بيوت الله المشهد الحسيني

[محمود ابواحمد]

بيوت الله
المشهد الحسيني




يرجع تاريخ إنشاء المشهد الحسيني الي عام‏549‏ هـ‏,55/1154‏ م‏,‏ في عصر الدولة الفاطمية ومسجل عليه اسم المنشئ الفائز بنصر الله‏,‏ وكان الهدف من بنائه نقل رأس الحسين بن علي بن أبي طالب إليه‏.

الا أنه لم يبق منه الآن غير الباب المعروف بالباب الأخضر الذي يقع شرق الوجهة القبلية للمسجد‏.‏
وهو عبارة عن كتلة من البناء بالحجر المنحوت‏,‏ عرضها نحو‏6.65‏ متر وارتفاعها‏5.85‏ متر‏,‏ ومزين من أعلي بزخارف هندسية ونباتية مميزة للعصر الفاطمي‏,‏ وكان يسمي قبل ذلك باب الحسين حسب ما أثبتته خريطة الحملة الفرنسية‏,‏ وهذا الباب هو الأثر الفاطمي الوحيد الباقي من مشهد الحسين‏,‏ الذي بني ليحتوي علي رأسه المحفوظ في صندوق من الفضة‏,‏ ويقول ابن جبير الذي زار مصر في سنة‏572‏ هـ ـ‏1184‏ م انه تم تشييد جامع الي جوار المشهد‏,‏ عقب نقل الرأس من مشهد الحسين في عسقلان‏,‏ حيث وصل الي القاهرة في‏8‏ جمادي الآخرة‏548‏ هـ ـ‏1153‏ م لإنفاذه من الوقوع في أيدي الإنفرنج الذين كانوا يهددون المدينة‏.‏
يذكر أن هناك الكثير من الاقاويل والاختلاف بين المؤرخين حول مكان رأس الحسين‏,‏ واذا ما كان بالفعل وصل الي القاهرة‏,‏ أم أن هذا الرأس هو لأحد شهداء كربلاء‏,‏ وقال ابن الجوزي في أي مكان كان رأس الحسين فهو ساكن في القلوب والضمائر قاطن في الأسرار والخواطر واقتبس منه ذلك أبوبكر الآلوسي فقال‏:‏
لا تطلبوا رأس الحسين بشرق أرض أو بغرب
ودعوا الجميع وعرجوا نحوي فمشهده بقلبي
وتعلو الباب المئذنة وفي اسفلها لوحة تشير الي أنها بنيت سنة‏634‏ هـ ـ‏1237‏ م أي في أواخر العصر الأيوبي وهذه ايضا لم تبق منها سوي قاعدتها المربعة التي تحليها زخارف جصية بديعة‏,‏ وقد جددها من أعلي الأمير عبدالرحمن كتخدا كما جدد المشهد والقبة المقامة علي الضريح سنة‏1175‏ هـ ـ‏62/1761‏ م وقد حليت هذه القبة من الداخل بالنقوش الملونة التي يتخللها التذهيب وكسي محرابها والجزء الأسفل من جدرانها بوزرة من الرخام الملون‏.‏
ولما تولي الخديو إسماعيل سنة‏1279‏ هـ ـ‏1863‏ م أمر بتجديد المسجد وتوسيعه واستمر العمل فيه لما يقرب من‏10‏ سنوات‏,‏ وبني المسجد بالحجر الأحمر علي الطراز الغوطي أما مئذنته التي تقع في الركن الغربي القبلي فهي علي نمط المآذن العثمانية الأسطوانية الشكل ولها دورتان وتنتهي بمخروط‏,‏ وللمشهد ثلاثة أبواب بالوجهة الغربية وباب بالوجهة القبيلة وآخر بالوجهة البحرية يؤدي الي صحن به مكان الوضوء‏.‏
ويشتمل المسجد علي خمسة صفوف من العقود المحمولة علي أعمدة رخامية ومحرابه من الخردة الدقيقة التي اتخذت قطعها الصغيرة من القيشاني الملون بدلا من الرخام وهو مصنوع سنة‏1303‏ هـ ـ‏1886‏ م وبجانبه منبر من الخشب يجاوره بابان يؤديان الي القبة وثالث يؤدي الي حجرة المخلفات التي بنيت سنة‏1311‏ هـ ـ‏1893‏ م حيث أودعت فيها المخلفات النبوية‏.‏