25/9/2009, 09:50 PM
|
|
المــــــــــــــــــــــــــــيزان
تعريفه
في ختام ذلك اليوم ينصب الميزان لوزن أعمال العباد ، يقول القرطبي : " وإذا انقضى الحساب كان بعده وزن الأعمال ، لأن الوزن للجزاء ، فينبغي أن يكون بعد المحاسبة ، فإن المحاسبة لتقدير الأعمال ، والوزن لإظهار مقاديرها ليكون الجزاء بحسبها " (1) .
وقد دلت النصوص على أن الميزان ميزان حقيقي ، لا يقدر قدره إلا الله تعالى ، فقد روى الحاكم عن سلمان عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " يوضع الميزان يوم القيامة ، فلو وزن فيه السماوات والأرض لوسعت . فتقول الملائكة : يا رب لمن يزن هذا ؟ فيقول الله تعالى : لمن شئت من خلقي . فتقول الملائكة : سبحانك ما عبدناك حق عبادتك " (2) .
وهو ميزان دقيق لا يزيد ولا ينقص ( وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ ) [ الأنبياء : 47 ] .
وقد اختلف أهل العلم في وحدة الميزان وتعدده ، فذهب بعضهم إلى أن لكل شخص ميزاناً ، خاصاً ، أو لكل عمل ميزاناً لقوله تعالى : ( وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ ) [الأنبياء : 47] .
وذهب آخرون إلى أن الميزان واحد ، وأن الجمع في الآية إنما هو باعتبار تعدد الأعمال أو الأشخاص .
وقد رجح ابن حجر بعد حكايته للخلاف أن الميزان واحد ، قال : " ولا يشكل بكثرة من يوزن عمله ، لأن أحوال القيامة لا تكيف بأحوال الدنيا " (3) .
وقال السافريني : " قال الحسن البصري : لكل واحد من المكلفين ميزان . قال بعضهم : الأظهر إثبات موازين يوم القيامة لا ميزان واحد ، لقوله تعالى : ( وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ ) ، وقوله : ( فمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ ) [ الأعراف : 8 ] . قال : وعلى هذا فلا يبعد أن يكون لأفعال القلوب ميزان ، ولأفعال الجوارح ميزان ، ولما يتعلق بالقول ميزان . أورد هذا ابن عطية وقال : الناس على خلافه ، وإنما لكل واحد وزن مختص به ، والميزان واحد. وقال بعضهم إنما جمع الموازين في الآية الكريمة لكثرة من توزن أعمالهم . وهو حسن " (4) .
--------------------------------
(1) تذكرة القرطبي : 309 .
(2) سلسلة الأحاديث الصحيحة : (2/656) . ورقم الحديث : 941 .
(3) فتح الباري : (3/537) .
(4) لوامع الأنوار البهية : (2/186) .
|