ماشاء الله تبارك الله ماشاء الله لاقوة الا بالله , اللهم اني اسالك الهدى والتقى والعفاف والغنى
" قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ *مِن شَرِّ مَا خَلَقَ * وَمِن شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ * وَمِن شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ * وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ ". صدق الله العظيم
الساده الاعضاء و زوار منتديات المهندسين العرب الكرام , , مشاهده القنوات الفضائيه بدون كارت مخالف للقوانين والمنتدى للغرض التعليمى فقط
   
Press Here To Hidden Advertise.:: إعلانات منتديات المهندسين العرب لطلب الاعلان عمل موضوع بقسم الشكاوي ::.

 IPTV Reseller

  لطلب الاعلان عمل موضوع بقسم طلبات الاعلانات اسفل المنتدى لطلب الاعلان عمل موضوع بقسم طلبات الاعلانات اسفل المنتدى لطلب الاعلان عمل موضوع بقسم طلبات الاعلانات اسفل المنتدى

Powerd By : Mohandsen.com

العودة   المهندسين العرب > اسلاميات ( حبا في رسول الله ) > المنتدي الاسلامي > المكتبه الاسلاميه

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 11/9/2008, 03:10 PM
الصورة الرمزية انور حافظ احمد
 
انور حافظ احمد
نـجـم الـنجوم الـمـميز بـالـمهندسين الـعرب

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  انور حافظ احمد غير متصل  
الملف الشخصي
رقم العضوية : 35687
تاريخ التسجيل : Oct 2006
العمـر :
الـجنـس :
الدولـة : الاسماعيلية
المشاركـات : 10,233 [+]
آخــر تواجـد : ()
عدد الـنقـاط : 25
قوة التـرشيـح : انور حافظ احمد يستاهل التميز
new ســـــــــؤال اليــــــــــوم الســــــابــع عشــــر






فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَكَاةَ الْفِطْرِ طُهْرَةً لِلصَّائِمِ مِنْ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ وَطُعْمَةً لِلْمَسَاكِينِ مَنْ أَدَّاهَا قَبْلَ الصَّلاةِ فَهِيَ زَكَاةٌ مَقْبُولَةٌ وَمَنْ أَدَّاهَا بَعْدَ الصَّلاةِ فَهِيَ صَدَقَةٌ مِنْ الصَّدَقَاتِ


- اذكر حكمتها ومشروعيتها ؟
- حكمها ووقت خروجها ؟
- علي من تجب ومقدارها ؟
- مكان اخراجها ؟



انتهي السؤال الســــــــــــابع عشـــــــر
اللهم ....... وفق
قديم 17/9/2008, 03:26 AM   رقم المشاركة : ( 2 )
سواقي
بـاشـمهندس


الملف الشخصي
رقم العضوية : 120371
تاريخ التسجيل : Sep 2008
العمـر : 44
الجنـس :
الدولـة :
المشاركات : 46 [+]
آخر تواجـد : ()
عدد النقاط : 10
قوة الترشيـح : سواقي يستاهل التميز

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

سواقي غير متصل

new رد: ســـــــــؤال اليــــــــــوم الســــــابــع عشــــر

زكاه الفطر
فقد شُرعت زكاة الفِطر في السنة الثانية من الهجرة، وحكمة مشروعيتها أنها طُهْرة للصائم من اللغو والرفث، وطُعمة للمساكين، وهي تجب على من صام رمضان ومن أفطره لعذر أو لغير عذر، و مقدار هذه الزكاة هو صاع من غالب قوت البلد.

يقول فضيلة الشيخ عطية صقر رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالأزهر:
شُرعت زكاة الفِطر في السنة الثانية من الهجرة مع فرض صيام رمضان، فقد روى البخاري وغيره عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ قال: فرض رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ زكاة الفطر من رمضان، صاعًا من تمر أو صاعًا من شعير، على العبد والحر والذكر والأنثى والصغير والكبير من المسلمين. كما روى أبو داود وابن ماجه أن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال: فرض رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ زكاة الفطر طُهْرة للصائم من اللغو والرفث، وطُعمة للمساكين، فمن أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة، ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات.

ويبين الحديث الأول مقدار هذه الزكاة وهو صاع من غالب قوت البلد، وكان الغالب في أيام النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في المدينة هو التمر والشعير، وأئمة الفقه على إخراجها عينًا، لكن أبا حنيفة رأى جواز إخراج القيمة، وهي تختلف من بلد إلى بلد، ومن زمن إلى زمن.

والمقدار هو نصف صاع من القمح عن كل فرد عند أبي حنيفة. أما من الأصناف الأخرى فصاع كامل، وهو قدحان وثلث القدح، وعند الشافعية صاع من أي صنف من الأقوات وهو قدحان، وعند المالكية صاع أيضًا، لكن مقداره عندهم قدح وثلث القدح بالكيل المصري، فتكفي الكيلة عن ستة أشخاص، ورأى الجمهور في كونها صاعًا من أي قوت أقوى من رأي أبي حنيفة في المفاضلة بين القمح وغيره، فإن معاوية هو الذي قال عند قدومه من الشام إلى الحجاز: إني أرى أن مدين من سمراء الشام ـ أي القمح ـ تعدل ـ صاعا من تمر، فأخذ بعض الناس برأيه، لكن الأكثرين بقوا على ما كان عليه أيام النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ رواه الجماعة عن أبي سعيد الخدري، ولا مانع من الأخذ برأي أبي حنيفة في إخراج القيمة مع مراعاة عدم التقيد بالسعر الرسمي، فإن الفقير ربما لا يستطيع أن يحصل على القوت بهذا السعر، فيؤخذ بالسعر العادي الجاري بين عامة الناس، وكلما زاد عليه كان أفضل، هذا، والصاع يساوي اثنين من الكيلو جرامات، 48 درهمًا، أي أربع أوقيات.

وبالنسبة لحكمة مشروعية هذه الزكاة قد أشار إليها الحديث الثاني، فهي تتمثل في فائدتين، فائدة تعود على المزكي وفائدة تعود على من يأخذون الزكاة.
أما الأولى: فهي تطهير الصائم مما عساه يكون قد وقع فيه مما يتنافى مع حكمة الصوم وأدبه، كالسباب والنظر المحرم والغيبة والتمتع بما دون الاتصال الجنسي حتى من زوجته كاللمس والقُبْلَة، وقليل من الناس من يسلم له صومه من كل المآخذ، فتكون زكاة الفطر بمثابة جبرٍ لهذا النقص، أو تكفير له إلى جانب المكفرات الأخرى من الاستغفار والذكر والصلاة وغيرها.
وهي في الوقت نفسه برهان على أنه استفاد من دروس الجوع والعطش رحمة بما يعانون منهما من الفقراء والمساكين ، فقد قاسى كما يقاسون، وهنا لا يجوز أن يقسو قلبه وتجمد عاطفته عندما يرى غيره ممن لا يجد ما يسد به جوعته أو يطفئ ظمأه، يسأله شيئًا من فضل الله عليه. وكأن هذه الزكاة، وهي رمز متواضع، بمثابة الرسم المفروض على الصائم ليتسلم جائزة التقدير من الله يوم العيد، كما جاء في حديث ابن عباس بسند مقبول في مثل هذه المواطن، حيث يُشهد الله تعالى ملائكته على رضاه ومغفرته لعباده جزاء صيام رمضان وقيام لياليه.

ومن قسا قلبه ولم يخرجها، على الرغم من يسرها، دلَّ على أنه لم يستفد من دروس الصيام رحمة، وكان صيامه صيامًا شكليًا قد يكون مُرغمًا عليه حياءً، لا من الله ولكن من الناس، فهو عمل مرفوض مردود عليه، وذلك ما يشير إليه الحديث الذي رواه أبو حفص بن شاهين في فضائل رمضان وقال: إنه حديث جيد الإسناد "صوم شهر رمضان مُعلق بين السماء والأرض ولا يرفع إلا بزكاة الفطر".

وأما الفائدة الثانية لزكاة الفطر فهي للمحتاجين إلى المعونة، وبخاصة في يوم العيد، كي يشعروا بالفرح والسرور، كما يفرح غيرهم من الناس، ولذلك كان من الأوقات المُتخيرة لإخراج زكاة الفطر صبيحة يوم العيد وقبل الاجتماع للصلاة، حتى يستقبل الجميع يومهم مسرورين، ولا يحتاج الفقراء إلى التطواف على أبواب الأغنياء ليعطوهم ما يشعرهم ببهجة هذا اليوم، وقد جاء ذلك في حديث رواه البيهقي والدارقطني "اغنوهم عن طواف هذا اليوم".

ولهذه الفائدة التي تتصل بإشاعة الفرح والسرور والتخفيف عن البائسين كانت الزكاة مفروضة حتى على من لم يصم شهر رمضان لعُذر أو لغير عُذر، فإن كان قد قصر في واجب فلا يجوز أن يُقصر في واجب آخر، وإن كان قد حرم من الفائدة الخاصة للصيام فلا يجوز أن يؤثر ذلك على واجبه الاجتماعي.


********

تعريفها وحكمها

1- زكاة الفطر أو صدقة الفطر هي الزكاة التي سببها الفطر من رمضان. فرضت في السنة الثانية للهجرة، أي مع فريضة الصيام. وتمتاز عن الزكوات الأخرى بأنها مفروضة على الأشخاص لا على الأموال.

2- واتفق جمهور العلماء أنها فريضة واجبة، لحديث ابن عمر: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فرض زكاة الفطر من رمضان صاعاً من تمر أو صاعاً من شَعير على كلّ حرٍّ أو عبد أو أمة".

3- وقد بيّن رسول الله صلى الله عليه وسلم حكمتها وأنها طهرة للصائم من اللَّغو والرَّفث اللذين قلَّما يسلم صائم منهما، وهي طُعمة للمساكين حتى يكون المسلمون جميعاً يوم العيد في فرح وسعادة.

ثانياً: على من تجب؟


1- تجب زكاة الفطر على كل مسلمٍ عبدٍ أو حرٍّ، ذَكرا كان أو أنثى، صغيرا أو كبيرا، غنيا أو فقيرا. ويخرجها الرجل عن نفسه وعمَّن يعول، وتخرجها الزوجة عن نفسها أو يخرجها زوجها عنها. ولا يجب إخراجها عن الجنين وإن كان يستحب ذلك عند أحمد بن حنبل رضي الله عنه.

2- وقد اشترط الجمهور أن يملك المسلم مِقدار الزكاة فاضلاً عن قوته وقوت عياله يوم العيد وليلته، وعن سائر حوائجه الأصلية.

والدَّين المؤجل لا يؤثر على وجوب زكاة الفطر بخلاف الدَّين الحالّ (الذي يجب تأديته فوراً(

ثالثاً: مقدار زكاة الفطر ونوعها

1- اتفق الأئمة الثلاثة: مالك والشافعي وأحمد، ومعهم جمهور العلماء، أن زكاة الفطر صاع من تمر أو شعير أو زبيب أو أقِط أو قمح، أو أي طعام آخر من قوت البلد، وذلك لحديث ابن عمر المذكور آنفاً، ولحديث أبي سعيد الخدري: "كنا نُخرج زكاة الفطر إذ كان فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم صاعاً من طعام، أو صاعاً من تَمر، أو صاعاً من شَعير، أو صاعاً من زَبيب، أو صاعاً من أقِط، فلم نزل كذلك حتى نزل عَلينا معاوية المدينة، فقال: إني لأرى مُدَّين من سَمراء الشام -أي قمحها- يعدل صاعاً من تمر فأخذ الناس بذلك" رواه الجماعة.

وقال الأحناف: زكاة الفطر صاع من كل الأنواع، إلاّ القمح، فالواجب فيه نصف صاع. والأحوط اعتماد الصاع من كل الأنواع.

2- والصاع أربع حفنات بكفَّي رجل معتدل الكفين، أو أربعة أمدد، لأن المدّ هو أيضاً ملء كفي الرجل المعتدل، والصاع من القمح يساوي تقريباً 2176 غراماً، أما من غير ذلك فقد يكون أكثر أو أقل.

3- وتخرج زكاة الفطر من غالب قوت البلد، أو من غالب قوت المزكي إذا كان أفضل من قوت البلد، وهذا رأي جمهور الفقهاء والأئمة.

4- ويجوز أداء قيمة الصاع نقوداً فهي أنفع للفقير، وأيسر في هذا العصر، وهو مذهب الأحناف وروي عن عمر بن عبد العزيز والحسن البصري.

رابعاً: وقتها

1- تجب زكاة الفِطر بغروب آخر يوم من رمضان، عند الشافعية، وبطلوع فجر يوم العيد عند الأحناف والمالكية.

2- ويجب إخراجها قبل صلاة العيد لحديث ابن عباس، ويجوز تقديمها من أول شهر رمضان عند الشافعي، والأفضل تأخيرها إلى ما قبل العيد بيوم أو يومين، وهو المعتمد عند المالكية، ويجوز تقديمها إلى أول الحول عند الأحناف؛ لأنها زكاة. وعند الحنابلة يجوز تعجيلها من بعد نصف شهر رمضان.

خامسا: لمن تصرف زكاة الفطر

1- وقد أجمع العلماء أنها تصرف لفُقراء المسلمين، وأجاز أبو حنيفة صرفها إلى فُقراء أهل الذمة.

2- والأصل أنها مفروضة للفقراء والمساكين، فلا تعطى لغيرهم من الأصناف الثمانية، إلاّ إذا وجدت حاجة أو مصلحة إسلامية. وتصرف في البلد الذي تؤخذ منه، إلاّ إذا لم يوجد فقراء فيجوز نقلها إلى بلد آخر.

3- ولا تصرف زكاة الفطر لمن لا يجوز صرف زكاة المال إليه، كمرتد أو فاسق يتحدى المسلمين، أو والد أو ولد أو زوجة.
 
قديم 17/9/2008, 04:05 AM   رقم المشاركة : ( 3 )
جوبا
مـهـند س نـشـيط

الصورة الرمزية جوبا

الملف الشخصي
رقم العضوية : 46881
تاريخ التسجيل : Jan 2007
العمـر :
الجنـس :
الدولـة :
المشاركات : 336 [+]
آخر تواجـد : ()
عدد النقاط : 20
قوة الترشيـح : جوبا يستاهل التميز

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

جوبا غير متصل

افتراضي رد: ســـــــــؤال اليــــــــــوم الســــــابــع عشــــر

تعريفها
:

زكاة الفطر هي صدقة تجب بالفطر في رمضان ، وأضيفت الزكاة إلى الفطر لأنها سبب وجوبها .

حكمتها ومشروعيتها :

عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَكَاةَ الْفِطْرِ طُهْرَةً لِلصَّائِمِ مِنْ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ وَطُعْمَةً لِلْمَسَاكِينِ مَنْ أَدَّاهَا قَبْلَ الصَّلاةِ فَهِيَ زَكَاةٌ مَقْبُولَةٌ وَمَنْ أَدَّاهَا بَعْدَ الصَّلاةِ فَهِيَ صَدَقَةٌ مِنْ الصَّدَقَاتِ . " رواه أبو داود 1371 قال النووي : رَوَاهُ أَبُو دَاوُد مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ عَبَّاسٍ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ .

قوله : ( طهرة ) : أي تطهيرا لنفس من صام رمضان ، وقوله ( والرفث ) قال ابن الأثير : الرفث هنا هو الفحش من كلام ، قوله ( وطعمة ) : بضم الطاء وهو الطعام الذي يؤكل . قوله : ( من أداها قبل الصلاة ) : أي قبل صلاة العيد ، قوله ( فهي زكاة مقبولة ) : المراد بالزكاة صدقة الفطر ، قوله ( صدقة من الصدقات ) : يعني التي يتصدق بها في سائر الأوقات . عون المعبود شرح أبي داود

وقيل هي المقصودة بقوله تعالى في سورة الأعْلَى : { قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى } ; رُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَأَبِي الْعَالِيَةِ قَالا : " أَدَّى زَكَاةَ الْفِطْرِ ثُمَّ خَرَجَ إلَى الصَّلاةِ " أي صلاة العيد . أحكام القرآن للجصاص ج3 : سورة الأعلى

وعَنْ وَكِيعٍ بْنِ الْجَرَّاحِ رحمه الله قَالَ : زَكَاةُ الْفِطْرِ لِشَهْرِ رَمَضَانَ كَسَجْدَتِي السَّهْوِ لِلصَّلاةِ ، تَجْبُرُ نُقْصَانَ الصَّوْمِ كَمَا يَجْبُرُ السُّجُودُ نُقْصَانَ الصَّلاةِ . المجموع للنووي ج6

حكمها :

الصَّحِيحُ أَنَّهَا فَرْضٌ ; لِقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ : { فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم زَكَاةَ الْفِطْرِ } . وَلإجْمَاعِ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّهَا فَرْضٌ . المغني ج2 باب صدقة الفطر

وقت وجوبها :
فَأَمَّا وَقْتُ الْوُجُوبِ فَهُوَ وَقْتُ غُرُوبِ الشَّمْسِ مِنْ آخِرِ يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ ، فَإِنَّهَا تَجِبُ بِغُرُوبِ الشَّمْسِ مِنْ آخِرِ شَهْرِ رَمَضَانَ . فَمَنْ تَزَوَّجَ ، أَوْ وُلِدَ لَهُ وَلَدٌ أَوْ أَسْلَمَ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ ، فَعَلَيْهِ الْفِطْرَةُ . وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الْغُرُوبِ ، لَمْ تَلْزَمْهُ .. وَمِنْ مَاتَ بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ لَيْلَةَ الْفِطْرِ ، فَعَلَيْهِ صَدَقَةُ الْفِطْرِ . نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ المغني ج2 : فصل وقت وجوب زكاة الفطر .

على من تجب
- زكاة الفطر تجب على المسلمين : عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَكَاةَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ عَلَى الْعَبْدِ وَالْحُرِّ وَالذَّكَرِ وَالأنْثَى وَالصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ . البخاري 1407

- قال الشافعي رحمه الله : وَفِي حَدِيثِ نَافِعٍ دَلالَةٌ عَلَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَفْرِضْهَا إلا عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَذَلِكَ مُوَافَقَةٌ لِكِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، فَإِنَّهُ جَعَلَ الزَّكَاةَ لِلْمُسْلِمِينَ طَهُورًا وَالطَّهُورُ لا يَكُونُ إلا لِلْمُسْلِمِينَ . الأم ج2 باب زكاة الفطر

- تجب على المستطيع ، قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَكُلُّ مَنْ دَخَلَ عَلَيْهِ شَوَّالٌ وَعِنْدَهُ قُوتُهُ وَقُوتُ مَنْ يَقُوتُهُ يَوْمَهُ وَمَا يُؤَدِّي بِهِ زَكَاةَ الْفِطْرِ عَنْهُ وَعَنْهُمْ أَدَّاهَا عَنْهُمْ وَعَنْهُ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ إلا مَا يُؤَدِّي عَنْ بَعْضِهِمْ أَدَّاهَا عَنْ بَعْضٍ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ إلا سِوَى مُؤْنَتِهِ وَمُؤْنَتِهِمْ يَوْمَهُ فَلَيْسَ عَلَيْهِ وَلا عَلَى مَنْ يَقُوتُ عَنْهُ زَكَاةُ الْفِطْرِ . الأم ج2 باب زكاة الفطر

- قال النووي رحمه الله : الْمُعْسِرُ لا فِطْرَةَ عَلَيْهِ بِلا خِلافٍ ، .. وَالاعْتِبَارُ بِالْيَسَارِ وَالإِعْسَارِ بِحَالِ الْوُجُوبِ ، فَمَنْ فَضَلَ عَنْ قُوتِهِ وَقُوتِ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ لِلَيْلَةِ الْعِيدِ وَيَوْمِهِ صَاعٌ ، فَهُوَ مُوسِرٌ ، وَإِنْ لَمْ يَفْضُلْ شَيْءٌ فَهُوَ مُعْسِرٌ وَلا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ فِي الْحَالِ . المجموع ج6

شروط وجوب صدقة الفطر
- يخرجها الإنسان المسلم عن نفسه وعمن ينفق عليهم من الزوجات والأقارب إذا لم يستطيعوا إخراجها عن أنفسهم فإن استطاعوا فالأولى أن يخرجوها هم ، لأنهم المخاطبون بها أصلاً .

فعَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَكَاةَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ عَلَى الْعَبْدِ وَالْحُرِّ وَالذَّكَرِ وَالأُنْثَى وَالصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَأَمَرَ بِهَا أَنْ تُؤَدَّى قَبْلَ خُرُوجِ النَّاسِ إِلَى الصَّلاةِ . صحيح البخاري 1407

قال الشافعي رحمه الله : وَيُؤَدِّي وَلِيُّ الْمَعْتُوهِ وَالصَّبِيِّ عَنْهُمَا زَكَاةَ الْفِطْرِ وَعَمَّنْ تَلْزَمُهُمَا مُؤْنَتُهُ كَمَا يُؤَدِّي الصَّحِيحُ عَنْ نَفْسِهِ .. وإِنْ كَانَ فِيمَنْ يُمَوِّنُ ( أي يعول ) كَافِرٌ لَمْ يَلْزَمْهُ زَكَاةُ الْفِطْرِ عَنْهُ لأَنَّهُ لا يَطْهُرْ بِالزَّكَاةِ . الأم ج2 باب زكاة الفطر .

وقال صاحب المهذب : قَالَ الْمُصَنِّفُ رحمه الله تعالى : ( وَمَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ فِطْرَتُهُ وَجَبَتْ عَلَيْهِ فِطْرَةُ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ إذَا كَانُوا مُسْلِمِينَ وَوَجَدَ مَا يُؤَدِّي عَنْهُمْ فَاضِلا عَنْ النَّفَقَةِ ، فَيَجِبُ عَلَى الأَبِ وَالأُمِّ وَعَلَى أَبِيهِمَا وَأُمِّهِمَا - وَإِنْ عَلَوْا - فِطْرَةُ وَلَدِهِمَا وَوَلَدِ وَلَدِهِمَا - وَإِنْ سَفَلُوا - وَعَلَى الْوَلَدِ وَوَلَدِ الْوَلَدِ ( وَإِنْ سَفَلُوا ) فِطْرَةُ الأَبِ وَالأُمِّ وَأَبِيهِمَا وَأُمِّهِمَا - وَإِنْ عَلَوْا - إذَا وَجَبَتْ عَلَيْهِمْ نَفَقَتُهُمْ ، المجموع ج6 .

يخرج الإنسان عن نفسه وزوجته - وإن كان لها مال - وأولاده الفقراء ووالديه الفقيرين ، والبنت التي لم يدخل بها زوجها . فإن كان ولده غنياً لم يجب عليه أن يخرج عنه ، ويُخرج الزوج عن مطلقته الرجعية لا الناشز ولا البائن ، ولا يلزم الولد إخراج فطرة زوجة أبيه الفقير لأنه لا تجب عليه نفقتها .

ويبدأ بالأقرب فالأقرب ، بنفسه فزوجته فأولاده ثم بقية القرابة أقربهم فأقربهم على حسب قانون الميراث .

- قال الشافعي رحمه الله : وَمَنْ قُلْت تَجِبُ عَلَيْهِ زَكَاةُ الْفِطْرِ ، فَإِذَا وُلِدَ ، أَوْ كَانَ فِي مِلْكِهِ ، أَوْ عِيَالِهِ فِي شَيْءٍ مِنْ نَهَارِ آخِرِ يَوْمٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ فَغَابَتْ الشَّمْسُ لَيْلَةَ هِلالِ شَوَّالٍ وَجَبَتْ عَلَيْهِ

زَكَاةُ الْفِطْرِ عَنْهُ .. الأم : باب زكاة الفطر الثاني .

ولا تجب عن الحمل الذي في البطن إلا إن يتطوع بها فلا بأس .

وَإِنْ مَاتَ مَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ الْفِطْرَةُ قَبْلَ أَدَائِهَا ، أُخْرِجَتْ مِنْ تَرِكَتِهِ .. وَلَوْ مَاتَ مَنْ يَمُونُهُ ، بَعْدَ وُجُوبِ الْفِطْرَةِ ، لَمْ تَسْقُطْ . المغني ج2.

والخادم إذا كان له أجرة مقدرة كل يوم أو كل شهر لا يُخرج عنه الصدقة لأنه أجير والأجير لا يُنفق عليه . الموسوعة 23/339

- وفِي إخْرَاجِ زَكَاةِ الْفِطْرِ عَنْ الْيَتِيمِ : قَالَ مَالِكٌ رحمه الله : يُؤَدِّي الْوَصِيُّ زَكَاةَ الْفِطْرِ عَنْ الْيَتَامَى الَّذِينَ عِنْدَهُ مِنْ أَمْوَالِهِمْ وَإِنْ كَانُوا صِغَارًا . المدونة ج1 .

- إذا أسلم الكافر يوم الفطر : فقد قَالَ مَالِكٌ : مَنْ أَسْلَمَ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ مِنْ يَوْمِ الْفِطْرِ اُسْتُحِبَّ لَهُ أَنْ يُؤَدِّيَ زَكَاةَ الْفِطْرِ . المدونة ج1

مقدار الزكاة :
مقدارها صاع من طعام بصاع النبي صلى الله عليه وسلم لما تقدم

لحديث أبي سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ كُنَّا نُعْطِيهَا فِي زَمَانِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ .. " رواه البخاري 1412

والوزن يختلف باختلاف ما يملأ به الصاع ، فعند إخراج الوزن لابد من التأكد أنه يعادل ملئ الصاع من النوع المخرَج منه ... وهو مثل 3 كيلو من الرز تقريباً

الأصناف التي تؤدى منها :
الجنس الذي تُخرج منه هو طعام الآدميين ، من تمر أو بر أو رز أو غيرها من طعام بني آدم .

ففي الصحيحين من حديث ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَضَ زَكَاةَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ عَلَى كُلِّ حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى مِنْ الْمُسْلِمِينَ ( وكان الشعير يومذاك من طعامهم ) البخاري 1408

وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ كُنَّا نُخْرِجُ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ وَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ وَكَانَ طَعَامَنَا الشَّعِيرُ وَالزَّبِيبُ وَالأَقِطُ وَالتَّمْرُ . رواه البخاري 1414 .

فتخرج من غالب قوت البلد الذي يستعمله الناس وينتفعون به سواء كان قمحا أو رزاً أو تمراً أو عدسا ...

قال الشافعي رحمه الله : وَإِنْ اقْتَاتَ قَوْمٌ ذُرَةً ، أَوْ دُخْنًا ، أَوْ سُلْتًا أَوْ أُرْزًا ، أَوْ أَيَّ حَبَّةٍ مَا كَانَتْ مِمَّا فِيهِ الزَّكَاةُ فَلَهُمْ إخْرَاجُ الزَّكَاةِ مِنْهَا . الأم للشافعي ج2 باب الرجل يختلف قوته .

وقال النووي رحمه الله : قَالَ أَصْحَابُنَا : يُشْتَرَطُ فِي الْمُخْرَجِ مِنْ الْفِطْرَةِ أَنْ يَكُونَ مِنْ الأَقْوَاتِ الَّتِي يَجِبُ فِيهَا الْعُشْرُ ( أي في زكاة الحبوب والثمار ) ، فَلا يُجْزِئُ شَيْءٌ مِنْ غَيْرِهَا إلا الأَقِطَ وَالْجُبْنُ وَاللَّبَنُ .

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ : وَكَذَا لَوْ كَانَ بَعْضُ أَهْلِ الْجَزَائِرِ أَوْ غَيْرِهِمْ يَقْتَاتُونَ السَّمَكَ وَالْبَيْضَ فَلا يُجْزِئُهُمْ بِلا خِلافٍ ، وَأَمَّا اللَّحْمُ فَالصَّوَابُ الَّذِي نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَقَطَعَ بِهِ الْمُصَنِّفُ وَالأَصْحَابُ فِي جَمِيعِ الطُّرُقِ : أَنَّهُ لا يُجْزِئُ قَوْلا وَاحِدًا . .. قَالَ أَصْحَابُنَا : وَكَذَا لَوْ اقْتَاتُوا ثَمَرَةً لا عُشْرَ فِيهَا كَالتِّينِ وَغَيْرِهِ لا يُجْزِئُ قَطْعًا . المجموع ج6 : الواجب في زكاة الفطر .

وقال ابن القيم رحمه الله : فَإِنْ قِيلَ : فَأَنْتُمْ تُوجِبُونَ صَاعَ التَّمْرِ فِي كُلِّ مَكَان ، سَوَاءٌ كَانَ قُوتًا لَهُمْ أَوْ لَمْ يَكُنْ . قِيلَ : هَذَا مِنْ مَسَائِلِ النِّزَاعِ وَمَوَارِدِ الاجْتِهَادِ ، فَمِنْ النَّاسِ مَنْ يُوجِبُ ذَلِكَ ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُوجِبُ فِي كُلِّ بَلَدٍ صَاعًا مِنْ قُوتِهِمْ ، وَنَظِيرُ هَذَا تَعْيِينُهُ صلى الله عليه وسلم الأَصْنَافَ الْخَمْسَةَ فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ وَأَنَّ كُلَّ بَلَدٍ يُخْرِجُونَ مِنْ قُوتِهِمْ مِقْدَارَ الصَّاعِ ، وَهَذَا أَرْجَحُ وَأَقْرَبُ إلَى قَوَاعِدِ الشَّرْعِ ، وَإِلا فَكَيْفَ يُكَلَّفُ مَنْ قُوتُهُمْ السَّمَكُ مَثَلا أَوْ الأَرُزُّ أَوْ الدُّخْنُ إلَى التَّمْرِ .. وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ . إعلام الموقعين ج2 .

القياس :

ويجوز إخراجها من المكرونة المصنوعة من القمح ولكن يتأكد أنّ الوزن هو وزن صاع القمح .

وأما إخراجها مالا فلا يجوز مطلقا لأنّ الشّارع فرضها طعاما لا مالا وحدّد جنسها وهو الطّعام فلا يجوز الإخراج من غيره ، ولأنّه أرادها ظاهرة لا خفيّة ، ولأنّ الصحابة أخرجوها طعاما ونحن نتّبع ولا نبتدع ، ثمّ إخراج زكاة الفطر بالطعام ينضبط بهذا الصّاع أمّا إخراجها نقودا فلا ينضبط ، فعلى سعر أي شيء يُخرج ؟ ، وقد تظهر فوائد لإخراجها قوتا كما في حالات الاحتكار وارتفاع الأسعار والحروب والغلاء . ولو قال قائل : النقود أنفع للفقير ويشتري بها ما يشاء وقد يحتاج شيئا آخر غير الطعام ، ثم قد يبيع الفقير الطعام ويخسر فيه فالجواب عن هذا كله أن هناك مصادر أخرى لسدّ احتياجات الفقراء في المسكن والملبس وغيرها ، وذلك من زكاة المال والصدقات العامة والهبات وغيرها فلنضع الأمور في نصابها الشّرعي ونلتزم بما حدّده الشّارع وهو قد فرضها صاعا من طعام : طُعمة للمساكين ونحن لو أعطينا الفقير طعاما من قوت البلد فإنه سيأكل منه ويستفيد عاجلا أو آجلا لأنّ هذا مما يستعمله أصلا .

وبناء عليه فلا يجوز إعطاؤها مالا لسداد دين شخص أو أجرة عملية جراحية لمريض أو تسديد قسط دراسة عن طالب محتاج ونحو ذلك فلهذا مصادر أخرى كما تقدم .

وقت الإخراج :
- تؤدى قبل صلاة العيد كما في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم " أَمَرَ بِهَا أَنْ تُؤَدَّى قَبْلَ خُرُوجِ النَّاسِ إِلَى الصَّلاةِ . البخاري 1407

ووقت الدفع له وقت استحباب ووقت جواز .

فأما وقت الاستحباب فهو صباح يوم العيد للحديث السابق ، ولهذا يسن تأخير صلاة العيد يوم الفطر ليتسع الوقت لمن عليه إخراجها ، ويفطر قبل الخروج .

كما يسن تعجيل صلاة العيد يوم الأضحى ليذهب الناس لذبح أضاحيهم ويأكلوا منها .

أما وقت الجواز فهو قبل العيد بيوم أو يومين . ففي صحيح البخاري عن نافع قال : كان ابن عمر يعطي عن الصغير والكبير حتى أنه كان يعطي عن بنيّ وكان يعطيها الذين يقبلونها وكان يُعطون قبل الفطر بيوم أو بيومين .

ومعنى قوله ( الذين يقبلونها ) هم الجباة الذين ينصبهم الإمام لجمع صدقة الفطر .

وعَنْ نَافِعٍ : إنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَبْعَثُ بِزَكَاةِ الْفِطْرِ إلَى الَّذِي تُجْمَعُ عِنْدَهُ قَبْلَ الْفِطْرِ بِيَوْمَيْنِ أَوْ بِثَلاثَةٍ . المدونة ج1 باب تعجيل الزكاة قبل حلولها .

ويكره تأخيرها بعد صلاة العيد وقال بعضهم يحرم وتكون قضاء واستُدِل لذلك بحديث : مَنْ أَدَّاهَا قَبْلَ الصَّلاةِ فَهِيَ زَكَاةٌ مَقْبُولَةٌ وَمَنْ أَدَّاهَا بَعْدَ الصَّلاةِ فَهِيَ صَدَقَةٌ مِنْ الصَّدَقَاتِ . " رواه أبو داود 1371 .

قال في عون المعبود شرح أبي داود : والظاهر أن من أخرج الفطرة بعد الصلاة كان كمن لم يخرجها باعتبار اشتراكهما في ترك هذه الصدقة الواجبة . وقد ذهب أكثر العلماء إلى أن إخراجها قبل صلاة العيد إنما هو مستحب فقط ، وجزموا بأنها تجزئ إلى آخر يوم الفطر ، والحديث يردّ عليهم ، وأما تأخيرها عن يوم العيد . فقال ابن رسلان : إنه حرام بالاتفاق لأنها زكاة ، فوجب أن يكون في تأخيرها إثم كما في إخراج الصلاة عن وقتها.

فيحرم إذن تأخيرها عن وقتها بلا عذر لأن يفوت به المعنى المقصود ، وهو إغناء الفقراء عن الطلب يوم السرور فلو أخرّها بلا عذر عصى وقضى .

ويجب أن تصل إلى مستحقها أو من ينوب عنه من المتوكلين في وقتها قبل الصلاة ، فلو أراد دفعها إلى شخص فلم يجده ولم يجد وكيلاً له وخاف خروج الوقت فعليه أن يدفعها إلى مستحق آخر ولا يؤخرها عن وقتها ، وإذا كان الشّخص يحب أن يدفع فطرته لفقير معيّن ويخشى أن لا يراه وقت إخراجها فليأمره أن يوكل أحداً بقبضها منه أو يوكله هو في قبضها له من نفسه فإذا جاء وقت دفعها فليأخذها له في كيس أو غيره ويبقيها أمانة عنده حتى يلقى صاحبها .

وإذا وكّل المزكّي شخصا بإخراج الزكاة عنه فلا تبرأ الذمة حتى يتأكد أن الوكيل قد أخرجها ودفعها فعلاً . : مجالس شهر رمضان : أحكام زكاة الفطر للشيخ ابن عثيمين .

لمن تعطى :
تصرف زكاة الفطر إلى الأصناف الثمانية التي تصرف فيها زكاة المال وهذا هو قول الجمهور .

وذهب المالكية وهي رواية عن أحمد واختارها ابن تيمية إلى تخصيص صرفها للفقراء والمساكين .

- ( قَالَ الشَّافِعِيُّ ) : وَتُقْسَمُ زَكَاةُ الْفِطْرِ عَلَى مَنْ تُقْسَمُ عَلَيْهِ زَكَاةُ الْمَالِ لا يُجْزِئُ فِيهَا غَيْرُ ذَلِكَ ، .. وَيَقْسِمُهَا عَلَى الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَفِي الرِّقَابِ وَهُمْ الْمُكَاتَبُونَ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ . كتاب الأم : باب ضيعة زكاة الفطر قبل قسمها .

- وقال النووي رحمه الله : بعدما ساق حديث ابن عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِمُعَاذٍ رضي الله عنه : { أَعْلِمْهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ وَتُرَدُّ فِي فُقَرَائِهِمْ } .. قال : وَلا يَجُوزُ دَفْعُ شَيْءٍ مِنْ الزَّكَوَاتِ إلَى كَافِرٍ , سَوَاءٌ زَكَاةُ الْفِطْرِ وَزَكَاةُ الْمَالِ .. وَقَالَ مَالِكٌ وَاللَّيْثُ وَأَحْمَدُ وَأَبُو ثَوْرٍ : لا يُعْطَوْنَ ( أي الكفار ) .

والمستحقون لزكاة الفطر من الفقراء ومن عليهم ديون لا يستطيعون وفاءها أو لا تكفيهم رواتبهم إلى آخر الشهر فيكونون مساكين محتاجين فيعطون منها بقدر حاجتهم .

ولا يجوز لدافعها شراؤها ممن دفعها إليه . فتاوى الشيخ ابن عثيمين .

إخراجها وتفريقها :
- الأفضل أن يتولى الإنسان قسْمها بنفسه : ( قَالَ الشَّافِعِيُّ ) : وَأَخْتَارُ قَسْمَ زَكَاةِ الْفِطْرِ بِنَفْسِي عَلَى طَرْحِهَا عِنْدَ مَنْ تُجْمَعُ عِنْدَهُ .

- قال النووي رحمه الله : قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي " الْمُخْتَصَرِ " : وَتُقَسَّمُ زَكَاةُ الْفِطْرِ عَلَى مَنْ تُقَسَّمُ عَلَيْهِ زَكَاةُ الْمَالِ ، وَأُحِبُّ دَفْعَهَا إلَى ذَوِي رَحِمِهِ الَّذِينَ لا تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُمْ بِحَالٍ ، قَالَ : فَإِنْ طَرَحَهَا عِنْدَ مَنْ تُجْمَعُ عِنْدَهُ أَجْزَأَهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .. و..الأَفْضَلَ أَنْ يُفَرِّقَ الْفِطْرَةَ بِنَفْسِهِ و.. لَوْ دَفَعَهَا إلَى الإِمَامِ أَوْ السَّاعِي أَوْ مَنْ تُجْمَعُ عِنْدَهُ الْفِطْرَةُ لِلنَّاسِ وَأَذِنَ لَهُ فِي إخْرَاجِهَا أَجْزَأَهُ ، وَلَكِنَّ تَفْرِيقَهُ بِنَفْسِهِ أَفْضَلُ مِنْ هَذَا كُلِّهِ . المجموع : ج6

- ويجوز أن يوكّل ثقة بإيصالها إلى مستحقيها وأما إن كان غير ثقة فلا ، قال عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُؤَمَّلِ قَالَ سَمِعْت ابْنَ أَبِي مُلَيْكَةَ وَرَجُلٌ يَقُولُ لَهُ : إنَّ ( فلانا ) أَمَرَنِي أَنْ أَطْرَحَ زَكَاةَ الْفِطْرِ فِي الْمَسْجِدِ فَقَالَ ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ : أَفْتَاك الْعِلْجُ بِغَيْرِ رَأْيِهِ ؟ اقْسِمْهَا ( أي تولّ أنت قسمتها بنفسك ) ، فَإِنَّمَا يُعْطِيهَا ابْنُ هِشَامٍ ( أي الوالي الذي يجمعها في المسجد ) أَحْرَاسَهُ وَمَنْ شَاءَ . ( أي يعطيها لغير مستحقّيها ) . الأم : باب ضيعة زكاة الفطر قبل قسمها .

ونص الإمام أحمد رحمه الله على أنه يَجُوزُ صَرْفُ صَاعٍ إلَى جَمَاعَةٍ ، وَآصُعٍ إلَى وَاحِدٍ .

وَقَالَ مَالِكٌ : لا بَأْسَ أَنْ يُعْطِيَ الرَّجُلُ صَدَقَةَ الْفِطْرِ عَنْهُ وَعَنْ عِيَالِهِ مِسْكِينًا وَاحِدًا . المدونة ج1 باب في قسم زكاة الفطر

وإذا أعطى فقيرا أقلّ من صاع فلينبهه لأنّ الفقير قد يُخرجها عن نفسه .

ويجوز للفقير إذا أخذ الفطرة من شخص وزادت عن حاجته أن يدفعها هو عن نفسه أو أحد ممن يعولهم إذا علم أنها تامة مجزئة

مكان الإخراج :
قال ابن قدامة رحمه الله : فَأَمَّا زَكَاةُ الْفِطْرِ فَإِنَّهُ يُفَرِّقُهَا فِي الْبَلَدِ الَّذِي وَجَبَتْ عَلَيْهِ فِيهِ ، سَوَاءٌ كَانَ مَالُهُ فِيهِ أَوْ لَمْ يَكُنْ ؛ لأَنَّهُ سَبَبُ وُجُوبِ الزَّكَاةِ ، فَفُرِّقَتْ فِي الْبَلَدِ الَّذِي سَبَبُهَا فِيهِ . المغني ج2 فصل إذا كان المزكي في بلد وماله في بلد .

وورد في المدونة في فقه الإمام مالك رحمه الله : قُلْتُ : مَا قَوْلُ مَالِكٍ فِيمَنْ هُوَ مِنْ أَهْلِ إفْرِيقِيَّةَ وَهُوَ بِمِصْرَ يَوْمَ الْفِطْرِ أَيْنَ يُؤَدِّي زَكَاةَ الْفِطْرِ ؟ قَالَ : قَالَ مَالِكٌ : حَيْثُ هُوَ ، قَالَ مَالِكٌ : وَإِنْ أَدَّى عَنْهُ أَهْلُهُ بِإِفْرِيقِيَّةَ أَجْزَأَهُ ( ومصطلحهم في كلمة إفريقية يختلف عما هو عليه الآن ) ج1. باب في إخراج المسافر زكاة الفطر .

نسأل الله أن يتقبّل منّا أجمعين ، وأن يُلحقنا بالصالحين وصلى الله على النبي الأمين وعلى آله وصحبه أجمعين .
 
قديم 17/9/2008, 11:54 AM   رقم المشاركة : ( 4 )
gmm12
Banned


الملف الشخصي
رقم العضوية : 35271
تاريخ التسجيل : Oct 2006
العمـر :
الجنـس :
الدولـة :
المشاركات : 732 [+]
آخر تواجـد : ()
عدد النقاط : 10
قوة الترشيـح : gmm12 يستاهل التميز

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

gmm12 غير متصل

new رد: ســـــــــؤال اليــــــــــوم الســــــابــع عشــــر

زكاة الفطر



زكاة الفطر هي صدقة تجب بالفطر
في رمضان ، وأضيفت الزكاة إلى الفطر لأنها سبب وجوبها
.


حكمتها ومشروعيتها


عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَكَاةَ الْفِطْرِ طُهْرَةً لِلصَّائِمِ مِنْ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ وَطُعْمَةً لِلْمَسَاكِينِ مَنْ أَدَّاهَا قَبْلَ الصَّلاةِ فَهِيَ زَكَاةٌ مَقْبُولَةٌ وَمَنْ أَدَّاهَا بَعْدَ الصَّلاةِ فَهِيَ صَدَقَةٌ مِنْ الصَّدَقَاتِ . " رواه أبو داود 1371 قال النووي : رَوَاهُ أَبُو دَاوُد مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ عَبَّاسٍ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ .
قوله : ( طهرة ) : أي تطهيرا لنفس من صام رمضان ، وقوله ( والرفث ) قال ابن الأثير : الرفث هنا هو الفحش من كلام ، قوله ( وطعمة ) : بضم الطاء وهو الطعام الذي يؤكل . قوله : ( من أداها قبل الصلاة ) : أي قبل صلاة العيد ، قوله ( فهي زكاة مقبولة ) : المراد بالزكاة صدقة الفطر ، قوله ( صدقة من الصدقات ) : يعني التي يتصدق بها في سائر الأوقات . عون المعبود شرح أبي داود
وقيل هي المقصودة بقوله تعالى في سورة الأعْلَى : { قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى } ; رُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَأَبِي الْعَالِيَةِ قَالا : " أَدَّى زَكَاةَ الْفِطْرِ ثُمَّ خَرَجَ إلَى الصَّلاةِ " أي صلاة العيد . أحكام القرآن للجصاص ج3 : سورة الأعلى
وعَنْ وَكِيعٍ بْنِ الْجَرَّاحِ رحمه الله قَالَ : زَكَاةُ الْفِطْرِ لِشَهْرِ رَمَضَانَ كَسَجْدَتِي السَّهْوِ لِلصَّلاةِ ، تَجْبُرُ نُقْصَانَ الصَّوْمِ كَمَا يَجْبُرُ السُّجُودُ نُقْصَانَ الصَّلاةِ . المجموع للنووي ج6


حكمها


الصَّحِيحُ أَنَّهَا فَرْضٌ ; لِقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ : { فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم زَكَاةَ الْفِطْرِ } . وَلإجْمَاعِ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّهَا فَرْضٌ . المغني ج2 باب صدقة الفطر
وقت وجوبها :
فَأَمَّا وَقْتُ الْوُجُوبِ فَهُوَ وَقْتُ غُرُوبِ الشَّمْسِ مِنْ آخِرِ يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ ، فَإِنَّهَا تَجِبُ بِغُرُوبِ الشَّمْسِ مِنْ آخِرِ شَهْرِ رَمَضَانَ . فَمَنْ تَزَوَّجَ ، أَوْ وُلِدَ لَهُ وَلَدٌ أَوْ أَسْلَمَ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ ، فَعَلَيْهِ الْفِطْرَةُ . وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الْغُرُوبِ ، لَمْ تَلْزَمْهُ .. وَمِنْ مَاتَ بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ لَيْلَةَ الْفِطْرِ ، فَعَلَيْهِ صَدَقَةُ الْفِطْرِ . نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ المغني ج2 : فصل وقت وجوب زكاة الفطر .

على من تجب


- زكاة الفطر تجب على المسلمين : عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَكَاةَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ عَلَى الْعَبْدِ وَالْحُرِّ وَالذَّكَرِ وَالأنْثَى وَالصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ . البخاري 1407
- قال الشافعي رحمه الله : وَفِي حَدِيثِ نَافِعٍ دَلالَةٌ عَلَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَفْرِضْهَا إلا عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَذَلِكَ مُوَافَقَةٌ لِكِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، فَإِنَّهُ جَعَلَ الزَّكَاةَ لِلْمُسْلِمِينَ طَهُورًا وَالطَّهُورُ لا يَكُونُ إلا لِلْمُسْلِمِينَ . الأم ج2 باب زكاة الفطر
- تجب على المستطيع ، قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَكُلُّ مَنْ دَخَلَ عَلَيْهِ شَوَّالٌ وَعِنْدَهُ قُوتُهُ وَقُوتُ مَنْ يَقُوتُهُ يَوْمَهُ وَمَا يُؤَدِّي بِهِ زَكَاةَ الْفِطْرِ عَنْهُ وَعَنْهُمْ أَدَّاهَا عَنْهُمْ وَعَنْهُ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ إلا مَا يُؤَدِّي عَنْ بَعْضِهِمْ أَدَّاهَا عَنْ بَعْضٍ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ إلا سِوَى مُؤْنَتِهِ وَمُؤْنَتِهِمْ يَوْمَهُ فَلَيْسَ عَلَيْهِ وَلا عَلَى مَنْ يَقُوتُ عَنْهُ زَكَاةُ الْفِطْرِ . الأم ج2 باب زكاة الفطر
- قال النووي رحمه الله : الْمُعْسِرُ لا فِطْرَةَ عَلَيْهِ بِلا خِلافٍ ، .. وَالاعْتِبَارُ بِالْيَسَارِ وَالإِعْسَارِ بِحَالِ الْوُجُوبِ ، فَمَنْ فَضَلَ عَنْ قُوتِهِ وَقُوتِ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ لِلَيْلَةِ الْعِيدِ وَيَوْمِهِ صَاعٌ ، فَهُوَ مُوسِرٌ ، وَإِنْ لَمْ يَفْضُلْ شَيْءٌ فَهُوَ مُعْسِرٌ وَلا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ فِي الْحَالِ . المجموع ج6

شروط وجوب صدقة الفطر

- يخرجها الإنسان المسلم عن نفسه وعمن ينفق عليهم من الزوجات والأقارب إذا لم يستطيعوا إخراجها عن أنفسهم فإن استطاعوا فالأولى أن يخرجوها هم ، لأنهم المخاطبون بها أصلاً .
فعَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَكَاةَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ عَلَى الْعَبْدِ وَالْحُرِّ وَالذَّكَرِ وَالأُنْثَى وَالصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَأَمَرَ بِهَا أَنْ تُؤَدَّى قَبْلَ خُرُوجِ النَّاسِ إِلَى الصَّلاةِ . صحيح البخاري 1407
قال الشافعي رحمه الله : وَيُؤَدِّي وَلِيُّ الْمَعْتُوهِ وَالصَّبِيِّ عَنْهُمَا زَكَاةَ الْفِطْرِ وَعَمَّنْ تَلْزَمُهُمَا مُؤْنَتُهُ كَمَا يُؤَدِّي الصَّحِيحُ عَنْ نَفْسِهِ .. وإِنْ كَانَ فِيمَنْ يُمَوِّنُ ( أي يعول ) كَافِرٌ لَمْ يَلْزَمْهُ زَكَاةُ الْفِطْرِ عَنْهُ لأَنَّهُ لا يَطْهُرْ بِالزَّكَاةِ . الأم ج2 باب زكاة الفطر .
وقال صاحب المهذب : قَالَ الْمُصَنِّفُ رحمه الله تعالى : ( وَمَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ فِطْرَتُهُ وَجَبَتْ عَلَيْهِ فِطْرَةُ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ إذَا كَانُوا مُسْلِمِينَ وَوَجَدَ مَا يُؤَدِّي عَنْهُمْ فَاضِلا عَنْ النَّفَقَةِ ، فَيَجِبُ عَلَى الأَبِ وَالأُمِّ وَعَلَى أَبِيهِمَا وَأُمِّهِمَا - وَإِنْ عَلَوْا - فِطْرَةُ وَلَدِهِمَا وَوَلَدِ وَلَدِهِمَا - وَإِنْ سَفَلُوا - وَعَلَى الْوَلَدِ وَوَلَدِ الْوَلَدِ ( وَإِنْ سَفَلُوا ) فِطْرَةُ الأَبِ وَالأُمِّ وَأَبِيهِمَا وَأُمِّهِمَا - وَإِنْ عَلَوْا - إذَا وَجَبَتْ عَلَيْهِمْ نَفَقَتُهُمْ ، المجموع ج6 .
يخرج الإنسان عن نفسه وزوجته - وإن كان لها مال - وأولاده الفقراء ووالديه الفقيرين ، والبنت التي لم يدخل بها زوجها . فإن كان ولده غنياً لم يجب عليه أن يخرج عنه ، ويُخرج الزوج عن مطلقته الرجعية لا الناشز ولا البائن ، ولا يلزم الولد إخراج فطرة زوجة أبيه الفقير لأنه لا تجب عليه نفقتها .
ويبدأ بالأقرب فالأقرب ، بنفسه فزوجته فأولاده ثم بقية القرابة أقربهم فأقربهم على حسب قانون الميراث .
- قال الشافعي رحمه الله : وَمَنْ قُلْت تَجِبُ عَلَيْهِ زَكَاةُ الْفِطْرِ ، فَإِذَا وُلِدَ ، أَوْ كَانَ فِي مِلْكِهِ ، أَوْ عِيَالِهِ فِي شَيْءٍ مِنْ نَهَارِ آخِرِ يَوْمٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ فَغَابَتْ الشَّمْسُ لَيْلَةَ هِلالِ شَوَّالٍ وَجَبَتْ عَلَيْهِ
زَكَاةُ الْفِطْرِ عَنْهُ .. الأم : باب زكاة الفطر الثاني .
ولا تجب عن الحمل الذي في البطن إلا إن يتطوع بها فلا بأس .
وَإِنْ مَاتَ مَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ الْفِطْرَةُ قَبْلَ أَدَائِهَا ، أُخْرِجَتْ مِنْ تَرِكَتِهِ .. وَلَوْ مَاتَ مَنْ يَمُونُهُ ، بَعْدَ وُجُوبِ الْفِطْرَةِ ، لَمْ تَسْقُطْ . المغني ج2.
والخادم إذا كان له أجرة مقدرة كل يوم أو كل شهر لا يُخرج عنه الصدقة لأنه أجير والأجير لا يُنفق عليه . الموسوعة 23/339
- وفِي إخْرَاجِ زَكَاةِ الْفِطْرِ عَنْ الْيَتِيمِ : قَالَ مَالِكٌ رحمه الله : يُؤَدِّي الْوَصِيُّ زَكَاةَ الْفِطْرِ عَنْ الْيَتَامَى الَّذِينَ عِنْدَهُ مِنْ أَمْوَالِهِمْ وَإِنْ كَانُوا صِغَارًا . المدونة ج1 .
- إذا أسلم الكافر يوم الفطر : فقد قَالَ مَالِكٌ : مَنْ أَسْلَمَ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ مِنْ يَوْمِ الْفِطْرِ اُسْتُحِبَّ لَهُ أَنْ يُؤَدِّيَ زَكَاةَ الْفِطْرِ . المدونة ج1

مقدار الزكاة

مقدارها صاع من طعام بصاع النبي صلى الله عليه وسلم لما تقدم
لحديث أبي سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ كُنَّا نُعْطِيهَا فِي زَمَانِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ .. " رواه البخاري 1412
والوزن يختلف باختلاف ما يملأ به الصاع ، فعند إخراج الوزن لابد من التأكد أنه يعادل ملئ الصاع من النوع المخرَج منه ... وهو مثل 3 كيلو من الرز تقريباً

الأصناف التي تؤدى منها
:
الجنس الذي تُخرج منه هو طعام الآدميين ، من تمر أو بر أو رز أو غيرها من طعام بني آدم .
ففي الصحيحين من حديث ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَضَ زَكَاةَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ عَلَى كُلِّ حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى مِنْ الْمُسْلِمِينَ ( وكان الشعير يومذاك من طعامهم ) البخاري 1408
وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ كُنَّا نُخْرِجُ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ وَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ وَكَانَ طَعَامَنَا الشَّعِيرُ وَالزَّبِيبُ وَالأَقِطُ وَالتَّمْرُ . رواه البخاري 1414 .
فتخرج من غالب قوت البلد الذي يستعمله الناس وينتفعون به سواء كان قمحا أو رزاً أو تمراً أو عدسا ...
قال الشافعي رحمه الله : وَإِنْ اقْتَاتَ قَوْمٌ ذُرَةً ، أَوْ دُخْنًا ، أَوْ سُلْتًا أَوْ أُرْزًا ، أَوْ أَيَّ حَبَّةٍ مَا كَانَتْ مِمَّا فِيهِ الزَّكَاةُ فَلَهُمْ إخْرَاجُ الزَّكَاةِ مِنْهَا . الأم للشافعي ج2 باب الرجل يختلف قوته .
وقال النووي رحمه الله : قَالَ أَصْحَابُنَا : يُشْتَرَطُ فِي الْمُخْرَجِ مِنْ الْفِطْرَةِ أَنْ يَكُونَ مِنْ الأَقْوَاتِ الَّتِي يَجِبُ فِيهَا الْعُشْرُ ( أي في زكاة الحبوب والثمار ) ، فَلا يُجْزِئُ شَيْءٌ مِنْ غَيْرِهَا إلا الأَقِطَ وَالْجُبْنُ وَاللَّبَنُ .
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ : وَكَذَا لَوْ كَانَ بَعْضُ أَهْلِ الْجَزَائِرِ أَوْ غَيْرِهِمْ يَقْتَاتُونَ السَّمَكَ وَالْبَيْضَ فَلا يُجْزِئُهُمْ بِلا خِلافٍ ، وَأَمَّا اللَّحْمُ فَالصَّوَابُ الَّذِي نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَقَطَعَ بِهِ الْمُصَنِّفُ وَالأَصْحَابُ فِي جَمِيعِ الطُّرُقِ : أَنَّهُ لا يُجْزِئُ قَوْلا وَاحِدًا . .. قَالَ أَصْحَابُنَا : وَكَذَا لَوْ اقْتَاتُوا ثَمَرَةً لا عُشْرَ فِيهَا كَالتِّينِ وَغَيْرِهِ لا يُجْزِئُ قَطْعًا . المجموع ج6 : الواجب في زكاة الفطر .
وقال ابن القيم رحمه الله : فَإِنْ قِيلَ : فَأَنْتُمْ تُوجِبُونَ صَاعَ التَّمْرِ فِي كُلِّ مَكَان ، سَوَاءٌ كَانَ قُوتًا لَهُمْ أَوْ لَمْ يَكُنْ . قِيلَ : هَذَا مِنْ مَسَائِلِ النِّزَاعِ وَمَوَارِدِ الاجْتِهَادِ ، فَمِنْ النَّاسِ مَنْ يُوجِبُ ذَلِكَ ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُوجِبُ فِي كُلِّ بَلَدٍ صَاعًا مِنْ قُوتِهِمْ ، وَنَظِيرُ هَذَا تَعْيِينُهُ صلى الله عليه وسلم الأَصْنَافَ الْخَمْسَةَ فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ وَأَنَّ كُلَّ بَلَدٍ يُخْرِجُونَ مِنْ قُوتِهِمْ مِقْدَارَ الصَّاعِ ، وَهَذَا أَرْجَحُ وَأَقْرَبُ إلَى قَوَاعِدِ الشَّرْعِ ، وَإِلا فَكَيْفَ يُكَلَّفُ مَنْ قُوتُهُمْ السَّمَكُ مَثَلا أَوْ الأَرُزُّ أَوْ الدُّخْنُ إلَى التَّمْرِ .. وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ . إعلام الموقعين ج2 . القياس


ويجوز إخراجها من المكرونة المصنوعة من القمح ولكن يتأكد أنّ الوزن هو وزن صاع القمح .
وأما إخراجها مالا فلا يجوز مطلقا لأنّ الشّارع فرضها طعاما لا مالا وحدّد جنسها وهو الطّعام فلا يجوز الإخراج من غيره ، ولأنّه أرادها ظاهرة لا خفيّة ، ولأنّ الصحابة أخرجوها طعاما ونحن نتّبع ولا نبتدع ، ثمّ إخراج زكاة الفطر بالطعام ينضبط بهذا الصّاع أمّا إخراجها نقودا فلا ينضبط ، فعلى سعر أي شيء يُخرج ؟ ، وقد تظهر فوائد لإخراجها قوتا كما في حالات الاحتكار وارتفاع الأسعار والحروب والغلاء . ولو قال قائل : النقود أنفع للفقير ويشتري بها ما يشاء وقد يحتاج شيئا آخر غير الطعام ، ثم قد يبيع الفقير الطعام ويخسر فيه فالجواب عن هذا كله أن هناك مصادر أخرى لسدّ احتياجات الفقراء في المسكن والملبس وغيرها ، وذلك من زكاة المال والصدقات العامة والهبات وغيرها فلنضع الأمور في نصابها الشّرعي ونلتزم بما حدّده الشّارع وهو قد فرضها صاعا من طعام : طُعمة للمساكين ونحن لو أعطينا الفقير طعاما من قوت البلد فإنه سيأكل منه ويستفيد عاجلا أو آجلا لأنّ هذا مما يستعمله أصلا .
وبناء عليه فلا يجوز إعطاؤها مالا لسداد دين شخص أو أجرة عملية جراحية لمريض أو تسديد قسط دراسة عن طالب محتاج ونحو ذلك فلهذا مصادر أخرى كما تقدم .


وقت الإخراج

- تؤدى قبل صلاة العيد كما في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم " أَمَرَ بِهَا أَنْ تُؤَدَّى قَبْلَ خُرُوجِ النَّاسِ إِلَى الصَّلاةِ . البخاري 1407
ووقت الدفع له وقت استحباب ووقت جواز .
فأما وقت الاستحباب فهو صباح يوم العيد للحديث السابق ، ولهذا يسن تأخير صلاة العيد يوم الفطر ليتسع الوقت لمن عليه إخراجها ، ويفطر قبل الخروج .
كما يسن تعجيل صلاة العيد يوم الأضحى ليذهب الناس لذبح أضاحيهم ويأكلوا منها .
أما وقت الجواز فهو قبل العيد بيوم أو يومين . ففي صحيح البخاري عن نافع قال : كان ابن عمر يعطي عن الصغير والكبير حتى أنه كان يعطي عن بنيّ وكان يعطيها الذين يقبلونها وكان يُعطون قبل الفطر بيوم أو بيومين .
ومعنى قوله ( الذين يقبلونها ) هم الجباة الذين ينصبهم الإمام لجمع صدقة الفطر .
وعَنْ نَافِعٍ : إنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَبْعَثُ بِزَكَاةِ الْفِطْرِ إلَى الَّذِي تُجْمَعُ عِنْدَهُ قَبْلَ الْفِطْرِ بِيَوْمَيْنِ أَوْ بِثَلاثَةٍ . المدونة ج1 باب تعجيل الزكاة قبل حلولها .
ويكره تأخيرها بعد صلاة العيد وقال بعضهم يحرم وتكون قضاء واستُدِل لذلك بحديث : مَنْ أَدَّاهَا قَبْلَ الصَّلاةِ فَهِيَ زَكَاةٌ مَقْبُولَةٌ وَمَنْ أَدَّاهَا بَعْدَ الصَّلاةِ فَهِيَ صَدَقَةٌ مِنْ الصَّدَقَاتِ . " رواه أبو داود 1371 .
قال في عون المعبود شرح أبي داود : والظاهر أن من أخرج الفطرة بعد الصلاة كان كمن لم يخرجها باعتبار اشتراكهما في ترك هذه الصدقة الواجبة . وقد ذهب أكثر العلماء إلى أن إخراجها قبل صلاة العيد إنما هو مستحب فقط ، وجزموا بأنها تجزئ إلى آخر يوم الفطر ، والحديث يردّ عليهم ، وأما تأخيرها عن يوم العيد . فقال ابن رسلان : إنه حرام بالاتفاق لأنها زكاة ، فوجب أن يكون في تأخيرها إثم كما في إخراج الصلاة عن وقتها.
فيحرم إذن تأخيرها عن وقتها بلا عذر لأن يفوت به المعنى المقصود ، وهو إغناء الفقراء عن الطلب يوم السرور فلو أخرّها بلا عذر عصى وقضى .
ويجب أن تصل إلى مستحقها أو من ينوب عنه من المتوكلين في وقتها قبل الصلاة ، فلو أراد دفعها إلى شخص فلم يجده ولم يجد وكيلاً له وخاف خروج الوقت فعليه أن يدفعها إلى مستحق آخر ولا يؤخرها عن وقتها ، وإذا كان الشّخص يحب أن يدفع فطرته لفقير معيّن ويخشى أن لا يراه وقت إخراجها فليأمره أن يوكل أحداً بقبضها منه أو يوكله هو في قبضها له من نفسه فإذا جاء وقت دفعها فليأخذها له في كيس أو غيره ويبقيها أمانة عنده حتى يلقى صاحبها .
وإذا وكّل المزكّي شخصا بإخراج الزكاة عنه فلا تبرأ الذمة حتى يتأكد أن الوكيل قد أخرجها ودفعها فعلاً . : مجالس شهر رمضان : أحكام زكاة الفطر للشيخ ابن عثيمين .


لمن تعطى

تصرف زكاة الفطر إلى الأصناف الثمانية التي تصرف فيها زكاة المال وهذا هو قول الجمهور .
وذهب المالكية وهي رواية عن أحمد واختارها ابن تيمية إلى تخصيص صرفها للفقراء والمساكين .
- ( قَالَ الشَّافِعِيُّ ) : وَتُقْسَمُ زَكَاةُ الْفِطْرِ عَلَى مَنْ تُقْسَمُ عَلَيْهِ زَكَاةُ الْمَالِ لا يُجْزِئُ فِيهَا غَيْرُ ذَلِكَ ، .. وَيَقْسِمُهَا عَلَى الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَفِي الرِّقَابِ وَهُمْ الْمُكَاتَبُونَ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ . كتاب الأم : باب ضيعة زكاة الفطر قبل قسمها .
- وقال النووي رحمه الله : بعدما ساق حديث ابن عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِمُعَاذٍ رضي الله عنه : { أَعْلِمْهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ وَتُرَدُّ فِي فُقَرَائِهِمْ } .. قال : وَلا يَجُوزُ دَفْعُ شَيْءٍ مِنْ الزَّكَوَاتِ إلَى كَافِرٍ , سَوَاءٌ زَكَاةُ الْفِطْرِ وَزَكَاةُ الْمَالِ .. وَقَالَ مَالِكٌ وَاللَّيْثُ وَأَحْمَدُ وَأَبُو ثَوْرٍ : لا يُعْطَوْنَ ( أي الكفار ) .
والمستحقون لزكاة الفطر من الفقراء ومن عليهم ديون لا يستطيعون وفاءها أو لا تكفيهم رواتبهم إلى آخر الشهر فيكونون مساكين محتاجين فيعطون منها بقدر حاجتهم .
ولا يجوز لدافعها شراؤها ممن دفعها إليه . فتاوى الشيخ ابن عثيمين .


إخراجها وتفريقها


- الأفضل أن يتولى الإنسان قسْمها بنفسه : ( قَالَ الشَّافِعِيُّ ) : وَأَخْتَارُ قَسْمَ زَكَاةِ الْفِطْرِ بِنَفْسِي عَلَى طَرْحِهَا عِنْدَ مَنْ تُجْمَعُ عِنْدَهُ .
- قال النووي رحمه الله : قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي " الْمُخْتَصَرِ " : وَتُقَسَّمُ زَكَاةُ الْفِطْرِ عَلَى مَنْ تُقَسَّمُ عَلَيْهِ زَكَاةُ الْمَالِ ، وَأُحِبُّ دَفْعَهَا إلَى ذَوِي رَحِمِهِ الَّذِينَ لا تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُمْ بِحَالٍ ، قَالَ : فَإِنْ طَرَحَهَا عِنْدَ مَنْ تُجْمَعُ عِنْدَهُ أَجْزَأَهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .. و..الأَفْضَلَ أَنْ يُفَرِّقَ الْفِطْرَةَ بِنَفْسِهِ و.. لَوْ دَفَعَهَا إلَى الإِمَامِ أَوْ السَّاعِي أَوْ مَنْ تُجْمَعُ عِنْدَهُ الْفِطْرَةُ لِلنَّاسِ وَأَذِنَ لَهُ فِي إخْرَاجِهَا أَجْزَأَهُ ، وَلَكِنَّ تَفْرِيقَهُ بِنَفْسِهِ أَفْضَلُ مِنْ هَذَا كُلِّهِ . المجموع : ج6
- ويجوز أن يوكّل ثقة بإيصالها إلى مستحقيها وأما إن كان غير ثقة فلا ، قال عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُؤَمَّلِ قَالَ سَمِعْت ابْنَ أَبِي مُلَيْكَةَ وَرَجُلٌ يَقُولُ لَهُ : إنَّ ( فلانا ) أَمَرَنِي أَنْ أَطْرَحَ زَكَاةَ الْفِطْرِ فِي الْمَسْجِدِ فَقَالَ ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ : أَفْتَاك الْعِلْجُ بِغَيْرِ رَأْيِهِ ؟ اقْسِمْهَا ( أي تولّ أنت قسمتها بنفسك ) ، فَإِنَّمَا يُعْطِيهَا ابْنُ هِشَامٍ ( أي الوالي الذي يجمعها في المسجد ) أَحْرَاسَهُ وَمَنْ شَاءَ . ( أي يعطيها لغير مستحقّيها ) . الأم : باب ضيعة زكاة الفطر قبل قسمها .
ونص الإمام أحمد رحمه الله على أنه يَجُوزُ صَرْفُ صَاعٍ إلَى جَمَاعَةٍ ، وَآصُعٍ إلَى وَاحِدٍ .
وَقَالَ مَالِكٌ : لا بَأْسَ أَنْ يُعْطِيَ الرَّجُلُ صَدَقَةَ الْفِطْرِ عَنْهُ وَعَنْ عِيَالِهِ مِسْكِينًا وَاحِدًا . المدونة ج1 باب في قسم زكاة الفطر
وإذا أعطى فقيرا أقلّ من صاع فلينبهه لأنّ الفقير قد يُخرجها عن نفسه .
ويجوز للفقير إذا أخذ الفطرة من شخص وزادت عن حاجته أن يدفعها هو عن نفسه أو أحد ممن يعولهم إذا علم أنها تامة مجزئة

مكان الإخراج


قال ابن قدامة رحمه الله : فَأَمَّا زَكَاةُ الْفِطْرِ فَإِنَّهُ يُفَرِّقُهَا فِي الْبَلَدِ الَّذِي وَجَبَتْ عَلَيْهِ فِيهِ ، سَوَاءٌ كَانَ مَالُهُ فِيهِ أَوْ لَمْ يَكُنْ ؛ لأَنَّهُ سَبَبُ وُجُوبِ الزَّكَاةِ ، فَفُرِّقَتْ فِي الْبَلَدِ الَّذِي سَبَبُهَا فِيهِ . المغني ج2 فصل إذا كان المزكي في بلد وماله في بلد .
وورد في المدونة في فقه الإمام مالك رحمه الله : قُلْتُ : مَا قَوْلُ مَالِكٍ فِيمَنْ هُوَ مِنْ أَهْلِ إفْرِيقِيَّةَ وَهُوَ بِمِصْرَ يَوْمَ الْفِطْرِ أَيْنَ يُؤَدِّي زَكَاةَ الْفِطْرِ ؟ قَالَ : قَالَ مَالِكٌ : حَيْثُ هُوَ ، قَالَ مَالِكٌ : وَإِنْ أَدَّى عَنْهُ أَهْلُهُ بِإِفْرِيقِيَّةَ أَجْزَأَهُ ( ومصطلحهم في كلمة إفريقية يختلف عما هو عليه الآن ) ج1. باب في إخراج المسافر زكاة الفطر .

نسأل الله أن يتقبّل منّا أجمعين
وأن يُلحقنا بالصالحين وصلى الله على النبي الأمين وعلى آله وصحبه أجمعين
.
 
قديم 17/9/2008, 01:57 PM   رقم المشاركة : ( 5 )
ahmed aliraqi
مهندس تركيبات

الصورة الرمزية ahmed aliraqi

الملف الشخصي
رقم العضوية : 36960
تاريخ التسجيل : Nov 2006
العمـر : 44
الجنـس :
الدولـة : العراق_بغداد _المنصور
المشاركات : 7,126 [+]
آخر تواجـد : ()
عدد النقاط : 52
قوة الترشيـح : ahmed aliraqi يستاهل التقييم

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

ahmed aliraqi غير متصل

افتراضي رد: ســـــــــؤال اليــــــــــوم الســــــابــع عشــــر

زكاة الفطر هي صدقة تجب بالفطر في رمضان ، وأضيفت الزكاة إلى الفطر لأنه سبب وجوبها .

حكمتها ومشروعيتها

عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَكَاةَ الْفِطْرِ طُهْرَةً لِلصَّائِمِ مِنْ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ وَطُعْمَةً لِلْمَسَاكِينِ مَنْ أَدَّاهَا قَبْلَ الصَّلاةِ فَهِيَ زَكَاةٌ مَقْبُولَةٌ وَمَنْ أَدَّاهَا بَعْدَ الصَّلاةِ فَهِيَ صَدَقَةٌ مِنْ الصَّدَقَاتِ . " رواه أبو داود 1371 قال النووي : رَوَاهُ أَبُو دَاوُد مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ عَبَّاسٍ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ .

قوله : ( طهرة ) : أي تطهيرا لنفس من صام رمضان ، وقوله ( والرفث ) قال ابن الأثير : الرفث هنا هو الفحش من كلام ، قوله ( وطعمة ) : بضم الطاء وهو الطعام الذي يؤكل . قوله : ( من أداها قبل الصلاة ) : أي قبل صلاة العيد ، قوله ( فهي زكاة مقبولة ) : المراد بالزكاة صدقة الفطر ، قوله ( صدقة من الصدقات ) : يعني التي يتصدق بها في سائر الأوقات . عون المعبود شرح أبي داود
وقيل هي المقصودة بقوله تعالى في سورة الأعْلَى : { قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى } ; رُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَأَبِي الْعَالِيَةِ قَالا : " أَدَّى زَكَاةَ الْفِطْرِ ثُمَّ خَرَجَ إلَى الصَّلاةِ " أي صلاة العيد . أحكام القرآن للجصاص ج3 : سورة الأعلى

وعَنْ وَكِيعٍ بْنِ الْجَرَّاحِ رحمه الله قَالَ : زَكَاةُ الْفِطْرِ لِشَهْرِ رَمَضَانَ كَسَجْدَتِي السَّهْوِ لِلصَّلاةِ ، تَجْبُرُ نُقْصَانَ الصَّوْمِ كَمَا يَجْبُرُ السُّجُودُ نُقْصَانَ الصَّلاةِ . المجموع للنووي ج6

حكمها

الصَّحِيحُ أَنَّهَا فَرْضٌ ; لِقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ : { فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم زَكَاةَ الْفِطْرِ } . وَلإجْمَاعِ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّهَا فَرْضٌ . المغني ج2 باب صدقة الفطر

وقت وجوبها

فَأَمَّا وَقْتُ الْوُجُوبِ فَهُوَ وَقْتُ غُرُوبِ الشَّمْسِ مِنْ آخِرِ يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ ، فَإِنَّهَا تَجِبُ بِغُرُوبِ الشَّمْسِ مِنْ آخِرِ شَهْرِ رَمَضَانَ . فَمَنْ تَزَوَّجَ ، أَوْ وُلِدَ لَهُ وَلَدٌ أَوْ أَسْلَمَ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ ، فَعَلَيْهِ الْفِطْرَةُ . وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الْغُرُوبِ ، لَمْ تَلْزَمْهُ .. وَمِنْ مَاتَ بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ لَيْلَةَ الْفِطْرِ ، فَعَلَيْهِ صَدَقَةُ الْفِطْرِ . نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ المغني ج2 : فصل وقت وجوب زكاة الفطر .

على من تجب

- زكاة الفطر تجب على المسلمين : عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَكَاةَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ عَلَى الْعَبْدِ وَالْحُرِّ وَالذَّكَرِ وَالأنْثَى وَالصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ . البخاري 1407

- قال الشافعي رحمه الله : وَفِي حَدِيثِ نَافِعٍ دَلالَةٌ عَلَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَفْرِضْهَا إلا عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَذَلِكَ مُوَافَقَةٌ لِكِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، فَإِنَّهُ جَعَلَ الزَّكَاةَ لِلْمُسْلِمِينَ طَهُورًا وَالطَّهُورُ لا يَكُونُ إلا لِلْمُسْلِمِينَ . الأم ج2 باب زكاة الفطر

- تجب على المستطيع ، قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَكُلُّ مَنْ دَخَلَ عَلَيْهِ شَوَّالٌ وَعِنْدَهُ قُوتُهُ وَقُوتُ مَنْ يَقُوتُهُ يَوْمَهُ وَمَا يُؤَدِّي بِهِ زَكَاةَ الْفِطْرِ عَنْهُ وَعَنْهُمْ أَدَّاهَا عَنْهُمْ وَعَنْهُ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ إلا مَا يُؤَدِّي عَنْ بَعْضِهِمْ أَدَّاهَا عَنْ بَعْضٍ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ إلا سِوَى مُؤْنَتِهِ وَمُؤْنَتِهِمْ يَوْمَهُ فَلَيْسَ عَلَيْهِ وَلا عَلَى مَنْ يَقُوتُ عَنْهُ زَكَاةُ الْفِطْرِ . الأم ج2 باب زكاة الفطر

- قال النووي رحمه الله : الْمُعْسِرُ لا فِطْرَةَ عَلَيْهِ بِلا خِلافٍ ، .. وَالاعْتِبَارُ بِالْيَسَارِ وَالإِعْسَارِ بِحَالِ الْوُجُوبِ ، فَمَنْ فَضَلَ عَنْ قُوتِهِ وَقُوتِ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ لِلَيْلَةِ الْعِيدِ وَيَوْمِهِ صَاعٌ ، فَهُوَ مُوسِرٌ ، وَإِنْ لَمْ يَفْضُلْ شَيْءٌ فَهُوَ مُعْسِرٌ وَلا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ فِي الْحَالِ . المجموع ج6 شروط وجوب صدقة الفطر


- يخرجها الإنسان المسلم عن نفسه وعمن ينفق عليهم من الزوجات والأقارب إذا لم يستطيعوا إخراجها عن أنفسهم فإن استطاعوا فالأولى أن يخرجوها هم ، لأنهم المخاطبون بها أصلاً .

فعَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَكَاةَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ عَلَى الْعَبْدِ وَالْحُرِّ وَالذَّكَرِ وَالأُنْثَى وَالصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَأَمَرَ بِهَا أَنْ تُؤَدَّى قَبْلَ خُرُوجِ النَّاسِ إِلَى الصَّلاةِ . صحيح البخاري 1407

قال الشافعي رحمه الله : وَيُؤَدِّي وَلِيُّ الْمَعْتُوهِ وَالصَّبِيِّ عَنْهُمَا زَكَاةَ الْفِطْرِ وَعَمَّنْ تَلْزَمُهُمَا مُؤْنَتُهُ كَمَا يُؤَدِّي الصَّحِيحُ عَنْ نَفْسِهِ .. وإِنْ كَانَ فِيمَنْ يُمَوِّنُ ( أي يعول ) كَافِرٌ لَمْ يَلْزَمْهُ زَكَاةُ الْفِطْرِ عَنْهُ لأَنَّهُ لا يَطْهُرْ بِالزَّكَاةِ . الأم ج2 باب زكاة الفطر .

وقال صاحب المهذب : قَالَ الْمُصَنِّفُ رحمه الله تعالى : ( وَمَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ فِطْرَتُهُ وَجَبَتْ عَلَيْهِ فِطْرَةُ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ إذَا كَانُوا مُسْلِمِينَ وَوَجَدَ مَا يُؤَدِّي عَنْهُمْ فَاضِلا عَنْ النَّفَقَةِ ، فَيَجِبُ عَلَى الأَبِ وَالأُمِّ وَعَلَى أَبِيهِمَا وَأُمِّهِمَا - وَإِنْ عَلَوْا - فِطْرَةُ وَلَدِهِمَا وَوَلَدِ وَلَدِهِمَا - وَإِنْ سَفَلُوا - وَعَلَى الْوَلَدِ وَوَلَدِ الْوَلَدِ ( وَإِنْ سَفَلُوا ) فِطْرَةُ الأَبِ وَالأُمِّ وَأَبِيهِمَا وَأُمِّهِمَا - وَإِنْ عَلَوْا - إذَا وَجَبَتْ عَلَيْهِمْ نَفَقَتُهُمْ ، المجموع ج6 .

يخرج الإنسان عن نفسه وزوجته - وإن كان لها مال - وأولاده الفقراء ووالديه الفقيرين ، والبنت التي لم يدخل بها زوجها . فإن كان ولده غنياً لم يجب عليه أن يخرج عنه ، ويُخرج الزوج عن مطلقته الرجعية لا الناشز ولا البائن ، ولا يلزم الولد إخراج فطرة زوجة أبيه الفقير لأنه لا تجب عليه نفقتها .

ويبدأ بالأقرب فالأقرب ، بنفسه فزوجته فأولاده ثم بقية القرابة أقربهم فأقربهم على حسب قانون الميراث .

- قال الشافعي رحمه الله : وَمَنْ قُلْت تَجِبُ عَلَيْهِ زَكَاةُ الْفِطْرِ ، فَإِذَا وُلِدَ ، أَوْ كَانَ فِي مِلْكِهِ ، أَوْ عِيَالِهِ فِي شَيْءٍ مِنْ نَهَارِ آخِرِ يَوْمٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ فَغَابَتْ الشَّمْسُ لَيْلَةَ هِلالِ شَوَّالٍ وَجَبَتْ عَلَيْهِ زَكَاةُ الْفِطْرِ عَنْهُ .. الأم : باب زكاة الفطر الثاني .

ولا تجب عن الحمل الذي في البطن إلا إن يتطوع بها فلا بأس .

وَإِنْ مَاتَ مَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ الْفِطْرَةُ قَبْلَ أَدَائِهَا ، أُخْرِجَتْ مِنْ تَرِكَتِهِ .. وَلَوْ مَاتَ مَنْ يَمُونُهُ ، بَعْدَ وُجُوبِ الْفِطْرَةِ ، لَمْ تَسْقُطْ . المغني ج2.

والخادم إذا كان له أجرة مقدرة كل يوم أو كل شهر لا يُخرج عنه الصدقة لأنه أجير والأجير لا يُنفق عليه . الموسوعة 23/339

- وفِي إخْرَاجِ زَكَاةِ الْفِطْرِ عَنْ الْيَتِيمِ : قَالَ مَالِكٌ رحمه الله : يُؤَدِّي الْوَصِيُّ زَكَاةَ الْفِطْرِ عَنْ الْيَتَامَى الَّذِينَ عِنْدَهُ مِنْ أَمْوَالِهِمْ وَإِنْ كَانُوا صِغَارًا . المدونة ج1 .

- إذا أسلم الكافر يوم الفطر : فقد قَالَ مَالِكٌ : مَنْ أَسْلَمَ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ مِنْ يَوْمِ الْفِطْرِ اُسْتُحِبَّ لَهُ أَنْ يُؤَدِّيَ زَكَاةَ الْفِطْرِ . المدونة ج1

مقدار الزكاة

مقدارها صاع من طعام بصاع النبي صلى الله عليه وسلم لما تقدم
لحديث أبي سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ كُنَّا نُعْطِيهَا فِي زَمَانِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ .. " رواه البخاري 1412
والوزن يختلف باختلاف ما يملأ به الصاع ، فعند إخراج الوزن لابد من التأكد أنه يعادل ملئ الصاع من النوع المخرَج منه ... وهو مثل 3 كيلو من الأرز تقريباً
الأصناف التي تؤدى منها

الجنس الذي تُخرج منه هو طعام الآدميين ، من تمر أو بر أو أرز أو غيرها من طعام بني آدم .

ففي الصحيحين من حديث ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَضَ زَكَاةَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ عَلَى كُلِّ حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى مِنْ الْمُسْلِمِينَ ( وكان الشعير يومذاك من طعامهم ) البخاري 1408

وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ كُنَّا نُخْرِجُ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ وَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ وَكَانَ طَعَامَنَا الشَّعِيرُ وَالزَّبِيبُ وَالأَقِطُ وَالتَّمْرُ . رواه البخاري 1414 .

فتخرج من غالب قوت البلد الذي يستعمله الناس وينتفعون به سواء كان قمحا أو أرزاً أو تمراً أو عدسا ...

قال الشافعي رحمه الله : وَإِنْ اقْتَاتَ قَوْمٌ ذُرَةً ، أَوْ دُخْنًا ، أَوْ سُلْتًا أَوْ أُرْزًا ، أَوْ أَيَّ حَبَّةٍ مَا كَانَتْ مِمَّا فِيهِ الزَّكَاةُ فَلَهُمْ إخْرَاجُ الزَّكَاةِ مِنْهَا . الأم للشافعي ج2 باب الرجل يختلف قوته .

وقال النووي رحمه الله : قَالَ أَصْحَابُنَا : يُشْتَرَطُ فِي الْمُخْرَجِ مِنْ الْفِطْرَةِ أَنْ يَكُونَ مِنْ الأَقْوَاتِ الَّتِي يَجِبُ فِيهَا الْعُشْرُ ( أي في زكاة الحبوب والثمار ) ، فَلا يُجْزِئُ شَيْءٌ مِنْ غَيْرِهَا إلا الأَقِطَ وَالْجُبْنُ وَاللَّبَنُ .

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ : وَكَذَا لَوْ كَانَ بَعْضُ أَهْلِ الْجَزَائِرِ أَوْ غَيْرِهِمْ يَقْتَاتُونَ السَّمَكَ وَالْبَيْضَ فَلا يُجْزِئُهُمْ بِلا خِلافٍ ، وَأَمَّا اللَّحْمُ فَالصَّوَابُ الَّذِي نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَقَطَعَ بِهِ الْمُصَنِّفُ وَالأَصْحَابُ فِي جَمِيعِ الطُّرُقِ : أَنَّهُ لا يُجْزِئُ قَوْلا وَاحِدًا . .. قَالَ أَصْحَابُنَا : وَكَذَا لَوْ اقْتَاتُوا ثَمَرَةً لا عُشْرَ فِيهَا كَالتِّينِ وَغَيْرِهِ لا يُجْزِئُ قَطْعًا . المجموع ج6 : الواجب في زكاة الفطر .

وقال ابن القيم رحمه الله : فَإِنْ قِيلَ : فَأَنْتُمْ تُوجِبُونَ صَاعَ التَّمْرِ فِي كُلِّ مَكَان ، سَوَاءٌ كَانَ قُوتًا لَهُمْ أَوْ لَمْ يَكُنْ . قِيلَ : هَذَا مِنْ مَسَائِلِ النِّزَاعِ وَمَوَارِدِ الاجْتِهَادِ ، فَمِنْ النَّاسِ مَنْ يُوجِبُ ذَلِكَ ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُوجِبُ فِي كُلِّ بَلَدٍ صَاعًا مِنْ قُوتِهِمْ ، وَنَظِيرُ هَذَا تَعْيِينُهُ صلى الله عليه وسلم الأَصْنَافَ الْخَمْسَةَ فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ وَأَنَّ كُلَّ بَلَدٍ يُخْرِجُونَ مِنْ قُوتِهِمْ مِقْدَارَ الصَّاعِ ، وَهَذَا أَرْجَحُ وَأَقْرَبُ إلَى قَوَاعِدِ الشَّرْعِ ، وَإِلا فَكَيْفَ يُكَلَّفُ مَنْ قُوتُهُمْ السَّمَكُ مَثَلا أَوْ الأَرُزُّ أَوْ الدُّخْنُ إلَى التَّمْرِ .. وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ . إعلام الموقعين ج2 .

القياس

ويجوز إخراجها من المكرونة المصنوعة من القمح ولكن يتأكد أنّ الوزن هو وزن صاع القمح .

وأما إخراجها مالا فلا يجوز مطلقا لأنّ الشّارع فرضها طعاما لا مالا وحدّد جنسها وهو الطّعام فلا يجوز الإخراج من غيره ، ولأنّه أرادها ظاهرة لا خفيّة ، ولأنّ الصحابة أخرجوها طعاما ونحن نتّبع ولا نبتدع ، ثمّ إخراج زكاة الفطر بالطعام ينضبط بهذا الصّاع أمّا إخراجها نقودا فلا ينضبط ، فعلى سعر أي شيء يُخرج ؟ ، وقد تظهر فوائد لإخراجها قوتا كما في حالات الاحتكار وارتفاع الأسعار والحروب والغلاء . ولو قال قائل : النقود أنفع للفقير ويشتري بها ما يشاء وقد يحتاج شيئا آخر غير الطعام ، ثم قد يبيع الفقير الطعام ويخسر فيه فالجواب عن هذا كله أن هناك مصادر أخرى لسدّ احتياجات الفقراء في المسكن والملبس وغيرها ، وذلك من زكاة المال والصدقات العامة والهبات وغيرها فلنضع الأمور في نصابها الشّرعي ونلتزم بما حدّده الشّارع وهو قد فرضها صاعا من طعام : طُعمة للمساكين ونحن لو أعطينا الفقير طعاما من قوت البلد فإنه سيأكل منه ويستفيد عاجلا أو آجلا لأنّ هذا مما يستعمله أصلا .

وبناء عليه فلا يجوز إعطاؤها مالا لسداد دين شخص أو أجرة عملية جراحية لمريض أو تسديد قسط دراسة عن طالب محتاج ونحو ذلك فلهذا مصادر أخرى كما تقدم .

وقت الإخراج

تؤدى قبل صلاة العيد كما في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم " أَمَرَ بِهَا أَنْ تُؤَدَّى قَبْلَ خُرُوجِ النَّاسِ إِلَى الصَّلاةِ . البخاري 1407

ووقت الدفع له وقت استحباب ووقت جواز ،

فأما وقت الاستحباب فهو صباح يوم العيد للحديث السابق ، ولهذا يسن تأخير صلاة العيد يوم الفطر ليتسع الوقت لمن عليه إخراجها ، ويفطر قبل الخروج ، كما يسن تعجيل صلاة العيد يوم الأضحى ليذهب الناس لذبح أضاحيهم ويأكلوا منها .

وأما وقت الجواز فهو قبل العيد بيوم أو يومين . ففي صحيح البخاري عن نافع قال : كان ابن عمر يعطي عن الصغير والكبير حتى أنه كان يعطي عن بنيّ وكان يعطيها الذين يقبلونها وكان يُعطون قبل الفطر بيوم أو بيومين .
ومعنى قوله ( الذين يقبلونها ) هم الجباة الذين ينصبهم الإمام لجمع صدقة الفطر .

وعَنْ نَافِعٍ : إنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَبْعَثُ بِزَكَاةِ الْفِطْرِ إلَى الَّذِي تُجْمَعُ عِنْدَهُ قَبْلَ الْفِطْرِ بِيَوْمَيْنِ أَوْ بِثَلاثَةٍ . المدونة ج1 باب تعجيل الزكاة قبل حلولها .

ويكره تأخيرها بعد صلاة العيد وقال بعضهم يحرم وتكون قضاء واستُدِل لذلك بحديث : مَنْ أَدَّاهَا قَبْلَ الصَّلاةِ فَهِيَ زَكَاةٌ مَقْبُولَةٌ وَمَنْ أَدَّاهَا بَعْدَ الصَّلاةِ فَهِيَ صَدَقَةٌ مِنْ الصَّدَقَاتِ . " رواه أبو داود 1371 .

قال في عون المعبود شرح أبي داود : والظاهر أن من أخرج الفطرة بعد الصلاة كان كمن لم يخرجها باعتبار اشتراكهما في ترك هذه الصدقة الواجبة . وقد ذهب أكثر العلماء إلى أن إخراجها قبل صلاة العيد إنما هو مستحب فقط ، وجزموا بأنها تجزئ إلى آخر يوم الفطر ، والحديث يردّ عليهم ، وأما تأخيرها عن يوم العيد . فقال ابن رسلان : إنه حرام بالاتفاق لأنها زكاة ، فوجب أن يكون في تأخيرها إثم كما في إخراج الصلاة عن وقتها.

فيحرم إذن تأخيرها عن وقتها بلا عذر لأن يفوت به المعنى المقصود ، وهو إغناء الفقراء عن الطلب يوم السرور فلو أخرّها بلا عذر عصى وقضى .

ويجب أن تصل إلى مستحقها أو من ينوب عنه من المتوكلين في وقتها قبل الصلاة ، فلو أراد دفعها إلى شخص فلم يجده ولم يجد وكيلاً له وخاف خروج الوقت فعليه أن يدفعها إلى مستحق آخر ولا يؤخرها عن وقتها ، وإذا كان الشّخص يحب أن يدفع فطرته لفقير معيّن ويخشى أن لا يراه وقت إخراجها فليأمره أن يوكل أحداً بقبضها منه أو يوكله هو في قبضها له من نفسه فإذا جاء وقت دفعها فليأخذها له في كيس أو غيره ويبقيها أمانة عنده حتى يلقى صاحبها .

وإذا وكّل المزكّي شخصا بإخراج الزكاة عنه فلا تبرأ الذمة حتى يتأكد أن الوكيل قد أخرجها ودفعها فعلاً . : مجالس شهر رمضان : أحكام زكاة الفطر للشيخ ابن عثيمين .

لمن تعطى ؟

تصرف زكاة الفطر إلى الأصناف الثمانية التي تصرف فيها زكاة المال وهذا هو قول الجمهور .

وذهب المالكية وهي رواية عن أحمد واختارها ابن تيمية إلى تخصيص صرفها للفقراء والمساكين .

( قَالَ الشَّافِعِيُّ ) : وَتُقْسَمُ زَكَاةُ الْفِطْرِ عَلَى مَنْ تُقْسَمُ عَلَيْهِ زَكَاةُ الْمَالِ لا يُجْزِئُ فِيهَا غَيْرُ ذَلِكَ ، .. وَيَقْسِمُهَا عَلَى الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَفِي الرِّقَابِ وَهُمْ الْمُكَاتَبُونَ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ . كتاب الأم : باب ضيعة زكاة الفطر قبل قسمها .

قال النووي رحمه الله : بعدما ساق حديث ابن عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِمُعَاذٍ رضي الله عنه : { أَعْلِمْهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ وَتُرَدُّ فِي فُقَرَائِهِمْ } .. قال : وَلا يَجُوزُ دَفْعُ شَيْءٍ مِنْ الزَّكَوَاتِ إلَى كَافِرٍ , سَوَاءٌ زَكَاةُ الْفِطْرِ وَزَكَاةُ الْمَالِ .. وَقَالَ مَالِكٌ وَاللَّيْثُ وَأَحْمَدُ وَأَبُو ثَوْرٍ : لا يُعْطَوْنَ ( أي الكفار ) .

والمستحقون لزكاة الفطر من الفقراء ومن عليهم ديون لا يستطيعون وفاءها أو لا تكفيهم رواتبهم إلى آخر الشهر فيكونون مساكين محتاجين فيعطون منها بقدر حاجتهم .

ولا يجوز لدافعها شراؤها ممن دفعها إليه . فتاوى الشيخ ابن عثيمين .

إخراجها وتفريقها

الأفضل أن يتولى الإنسان قسْمها بنفسه : ( قَالَ الشَّافِعِيُّ ) : وَأَخْتَارُ قَسْمَ زَكَاةِ الْفِطْرِ بِنَفْسِي عَلَى طَرْحِهَا عِنْدَ مَنْ تُجْمَعُ عِنْدَهُ .

قال النووي رحمه الله : قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي " الْمُخْتَصَرِ " : وَتُقَسَّمُ زَكَاةُ الْفِطْرِ عَلَى مَنْ تُقَسَّمُ عَلَيْهِ زَكَاةُ الْمَالِ ، وَأُحِبُّ دَفْعَهَا إلَى ذَوِي رَحِمِهِ الَّذِينَ لا تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُمْ بِحَالٍ ، قَالَ : فَإِنْ طَرَحَهَا عِنْدَ مَنْ تُجْمَعُ عِنْدَهُ أَجْزَأَهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .. و..الأَفْضَلَ أَنْ يُفَرِّقَ الْفِطْرَةَ بِنَفْسِهِ و.. لَوْ دَفَعَهَا إلَى الإِمَامِ أَوْ السَّاعِي أَوْ مَنْ تُجْمَعُ عِنْدَهُ الْفِطْرَةُ لِلنَّاسِ وَأَذِنَ لَهُ فِي إخْرَاجِهَا أَجْزَأَهُ ، وَلَكِنَّ تَفْرِيقَهُ بِنَفْسِهِ أَفْضَلُ مِنْ هَذَا كُلِّهِ . المجموع : ج6

ويجوز أن يوكّل ثقة بإيصالها إلى مستحقيها وأما إن كان غير ثقة فلا ، قال عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُؤَمَّلِ قَالَ سَمِعْت ابْنَ أَبِي مُلَيْكَةَ وَرَجُلٌ يَقُولُ لَهُ : إنَّ ( فلانا ) أَمَرَنِي أَنْ أَطْرَحَ زَكَاةَ الْفِطْرِ فِي الْمَسْجِدِ فَقَالَ ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ : أَفْتَاك الْعِلْجُ بِغَيْرِ رَأْيِهِ ؟ اقْسِمْهَا ( أي تولّ أنت قسمتها بنفسك ) ، فَإِنَّمَا يُعْطِيهَا ابْنُ هِشَامٍ ( أي الوالي الذي يجمعها في المسجد ) أَحْرَاسَهُ وَمَنْ شَاءَ .(أي يعطيها لغير مستحقّيها) . الأم : باب ضيعة زكاة الفطر قبل قسمها .

ونص الإمام أحمد رحمه الله على أنه يَجُوزُ صَرْفُ صَاعٍ إلَى جَمَاعَةٍ ، وَآصُعٍ إلَى وَاحِدٍ .

وَقَالَ مَالِكٌ : لا بَأْسَ أَنْ يُعْطِيَ الرَّجُلُ صَدَقَةَ الْفِطْرِ عَنْهُ وَعَنْ عِيَالِهِ مِسْكِينًا وَاحِدًا . المدونة ج1 باب في قسم زكاة الفطر

وإذا أعطى فقيرا أقلّ من صاع فلينبهه لأنّ الفقير قد يُخرجها عن نفسه .

ويجوز للفقير إذا أخذ الفطرة من شخص وزادت عن حاجته أن يدفعها هو عن نفسه أو أحد ممن يعولهم إذا علم أنها تامة مجزئة

مكان الإخراج

قال ابن قدامة رحمه الله : فَأَمَّا زَكَاةُ الْفِطْرِ فَإِنَّهُ يُفَرِّقُهَا فِي الْبَلَدِ الَّذِي وَجَبَتْ عَلَيْهِ فِيهِ ، سَوَاءٌ كَانَ مَالُهُ فِيهِ أَوْ لَمْ يَكُنْ ؛ لأَنَّهُ سَبَبُ وُجُوبِ الزَّكَاةِ ، فَفُرِّقَتْ فِي الْبَلَدِ الَّذِي سَبَبُهَا فِيهِ . المغني ج2 فصل إذا كان المزكي في بلد وماله في بلد .

وورد في المدونة في فقه الإمام مالك رحمه الله : قُلْتُ : مَا قَوْلُ مَالِكٍ فِيمَنْ هُوَ مِنْ أَهْلِ إفْرِيقِيَّةَ وَهُوَ بِمِصْرَ يَوْمَ الْفِطْرِ أَيْنَ يُؤَدِّي زَكَاةَ الْفِطْرِ ؟ قَالَ : قَالَ مَالِكٌ : حَيْثُ هُوَ ، قَالَ مَالِكٌ : وَإِنْ أَدَّى عَنْهُ أَهْلُهُ بِإِفْرِيقِيَّةَ أَجْزَأَهُ ( ومصطلحهم في كلمة إفريقية يختلف عما هو عليه الآن ) ج1. باب في إخراج المسافر زكاة الفطر
 
قديم 17/9/2008, 04:50 PM   رقم المشاركة : ( 6 )
m_elbadry
مـهـند س مـحـتـرف

الصورة الرمزية m_elbadry

الملف الشخصي
رقم العضوية : 103411
تاريخ التسجيل : Jun 2008
العمـر :
الجنـس :
الدولـة :
المشاركات : 1,308 [+]
آخر تواجـد : ()
عدد النقاط : 24
قوة الترشيـح : m_elbadry يستاهل التميز

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

m_elbadry غير متصل

افتراضي رد: ســـــــــؤال اليــــــــــوم الســــــابــع عشــــر

اجابة السؤال العاشر





زكاة الفطر

معنى زكاة الفطر

معنى زكاة الفطر: أي الزكاة التي سببها الفطر من رمضان، وتسمى أيضًا صدقة الفطر، وقد بينا أن لفظة "الصدقة" تطلق شرعًا على الزكاة المفروضة وقد جاء ذلك كثيرًا في القرآن والسنة، كما تسمى أيضًا زكاة الفطر، كأنها من الفطرة التي هي الخلقة، فوجوبها عليها تزكية للنفس، وتنقية لعملها، ويقال للمخرج هنا "فطرة" بكسر الفاء، وهي مولدة، لا عربية ولا معربة. بل اصطلاحية للفقهاء (قال ابن عابدين في حاشيته في النهر عن شرح الوقاية: إن لفظ "الفطرة" الواقع في كلام الفقهاء وغيرهم مولد حتى عده بعضهم من لحن العامة. أ هـ. أي أن الفطرة المراد بها الصدقة غير لغوية ؛ لأنها لم تأت بهذا المعنى، وأما ما في "القاموس" من أن الفطرة -بالكسر- صدقة الفطر، والخلقة، فاعترضه بعض المحققين بأن الأول غير صحيح ؛ لأن ذلك المخرج لم يعلم إلا من الشارع، وقد عُدَّ من غلط "القاموس" ما يقع كثيرًا فيه من خلط الحقائق الشرعية باللغوية، وفي "المغرب": أن الفطرة بهذا المعنى قد جاءت في عبارات الشافعي وغيره، وهي صحيحة من طريق اللغة وإن لم أجدها فيما عندي من الأصول، وفي تحرير النووي: هي اسم مولد، ولعلها من الفطرة التي هي الخلقة. قال أبو محمد الأبهري: معناها زكاة الخلقة، كأنها زكاة البدن، وفي المصباح: وقولهم الفطرة - الأصل، تجب زكاة الفطرة، وهي البدن: فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه واستغنى به في الاستعمال لفهم المعنى… أ هـ، ومشى عليه القهستاني، ولهذا نقل عن بعضهم: أنها تسمى صدقة الرأس وزكاة البدن، والحاصل: أن لفظ الفطرة -بالتاء- لا شك في لغويته ومعناه الخلقة، وإنما الكلام في إطلاقه مرادًا به المخرج، فإن أطلق عليه بدون تقدير: فهو اصطلاح شرعي مولد، وأما مع تقدير المضاف، فالمراد بها المعنى اللغوي، ولعل هذا وجه الصحة الذي أراده صاحب المغرب. (انظر: رد المحتال: 2/78)
وقد فرضت في السنة الثانية من الهجرة -وهي السنة التي فرض فيها صيام رمضان (انظر: المرقاة: 4/159).- طهرة للصائم من اللغو والرفث، وطعمة للمساكين، وإغناء لهم عن ذل الحاجة، والسؤال في يوم العيد.
فهذه الزكاة ضريبة متميزة عن بقية الزكوات الأخرى ؛ إذ هي ضريبة على الأشخاص، وتلك ضريبة على الأموال ولهذا لا يشترط لها ما يشترط للزكوات الأخرى من ملك النصاب بشروطه المبينة في مواضعها. كما سنرجح ذلك، ويسمي الفقهاء هذه الزكاة زكاة الرؤوس أو الرقاب أو الأبدان، والمراد بالبدن الشخص لا ما يقابل الروح أو النفس.

وجوب زكاة الفطر

روى الجماعة عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- (أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فرض زكاة الفطر من رمضان، صاعًا من تمر، أو صاعًا من شعير، على كل حر أو عبد، ذكر أو أنثى، من المسلمين) (ذكره في منتقى الأخبار -نيل الأوطار: 4/179- طبع العثمانية).
قال جمهور العلماء من السلف والخلف: معنى (فرض) هنا: ألزم وأوجب فزكاة الفطر فرض واجب عندهم، لدخولها في عموم قوله تعالى (وآتوا الزكاة) (سورة البقرة:110، والنساء:77، والنور:56، وغيرها) وقد سماها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- زكاة، فهي داخلة في أمر الله تعالى بها، ولقوله في الحديث: (فرض) وهو غالب في استعمال الشرع بهذا المعنى، ومما يؤكد أن (فرض) بمعنى "أوجب وألزم" اقترانها بحرف (على) التي تفيد الوجوب أيضًا ؛ إذ قال في الحديث: (على كل حر وعبد). كما أن الروايات الصحيحة فيها: (أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم-)، وظاهر الأمر يفيد الوجوب كذلك (انظر: شرح النووي على مسلم: 7/58، وانظر: المحلى: 6/119).
وقد صرح أبو العالية وعطاء وابن سيرين بأنها فريضة. كما في البخاري (ذكره معلقًا وقال الحافظ في الفتح: وصله عبد الرزاق عن ابن جريج عن عطاء، ووصله ابن أبي شيبة من طريق عاصم الأحول عن الآخرين، وإنما اقتصر البخاري على ذكر هؤلاء لكونهم صرحوا بفرضيتها وإلا فقد نقل ابن المنذر وغيره الإجماع على ذلك").
وهو مذهب مالك والشافعي وأحمد.
وذهب الحنفية إلى أنها واجبة، وليست فرضًا، بناء على قاعدتهم في التفرقة بين الفرض والواجب. فالفرض عندهم ما ثبت بدليل قطعي، والواجب ما ثبت بدليل ظني، ومن آثار هذه التفرقة: أن جاحد الفرض يكفر، أما جاحد الواجب فلا يكفر، ولهذا يسمون الواجب: "الفرض العملي" في مقابلة "الفرض الاعتقادي"، وهذا بخلاف الفرض عند الأئمة الثلاثة، فإنه يشمل القسمين: ما ثبت بقطعي وبظني، وبهذا نعلم: أن الحنفية ليسوا مخالفين للمذاهب الثلاثة في الحكم (قال المحقق ابن الهمام: لا خلاف في المعنى: فإن الافتراض الذي يثبتونه ليس على وجه يكفر جاحده، فهو معنى الوجوب الذي نقول به، غايته أن الفرض في اصطلاحهم أعم من الواجب في عرفنا، فأطلقناه على أحد جزأيه، وإنما قال الحنفية بالوجوب هنا دون الفرضية لوجود بعض الخلاف في وجوبها، وما ورد من أحاديث فليست قطعية الثبوت ولا الدلالة. (انظر: المرقاة على المشكاة: 4/160)، وإنما هو اختلاف في الاصطلاح، ولا مشاحة فيه.
ونقل المالكية عن أشهب: أنها سنة مؤكدة (حكى ابن حزم في المحلى (6/118): عن مالك أن زكاة الفطر ليست فرضًا وعلق الشيخ شاكر عليه بأن هذا وهم من ابن حزم أو ممن نقل عنه، فقد قال مالك في الموطأ: تجب زكاة الفطر على أهل البادية كما تجب على أهل القرى، وذلك أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فرض زكاة الفطر من رمضان على الناس"... إلخ، وحكاه ابن رشد في بداية المجتهد: 1/269 عن بعض المتأخرين من أصحاب مالك ولم يعينه)، وهو قول بعض أهل الظاهر، وابن اللبان من الشافعية، وتأولوا كلمة "فرض" في الحديث بمعنى "قدر"، وما ذكرناه قبل يرد عليهم.
وقال: ابن دقيق العيد: أصل "فرض" في اللغة "قدر" لكن في عرف الشرع إلى الوجوب، فالحمل عليه أولى.
وقال ابن الهمام:
حمل اللفظ على الحقيقة الشرعية في كلام الشارع متعين ما لم يقم صارف عنه، والحقيقة الشرعية غير مجرد التقدير، خصوصًا في لفظ البخاري ومسلم: أنه أمر بزكاة الفطر، ومعنى لفظ "فرض" هو معنى لفظ "أمر".
ويؤيد الوجوب تسميتها زكاة، فتدخل في عموم الزكاة التي أمر الله بها، وتوعد مانعيها بالعذاب الشديد ومن هنا حكى النووي قول ابن اللبان بسنِّيتها ثم قال: هذا شاذ منكر، بل غلط صريح.
وقال إسحاق بن راهويه: إيجاب زكاة الفطر كالإجماع، بل نقل ابن المنذر الإجماع على وجوبها.
وقول إسحاق أدق، لوجود خلاف طفيف فيها، كما ذكرنا، ولأن إبراهيم بن علية وأبا بكر الأصم قالا: إن وجوبها نسخ بفرض الزكاة.
واستدل لهما بما رواه أحمد والنسائي عن قيس بن سعد بن عبادة: أنه سئل عن صدقة الفطر، فقال: (أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بصدقة الفطر، قبل أن تنزل الزكاة، فلما نزلت الزكاة لم يأمرنا ولم ينهنا، ونحن نفعله).
وفي إسناد الحديث مقال، ففيه راو مجهول - كما قال الحافظ (وتبعه في هذا السيوطي في شرح النسائي، والشوكاني في نيل الأوطار : (4/180 - طبع العثمانية) ولكن الشيخ أحمد شاكر تعجب من قول ابن حجر ومن تبعه، بعد أن ساق الحديث كما رواه النسائي (5/49) بإسنادين، قال عنهما: إسنادان صحيحان رواتهما ثقات فليس فيه مجهول قط (حاشية المحلى: 6/119). - وعلى تقدير صحته لا دليل فيه على النسخ، لاحتمال الاكتفاء بالأمر الأول ؛ لأن نزول فرض لا يوجب سقوط فرض آخر (انظر: فتح الباري: 4/110، 111 - طبع مصطفى الحلبي، والمرقاة: 4/159، 160 والمحلى: 6/118، 119، والروضة للنووي: 2/291، وشرح مسلم له: 7/58، ونيل الأوطار: 4/180 - طبع العثمانية، والفتح الرباني وشرحه: 9/234-237)، والأصل في أوامر الله ورسوله أن تظل محكمة باقية، ولا يثبت النسخ بمجرد الاحتمال.
لهذا استقر الأمر بين المسلمين كافة على وجوب زكاة الفطر، ولم يعبأ أحد بشذوذ من شذ، لمخالفته للإجماع قبله وبعده (انظر: البحر الزخار: 2/195)، وأما ما ذكره المستشرق "شاخت" هنا ففيه خلط كثير (ذكر "شاخت" في دائرة المعارف الإسلامية (10/361): أن الفقهاء يختلفون في وجوب زكاة الفطر. قال: وبحسب الرأي الذي ساد أخيرًا تعتبر زكاة الفطر واجبة: أما عند المالكية فلا تعتبر إلا سنة. أ هـ.
وفي هذا خلط كثير. فقد رأينا أن الفقهاء شبه مجمعين على وجوب الفطرة، حتى نقل ابن المنذر الإجماع عليه، وإذا شذ اثنان أو ثلاثة في أعصر مختلفة فلا عبرة بشذوذهم. أما عند المالكية فلا تعتبر عندهم إلا واجبًا، كما هو المعتمد في كتب المذهب. انظر مثلاً: بلغة السالك على الشرح الصغير للدردير: 1/237، والشرح الكبير وحاشية الدسوقي عليه: 1/504 أما ما نقل عن أشهب فليس هو المعتمد في المذهب. دليل شاخت اغتر بقول ابن أبي زيد في "الرسالة": زكاة الفطر سنة واجبة فرضها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على الكبير والصغير... إلخ. مع أنه لم يكتف بقوله: "سنة" حتى قال: "واجبة فرضها رسول الله"، ولهذا قال الشراح: المشهور أنها فرض بالسنة. انظر: شرح الرسالة لزروق:1/341، ومالك صرح في "الموطأ" بوجوبها واستدل عليه بالحديث، كما ذكرنا قبل , وإذن لا يكون وجوب زكاة الفطر من الرأي الذي ساد أخيرًا كما زعم شاخت، بل مما عرف منذ عهد النبوة).

حكمة مشروعيتها

والحكمة في إيجاب هذا الزكاة ما جاء عن ابن عباس، قال: (فرض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث، وطعمة للمساكين) (رواه أبو داود في باب زكاة الفطر وسكت عليه هو والمنذري، وهو بمثابة التحسين منهما كما قيل، ورواه الحاكم (1/409)، وقال: صحيح على شرط البخاري ووافقه الذهبي ورواه ابن ماجة أيضًا في باب زكاة الفطر، والدارقطني ص219وقال: ليس في رواته مجروح، والبيهقي ص163، وانظر: المرقاة: 4/173، ونصب الراية: 2/411، وتكملة الحديث: "من أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة، ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات".
واللغو: ما لا فائدة فيه، وما لا يعني، وقيل: الباطل، والرفث: هو في الأصل ما يتصل بالجماع وما يتعلق به مما يجري بين المرء وزوجه. ثم استعمل في كل كلام قبيح).
فهذه الحكمة مركبة من أمرين:
الأمر الأول: يتعلق بالصائمين في شهر رمضان، وما عسى أن يكون قد شاب صيامهم من لغو القول، ورفث الكلام، والصيام الكامل الذي يصوم فيه اللسان والجوارح، كما يصوم البطن والفرج. فلا يسمح الصائم للسانه ولا لأذنه ولا لعينه ولا ليده أو رجله أن تتلوث بما نهى الله ورسوله عنه من قول أو فعل، وقلما يسلم صائم من مقارفة شيء من ذلك، بحكم الضعف البشري الغالب، فجاءت هذه الزكاة في ختام الشهر، بمثابة غسل أو "حمام" يتطهر به من أوضار ما شاب نفسه، أو كدر صومه، وتجبر ما فيه من قصور، فإن الحسنات يذهبن السيئات.
كما جعل الشارع السنن الرواتب مع الصلوات الخمس جبراَ لما قد يحدث فيها من غفلة أو خلل أو إخلال ببعض الآداب وشبهها بعض الأئمة بسجود السهو. قال وكيع بن الجراح: زكاة الفطر لشهر رمضان، كسجدة السهو للصلاة، تجبر نقصان الصوم، كما يجبر السجود نقصان الصلاة (نهاية المحتاج: 2/108).
وأما الأمر الثاني: فيتعلق بالمجتمع وإشاعة المحبة والمسرة في جميع أنحائه وخاصة المساكين وأهل الحاجة فيه.
فالعيد يوم فرح وسرور عام، فينبغي تعميم السرور على كل أبناء المجتمع المسلم، ولن يفرح المسكين ويسر إذا رأى الموسرين والقادرين يأكلون ما لذ وطاب وهو لا يجد قوت يومه في يوم عيد المسلمين.
فاقتضت حكمة الشارع أن يفرض له في هذا اليوم ما يغنيه عن الحاجة وذل السؤال، ويشعره بأن المجتمع لم يهمل أمره، ولم ينسه في أيام سروره وبهجته، ولهذا ورد في الحديث: (أغنوهم في هذا اليوم) (قال في نيل الأوطار: أخرجه البيهقي والدارقطني عن ابن عمر، وفي رواية للبيهقي: أغنوهم عن طواف هذا اليوم، وأخرجه أيضًا ابن سعد في الطبقات من حديث عائشة وأبي سعيد: (4/186- طبع العثمانية)، وانظر: نصب الراية: 2/432، وحاشية المحلى: 6/120).
وكان من حكمة الشارع أيضًا: تقليل مقدار الواجب -كما سيأتي-وإخراجه مما يسهل على الناس من غالب قوتهم، حتى يشترك أكبر عدد ممكن من الأمة في هذه المساهمة الكريمة، وهذا الإسعاف العاجل في هذه المناسبة المباركة.

على من تجب زكاة الفطر؟

في حديث ابن عمر السابق الذي رواه الجماعة: (أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فرض زكاة الفطر من رمضان على كل حر أو عبد ذكر أو أنثى من المسلمين).
وروى البخاري عنه قال: (فرض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- زكاة الفطر، صاعًا من تمر أو صاعًا من شعير، على العبد والحر، والذكر والأنثى، والصغير والكبير من المسلمين).
وعن أبي هريرة في زكاة الفطر: (على كل حر وعبد، ذكر وأنثى، صغير أو كبير، فقير أو غني). (رواه أحمد والشيخان والنسائي وهو الحديث رقم (186) من كتاب الزكاة. من الفتح الرباني: 9/139) وهذا من كلام أبي هريرة، ولكن مثله لا يقال بالرأي.
وهذه الأحاديث تدلنا على أن هذه الزكاة فريضة عامة على الرؤوس والأشخاص من المسلمين لا فرق بين حر وعبد، ولا بين ذكر وأنثى، ولا بين صغير وكبير بل لا فرق بين غني وفقير، ولا بين حضري وبدوي، وقال الزهري وربيعة والليث: إن زكاة الفطر تختص بالحضر، ولا تجب على أهل البادية، وظاهر الأحاديث يرد عليهم، فالصواب ما عليه الجمهور (نيل الأوطار: 4/181).
وروى ابن حزم هذا القول عن عطاء، ورد عليه بأن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لم يخص أعرابيًا ولا بدويًا من غيرهم، فلم يجز تخصيص أحد من المسلمين (المحلى: 6/131).

هل تجب على الزوجة والصغير؟

وظاهر قوله: (ذكر أو أنثى) يشهد لما ذهب إليه أبو حنيفة: أنها تجب على المرأة سواء أكان لها زوج أم لا، وأنها تجب على الزوجة في نفسها، ويلزمها إخراجها من مالها، وهو مذهب الظاهرية (الفتح الرباني وشرحه: 9/140 وهو الحديث رقم (187) من كتاب الزكاة فيه).
وعند الأئمة الثلاثة والليث وإسحاق: أن الزوج يلزم إخراج زكاة الفطر عن زوجته ؛ لأنها تابعة للنفقة. قال الحافظ: وفيه نظر ؛ لأنهم قالوا: إن أعسر وكانت الزوجة أمة وجبت فطرتها على السيد، بخلاف النفقة، فافترقا، واتفقوا على أن المسلم لا يخرج عن زوجته الكافرة، مع أن نفقتها تلزمه، وإنما احتج الشافعي بما رواه من طريق محمد بن على الباقر مرسلاً: "أدوا صدقة الفطر عمن تمونون" (وأخرجه البيهقي: 4/161 من هذا الوجه فزاد في إسناده ذكر على وهو منقطع، وقال ابن حزم: في هذا المكان عجب عجيب، وهو أن الشافعي لا يقول بالمرسل، ثم أخذ ههنا بأنتن مرسل في العالم ؛ من رواية ابن أبي يحيى ؛ (المحلى: 6/137)، وأخرجه البيهقي من حديث ابن عمر: "ممن تمونون" وإسناده غير قوي كما قال (4/161) وأخرجه أيضًا عنه الدارقطني (نيل الأوطار: 4/181)، وأخرج البيهقي أيضًا عن على: من جرت عليه نفقتك فأطعم عنه، وفيه عبد الأعلى غير قوي كما قال البيهقي، ولكن يقوى بما قبله. قال في البحر: وهو توقيف (2/119)، وانظر: نصب الراية: 2/413).
ومثل هذا لا يحتج به لضعفه، وكان يلزم الشافعي ومن وافقه -كما قال ابن التركماني (الجوهر النقي مع السنن الكبرى: 4/160)- الإخراج عن أجيره ورقيقه الكافر، لأنه يمونهما.
وهكذا قال الإمامية: إن زكاة الفطر عن نفسه وعن كل من يعول (فقه الإمام جعفر: 2/103 - 104).
وقال الليث: يخرجها عن أجيره الذي ليست أجرته معلومة، فإن كانت أجرته معلومة فلا يلزمه إخراجها عنه (المحلى: 6/127).
أما الزيدية فاقتصروا على كل من تلزمه نفقته بقرابة أو زوجية أو رق (البحر: 2/199).
وقوله (صغير أو كبير) يدل على وجوبها على الصغير في ماله إن كان له مال، ويخرجها الولي منه كزكاة الأموال. فإن لم يكن له مال، فإن فطرته تجب على من تلزمه نفقته، وإلى هذا ذهب الجمهور.
وقال محمد بن الحسن: هي على الأب مطلقًا، فإن لم يكن له أب فلا شيء عليه (المرجع السابق ص 135، وانظر: نيل الأوطار: 4/180 - 181، والمحلى: 6/137).
وعن سعيد بن المسيب والحسن البصري: لا تجب إلا على من صام ؛ لأنها وجبت تطهيرًا، والصبي ليس محتاجًا إلى تطهير، لعدم الإثم في حقه.
بدليل حديث ابن عباس قال: فرض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث.
وأجيب بأن ذكر التطهير خرج مخرج الغالب (المصادر السابقة). كما أن بعض الأحاديث ذكرت حكمة أخرى لإيجاب هذه الزكاة، وأنها (طعمة للمساكين) وكما جاء في حديث: (أغنوهم في هذا اليوم).
فإذا كانت هذه الزكاة تطهيرًا من جانب، فهي طعمة وإغناء من جانب آخر، وهذه حكمة تنطبق على الصغير، كما تنطبق على الكبير.

هل تجب عن الجنين؟

أما الجنين، فجمهور الفقهاء على أن زكاة الفطر لا تجب عنه.
وقال ابن حزم: إذا أكمل الجنين في بطن أمه مائة وعشرين يومًا قبل انصداع الفجر من ليلة الفطر، وجب أن تؤدى عنه صدقة الفطر. لما صح في الحديث أنه ينفخ فيه الروح حينئذ.
واحتج ابن حزم بأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- فرض صدقة الفطر على الصغير والكبير، والجنين يقع عليه اسم (صغير) فكل حكم وجب على الصغير فهو واجب عليه.
وروى ابن حزم عن عثمان بن عفان: أنه كان يعطى صدقة الفطر عن الصغير والكبير والحمل.
وعن أبي قلابة قال: كان يعجبهم أن يعطوا زكاة الفطر عن الصغير والكبير حتى عن الحمل في بطن أمه. قال ابن حزم، وأبو قلابة أدرك الصحابة وصحبهم وروى عنهم.
وعن سليمان بن يسار: أنه سئل عن الحمل أيزكي عنه؟ قال نعم.
قال: ولا يعرف لعثمان في هذا مخالف من الصحابة (المحلى: 6/132).
والحق أن كل ما ذكره ابن حزم لا دليل فيه على وجوب التزكية عن الحمل، ومن التعسف أن يقال: إن كلمة (صغير) في الحديث تشمل الحمل. كما أن ما روى عن عثمان وغيره لا يدل على أكثر من الاستحباب، ومن تطوع خيرًا فهو خير له.
وقد ذكر الشوكاني: أن ابن المنذر نقل الإجماع على أنها لا تجب عن الجنين، وكان أحمد يستحبه ولا يوجبه (نيل الأوطار: 4/181).

هل يشترط لها النصاب؟

وقول ابن عمر في حديثه: (كل حر أو عبد) يشمل الغني والفقير الذي لا يملك نصابًا، كما صرح به أبو هريرة في حديثه: (غني أو فقير) وإلى ذلك ذهب الأئمة الثلاثة والجمهور، ولم يشترطوا لوجوبها إلا الإسلام وأن يكون مقدار هذه الزكاة الواجبة فاضلاً عن قوته وقوت من تلزمه نفقته يوم العيد وليلته وفاضلاً عن مسكنه وأثاثه وحوائجه الأصلية.
قال الشوكاني: وهذا هو الحق ؛ لأن النصوص أطلقت ولم تخص غنيًا ولا فقيرًا، ولا مجال للاجتهاد في تعيين المقدار الذي يعتبر أن يكون مخرج الفطرة مالكًا له، ولا سيما والعلة التي شرعت لها الفطرة موجودة في الغني والفقير وهي التطهر من اللغو والرفث، واعتبار كونه واجدًا لقوت يوم وليلة أمر لا بد منه ؛ لأن المقصود من شرع الفطرة إغناء الفقراء في ذلك اليوم، فلو لم يعتبر في حق المخرج ذلك لكان ممن أمرنا بإغنائه في ذلك اليوم، لا من المأمورين بإخراج الفطرة، وإغناء غيره (نيل الأوطار: 4/186).
وخالفهم أبو حنيفة وأصحابه فقالوا: لا تجب إلا على من يملك نصابًا، بدليل حديث البخاري (رواه معلقًا في كتاب الوصايا من صحيحه وتعليقاته المجزومة لها حكم الصحة، كما هو رأي الجمهور، خلافًا لابن حزم)، والنسائي: (لا صدقة إلا عن ظهر غنى) والغنى عندهم ملك النصاب، والفقير لا غنى له، فلا تجب عليه ؛ لأنه تحل له الصدقة فلا تجب عليه، كمن لا يقدر عليها. كما استدلوا بالقياس على زكاة المال.
وأجاب الآخرون -كما ذكر الشوكاني- بأن الحديث الذي ذكروه لا يفيد المطلوب، فقد رواه أبو داود (كذا اقتصر الشوكاني على أبي داود، والحديث أخرجه أيضًا البخاري في كتاب النفقات والنسائي في كتاب الزكاة، وأحمد في المسند: 2/245 - 278 وعند مسلم في الزكاة: "أفضل الصدقة -أو خير الصدقة- عن ظهر غنى"). بلفظ: (خير الصدقة ما كان عن ظهر غنى)، وهو معارض أيضًا بحديث أبي هريرة -عند أبي داود والحاكم- مرفوعًا: "أفضل الصدقة جهد المقل"، وبحديث أبي أمامة عند الطبراني مرفوعًا: (أفضل الصدقة: سر إلى فقير، وجهد من مقل) وفسره في "النهاية" بقدر ما يحتمل حال قليل المال.
وبحديث أبي هريرة عند النسائي وابن خزيمة وابن حبان في صحيحه -اللفظ له- والحاكم -وصححه على شرط مسلم- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (سبق درهم مائة ألف درهم)! فقال رجل: وكيف ذاك يا رسول الله؟ قال: (رجل له مال كثير، أخذ من عرض ماله مائة ألف درهم فتصدق بها، ورجل ليس له إلا درهمان فأخذ أحدهما فتصدق به، فهذا تصدق بنصف ماله)…. الحديث.
وأما استدلالهم بالقياس على زكاة المال فغير صحيح - كما قال الشوكاني ؛ لأنه قياس مع الفارق ؛ إذ وجوب الفطرة متعلق بالأبدان، ووجوب الزكاة الأخرى متعلق بالأموال، فافترقا (انظر: نيل الأوطار: 4/185 - 186).
وأما قولهم: الغنى ملك النصاب، والفقير لا غنى له، فلا تجب عليه فقد رد عليهم أيضًا بعموم الأحاديث الصحيحة المروية في إيجاب زكاة "الفطر" على كل مسلم بما في ذلك الغني والفقير، وبما صرح به أبو هريرة في حديثه: (غني أو فقير)، وما رواه أحمد وأبو داود عن ثعلبة بن أبي صغير عن أبيه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (أدوا صدقة الفطر صاعًا من قمح -أو قال: بر- عن كل إنسان صغير أو كبير، حر أو مملوك، غني أو فقير، ذكر أو أنثى. أما غنيكم فيزكيه الله، وأما فقيركم فيرد الله عليه أكثر مما أعطى)، وفي رواية أبي داود: (صاع من بر أو قمح عن كل اثنين).
ولأن هذه الصدقة -كما قال ابن قدامة- حق مال لا يزيد بزيادة المال، فلا يعتبر وجوب النصاب فيها كالكفارة، ولا يمنع أن يؤخذ منه ويعطى، كمن وجب عليه العشر في زرعه وهو بعد محتاج إلى ما يكفيه وعياله.
وحديث: (لا صدقة إلا عن ظهر غنى) محمول على صدقة المال وهذه صدقة خاصة عن البدن والنفس (انظر: المغنى: 3/74).
والذي أراه: أن للشارع هدفًا أخلاقيًا تربويًا -وراء الهدف المالي- من فرض هذه الزكاة على كل مسلم غني أو فقير. ذلك هو تدريب المسلم على الإنفاق في الضراء كما ينفق في السراء، والبذل في العسر، كما يبذل في اليسر، ومن صفات المتقين التي ذكرها القرآن أنهم (ينفقون في السراء والضراء) (آل عمران: 134)، وبهذا يتعلم المسلم -وإن كان فقير المال، رقيق الحال- أن تكون يده هي العليا، وأن يذوق لذة الإعطاء والإفضال على غيره، ولو كان ذلك يومًا في كل عام، ولهذا أرجح مذهب الجمهور الذين لم يشترطوا لوجوب هذه الزكاة ملك النصاب.
كما أرجح رأي أبي حنيفة وغيره ممن أوجبها على الزوجة في مالها، لما فيه من إشعار المرأة المسلمة بهذا الواجب السنوي، وتعويدها البذل من مالها الخاص، لا مجرد الاعتماد على الزوج. فإذا تطوع الزوج فأخرج عنها جاز

شرط وجوب الفطرة على الفقير

وشرط الجمهور لإيجاب هذه الزكاة على الفقير أن يكون عنده مقدارها فاضلاً عن قوته وقوت من تلزمه نفقته ليلة العيد ويومه، وأن يكون فاضلاً عن مسكنه ومتاعه وحاجاته الأصلية. فمن كان له دار يحتاج إليها لسكناها أو إلى أجرها لنفقته، أو ثياب بذله له أو لمن تلزمه مؤنته، أو بهائم يحتاج إلى ركوبها والانتفاع بها في حوائجه الأصلية، أو سائمة يحتاج إلى نمائها كذلك، أو بضاعة يختل ربحها الذي يحتاج إليه بإخراج الفطرة منها - فلا فطرة عليه ؛ لأن هذا مما يتعلق به حاجته الأصلية فلم يلزمه بيعه كمؤنة نفسه، ومن له كتب يحتاج إليها للنظر فيها والحفظ منها لا يلزمه بيعها، والمرأة إذا كان لها حلى للبس، أو لكراء تحتاج إليه، لم يلزمها بيعه في الفطرة، وما فضل من ذلك عن حوائجه الأصلية، وأمكن بيعه وصرفه في الفطرة وجبت الفطرة به ؛ لأنه أمكن أداؤها من غير ضرر أصلى. فأشبه ما لو ملك من الطعام ما يؤديه فاضلاً عن حاجته (انظر: المغنى: 3/76، والروضة: 2/299 - 300).
الدين المؤجل لا يمنع زكاة الفطر

ومن كان في يده ما يخرجه عن صدقة الفطر، وعليه دين مثله، لزمه أن يخرج الصدقة ؛ إلا أن يكون مطالبًا بالدين، فعليه قضاء الدين ولا زكاة عليه.
قال ابن قدامة: إنما لم يمنع الدين الفطرة (كما يمنع زكاة المال) ؛ لأنها آكد وجوبًا ؛ بدليل وجوبها على الفقير، وشمولها لكل مسلم قدر على إخراجها ووجوب تحملها عمن وجبت نفقته على غيره، ولا تتعلق بقدر من المال، فجرت مجرى النفقة، ولأن زكاة المال تجب بالملك، والدين يؤثر في الملك فأثر فيها، وهذه تجب على البدن (يعنى على الشخص) والدين لا يؤثر فيه، وتسقط الفطرة عند المطالبة بالدين ؛ لوجوب أدائه عند المطالبة وتأكده بكونه حق آدمي معين لا يسقط بالإعسار، وكونه أسبق سببًا وأقدم وجوبًا يأثم بتأخيره، فإنه يسقط غير الفطرة، وإن لم يطالب به ؛ لأن تأثير المطالبة إنما هو في إلزام الأداء وتحريم التأخير (المرجع السابق).

مذهب القائلين بأن الواجب صاع من كل طعام

عن ابن عمر قال: (فرض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- زكاة الفطر من رمضان صاعًا من تمر، أو صاعًا من شعير)... الحديث (رواه الجماعة).
وعن أبي سعيد الخدري قال: (كنا نخرج زكاة الفطر -إذ كان فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم- صاعًا من طعام، أو صاعًا من تمر، أو صاعًا من شعير، أو صاعًا من زبيب، أو صاعًا من أقط، فلم نزل كذلك حتى قدم علينا معاوية المدينة. فقال: إني لأرى مدين من سمراء الشام يعدل صاعًا من تمر، فأخذ الناس بذلك) (رواه الجماعة)، وزاد غير البخاري: قال أبو سعيد: (فلا أزال أخرجه كما كنت أخرجه).
دل هذان الحديثان وغيرهما على أن الواجب في زكاة الفطر صاع عن كل نفس.
قال الدهلوي: وإنما قدر بالصاع ؛ لأنه يشبع أهل بيت، ففيه غنية معتد بها للفقير، ولا يتضرر الإنسان بإنفاق هذا القدر غالبًا. (الحجة البالغة: 2/509).
والصاع في غير القمح والزبيب واجب بالإجماع، وفي غيرهما واجب أيضًا عند الأئمة الثلاثة، وهو قول أبي سعيد الخدري وأبي العالية وأبي الشعثاء والحسن البصري وجابر بن زيد وإسحاق، والهادي والقاسم والناصر والمؤيد بالله، كما ذكر الشوكاني (نيل الأوطار: 4/183، والمغني: 3/57، وفيه: اختلفت الرواية عن علي وابن عباس والشعبي، فروي صاع وروي نصف صاع (أ هـ)، وأبو سعيد روى عنه ابن حزم ما يخالف المعروف عنه من وجوب الصاع، وهو غريب (المحلى: 6/ 130).

مذهب القائلين بنصف الصاع من القمح

وقال أبو حنيفة وأصحابه: يجزئ نصف صاع من قمح، واختلف عنه في الزبيب (أما الصاحبان فجعلاه كالتمر، وهو رواية عن الإمام، وصححها بعض الحنفية، ورجحها ابن الهمام في فتح القدير من جهة الدليل، وذكر في الدر المختار عن جماعة أن عليه الفتوى (الدر وحاشيته: 2/83)، وهو مذهب زيد بن علي والإمام يحيى كما قال الشوكاني (نيل الأوطار، المرجع السابق) وقال ابن حزم: وصح عن عمر بن عبد العزيز وطاوس ومجاهد وسعيد بن المسيب وعروة بن الزبير وأبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف وسعيد بن جبير، وهو قول الأوزاعي والليث وسفيان الثوري. كما أورد ابن حزم عدة روايات عن جماعة من الصحابة قالوا بذلك: منهم أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وعائشة وأسماء بنت أبي بكر وأبو هريرة، وجابر بن عبد الله، وابن مسعود، وابن عباس، وابن الزبير، وأبو سعيد الخدري. قال: وهو عنهم كلهم صحيح إلا عن أبي بكر وابن عباس وابن مسعود (المحلى: 6/128 - 131، وانظر: نصب الراية مع بغية الألمعي: 2/446 - 447).

حجة القائلين بوجوب الصاع

وحجة الجمهور حديث أبي سعيد في قوله: "صاعًا من طعام، أو صاعًا من تمر، أو صاعًا من شعير، أو صاعًا من زبيب، أو صاعًا من أقط".
قال النووي: والدلالة فيه من وجهين:
أحدهما: أن الطعام في عرف أهل الحجاز اسم للحنطة خاصة، لا سيما وقد قرنه بباقي المذكورات.
وثانيهما: أنه ذكر أشياء قيمتها مختلفة، وأوجب في كل نوع منها صاعًا فدل على أن المعتبر صاع ولا نظر إلى قيمته (شرح النووي على صحيح مسلم: 7/60).
قال: وليس للقائلين بنصف صاع حجة إلا حديث معاوية، وأحاديث ضعيفة ضعفها أهل الحديث، وضعفها بين (المرجع السابق).
والجمهور يجيبون عن حديث معاوية بأنه قول صحابي، وقد خالفه أبو سعيد وغيره ممن هو أطول منه صحبة، وأعلم بأحوال النبي -صلى الله عليه وسلم-، وإذا اختلف الصحابة لم يكن قول بعضهم بأولى من بعض. فلا بد من الرجوع إلى دليل آخر. قالوا: وجدنا ظاهر الأحاديث والقياس متفقًا على اشتراط الصاع من الحنطة كغيرها، فوجب اعتماده، وقد صرح معاوية بأنه رأي رآه، لا أنه سمعه من النبي -صلى الله عليه وسلم- ولو كان عند أحد من حاضري مجلسه -مع كثرتهم في تلك اللحظة- علم في موافقة معاوية للسنة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- لذكره، كما جرى لهم في غير هذه القصة (المرجع نفسه ص61، 62).
والرأي والاجتهاد مشروع، كما دل عليه صنيع معاوية ومن وافقه من الصحابة، ولكنه مع وجود النص فاسد الاعتبار (فتح الباري: 3/374 - طبع السلفية).

أدلة أبي حنيفة في إجزاء نصف الصاع

واستدل لمذهب أبي حنيفة ومن وافقه بما يأتي:
أولاً: ما أخرجه أبو داود من حديث عبد الله بن ثعلبة أو ثعلبة بن عبد الله بن أبي صعير بلفظ: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صدقة الفطر صاع من بر أو قمح عن كل اثنين) (انظر ألفاظ هذا الحديث وطرقه في أبي داود. كتاب الزكاة، والدارقطني ص223- 224، وكلام ابن حزم عليه في المحلى: 6/121، البيهقي في السنن الكبرى: 4/167 - 168، والزيلعي في نصب الراية:2/406 - 410).
وما أخرجه الحاكم عن ابن عباس مرفوعًا: (صدقة الفطر مدان من القمح) والمدان نصف صاع كما علمنا، وأخرج نحوه الترمذي من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعًا، وأخرج أبو داود والنسائي عن الحسن مرسلاً بلفظ: (فرض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هذه الصدقة صاعًا من تمر أو من شعير، أو نصف صاع من قمح) (انظر: نيل الأوطار: 4/183، والمحلى: 6/122 -123، ونصب الراية: 4/418 - 423). إلى غير ذلك من الأحاديث التي يمكن أن تنهض بمجموعها لتخصيص أحاديث الصاع، كما قال الشوكاني، على التسليم بدخول البر تحت لفظ الطعام الذي صحت به الروايات (نيل الأوطار، المرجع السابق).
وثانياُ: ما صح عن عدد كبير من الصحابة أنهم رأوا إخراج نصف صاع من القمح ؛ فقد أخرج سفيان الثوري في جامعه عن علي موقوفًا بلفظ: (نصف صاع من بر)، ويروى ذلك عن الخلفاء الأربعة وغيرهم (المرجع نفسه).
وعلى أقوال هؤلاء الصحابة اعتمد ابن المنذر، فقد قال: "لا نعلم في القمح خبرًا ثابتًا عن النبي -صلى الله عليه وسلم- يعتمد عليه (قد يعكر على هذا ما أخرجه الحاكم (1/410 - 411) من جملة أحاديث في صاع البر صححها كلها وأقر الذهبي اثنين منها: أحدهما من طريق سعيد الجمحي عن ابن عمر، ولكن قال البيهقي: ذكر البر فيه ليس بمحفوظ (4/166) فلا حجة فيه، والحديث الثاني أخرجه مع الحاكم أيضًا ابن خزيمة في صحيحه من طريق ابن إسحاق عن عبد الله بن عبد الله بن عثمان بن حكيم عن عياض بن عبد الله قال: قال أبو سعيد: وذكروا عنده صدقة رمضان فقال: لا أخرج إلا ما كنت أخرج في عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : صاع تمر أو صاع حنطة أو صاع شعير أو صاع أقط، فقال له رجل من القوم: أو مدين من قمح؟ فقال: لا، تلك قيمة معاوية ؛ لا أقبلها ولا أعمل بها"، ولكن قال ابن خزيمة: ذكر الحنطة في خبر أبي سعيد غير محفوظ، ولا أدرى ممن الوهم، وقوله: "فقال رجل... إلخ" دال على أن ذكر الحنطة في أول القصة خطأ ؛ إذ لو كان أبو سعيد أخبر أنهم كانوا يخرجون منها في عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صاعًا، لما كان الرجل يقول له: "أو مدين من قمح"، وقد أشار أبو داود إلى رواية ابن إسحاق هذه وقال: إن ذكر الحنطة فيه غير محفوظ. (انتهى من فتح الباري: 2/373)، وهذا الحديث ذكره ابن حزم في المحلى (6/130) من طريق ابن إسحاق أيضًا، وليس فيه ذكر صاع البر، واستدل به على أن أبا سعيد يمنع من البر جملة، ولكن العلامة الشيخ أحمد شاكر تعقبه برواية الدارقطني (ص222)، ورواية الحاكم في المستدرك (1/411) وهي التي ذكرناها هنا، وفيها زيادة "أو صاعًا من حنطة" قال: وهذا مما يختلف فيه الرواة، فيذكر بعضهم نوعًا ويذكر الآخر غيره، وكل صحيح، وزيادة الثقة حجة (أ هـ)، وكأن الشيخ رحمه الله لم يكن قد اطلع على قول ابن خزيمة وأبي داود في هذه الزيادة، كما نقله صاحب الفتح، وزيادة الثقة مقبولة إذا لم يخالف من هو أوثق منه، أو لم يكن في الكلام ما يدل على وهمه، وقد جاءت روايات كثيرة عن أبي سعيد وغيره تدل على أن القمح لم يكن من طعامهم يومئذ، وسنذكر بعضها قريبًا. على أن ابن إسحاق الذي جاءت الرواية من طريقه معروف عند النقاد بالتدليس إذا لم يصرح بالتحديث، وهو هنا قد عنعن، كما في المستدرك، وبهذا كله يتبين ما في تصحيح الحاكم للحديث وإقرار الذهبي له من التساهل.
والنتيجة أن ما جزم به الإمام ابن المنذر من عدم ثبوت خبر يعتمد عليه في القمح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- صحيح وليس فيه مطعن معتبر، وكذلك قال الحافظ البيهقي في سننه (4/170): قد وردت أخبار عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في صاع من بر، ووردت أخبار في نصف صاع، ولا يصح شيء من ذلك، قد بينت علة كل واحد منها في الخلافيات، وروينا في حديث أبي سعيد الخدري وفي الحديث الثابت عن ابن عمر تعديل مدين من بر -وهو نصف صاع- بصاع من شعير، وقع بعد النبي -صلى الله عليه وسلم- (أ هـ)، ولم يكن البر بالمدينة ذلك الوقت إلا الشيء اليسير منه. فلما كثر في زمن الصحابة رأوا أن نصف صاع منه يقوم مقام صاع من الشعير، وهم الأئمة، فغير جائز أن يعدل عن قولهم إلا إلى قول مثلهم. ثم روى ابن المنذر عن عثمان وعلي وأبي هريرة وجابر وابن عباس وابن الزبير وأمه أسماء بنت أبي بكر -بأسانيد صحيحة كما قال الحافظ ابن حجر-أنهم رأوا أن في زكاة الفطر نصف صاع من قمح، وهذا مصير منه إلى اختيار ما ذهب إليه الحنفية.
لكن حديث أبي سعيد دال على أنه لم يوافق على ذلك، وكذلك ابن عمر، فلا إجماع في المسألة، خلافًا للطحاوي (انظر: فتح الباري: 3/374 - طبع السلفية، والمحلى: 6/128 - 131).
قال الحنفية: وأما حديث أبي سعيد، فليس فيه دليل على الوجوب، بل هو حكاية عن فعله، فيدل على الجواز، وبه نقول. فيكون الواجب نصف صاع وما زاد يكون تطوعًا (بدائع الصنائع: 2/72، ونصب الراية: 2/418)
أما تفسير الطعام في حديث أبي سعيد بالحنطة فهو غير مسلم. قال ابن المنذر: ظن بعض أصحابنا: أن قوله في حديث أبي سعيد: (صاعًا من طعام) حجة لمن قال: صاع من حنطة، وهذا غلط منه ؛ ذلك أن أبا سعيد أجمل الطعام ثم فسره، ثم أورد من طريق حفص بن ميسرة عند البخاري وغيره: أن أبا سعيد قال: (كنا نخرج في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- يوم الفطر صاعًا من طعام) قال أبو سعيد: (وكان طعامنا الشعير والزبيب والأقط والتمر)، وهي ظاهرة فيما قال، وأخرج الطحاوي نحوه من طريق أخرى، وفيه: (ولا نخرج غيره) انظر: نيل الأوطار: 4/192 - 193، وفتح الباري أيضًا).
بل أخرج ابن خزيمة في صحيحه عن ابن عمر قال: (لم تكن الصدقة على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلا التمر والزبيب والشعير، ولم تكن الحنطة)، ولمسلم من وجه آخر عن أبي سعيد. قال: (كنا نخرج من ثلاثة أصناف: صاعًا من تمر، أو صاعًا من أقط، أو صاعًا من شعير) وكأنه سكت عن الزبيب في هذه الرواية لقلته بالنسبة إلى الثلاثة المذكورة. قال الحافظ: وهذه الطرق كلها تدل على أن المراد بالطعام في حديث أبي سعيد غير الحنطة، فيحتمل أن تكون الذرة، فإنه المعروف عند أهل الحجاز الآن ؛ وفي قوت غالب لهم، وقد روى الجوزقي من طريق ابن عجلان عن عياض في حديث أبي سعيد: (صاعًا من تمر، صاعًا من سلت أو ذرة) (انظر: فتح الباري: 3/372 - طبع السلفية).

تعقيب وترجيح

والذي يبدو من مجموع الروايات أن القمح لم يكن من أطعمتهم الشائعة على عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- ولم يفرض النبي -صلى الله عليه وسلم- صاعًا منه، كما فرض في غيره من الشعير والتمر، ومن الزبيب والأقط، ويؤكد ذلك ما رواه الشيخان عن عبد الله بن عمر قال: (أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بزكاة الفطر: صاعًا من تمر أو صاعًا من شعير قال: فجعل الناس عدله مدين من حنطة)، وفي رواية أخرى: (فعدل الناس به نصف صاع من بر) (صحيح مسلم بشرح النووي: 7/60 وفتح الباري: 3/271 -272 -طبع السلفية).
قال ابن القيم: والمعروف أن عمر بن الخطاب جعل نصف صاع من بر مكان صاع من هذه الأشياء. ذكره أبو داود (وقال ابن حجر: أشار ابن عمر بقوله: "الناس" إلى معاوية ومن تبعه، وقد وقع ذلك صريحًا في حديث أيوب عن نافع، أخرجه الحميدي في مسنده عن سفيان بن عيينة وفيه: "قال ابن عمر: فلما كان معاوية عدل الناس نصف صاع بر بصاع من شعير" وهكذا أخرجه ابن خزيمة في صحيحه، من وجه آخر عن سفيان وهو المعتمد، وهو موافق لقول أبي سعيد وهو أصرح منه.
وأما رواية أبي داود التي أشار إليها ابن القيم، فقد ذكر الحافظ أن مسلمًا في كتاب "التمييز" حكم على الراوي فيها بالوهم، وأوضح الرد عليه. انظر: فتح الباري: 3/372 - طبع السلفية) وفي الصحيحين: أن معاوية هو الذي قوم ذلك، وفيه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- آثار مرسلة مسندة يقوي بعضها بعضًا (زاد المعاد: 1/313 - 314).
وذكر ابن القيم حديث ابن أبي صُعَير وغيره، وحديث الحسن البصري قال: خطب ابن عباس في آخر رمضان على منبر البصرة فقال: أخرجوا صدقة صومكم، فكأن الناس لم يعلموا! فقال: من ههنا من أهل المدينة؟ قوموا إلى إخوانكم فعلموهم ؛ فإنهم لا يعلمون. فرض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هذه الصدقة صاعًا من تمر، أو شعير، أو نصف صاع من قمح، على كل حر أو مملوك، ذكر أو أنثى، صغير أو كبير، فلما قدم علي ورأى رخص السعر، قال: (قد أوسع الله عليكم، فلو جعلتموه صاعًا من كل شيء)؟ رواه أبو داود -وهذا لفظه- والنسائي (قال النسائي: الحسن لم يسمع من ابن عباس، وكذلك قال أحمد وابن المديني وغيرهما من الأئمة. فعلى هذا: في الحديث انقطاع، وإنما قالوا ذلك، لأن ابن عباس كان بالبصرة في عهد علي، والحسن في عهدي عثمان وعلي كان بالمدينة، وعقب على ذلك الشيخ أحمد شاكر فقال: كل هذا وهم: فإن الحسن عاصر ابن عباس يقينًا، وكونه كان بالمدينة أيام أن كان ابن عباس واليًا على البصرة، لا يمنع سماعه منه قبل ذلك أو بعده، كما هو معروف عن المحدثين من الاكتفاء بالمعاصرة. ثم الذي يقطع بسماعه منه ولقائه إياه: ما رواه أحمد في المسند بإسناد صحيح (3126) عن ابن سيرين: أن جنازة مرت بالحسن وابن عباس، فقام الحسن، ولم يقم ابن عباس، فقال الحسن لابن عباس: قام لها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: قام وقعد"، وليس بعد هذا بيان في اللقاء والسماع. أ هـ. انظر: مختصر المنذري مع معالم السنن وحواشيه: 2/222 أقول: ولكن المعاصرة وحدها لا تكفى لسماع خطبة قيلت على منبر البصرة، في وقت كان فيه الحسن يقينًا في غير البصرة. فلا بد أنه نقلها بواسطة من سمع. إنما تكفى المعاصرة في الأحاديث التي لم توقت بمكان وزمان خاص، إلا أن يقال: إن مثل هذه الخطبة لا بد أن تكون معروفة لدى أهل البصرة، وليس من اللازم أن يسمعها الحسن من ابن عباس، كما قالوا في طاوس عن معاذ: طاوس عالم بأمر معاذ وإن لم يلقه ولكن قد روي عن ابن عباس في هذه الخطبة: "صاع من طعام"، وانظر: السنن الكبرى والجوهر النقي: 4/167 -169 ونصب الراية: 2/418 - 419) وعنده: فقال علي: (أما إذا أوسع الله عليكم فأوسعوا ؛ اجعلوه صاعًا من بر وغيره).
قال ابن القيم وكان شيخنا رحمه الله -يعنى ابن تيمية- يقوي هذا المذهب ويقول: هو قياس قول أحمد في الكفارات: أن الواجب فيها من البر نصف الواجب من غيره (زاد المعاد: 1/314).
ويتبين لنا من كل ما ذكرناه: أن الأحاديث الواردة بنصف الصاع من القمح ليست من الضعف بحيث ترد جملة، وخاصة إذا صح حديث الحسن عن ابن عباس، ولكنها ليست من الصحة والشهرة بين الصحابة بحيث يجزم بثبوتها كثبوت الصاع من التمر والشعير والأقط والزبيب.
ولو صحت هذه ما خفيت على مثل ابن عمر وأبي سعيد ومعاوية ومن سمع كلامه من الصحابة وتلامذتهم.
وصنيع معاوية ظاهر في أنه جعل نصف صاع القمح عدلاً لصاع التمر، فهو من باب المعادلة والقيمة، ولذا قال أبو سعيد: "تلك قيمة معاوية لا أقبلها ولا أعمل بها" (أخرجه ابن خزيمة والحاكم في صحيحيها من طريق ابن إسحاق كما في الفتح: 3/373، طبع السلفية، وانظر: المستدرك: 1/411، والمحلى: 6/130، ونصب الراية: 2/417 - 418) وكذلك فعل من الصحابة لما كثر القمح في زمنهم: رأوا أن نصف صاع منه يقوم مقام صاع من الشعير، كما قال ابن المنذر.
فالذي يطمئن إليه القلب من الروايات: أن الصاع ثابت بالنص في الأطعمة الأربعة (التمر والشعير والزبيب والأقط) ولم يثبت عنه صاع من قمح، على التحقيق. كما لم تصل أحاديث نصف الصاع منه إلى درجة الصحة، وأما من جعل المقدار نصف صاع من القمح -كمعاوية ومن وافقه من الصحابة رضي الله عنهم- بدل صاع من شعير أو تمر، فقد فعل ذلك بالاجتهاد، بناء على أن قيم ما عدا القمح متساوية، وكان القمح إذ ذاك غالى الثمن. لكن يلزم على قولهم أن تعتبر القيمة في كل زمان وفي كل بلد، فيختلف الحال ولا ينضبط، وربما لزم في بعض الأحيان آصع (جمع صاع) من قمح (فتح الباري: 3/374 - طبع السلفية).
وفي زيارة لي إلى باكستان ذكر لي بعض العلماء هناك: أن قيمة القمح عندهم أدنى بكثير جدًا من قيمة التمر، فكيف يكون الواجب فيه نصف الواجب في التمر؟ وكذلك الزبيب فهو الآن في معظم البلدان أغلى من القمح ومن التمر أيضًا!
ولا يخلصنا من هذه الإشكالات إلا اعتبار الصاع هو الأساس.
ومما يدل على أن الصحابة رضي الله عنهم لحظوا ما قلناه من اعتبار القيمة ما ذكرناه عن الإمام علي حين رأى رخص الأسعار بالبصرة، حيث قال لهم: اجعلوه صاعًا من بر وغيره. فدل على أنه كان ينظر إلى القيمة في ذلك كما قال الحافظ (فتح الباري - المرجع السابق).
فعلى هذا، ينبغي أن يكون الأصل هو الصاع من غالب قوت البلد أو الشخص، كما سيأتي، وإذا أريد إخراج القمح وكان غاليًا. جاز إخراج نصف صاع منه إذا كانت قيمته تساوى صاعًا من القوت الغالب السائد. بناء على اجتهاد الصحابة في إخراج القمح بالقيمة.
وإخراج الصاع أحوط في الأحوال كلها، خروجًا من الخلاف واتباعًا للنص الثابت بيقين، الذي يخرج المسلم مما يريبه إلى ما لا يريبه، ومن أوسع الله عليه فليوسع. كما قال علي رضي الله عنه.

هل تجوز الزيادة على الصاع؟

من الغريب أنى وجدت في بعض كتب المالكية: "أنه يندب للمزكي ألا يزيد على الصاع، بل تكره الزيادة عليه ؛ لأنه تحديد من الشارع، فالزيادة عليه بدعة مكروهة، كالزيادة في التسبيح على ثلاث وثلاثين، وهذا إذا تحققت الزيادة، وأما مع الشك فلا" (انظر الشرح الكبير للدردير: 1/508).
والذي أراه أن هذا التنظير أو التشبيه غير مسلم ؛ فإن الزكاة ليست من الشئون التعبدية المحض كالصلاة وما يتعلق بها من الذكر والتسبيح. فالزيادة فيها على الواجب لا حرج فيه، بل هو أمر حسن، كما قال القرآن الكريم: (فمن تطوع خيرًا فهو خير له) (البقرة: 184) وذلك في فدية الصيام وهي طعام مسكين.
وقد روى الإمام أحمد وأبو داود عن أبي بن كعب، أن رجلاً وجبت عليه في ماله بنت مخاض، فلم يرض أن يعطيها المصدق ؛ لأنها لا لبن فيها ولا تصلح للحمل والركوب، وأبى إلا أن يعطي ناقة كوماء، ولما رفض أبي أن يقبلها منه ؛ لأنها فوق الواجب عليه، احتكما إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال له: (ذاك الذي عليك. فإن تطوعت بخير آجرك الله فيه، وقبلناه منك) ثم أمر بقبضها منه، ودعا له في ماله بالبركة (رواه أحمد وأبو داود والحاكم وصححه ووافقه الذهبي، وسيأتي بنصه وتمامه في الباب التاسع - الفصل السادس).
وهذا نص في قبول ما زاد عن الواجب، وفيه وعد بزيادة الأجر، لا بالكراهة، وقد قال علي رضي الله عنه: أما إذا أوسع الله عليكم فأوسعوا.
على أنه لو صحت بدعية التطوع بالزيادة لكانت محرمة لا مكروهة فقط، فكل بدعة ضلالة.
نعم يمكن أن يقال ذلك فيمن يزيد على الصاع من باب الغلو والتنطع، لا من باب السخاء والتطوع، وفي الصحيح: (هلك المتنطعون) (رواه أحمد ومسلم وأبو داود عن ابن مسعود).

مقدار الصاع

وقد حققنا فيما تقدم أن الصاع يساوى سدس كيلة مصرية أي قدح وثلث مصري. كما في شرح الدردير وغيره، وهو يساوى بالوزن بالجرامات 2156 (وذلك حسب الوزن بالقمح).
وإذا كان هذا هو وزن الصاع من القمح فقد قالوا: إن ما عداه من الأصناف أخف منه. فإذا أخرج منها مقدار ذلك وزنًا كانت أكثر من صاع.
فإن كان هناك صنف يقتات منه الناس وهو أثقل من القمح -كالأرز مثلاً- فالواجب الزيادة على الوزن المذكور بما يوازي الفرق.
ومن هنا رأى بعض العلماء الاعتماد على الكيل دون الوزن ؛ لأن في الحبوب الخفيف والثقيل.
قال الإمام النووي في الروضة: قد يستشكل ضبط الصاع بالأرطال، فإن الصاع المخرج به في زمن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مكيال معروف، ويختلف قدره وزنًا باختلاف جنس ما يخرج، كالذرة والحمص وغيرهما، وفيه كلام طويل، فمن أراد تحقيقه راجعه في "شرح المهذب "، ومختصره: أن الصواب ما قاله الإمام أبو الفرج الدارمي من أصحابنا: أن الاعتماد في ذلك على الكيل، دون الوزن، وأن الواجب أن يخرج بصاع معاير بالصاع الذي كان يخرج به في عصر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وذلك الصاع موجود، ومن لم يجده وجب عليه إخراج قدر يتيقن أنه لا ينقص عنه، وعلى هذا فالتقدير بخمسة أرطال وثلث تقريبًا (كذا، ولعل الصواب: تقريب أو تقريبي) وقال جماعة من العلماء: الصاع أربع حفنات بكفي رجل معتدل الكفين، والله أعلم" أ هـ (الروضة: 2/301 - 302).
هذا ما قاله النووي ؛ وقد يشق اعتبار ما قاله في عصرنا الذي أصبح كل شيء فيه يقدر بالوزن تقريبًا.
وقال ابن حزم: وجدنا أهل المدينة لا يختلف منهم اثنان في أن مد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الذي يؤدى به الصدقات ليس بأكثر من رطل ونصف ولا دون رطل وربع، وقد قال بعضهم: هو رطل وثلث.
قال: وليس هذه اختلافًا، ولكنه على حسب رزانة المكيل من البر والتمر والشعير (المحلى: 5/245).
وذكر في المغني عن أحمد قال: صاع ابن أبي ذئب خمسة أرطال وثلث. قال أبو داود: وهو صاع النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: والأولى لمن أخرج من طعام ثقيل الوزن أن يزيد شيئًا احتياطًا (المغني: 3/59).
أما الحنفية فالصاع عندهم ثمانية أرطال، كما ذكرناه في زكاة الزرع، فهو يساوى صاعًا ونصفًا عند الجمهور. فنصفه يساوى ثلثي صاع غيرهم وقدره (أي النصف) بعض مشايخ الحنفية بقدح وسدس بالمصري، وبعضهم بقدح وثلث (رد المحتار: 2/83 - 84).
وبهذا يكون المقدار الواجب في القمح عند الفريقين واحدًا في النتيجة، رغم احتدام النزاع، ولكن يظهر الفرق شاسعًا في إخراج ما عدا القمح، حيث يخرج الحنفي ضعف غيره، على هذا التقدير.
ومن لم يكن عنده مكيال ولا ميزان. فليخرج أربعة أمداد، والمد -كما قالوا- ملء كفى الرجل المعتدل، وأربع حفنات على هذه الطريقة تساوى صاعًا، ومن تطوع خيرًا فهو خير له.

الأجناس التي يخرج منها

نصت الأحاديث الواردة في زكاة الفطر على أصناف معينة من الطعام، وهي التمر والشعير والزبيب والأقط -وهو اللبن المجفف الذي لم ينزع زبده- وزادت بعض الروايات: القمح، وبعضها: السلت أو الذرة. فهل هذه الأصناف تعبدية ومقصودة لذاتها، بحيث لا يجوز للمسلم العدول عنها إلى غيرها من أصناف الأطعمة والأقوات؟
أما المالكية والشافعية فقالوا: هذه الأصناف ليست تعبدية ولا مقصودة لذاتها، ولهذا كان الواجب على المسلم أن يخرج فطرته من غالب قوت البلد، وفي قول: من غالب قوت الشخص نفسه.
وهل القوت المنظور له هو الأغلب في العام كله؟ أم الأغلب في رمضان خاصة؟ أم في يوم الإخراج؟ أم في يوم الوجوب؟
احتمالات ذكرها المالكية، ومال بعضهم إلى اعتبار يوم الإخراج، ولكن رجح آخرون اعتبار الأغلب في رمضان (حاشية الدسوقي: 1/505).
وعند الشافعية قال الغزالي في "الوسيط": المعتبر غالب قوت البلد وقت وجوب الفطرة لا في جميع السنة، وقال في الوجيز: غالب قوت البلد يوم الفطر (الروضة: 2/305).
واشترط المالكية أن يكون غالب القوت من أصناف تسعة حددوها، وهي: الشعير والتمر والزبيب والقمح والذرة والسلت والأرز والدخن والأقط. فمتى وجدت التسعة أو بعضها وتساوت في الاقتيات خير في الإخراج من أيها شاء، ومع غلبة واحد منها تعين الإخراج منه، كما إذا انفرد، وإن وجدت أو بعضها واقتيت غيرها تعين الإخراج منها تخييرًا.
ولم أجد لهذه التشقيقات والتفريعات دليلاً يستند إليه، ولهذا قال بعض محققي المذهب: إنه متى اقتيت غير التسعة أخرج مما يقتات، ولو وجدت التسعة أو بعضها.
والمراد بالاقتيات: أن يصبح قوته وعيشه منه في زمن الرخاء والشدة معًا لا في زمن الشدة وحده.
ولهذا أجازوا إخراج اللحم واللبن ونحوه ما دام قوتًا، ويخرجه حينئذ بالوزن. أما الدقيق فاختلفوا فيه.
وعرض المالكية هنا لمسألة، وهي ما إذا اقتات الشخص ما هو أدنى وأدون من قوت البلد، وحاصل ما قالوا: أن من اقتات الأدون لعجز عن قوت البلد أجزأ اتفاقًا، وإن كان لبخل وشح لم يجز اتفاقًا، وإن كان لهضم نفس أو لعادته، كبدوي يأكل الشعير بحاضرة يقتات أهلها القمح، ففيه خلاف، والمعتمد هو الإجزاء (الشرح الكبير بحاشية الدسوقي: 1/506 - 507).
وعند الشافعية: كل ما يجب فيه العشر من الحبوب والثمار -وهو ما يقتات في حالة الاختيار لا الضرورة-فهو صالح لإخراج الفطرة، وحكى قول قديم عن الشافعي: أنه لا يجزئ فيها الحمص والعدس، والمذهب المشهور هو الأول.
وترددوا في الأقط، وقال النووي: ينبغي أن يقطع بجوازه، لصحة الحديث فيه من غير معارض.
والأصح أن اللبن والجبن في معناه، ولكن قالوا: لا يجزئ الجبن ال***** زبده، كما لا يجزئ الأقط المملح الذي أفسد كثرة الملح جوهره، ومثله أيضًا المسوس والمعيب من الحبوب.
ويجزئ الحب القديم وإن قلت قيمته إذا لم يتغير طعمه ولونه، ولا يجزئ الدقيق ولا السويق ولا الخبز، كما لا يجزئ القيمة وقال بعضهم: يجزئ لأن المقصود إشباع المسكين في هذا اليوم.
وفي الواجب من الأجناس المجزئة ثلاثة أوجه، أصحها عند الجمهور: غالب قوت البلد، والثاني: قوت نفسه، والثالث: يتخير بين الأجناس.
قالوا: وإذا أوجبنا قوت نفسه أو البلد، فعدل إلى ما دونه، لم يجز، وإن عدل إلى أعلى منه جاز بالاتفاق.
وإذا اعتبرنا قوت نفسه وكان يليق به البر وهو يقتات الشعير بخلاً لزمه البر، ولو كان يليق به الشعير، فكان يتنعم ويقتات البر، فالأصح: أنه يجزئه الشعير، والقول الثاني: يتعين البر (الروضة للنووي: 2/303).
وإذا أوجبنا غالب قوت البلد وكانوا يقتاتون أجناسًا لا غالب فيها، أخرج ما شاء، والأفضل أن يخرج من الأعلى (المرجع السابق ص305).
وظاهر مذهب أحمد: أنه لا يجوز العدول عن الأصناف الخمسة المنصوص عليها مع قدرته عليها، سواء أكان المعدول إليه قوت بلده أو لم يكن المغني المرجع السابق: 3/62).
ويجوز عند أبي حنيفة وأحمد إخراج الدقيق والسويق ؛ لأنه مما يكال وينتفع به الفقير، وقد كفى مؤنة الطحن (نفس المرجع).
والذي يظهر أن النبي -صلى الله عليه وسلم- إنما حدد الأصناف المذكورة ؛ لأنه كانت هي الأقوات المتداولة في البيئة العربية عندئذ. فلو أن قومًا يعيشون على الأرز كما في اليابان مثلاً، كانت فطرتهم مما يتقوتون به، ولو كان قوم يعيشون على الأذرة، كما في الريف المصري لكان واجبهم هو الأذرة. فلهذا أرجح أن يخرج المرء فطرته من غالب قوت بلده أو من غالب قوته إذا كان أفضل من قوت البلد.
وعند ابن حزم: لا يجزئ شيء غير التمر أو الشعير، لا زبيب ولا قمح ولا دقيق ولا أقط ولا غيرها، وأطال في الاحتجاج لذلك، ورد سائر الأحاديث المخالفة، وشنع على مخالفي رأيه كعادته (المحلى: 6/118 وما بعدها).
ومما استدل به ما رواه بمسنده عن أبي مجلز قال: قلت لابن عمر: إن الله قد أوسع، والبر أفضل من التمر؟ يعنى: في صدقة الفطر: فقال له ابن عمر: إن أصحابي سلكوا طريقًا، فأنا أحب أن أسلكه (المرجع السابق ص 127).
ويبالغ ابن حزم في الاستدلال بهذا الأثر، حتى ليكاد يجعله إجماعًا من الصحابة. برغم الآثار الكثيرة الوفيرة التي جاءت بخلافه، ويكفى أن أذكر هنا تعليق العلامة الشيخ أحمد شاكر على رأى ابن حزم هذا، في حاشية المحلى حيث قال: "من تأمل في طريق الأحاديث الواردة في زكاة الفطر، وفقه معناها مع اختلاف ألفاظها عن الصحابة رضي الله عنهم، علم أن ابن حزم لا حجة له في الاقتصار على إخراج التمر والشعير، وهذا معاوية بحضرة الصحابة رضي الله عنهم رأى مدين من سمراء الشام، بدل صاع من شعير أو غيره، ولم ينكر عليه ذلك أحد -أي إخراج القمح موضع الشعير- وإنما أنكر أبو سعيد المقدار، فرأى إخراج صاع من قمح، وابن عمر إنما كان يخرج في خاصة نفسه ما كان يخرج في عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولم ينكر على من أخرج غير ذلك، ولو رأى عمل الناس باطلاً، وهم الصحابة والتابعون، لأنكره أشد إنكار، وقد كان رضي الله عنه يتشدد في أشياء، لا على سبيل التشريع، بل على سبيل الحرص على الاتباع فقط، كما كان ينزل في مواضع نزول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولم ير أحد من المسلمين ذلك واجبًا، والزكاة إنما جعلت لإغناء الفقير عن الطواف في يوم العيد، والأغنياء يتمتعون بمالهم وعيالهم ولينظر امرؤ لنفسه: هل يرى أنه يغني الفقير عن الطواف إذا أعطاه صاع تمر أو صاع شعير، في بلد مثل القاهرة، في مثل هذه الأيام؟! وماذا يفعل بهما الفقير إلا أن يطوف ليجد من يشتريهما ببخس من القيمة، ليبتاع لنفسه أو لأولاده ما يتقوتون به؟!" (هامش المحلى:6/131 - 132).

إخراج القيمة

أما إخراج القيمة فلم يجزه الأئمة الثلاثة في زكاة الفطر وفي سائر الزكوات. سئل أحمد عن عطاء الدراهم في صدقة الفطر فقال: أخاف ألا يجزئه ؛ خلاف سنة رسول لله.
وقيل له: قوم يقولون: عمر بن عبد العزيز كان يأخذ القيمة؟
قال: يدعون قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ويقولون: قال فلان؟ قال ابن عمر:"فرض رسول الله -صلى الله عليه وسلم-"… الحديث، قال الله تعالى: (أطيعوا الله وأطيعوا الرسول) (النساء:59).
فهو يرى دفع القيمة مخالفة لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهذا قول مالك والشافعي (المغني:3/65).
وكذلك قال ابن حزم: لا تجزئ قيمة أصلاً، لأن ذلك غير ما فرض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والقيمة في حقوق الناس لا تجوز إلا بتراضٍ منهما، وليس للزكاة مالك معين فيجوز رضاه أو إبراؤه (المحلى: 6/137).
وقال الثوري وأبو حنيفة وأصحابه: يجوز إخراج القيمة، وقد روي ذلك عن عمر بن عبد العزيز والحسن البصري (المغني:3/65 وفي المحلى: 6/10: "صح ذلك عن عمر بن عبد العزيز").
روى ابن أبي شيبة عن عون قال: سمعت كتاب عمر بن عبد العزيز يقرأ إلى عدى بالبصرة (وعدى هو الوالي): "يؤخذ من أهل الديوان من أعطياتهم من كل إنسان نصف درهم " (مصنف ابن أبي شيبة: 4/37 -38).
وعن الحسن قال: لا بأس أن تعطى الدراهم في صدقة الفطر (المرجع السابق).
وعن أبي إسحاق قال: أدركتهم وهم يؤدون في صدقة رمضان الدراهم بقيمة الطعام.
وعن عطاء: أنه كان يعطي في صدقة الفطر ورقًا (دراهم فضية) (نفس المرجع).
( أ ) ومما يدل لهذا القول أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (أغنوهم -يعنى المساكين- في هذا اليوم) والإغناء يتحقق بالقيمة، كما يتحقق بالطعام، وربما كانت القيمة أفضل، إذ كثرة الطعام عند الفقير تحوجه إلى بيعها، والقيمة تمكنه من شراء ما يلزمه من الأطعمة والملابس وسائر الحاجات.
( ب ) كما يدل على جواز القيمة ما ذكره ابن المنذر من قبل: أن الصحابة أجازوا إخراج نصف الصاع من القمح ؛ لأنهم رأوه معادلاً في القيمة للصاع من التمر أو الشعير، ولهذا قال معاوية: "إني لأرى مدين من سمراء الشام تعدل صاعًا من التمر"
(جـ) ثم إن هذا هو الأيسر بالنظر لعصرنا وخاصة في المناطق الصناعية التي لا يتعامل الناس فيها إلا بالنقود. كما أنه -في أكثر البلدان وفي غالب الأحيان- هو الأنفع للفقراء.
والذي يلوح لي: أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- إنما فرض زكاة الفطر من الأطعمة لسببين: الأول: لندرة النقود عند العرب في ذلك الحين، فكان إعطاء الطعام أيسر على الناس، والثاني: أن قيمة النقود تختلف وتتغير قوتها الشرائية من عصر إلى عصر، بخلاف الصاع من الطعام فإنه يشبع حاجة بشرية محددة، كما أن الطعام كان في ذلك العهد أيسر على المعطي، وأنفع للآخذ، والله أعلم بالصواب.
وقد فصلنا القول في موضوع "دفع القيمة" في الزكوات عامة في باب "طريقة أداء الزكاة" فليرجع إليه.


مسائل تتعلق بدفع القيمة

بقيت هنا بعض مسائل تتعلق بإخراج القيمة ذكرها علماء الحنفية:
الأولى: أن المراد بدفع القيمة قيمة الحنطة أو الشعير أو التمر، يؤدى قيمة أي الثلاث شاء عن أبي حنيفة وأبي يوسف وقال محمد: يؤدى قيمة الحنطة (الدر المختار وحاشيته "رد المحتار": 2/80).
والذي أختاره: أن يدفع قيمة صاع من غالب قوت البلد، من أوسط الأصناف، فإن كان من أجودها فهو أحسن.
الثانية: أنه لا يجوز أداء الأجناس المنصوص عليها بعضها عن بعض باعتبار القيمة. فكما لا يجوز إخراج الحنطة عن الحنطة باعتبار القيمة ؛ بأن يؤدى نصف صاع من حنطة جيدة عن صاع من حنطة وسط، لا يجوز إخراج تمر أو شعير عن الحنطة باعتبار القيمة، بأن، يؤدى نصف صاع تمر مثلاً تبلغ قيمته نصف صاع من حنطة، عن الحنطة، بل يقع عن نفسه، وعليه تكميل الباقي ؛ لأن القيمة إنما تعتبر في غير المنصوص عليه (ذكر ذلك في رد المحتار: 2/83 نقلاً عن البدائع).
الثالثة: اختلف الحنفية: أيهما أفضل: دفع القيمة أم إخراج المنصوص عليه؟
فقال بعضهم: دفع الحنطة أفضل في الأحوال كلها، سواء أكانت أيام شدة أم لا ؛ لأن في هذا موافقة للسنة. وفصل آخرون فقالوا: إذا كان الزمن زمن شدة وأزمة في الأقوات، فدفع العين (الحنطة) أفضل وأما في أوقات السعة والرخاء، فدفع القيمة أفضل ؛ لأنها أعون على دفع حاجة الفقير (المرجع السابق).
ومن هذا يتضح لنا أن المدار في الأفضلية على مدى انتفاع الفقير بما يدفع له، فإن كان انتفاعه بالطعام أكثر كان دفعه أفضل، كما في حالة المجاعة والشدة، وإن كان انتفاعه بالنقود أكثر. كان دفعها أفضل.
وينبغي أن يوضع في الحساب انتفاع أسرة الفقير كلها لا نفعه وحده، فقد يأخذ بعض الفقراء ذوي العيال القيمة وينفقها على نفسه أو في أشياء كمالية، على حين أولاده يحتاجون إلى القوت الضروري. فدفع الطعام لهؤلاء أولى.

متى تجب زكاة الفطر؟

اتفق المسلمون على أن زكاة الفطر تجب بالفطر من رمضان، لحديث ابن عمر المتقدم: (فرض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- زكاة الفطر من رمضان) واختلفوا في تحديد وقت الوجوب، فقال الشافعي وأحمد وإسحاق والثوري -ومالك في رواية-: تجب بغروب الشمس من آخر يوم من رمضان ؛ لأنها وجبت طهرة للصائم، والصوم ينتهي بالغروب فتجب به الزكاة.
وقال أبو حنيفة وأصحابه والليث وأبو ثور ومالك -في إحدى روايتيه-: تجب بطلوع الفجر من يوم العيد ؛ لأنها قربة تتعلق بيوم العيد، فلم يتقدم وجوبها يوم العيد، كالأضحية يوم الأضحى (المغني: 3/67 - 68).
والأمر هين، وثمرة الخلاف تظهر في المولود الذي يولد بعد مغيب الشمس وقبل فجر العيد: هل تجب عليه أم لا تجب؟ وكذلك المكلف الذي يموت في هذا الوقت (بداية المجتهد: 1/273).

متى يخرجها؟

روى الشيخان وغيرهما عن ابن عمر: (أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أمر بزكاة الفطر أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة) يريد صلاة العيد، وعن عكرمة قال: يقدم الرجل زكاته يوم الفطر بين يدي صلاته ؛ إن الله تعالى يقول: (قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى) (الأعلى: 14 - 15).
وروى ابن خزيمة من طريق كثير بن عبد الله عن أبيه عن جده أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سئل عن هذه الآية فقال: (نزلت في زكاة الفطر) (نيل الأوطار: 4/195).
ولكن الحديث ضعيف الإسناد، لأن "كثيرًا" ضعيف جدًا عند أئمة الحديث (بل قال الشافعي وأبو داود: إنه ركن من أركان الكذب، وقال ابن حبان: إنه منكر الحديث جدًا، يروى عن أبيه عن جده بنسخة موضوعة ؛ لا يحل ذكره في الكتب إلا على جهة التعجب إلا أن الترمذي يصحح له، وذكر الذهبي أن العلماء لا يعتمدون على تصحيح الترمذي لحديثه. انظر: ميزان الاعتدال: 3/406 - 407، وتهذيب التهذيب: 8/421 - 423، والتاريخ الكبير للبخاري: 4/1 ص 217، والجرح والتعديل 2/2 ص154، والمستدرك للحاكم: 1/128). كما يوهن من هذا الحديث: أن السورة مكية، وزكاة الفطر إنما شرعت بالمدينة بعد فرضية صيام رمضان وشرعية العيدين، وقد يتأول معنى: (نزلت في زكاة الفطر) أن الآية تدل على ذلك بالعبارة أو الإشارة، لا أن زكاة الفطر سبب لنزولها بالمعنى الاصطلاحي!
وقد أخرج البخاري ومسلم عن أبي سعيد: (كنا نخرج في عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوم الفطر، صاعًا من طعام) وظاهره صحة الإخراج في اليوم كله، ولكن الشراح تأولوا بأول اليوم، وهو ما بين صلاة الصبح إلى صلاة العيد، كما في الفتح.
وحمل الشافعي التقييد بـ "قبل الصلاة" على الاستحباب، لقوله عليه الصلاة والسلام: (أغنوهم في هذا اليوم) و (اليوم) يصدق على جميع النهار (فتح الباري: 3/375).
ويرى جمهور الفقهاء أن تأخيرها عن الصلاة مكروه ؛ لأن المقصود الأول منها إغناء الفقير عن السؤال والطلب في هذا اليوم، فمتى أخرها، فات جزء من اليوم دون أن يتحقق هذا الإغناء (المغني: 3/67).
ويرى ابن حزم أن وقتها ينتهي بابيضاض الشمس وحلول وقت صلاة العيد. فالتأخير عنه حرام.
قال: فمن لم يؤدها حتى خرج وقتها، فقد وجبت في ذمته وماله لمن هي له، فهي دين له، وحق من حقوقهم، قد وجب إخراجها من ماله، وحرم عليه إمساكها في ماله، فوجب عليه أداؤها أبدًا، ويسقط بذلك حقهم، ويبقى حق الله في تضييعه الوقت، لا يقدر على جبره إلا بالاستغفار والندامة (المحلى: 6/143).
ومال الشوكاني إلى أن إخراجها قبل الصلاة واجب ؛ لحديث ابن عباس: (فمن أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة، ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات).
ومعنى أنها (صدقة من الصدقات): أي ليس لها الثواب الخاص لزكاة الفطر بوصفها قربة لها وقت معلوم.
وأما تأخيرها عن يوم العيد، فقال ابن رسلان: إنه حرام بالاتفاق ؛ لأنها زكاة واجبة، فوجب أن يكون في تأخيرها إثم، كما في إخراج الصلاة عن وقتها (نيل الأوطار: 4/195).
وقال في "المغني": فإن أخرها عن يوم العيد أثم ولزمه القضاء (وكذا قال الدردير في الشرح الكبير (1/508): ولا تسقط الفطرة بمعنى زمنها لترتبها في الذمة) وحكى عن ابن سيرين والنخعي الرخصة في تأخيرها عن يوم العيد، وحكاه ابن المنذر عن أحمد، واتباع السنة أولى (المغني: 3/67).
وأما تقديمها وتعجيلها، فمنع منه ابن حزم ولم يسامح في أدائها قبل طلوع فجر يوم الفطر بيوم ولا أقل، وقال: لا يجوز تقديمها قبل وقتها أصلاً (المحلى: 6/143، ومذهب ابن حزم هنا هو مذهب الإمامية أيضًا، كما في فقه الإمام جعفر (2/106) حيث لم يجز تقديمها قبل هلال شوال). بناء على رأيه في عدم جواز تعجيل الزكاة مطلقًا، وهو مخالف لما صح عن الصحابة في تعجيلها.
فروى البخاري عن ابن عمر قالكانوا يعطونها قبل الفطر بيوم أو يومين) والضمير في (كانوا) يرجع إلى أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم-، وهم الذين بهم يقتدى فيهتدى، وإلى هذا ذهب أحمد وقال: لا يجوز أكثر من ذلك يعني يومًا أو يومين.
وهو المعتمد عند المالكية أيضًا، وأجاز بعضهم التقديم إلى ثلاثة أيام (الشرح الكبير بحاشية الدسوقي: 1/508)، وقال بعض الحنابلة: يجوز تعجيلها من بعد نصف الشهر.
وقال الشافعي: يجوز من أول شهر رمضان ؛ لأن سبب الصدقة الصوم والفطر عنه، فإذا وجد أحد السببين جاز تعجيلها كزكاة المال بعد ملك النصاب (المغني: 3/68 - 69).
وقال أبو حنيفة: يجوز تعجيلها من أول الحول ؛ لأنها زكاة، فأشبهت زكاة المال.
وعند الزيدية: يجوز تعجيلها ولو إلى عامين كزكاة المال (البحر 2/196).
وقول مالك وأحمد أحوط وأقرب إلى تحقيق المقصود، وهو إغناؤهم في يوم العيد بالذات.
والقول بجواز إخراجها من بعد نصف الشهر أيسر على الناس، وخاصة إذا كانت الدولة هي التي تتولى جمع زكاة الفطر. فقد تحتاج إلى زمن لتنظيم جبايتها وتوزيعها على المستحقين. بحيث تشرق شمس العيد وقد وصل إليهم حقهم، فشعروا بفرحة العيد وبهجته كما يشعر سائر الناس.
ومثل ذلك إذا تولت زكاة الفطر مؤسسة أو جمعية إسلامية.

الصرف لفقراء المسلمين بالإجماع

قال ابن رشد: أما لمن تصرف؟. فأجمعوا على أنها تصرف لفقراء المسلمين لقوله -صلى الله عليه وسلم- : "أغنوهم"... الحديث.

الخلاف في فقراء أهل الذمة

قال: واختلفوا: هل تجوز لفقراء أهل الذمة؟.
والجمهور على أنها لا تجوز لهم.
وقال أبو حنيفة: تجوز لهم.
وسبب اختلافهم: هل سبب جوازها هو الفقر فقط؟ أو الفقر والإسلام معًا؟ فمن قال: الفقر والإسلام لم يجزها للذميين، ومن قال: الفقر فقط أجازها لهم، واشترط قوم في أهل الذمة الذين تجوز لهم أن يكونوا رهبانًا (بداية المجتهد: 1/73).
روى ابن أبي شيبة عن أبي ميسرة: أنه كان يعطي الرهبان صدقة الفطر (المصنف: 4/39)، وعن عمرو بن ميمون، وعمرو بن شرحبيل، ومرة الهمداني: أنهم كانوا يعطون منها الرهبان (المغني: 3/78).
وهي لفتة إنسانية كريمة تنبئ عن روح الإسلام السمح، الذي لا ينهي عن البر بمخالفيه الذين لم يقاتلوا أهله ويعادوهم، فلا غرو أن تشمل مسرة العيد كل من يعيش في كنف المسلمين، ولو كانوا من الكفار في نظره. على أن هذا إنما يكون بعد أن يستغني فقراء المسلمين أولاً.
وقد فصلنا القول في ذلك في باب مصارف الزكاة.

هل تُفرَّق على الأصناف الثمانية؟

وهل يقتصر صرفها على الفقراء والمساكين أم تعمم على الأصناف الثمانية؟ المشهور من مذهب الشافعي: أنه يجب صرف الفطرة إلى الأصناف الذين تُصرف إليهم زكاة المال، وهم المذكورن في آية: (إنَّمَا الصَّدَقَاتُ) (التوبة: 60)، وتلزم قسمتها بينهم بالسوية (المجموع: 6/144)، وهو مذهب ابن حزم، فإذا فرقها المزكي بنفسه سقط سهم العاملين لعدم وجودهم، والمؤلفة لأن أمرهم إلى الإمام لا إلى غيره (المحلي: 6/143-145).
وردَّ ابن القيم على هذا الرأي فقال: "وكان من هديه -صلى الله عليه وسلم- تخصيص المساكين بهذه الصدقة، ولم يكن يقسمها على الأصناف الثمانية قبضة قبضة، ولا أمر بذلك، ولا فعله أحد من أصحابه، ولا من بعدهم بل أحد القولين عندنا: أنه لا يجوز إخراجها إلا على المساكين خاصة.
وهذا القول أرجح من القول بوجوب قسمتها على الأصناف الثمانية (زاد المعاد: 1/315).
وعند المالكية: إنما تُصرف للفقراء والمساكين، ولا تُصرف لعامل عليها ولا لمؤلف قلبه، ولا في الرقاب، ولا لغارم ولا لمجاهد ولا لابن سبيل يتوصل بها لبلده، بل لا تعطى إلا بوصف الفقر، وإذا لم يوجد في بلدها فقراء نقلت لأقرب بلد فيها ذلك بأجرة من المزكي لا منها، لئلا ينقص الصاع (الشرح الكبير بحاشية الدسوقي: 1/508-509).
فتبين بهذا أن هنا ثلاثة أقوال:
1- قول بوجوب قسمتها على الأصناف الثمانية -أو مَن وجد منهم- بالسوية، وهو المشهور عند الشافعية.
2- وقول بجواز قسمتها على الأصناف، وجواز تخصيصها بالفقراء، وهو قول الجمهور؛ لأنها صدقة فتدخل في عموم قوله تعالى: (إنما الصدقاتً للفُقَراءِ والمسَاكِينِ) (التوبة: 60)…. الآية.
3- وقول بوجوب تخصيصها بالفقراء، وهو مذهب المالكية -كما ذكرنا- وأحد القولين عند أحمد، ورجحه ابن القيم، وشيخه ابن تيمية.
وإلى هذا القول ذهب الهادي والقاسم وأبو طالب: أن الفطرة تُصرف في الفقراء والمساكين دون غيرهم من مصارف الزكاة الثمانية، لما جاء في الأحاديث أنها: (طعمة للمساكين)، ولحديث: (أغنوهم في هذا اليوم) (نيل الأوطار: 4/195).
ومع وجاهة هذا القول، وتمشيه مع طبيعة زكاة الفطر، وهدفها الأساسي فأرى ألا نسد الباب بالكلية ونمنع جواز استخدامها في المصارف الأخرى عند الحاجة.
والأحاديث التي ذكروها تدل على أن المقصود الأهم منها إغناء الفقراء بها في ذلك اليوم خاصة، فيجب تقديمهم علي غيرهم إن وجدوا، وهذا لا يمنع أن تُصرف في المصارف الأخرى حسب الحاجة والمصلحة، كما ذكر النبي -صلى الله عليه وسلم- في زكاة الأموال: أنها: (تُؤخذ من أغنيائهم فتُرد على فقرائهم)، ولم يمنع ذلك أن تُصرف في الجهات الأخرى التي أرشدت إليها الآية الكريمة.
وبهذا يتضح: أن القول الذي نختاره، هو تقديم الفقراء على غيرهم إلا لحاجة ومصلحة إسلامية معتبرة.
والقول الصحيح الذي عليه أكثر الفقهاء أن للشخص الواحد أن يدفع فطرته إلى مسكين أو عدة مساكين، كما أن للجماعة أن يدفعوا فطرتهم إلى مسكين واحد؛ إذ لم يفصل الدليل (البحر الزخار: 2/197).
وكره بعضهم دفع الواحد إلى عدد؛ لأنه لا يتحقق به الإغناء المأمور به في الحديث، ومثل ذلك دفع جماعة كثيرة فطرتهم إلى واحد يؤثرونه بها، مع وجود غيره ممن هو مثله في الحاجة أو أحوج منه، دون مسوغ يقتضي هذا الإيثار (انظر: الدر المختار وحاشيته: 2/85، والشرح الكبير بحاشية الدسوقي: 1/508).

من لا تُصرف له زكاة الفطر

وما دامت صدقة الفطر زكاة، فلا يجوز دفعها إلى كل من لا يجوز دفع زكاة المال إليه، من كافر معاد للإسلام، أو مرتد، أو فاسق يتحدى المسلمين بفسقه، أو غني بماله أو كسبه، أو متبطل قادر على الكسب ولا يعمل، أو والد، أو ولد، أو زوجة؛ لأن المسلم حين يدفعها إلى هؤلاء كأنما يدفعها إلى نفسه، وقد فصلنا ذلك في باب "مصارف الزكاة".

فقراء البلد أولى

وما قلناه في نقل زكاة المال نقوله هنا، وهو: أن الأصل أن توزع الفطرة في البلد الذي وجبت فيه، وهو البلد الذي فيه المزكي، للاعتبارات التي ذكرناها هناك، ولأن زكاة الفطر خاصة بمثابة إسعاف سريع في مناسبة خاصة، هي مناسبة العيد، فأولى الناس به الجيران وأهل البلد.
إلا إن عدم الفقراء فيه، فتنقل إلى ما قرب منه كما ذكرنا عن المالكية، وقال في البحر: تُكره في غير فقراء البلد إلا لغرض أفضل

وتقبلو تحياتى وكل عام وانتم بخير

 
قديم 18/9/2008, 01:47 AM   رقم المشاركة : ( 7 )
azzam1000
مـهـند س مـمـيـز


الملف الشخصي
رقم العضوية : 94178
تاريخ التسجيل : Apr 2008
العمـر :
الجنـس :
الدولـة : مصر- حلوان
المشاركات : 680 [+]
آخر تواجـد : ()
عدد النقاط : 10
قوة الترشيـح : azzam1000 يستاهل التميز

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

azzam1000 غير متصل

افتراضي رد: ســـــــــؤال اليــــــــــوم الســــــابــع عشــــر

حكمتها ومشروعيتها?



حكمها : زكاة الفطر فريضة على كل مسلم ؛ الكبير والصغير ، والذكر و الأنثى ، و الحر والعبد ؛ لحديث ابن عمر رضي الله عنهما قال : " فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر من رمضان صاعاً من تمر ، أو صاعاً من شعير ؛ على العبد والحر ، والذكر والأنثى ، والصغير والكبير من المسلمين . و أمر بها أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة " أخرجه البخاري .
• فتجب على المسلم إذا كان يجد ما يفضل عن قوته وقوت عياله يوم العيد وليلته ، فيخرجها عن نفسه ، وعمن تلزمه مؤنته من المسلمين كالزوجة والولد. و الأولى أن يخرجوها عن أنفسهم إن استطاعوا ؛ لأنهم هم المخاطبون بها . أما الحمل في البطن فلا يجب إخراج زكاة الفطر عنه ؛ لعدم الدليل . وما روي عن عثمان رضي الله عنه ، وأنه " كان يعطي صدقة الفطر عن الحَبَل " فإسناده ضعيف


حكم إخراج قيمتها ?

حكم إخراج قيمتها : لا يجزئ إخراج قيمتها ، وهو قول أكثر العلماء ؛ لأن الأصل في العبادات هو التوقيف ، ولم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أو أحدٍ من أصحابه أنه أخرج قيمتها ، وقد قال عليه الصلاة والسلام : " من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد " أخرجه مسلم


حكمة زكاة الفطر ?

حكمة زكاة الفطر : ما جاء في حديث عبدالله بن عباس رضي الله عنهما قال : " فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث ، وطعمة للمساكين . من أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة ، ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات " أخرجه أبوداود وابن ماجة بسند حسن

جنس الواجب فيها ?

جنس الواجب فيها : طعام الآدميين ؛ من تمر أو بُر أو أرز أو غيرها من طعام بني آدم . قال أبو سعيد الخدري رضي الله عنه : " كنا نخرج يوم الفطر في عهد رسول النبي صلى الله عليه وسلم صاعاً من طعام ، وكان طعامنا الشعير والزبيب و الأقط والتمر " أخرجه البخاري .

وقت إخراجها ?

وقت إخراجها : قبل العيد بيوم أو يومين كما كان الصحابة يفعلون ؛ فعن نافع مولى ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال في صدقة التطوع : " و كانوا يعطون قبل الفطر بيوم أو يومين " أخرجه البخاري ، وعند أبي داود بسند صحيح أنه قال : " فكان ابن عمر يؤديها قبل ذلك باليوم واليومين ".
و آخر وقت إخراجها صلاة العيد ، كما سبق في حديث ابن عمر ، وابن عباس رضي الله عنهم


مقدارها ?
مقدارها : صاع عن كل مسلم لحديث ابن عمر السابق .
والصاع المقصود هو صاع أهل المدينة ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم جعل ضابط ما يكال ، بمكيال أهل المدينة كما في حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " المكيال على مكيال أهل المدينة والوزن على وزن أهل مكة " أخرجه أبو داود والنسائي بسند صحيح . والصاع من المكيال ، فوجب أن يكون بصاع أهل المدينة في زمن النبي صلى الله عليه وسلم .
وقد وقفت على مدٍ معدول بمد زيد بن ثابت رضي الله عنه عند أحد طلاب العلم الفضلاء ، بسنده إلى زيد بن ثابت رضي الله عنه فأخذت المد و عدلته بالوزن لأطعمة مختلفة ، و من المعلوم أن الصاع أربعة أمداد فخرجت بالنتائج الآتية :
أولاً : أن الصاع لا يمكن أن يعدل بالوزن ؛ لأن الصاع يختلف وزنه باختلاف ما يوضع فيه ، فصاع القمح يختلف وزنه عن صاع الأرز ، وصاع الأرز يختلف عن صاع التمر ، والتمر كذلك يتفاوت باختلاف أنواعه ، فوزن ( الخضري ) يختلف عن ( السكري ) ، و المكنوز يختلف عن المجفف حتى في النوع الواحد ، وهكذا.
ولذلك فإن أدق طريقة لضبط مقدار الزكاة هو الصاع ، وأن يكون بحوزة الناس.
ثانياً : أن الصاع النبوي يساوي : (3280 مللتر ) ثلاث لترات و مائتان وثمانون مللتر تقريباً .




المستحقون لزكاة الفطر ?


المستحقون لزكاة الفطر : هم الفقراء والمساكين من المسلمين ؛ لحديث ابن عباس رضي الله عنهما السابق : " .. وطعمة للمساكين " .

تنبيه : من الخطأ دفعها لغير الفقراء و المساكين ، كما جرت به عادة بعض الناس من إعطاء الزكاة للأقارب أو الجيران أو على سبيل التبادل بينهم و إن كانوا لا يستحقونها ، أو دفعها لأسر معينة كل سنة دون نظر في حال تلك الأسر ؛ هل هي من أهل الزكاة أو لا ؟ .
• مكان دفعها تدفع إلى فقراء المكان الذي هو فيه ، و يجوز نقلها إلى بلد آخر على القول الراجح ؛ لأن الأصل هو الجواز ، و لم يثبت دليل صريح في تحريم نقلها .
 
 

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:12 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir

Google Adsense Privacy Policy | سياسة الخصوصية لـ جوجل ادسنس

الساده الاعضاء و زوار منتديات المهندسين العرب الكرام , , مشاهده القنوات الفضائيه بدون كارت مخالف للقوانين والمنتدى للغرض التعليمى فقط

RSS RSS 2.0 XML MAP HTML

^-^ جميع آلمشآركآت آلمكتوبهـ تعبّر عن وجهة نظر صآحبهآ ,, ولا تعبّر بأي شكلـ من آلأشكآل عن وجهة نظر إدآرة آلمنتدى ~