رد: طاعة ولاة الأمور أصل من أصول عقيدة السلف
لا دين إلا بجماعة
وتلك الكلمة قامت عليها بعض المؤلفات، فصارت
هي الأصل الذي تفرعت عنه مسائل ذلك الكتاب
كمقدمة ابن خلدون يقول عمر الفاروق
رضي الله تبارك وتعالى عنه الخليفة الراشد الثاني
لا دين إلا بجماعة
ولا جماعة إلا بإمامة ولا إمامة إلا بسمع وطاعة
فأول ما قال رضي الله عنه لا دين إلا بجماعة
فهذه الكلمة قد يستغربها بعض الناس فيقول
إذا كان الدين أركانه الشهادتان والصلاة والزكاة
والإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله
إلى آخر ما هو معروف
فكيف يقول عمر رضي الله عنه
لا دين إلا بجماعة ونحن لا نجد هذا
لا في أركان الإسلام
ولا في أركان الإيمان؟
والجواب على ذلك أنه
رضي الله تبارك وتعالى عنه
لم يغب عنه أركان الإيمان ولا أركان الإسلام
ولكنه أراد الدين بمعناه الشامل
وبمعناه الكامل لعموم الناس لا للفرد بذاته
فهذا الدين لا يكون إلا بجماعة
يعنى حتى يظهر أثر الدين، فإن الدين
إذا كانت هناك جماعة ظهرت معالمه واشتهرت
كصلاة الجماعة والأعياد والاستسقاء وما إلى ذلك
كذلك أيضًا ظهور محافل الإسلام
من وجود العدل والرحمة بين المسلمين
والتواد والتآلف والتحاب
وكل هذا لا يكون من فرد واحد
بل لا بد أن يكون هناك جماعة
وهذه الجماعة إذا توافرت
فربما تعدى قوي على ضعيف
وأكل مبطل حق مُحِقّ
فإذا كان ثمة جماعة ظهر منهم إنصاف المظلوم
وردع الظالم عن ظلمه وإقامة شعائر هذا الدين
فمن هنا ظهر الدين بمعناه الشامل في الجماعة
إذا تجمع الناس وتكاثروا في مكان
فلا بد لهم من إمام يرجعون إليه
يشعرون أن ما ورد من إشكال
أو ما ورد من أمور تهمهم في دينهم ودنياهم
أن هناك من ينير لهم السبيل فيها ويرجعون إليه
فيعملون برأيه وحتى يأطرهم على الحق أطْرا
فلا بد إذن من وجود هذا الإمام
لتكون تلك الجماعة على معناها المراد شرعًا
وإلا صارت غثاء كغثاء السيل فلا دين إلا بجماعة
ولا جماعة إلا بإمامة ولا إمامة إلا بسمع وطاعة
فإذا وجدت الجماعة ثم وجدت الإمام
لكن هذا الإمام لا يسمع له ولا يطاع
ولا ينفذ له أمر فما الفائدة إذن من إقامته؟
فحينئذ نستطيع أن نقول
إن الدين لا يظهر على وجهه
وعلى شموله وكماله إلا بهذه الأمور
الجماعة والإمامة والسمع وطاعة لهذا الإمام
فإن لم يتم ذلك صار الناس هملا
فتضيع مصلحة الأمة بل تضيع الأمة كلها
إذا لم يكن لها رأس يُسمع له ويطاع
ولهذا جاء التأكيد في الشرع
على أنه لا ينبغي للناس أن يعيشوا دون إمام
وهذا عمر بن الخطاب
رضي الله عنه لما طُعن وأوصى قال
لا يمضي ثلاث إلا وقد بايعتم خليفة
وذلك لأنه لا ينبغي للأمة أن تعيش فترة
من دون أن يكون لها والٍ يلي أمورها
للحديث بقية
|