ثورة التحرير
كادَ الفؤادُ مِن الهناءِ يطيـــــــرُ * وأنا على درب الخلاص أسيرُ
هو لا يُصدِّقُ ما يراهُ بعيــــــنه * فإليــــــــه عاد جناحُه المكسورُ
وبقدرةٍ مِن قادر ٍفُـتـِحَـت لـــــه * بيــــــــن الضلوع ِمنافذ ٌوثغورُ
من ذا الذي يوما ًسينتف ريـشه * وعليــــه بعد الآن سوف يجورُ
فالضيم دكَّ الثائرون حصــونه * والخوف قصَّ لسانه (التحريـرُ)
والثعلبُ المكّارُ ماتَ بغيــــظه * لم يـغـنِ عنــــه ذبابه المغـرورُ
******
" في ساحة التحريــر كان لقاؤنا " * ليـعود تاريــــــــــخُ لنا مبتورُ
أفنيـــــــت عمري كالزَّرافة صامتا ً* وعرفت منذ الآن كيــف أثورُ
أضحى المكان بنا عريــن َضراغم ٍ* ما كان يوما ًللزّرافِ زئيــــرُ
بيضاءَ كانت في الحقيــقةِ ثورتـــي * لكنـَّها للظالميـــــــــن نذيــــرُ
هزَّت عروشا ًللطُّغاةِ عتــيـــــــــقة ً* وتزلزلـــت مدنٌ بها وقصورُ
******
إنْ كانت الخضراءُ ثارت قبـــــلنا * فلنا حلولٌ قبلها وحضــــــــورُ
ولنا على مرّ العصور مواقـــــفٌ * فمن الكنانة يبدأ التغيـــيــــــــرُ
فلتسألوا التاريـــــــخ عن أمجادنا * وعن الذي بالأمس كان يـــدورُ
فلقد فتحنـــا للجـهاد مـدارســـــا ً * وغدا ًسيشــرح درسنا الطبشورُ
فإذا تفتــَّحــــت الزُّهور بروضنا * ضاعت هنالك في البلاد عطورُ
******
ما كنتَ يا فرعونُ تؤمنُ بالرَّدى * وتخال أنك بالخلود جديـــــــرُ
لكنــــَّـــها الأقدار تلـعب دورها * فمتى بأرض الله دام أميــــــرُ
تعبت من التفكيـــر فيـك عقولنا * بل كاد يقتل نفسَه التفكيــــــــرُ
ماذا ستفعل (بالبلايـيـن) التـــي * تكفيك منها لقمة ٌوسريــــــرُ؟!
أيامك السّوداءُ لاقـــــــت حتفها * ومضى لحال سبيـــله الديجورُ
فلطالما غلّقت أبواب الهــُـــدى * وتركتَ عِجلَ السَّامري يــخورُ
كل النوافذ لم تكن مفتوحــــــة ً* من أين كان لنا سيأتـــــي النورُ
فإذا مددنا نحو نافذةٍ يــــــــــدا ً* بالسيف يأتي مسرعا ً(مسرورُ)
ديســـــــــت بأقـدام الطُّغاةِ رقابنا * وتجرَّحــــت مُهَج ٌبنا وصدورُ
لم نستطع تفسيــــر ما يجري لنـا * ألديــك أنت لما جرى تفسيرُ؟!
أرسلت أولاد الحـــــــرام لسحقنا *ومشت جِمالٌ فوقنا وحميـــــــرُ
وظللت فـي سيــــــناء ترتع هانئا ً* وعلى شباب النيل يبكي الطُّورُ
قلبٌ بصدرك أم بصدرك صخـرة ٌ* وكما لدينا .. هل لديك ضميرُ؟!
فالصّخرُ لا يخشــــى ملامة َلائم ٍ * يخشى الملامة َمَن لديــه شعورُ
******
كان الفسـادُ يفـــوح من أعـــوانه * ويقول لا .. بل إنه لعبيـــــــــرُ
قطعوا رؤوس بني أمية غيـــــلة ً* كــــــي يهنأ السّفاحُ والمنصورُ
جعلوا جماجمَنا صحــاف طعامه * وجلودنا حِلسا ًعليه يسيـــــــــرُ
من قال لا أعنـــــي الذي قد قلته * تاللهِ ما قد خانني التعبيــــــــــرُ
فقد احتسى السّفاحُ من دمنا الذي * في ساحة التحريـــــر كان يفورُ
وجميع من هانت عليــــه دماؤنا * سيدقّـه مِــــن أجـلـنـا السَّاطــورُ
******
هل يتقي الرحمن َمَن يصغى إلـى * قولٍ خبيـــــــثٍ قاله مأجورُ؟!
(ما كان يحكم فــــي أواخر عهـده * فلترحمـوه فـإنـــــه طُـرطورُ)
(ضاقت به الدنيا فبايــــــــع نجلـه * واللهُ يعلمُ إنــَّه لحقيــــــــــــرُ)
(هام الشّـريــــــف به فأعمى قلبـه * وسقاه عزمي حقده .. وسرورُ)
(والمسرحُ الصّيــفيُّ كان مُجهّــزا ً* ليقود ركب المبصرين ضريرُ)
******
من ذلك الغِـرُّ الذي مــن أجلــــــه * شيئا ًمباحا ًأصبحَ التزويـر ُ؟!
هل كان دستــــور السماء مُعَطّــلا ً* ليسوسَ أصحابَ العقول غريرُ
عارٌ على الشعب العظيـــم إذا سلا * وإذا استخــــفّ بعقله (كافورُ)
لا يملك الصفح الجميل سوى الذي * خرَّت عليه من الفساد صخورُ
وإذا عفا الأحيــــــــاءُ عن جلاّدهم * هل يعفو عن جلاّده المقبورُ؟!
أوصى كُـلـيـب أخـــــاه قبل هلاكِهِ * هل خانه يوما ..ً أخوه الزّيرُ؟!
عبد الناصر أبوبكر
مصر - أسوان
