|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
بين عمل الدنيا وعمل الآخرة
بين عمل الدنيا وعمل الآخرة أحبتي في الله: كثيرٌ من الناس يظن أن هناك تعارضاً بين عمل الدنيا وعمل الآخرة؛ وهذا فهمٌ خاطئٌ ؛ لأن الإسلام حث على العمل من أجل عمارة الحياة والقوام فيها؛ كما حث على عمل الآخرة لأن عليه مدار الثواب والعقاب؛ وما الدنيا إلا مزرعة للآخرة؛ قال الله تعالى: { وَابْتَغِ فِيمَا آَتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآَخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ} (القصص: 77) . قال ابن كثير رحمه الله: “أي استعمل ما وهبك الله من هذا المال الجزيل والنعمة الطائلة في طاعة ربك، والتقرب إليه بأنواع القربات، التي يحصل لك بها الثواب في الدنيا والآخرة، ولا تنسى ما أباح الله فيها من المآكل والمشارب والملابس والمساكن والمناكح.”أ.ه ولقد قدم لنا الصحابة رضي الله عنهم نموذجاً عملياً لقضية الجمع بين الدنيا والآخرة، فقد كانوا في قمة الدين، وكانوا يحصلون الدنيا أيضاً. وثمة أسماء لامعة لعلماء مسلمين في مجالات متعددة لا يُنكِر علمَهم وتقدمَهم إلا جاهل أو مكابر ، ومنهم : ابن النفيس والزهراوي في الطب ، وابن الهيثم في الرؤية والضوء ، والخوارزمي في الرياضيات ، وغيرهم كثير كثير . ولقد سئل الإمام أحمد رحمه الله أيكون الرجل زاهداً في الدنيا وعنده مائة ألف؟ قال: “نعم، إذا لم يفرح”، بشرط أن لا يفرح إذا زادت ولا يحزن إذا نقصت. إذاً يمكن أن يكون زاهداً ولو كان عنده الملايين، وإذا وصل الإنسان وهو يتعامل بالأموال في الدنيا والوظائف لدرجة أن يكون المال عنده بمثابة الحمار الذي يركبه في تنقله، والكنيف الذي يدخل فيه لقضاء حاجته فليس على هذا خوف من التعلق بالدنيا؛ أي يجعل الدنيا في يده لا في قلبه؛ فعند ذلك لا خوف عليه. بل إن الإسلام جعل أجراً في العمل الدنيوي إذا أراد العبد إغناء نفسه وأهله ومجتمعه؛ من أجل ذلك يدفعنا النبي صلى الله عليه وسلم دفعاً إلى حقل العمل وعدم الركود والكسل فيقول: ” إذا قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة، فإن استطاع ألا يقوم حتى يغرسها فليغرسها فله بذلك أجر” [ السلسلة الصحيحة – الألباني ]، وأكثر من ذلك أن المسلم لا يعمل لنفع المجتمع الإنساني فحسب، بل يعمل لنفع الأحياء، حتى الحيوان والطير، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: ” مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَغْرِسُ غَرْسًا أَوْ يَزْرَعُ زَرْعًا فَيَأْكُلُ مِنْهُ طَيْرٌ أَوْ إِنْسَانٌ أَوْ بَهِيمَةٌ إِلَّا كَانَ لَهُ بِهِ صَدَقَةٌ” ( متفق عليه )؛ قال ابن حجر رحمه الله: “وفي الحديث فضل الغرس، والزرع، والحض على عمارة الأرض، ويستنبط منه اتخاذ الضيعة – وهي التي يسميها الأولون بهذا الاسم كالمزرعة وغيرها – والقيام عليها، وفيه فساد قول من أنكر ذلك من المتزهدة من الصوفية وغيرهم ؛ فأما ما ورد من النهي عن ذلك فإنه يحمل على من استكثر بها واشتغل عن أمر الدين ” أ. ه إذاً أيها الإخوة: إذا نوى التاجر بهذا قيام مجتمعه، ونوى الطالب بدراسته قوة المسلمين ونفعهم، وأردنا بأعمالنا الدنيوية وجه الله، والتزمنا بالضوابط استطعنا التوفيق بين العمل الدنيوي والعمل الأخروي، هذه المسألة من فقهها والتزم بها سعد دنيا وأخرى. فعلى المسلم أن يوازن بين عمل الدنيا وعمل الآخرة؛ وأن يهتم بعمل الآخرة لأنه هو الذي يصحبه معه في الآخرة؛ فعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ ، قَالَ : أَتَى رَجُلٌ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ وَمَعَهُ أَصْحَابُهُ يُسَلِّمُونَ عَلَيْهِ وَيُوَدُّعُونَهُ ، فَقَالَ : ” إِنِّي مُوصِيكَ بِأَمْرَيْنِ إِنْ حَفِظْتَهُمَا حُفِظْتَ : إِنَّهُ لَا غِنَى بِكَ عَنْ نَصِيبِكَ مِنَ الدُّنْيَا ، وَأَنْتَ إِلَى نَصِيبِكَ مِنَ الْآخِرَةِ أَفْقَرُ ، فَآثِرْ نَصِيبَكَ مِنَ الْآخِرَةِ عَلَى نَصِيبِكَ مِنَ الدُّنْيَا حَتَّى يَنْتَظِمَهُ لَكَ انْتِظَامًا ، فَيَزُولُ بِهِ مَعَكَ أَيْنَمَا زُلْتَ ” . (القصاص والمذكرين- ابن الجوزي) وفي هذا المعنى يقول حاتم الأصم رضي الله عنه:” نظرت إلي الخلق فرأيت كل واحد يحب محبوبا فإذا ذهب إلي القبر فارقه محبوبه؛ فجعلت الحسنات محبوبي فإذا دخلت القبر دخلت معي .” وكما جاء في الأثر: اعمل لدنياك كأنك تعيش أبداً ، واعمل لآخرتك كأنك تموت غداً . قال ابن الأثير رحمه الله :” الظاهر من مَفْهُوم لفظِ هذا الأثر: أمَّا في الدنيا فَلِلْحثِّ على عِمارتها ، وبقاء الناس فيها حتى يَسْكُن فيها ، ويَنْتَفع بها من يَجيء بعدك ، كما انْتَفَعْت أنت بعَمَل من كان قبلك ، وسَكَنْتَ فيما عَمَرَه ، فإنّ الإنسان إذا عَلم أنه يَطُول عُمْرُه أحْكَم ما يَعمَلُه ، وحَرصَ على ما يَكْسِبُه ، وأمّا في جانِب الآخرة فإنه حَثٌّ على إخلاص العمل ، وحُضُور النّيَّة والقَلْب في العباداتِ والطاعات ، والإكْثار منها ، فإِنّ من يَعْلم أنه يموت غَداً يُكْثر من عبَادَته ، ويُخْلِص في طاعتِه، كقوله في الحديث الآخر : ( صَلِّ صَلاَة مُوَدِّعٍ ) .أ.ه فعلينا أن نُراقب الله في أعمالنا وفي كل شؤوننا؛ وفي حال التزامنا بعمل يجب علينا القيام به على أكمل وجه يُحبه الله ويُحبه خلقه؛ ولتعلموا أن أعمالكم مكتوبة ومسجلة ومحصاة عليكم: ” يَا عِبَادِي إِنَّمَا هِيَ أَعْمَالُكُمْ أُحْصِيهَا لَكُمْ ثُمَّ أُوَفِّيكُمْ إِيَّاهَا؛ فَمَنْ وَجَدَ خَيْرًا فَلْيَحْمَدْ اللَّهَ؛ وَمَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذَلِكَ فَلَا يَلُومَنَّ إِلَّا نَفْسَهُ “( مسلم ). وهكذا يتفاضل الناس عند الله تعالي في الجزاء الأخروي؛ تبعا لأعمالهم التي قدموها في الدنيا؛ فمن قدم خيرا فهذا هو الفوز العظيم؛ ومن قدم شرا فذلك هو الخسران المبين!!
|
6/8/2015, 02:55 PM | رقم المشاركة : ( 3 ) | |||
كبار الشخصيات
|
رد: بين عمل الدنيا وعمل الآخرة
الف شكر لك وبارك الله فيك
|
|||
9/8/2015, 05:47 AM | رقم المشاركة : ( 6 ) | ||||
استاذ فضائيات
|
رد: بين عمل الدنيا وعمل الآخرة
بارك الله فيك اخى
|
||||
9/8/2015, 05:48 AM | رقم المشاركة : ( 7 ) | ||||
استاذ فضائيات
|
رد: بين عمل الدنيا وعمل الآخرة
اخي انا واقف من رفع الملفات لية
|
||||
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
Google Adsense Privacy Policy | سياسة الخصوصية لـ جوجل ادسنس
^-^ جميع آلمشآركآت آلمكتوبهـ تعبّر عن وجهة نظر صآحبهآ ,, ولا تعبّر بأي شكلـ من آلأشكآل عن وجهة نظر إدآرة آلمنتدى ~