معا فى الدنيا ومعا فى الاخرة
معا في الدنيا ومعا في الآخرة
- - - - - - - - - - - - - - - - -
لما مات النبي صلي الله عليه وسلم ,
وارتدت الجزيرة العربية , في عهد الصديق رضي الله عنه , ولما كان أخطر دعاة النبوة مسيلمة الكذاب ,
فندب الصديق جيش قوى بقيادة خالد بن الوليد ,
لقتال بني حنيفة , وكان في هذا الجيش الأخوين ,
أبو حذيفة بن عتبة ، وسالم مولى أبي حذيفة رضي الله عنهما فلما ألتقى الجمعان علي أرض اليمامة , ودارت بينهما .
معركة طاحنة قلما شهد تاريخ الحروب له نظيرا .
فقد أبدى فيها المسلمون من ضروب الشجاعة ما يعجز عن وصفه لسان , وكذلك أبدى المرتدون بقيادة مسيلمة الكذاب
ما لا يقل عن ذلك شجاعة و إقداما و بذلا للروح ,
وكان النصر في بداية اليمامة لصالح المرتدين ,
حتى إن رجال مسيلمة اقتحموا خيمة خالد بن الوليد ,
و كادوا يأسرون زوجته لولا أن أجارها " مجاعة "
أحد قادة بني حنيفة , وقد أسره خالد قبل المعركة .
عند ذلك دبت الحمية في صفوف المسلمين ,
و باعوا لله نفوسا تموت في سبيل الله ,
وكان من بين هؤلاء الأخوين :
أبو حذيفة و سالم , أما أبو حذيفة ،
فكان ينادي في الناس
ويقول : يا أهل القرآن زينوا القرآن بفعالكم ,
ثم هب رضي الله عنه يجاهد .
حتى أستشهد مقبلا غير مدبر .
أما سالم مولى أبي حذيفة كان معه لواء المهاجرين ,
فجاء أحدهما إليه وقال : نخشى إن نأتي من ناحيتك ,
فقال سالم : بئس حامل القرآن أنا إن أتي المسلمون من قبلي , ثم أندفع رضي الله عنه يجندل الفرسان ,
ويدافع عن راية المهاجرين , حتى قطعت يمينه ,
فأخذ الراية بشماله , وناضل عنها حتى قطعت شماله ,
فأخذ الراية بعضديه , وثبت حتى أثخنته الجراح ,
و سقط علي الأرض مضرجا بدمائه .
ولما أنتهت المعركة بنصر حاسم للمسلمين ,
و قف خالد بن الوليد علي سالم مولى أبي حذيفة ,
و كان ما يزال به رمق من حياة ,
فقال له سالم : ما صنع المسلمون يا خالد ؟
فقال : كتب الله لهم النصر , وقتل مسيلمة الكذاب ,
وهزم قومه هزيمة نكراء ,
فقال : وما فعل أخي أبو حذيفة ؟
قال : مضى إلي ربه مقبلا غير مدبر , وقتل شهيدا ,
فقال : أضجعوني إلى جانبه ,
فقال : ها هو ذا موسد عند قدميك , فأغمض عينيه .
و هو يقول : معا في الدنيا , و معا هناك إن شاء الله ,
ولفظ آخر أنفاسه .
#سير_أعلام_العظماء
|