السفر البعيد
أطلَّ الصُبْحُ ما بانتْ وعودٌ ******* ** وشوقي لا يزالُ على احتراقي
نهاراً تسبحُ الأحلام فيهِ *********** تصيرُ إلى الغمامِ إلى دفاقِ
و ما فتئتْ َتعَرْبِدُ في سكوني******** تَدَوْزِنُ ثمَّ تخبو في وفاقِ
وفي الصبحِِ الوشيكِ تطلُّ سلوى***** مع الأولادِ في فرحٍ مساقِ
و بي سُهْدُُ و بي قلقُُ جثيلُُ ***** على الشَفَقِ الأمين مدى لحاقي
تصيبُ الوقت في رحم الشجون****** تباريحُ الكلامِ على رتاقِ
أسافر في مَدَى وطنٍ فسيحٍ ******** كثيرَ العشقِ محرومَ اشتياقي
ألا ليتَ القصائد طائعاتٌٌ *********** * لشعري سائحاتُ والرهاقِ
على البطحاء ورد مستفيض ********* فلا أرنو لغير هوى علاقِ
لحاقٌُُ لست أدري كم يطول ********* أتدري أنتَ أم أنت سباقي
ستختلجُ المشاعرُ صامتاتٍ ********** بزهرٍٍ من ربيعٍ فالتلاقي
ونرجسةٌٌ وزنبقةٌٌ تضوع ****************على صدر القصائدِ والسياقِ
على صدر القصائدِ كم حشدتُ ******** عقيقاً ناضراً فوق انسراقي
أيا صبحاً جميلاً في حقولي ********** حقول الطلِّ أفضل من نياقي
ولي وصف يفوقُ الأطياف فيِّ ********* وفي زهقي وأشجاني البواقي
وكم طافتْ بنا الأحلام ليلاً ********* على رملِ الأُبيّضِ في رحاقِ
تسامرْنا كثيرا في الليالي ********* وطالعنا بديرُُ في عناقِ
تلالُُ من عقيقٍ مستذابٍ ****** صغار الحيّ حاموا في لماقِ
وساهرَ أهلُ حارتنا ليالٍ********** تمتّع من تمتعَ بالخناقِ
على صوتِ الديوك سما صباحُُ ********فقام القوم قصدا للفراقِ
وحيداً في جبالٍ شامخاتٍ********** بلا مأوى أمينٍ والرفاقِ
أسافر عند أطراف التلودي******** وفي نفسي تصاوير الزهاقِ
أخاف من الضياع من الخراب******** تسير بنا الرحال إلى العراقِ
لكم عاشت على أشواقِ رُوْحي***** عطورُُ من شَذَى الأزهارِ باقي
بوسطِ الحيِّ فاتنةُُ عروسُُ***********تروم سعادتي مَثْوَى وِداقي
كمثلِ الطلِّ قطرُُ في الصباحِ********* ووجهُُ أحمرُ الخدين ساقي
وفوهُُ مثل نجمٍ مستنيرٍ******** أبانَ سنا العناقيدِ الرقاقِ
وترسل لي سهاماً في فؤادي****** أحس بها كدغدغةِ العناقِ
أودّعُ شاعراً ولهانَ شوقٍ ******* بكى دمعاً جثيلاً في الفراقِ
فكان يصوغُ قولا مستعاراً********* وشعراً بين أَرْوِقَةِ الملاقي
يحوم الي سماءٍ حيث كانت***** مواجعه الكبار على حراقِ
لمَ التعكيرُ في الجوف العميق******* أفكر ثم أهجع كالمعاقِ
وحيداً في سنا البدر الجميل***** شريداً فوق بيداءِ العراقِ
من اللهِ يغدو كلُّ أمرٍ*********** فأمر الله مقبولُُ وباقي
مررنا بين طِلْحٍ بين سِدْرٍ******** هشيمُُ فوقَ أحزانِ السواقي
وأشجارُُ من العَرْدَيْبِ جفّتْ******** هشابُُ باتَ معدومَ الدهاقِ
أفي الصحراء سرنا أم شدونا *****على ذهبٍ منيع في الشقاقِ
بحقلٍ من عصافير الربيع ******** يداعب خاطر الشِعْرِ الخلاقي
تراقص ضوءَ فجرٍ مستبينٍ ******* صَبَا وردٍ مزاميرُ الوثاقِ
على أنشودةِ الفرح الجميل ******ستأتي نفحةُ الورد المراقِ
ولمّا خابَ طنُّ الصبحِ كانت ******* مصابيحُ الغرامِ على ائتلاقِ
وحين الرَحْلُ يغدو في رواحٍ **** تصيب مشاعري الولهَى مشاقي
وأنظرُ لا أرى وجهاً صبوحاً ******** ولا زهراً جميلا لا ألاقي
طريقُُ يستر الجبل العتيدا ******** و أزهارا و هرولة النواقي
ونجمُُ من سماء الليل لاح ********* أثار شجونَ قلبي والتساقي
وأفقُ الشمسِ فجر اليوم آتٍ *******وإني لا أزال على افتراقي
تسامرني الظنون على الليالي ***** تعاكسني وتشرع في انخراقي
لقد عشتُ الشبابَ وسحْرَ عصْرٍ ********وألحاناً شديداتِ المذاقِ
على الله أوْكِلُ كُلَّ شأنٍ ******* فما خابتْ ظنوني في المراقي
على جبل التَلَوْدِي مُعْضِلاتُُ ******* فلولُُ عارماتُُ من نفاقِ
غداً ستعودُ من بلد غريبٍ ******** وتحيا في رحابٍ من وساقِ
وعندي ذكرياتُُ في تلودي ******* كمثلِ البَدْرِ يخرج في حذاقِ
نسيمُُ باردُُ حامَ الحقولَ ******** ونجمُُ خاطبَ الورد المساقي
أنا والليل في وسنٍ عميقٍ *****وهذا الحُسْنُ والعشق السُماقي
منَ السِحْرِ والقمر البعيد ******** طفى سهري على أرض الرواقِ
شجون الشِعْرِ عازفها حنينُُ ****** وحنو الليلِ والليلُ التساقي
أسافر مُوْدِعاً قمري سجيناً *******على الأفقِ المبينِ حمى التلاقي
تأليف الدكتور: عبد الكريم محجوب
|