التحذير من الريـــاء

[أحمد-الربيعي]

حذرنا الله ورسوله من الرياء غاية التحذير لأنه آفة خطيرة توبق دنيا الإنسان وآخرته. فما أُشرِبه أحد إلا استحوذ عليه الشيطان وحُرم التوفيق والقبول واستحق العذاب. فاتقوا الرياء باستحضار مراقبة الله وإكثار الدعاء، فلا يليق بمسلم أن يلتمس على عمله شاهدا غير الله ولا جزاء من سواه، فيحسن حيث يراه الناس ويسيء حيث يخلو، ويجتهد لثنائهم ويفتر متى ذُمَّ.
1/ التحذير من الرياء وبيان طرق علاجه
أبو سعيد الخدري: خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ ï·؛ وَنَحْنُ نَتَذَاكَرُ الْمَسِيحَ الدَّجَّالَ فَقَالَ: أَلاَ أُخْبِرُكُمْ بِمَا هُوَ أَخْوَفُ عَلَيْكُمْ عِنْدِي مِنَ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ؟ قُلْنَا بَلَى. فَقَالَ: الشِّرْكُ الْخَفِيُّ، أَنْ يَقُومَ الرَّجُلُ يُصَلِّي فَيُزَيِّنُ صَلاَتَهُ لِمَا يَرَى مِنْ نَظَرِ رَجُلٍ. ة.
شداد بن أوس: إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَتَخَوَّفُ عَلَى أُمَّتِي الإِشْرَاكُ بِاللَّهِ. أَمَا إِنِّي لَسْتُ أَقُولُ يَعْبُدُونَ شَمْسًا وَلاَ قَمَرًا وَلاَ وَثَنًا، وَلَكِنْ أَعْمَالاً لِغَيْرِ اللَّهِ وَشَهْوَةً خَفِيَّةً. ة.ض.
كعب بن مالك الأنصاري: مَا ذِئْبَانِ جَائِعَانِ أُرْسِلاَ فِي غَنَمٍ بِأَفْسَدَ لَهَا مِنْ حِرْصِ الْمَرْءِ عَلَى الْمَالِ وَالشَّرَفِ لِدِينِهِ. ت.
أبو موسى الأشعري: أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا هَذَا الشِّرْكَ فَإِنَّهُ أَخْفَى مِنْ دَبِيبِ النَّمْلِ. فَقَالَ لَهُ مَنْ شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقُولَ وَكَيْفَ نَتَّقِيهِ وَهُوَ أَخْفَى مِنْ دَبِيبِ النَّمْلِ يَرَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: قُولُوا اللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ مِنْ أَنْ نُشْرِكَ بِكَ شَيْئاً نَعْلَمُهُ وَنَسْتَغْفِرُكَ لِمَا لاَ نَعْلَمُ. ح.
2/ عواقب الرياء
الرياء شرك
معاذ بن جبل: إِنَّ يَسِيرَ الرِّيَاءِ شِرْكٌ. ة.ض.
شداد بن أوس: مَنْ صَلَّى يُرَائِي فَقَدْ أَشْرَكَ وَمَنْ صَامَ يُرَائِي فَقَدْ أَشْرَكَ وَمَنْ تَصَدَّقَ يُرَائِي فَقَدْ أَشْرَكَ. ح.ض.
أبو هند الداري: مَنْ رَاءَى بِاللهِ لِغَيْرِ اللهِ فَقَدْ بَرِئَ مِنَ اللهِ. ط.
الرياء خصلة كفر ونفاق
قال الله تعالى: وَإِذَا قَامُواْ إِلَى اَلصَّلَوةِ قَامُواْ كُسَالَى يُرَاءُونَ اَلنَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اَللَّهَ إِلَّا قَلِيلاً. النساء 142.
قال الله تعالى: وَلَا تَكُونُواْ كَالذِينَ خَرَجُواْ مِن دِيَـرِهِم بَطَراً وَرِئَاءَ اَلنَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اِللَّهِ. الأنفال 47.
الرياء استهانة بالله
عبد الله بن مسعود: مَنْ أَحْسَنَ الصَّلاَةَ حَيْثُ يَرَاهُ النَّاسُ وَأَسَاءَهَا حَيْثُ يَخْلُو، فَتِلْكَ اسْتِهَانَةٌ يَسْتَهِينُ بِهَا رَبَّهُ. ب.ض.
قال الله سبحانه: يَسْتَخْفُونَ مِنَ اَلنَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اَللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمُ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَى مِنَ اَلْقَوْلِ. وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطاً. النساء 108.
الرياء من مكائد الشيطان
قال الله تعالى: وَالذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَلَهُمْ رِئَاءَ اَلنَّاسِ وَلَا يُومِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ اِلاَخِرِ. وَمَنْ يَّكُنِ اِلشَّيْطَـنُ لَهُ قَرِيناً فَسَاءَ قَرِيناً. النساء 38.
عبد الله بن عمرو: كُلُوا وَاشْرَبُوا وَتَصَدَّقُوا وَالْبَسُوا فِي غَيْرِ إِسْرَافٍ وَلاَ مَخِيلَةٍ. ن.
أنس بن مالك: أَمَا إِنَّ كُلَّ بِنَاءٍ وَبَالٌ عَلَى صَاحِبِهِ إِلاَّ مَا لاَ إِلاَّ مَا لاَ. د.
جابر بن عبد الله: فِرَاشٌ لِلرَّجُلِ وَفِرَاشٌ لأَهْلِهِ وَالثَّالِثُ لِلضَّيْفِ وَالرَّابِعُ لِلشَّيْطَانِ. م.
أبو هريرة: الْوَلِيمَةُ أَوَّلَ يَوْمٍ حَقٌّ وَالثَّانِي مَعْرُوفٌ وَالثَّالِثُ رِيَاءٌ وَسُمْعَةٌ. ة.ض.
الرياء ذلة في الدنيا والآخرة
جندب العلقي: مَنْ يُسَمِّعْ يُسَمِّعِ اللَّهُ بِهِ وَمَنْ يُرَائِي يُرَائِي اللَّهُ بِهِ. متفق عليه.
معاذ بن جبل: مَا مِنْ عَبْدٍ يَقُومُ فِي الدُّنْيَا مَقَامَ سُمْعَةٍ وَرِيَاءٍ إِلاَّ سَمَّعَ اللهُ بِهِ عَلَى رُؤُوسِ الْخَلائِقِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. ط.
أبو سعيد الخدري: يَكْشِفُ رَبُّنَا عَنْ سَاقِهِ فَيَسْجُدُ لَهُ كُلُّ مُؤْمِنٍ وَمُؤْمِنَةٍ، وَيَبْقَى مَنْ كَانَ يَسْجُدُ فِي الدُّنْيَا رِئَاءً وَسُمْعَةً، فَيَذْهَبُ لِيَسْجُدَ فَيَعُودُ ظَهْرُهُ طَبَقًا وَاحِدًا. متفق عليه.
الرياء من محبطات الأعمال
محمود بن لبيد: إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمُ الشِّرْكُ الأَصْغَرُ. قَالُوا وَمَا الشِّرْكُ الأَصْغَرُ يَرَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: الرِّيَاءُ، يَقُولُ اللَّهُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِذَا جُزِيَ النَّاسُ بِأَعْمَالِهِمْ: اذْهَبُوا إِلَى الَّذِينَ كُنْتُمْ تُرَاءُونَ فِي الدُّنْيَا فَانْظُرُوا هَلْ تَجِدُونَ عِنْدَهُمْ جَزَاءً. ح.
أبو سعد بن أبي فضالة: إِذَا جَمَعَ اللَّهُ النَّاسَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ لِيَوْمٍ لاَ رَيْبَ فِيهِ نَادَى مُنَادٍ مَنْ كَانَ أَشْرَكَ فِي عَمَلٍ عَمِلَهُ لِلَّهِ أَحَدًا فَلْيَطْلُبْ ثَوَابَهُ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنِ الشِّرْكِ. ت.
أنس بن مالك: يُجَاءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصُحُفٍ مُخَتَّمَةٍ فَتُنْصَبُ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِمَلاَئِكَتِهِ أَلْقُوا هَذَا وَاقْبَلُوا هَذَا فَتَقُولُ الْمَلاَئِكَةُ وَعِزَّتِكَ مَا رَأَيْنَا إِلاَّ خَيْرًا. فَيَقُولُ وَهُوَ أَعْلَمُ إِنَّ هَذَا كَانَ لِغَيْرِي وَلاَ أَقْبَلُ الْيَوْمَ مِنَ الْعَمَلِ إِلاَّ مَا ابْتُغِيَ بِهِ وَجْهِي. ق.
الرياء من موجبات العذاب: المراؤون أول من تسعر بهم النار
أبو هريرة: إِنَّ أَوَّلَ النَّاسِ يُقْضَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَيْهِ: رَجُلٌ اسْتُشْهِدَ فَأُتِيَ بِهِ فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا. قَالَ فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا؟ قَالَ قَاتَلْتُ فِيكَ حَتَّى اسْتُشْهِدْتُ. قَالَ كَذَبْتَ، وَلَكِنَّكَ قَاتَلْتَ لأَنْ يُقَالَ جَريءٌ فَقَدْ قِيلَ. ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ حَتَّى أُلْقِيَ فِي النَّارِ. وَرَجُلٌ تَعَلَّمَ الْعِلْمَ وَعَلَّمَهُ وَقَرَأَ الْقُرْآنَ فَأُتِيَ بِهِ فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا. قَالَ فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا؟ قَالَ تَعَلَّمْتُ الْعِلْمَ وَعَلَّمْتُهُ وَقَرَأْتُ فِيكَ الْقُرْآنَ. قَالَ كَذَبْتَ وَلَكِنَّكَ تَعَلَّمْتَ الْعِلْمَ لِيُقَالَ عَالِمٌ، وَقَرَأْتَ الْقُرْآنَ لِيُقَالَ هُوَ قَارِئٌ فَقَدْ قِيلَ. ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ حَتَّى أُلْقِيَ فِي النَّارِ. وَرَجُلٌ وَسَّعَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَعْطَاهُ مِنْ أَصْنَافِ الْمَالِ كُلِّهِ فَأُتِيَ بِهِ فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا. قَالَ فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا؟ قَالَ مَا تَرَكْتُ مِنْ سَبِيلٍ تُحِبُّ أَنْ يُنْفَقَ فِيهَا إِلاَّ أَنْفَقْتُ فِيهَا لَكَ. قَالَ كَذَبْتَ، وَلَكِنَّكَ فَعَلْتَ لِيُقَالَ هُوَ جَوَادٌ فَقَدْ قِيلَ. ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ ثُمَّ أُلْقِيَ فِي النَّارِ. م.