رد: شروط لا اله الا الله
وأصول الطواغيت التي تعبد من دون الله
محصورة في أصلين من أبواب الضلال
الأصل الأول
عبودية الهوى وما يتعلق به
من أصناف الدنيا وأنواع المشتهيات
والأصل الثاني
عبودية الشيطان وما يبثه في قلب الإنسان من شبهات
فالأصل الأول يدخل تحته ما تجاوز
به العبد حده وتجاوز به وصفه
كمن عظم نفسه ودعا الناس إلي إطرائه ومدحه
حتى يصل به الهوى إلي إدعاء ربوبيته
ودعوتهم لعبوديته
كما فعل فرعون وهامان ومن قبلهما النمرود بن كنعان
كل واحد منهم ألبس نفسه رداء الربوبية ولم يكتس بثوب العبودية
ولم يعلم أنه عبد في ملك سيده مستخلف في أرضه أمين على ملكه
قد ابتلاه فيما أعطاه
وامتحنه فيما خوله واسترعاه
فلم يرد الملك إلي المالك
ونسب لنفسه أوصاف الخالق ؟
فتكبر على الخلق بنعم الله
وتعالي عليهم بما منحه وأعطاه
لينازع ربه في وصف الربوبية ويشاركه في العلو والكبرياء
وعظمة الأوصاف والأسماء
فأصبح طاغوتا يستوجب الشقاء والحرمان
ودوام العذاب في النيران
يَقُولُ اللهُ عَزَّ وَجَل في الحديث القدسي
( الكِبْرِيَاءُ رِدَائِي وَالعَظَمَةُ إِزَارِي
فَمَنْ نَازَعَنِي شَيْئًا مِنْهُمَا أَلقَيْتُهُ فِي جَهَنَّمَ )
وعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ عَنِ النَّبِيِّ
في الحديث الذي رواه الإمام مسلم قَال
( لا يَدْخُلُ الجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ )
فإن لم تكن عبدا لربك تعتقد أنك
وما خولك وملكك خالصا له خاضعا لأمره
فإنك تطمع إلي تأليه نفسك والخروج عن وصفك
فتدعي لنفسك ما ادعاه فرعون من أوصاف الربوبية
فرعون بلغت به الوقاحة إلي أن قال
( وَقَال فِرْعَوْنُ يَا هَامَانُ ابْنِ لي صَرْحًا لعلى أَبْلُغُ الأَسْبَابَ
أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلعَ إلي إِلهِ مُوسَي
وَإِنِّي لأَظُنُّهُ كَاذِبًا وَكَذَلكَ زُيِّنَ لفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلهِ
وَصُدَّ عَنْ السَّبِيل وَمَا كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلا فِي تَبَابٍ )
( وَنَادَي فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَال يَاقَوْمِ
أَليْسَ لي مُلكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحتى
أَفَلا تُبْصِرُونَ أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هَذَا الذِي هُوَ مَهِينٌ
وَلا يَكَادُ يُبِينُ فَلوْلا أُلقِيَ عَليْهِ أَسْوِرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ
أَوْ جَاءَ مَعَهُ المَلائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ
إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ فَلمَّا آسَفُونَا انتَقَمْنَا مِنْهُمْ
فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ فَجَعَلنَاهُمْ سَلفًا وَمَثَلا للآخِرِينَ )
وقد قال تعالى
( كَذَلكَ يَطْبَعُ اللهُ على كُل قَلبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ
فإياك إياء من العلو والاستكبار
لأن الله تعالى هو الملك الجبار
( تِلكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا للذِينَ
لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الارْضِ وَلا فَسَادًا وَالعَاقِبَةُ للمُتَّقِينَ )
(القصص/ 83)
وهذا النمرود بن كنعان حاج إبراهيم في ربه
( أَلمْ تَرَ إلي الذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللهُ المُلكَ
إِذْ قَال إِبْرَاهِيمُ رَبِّي الذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ
قَال أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَال إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللهَ
يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنْ المَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنْ المَغْرِبِ
فَبُهِتَ الذِي كَفَرَ وَاللهُ لا يَهْدِي القَوْمَ الظَّالمِينَ )
فهؤلاء الظالمون اتبعوا أهواءهم وعظموا وصفهم حتى ادعوا الألوهية
مع علمهم أنهم لا دوام لهم في الحياة إلا بإذن الله
فكان الهوى هو طاغوتهم الذي عبدوه من دون الله
( أَرَأَيْتَ مَنْ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَليْهِ وَكِيلا )
( أَفَرَأَيْتَ مَنْ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلهُ اللهُ على عِلمٍ
وَخَتَمَ على سَمْعِهِ وَقَلبِهِ وَجَعَل على بَصَرِهِ غِشَاوَةً
فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللهِ أَفَلا تَذَكَّرُونَ)
فالله عز وجل يبتلي العباد
بأنواع الفتن ليمحص المؤمنين من أهل الفساد والعناد
فمن حديث حُذَيْفَةَ بن اليمان
أن النَّبِيَّ صَلي الله عَليْهِ وَسَلمَ قال
( تُعْرَضُ الفِتَنُ على القُلُوبِ كَالحَصِيرِ عُودًا عُودًا
فَأَيُّ قَلبٍ أُشْرِبَهَا نُكِتَ فِيهِ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ
وَأَيُّ قَلبٍ أَنْكَرَهَا نُكِتَ فِيهِ نُكْتَةٌ بَيْضَاءُ
حتى تَصِيرَ على قَلبَيْنِ على أَبْيَضَ مِثْل الصَّفَا
فَلا تَضُرُّهُ فِتْنَةٌ مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ
وَالآخَرُ أَسْوَدُ مُرْبَادًّا كَالكُوزِ مُجَخِّيًا لا يَعْرِفُ مَعْرُوفًا
وَلا يُنْكِرُ مُنْكَرًا إِلا مَا أُشْرِبَ مِنْ هَوَاه )
فالهوى طاغوت يعبد من دون الله
ويتعلق بأنواع الدنيا من المشتهيات كما قال تعالى
( زُيِّنَ للنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنْ النِّسَاءِ وَالبَنِينَ
وَالقَنَاطِيرِ المُقَنْطَرَةِ مِنْ الذَّهَبِ وَالفِضَّةِ
وَالخَيْل المُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالحَرْثِ
ذَلكَ مَتَاعُ الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللهُ عِنْدَهُ حُسْنُ المَآبِ )
فهذه الأصناف السبعة هي أنواع المشتهيات
فإن لم تكن وسائل لطاعة الله
والفوز في أخراه فهي طواغيت عبدت من دون الله
|