عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 2/5/2009, 03:13 PM
الصورة الرمزية انور حافظ احمد
 
انور حافظ احمد
نـجـم الـنجوم الـمـميز بـالـمهندسين الـعرب

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  انور حافظ احمد غير متصل  
الملف الشخصي
رقم العضوية : 35687
تاريخ التسجيل : Oct 2006
العمـر :
الـجنـس :
الدولـة : الاسماعيلية
المشاركـات : 10,233 [+]
آخــر تواجـد : ()
عدد الـنقـاط : 25
قوة التـرشيـح : انور حافظ احمد يستاهل التميز
Lightbulb أنواع الحساب وأمثلة لهذه الأنواع


أنواع الحساب


يتفاوت حساب العباد ، فبعض العباد يكون حسابهم عسيراً وهؤلاء هم الكفرة المجرمون الذين أشركوا بالله ما لمن ينزل به سلطاناً ، وتمردوا على شرع الله ، وكذبوا بالرسل ، وبعض عصاة الموحدين قد يطول حسابهم ويعسر بسبب كثرة الذنوب وعظمـها .

وبعض العباد يدخلون الجنة بغير حساب ، وهم فئة قليلة لا يجاوزون السبعين ألفاً ، وهم الصفوة من هذه الأمة ، والقمم الشامخة في الإيمان والتقى والصلاح والجهاد ، وسيأتي ذكرهم وصفتهم عند الحديث عن أهل الجنة وبعض العباد يحاسبون حساباً يسيراً ، وهؤلاء لا يناقشون الحساب ، أي لا يدقق ، ولا يحقق معهم ، وإنما تعرض عليهم ذنوبهم ثم يتجاوز لهم عنها .

وهذا معنى قوله تبارك وتعالى : ( فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ- فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا ) [الانشقاق : 7-8] ، ففي صحيح البخاري ومسلم عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " ليس أحد يحاسب يوم القيامة إلا هلك ، فقلت : يا رسول الله ، أليس قد قال الله تعالى : ( فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ- فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا ) [الانشقاق : 7-8] ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إنما ذلك العرض ، وليس أحد يناقش الحساب يوم القيامة إلا هلك " (1) .

قال النووي في شرحه للحديث : " معنى نوقش الحساب : استقصي عليه . قال القاضي : وقوله : ( عذب ) له معنيان : أحدهما : أن نفس المناقشة وعرض الذنوب والتوقيف عليها هو التعذيب لما فيه من التوبيخ . والثاني : أنه مفض إلى العذاب بالنار ويؤيده قوله في الرواية الأخرى : ( هلك ) مكان ( عذب ) هذا كلام القاضي .

قال النووي : وهذا الثاني هو الصحيح ، ومعناه أن التقصير غالب في العباد فمن استقصي عليه ، ولم يسامح هلك ، ودخل النار ، ولكن الله تعالى يعفو ويغفر ما دون الشرك لمن يشاء " (2) .

ونقل ابن حجر عن القرطبي في معنى قوله : " إنما ذلك العرض " قال : " إن الحساب المذكور في الآية إنما هو أن تعرض أعمال المؤمن عليه حتى يعرف منَّة الله عليه في سترها عليه في الدنيا ، وفي عفوه عنها في الآخرة " (3) .

والمراد بالعرض – كما هو ظاهر من هذه الأحاديث – عرض ذنوب المؤمنين عليهم، كي يدركوا مدى نعمة الله عليهم في غفرانها لهم .

المطلب الثاني

أمثلة هذه الأنواع

ورد في السنة النبوية مشاهد للمناقشة والعرض والمعاتبة التي تكون من الله لعباده ، وسنسوق لكل واحد من هذه الأنواع الثلاثة مشهداً مما صح في السنة .

1- مناقشة المرائين :

روى مسلم والترمذي والنسائي عن شفي بن ماتع الأصبحي رحمه الله أنه دخل المدينة ، فإذا هو برجل قد اجتمع عليه الناس ، فقال : " من هذا ؟ فقالوا : أبو هريرة ، فدنوت منه ، حتى قعدت بين يديه ، وهو يحدث الناس ، فلما سكت وخلا ، قلت له : أسألك بحق وحق ، لما حدثتني حديثاً سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم عقلته وعلمته ، فقال أبو هريرة : أفعل ، لأحدثنك حديثاً حدثنيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، عقلته وعلمته ، ثم نشغ أبو هريرة نشغة ، فمكثنا قليلاً ، ثم أفاق ، فقال : لأحدثنك حديثاً حدثنيه رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا البيت ، ما معنا أحدٌ غيري وغيره ، ثم نشغ أبو هريرة نشغة أخرى ، ثم أفاق ومسح عن وجهه ، وقال : أفعل، لأحدثنك حديثاً حدثنيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أنا وهو في هذا البيت ، ما معنا أحدٌ غيري وغيره ، ثم نشغ أبو هريرة نشغة شديدة ، ثم مال خاراً على وجهه ، فأسندته طويلاًً ، ثم أفاق ، فقال : حدثني رسول الله صلى الله عليه وسلم : أن الله إذا كان يوم القيامة ينزل إلى العباد ليقضي بينهم وكل أمة جاثية ، فأول من يدعو به رجل جمع القرآن، ورجل قتل في سبيل الله ، ورجلٌ كثير المال ، فيقول الله للقارئ : ألم أعلمك ما أنزلت على رسولي ؟ قال : بلى ، يا رب ، قال : فماذا عملت فما علمت ؟ قال : كنت أقوم به آناء الليل وآناء النهار ، فيقول الله له : كذبت ، وتقول له الملائكة : كذبت ، ويقول الله له : بل أردت أن يقال : فلان قارئ ، وقد قيل ذلك .

ويؤتى بصحاب المال فيقول الله : ألم أوسع عليك ، حتى لم أدعك تحتاج إلى أحد ؟ قال : بلى ، يا رب ، قال : فماذا عملت فيما آتيتك ؟ قال : كنت أصل الرحم ، وأتصدق ، فيقول الله له : كذبت ، وتقول له الملائكة : كذبت ، ويقول الله : بل أردت أن يقال : فلان جواد ، فقيل ذلك .

ثم يؤتى بالذي قتل في سبيل الله ، فيقول الله : في ماذا قتلت ؟ فيقول : أمرت بالجهاد في سبيلك ، فقاتلت حتى قتلت ، فيقول الله له : كذبت ، وتقول له الملائكة : كذبت ، ويقول الله : بل أردت أن يقال : فلان جريء ، فقد قيل ذلك . ثم ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم على ركبتي ، فقال : يا أبا هريرة ، أولئك الثلاثة أول خلق الله تسعر بهم النار يوم القيامة " .

قال الوليد أبو عثمان المدائني : فأخبرني عقبة بن مسلم : أن شفياً هو الذي دخل على معاوية فأخبره بهذا .

قال أبو عثمان : وحدثني العلاء بن أبي حكيم : " أنه كان سيافاً لمعاوية ، فدخل عليه رجل ، فأخبره بهذا عن أبي هريرة ، فقال معاوية : قد فعل بهؤلاء هكذا ، فكيف بمن بقي من الناس ؟ ثم بكى معاوية بكاءً شديداً ، حتى ظننا أنه هالك ، وقلنا : قد جاء هذا الرجل بشر ، ثم أفاق معاوية ، ومسح عن وجهه ، وقال : صدق الله ورسوله : ( مَن كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لاَ يُبْخَسُونَ - أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلاَّ النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُواْ فِيهَا وَبَاطِلٌ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ) [هود : 15-16] . أخرجه الترمذي .

وفي رواية مسلم والنسائي عن سليمان بن يسار : قال : " تفرق الناس عن أبي هريرة، فقال له ناتل أخو أهل الشام : أيها الشيخ حدثني حديثاً سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقال : نعم سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن أول الناس يقضي يوم القيامة عليه : رجل استشهد ، فأتي به ، فعرفه نعمه ، فعرفها ، قال : فما عملت فيها ؟ قال : قاتلت فيك حتى استشهدت ، فقال : كذبت ، ولكنك قاتلت لأن يقال : جريء فقد قيل ، ثم أمر به ، فسحب على وجهه ، حتى ألقي في النار . ورجل تعلم العلم وعلمه ، وقرأ القرآن ، فأوتي به ، فعرفه نعمه فعرفها ، قال : فما عملت فيها ؟ قال : تعلمت العلم وعلمته ، وقرأت فيك القرآن ، قال : كذبت ، ولكنه تعلمت العلم ليقال عالمٌ ، وقرأت القرآن ليقال : هو قارئ ، فقد قيل ، ثم أمر به ، فسحب على وجهه، حتى ألقي في النار ، ورجل وسع الله عليه ، وأعطاه من أصناف المال كله ، فأتي به فعرفه بنعمه ، فعرفها ، قال : فما عملت فيها ؟ قال : ما تركت من سبيل تحب أن ينفق فيها إلا أنفقت فيها لك ، قال : كذبت ولكنك فعلت ليقال : هو جواد ، فقد قيل، ثم أمر به فسحب على وجهه ثم ألقي في النار " .

2- عرض الرب ذنوب عبده عليه :

عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إن الله يدني المؤمن ، فيضع عليه كنفه ، ويستره ، فيقول : أتعرف ذنب كذا ، أتعرف ذنب كذا ؟ فيقول : نعم أي رب . حتى إذا قرره بذنوبه ، ورأى في نفسه أنه هلك ، قال : سترتها عليك في الدنيا وأنا أغفرها لك اليوم ، فيعطى كتاب حسناته . وأما الكافرون والمنافقون فيقول الأشهاد : ( هَؤُلاء الَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى رَبِّهِمْ أَلاَ لَعْنَةُ اللّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ ) [ هود : 18 ] (4) .

قال القرطبي في قوله : " فيضع عليه كنفه " أي : ستره ولطفه وإكرامه ، فيخاطب خطاب ملاطفة ، ويناجيه مناجاة المصافاة والمحادثة ، فيقول له : هل تعرف ؟ فيقول : رب أعرف ، فيقول الله ممتناً عليه ، ومظهراً فضله لديه : فإني قد سترتها عليك في الدنيا ، أي لم أفضحك بها فيها ، وأنا أغفرها لك اليوم (5) .

3- معاتبة الرب عبده فيما وقع منه من تقصير :

وقد حدثنا الرسول صلى الله عليه وسلم عن معاتبة الرب لعبده يوم القيامة ، ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الله تعالى يقول يوم القيامة : يا ابن آدم ، مرضت فلم تعدني .

قال : يا رب كيف أعودك وأنت ربُّ العالمين ؟

قال : أما علمت أن عبدي فلاناً مرض فلم تعده ، أما علمت أنك لو عدته لوجدتني عنده ؟

يا ابن آدم ، استطعمتك فلم تطعمني ؟

قال : يا رب كيف أطعمك وأنت رب العالمين ؟

قال : أما علمت أنه استطعمتك عبدي فلان فلم تطعمه ؟ أما علمت أنك لو أطعمته لوجدت ذلك عندي ؟

يا ابن آدم ، استسقتيك فلم تسقني ؟

قال : يا رب كيف أسقيك وأنت رب العالمين ؟

قال : استسقاك عبدي فلان فلم تسقه ؟ أما علمت أنك لو سقيته وجدت ذلك عندي ؟ " (6) .



--------------------------------

(1) صحيح الجامع ، كتاب الرقاق ، باب من نوقش الحساب عذب ، فتح الباري : (11/400) ، وصحيح مسلم : (4/2204) ، ورقمه : 2876 ، واللفظ للبخاري .

(2) النووي على شرح مسلم : (17/208) .

(3) فتح الباري : (11/402) .

(4) صحيح البخاري ، كتاب المظالم ، باب قوله تعالى : ( ألا لعنة الله على الظالمين ) ، فتح الباري : (5/96) ، وصحيح مسلم : (4/2120) ، ورقمه : 2768 .

(5) تذكرة القرطبي : 263 .

(6) مشكاة المصابيح : (1/486) ، ورقم الحديث : 1528 .
رد مع اقتباس