|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
صور ونماذج مشرقة لخلق الإيثار
صور ونماذج مشرقة لخلق الإيثار عباد الله: لقد ضرب لنا الصَّحابة والسلف الصالح أروع أمثلة الإيثَار وأجملها، ومَن يتأمَّل في قصص إيثارهم يحسب ذلك ضربًا مِن خيال، لولا أنَّه منقولٌ لنا عن طريق الأثبات، وبالأسانيد الصَّحيحة الصَّريحة؛ ومن هذه الصور: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : إِنِّي مَجْهُودٌ ، فَأَرْسَلَ إِلَى بَعْضِ نِسَائِهِ ، فَقَالَتْ : وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا عِنْدِي إِلَّا مَاءٌ ، ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى أُخْرَى ، فَقَالَتْ : مِثْلَ ذَلِكَ حَتَّى قُلْنَ كُلُّهُنَّ مِثْلَ ذَلِكَ لَا وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا عِنْدِي إِلَّا مَاءٌ ، فَقَالَ : ” مَنْ يُضِيفُ هَذَا اللَّيْلَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ ؟ ” ، فَقَامَ رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ ، فَقَالَ : أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ ، فَانْطَلَقَ بِهِ إِلَى رَحْلِهِ ، فَقَالَ لِامْرَأَتِهِ : هَلْ عِنْدَكِ شَيْءٌ ؟ ، قَالَتْ : لَا إِلَّا قُوتُ صِبْيَانِي ، قَالَ : فَعَلِّلِيهِمْ بِشَيْءٍ ، فَإِذَا دَخَلَ ضَيْفُنَا فَأَطْفِئْ السِّرَاجَ وَأَرِيهِ أَنَّا نَأْكُلُ ، فَإِذَا أَهْوَى لِيَأْكُلَ فَقُومِي إِلَى السِّرَاجِ حَتَّى تُطْفِئِيهِ ، قَالَ : فَقَعَدُوا وَأَكَلَ الضَّيْفُ ، فَلَمَّا أَصْبَحَ غَدَا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : ” قَدْ عَجِبَ اللَّهُ مِنْ صَنِيعِكُمَا بِضَيْفِكُمَا اللَّيْلَةَ ” . (مسلم) ومن أروع هذه الصور الاختبار الذي وضعه عمر بن الخطاب ليختبر إيثار أصحابه!! ” فقد روي أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أخذ أربعمائة دينار، فجعلها في صرة ثم قال للغلام: اذهب بها إلى أبي عبيدة بن الجراح، ثم تلكأ ساعة في البيت حتى تنظر ماذا يصنع بها. فذهب بها الغلام إليه فقال: يقول لك أمير المؤمنين: اجعل هذه في بعض حاجتك، فقال: وصله الله ورحمه، ثم قال: تعالي يا جارية، اذهبي بهذه السبعة إلى فلان، وبهذه الخمسة إلى فلان، حتى أنفذها. فرجع الغلام إلى عمر، فأخبره فوجده قد أعد مثلها لمعاذ بن جبل، وقال: اذهب بهذا إلى معاذ بن جبل، وتلكأ في البيت ساعة حتى تنظر ماذا يصنع، فذهب بها إليه فقال: يقول لك أمير المؤمنين: اجعل هذه في بعض حاجتك، فقال: رحمه الله ووصله، وقال: يا جارية، اذهبي إلى بيت فلان بكذا وبيت فلان بكذا، فاطلعت امرأة معاذ فقالت: ونحن ! والله مساكين فأعطنا. ولم يبق في الخرقة إلا ديناران قد جاء بهما إليها. فرجع الغلام إلى عمر فأخبره فسر بذلك عمر وقال: إنهم إخوة بعضهم من بعض”. (الحلية لأبي نعيم وابن المبارك في الزهد ) أحبتي في الله: لقد بلغ الإيثار ذروته عندهم أن جعل كلا منهم يسد دين أخيه وهو لا يعلم ويقدمه على سداد دينه هو ؛ ” فقد رُوِي أنَّ مسروقًا ادَّان دينًا ثقيلًا، وكان على أخيه خيثمة دين، قال: فذهب مسروق فقضى دين خيثمة، وهو لا يعلم، وذهب خيثمة فقضى دين مسروق وهو لا يعلم. وما أجمل الإيثار على فراش الموت؛ يقول عبَّاس بن دهقان: ما خرج أحدٌ مِن الدُّنْيا كما دخلها إلَّا بشر ابن الحارث؛ فإنَّه أتاه رجل في مرضه، فشكا إليه الحاجة، فنزع قميصه وأعطاه إيَّاه، واستعار ثوبًا فمات فيه !! ” .( إحياء علوم الدين) وما أروع إيثار الأم أولادها على نفسها محبة لهم وشفقة عليهم؛ مع حاجتها وخصاصتها للطعام؛ فعَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ:” جَاءَتْنِي مِسْكِينَةٌ تَحْمِلُ ابْنَتَيْنِ لَهَا فَأَطْعَمْتُهَا ثَلَاثَ تَمَرَاتٍ؛ فَأَعْطَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا تَمْرَةً؛ وَرَفَعَتْ إِلَى فِيهَا تَمْرَةً لِتَأْكُلَهَا؛ فَاسْتَطْعَمَتْهَا ابْنَتَاهَا؛ فَشَقَّتْ التَّمْرَةَ الَّتِي كَانَتْ تُرِيدُ أَنْ تَأْكُلَهَا بَيْنَهُمَا؛ فَأَعْجَبَنِي شَأْنُهَا؛ فَذَكَرْتُ الَّذِي صَنَعَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَوْجَبَ لَهَا بِهَا الْجَنَّةَ أَوْ أَعْتَقَهَا بِهَا مِنْ النَّارِ “. (مسلم) ومن هذه الصور إيثار أمنا عائشة- رضي الله عنها- عمر على نفسها بالدفن جوار الرسول صلى الله عليه وسلم؛ وذلك لما طُعن عُمَرُ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ اذْهَبْ إِلَى أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فَقُلْ: يَقْرَأُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ عَلَيْكِ السَّلَامَ. ثُمَّ سَلْهَا أَنْ أُدْفَنَ مَعَ صَاحِبَيَّ؛ قَالَتْ: كُنْتُ أُرِيدُهُ لِنَفْسِي؛ فَلَأُوثِرَنَّهُ الْيَوْمَ عَلَى نَفْسِي؛ فَلَمَّا أَقْبَلَ قَالَ لَهُ: مَا لَدَيْكَ؟ قَالَ: أَذِنَتْ لَكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ. قَالَ: مَا كَانَ شَيْءٌ أَهَمَّ إِلَيَّ مِنْ ذَلِكَ الْمَضْجَعِ؛ فَإِذَا قُبِضْتُ فَاحْمِلُونِي ثُمَّ سَلِّمُوا ثُمَّ قُلْ: يَسْتَأْذِنُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ؛ فَإِنْ أَذِنَتْ لِي فَادْفِنُونِي وَإِلَّا فَرُدُّونِي إِلَى مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ.” (البخاري) وما أجمل إيثار عائشة- رضي الله عنها- فقد جاء في موطأ مالك: ” أنه بلغه عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، أن مسكينا سألها وهي صائمة وليس في بيتها إلا رغيف فقالت لمولاة لها: أعطيه إياه، فقالت: ليس لك ما تفطرين عليه ؟ فقالت: أعطيه إياه. قالت: ففعلت. قالت: فلما أمسينا أهدى لنا أهل بيت أو إنسان ما كان يهدي لنا: شاة وكفنها. فدعتني عائشة فقالت: كلي من هذا، فهذا خير من قرصك.” يقول الإمام القرطبي معلقاً على ذلك: ” عائشة رضي الله عنها في فعلها هذا من الذين أثنى الله عليهم بأنهم يؤثرون على أنفسهم مع ما هم فيه من الخصاصة، وأن من فعل ذلك فقد وقى شح نفسه وأفلح فلاحا لا خسارة بعده؛ ومن ترك شيئا لله عوضه الله خيراً منه. ومعنى (شاة وكفنها) أن العرب كان هذا من طعامهم، يأتون إلى الشاة أو الخروف إذا سلخوه غطوه كله بعجين البر وكفنوه به ثم علقوه في التنور، فلا يخرج من ودكه شئ إلا في ذلك الكفن، وذلك من طيب الطعام عندهم.” (تفسير القرطبي) أيها المسلمون: لقد تمسك الصحابة بخلق الإيثار في كل شئ ولا سيما في الطعام والشراب حتى لو أدى ذلك إلى ذهاب حياتهم وخروج أرواحهم؛ فعن حذيفة العدويّ، قال: « انطلقت يوم اليرموك أطلب ابن عمّ لي ومعي شيء من ماء وأنا أقول: إن كان به رمق سقيته ومسحت به وجهه، فإذا أنا به، فقلت: أسقيك؟ فأشار إليّ أن نعم. فإذا رجل يقول آه. فأشار ابن عمّي إليّ أن انطلق به إليه فجئته فإذا هو هشام بن العاص فقلت: أسقيك؟ فسمع به آخر فقال: آه. فأشار هشام: انطلق به إليه فجئته فإذا هو قد مات. فرجعت إلى هشام فإذا هو قد مات، فرجعت إلى ابن عمّي فإذا هو قد مات. رحمة الله عليهم أجمعين» ( إحياء علوم الدين) وعن ابن عمر- رضي الله عنهما- قال: أهدي لرجل من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم رأس شاة، فقال: إنّ أخي فلانا وعياله أحوج إلى هذا منّا. فبعث به إليهم، فلم يزل يبعث به واحد إلى آخر حتّى تداولها أهل سبعة أبيات حتّى رجعت إلى الأوّل؛ فنزلت { وَيُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ} (الحشر/ 9).«الدر المنثور» . ” وحكي عن أبي الحسن الأنطاكيّ: أنّه اجتمع عنده نيّف وثلاثون رجلا بقرية من قرى الرّيّ، ومعهم أرغفة معدودة لا تشبع جميعهم، فكسروا الرّغفان، وأطفئوا السّراج، وجلسوا للطّعام، فلمّا رفع فإذا الطّعام بحاله لم يأكل منه أحد شيئاً، إيثاراً لصاحبه على نفسه”. ( تفسير القرطبي) “واشتهى ابن عمر يومًا سمكةً، وكان قد نَقِهَ مِن مرضٍ فالتُمِسَت بالمدينة، فلم توجد حتى وُجِدَت بعد مُدَّةٍ، واشْتُرِيَت بِدرهم ونصفٍ، فشُوِيَت وجيء بها على رغيف، فقام سائلٌ بالباب، فقال ابن عمر للغلام لفَّها برغيفها، وادفعها إليه. فأبى الغلام، فردَّه وأمره بدفعها إليه، ثمَّ جاء به فوضعها بين يديه، وقال: كُلْ هنيئًا -يا أبا عبد الرَّحمن-، فقد أعطيته درهمًا وأخذتها. فقال: لفَّها وادفعها إليه، ولا تأخذ منه الدِّرهم”. (تاريخ دمشق لابن عساكر) أيها المسلمون: لم يقتصر إيثار السلف الصالح على بعضهم البعض؛ بل تعدى إلى إيثار الكلاب والبهائم على أنفسهم. ” فقد روى أن عبد الله بن جعفر خرج إلى ضيعة له فنزل على نخيل قوم وفيه غلام أسود يعمل فيه؛ إذ أتى الغلام بقوته، فدخل الحائط كلب ودنا من الغلام فرمى إليه الغلام بقرص فأكله، ثم رمى إليه الثاني والثالث فأكله، وعبد الله ينظر إليه فقال: يا غلام كم قوتك كل يوم؟! قال ما رأيت! قال فلم آثرت به هذا الكلب؟! قال ما هي بأرض كلاب، إنه جاء من مسافة بعيدة جائعاً فكرهت أن أشبع وهو جائع! قال فما أنت صانع اليوم؟! قال: أطوي يومي هذا فقال عبد الله بن جعفر ألام على السخاء! إن هذا الغلام لأسخى مني، فاشترى الحائط والغلام وما فيه من الآلات فأعتق الغلام ووهبه منه. وعن بعض الصوفية قال: كنا بطرسوس فاجتمعنا جماعة وخرجنا إلى باب الجهاد، فتبعنا كلب من البلد، فلما بلغنا ظاهر الباب إذا نحن بدابة ميتة فصعدنا إلى موضع عال وقعدنا. فلما نظر الكلب إلى الميتة رجع إلى البلد ثم عاد بعد ساعة ومعه مقدار عشرين كلباً، فجاء إلى الميتة وقعد ناحية ووقعت الكلاب في الميتة، فما زالت تأكلها وذلك الكلب قاعد ينظر إليها حتى أكلت الميتة وبقي العظم ورجعت الكلاب إلى البلد، فقام ذلك الكلب وجاء إلى تلك العظام فأكل مما بقي عليها قليلاً ثم انصرف.” (إحياء علوم الدين). فأنت ترى أن الكلب يعلم أن إخوانه الكلاب من أهل بلدته في مجاعة؛ فرجع مسرعا فناداهم وقدم لهم الطعام؛ وآثرهم على نفسه ولم يأكل معهم حتى شبعوا ومضوا ؛ ثم أكل ما بقى!! فأي إيثار هذا !! وأي حب هذا ؟!! وأي تكافل وتراحم هذا ؟!!إذا كان هذا يحدث في عالم الكلاب فما بالكم بعالم الإنسان الذي يأكل بعضه بعضاً !! وكأنه بلسان الحال يقول: أعيش وليمت الآخرون من أجل بقائي !! أحبتى في الله: انظروا إلى إيثار هؤلاء الأفاضل الكرام من سلفنا الصالح رضي الله عنهم أجمعين، كانوا أهل إيثار وسخاء، كانوا أحبة في الله متراحمين متواصلين متباذلين، يوم كان القرآن دليلَهم، يوم كان هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم إمامَهم وأمامَهم، يوم كانوا عاملين بكتاب الله، آخذين بسنة رسول الله، متخلقين بأخلاق الإسلام… فكم من عيون منهم بكت لبكاء عيون من المسلمين!!. وكم من قلوب لهم تألمت لآلام المتألمين!!!…وصدق الشاعر علي بن محمَّد التهامي في وصفهم حيث يقول: أُسدٌ ولكن يؤثرون بزادِهم……………والأُسد ليس تدينُ بالإيثَارِ يتزيَّنُ النَّادي بحسنِ وجوهِهم…………….كتزيُّنِ الهالاتِ بالأقمارِ أيها المسلمون: هذا غيضٌ مِن فيض من صور ونماذج الإيثار عند سلفنا الصالح، وما أغفلناه أكثر ممَّا ذكرناه، ويكفي القلادة ما أحاط بالعنق!!!
|
3/11/2016, 08:01 PM | رقم المشاركة : ( 6 ) | ||||
نجم المنتدي الاسلامي
|
رد: صور ونماذج مشرقة لخلق الإيثار
جزاك الله خيرا
|
||||
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
Google Adsense Privacy Policy | سياسة الخصوصية لـ جوجل ادسنس
^-^ جميع آلمشآركآت آلمكتوبهـ تعبّر عن وجهة نظر صآحبهآ ,, ولا تعبّر بأي شكلـ من آلأشكآل عن وجهة نظر إدآرة آلمنتدى ~