المهندسين العرب - دعوى جمود الشريعة وعدم صلاحيتها لهذا الزمان

المهندسين العرب (http://www.mohandsen.net/vb/index.php)

- المنتدي الاسلامي (http://www.mohandsen.net/vb/forumdisplay.php?f=38)

- - دعوى جمود الشريعة وعدم صلاحيتها لهذا الزمان (http://www.mohandsen.net/vb/showthread.php?t=508966)

دعوى جمود الشريعة وعدم صلاحيتها لهذا الزمان

[sor2][sor2][/sor2][/sor2]جمود الشريعة وعدم صلاحيتها

دعوى جمود الشريعة وأنها لا تصلح لهذا الزمان.

وهذه الدعوى أيضاً مما ينعق به خصوم الشريعة ويقولون: إن تحكيم الشريعة يقعد بنا عن ملاحقة التطور والوفاء بمقتضياته لأن الشريعة أساسها الدين والدين ثابت لا يتغير ولكن الحياة في تغير دائم وتحول مستمر فأنى للجامد الثابت أن يحكم المتحول المتغير ويفي بحاجاته.
الرد

الجواب على هذه الدعوى من عدة وجوه:

الوجه الأول: الأحكام الشرعية بين الثبات والتجديد:

لا يخفى أن في دين الإسلام منطقة مغلقة لا مجال فيها لتطور ولا تجديد وهي التي تتعلق بأصول العقائد من الإيمان بالله وما يتعلق بأحوال المبدأ والمعاد، وأصول العبادات من صلاة وصيام وزكاة وأصول الأخلاق وقواعد الخير والشر والفضيلة والرذيلة كل هذه الأصول ثابتة لا تتغير.

وأما أمور المعاملات في جوانبها المختلفة من مدنية وجنائية ودستورية، فالأسس والمبادئ والقواعد الكلية التي تُشكل الإطار العام تتسم بالثبات والأحكام والفروع الجزئية والتفاصيل المتعلقة بالكيفيات والإجراءات ونحوه تتسم في أغلبها بالمرونة والتجدد وهي مجال لتعدد الاجتهادات وتفاوت الآراء.

الوجه الثاني: إن الشارع الحكيم يقول: (ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير) [الملك: 14]، (إن الله يعلم وأنتم لا تعلمون) [النحل: 74] فهم أعلم بما يصلح حال عباده فأعطاهم نصوصاً قاطعة محكمة يسيرون عليها في حياتهم وبها يثبت بها أحكام الشريعة، وهناك مجال آخر متسع لم يلزمهم فيه بأصابه عين مقصود الشارع بل تعبدهم ببذل الجهد للتعرف على الأرجح وكُل له أجر في صوابه وخطأه فهو بين أجرين في حال صوابه وأجر في حال خطأه.

الوجه الثالث: ليست أحوال البشر متجددة دائماً بل فيها الثابت وفيها المتجدد المتطور ففي الكون سنن ثابتة لا تتغير وجرت على المتقدمين وستجرى على المتأخرين، ولا حيلة لإنسان في منعها أو تبديلها فهي لابد من ثبوتها حتى لا تضطرب مسيرة الحياة، فحاجات البشر ومصالحهم منها كذلك ما هو ثابت محكم ومنها ما هو متجدد ومتغير وإلغاء الثبوت فيها تعسف للبرهان ومكابرة للواقع المحسوس بالعيان، فالشريعة في ثباتها تحكم حياة البشر الثابتة من قديم الزمان وهي تفتح لهم مجال التجديد والتطور وفيما هو متغير متجدد من حياتهم.

الوجه الرابع: إن دعاة التطوير والتجديد لهم نوايا مبيتة، فإنهم إن أردوا بالتجديد في الثوابت والقطعيات التي حسم فيها الشارع الحكيم بنصوص محكمة قاطعة فقد خابوا وخسروا، وإن دون ذلك الردة عن الإسلام فقد حرمت الشريعة الزنا والربا والخمر فلا مجال لتجديده لأن فيه تكذيب لله ورسوله وتبديل لشرعه، وكما لا تبديل في أمر الله الكوني فلا تبديل أمر الله الشرعي قال تعالى: (ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين) [الأعراف: 54].

وإن أرادوا في الظنيات ومسائل الاجتهاد فإن قواعد الشريعة وأصول الاجتهاد فيها ما يلبي هذه الحاجة ويحقق مصالح العباد وما يكفي لإرشادهم إلى ما يكفل لهم الحياة الطيبة في الأرض والفوز بجنة الخلد ونعيم الأبد في الآخرة.

الوجه الخامس: إن كفالة الشريعة بمصالح العباد ضرورة عقدية وبديهية إيمانية، وإن القول بغير ذلك طعن في الشارع واجتراء على مقام الربوبية واتهام الله جل وعلا بالجهل أو الظلم أو عدم الحكمة وكفى بذلك ردة عن الإسلام وخروجاً عن الملة فدعوى أنها أي الشريعة لا تكفي بمتطلبات الزمان يلزمها مثل هذه اللوازم ولا تنفك عنها.

الوجه السادس: إن دعاة التجديد يرون أن الشريعة تكبح جماح أهوائهم وأحكامها تقف في وجه العربد والتحلل فاتجه طلاب الخنا والفجوز سيتهمون الشريعة بالجمود لا محالة لأنها لا تساير ما يعربد في نفوسهم من الشهوات والأهواء سيتهمها السكارى بالجمود لأنها لا تحل لهم الخمر وسيتهمها دعاة الرذيلة بالجمود لأنها لا تحل لهم العربدة والمصايف المختلطة والمراقص الليلية وتضرب على أيديهم بكل حزم..... وهكذا، فلهذا اتهموا الشريعة بالجمود ورغبوا في تنحيتها عن التحكيم في حياة البشر حتى يطلقوا لأهوائهم العنان من غير حسيب ولا رقيب ولا حلال ولا حرام وإلا لو رأوا الشريعة تلبي بعض ما يرغبون فيه فإنهم ينعقون بتحكيمها وأن هذا من شريعة الله وهكذا يحصل لهم الانتقائية بسبب الأهواء والشهوات المضلة.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.