عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 14/8/2008, 08:51 PM
الصورة الرمزية انور حافظ احمد
 
انور حافظ احمد
نـجـم الـنجوم الـمـميز بـالـمهندسين الـعرب

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  انور حافظ احمد غير متصل  
الملف الشخصي
رقم العضوية : 35687
تاريخ التسجيل : Oct 2006
العمـر :
الـجنـس :
الدولـة : الاسماعيلية
المشاركـات : 10,233 [+]
آخــر تواجـد : ()
عدد الـنقـاط : 25
قوة التـرشيـح : انور حافظ احمد يستاهل التميز
new تحويل القبلة واستقلال الأمة



القبلة هى رمز وحدة الأمة ، ودليل هويتها ، وقد تعرضت القبلة للتحويل من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ثم من المسجد الأقصى إلى المسجد الحرام مرة ثانية ، حيث استقرت تلك القبلة وصارت قبلة المسلمين إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها فلماذا كان هذا التحويل؟

لقد أراد الله عز وجل أن يجرد قلوب المؤمنين له ، ويستخلصها لذاته ، فلا يكون فيها إلا حبه ، ولا يحركها سوى رضاه ، فكان أن أمرهم بالاتجاه فى قبلتهم إلى المسجد الأقصى ، لأن النفوس كانت مهيأة لاستقبال المسجد الحرام لا لسبب دينى ، وإنما لأن المسجد الحرام يمثل بالنسبة لهم رمزا للمجد القومى لما كان له من قدسية فى الجاهلية يستجلبون به التجارات ، وينالون به الشرف والمكانة بين العرب جميعا ، لكن الله يريد أن يربط قلوب المؤمنين به وحده فلا قدسية لمكان بذاته ، إلا أن يضفى الله عليه من قدسيته وأنواره ، ولا توجه لأى جهة إلا بأمر الله الذى له ملك السماوات والأرض وله المشرق والمغرب ، وقد أشار الله جل شانه لهذه الحكمة بقوله " وما جعلنا القبلة التى كنت عليها إلا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه "

ولما تمت الحكمة ، واستخلص الله قلوب المؤمنين له جاء الأمر الإلهى بتحويل القبلة " قد نرى تقلب وجهك فى السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره " ليتم للأمة استقلالها ، وليكون لها طابعها الخاص وشخصيتها المستقلة عن غيرها من الأمم ، حتى فى قبلتها وفى ذلك يقول الحق جل وعلا " وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا " فأمة الإسلام يجب أن تكون متبوعة لا تابعة ، لأنها الأمة التى فضلها الله واجتباها لتحمل أعظم رسالة فى هذا الوجود رسالة الإسلام " كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله " وحتى تقوم الأمة برسالتها ، فتبلغ الرسالة وتحمل مشعل الهداية ، وتقود البشرية إلى الخير ، لابد لها من الشعور بالعزة والتميز ، لا عزة الفخر الكاذب والبغى الجائر ، ولكن عزة الإنتساب إلى الله ورسوله والإسلام .

وهذه العزة لا تنمو فى نفوس أمة تابعة لغيرها فى كل شىء ، لأن التبعية للغير تشعر بالدونية ، فكيف لتابع أن يقود ، وكيف لمتشبه بغيره أن يوجه ويرشد ، وما الحالة التى وصلت إليها الأمة الآن من الضعف والهوان ، والإنحسار من موقع التوجيه والإرشاد إلى موقع التبعية والإنقياد ، إلا بسبب الشعور بالدونية والعجز الناشئان عن التشبه بأمم الغرب فى كل شىء ، وتتبع طريقتهم فى كل صغيرة وكبيرة شبرا بشبر وذراعا بذراع ، وهذا ما حذرنا منه رسول الإسلام – صلى الله عليه وسلم - عن أبي سعيد رضى الله عنه: أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: (لتتبعن سنن من قبلكم شبرا بشبر، وذراعا بذراع، حتى لو سلكوا جحر ضب لسلكتموه). قلنا: يا رسول الله، اليهود والنصارى؟ قال: (فمن). صحيح البخاري، باب: ما ذكر عن بني إسرائيل.

فكان تحويل القبلة درسا للأمة فى الاستقلال والتميز فى كل شىء ، فى العقيدة ، والعبادة ، والأخلاق ، والمعاملات ، والسلوكيات ، حتى فى المظاهر والكلمات " يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا راعنا وقولوا انظرنا واسمعوا وللكافرين عذاب أليم ".

محمد عبد الفتاح عليوة