رد: شروط لا اله الا الله
كيف أوجد الله في كل إنسان منا
نازعين نفسيين متقابلين ومتضادين
ليس لأحدهما غلبة على الآخر
نازع يدعوه إلي الطاعة وفعل الخير
وهو نازع التقوى والرغبة في الآخرة بالطاعة والإيمان
وآخر يدعوه إلي المعصية وفعل الشر
وهو نازع الهوى والرغبة في الدنيا بالمخالفة والعصيان
والإنسان حر بينهما في الاختيار
كما قال رب العزة والجلال
( وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا
فَأَلهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا
قَدْ أَفْلحَ مَنْ زَكَّاهَا وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا )
ومن هنا كان الأصل الأول من أبواب الضلال
وأصول الطواغيت التي تعبد من دون الله
وهي عبودية الهوى
وما يتعلق به من أصناف الدنيا وأنواع المشتهيات
فلما أذن الله للشيطان أيضا أن يوسوس للإنسان
واتفق الشيطان مع نازع الشر في الإنسان
كلاهما يدعوان إلي الكفر والعصيان
كان الأصل الثاني من أبواب الضلال
وأصول الطواغيت في الإنسان
التي تعبد من دون الله عبادة الشيطان
كما ظهرت في الإنسان حكمة الله
وبلغ كمال العدل في الأشياء منتهاه
فجعل الله تركيب الإنسان على مستوي الكمال
ظاهرا وباطنا على قمة الاعتدال
فقال رب العزة والجلال
( يَا أَيُّهَا الإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الكَرِيمِ
الذِي خَلقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلكَ
فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ )
فكلف الله بكل إنسان ملكا قرينا
وأمره أن يلازمه ملازمة الشيطان للإنسان
لا يفارقه إلا إذا فارق الدنيا دار الامتحان
وأمره أيضا أن يدعوه إلي الخير ويحضه عليه
كما أن الشيطان يدعوه إلي الشر ويحضه عليه
فيستوي بذلك مقدار الدواعي في الإنسان وتعتدل الكفتان في الميزان
ولا يكون لأحد من أهل الخسران حجة على الله يوم القيامة
فالله كما هداه النجدين
وركب فيه نازعين نفسيين متقابلين ومتضادين
ليس لأحدهما غلبة على الآخر
وكل بالإنسان أيضا قرينين هاتفين مرغبين بلمتين
ليس لأحدهما سلطان على إرادة الإنسان
فبات مقدرا لكل منا بحكمة الله وعدل الميزان
قرينان داعيان هاتفان مرغبان
إما في الخير وإما في الشر
ولم يستثن الله أحدا من ذلك حتى نبينا صلي الله عليه وسلم
ففي حديث ابن مسعود رضي الله عنه أن رَسُولُ الله قال
( مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلا وَقَدْ وُكِّل بهِ قَرِينُهُ
مِنَ الجِنِّ وَقَرِينُهُ مِنَ المَلائِكَةِ
قَالُوا : وَإِيَّاكَ يَا رَسُول الله قَال
وَإِيَّايَ وَلكِنَّ الله أَعَانَنِي عَليْهِ فَلا يَأْمُرُنِي إِلا بِحَقٍّ )
والله عز وجل أمرنا بأن نكفر بما يعبد من دون الله كشرط
من شروط لا إِلهَ إِلا الله روي الإمام مسلم رحمه الله
من حديث أبي مَالكٍ الأَشْجَعِيُّ عَنْ أَبِيهِ أنه قَال
سَمِعْتُ رَسُول اللهِ صَلي الله عَليْهِ وَسَلمَ يَقُولُ
مَنْ قَال لا إِلهَ إِلا اللهُ وَكَفَرَ بِمَا يُعْبَدُ مِنْ دُونِ اللهِ
حَرُمَ مَالُهُ وَدَمُهُ وَحِسَابُهُ على اللهِ
فأمرنا بألا يتبع الإنسان هواه وتخذ الهوى إله يعبد من دون الله
وأمرنا بألا نتبع الشيطان فإنه يدعو إلي الفسوق والعصيان
وأعظم دعواه أن يشرك الإنسان بالله
ولذلك حذرنا الله من الشرك كأعظم ذنب يقع فيه العبد
وأخذ العهد علينا والميثاق ألا نقع في هذا الظلم العظيم
فقال تعالى
( وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ
وَأَشْهَدَهُمْ على أَنفُسِهِمْ أَلسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلي شَهِدْنَا
أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ القِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلينَ
أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ
وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلكُنَا بِمَا فَعَل المُبْطِلُونَ
وَكَذَلكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ وَلعَلهُمْ يَرْجِعُونَ )
|