عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 27/2/2009, 04:23 PM
الصورة الرمزية انور حافظ احمد
 
انور حافظ احمد
نـجـم الـنجوم الـمـميز بـالـمهندسين الـعرب

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  انور حافظ احمد غير متصل  
الملف الشخصي
رقم العضوية : 35687
تاريخ التسجيل : Oct 2006
العمـر :
الـجنـس :
الدولـة : الاسماعيلية
المشاركـات : 10,233 [+]
آخــر تواجـد : ()
عدد الـنقـاط : 25
قوة التـرشيـح : انور حافظ احمد يستاهل التميز
Lightbulb الناس يستخدمون التلفاز حسب دينهم

قبل أن يتحدث الدكتور سلمان العودة عن الإعلام المرئي -الأسبوع الماضي- في برنامجه (الحياة كلمة) كان أحد الزملاء المتخصصين في الإعلام قد أرسل لي مقالة كتبها يعترض فيها على ظاهرة سماها (شيوخ في كل فن)، وقد أثارت هذه المقالة جدلاً واسعاً بيني وبين بعض الأصدقاء؛ لأنني أرى أن علماء الشريعة يمتلكون من الأدوات واليقينيات ما يمكنهم من المساهمة في فنون العلوم الإنسانية المختلفة على أقل تقدير.

مقالة (شيوخ في كل فن) راجت بين بعض المتخصصين في الإعلام في أعقاب حلقة تلفزيونية لفضيلة الدكتور سلمان العودة، كان عنوانها (الإعلام المرئي)، ولعل سبب هذا الاعتراض على حديث الدكتور سلمان هو مقولته التي قالها في تلك الحلقة (الناس على دين إعلامهم)، ولكن لماذا؟

لقد اتجهت مؤخراً النظريات المفسرة لعلاقة الجمهور بوسائل الإعلام نحو حقيقة علمية تتوافق مع الحقائق الشرعية التي يؤمن بها المسلمون، وهي أن الإنسان نشط وقادر على أن يميز ويختار من المواد الإعلامية ما يتناسب مع دوافعه واتجاهاته.

ولأن الغربيين يقفون عند ظاهر الحياة الدنيا كما وصفهم خالقهم (يَعْلَمُونَ ظَاهِراً مِّنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا) فإن سبب هذا التوقف عن استكمال الحقائق كما هو معلوم؛ غفلتهم عن الآخرة، ولذا فهم يرون أن دوافع الجمهور لمشاهدة التلفزيون إما أن تكون بحثاً عن معلومات أو ترفيهاً.

في رؤيتنا الإسلامية هناك ما هو أعمق من هذا التبسيط المخل بالقضية، لذا كتبت مقالة في هذا الموقع، عنوانها (التأثير الإعلامي عند ابن القيم)، خلاصتها أن الإنسان يدفعه لاستخدام الرسائل الاتصالية في التلفزيون –أو غيره من الوسائل- أحد دافعين:

الأول: دافع الدين والعقل.

والثاني: دافع الهوى والشهوة.

ويفسر ابن القيم -رحمه الله- ذلك بأن في النفس البشرية قوتين: قوة إقدام وقوة إحجام، فقوة الإقدام هي التي تدفع المؤمن لفعل الأمر، وقوة الإحجام تمنعه من فعل المنهي عنه، والكافر يستخدم القوتين بطريقة عكسية.

لذا فإن استخدام الناس للمواد الإعلامية تحديداً متغير تابع يحكمه مجموعة من المتغيرات المستقلة، يأتي في مقدمتها مستوى التوحيد أو درجة الإيمان (وهو متغير لأنه يزيد بالطاعات وينقص بالعصيان)، ومن هنا نستطيع القول -وبكل بساطة- إن "هناك اختلافاً بين المسلمين في استخدامهم للمواد والبرامج التلفزيونية بحسب مراتب إسلامهم (مسلم، مؤمن، محسن)".

وتنطبق هذه القاعدة أيضاً على القائم بالاتصال (المرسل)، فالرسالة الاتصالية ما هي إلاّ صورة معبرة لمستوى توحيد ودرجة إيمان المرسل، وكلما زاد إيمانه زاد تحقيقه للتوحيد، والعكس صحيح.

والخلاصة أن على المخلصين والدعاة أن يتوجهوا إلى حث الناس على تحمل مسؤولية اختياراتهم، وأن يدعوهم دائماً إلى التفكير، وتجسيد المعلومات الشرعية والقيم التي يؤمنون بها لتكون واقعاً في الحياة.

وفي هذا الصدد وضعت مجموعة من القواعد التي أرى أن الناس بحاجة إليها عندما يرغبون في معرفة مشروعية ما يشاهدونه في التلفزيون، وسميتها (قواعد التعامل مع وسائل الإعلام) بحيث يستخدم المسلم عقله، ويحكم وفق ما يعرفه من الحق على ما يشاهده في التلفزيون وغيره، وهذه القواعد:

القاعدة الأولى: أن يتعرف المستخدم -للمنتجات الاتصالية المتاحة- على دوافعه الخاصة، التي تدفعه نحو مجموعة محددة من المنتجات، ومجموعة محددة من المنتجين، فيسأل نفسه: هل أنا أشاهد بدافع الدين والعقل أم بدافع الهوى والشهوة؟ وهكذا.

القاعدة الثانية: أن يتعرف المستخدم على حاجاته التي يتم إشباعها من خلال استخدامه لمنتجات وسائل الإعلام، هل هي حاجات مشروعة أم حاجات غير مشروعة؟ وما مستوى أهمية هذه الحاجات المشروعة (ضرورية، حاجية، تحسينية).

القاعدة الثالثة: أن يدرك المستخدم أهداف القائم بالاتصال ودوافعه، وأن يستطيع أن يصنف وسائل الإعلام التي تستهدفه إلى (وسائل إعلام للمسلمين، ووسائل إعلام للكافرين)، ثم يصنف وسائل إعلام المسلمين إلى (ظالمة لنفسها، ومقتصدة، وسابقة بالخيرات).

القاعدة الرابعة: أن يستطيع المستخدم فهم التأثيرات التي تنعكس عليه من استخدامه للمنتجات الاتصالية في الجوانب (المعرفية والاتجاهية والسلوكية) وببساطة: ماذا تغير فيّ بعد المشاهدة أو القراءة؟

إن الجمهور نشط، ودليل ذلك أنهم ينتقدون المواد التي تخالف عاداتهم الاجتماعية، وأحياناً التي تخالف الشرع، ولكن المشكل يكمن في استحلال المتاح واستغلال تناقض الفتاوى أو أخطاء المفتين (مثل من يحرم الوسائل دون اعتبار لطبيعة الاستخدام)، لكني على يقين أن أولئك سيغيرون آراءهم عندما يحركهم الدين والعقل.

وفي اعتقادي أن بعض الناس سيقول: هناك من لا يفقه هذه القواعد ولا يمكن له أن يستخدمها، وهذا يقال له أنت تعارض القدر الرباني (كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ)، وهذه النفس مؤهلة لمعرفة الحق من الباطل والخير من الشر (وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ).

د. ياسر بن علي الشهري