|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الصّداقةَ الحقيقيةَ
كلمةٌ كلما بحثتُ لها عن مُفرداتٍ ومعاني، انكسرَ قلمي وعجزَ لساني؛ لأنَّها مشاعرُ وأحاسيسُ، وليستْ ألفاظًا في الكراريسِ، إنّها مواقفُ فيها بذلُ النّفسِ والصّفاءُ، وحياةٌ فيها كرمُ الأخلاقِ والعطاءِ، إنّها الصّداقةُ .. بل أَعني الصّداقةَ الحقيقيةَ.
الصّداقةُ تبعثُ في النّفسِ السّعادةَ والأمانَ، ويشعرُ معها الإنسانُ بالدِّفءِ والحنانِ، فأيّ حياةٍ هذه التي ليسَ فيها صديقٌ، يُشاركُكَ مشاعرَ الفرحِ والضِّيقِ . هل تعلمونَ أنَّ الصَّداقة والأُخوَّةَ في الإسلامِ عبادةٌ عظيمةٌ لمن أخلصَها لوجهِ ذي الجلالِ والإكرامِ؟، واسمعوا لرسولِ اللهِ -صلى اللهُ عليهِ وسلمَ- وهو يُحدِّثُ عن رَجُلٍ زارَ صديقاً له في قَرْيَةٍ أُخْرَى، “فَأرْصَدَ اللهُ لَهُ ملَكًا علَى مَدْرَجَتِه -أَيْ: عَلَى طَرِيقِهِ-، قالَ: أيْنَ تُرِيدُ؟، قالَ: أُرِيدُ أخًا لي في هذِه القَرْيَةِ، قالَ: هلْ لكَ عَليهِ مِن نِعْمَةٍ تَرُبُّها؟، -هل تُريدُ منه مصلحةً أو منفعةً؟- قالَ: لا، غيرَ أنِّي أحْبَبْتُهُ في اللهِ -عزَّ وجلَّ، قالَ: فإنِّي رَسولُ اللهِ إلَيْكَ، بأنَّ اللَّهَ قدْ أحَبَّكَ كما أحْبَبْتَهُ فِيهِ“. والعجيبُ أننا اليومَ نسمعُ في المُجتمعِ المُسلمِ عظيمَ الشّكوى، في أنَّ صداقةَ المَصلحةِ هو ممَّا عمَّتْ به البَلوى، بل يسألُ أحدُهم مُتألِّماً: أينَ الصَّداقة الحقيقيَّةُ؟، وأينَ الأخوَّةُ الإسلاميةُ. فَرِفقاً بالصَّداقة أيّها الأصدقاءُ؛ فإنّها علاقةٌ مُرتبطةٌ بالتّضحيةِ والوفاءِ، هي علاقةُ المحبةِ والصِّدقِ والسّلامِ، هي علاقةُ الرّحمةِ والعطفِ والاحترامِ، حتى إنَّ اللهِ -تعالى- سمَّاها في كتابِه بالأخوَّةِ فقالَ: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ)[الحجرات:10]، وقالَ -عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ: “المُسْلِمُ أَخُو المُسْلِمِ“. فتغيَّرتْ بعدَها نظرةُ المسلمينَ للصَّداقةِ، فبعدما كانَ الخِلّ الوَفيّ من المُحالِ، أصبحَ يُفدَّى بالنّفسِ والولدِ والمالِ، قَالَ حُذَيْفَةُ الْعَدَوِيُّ -رَحِمَهُ اللهُ-: “انْطَلَقْتُ يَوْمَ الْيَرْمُوكِ أَطْلُبُ ابْنَ عَمٍّ لِي، وَمَعِي شَيْءٌ مِنَ الْمَاءِ، وَأَنَا أَقُولُ: إِنْ كَانَ بِهِ رَمَقٌ سَقَيْتُهُ، فَإِذَا أَنَا بِهِ، فَقُلْتُ لَهُ: أَسْقِيكَ؟، فَأَشَارَ بِرَأْسِهِ: أَنْ نَعَمْ، فَإِذَا أَنَا بِرَجُلٍ يَقُولُ: آهْ، آهْ، فَأَشَارَ إِلَيَّ ابْنُ عَمِّي أَنِ انْطَلِقْ إِلَيْهِ، فَإِذَا هُوَ هِشَامُ بْنُ الْعَاصِ، فَقُلْتُ: أَسْقِيكَ؟، فَأَشَارَ أَنْ نَعَمْ، فَسَمِعَ آخَرَ يَقُولُ: آه، آهْ، فَأَشَارَ هِشَامٌ: أَنِ انْطَلِقْ إِلَيْهِ فَجِئْتُهُ فَإِذَا هُوَ قَدْ مَاتَ، فَرَجَعْتُ إِلَى هِشَامٍ فَإِذَا هُوَ قَدْ مَاتَ، فَرَجَعْتُ إِلَى ابْنِ عَمِّي فَإِذَا هُوَ قَدْ مَاتَ”، فَكيفَ للبليغِ أن يَصفَ هذه اللَّحظاتِ؟، وماذا عَسى أن تَقولَ الكلماتُ؟ الصّديقُ الصّالحُ هو الذي يُضيءُ لكَ في الدُّنيا طَريقَ الخيرِ، يُعينُكَ إذا ذكرتَ، ويُذكِّرُكَ إذا نسيتَ، وينصحُكَ إذا غَفلتَ، ويدعو لكَ إذا مِتَّ، كما قَالَ محمدُ الأصفهانيُّ: “وأينَ مِثلُ الأخِ الصَّالحِ؟، أَهلُكَ يَقتسمونَ مِيراثَكَ، وهو قد تَفرَّد بحُزنِكَ، يَدعو لكَ في ظُلمةِ الليلِ، وأَنتَ تحتَ أَطباقِ الثَّرى”. وأما في الآخرةِ، فخيرُ الأصدقاءِ هم الشُّفعاءُ، يَقولُ عَليُّ بنُ أبي طَالبٍ -رَضِيَ اللهُ عَنهُ-: “عليكم بالإخوان، فإنّهم عُدَّةٌ في الدّنيا والآخرةِ، أَلا تَسمعونَ إلى قَولِ أَهلِ النّارِ: (فَمَا لَنَا مِنْ شَافِعِينَ * وَلَا صَدِيقٍ حَمِيمٍ)[الشعراء:100-101]، ففَقدوا الصّديقَ الصّالحَ الذي يشفعُ لصاحبِه يومَ القيامةِ، وكما قالَ اللهُ تعالى: (الْأَخِلّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ)[الزخرف:67].
|
21/9/2020, 06:53 PM | رقم المشاركة : ( 3 ) | |||
استاذ فضائيات
|
رد: الصّداقةَ الحقيقيةَ
بارك الله فيكم
سلمت يداك أخي الحبيب شكراً على الموضوع الرائع |
|||
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
Google Adsense Privacy Policy | سياسة الخصوصية لـ جوجل ادسنس
^-^ جميع آلمشآركآت آلمكتوبهـ تعبّر عن وجهة نظر صآحبهآ ,, ولا تعبّر بأي شكلـ من آلأشكآل عن وجهة نظر إدآرة آلمنتدى ~