|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
لا يسلم إنسان من الابتلاء
إنّ مَن تأمَّل بعين العِبرة والبصيرة، في حال الناس هذه الأيّام، وما هم فيه من امتحانات ومحنةٍ، وكلهم ينتظر انفراجَ هذه الأيام وانتهائها، إنّ من تأمّل ذلك علم أنّ هذه الدنيا لا يستقرُّ حالها على سعةٍ ورخاءٍ دائم، وإنّما هي ابتلاءٌ وامتحان، وفرجٌ وشدةٌ، وكلُّ إنسان في هذه الدنيا تمرُّ به محنٌ وبلايا، ومصائبُ ورزايا، بينما هو في رخاءٍ إذ نزلت به شدّةٌ، وبينما هو في عافيةٍ وسعةٍ إذ فَجَأهُ مرضٌ وسُقم. أو لعله كان في سعةِ رزقٍ ورخاء ثم يُبتلى بفقرٍ مُدقع أو دَينٍ مُضلِع، آلامٌ تضيق بها النفوس، ومزعِجاتٌ تورث الخوف والجوع. كم ترى من مبتلى يشكو مرضَه! وأبٍ يلوم عقوقَ ولدِه! وأمٍ ثكلى تبكي فقيدَها! كم ترى ممّن بارَت تجارتُه وكسَدَت صِناعتُه! وآخرَ قد ضاعَ جُهده ولم يُدرك مَرامَه! تلك هي الدنيا تُضحكُ وتُبكي، وتُشتّتُ وتَجمع. إنها دار غرور لمن اغترَّ بها، وهي عبرة لمنِ اعتبَرَ بها، وهي دار صدق لمن صدَق فيهَا: (لِكَيْلَا تَأْسَوا عَلى مَا فَاتَكُم وَلا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُم واللهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ) [الحديد: 23]. والمؤمن مهما أظلمَ عليه ليلُ الكروب بالأمراضِ والأحزانِ.. إلّا أنه لا ييأس من فجرٍ يبدد الله به كرباتِه وأحزانهِ؛ كما قال سبحانه: (فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا) [الشرح:5- 6]، وقال: (سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا) [الطلاق: 7]، وقال -عز وجل-: (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا) [الطلاق: 4]. أيوبُ -عليه الصلاة والسلام- نبيٌ كريمٌ مطهَّرٌ.. ابتلاه الله -تعالى- بالسُقم والّلأواء، وجرى عليه الدودُ والأدواء، جاء القرآن بذكره، ونطقت الأخبار بشرح أمره، قال الله -عز وجل-: (وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ) [الأنبياء: 83]. كم من محنةٍ في طيِّها منحةٌ! ومن هوانٍ كانت عاقبته كرامةً! ها هو يعقوب -عليه السلام- يفقد ولده الأول فيقول: (فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ) [يوسف: 18]، فلما ترقب الفرج غُيِّب عنه ولده الثاني، فقال: (فَصَبْرٌ جَمِيلٌ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ) [يوسف: 83]، ثم أنزل همه وكربه بربه جلَّ وعلا فقال: (إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ) [يوسف: 86]، الله أكبر.. يقين أرسى من الجبال، وعلمٌ بالله لا يخالطه شك أو جدال. فالمؤمن الواثق مهما نزلت به الأمراض.. أو ابتُلِيَ بفقد الأحباب.. أو حُرِمَ من المال والولد.. أو تكاثرت عليه مشاكل ومصائب في وظيفة أو تجارة أو سيارة أو بيت أو غير ذلك.. لا يفقد صفاء العقيدة ونور الإيمان، أما الإنسان الجَزُوع فإنه إذا نزلت به المصائب ضاقت عليه مسالك الفَرَج، بل ضاقت عليه الأرض بما رحبت، فييأس، فإذا يئس زاد مرضُه مرضاً وهمُّه هماً.. اللهم اجعلنا من أهل القرآن، وارزقنا تلاوته آناء الليل وأطراف النهار يا رحمن، اللهم بارِكْ لنا في القرآن العظيم، وانفعنا بما فيه من الآيات والذكر الحكيم.
|
3/10/2021, 05:31 PM | رقم المشاركة : ( 4 ) | |||
كبير مشرفين المنتدي الاسلامى
|
رد: لا يسلم إنسان من الابتلاء
بارك الله فيك
.... |
|||
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
Google Adsense Privacy Policy | سياسة الخصوصية لـ جوجل ادسنس
^-^ جميع آلمشآركآت آلمكتوبهـ تعبّر عن وجهة نظر صآحبهآ ,, ولا تعبّر بأي شكلـ من آلأشكآل عن وجهة نظر إدآرة آلمنتدى ~