تعرف على قصة أصحاب الجنة
وردت قصة أصحاب الجنة فى القرآن الكريم فى سورة القلم فى قوله تعالى"إِنَّا بَلَوۡنَـٰهُمۡ كَمَا بَلَوۡنَآ أَصۡحَـٰبَ ٱلۡجَنَّةِ إِذۡ أَقۡسَمُواْ لَيَصۡرِمُنَّہَا مُصۡبِحِينَ *وَلَا يَسۡتَثۡنُونَ * فَطَافَ عَلَيۡہَا طَآٮِٕفٌ۬ مِّن رَّبِّكَ وَهُمۡ نَآٮِٕمُونَ *فَأَصۡبَحَتۡ كَٱلصَّرِيمِ ".
وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: أنه كان شيخ يعيش بأحد قرى اليمن وكانت له جنة وكان لا يُدخل بيته ثمرة منها ولا الى منزله حتى يعطي كل ذي حق حقه فلما قبض الشيخ وورثه بنوه ، وكان له خمسة من البنين.
فخملت جنتهم في تلك السنة التي هلك فيها أبوهم ولم تكن خملت من قبل ذلك فذهب الفتية الى جنتهم بعد صلاة العصر فأشرفوا على ثمرة الجنة وقال كبيرهم انّ آبانا كان شيخا كبيرا قد ذهب عقله فهلموا نتعاهد ونتعاقد فيما بيننا ألا نعطي أحدا من الفقراء في عامنا هذا شيئا ولكل منا نصيبه بثمره ان شاء ويخزن منه ما يشاء فإننا إن فعلنا ذلك فانّ شأننا سيعلو ومالنا سيزيد فوافقه أخوته جميعا حتى تكثر أموالهم، ثم يستأنفوا الصنعة فيما يستقبل من السنين المقبلة.
فرضي بذلك جميعهم إلا الأوسط فيهم قائلا لهم: إنكم بهذا تقدمون على أمر تظنونه خيرا لكم لكنه هو في واقع الأمر شر لكم وهو الذي قال تعالى فيه "قَالَ أَوۡسَطُهُمۡ أَلَمۡ أَقُل لَّكُمۡ لَوۡلَا تُسَبِّحُونَ" أي اتقوا الله وسيروا على منهج أبيكم تسلموا وتغنموا فبطشوا به وضربوه ضربا مبرحا.
فصاح به أخوه الأصغر قائلا: اعفينا من نصائحك وكُفّ عنا اقتراحاتك ووفّر عليك مواعظك فلن تجد منا الا آذاناّ صماء ، ولم يثر عليهم أخوهم الأوسط ولم يغضب بل قال في كل هدوء وسكينه: فقط أريد قول كلمة واحدة فقال له أخوه الكبير وما هي؟ قال عليكم بالصلاة فهي تنهى عن الفحشاء والمنكر وانْ اخلصتم لله عزوجل بآداءها محتسبين الأجر على الله فالله عزوجل هو حسبكم في أن يردكم الى الحق ويهديكم سواء السبيل ويجعل قلوبهم ترق عطفا على الفقراء والمحتاجين والمساكين وابن السبيل.
فلم يأبه إخوته لنصحه وتجهلاه تماما ، ولما أيقن أنهم يريدون قتله دخل معهم في مشورتهم كارها لأمرهم غير طائع، فاتفقوا على أن يخرجوا الى الحديقة في اليوم التالي مع الصباح قبل بزوغ الشمس فيقطفون الثمر ويعودون بأحمالهم البيت قبل تجمّع الناس أمام الحديقة وهذا ما عبّر عنه القرآن الكريم بقوله تعالى: "وأقسموا ليصرمنها مصبحين*ولا يستثنون".
ولكن الله عزوجل يعلم السرّ وما تخفيه الصدور فقد علم نيّة هؤلاء الأخوة الفاسدون وما انعقد عليه رأيهم من حرمان أصحاب الحقوق من فقراء ومساكين ، إذ وهم نائمون يرسل الله عزوجل على جنتهم طائفاً و بلاءً اقتلع نباتها من جذوره وأسقط ثمرها وأيبس أوراقها وأغصانها حتى باتت كهشيم المحتظر.
وعندما جاء الصباح وذهب الأخوة إلى الحديقة ووقفوا عند بابها يتساءلون: أهذه جنتنا التي تركناها بالأمس مورقة مخضرّة فواحة مثقلة بالثمار؟ لا إنها ليست هي، ربما نكون قد ضللنا عنها.
ثم وقف الجميع ينظرون في ذهول وعيونهم زائغة لا تكاد تستقر، أما أخوهم الأوسط فكان هادئاً رزيناً ينظر اليهم نظر المعتبر المذكر قائلا لهم: بل هي جنتكم أيها الأخوة ولأنكم لم تخلصوا النية مع الله عزوجل فقد حرمكم خيرها وعطاءها قبل حرمانكم للفقير والمسكين وابن السبيل، ألم أحذركم بالأمس بأنّ الله لبالمرصاد وأنه عزوجل ذو انتقام؟ ولقد نصحت لكم بالأمس بأن تشكروا الله على نعمته فأبيتم واستكبرتم وكنتم قوما طاغين فأذهب الله ما بأيديكم كله وهذا عذابكم في الدنيا ولعذاب الآخرة اشد وأبقى لو أنكم تعلمون.