عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 23/8/2008, 10:05 AM
الصورة الرمزية انور حافظ احمد
 
انور حافظ احمد
نـجـم الـنجوم الـمـميز بـالـمهندسين الـعرب

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  انور حافظ احمد غير متصل  
الملف الشخصي
رقم العضوية : 35687
تاريخ التسجيل : Oct 2006
العمـر :
الـجنـس :
الدولـة : الاسماعيلية
المشاركـات : 10,233 [+]
آخــر تواجـد : ()
عدد الـنقـاط : 25
قوة التـرشيـح : انور حافظ احمد يستاهل التميز
new اتقوا الله وكونوا مع الصادقين



آيات كافيات (15)

قصة الآية التي نحن بصدد الحديث عنها وهي الآية (119) من سورة التوبة والآيتين السابقتين عليها قصة مثيرة، فهي قصة الثلاثة الذين تخلفوا عن غزوة تبوك من دون عذر وهم هلال بن أمية وكعب بن مالك ومرارة بن الربيع، وعندما عاد النبي صلى الله عليه وسلم من تبوك جاءه المخلَّفون فطفقوا يعتذرون إليه ويحلفون له وكانوا بضعة وثمانين رجلا فقبل منهم رسول الله صلى الله عليه وسلم علانيتهم وبايعهم واستغفر لهم ووكل سرائرهم إلى الله وقال كعب بن مالك ( أحد الثلاثة الذين خُلفوا ) فجئت رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما سلمت عليه تبسم تبسم المغضب ثم قال تعال، فجئت أمشي حتى جلست بين يديه فقال لي: ما خَلَفَكَ ؟ الم تكن قد اشتريت ظهرك ؟ . (أي ما يركبه أثناء السير إلى المعركة من الراحلة )، قال كعب: فقلت يا رسول الله، إني لو جلست عند غيرك من أهل الدنيا لرأيت أن أخرج من سخطه بعذر، لقد أعطيت جدلا ( أي أنه صاحب حجة ) ولكنه والله لقد علمت لئن جئتك اليوم حديث كذب ترضى به عنى ليوشكن الله بسخطك علي، ولئن حدثتك بصدق تجد عليَ به إني لأرجو قرب عقبي من الله تعالى، والله ما كان لي عذر، والله ما كنت قط أفرغ ولا أيسر مني حين تخلفت عنك . قال ( أي كعب ): فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أما هذا فقد صدق فقم حتى يقضي الله فيك .

وخَلف رسول الله صلى الله عليه وسلم الثلاثة الذين صدقوا ( مرارة بن الربيع العامرى، وكعب بن مالك، وهلال بن أميه الواقفى ) ولم يقبل توبتهم وقاطعهم المسلمون خمسين ليله ( حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت وضاقت عليهم أنفسهم وظنوا ألا ملجأ من الله إلا إليه ) التوبة (118) تاب الله عليهم , ثم قال الله تعالى ( لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار الذين اتبعوه ساعة العسرة من بعد ما كاد يزيغ قلوب فريق منهم ثم تاب عليهم انه بهم رؤوف رحيم ) الآية (117) .

ثم قال: (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين ) التوبة (119) .

- الصابوني وتفسير الآيات:

قال الصابوني في صفوة التفاسير ( وعلى الثلاثة الذين خلفوا ): أي وتاب كذلك على الثلاثة الذين تخلفوا عن الغزوة ( وخلفهم رسول الله وهم كعب بن مالك، وهلال بن أمية, ومرارة بن الربيع ) ( حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت ) أي ضاقت عليهم مع وسعها ( وضاقت عليهم أنفسهم ) أي ضاقت أنفسهم بما اعتراها من الغم ومما حدث لهم بعد أن خلفهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ( وظنوا أن لا ملجأ من الله إلا إليه ) أي أيقنوا أنه لا معتصم لهم من الله ومن عذابه إلا بالرجوع والإنابه إليه سبحانه ( ثم تاب عليهم ليتوبوا ) أي رجع عليهم بالقول والرحمة ليستقيموا على التوبة ويداوموا عليها ( إنه هو التواب الرحيم ) أي المبالغ في قبول التوبة وإن كثرت الجنايات وعظمت، المتفضل على العباد بالرحمة الشاملة ( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين )

أي راقبوا الله في جميع أفعالكم وأقوالكم وكونوا مع أهل الصدق واليقين الذين صدقوا في الدين قولا وعملا (انتهى) .

- السعدي وتفسير الآيات:

قال الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله في تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان في قوله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا ) بالله، وبما أمر الله بالإيمان به، قوموا بما يقتضيه الإيمان وهو القيام بتقوى الله باجتناب ما نهى الله عنه والبعد عنه

(وكونوا مع الصادقين) في أقوالهم، وأفعالهم، وأحوالهم، الذين أقوالهم صدق وأعمالهم، وأحوالهم، لا تكون إلا صدقاً خالية من الكسل والفتور، سالمة من المقاصد السيئة، مشتملة على الإخلاص والنية الصالحة، فإن الصدق يهدي إلى البر، وان البر يهدي إلى الجنة قال تعالى(هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم) الآية (انتهى).

- ابن كثير وتفسير الآية:

- قال ابن كثير رحمه الله في تفسير القرآن العظيم في قوله تعالى :

(يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين)، أي:اصدقوا والزموا تكونوا مع أهله، وتنجوا من المهالك، ويجعل لكم فرجا من أموركم ومخرجا.

وقال:قال شعبة:عن عمرو بن مرة، سمع أبا عبيدة يحدث عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه-أنه قال:الكذب لا يصلح منه جد ولا هزل اقرؤوا إن شئتم (يا أيها الذين أمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين )مع محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه . وقال الضحاك:مع أبي بكر وعمر وأصحابهما: وقال الحسن البصري:إن أردت أن تكون مع الصادقين فعليك بالزهد في الدنيا والكف عن أهل الملة (انتهى) .

رسول الله صلى عليه وسلم يعلمنا الصدق:

-في السنة النبوية المطهرة العديد من الأحاديث النبوية المطهرة، والأفعال المقررة، والإقرارات ما يؤكد على الصدق في حياة المسلمين وأهميته قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (تحروا الصدق وان رأيتم الهلكة فيه، فان فيه النجاة ) ابن أبي الدنيا .

- وعن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:إن الصدق يهدي إلى البر وإن البر يهدي إلى الجنة، وإن الرجل ليصدق حتى يكتب عند الله صديقا، وإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار وإن الرجل ليكذب حتى يكتب عند الله كذاب ) متفق عليه .

- وسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أيكون المؤمن جبانا؟قال:نعم، قيلل له:أيكون المؤمن بخيلا ؟قال:نعم، قيل له:أيكون المؤمن كذابا ؟ قال لا "أصحابهما تت رواه مالك .

- وعن أبي هريرة رضي الله عنه إن رسول الله صلى الله عليه وسلم (قال:آية المنافق ثلاث: إذا حَدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا أؤتمن خان )متفق عليه.

وخلاصة القول:

أن الصدق في الأقوال، والصدق في الأعمال والصدق في النوايا من صفات المؤمنين .

والكذب والغدر والخيانة من صفات المنافقين وإذا طبقنا الآية السابقة (يا أيها الذين أمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين) التوبة (119) .

- لوفينا بالوعد، وما اتصفنا بالكذب، ولأتقنا العمل لأن إتقان العمل من الصدق ولأطعنا الله ورسوله لأن طاعة الله ورسوله من الصدق، ولعمرنا الكون بالأعمال الصالحة لأن تعمير الكون من الصدق في العمل .

- ولو صدق المعلم لعلم أبناء المسلمين العلم بصدق وإخلاص ونية صادقه .

- ولو صدق المتعلم المسلم لأتقن وأبدع وأطاع في تعلمه ولأصبحنا أمة قوية بأبنائها .

- ولو صدق الحاكم المسلم، لحكم بما أنزل الله، وما سار في ركب أعداء الأمة ولسهر الليل في صالح الرعية ولبكى طويلا من عظم المسئولية .

- ولو صدق المحكوم المسلم لأطاع الحاكم في الطاعة لله ورسوله، ولعصاه في المعصية، وحافظ على الممتلكات العامة والخاصة.

- ولو صدق الوالد المسلم لعامل زوجه بما يرض الله، وأصبح راعيا لأولاده قدوة لهم في الفعل والقول.

- ولو صدقت الأم المسلمة لأطاعت زوجها وعلمت أنها راعية في بيت زوجها .

- ولو صدق الإعلامي المسلم لسبقنا الدنيا إعلاميا وصدقنا العالم.

- ولو صدق العامل المسلم لأنتج لنا إنتاجا إسلاميا موثوقا به في كل أرجاء الدنيا .

وهكذا لو اطعنا الله وكنا مع الصادقين لأصبحنا خير أمة أخرجت للناس نؤمن بالله وننهى عن المنكر ونأمر بالمعروف ونكون مع الصادقين .

إعداد الأستاذ الدكتور نظمى خليل أبو العطا موسى