إن هذا سيف الملوك بن الملك عاصم جاء إلى مدينتك ضيفاً ليتفرج في بلادك مدة من الزمان ولا يقاتل ولا يخاصم فإن قبلته ضيفاً ليتفرج في بلادك مدة من الزمان ولا يقاتل ولا يخاصم فإن قبلته نزل عندك وإن لم تقبله رجع ولا يشوش عليك ولا على أهل مدينتك، فلما وصل المملوكين إلى المدينة قالوا: نحن رسل الملك سيف الملوك ففتحوا لهم الباب وذهبوا بهم وأحضروهم عند ملكهم وكان اسمه قعفوشاه، وكان بينه وبين الملك عاصم قبل تاريخه معرفة، فلما سمع أن الملك القادم عليه سيف الملوك بن الملك عاصم خلع على الرسل وأمر بفتح الأبواب وجهز الضيافات وخرج بنفسه مع خواص دولته وجاء إلى سيف الملوك وتعانقا، وقال له: أهلاً وسهلاً ومرحباً بمن قدم علينا وأنا مملوكك ومملوك أبيك ومدينتي بين يديك، وكل ما تطلبه يحضر إليك وقدم له الضيوفات والزاد في مواضع الإقامات، وركب سيف الملوك وساعد وزيره ومعهم خواص دولته وبقية العساكر وساروا في ساحل البحر إلى أن دخلوا المدينة وضربت الكاسات ودقت البشائر وأقاموا فيها أربعين يوماً في ضيافات حسنة، ثم بعد ذلك قال له: يا ابن أخي كيف حالك هل أعجبتك بلادي? فقال له سيف الملوك: يا ملك أدام الله تعالى تشريفها بك أيها الملك قعفوشاه: ما جاء بك إلى حاجة طرأت لك، وأي شيء تريده من بلادي فأنا أقضيه لك، فقال له الملك سيف: يا ملك إن حديثي عجيب وهو أني عشقت صورة بديعة الجمال فبكى ملك الصين رحمة له وشفقة عليه وقال: ما تريد الآن يا سيف الملوك? فقال له: أريد منك أن تحضر لي جميع السواحين والمسافرين ومن له عادة بالأسفار حتى أسألهم عن صاحبة هذه الصورة لعل أحداً منهم يخبرني بها فأرسل الملك قعفوشاه إلى النواب والحجاب والأعوان وأمرهم أن يحضروا جميع من في البلاد من السواحين والمسافرين فأحضروهم وكانوا جماعة كثيرة فاجتمعوا عند الملك قعفوشاه، ثم سألهم الملك سيف الملوك عن مدينة بابل وعن بستان أرم فلم يرد عليه أحداً منهم جواباً فتحير الملك سيف الملوك في أمره ثم بعد ذلك قال واحد من رؤساء البحرية: ايها الملك إن أردت أن تعلم هذه المدينة وذاك البستان فعليك بالجزائر التي في بلاد الهند، فعند ذلك أمر سيف الملوك أن يحضروا المراكب ففعلوا ونقلوا فيها الماء والزاد وجميع ما يحتاجون إليه وركب سيف الملوك وساعد وزيره بعد أن ودعوا الملك قعفوشاه وسافروا في البحر مدة أربعة أشهر في ريح طيبة سالمين مطمئنين فاتفق أنه خرج عليهم ريح في يوم من الأيام وجاءهم الموج من كل مكان ونزلت عليهم الأمطار وتغير البحر من شدة الريح، ثم ضربت المراكب بعضها بعضاً من شدة الريح فانكسرت جميعها، وكذلك الزوارق الصغيرة وغرقوا جميعهم وبقي سيف الملوك مع جماعة من مماليكه في زورق صغير، ثم سكت الريح وسكن بقدرة الله تعالى وطلعت الشمس ففتح سيف الملوك عينيه، فلم ير شيئاً من المراكب ولم ير غير السماء والماء وهو ومن معه في الزورق الصغير فقال لمن معه من مماليكه: أين المرابك والزوارق الصغيرة وأين أخي ساعد? فقالوا له: يا ملك الزمان لم يبق مراكب ولا زوارق ولا من فيها فإنهم غرقوا كلهم وصاروا طعاماً للسمك، فصرخ سيف الملوك وقال كلامة لا يخجل قائلها وهي: لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم وصار يلطم على وجهه وأراد أن يرمي نفسه في البحر، فمنعه المماليك وقالوا له: يا ملك أي شيء يفيدك هذا فأنت الذي فعلت بنفسك هذه الفعلا ولو سمعت كلام أبيك ما كان جرى عليك من هذا شيء ولكن كل هذا مكتوب من القدم بإرادة باري النسم.
وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.
وفي الليلة الثانية والعشرين بعد السبعمائة
  رد مع اقتباس
قديم 27/1/2009, 11:35 PM   رقم المشاركة : ( 705 )
ساهر سات
استاذ فضائيات

الصورة الرمزية ساهر سات

الملف الشخصي
رقم العضوية : 125505
تاريخ التسجيل : Oct 2008
العمـر :
الجنـس :
الدولـة : المهندسين العرب
المشاركات : 11,668 [+]
آخر تواجـد : ()
عدد النقاط : 10
قوة الترشيـح : ساهر سات يستاهل التميز

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

ساهر سات غير متصل

افتراضي رد: قصة الف ليله وليله

قالت: بلغني أيها الملك السعيد، أن سيف الملوك لما أراد أن يرمي نفسه في البحر منعته المماليك وقالت له: أي شيء يفيد هذا، فأنت فعلت بنفسك هذه الفعال ولكن هذا شيء مكتوب بإرادة بارئ النسم حتى يستوفي العبد ما كتب الله تعالى عليه وقد قال المنجمون لأبيك عند والدتك: إن ابنك هذا تجري عليه الشدائد كلها وحينئذ ليس عليه إلا الصبر حتى يفجر الله عنا الكرب الذي نحن فيه فقال سيف الملوك: لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، لا مفر من قضاء الله تعالى ولا مهرب.
ثم غرق في بحر الأفكار وجرت دموعه على خده كالمدرار، ونام ساعة من النهار، ثم استفاق وطلب شيئاً من الأكل فأكل حتى اكتفى ورفعوا الزاد من قدامه والزورق سائراً بهم، ولم يعلموا إلى أي جهة يتوجه بهم مع الأمواج والرياح ليلاً ونهاراً مدة مديدة من الزمان حتى فرغ منهم الزاد وذهبوا عن الرشاد وصاروا في أشد ما يكون من الجوع والعطش والقلق وإذا بجزيرة قد لاحت لهم على بعد فصارت الرياح تسوقهم إلى أن وصلوا إليها وأرسوا عليها وطلعوا من الزورق وتركوا فيه واحداً، ثم توجهوا إلى تلك الجزيرة فرأوا فيها فواكه كثيرة من سائر الألوان فأكلوا حتى اكتفوا، وإذا هم بشخص جالس على قطعة لباد سوداء فوق صخرة من الحجر، وحواليه الزنوج وهم جماعة كثيرة واقفون في خدمته. فجاء هؤلاء الزنوج وأخذوا سيف الملوك ومماليكه وأوقفوهم بين يدي ملكهم وقالوا: إنا لقينا هذه الطيور بين الأشجار وكان الملك جائعاً فأخذ من المماليك اثنين وذبحهما وأكلهما.
وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.

وفي الليلة الثالثة والعشرين بعد السبعمائة




قالت: بلغني أيها الملك السعيد، أن الزنوج لما أخذوا الملك سيف الملوك ومماليكه وأوقفوهم بين يدي ملكهم، وقالوا له: يا ملك إنا لقينا هذه الطيور بين الأشجار أخذ ملكهم مملوكين وذبحهما وأكلهما فلما رأى سيف الملوك هذا الأمر خاف على نفسه وبكى. فلما سمع الملك بكاءه وتعديده قال: إن هؤلاء الطيور مليحة الصوت والنغمة قد أعجبتني أصواتهم فاجعلوا كل واحد منهم في قفص فحطوا كل واحد منهم في قفص، وعلقوهم على راس الملك ليسمع أصواتهم ومماليكه في الأقفاص والزنوج يطعمونهم ويسقونهم، وهم ساعة يبكون وساعة يضحكون وساعة يتكلمون وساعة يسكتون كل هذا وملك الزنوج يتلذذ بأصواتهم ولم يزالوا على تلك الحالة مدة من الزمان وكان للملك بنت متزوجة في جزيرة أخرى فسمعت أن أباها عنده طيور لها أصوات مليحة، فأرسلت جماعة إلى أبيها تطلب منه شيئاً من الطيور، فأرسل إليها أبوها سيف الملوك وثلاثة مماليك في أربعة أقفاص مع القاصد الذي جاء في طلبهم. فلما وصلوا إليها ونظرتهم أعجبوها، فأمرت أن يطلعهم في موقع فوق رأسها فصار سيف الملوك يتعجب مما جرى له ويتفكر ما كان فيه من العز وصار يبكي على نفسه والمماليك الثلاثة يبكون على أنفسهم، كل هذا وبنت الملك تعتقد أنهم يغنون وكانت عادة بنت الملك إذا وقع عندها أحد من بلاد مصر، أو من غيرها وأعجبها يصير له عندها منزلة عظيمة وكان بقضاء الله تعالى وقدره أنها لما رأت سيف الملوك أعجبها حسنه وجماله وقده واعتداله فأمرت بإكرامهم واتفق أن اختلت يوماً من الأيام بسيفي الملوك وطلبت منه أن يجامعها فأبى سيف الملوك ذلك وقال لها: يا سيدتي أنا رجل غريب وبحب الذي أهواه كئيب وما أرضى بغير وصاله فصارت بنت الملاك تلاطفه وتراوده فامتنع منها ولم تقدر أن تدنو منه ولا أن تصل إليه بحال من الأحوال، فلما أعياها أمره غضبت عليه وعلى مماليكه، وأمرتهم أن يخدموها وينقلوا الماء والحطب فمكثوا على هذه الحالة أربع سنوات، فأعيا الملك سيف ذلك الحال وأرسل يتشفع الملكة، عسى أن تعتقهم ويمضوا إلى حال سبيلهم ويستريحوا مما هم فيه، فأرسلت أحضرت سيف الملوك وقالت: إن وافقتني على غرضي أعتقك من الذي أنت فيه وتروح لبلادك سالماً غانماً وما زالت تتضرع إليه وتأخذ بخاطره فلم يجبها إلى مقصودها فأعرضت عنه مغضبة وسار سيف الملوك والمماليك عندها في الجزيرة على تلك الحالة وعرف أهلها أنهم طيور بنت الملك فلم يتجاسر أحد من اهل المدينة أن يضرهم بشيء وصار قلب بنت الملك مطمئناً عليهم، وتحققت أنهم ما بقي لهم خلاص من هذه الجزيرة فصاروا يغيبون عنها ليومين والثلاثة ويدورون في البرية ليجمعوا الحطب من جوانب الجزيرة ويأتوا به إلى مطبخ بنت الملك، فمكثوا على هذه الحالة خمس سنوات، فاتفق أن سيف الملوك قعد هو ومماليكه يوماً من الأيام على ساحل البحري يتحدثون فيما جرى فالتفت سيف الملوك فرأى نفسه فيهذا المكان هو ومماليكه فتذكر أمه وأباه وأخاه ساعداً وتذكر العز الذي كان فيه، فبكى وزاد في البكاء والنحيب وكذلك المماليك بكوا مثله.



ثم قال له المماليك: يا ملك الزمان إلى متى تبكي، والبكاء لا يفيد وهذا أمر مكتوب على جباهنا بتقدير الله عز وجل، وقد جرى القلم بما حكم وما ينفعنا إلا الصبر، لعل الله سبحانه وتعالى الذي ابتلانا بهذه الشدة يفرجها عنا فقال لهم سيف الملوك: يا اخواني كيف نعمل في خلاصنا من هذه الملعونة ولا أرى لنا خلاصاً إلا أن يخلصنا الله منها بفضله، ولكن خطر ببالي أننا نهرب ونستريح من هذا التعب، فقالوا له: يا ملك الزمان أين نروح من هذه الجزيرة وهي كلها غيلان يأكلون بني آدم وكل موضع توجهنا إليه وجدونا فيه فإما أن يأكلونا وإما أن يأسرونا ويردونا إلى موضعنا وتغضب علينا بنت الملك، فقال سيف الملوك: أنا أعمل لكم شيئاً لعل الله تعالى يساعدنا به على الخلاص ونخلص من هذه الجزيرة فقالوا له: كيف تعمل? فقال: نقطع من هذه الأخشاب الطوال ونفتل من قشرها حبالاً، ونربط بعضها في بعض ونجعلها فلكاً ونرميه في البحر ونملؤه من تلك الفاكهة، ونعمل له مجاذيف وننزل فيه لعل الله تعالى أن يجعل لنا فرجاً فإنه على كل شيء قدير، وعسى الله أن يرزقنا الريح الطيب الذي يرسلنا إلى بلاد الهند ونخلص من هذه الملعونة فقالوا له: هذا رأي حسن وفرحوا به فرحاً شديداً وقاموا في الوقت والساعة يقطعون الأخشاب لعمل الفلك ثم فتلوا الحبال لربط الأخشاب في بعضها واستمروا على ذلك مدة شهر وكل يوم في آخر النهار يأخذون شيئاً من الحطب، ويروحون به إلى مطبخ بنت الملك ويجعلون بقية لنهار لأشغالهم في صنع الفلك إلى أن أتموه.
وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.

وفي الليلة الرابعة والعشرين بعد السبعمائة
قالت: بلغني أيها الملك السعيد، أن سيف الملوك ومماليكه لما قطعوا الأخشاب من الجزيرة وفتلوا الحبال وربطوا الفلك الذي عملوه، فلما فرغوا من عمله رموه في البحر وسقوه من الفواكه التي في الجزيرة من تلك الأشجار وتجهزوا في آخر يومهم ولم يعلموا أبداً بما فعلوا، ثم ركبوا في ذلك الفلك وساروا في البحر مدة أربعة أشهر، ولم يعلموا أين يذهب بهم وفرغ منهم الزاد وصاروا في أشد ما يكون من الجوع والعطش، وإذا بالبحر قد أرغى وأزبد وطلع منه أمواج عالية، فأقبل عليهم تمساح هائل ومد يده وخطف مملوكاً من المماليك وبلعه، فلما رأى سيف الملوك ذلك التمساح فعل بالمملوك ذلك الفعل بكى بكاء شديداً، وصار في الفلك هو والمملوك الباقي وحدهما وبعدا عن مكان التمساح وهما خائفان، ولم يزالا كذلك حتى ظهر لهما يوماً من الأيام جبل عظيم هائل عال شاهق في الهواء ففرحا به وظهر لهما بعد هذه الجزيرة فجدا في السير إليها وهما مستبشران بدخولهما الجزيرة.
فبينما هما على تلك الحالة، وإذا بالبحر هاج وعلت أمواجه وتغيرت حالاته، فرفع التمساح رأسه ومد يده فأخذ المملوك الذي بقي من مماليك سيف الملوك وبلعه، فصار سيف الملوك وحده حتى وصل إلى الجزيرة وصال يعالج إلى أن صعد فدق الجبل، ونظر فرأى غابة فدخل الغابة ومشى بين الأشجار وصار يأكل من الفواكه فرأى الأشجار وقد طلع فوقها ما يزيد عن عشرين قرداً راكباً كل واحد منهم أكبر من البغل، فلما رأى سيف الملوك هذه القرود حصل له خوف شيديد، ثم نزلت القرود واحتاطوا به من كل جانب وبعد ذلك ساروا أمامه وأشاروا إليه أن يتبعهم ومشوا، فمشى سيف الملوك خلفهم وما زالوا سائرين وهو تابعهم حتى أقبلوا على قلعة عالية البنيان مشيدة الأركان، فدخلوا تلك القلعة ودخل سيف الملوك وراءهم فرأى فيها من سائر التحف والجواهر والمعادن ما يكل عن وصفه اللسان، ورأى في تلك القلعة شاباً لا نبات بعارضه لكنه طويل زائد الطول.



فلما رأى سيف الملوك ذلك الشاب استأنس به، ولم يكن في تلك القلعة غير ذلك الشاب من البشر، ثم إن الشاب لما رأى سيف الملوك أعجبه غاية الإعجاب، فقال له: ما اسمك ومن أي البلاد أنت وكيف وصلت إلى هنا? فأخبرني بحديثك ولا تكتم شيئاً فقال له سيف الملوك: أنا والله ما وصلت إلى هنا بخاطري ولا كان هذا المكان مقصودي، وأنا ما أزال أسير من مكان إلى مكان آخر حتى أنال مطلوبي أو يكون سعيي إلى مكان فيه أجلي فأموت، ثم إن الشاب التفت إلى قرد وأشار إليه، فغاب القرد ساعة ثم أتى ومعه قرود مشددة الوسط بالفوط الحرير وقدموا السماط ووضعت عليه نحو مائة صحفة من الذهب والفضة وفيها من سائر الأطعمة وصارت القرود واقفة على عادة الأتباع بين يدي الملوك ثم أشار للحجاب بالقعود فقعدوا ووقف الذي عاته الخدم ثم أكلوا حتى اكتفوا، ثم رفعوا السماط وأتوا بطشوت وأباريق من الذهب فغسلوا أيديهم ثم جاؤوا بأواني الشراب نحو أربعين آنية فيها أنواع من الشراب فشربوا وتلذذوا وطربوا وطاب لهم وقتهم وجميع القرود يرقصون ويلعبون وقت اشتغال الآكلين بالأكل، فلما رأى سيف الملوك ذلك تعجب منهم ونسي ما جرى له من الشدائد.
وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.

وفي الليلة الخامسة والعشرين بعد السبعمائة
قالت: بلغني أيها الملك السعيد، أن سيف الملوك لما رأى فعل القرود ورقصهم تعجب منهم ونسي ما جرى له من الغربة وشدائدها فلما كان الليل أوقدوا الشموع ووضعوها في الشمعدانات الذهبية والفضية، ثم أتوا بأواني النقل والفاكهة فأكلوا ولما جاء وقت النوم فرشوا لهم الفرش وناموا، فلما أصبح الصباح قام الشاب على عادته ونبه سيف الملوك وقال له: اخرج رأسك من الشباك وانظر إلى أي شيء هذا الواقف تحت الشباك فنظر فرأى قروداً قد ملأت الفلا الواسع والبرية كلها وما يعلم عدد القرود إلا الله تعالى فقال سيف الملوك هؤلاء قرود كثيرون قد ملأوا الفضاء ولأي شيء اجتمعوا في هذا الوقت فقال له الشاب: إن هذه عادتهم وجميع ما في الجزيرة قد أتى وبعضهم جاء من سفر يومين أو ثلاثة فإنهم يأتون في كل يوم سبت ويقفون هنا حتى أنتبه من منامي وأخرج رأسي من هذا الشباك فحين يبصرونني يقبلون الأرض بين يدي ثم ينصرفون إلى أشغالهم.وأخرج رأسه من الشباك حتى راوه فلما نظروه قبلوا الأرض بين يديه وانصرفوا ثم إن سيف الملوك قعد عند الشاب مدة شهر كامل وبعد ذلك ودعه وسافر فأمر الشاب نفراً من القرود نحو المائة قرد بالسفر معه، فسافروا في خدمة سيفالملوك مدة سبعة أيام حتى أوصلوه إلى آخر جزائرها ثم ودعوه ورجعوا إلى أماكنهم وسافر سيف الملوك وحده في الجبال والتلال والبراري والقفار مدة أربعة أشهر يوماً يجوع ويوماً يشبع ويوماً يأكل الحشائش، ويوماً يأكل من ثمر الأشجار وصار يتندم على ما فعل بنفسه وعلى خروجه من عند ذلك الشاب وأراد أن يرجع إليه على أثره فرأى شبحاً أسود يلوح على بعد فقال في نفسه: هل هذه هي بلدة سوداء أم كيف الحال ولكن لا ارجع حتى أنظر أي شيء هذا الشبح.
  رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:38 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir

Google Adsense Privacy Policy | سياسة الخصوصية لـ جوجل ادسنس

الساده الاعضاء و زوار منتديات المهندسين العرب الكرام , , مشاهده القنوات الفضائيه بدون كارت مخالف للقوانين والمنتدى للغرض التعليمى فقط

RSS RSS 2.0 XML MAP HTML

^-^ جميع آلمشآركآت آلمكتوبهـ تعبّر عن وجهة نظر صآحبهآ ,, ولا تعبّر بأي شكلـ من آلأشكآل عن وجهة نظر إدآرة آلمنتدى ~