عرض مشاركة واحدة
قديم 27/1/2009, 10:57 PM   رقم المشاركة : ( 688 )
ساهر سات
استاذ فضائيات

الصورة الرمزية ساهر سات

الملف الشخصي
رقم العضوية : 125505
تاريخ التسجيل : Oct 2008
العمـر :
الجنـس :
الدولـة : المهندسين العرب
المشاركات : 11,668 [+]
آخر تواجـد : ()
عدد النقاط : 10
قوة الترشيـح : ساهر سات يستاهل التميز

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

ساهر سات غير متصل

افتراضي رد: قصة الف ليله وليله

وأما ما كان من أمر علي الزيبق المصري فإنه كان شاطراً بمصر في زمن رجل يسمى صلاح المصري مقدم ديوان مصر وكان له أربعون تابعاً وكان أتباع صلاح المصري يعملون للشاطر علي ويظنون أنه يقع فيها فيفتشون عليه فيجدونه قد هرب كما يهرب الزيبق، فمن أجل ذلك لقبوه بالزيبق المصري ثم إن الشاطر علي كان جالساً يوماً من الأيام في قاعة بين أتباعه فانقبض عليه وضاق صدره فرآه نقيب القاعة قاعداً عابس الوجه فقال له مالك يا كبيري إن ضاق صدرك فشق شقة في مصر فإنه يزول عنك الهم إذا مشيت في أسواقها فقام وخرج ليشق في مصر فازداد غماً وهماً فمر على خمارة فقال لنفسه ادخل وأسكر فدخل فرأى في الخمارة سبعة صفوف من الخلق فقال: يا خمار أنا ما أقعد إلا وحدي فأجلسه الخمار في طبقة وحده وأحضر له المدام فشرب حتى غاب عن الوجود ثم طلع من الخمارة وسار في مصر، ولم يزل سائراً في شوارعها حتى وصل إلى الدرب الأحمر وخلت الطريق قدامه من الناس هيبة له فالتفت فرأى رجل سقاء يسقي بالكوز، ويقول في الطريق: يا معوض ما شراب إلا من زبيب ولا وصال إلا من حبيب ولا يجلس في الصدر إلا لبيب فقال له: تعال اسقني فنظر إليه السقاء وأعطاه الكوز فطل في الكوز وخضه وكبه على الأرض فقال له السقاء: أما تشرب? فقال: اسقني فملأه وخضه وكبه في الأرض وثالث مرة كذلك، فقال له: إن كنت ما تشرب أروح فقال: اسقني فملأ الكوز وأعطاه إياه فأخذه منه وشرب، ثم أعطاه ديناراً وإذا بالسقاء نظر إليه واستقل به وقال له: أنعم بك يا غلام صغار قوم كبار آخرين.
وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.

وفي الليلة الرابعة والستين بعد الستمائة
قالت: بلغني أيها الملك السعيد، أن الشاطر علي لما أعطى السقاء ديناراً نظر إليه واستقل به وقال له: انعم بك صغار قوم كبار قوم آخرين فنهض الشاطر علي وقبض على جلاليب السقاء وسحب عليه خنجراً مثمناً كما قيل في هذين البيتين: اضرب بخنجرك العنيد ولا تخف أحداً سوى من سطوة الخـلاق
وتجنب الخلق الذميم ولا تـكـن أبداً بغير مـكـارم الأخـلاق
فقال: يا شيخ كلمني بمعقول فإن قربتك إن غلا ثمنها يبلغ ثلاثة دراهم والكوزان اللذان دلقتهما على الأرض مقدار رطل من الماء قال له: نعم قال له: فأنا أعطيتك ديناراً من الذهب ولأي شيء تستقل بي فهل رأيت أحداً أشجع مني أو أكرم مني? فقال له: رأيت أشجع منك، فإنه ما دامت النساء تلد على الدنيا لا شجاع ولا كريم فقال له: من الذي رأيت أشجع مني وأكرم مني? فقال له: اعلم أن لي واقعة من العجب وذلك أن أبي كان شيخ السقائين بالشرابية في مصر فمات وخلف لي خمسة جمال وبغلاً ودكاناً وبيتاً، ولكن الفقير لا يستغني وإذا استغنى مات فقلت في نفسي: أنا أطلع الحجاز فأخذت قطار جمال ومازلت أقترض حتى صار علي خمسمائة دينار وضاع مني جميع ذلك في الحج فقلت في نفسي: إن رجعت إلى مصر تحبسني الناس على أموالهم فتوجهت إلى الحج الشامي حتى وصلت إلى حلب وتوجهت من حلب إلى بغداد ثم سألت عن شيخ السقاءين ببغداد فدلوني عليه، فدخلت وقرأت الفاتحة، فسألني عن حالي فحكيت له جميع ما جرى لي، فأخلى دكاناً وأعطاني قربة وعدة وسرحت على باب الله، وطفت في البلد فأعطيت واحدا الكوز ليشرب فقال لي: لم آكل شيء حتى أشرب عليه لأنه مر علي بخيل في هذا اليوم وجاءني بقلتين بين يديه.
فقلت له: يا ابن الخسيس هل أطعمتني شيئاً حتى تسقيني عليه فرح يا سقاء حتى آكل شيئا وبعد ذلك اسقني فجئت للثاني فقال: الله يرزقك فصرت على هذا الحال إلى وقت الظهر ولم يعطني أحد شيء فقلت: يا ليتني ما جئت إلى بغداد وإذا أنا بناس يسرعون في الجري فتبعتهم فرأيت موكباً عظيماً منجراً اثنين اثنين وكلهم بالطواقي والشدود والبرانس واللبد والفولاذ فقلت لواحد: هذا موكب من? فقال: موكب المقدام أحمد الدنف.
وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.

وفي الليلة الخامسة والستين بعد الستمائة


قالت: بلغني أيها الملك السعيد، أن أن السقاء قال: فسألت واحداً من الموكب فقال لأحمد الدنف فقلت له: أي شيء رتبته? فقال: مقدم الديوان ومقدم بغداد وعليه درك البر وله على الخليفة في كل شهر ألف دينار وهم نازلون من الديوان إلى قاعتهم وإذا بأحمد الدنف رآني فقال: تعال اسقني فملأت الكوز وأعطيته إياه، فخضه وكبه وثاني مرة كذلك وثالث مرة شرب رشفة مثلك وقال: يا سقاء من أين أنت? فقلت له: من مصر فقال: حيا الله مصر وأهلها وما سبب مجيئك إلى هذه المدينة? فحكيت له قصتي وأفهمته أني مديون وهربان من الدين والعيلة فقال: مرحباً بك ثم أعطاني خمسة دنانير وقال لأتباعه: اقصدوا وجه الله وأحسنوا إليه فأعطاني كل واحد دينار وقال: يا شيخ ما دمت في بغداد ذلك علينا لك كلما أسقيتنا، فصرت أتردد عليهم وصار يأتيني الخير من الناس ثم بعد أيام أحصيت الذي اكتسبته منهم فوجدته ألف دينار، فقلت في نفسي: صار رواحك إلى البلاد أصوب فرحت له القاعة وقبلت يديه فقال: أي شيء تطلب? فقلت له: أريد السفر، وأنشدته هذين البيتين: اقامات الغريب بـكـل أرض كبنيان القصور على الـرياح
يهب الريح تهـدم الـبـنـايا لقد عزم الغريب على الرواح
وقلت له: إن القافلة متوجهة إلى مصر ومرادي أن أروح إلى عيالي فأعطاني بغلة ومائة دينار وقال: غرضنا أن نرسل معك أمانة يا شيخ فهل أنت تعرف أهل مصر? فقلت له: نعم.
وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.

وفي الليلة السادسة والستين بعد الستمائة
قالت: بلغني أيها الملك السعيد، أن السقاء لما قال: إن أحمد الدنف أعطاني بغلة ومائة دينار وقال: غرضنا أن نرسل معك أمانة فهل أنت تعرف أهل مصر? قال السقاء: نعم فقال: خذ هذا الكتاب وأوصله إلى علي الزيبق المصري، وقل له: كبيرك يسلم عليك وهو الآن عند الخليفة، فأخذت منه الكتاب وسافرت حتى دخلت مصر فرآني أرباب الديون فأعطيتهم الذي علي ثم عملت سقاء ولم أوصل الكتاب لأني لم أعرف قاعة علي الزيبق المصري، فقال له: يا شيخ طب نفساً وقر عيناً فأنا علي الزيبق المصري أول صبيان المقدم أحمد الدنف فهات الكتاب فأعطاه إياه، فلما فتحه وقرأه رأى فيه هذين البيتين: كتبت إلـيك يا زين الـمـلاح على ورق يسير مع الـرياح
ولو أني أطير لطرت شـوقـا وكيف يطير مقصوص الجناح
وبعد فالسلام من المقدم أحمد الدنف إلى أكبر أولاده علي الزيبق المصري والذي نعلمك به أني تقصدت صلاح الدين المصري ولعبت معه مناصف حتى دفتنته بالحياة وأطاعتني صبيانه ومن جملتهم علي كتف الجمل وتوليت مقدم مدينة بغداد في ديوان الخليفة ومكتوب على درك البر، فإن كنت ترعى العهد الذي بيني وبينك فأت عندي لعلك تلعب منصفاً في بغداد يقربك من خدمة الخليفة، فيكتب لك جامكية وجراية ويعمل لك قاعة وهذا هو المرام والسلام.


فلما قرأ الكتاب قبله وحطه على رأسه وأعطى السقاء عشرة دنانير بشارة ثم توجه إلى القاعة ودخل على صبيانه، وأعلمهم بالخبر وقال لهم: أوصيكم ببعضكم ثم قلع ما كان عليه ولبس مشلحاً وطربوشاً وأخذ عليه فيها مزراق من عود القناطر له أربعة وعشرون ذرعاً وهو معشق في بعضه، فقال له النقيب: أتسافر والمخزن قد فرغ? فقال له: إذا وصلت إلى الام أرسل إليكم ما يكفيكم وسار إلى حال سبيله فلحق ركباً مسافراً فرأى فيه شاه بندر التجار ومعه أربعون تاجراً قد حملوا حمولهم وحمول شاه بندر التجار على الأرض ورأى مقدمه رجلاً شامياً وهو يقول للبغالين: واحد منكم يساعدني فسبوه وشتموه فقال في نفسه: لا يحسن سفري إلا مع هذا المقدم، وكان علي أمرداً مليحاً فتقدم إليه وسلم عليه فرحب به وقال له: أي شيء تطلب? فقال له: يا عمي رأيتك وحيداً وحمولتك أربعون بغلاً ولأي شيء ما جئت لك بناس يساعدونك? فقال: يا ولدي قد اكتريت ولدين وكسوتهما ووضعت لكل واحد في جيبه مائتي دينار فساعداني إلى الخانكة وهربا، فقال له: وإلى أين تذهبون? قال: إلى حلب فقال له: أنا أساعدك فحملوا الحمول وساروا وركب شاه بندر التجار بغلته وسار ففرح المقدم الشامي بعلي وعشقه إلى أن أقبل الليل فنزلوا وأكلوا وشربوا فجاء وقت النوم فحط علي جنبه وجعل نفسه نائماً فنام المقدم قريباً منه، فقام علي من مكانه وقعد على باب صيوان التاجر فانقلب المقدم وأراد أن يأخذ علياً في حضنه فلم يجده، فقال في نفسه: لعله واعد واحداً فأخذه ولكن أنا أولى وفي غير هذه الليلة أحجزه، وأما علي فإنه لم يزل على باب صيوان التاجر إلى أن قرب الفجر فجاء ورقد عند المقدم.
فلما استيقظ المقدم وجده فقال في نفسه: إن قلت له أين كنت يتركني ويروح ولم يزل يخادعه إلى أن أقبلوا إلى مغارة في غابة وفي تلك الغابة سبع كاسر، وكلما تمر قافلة يعملون القرعة بينهم فكل من خرجت عليه القرعة يرمونه للسبع فعملوا القرعة فلم تخرج إلا على شاه بندر التجار، وإذا بالسبع قطع عليهم الطريق ينتظر الذي يأخذه من القافلة فصار شاه بندر التجار في كرب شديد وقال للمقدم: الله يخيب كعبك وسفرتك ولكن وصيتك بعد موتي أن تعطي أولادي حمولي، فقال الشاطر علي: ما سبب هذه الحكاية? فأخبروه بالقصة.
وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.

وفي الليلة السابعة والستين بعد الستمائة
قالت: بلغني أيها الملك السعيد، أن التجار أخبروا علي المصري بالقصة فقال: ولأي شيء تهربون من قط البر? فأنا ألتزم لكم بقتله، فراح المقدم إلى التاجر وأخبره فقال: إن قتله أعطيته ألف دينار وقال بقية التجار: ونحن كذلك نعطيه، فقام علي وخلع المشلح فبان عليه عدة من بولاد فأخذ شريط بولاد وفرك لولبه وانفرد قدام السبع وصرخ عليه فهجم عليه السبع فضربه علي المصري بالسيف بين عينيه فقسمه نصفين، والمقدم والتجار ينظرونه قال للمقدم: لا تخف يا عمي فقال: يا ولدي أنا بقيت صبيك، فقام التاجر واحتضنه وقبله بين عينيه وأعطاه الألف دينار وكل تاجر أعطاه عشرين ديناراً، فحط جميع المال عند التاجر وباتوا وأصبحوا عامدين إلى بغداد فوصلوا إلى غابة الأساد ووادي الكلاب وإذا فيه رجل بدوي عاص قاطع الطريق ومعه قبيلة فطلع عليهم فولت الناس من بين أيديهم، فقال التاجر: ضاع مالي وإذا بعلي أقبل عليهم وهو لابس جلد ملآناً جلاجل واطلع المزارق وركب عقله في بعضها واختلس حصاناً من خيل البدوي وركبه وقال للبدوي: بازني بالرمح وهز الجلاجل فجفلت فرس البدوي من الجلاجل وضرب مزارق البدوي فكسره وضربه على رقبته فرمى دماغه فنظره قومه فانطبقوا على علي فقال: الله أكبر ومال عليهم فهزمهم وولوا هاربين، ثم رفع دماغ البدوي على رمح وأنعم عليه التجار وسافروا حتى وصلوا إلى بغداد فطلب الشاطر علي المال من التاجر، فأعطاه إياه فسلمه إلى المقدم وقال له: حين تروح مصر اسأل عن قاعتي وأعط المال لنقيب القاعة، ثم بات علي ولما أصبح دخل المدينة وشق فيها وسأل عن قاعة أحمد الدنف فلم يدله أحد عليها ثم تمشى حتى وصل إلى ساحة النفض فرأى أولاداً يلعبون وفيهم ولد يسمى أحمد اللقيط فقال علي: لا تأخذ أخبارهم إلا من صغارهم.
  رد مع اقتباس