|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
مكارم الأخلاق في الشعر العربي
يقال إن لكل شيء نصيبا من اسمه ، وهذا دافع لمعرفة العلاقة بين الآداب والأدب كقيمة خلقية ، ولقد ورد أن الآداب هي: ثروة الأمم الفكرية والحضارية التي تصنع مجتمعًا بشريّا تسوده قيم الخلق والأدب والخير والحق ؛ لذا يحسن سرد أهم ما سطره الشعراء في تناولهم للقيمة الحقيقية للأخلاق في حياتنا . وما من شك أن هزيمتنا السياسية الفاجعة اليوم ، بالإضافة لتدهور مستوانا العلمي والفكري والحضاري .. هي في حقيقتها أزمة خلق وأدب ، أزمة القيم التي بات مجتمعنا الإسلامي يفتقدها بشده في الوقت الراهن ، ربما لأننا أقمنا هذا الحاجز الضخم بين الدين والدنيا . ويمكن أن نفهم هذا المعنى الحقيقي من خلال قول شوقي رحمه الله :
فإنما الأمم الأخلاق ما بقيت ... فإن همُ ذهبت أخلاقهم ذهبوا حقاً ، فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا وذبحوا وهزموا شر هزيمة . ولنتأمل قول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم : " إنما بعثت لأتمم صالح الأخلاق "، وثناء الله تبارك وتعالى على نبيه أعظم الثناء بقوله: "وإنك لعلى خلق عظيم". فأما عن أهم ما أنتجته قرائح الشعراء ، فسنتخير منها بعض الأبيات التي تدل على مدى أهمية الأخلاق عند القوم وفي حياة الأمم . فهذا صردر يؤكد على أن الحُسن يقاس بالخلق أولاً فيقول : شمائل وبهجة موموقة ... والحسن بالأخلاق ثم الخِلَق كما لا ننسى قول الشاعر : فأدب النفس واستكمل فضائلها ... فأنت بالنفس لا بالجسم إنسان أما صفي الدين الحلي فيزيد على ما تقدم : أن المرء إذا لم يقم منزلته الأدبية في المجتمع على الأخلاق ، كان بناؤه واهي الأساس ، فقال : إذا عدم الفتى خلقا جميلا ... يسود به ، فلا خُـلق الجمال ويلمح أبو العتاهية إلى أهمية مكانة الأخلاق في صون الشرف فينشدنا : هي الأعراق بالأخلاق تنمو ... بقدر أصولها تزكو الفروع ثم ياتي المعري ليعلن تفضيله للأخلاق على تيجان الملوك فجدير بنا أن نقول معه : أُسَرٌ إن كنت محموداً على خلقٍ ... ولا أسر بأني الملك محمود ما يصنع الرأس بالتيجان يعقدها ... وإنما هو بعد الموت جلمود و بالرغم مما هو معروف عن تفاخر العرب بأنسابهم ، إلا أن بعضا من شعرائهم رأوا أن للأخلاق رابطة اجتماعية قد تفوق رابطة النسب ، فهذا البحتري يقول : كم سري تقبل السرو منهم ... واشتباه الأخلاق عدوى وإلف و ربما ذهب أبعد من هذا بقوله : إذا تشاكلت الأخلاق و اقتربت ... دنت المسافة بين العجم و العرب وهو تأكيد لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : "لا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى". أما أبو تمام فتفوق صلة الأخلاق عنده صلة النسب في متانتها ؛ لذا فقد رثى غالبا الصفدي بأشد ما يرثي الأخ أخاه فقال : قلت أخي، قالوا أخ من قرابة؟ ... فقلت نعـم .. إن الشكول أقارب نسيبي في عزم ورأي ومذهب ... إذا باعدتنا في الأصول المناسب والعجيب أن غالبية الشعراء ذهبوا ( وإن كان في هذا نظر ) على القول بغلبة الطبع على التطبع ، ومن ثم استحالة تغيير الخلق واكتساب أخلاق جديدة حميدة. و نورد في هذا الصدد قول ابي العتاهية الشهير: كل امرئ متفرد بطباعه ... ليس امرؤ إلا على ما يطبع كما أن العرب اعتبروا عامل الوراثة هو الأهم في تكوين الأخلاق ، واستدل أصحاب هذا القول بقول زهير بن أبي سلمى: فما يك من خـير أتوه فإنما ... توارثه أباء أبائهم قبـل وهل ينبت الخطي إلا وشيجة ... وتغرس إلا في منابتها النخل؟1 و قول التميمي : أرى كل عـود نابتـا في ارومة ... أبى نسب العيدان أن يتغيرا بنوا الصالحينَ الصالحونَ ومن يكن ... لآباء سوء يلقهم حيث ســيٌرا و قول النجاشي : خلائق فينا من أبينا وجدنا ... كذلك طيب الفرع ينمي على الأصل أما النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم الذى لا ينطق عن الهوى ، فيقول بإمكانية تغير الطباع واكتساب الأخلاق الفاضلة ، فيقول صلى الله عليه وسلم: " إنما العلم بالتعلم وإنما الحلم بالتحلم" . مما يعني إمكانية تغيير الطبع و السلوك . و قد ورد على ألسنة الشعراء إمكانية اكتساب الخلق الحميد ؛ شريطة وجود القدوة الحسنة ، وأشاروا إلى أهمية عامل التربية والتأديب ، وأكدوا على ان الوازع الديني هو الوحيد القادرعلى إحداث تغير تام وتأثير ملموس في خلق الإنسان ، كما يدل على ذلك قول الحكم بن عبدل : لم أجد عروة الخلائق إلا الـ ... دين ، لما اعتبرت ، و الحسبا ولا ننسى قول الطائي : فجاور كريما واقتدح من زناده ... وأسند إليه أن تطاول سلما وورد للبحتري قول يؤكد فيه بأن الأخلاق تتأثر بالعشرة ، ففى مزاحه لأحد أقرانه يقول : أنت أعديته بحب سعاد ... وكريم الأهواء يعدي الكريما أما ابن التعاويذى ، فقد حذر من سوء القدوة الذى يؤدي إلى التطبع بأخلاق المقتدي به فأنشد بيته الشهير : إذا كان رب البيت بالدف مولعا ... فشيمة أهل البيت كلهم الرقص واختلف الشعراء في وسائل التأديب ، و لكنهم اتفقوا على أن الحر يكفي لتأديبه الترغيب والعتاب ، أما العبد فلا ينجع فيه إلا الترهيب ، فقد جاء في قول ابن دريد : واللوم للحر مقيم ورادع ... والعبد لا يردعه إلا العصا وقال بعضهم : العبد يقرع بالعصا ... والحر تكفيه الإشارة كما أجمع شعراء العرب على ضرورة التهذيب منذ الصغر و منه قول ابن قريع : إذا المرء أعيته المروءة ناشئا ... فمطلبها - كهلا - عليه شديد كما ورد فى الشعر العربى أنه يصعب على المرء إخفاء عيوبه ، ولزهير بن أبي سلمي بيت شهير يقول فيه : ومهما تكن عند امرئ من خليقة ... وإن خالها تخفى على الناس تعلم كثيرة هي القصائد التي تشيد بالقيم الخلقية ، وليس يتسع المجال هنا لحصرها ، ولكن إن فاتك فلا يفوتنك قول الإمام الشافعي في جهاده لنفسه من أجل أن تحظى بالخلق الطيب: إذا سبني نذل تزايدت رفعـة ... وما العيب إلا أن أكون مساببه ولو لم تكن نفسي علي عزيزة ... لمكنتها من كل نذل تحاربه وقوله : يخاطبني السفيه بكل قبح ... فأكره أن أكون له مجيبا يزيد سفاهة فأزيد حلمـا ... كعود زاده الإحراق طيبا ونختم بأحسن الكلام ، كلام المصطفى صلى الله عليه وسلم أو كما قال: " أكثر ما يثقل ميزان العبد يوم القيامة حسن الخلق" .و قوله: " أفضل الناس إيمانا، أحاسنهم أخلاقا |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
Google Adsense Privacy Policy | سياسة الخصوصية لـ جوجل ادسنس
^-^ جميع آلمشآركآت آلمكتوبهـ تعبّر عن وجهة نظر صآحبهآ ,, ولا تعبّر بأي شكلـ من آلأشكآل عن وجهة نظر إدآرة آلمنتدى ~