لا يدخل الجنة خَب ولا بخيل ولا سيئ الملكة

[helmy40]

لا يدخل الجنة خَب ولا بخيل ولا سيئ الملكة



عن أبي بكرٍ الصديق -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: لا يدخل الجنة خَبٌ ولا بخيل، ولا سيئ الملكة أخرجه الترمذي وفرقه حديثين، وفي إسناده ضعف.



--------------------------------------------------------------------------------

نعم الخب هو الخداع لا يدخل الجنة خب ولا بخيل ولا سيء الملكة هذا مثل ما ذكر الترمذي -رحمه الله- بإسناديه لكن مداره على فرقد بن يعقوب السبخي وهو ضعيف، وهذا الحديث بهذا السند ضعيف، لكن معناه الذي دل عليه ثبتت به الأخبار من جهة حسن المعاملة للمماليك. ولو أن المصنف -رحمه الله- استعاض بالأخبار الثابتة الصحيحة لكفى وأغنى عنه، لكن لعله أراد أن يبين أن هذه الأخبار أن يذكرها وأن يبين ضعفها وإن كان قد حصل هنا قصور في بعض المواضع من جهة بيان ضعفها أو شدة ضعفها.

سيئ الملكة هو الذي يسيء لمماليكه، وجاءت الأخبار الكثيرة في حديث أبي ذر أنه -عليه الصلاة والسلام- قال: إخوانكم خولكم جعلهم الله تحت أيديكم، فمن كان تحته شيء منهم، فليطعمه مما يأكل، وليلبسه مما يلبس، وإن كلفتموهم ما لا يطيقون فأعينوهم ثبت أيضا في الحديث الصحيح في الصحيحين عن أبي هريرة أنه -عليه الصلاة والسلام- قال: إذا أتى أحدكم خادمُه بطعامه فليجلسه معه وفي اللفظ عند مسلم: فإن كان الطعام مشفوها - يعني قليلا - فليطعمه، أو ليعطه أكلة أو أكلتين، أو لقمة أو لقمتين .

أُكلة يعني لقمة، والأَكلة هي الوجبة، يعني إن لم يجلسه، وقال النبي -عليه الصلاة والسلام- فيما رواه مسلم من حديث أبي هريرة: للمملوك طعامه وكسوته، ولا يكلف من العمل إلا ما يطيق ثبت هذا أيضا في أحاديث صحيحة منها ما رواه أبو داود بإسناد صحيح من حديث عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما -: أن رجلا قال: يا رسول الله كم أعفو عن الخادم؟ فأعرض عنه، ثم قال: كم أعفو عن الخادم؟ فأعرض عنه، فقال في الثالثة: اعف عنه سبعين مرة هذا مبالغة في الإحسان إليهم، وأنهم وإن أساءوا فإذا أساءوا وعاقب فلا يزيد في العقاب.

ولهذا روى الترمذي أن رجلا جاء إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: إن لي مماليك وإنهم يكذبونني ويخونونني، قال: " ينظر أخذهم وظلمهم إياك وضربك لهم ثم يوزن فإن فضل أخذ من حسناتك لهم " فجعل الرجل ناحية يبكي، فقال: ألم تقرأ قوله تعالى: وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ سبحانه وتعالى، مثقال حبة من خردل ما تفوت.

وإذا كان هذا في حق العبد الذي يعمله، فحق غيرك عليك لا يفوت ولا يذهب؛ لأنه من أشد الناس حاجة في ذلك المقام، لأنه مقام عظيم يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ كل إنسان يريد حسنة، يريد ذرة، دعاء الأنبياء اللهم سلم سلم، نفسي نفسي، فلا يفوت شيء ولا يذهب شيء، ولهذا يوضع في الميزان، فأمر النبي -عليه الصلاة والسلام- بالعدل، وهو الواجب، والإحسان هو الفضل وهو أفضل، أما الظلم فهو محرم، وهذه ثلاثة مراتب، الظلم حرام، والعدل واجب، والفضل إحسان، في كل شيء، وهذا حيث كان الفضل لا يلزم منه فساد، والعفو.

أما إذا لزم من العفو فساد أو شر في هذه الحالة ليس كل إنسان أهلا للعفو، مثل الإنسان الظالم المعتدي الذي يفسد ثم بعد ذلك يُعفى عنه، يقول عفوت عنه، فالإحسان إحسان إذا لم يلزم منه فساد، أما إذا لزم منه فساد على المحسن أو على غيره فلا، فالفضل والإحسان في الاقتصاص منه، ولهذا قال أهل العلم هل يُستر على العاصي؟ فذكروا المتهتك الذي لا يبالي ما فعل، ولا يستحيي، فهذا العفو عنه إساءة وإن كان ربما يكون فيه نوع إحسان في تركه، لكن يترتب عليه مفاسد كثيرة في تجرؤ غيره من الظلمة على هذه المحارم.

ولهذا ربما يشتد في عقوبته، ولو في حق من حقوق الله عز وجل، يعني إذا كان يترتب عليه شر وفساد. وفي قوله: "لا يدخل الجنة خبٌ ولا بخيل" تقدم هذا، ولا سيئ الملكة، والخب تقدم، وكذلك البخيل تقدم في الأخبار التي سبقت