|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
العمل ضرب من ضروب العبادة في الإسلام
العمل ضرب من ضروب العبادة في الإسلام من عظمة الإسلام وروحه أنه صبغ أعمال الإنسان – أياً كانت هذه الأعمال دنيوية أو أخروية – بصبغة العبادة إذا أخلص العبد فيها لله سبحانه وتعالي، فالرجل في حقله والصانع في مصنعه والتاجر في متجره ، والمدرس في مدرسته ، والزارع في مزرعته ، والمهندس في مشروعه….. الخ كل هؤلاء يعتبرون في عبادة إذا ما أحسنوا واحتسبوا وأخلصوا النية لله تعالي في عملهم، فالفرد مع أنه يعمل من أجل العيش والبقاء والحصول على زاد يقيم صلبه إلا أنه في عبادة لله سبحانه وتعالي ، وهذا هو الفارق بين العامل المسلم الذي يرجو ثواب الآخرة قبل ثواب الدنيا؛ بل إن الله تعالي جعل الضرب والسعي في الأرض جهاداً في سبيل الله قال تعالي:{ وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِن فَضْلِ اللَّه وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ } ) المزمل: 20) قال الإمام القرطبي – رحمه الله – في تفسيره لهذه الآية: “سوى الله تعالي في هذه الآية بين درجة المجاهدين والمكتسبين المال الحلال ، فكان هذا دليلاً على أن كسب المال بمنزلة الجهاد لأنه جمعه مع الجهاد في سبيل الله” وهذا ما أكده الرسول r – لأصحابه. فعَنْ كَعْبِ بن عُجْرَةَ، قَالَ: ” مَرَّ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ، فَرَأَى أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ جِلْدِهِ وَنَشَاطِهِ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ: لَوْ كَانَ هَذَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:”إِنْ كَانَ خَرَجَ يَسْعَى عَلَى وَلَدِهِ صِغَارًا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَإِنْ كَانَ خَرَجَ يَسْعَى عَلَى أَبَوَيْنِ شَيْخَيْنِ كَبِيرَيْنِ فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَإِنْ كَانَ يَسْعَى عَلَى نَفْسِهِ يُعِفُّهَا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَإِنْ كَانَ خَرَجَ رِيَاءً وَمُفَاخَرَةً فَهُوَ فِي سَبِيلِ الشَّيْطَانِ”. [ صحيح الترغيب والترهيب – الألباني ] ، كما قال صلى الله عليه وسلم لسيدنا سعد: ” إِنَّكَ لَنْ تُنْفِقَ نَفَقَةً تَبْتَغِي بِهَا وَجْهَ اللَّهِ إِلَّا أُجِرْتَ بِهَا حَتَّى مَا تَجْعَلُ فِي فِي امْرَأَتِكَ” (البخاري) بل إن الإسلام يذهب إلى أبعد من ذلك فيعد المعاشرة الزوجية طاعة وقربة وعبادة مع أن فيها مآرب أخرى للزوجين، وفي ذلك يقول النبي صلى الله عليه وسلم : “وَفِي بُضْعِ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ: أَيَأتِي أَحَدُنَا شَهْوَتَهُ وَيَكُونُ لَهُ فِيهَا أَجْرٌ؟! قَالَ: أَرَأَيْتُمْ لَوْ وَضَعَهَا فِي حَرَامٍ أَكَانَ عَلَيْهِ فِيهَا وِزْرٌ؟! فَكَذَلِكَ إِذَا وَضَعَهَا فِي الْحَلَالِ كَانَ لَهُ أَجْرًا”(مسلم) ، قال الإمام النووي: ” في هذا دليل على أن المباحات تصير طاعات بالنيات الصادقات ، فالجماع يكون عبادة إذا نوى به قضاء حق الزوجة ومعاشرتها بالمعروف الذي أمر الله تعالى به ، أو طلب ولد صالح، أو إعفاف نفسه أو إعفاف الزوجة ومنعهما جميعاً من النظر إلى حرام، أو الفكر فيه، أو الهم به، أو غير ذلك من المقاصد الصالحة.” إذن فالإسلام يعتبر سعى الإنسان على نفسه وولده جهاداً وعبادة يثاب عليها في الآخرة؛ ولو فطن كل فرد إلى هذه الحقيقة لما تواني لحظة في أداء عمله، بل إنه يسارع إلى أداء عمله بجودة وإتقان وإخلاص، لا من أجل الحصول على المال فسحب وإنما من أجل الثواب الجزيل والأجر العظيم الذي أعده الله له في الآخرة. فالدين يجعل كل عمل يقوم به الإنسان عبادة، ما دام يلتزم فيه بما يرضي الله رب العالمين، فالتجارة مثلاً عبادة، إذا بعد الإنسان في أثناء مزاولتها عن الغش والكذب والاستغلال والربا، وكذلك سائر الأعمال الدنيوية الأخرى ما دام الإنسان يبتعد في أثناء مزاولتها عن مساوئ الأخلاق، وهذا حافز للإنسان على إتقان عمله وتحسين سلوكه في الحياة، وتقوية صلته بالله، لأن الدين يروى في سلوك المتدينين به، وهو الذي يعد الإنسان ويجعله صالحاً للسير في الحياة على صراط الله المستقيم، مما يجعله أهلاً لكي يكون خليفة الله في الأرض، فيؤدي رسالته لتعمير الأرض، وإقامة شريعة الله فيها. يؤخذ من كل ما سبق أن العمل عبادة ، وهذه عبارة صحيحة في ميزان الشرع ولكن يضاف لها إضافة بسيطة: ( العمل عبادة في غير وقت العبادة ) لأن كثيراً من الناس يتركون الصلاة بحجة العمل عبادة، لذلك وقَّتَ الله الصلاة بوقت فقال تعالى:{ إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا} (النساء: 103 )، وأمرك أن تترك تجارتك وعملك وتهرع إلى الصلاة، لأن هذا الوقت ملك لله ويحرم فيه بيع أو شراء أو عمل:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ }( الجمعة : 9 – 11 ). قال الإمام ابن كثير في تفسيره :”لَمَّا حَجَر الله عليهم في التصرف بعد النداء بيعاً وشراءً وأمرهم بالاجتماع، أذن لهم بعد الفراغ في الانتشار في الأرض والابتغاء من فضل الله، كما كان عرَاك بن مالك رضي الله عنه إذا صلى الجمعة انصرف فوقف على باب المسجد، فقال: اللهم إني أجبتُ دعوتَك، وصليتُ فريضتك، وانتشرت كما أمرتني، فارزقني من فضلك، وأنت خير الرازقين، لهذا اتفق العلماء رضي الله عنهم على تحريم البيع بعد النداء الثاني. واختلفوا: هل يصح إذا تعاطاه متعاط أم لا؟ على قولين، وظاهر الآية عدم الصحة كما هو مقرر في موضعه، والله أعلم.” أ.ه ؛ وكان أحد الصالحين يعمل حداداً فإذا سمع الأذان لا ينزل المطرقة على السندان حتى يستجيب لنداء الله، لأن المؤذن يقول: الله أكبر، أي أكبر مما في يدك. وقد عاتب الله بعض الصحابة لما انشغلوا بالتجارة وتركوا سماع الخطبة، فروي أن النبي صلى الله عليه وسلم بينما هو يخطب في الناس، إذ قدم المدينة عيرٌ تحمل تجارة، فلما سمع الناس بها، وهم في المسجد، انفضوا من المسجد، وتركوا النبي صلى الله عليه وسلم يخطب استعجالاً لما لا ينبغي أن يستعجل له، فأنزل الله: { وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ}، فلا ينبغي للعبد أن ينشغل بالدنيا وما فيها ويترك العبادة، لأن الله سخر كل هذه المخلوقات الكونية لخدمة الإنسان ليستعين بها على طاعة الله لا لتشغله عن عبادته!!!! وقد جاء في الأثر الإلهي: ” عبدي: خلقتك من أجلى، وخلقت الأشياء كلها من أجلك، فلا تنشغل بما هو لك عما أنت له.”، إذاً : ( العمل عبادة في غير وقت العبادة ) عباد الله: هذه رسالة أحببت أن أبلغها لإخواني وآبائي الذين يعملون في حقولهم وزراعاتهم وتجاراتهم – حبّا لهم وإشفاقاً عليهم – أن لا تشغلهم عن ربهم، اللهم إني قد بلَّغت اللهم فاشهد يا رب العالمين. -
|
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
Google Adsense Privacy Policy | سياسة الخصوصية لـ جوجل ادسنس
^-^ جميع آلمشآركآت آلمكتوبهـ تعبّر عن وجهة نظر صآحبهآ ,, ولا تعبّر بأي شكلـ من آلأشكآل عن وجهة نظر إدآرة آلمنتدى ~